بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
م/ أكثر من(38) مليون علم في باب واحد من تفسيرنا
الحمد لله الذي جعل كلمات القرآن تحيط باللامتناهي من الوقائع والأحداث , وعلومه تتجدد في كل زمان على نحو ذاتي وعرضي، وفيه شاهد حاضر على إعجازه، ومن الذاتي إستخراج الذخائر العلمية من كلمات القرآن وقراءة الصلة بين آياته وكأنها كنز يدعو العلماء والباحثين للغوص في خزائنها، ومنها علم (سياق الآيات) الذي أسسته في تفسيري (معالم الإيمان) إذ صدر الجزء السبعون منه في تفسير آية واحدة من سورة آل عمران في 405 صفحة وكله تأويل وإستنباط من ذات الآية ويتناول تفسيرنا صلة الآية محل البحث والتفسير مع الآيات المجاورة لها مما تقدم عليها وما سبقها وفي بحثنا الخارج في التفسير ليوم أمس على فضلاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف , وبحضور البحث زائراً كريماً كل من الدكتور كريم مهدي صالح وزير النقل السابق،والدكتور سعد السيد طاهر الهاشمي وزير شؤون المحافظات والبروفسور السيد حسن عيسى الحكيم، طرحنا مشروع المعنى الأعم لعلم سياق الآيات وهو على قسمين:
الأول: يتم البحث في صلة الآية القرآنية أثناء تفسيرها بآيات القرآن كلها , فاذا كان التفسير يختص مثلاً بآية[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] يتم البحث بصلتها بكل آية من آيات القرآن ، آية بعد آية , فيكون مجموع أفراد هذا العلم هو6236X6235=460,881, 38ثمانية وثلاثين مليوناًً وثمانمائة وواحداً وثمانين وأربعمائة وستين علماً، وتتجلى في كل علم من هذه العلوم إشراقات قرآنية تنير دروب السالكين، وتكون مناسبة للإرتقاء والتوفيق في أمور الدين والدنيا ودوام وحدة المسلمين، وتعاهد كلمات وآيات القرآن والمنع من تحريفه. ونقوم في الفقه باستحضار النصوص المتعلقة بالموضوع وان كانت في باب آخر، كما لو أستدل على مسألة في الصلاة ومقدماتها من باب المواريث , ونحن في علوم القرآن والإستدلال به بحاجة إلى الجمع بين الآيات تفسيراً وتأويلاًً.
الثاني: الصلة الموضوعية للآية القرآنية بآيات متعددة من القرآن يكون الجامع بينها موضوع أو حكم مخصوص، وهذا الباب ليس له حصر أو تعيين بل هو مناسبة للإستنباط وتأسيس للعلوم من القرآن.
ويحتاج هذا المشروع العلمي إلى بذل الدول الإسلامية والعلماء الوسع في تحصيله مجتمعين ومتفرقين وأن تنشأ مؤسسات أبحاث وتخصص جامعي وتؤلف رسائل لهذا الغرض المبارك، وهو لا يتم في قرن أو قرنين من الزمن مثلاً، وهو قابل للتوسعة والزيادة العلمية، من جهات:
الأولى: التفصيل والبيان الإضافي في صلة الآية مع الآيات الأخرى خصوصاً وان الآية يكون صدرها في شئ, ووسطها في شئ , وخاتمتها في شئ وموضوع آخر أي تتعدد وجوه الصلة بين كل آيتين.
الثانية: ملاك وقواعد الجمع بين الآيات بخصوص سياق ونظم الآيات.
الثالثة:الصلة بين الآيات المحكمات والمتشابهات كل في بابه وموضوعه , وإستقراء قواعد جديدة في باب المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول والتلاوة وغيرها، ونلفت النظر ولأول مرة إلى سر من أسرار القرآن أنه كما نزل نجوماً مدة نبوة صاحب الكمالات الإنسانية صلى الله عليه وآله وسلم فان تفسيره وإظهار لآلئه ودرره يأتي نجوماً وعلى مراتب , ومنبسطاً ومتجدداً كماً وكيفاً أيام الحياة الدنيا إلى يوم القيامة وهو من مصاديق إتصاف القرآن بالبركة والفيض , وأهلية المسلمين بفضل من الله لمقامات [خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ].
وذكر القاضي ابن العربي في كتاب (قانـون التأويل) ان علوم القرآن سبعة وسبعون الف واربعمائة وخمسون علماً، على عدد كلم القرآن، مضروبة في اربعة ) ويفسـر ضربه في أربعـة لما ورد بان لكـل كلمة في القرآن ظاهراُ وباطناً وحداً ومطلعاً، وجاء بياننا هذا للدلالة على اللامتناهي في علوم باب واحد من أبواب تفسير وتأويل القرآن.
اللهم بارك في مدرسة(سياق الآيات) ونسألك المدد والعون لإستظهار علوم القرآن والإنتفاع الأمثل منه.
حرر في: 10/1/2010 صالح الطائي
النجف الأشرف