بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
م/ إستحباب جعل آيات القرآن رنة للهاتف الجوال
صدر لنا والحمد لله ثلاثة وسبعون جزء من معالم الإيمان في تفسير القرآن في تفسير سورة البقرة وشطر من سورة آل عمران وكله تأويل واستنباط من ذات الآيات الكريمة.
لقد جاءت الثورة الصناعية والتقنية والعولمة بأمور ونعم مستحدثة في الواقع اليومي للإنسان فلابد من الإنتفاع الأمثل منها كالهاتف الجوال ورنته التي تسارع الشباب المؤمن بإبدالها بالآيات القرآنية، وهو أمر جائز والأصل في الأشياء الإباحة بل يستحب لوجوه منها:
الأول: إنه نوع شكر لله عز وجل على هذه النعمة.
الثاني: حضور الآية القرآنية في آنات الليل والنهار.
الثالث: طرد الغفلة والجهالة.
الرابع: تذكير الناس بالله عز وجل والقرآن , فإن التلاوة في الهاتف تذكير بالله لصاحبه وغيره.
الخامس: توظيف التقنية الحديثة في ذكر الله وتهذيب النفوس.
السادس: رجاء البركة والأمن بإختيار إستماع القرآن بالهاتف.
السابع: الرغبة في الصحبة الكريمة لآيات القرآن.
الثامن: طرد الكدورة والنحوسة من النفوس والمجتمعات , قال تعالى[أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ]، وقد يكفي في الذكر ومقدماته صرف الطبيعة والمسمى أي مجرد إنطلاق الهاتف بصوت القرآن.
التاسع: مزاحمة وإزاحة بعض الرنات غير اللائقة ليكون صوت الهاتف بالقرآن من عمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما ما ذكره مكتب أحد العلماء من أساطين الفتوى من إشكال يوم أمس وإطلعت عليه عبر الأنترنيت ففيه وجوه:
الأول: ما ذكر بأنه ليس من اللائق ولا من كمال الأدب مع القرآن أن تجعله مكان رنة الهاتف، ولا تعارض بين الأمرين،بل من إكرام القرآن جعله رنة في الهاتف، خصوصاً وان القصد هو إكرام وإظهار العشق له, والشوق للإنصات للآيات، وتلمس البركة فيها.
الثاني: قال مستشار صاحب الفتوى حفظه الله أن هذا الأمر لايليق بقدسية القرآن، وإستدل بقوله تعالى[وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ] والمتبادر إلى الأذهان بخلافه فان صدح الهاتف بالقرآن من الذكر وتعظيم شعائر الله.
الثالث: أشكل بما اذا كان حامل الهاتف الجوال في مكان غير طاهر مثل الخلاء وقال (في مثل هذا الموقف لايصح الإستماع إلى القرآن الكريم) ولا دليل على هذا القول، من جهات:
الأولى: ان ذكر الله محبوب مطلقاً وعلى كل حال.
الثانية: الإستماع للقرآن يأتي تارة قهرياً وإنطباقاً.
الثالثة: حالة المكان غير الطاهر نادرة في أوقات الإنسان، والأحكام الشرعية لا تبنى على القليل النادر.
الرابعة: الأمر لا يتعلق بالسماع او الإستماع بل بانطلاق الصوت نعم هو أهم من الإستماع , وهو يصلح سبباً للتحريم المطلق.
الخامسة: لو ثبت عدم جواز سماع القرآن في تلك الأماكن فبالامكان الإفتاء بغلق الهاتف ساعتها أو جعله على الصامت أو عدم إدخاله إلى تلك الأماكن مع الإمكان.
أما الأذان وجعله في الهاتف الجوال ففيه تفصيل لأنه إعلام خاص بوقت الصلاة ومع هذا فانه لايحدث لبساً ولا ايهاما بدخول الوقت، لمعرفة عامة الناس للهاتف ورنته ولا يصل حتى للشبهة البدوية، بل هو إعلان شخصي عن الشوق للأذان وأوان الصلاة وهو باعت على السكينة وفي الحديث المشهور عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم:أرحنا يا بلال.
ومع هذا فان وضع الآيات القرآنية أفضل من الأذان، أما ما ذكره أمين عام مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف يوم أمس لتعضيد الفتوى أعلاه بان نغمة الجوال قد تؤدي إلى قطع الآية الكريمة قبل إكتمالها) فإحتمال وحدوث القطع ليس أمراً محرماً، ولا يصلح لمعارضة المنافع من الإستماع لبعض كلماتها، ثم القطع محتمل في الراديو والتلفاز وغيره، وبامكان دوائر الإفتاء إختيار آيات قرآنية مناسبة للهواتف الجوالة تكون الضابطة فيها عدم الإضرار بمعناها عند القطع عند حرف أو كلمة منها، وهل ينال المسلم والمسلمة اللذان يضعان آيات القرآن رنة للهاتف الجوال، الجواب نعم، ويحتمل الثواب وجوهاً:
الأول: الثواب لمرة واحدة للإختيار.
الثاني: عند كل مرة يصدح فيه هاتفه بالقرآن.
الثالث: المعنى الأعم أي الثواب للإختيار وعند القراءة , وعند إستماع الغير له.
والصحيح هو الثالث، والله ذو الفضل العظيم.
هل يشاركه في الثواب من يطلبه على الطرف الآخر كسبب، الجواب نعم في حال القصد والعلم أو الرجاء عند الطلب، والله واسع كريم، وهو أمر يبعث البهجة والغبطة عند سماحة المفتي ومكتبه والعلم عند الله.
التأريخ: 6/صفر/1431هـ صالح الطائي
22/1/2010 النجف الأشرف