إعجاز جديد

إعجاز جديد في قوله تعالى[ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ]

ملاحظة:هذه العلوم أضيفت للجزء 22 من معالم الإيمان في تفسير القرآن

أمر لتعاهد فعل ابراهيم وحسن امتثاله , وعنوان للعهد على مواصلة وحفظ ما قام به باشرف الأعمال وهو الصلاة، وفي التهذيب عن الصادق: ليس لأحد ان يصلي ركعتي طواف الفريضة الا خلف المقام لقوله تعالى [ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ] ان صليتها في غيره فعليك اعادة الصلاة.

 

لقد إنتقلـت الآيـة الى الخطـاب وبلغـة الجمع في خطاب انحلالي موجه لكل مسلم وهو من ذكر الجزء وارادة الكل، فمن مقاصد الآية الشريفة التوكيد على اداء فريضة الحج ولزوم التقيد بمناسكه واحكامه.

 

يدل الأمر في الآية على صيغة الوجوب(وإتخذوا) إلا مع القرينة الصارفة عنه، ولما طاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآية وصل ركعتين خلف المقام.

 

ومن العلماء من ذهب إلى القول بأن ركعتي الطواف سنة، وقال الإمام الشافعي: إن صلاة ركعتي الطواف جائزة في أوقات النهي بلا كراهة.

 

وإستدل على عدم الوجوب بحدث طلحة بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإِسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوّع، وصيام شهر رمضان، فقال: هل علي غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوّع وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوّع)(الدر المنثور 2/92).

 

وفي الرد على الإستلال بهذا الحديث وجوه :

 

الأول : جاء هذا الحديث بخصوص المقيم في بلده وليس الحاج.

 

الثاني : يدل قوله تعالى(إلا أن تطوع) على أن صلاة الطواف خارجة بالتخصص، لأنها ليست من التطوع الذي هو بإختيار المكلف كما يدل عليه الحديث وهل يمكن القول بأنها مرتبة وسط بين الوجوب والإستحباب الجواب لا.

 

الثالث : ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: خذوا عني مناسككم)(تفسير الرازي 2/353)، وقد صلى خلف المقام .

 

الرابع  : الأصل في الخطاب أن يكون متوجهاً إلى المسلمين والمسلمات جميعاً بعرض واحد، كما في قوله تعالى[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ](سورة البقرة 183)، ولكن القدر المتيقن من آية البحث هم حجاج وعمار البيت الحرام , ترى لماذا جاءت الآية بصيغة العموم ( وإتخذوا ) الجواب فيه مسائل: 

 

الأولى : بيان حقيقة وهي عدم التعارض بين إرادة عموم المسلمين والمسلمات ووفد الحاج في الخطاب القرآني , وكأنه من المشترك المعنوي.

 

الثانية : في الآية نكتة عقائدية وهي إنابة وفد الحاج في الموسم لكل المسلمين والمسلمات للسعي في مقدمات الحج، فصحيح أن تحصيل مقدمة الواجب ليس بواجب إلا أن لا يمنع من البعث والندب إليها.

 

 الرابع : إحتمال وجود تقدير في السؤال وهو: هل عليّ غيرها في اليوم والليلة، ولو قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي عليك صلاة ركعتي الطواف فماذا يكون رد الأعرابي.

 

الخامس : إستقراء تأكيد الوجوب من صلاة النبي ركعتي الطواف عند المقام , وعمومات قوله النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي)(تفسير الرازي 2/164).

 

السادس : الوجوب هو الأصل وهو الأنسب والموافق للإحتياط .

 

الثالثة : يتوجه الخطاب التكليفي بالحج للمسلم عند إجتماع شرائط الإستطاعة لقوله تعالى[وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً](سورة آل عمران 97)، إلا أن تهيئة أسباب الإستطاعة وبذل الوسع لتهيئة وتوفير الزاد والراحلة ليس بواجب .

 

 فجاءت الآية للترغيب فيه وعدم التفريط بتلك الأسباب عند إجتماعها، كما لو بذل لك شخص مؤونة ونفقة الحج فيتحقق وجوبه عليك لصدق الإستطاعة حينئذ سواء كان البذل بنية التمليك أو لا، جاء عن نذر أو يمين أو تطوعاً.

 

(يصدق البذل إذا قال “حج وعلي نفقتك ونفقة عيالك” بل ولو قال “علي إتمام نفقة حجك” كما لو كان عند الذي يروم الحج ما يكفي لنصف نفقة الحج، أو أعطاه مبلغاً يجعله مستطيعاً للحج باضافته إلى ما عنده، أو أعطاه نفقة الحج وكان عند عياله ما يكفيهم ولو بالقوة، أو كان أبوه أو بعض أبنائه يعمل بما يكفي للنفقة اليومية للعائلة)(مناسك الحج ص25-28) وقد أفردنا باباً خاصاً للحج البذلي في رسالتنا العملية(مناسك الحج).

 

الرابعة : الحث على إتخاذ مقام إبراهيم مصلى تذكير بالحج وفيه آية إعجازية وقانون ثابت في القرآن يمكن أن تؤلف فيه المجلدات وإسمه(تذكير الآية القرآنية بأختها والعمل بها) فيأتي الوجوب في آية ليذكر بلزوم إجتناب أمر نهى الله عنه في آية أخرى وكذا العكس.

 

الخامسة : تذكير المسلمين وهم في أمصارهم بجهاد إبراهيم وقيامه برفع قواعد البيت.

 

السادسة : بيان حقيقة وهي أن الله عز وجل يحفظ للمسلم سعيه في مناسك الحج في الدنيا والآخرة، وليس من حصر لهذه الحقيقة منها الذكر الحسن لأهل التقوى بين الناس أيام حياتهم وبعد مماتهم.

 

السابعة : تأكيد وجوب الصلاة وملازمتها للمسلم، وأنها الفعل المبارك الجامع بينه وبين إبراهيم، قال تعالى[إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا](سورة النساء 103).

 

الثامنة : لزوم حرص المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على البيت الحرام وعمارته وحفظ وتعاهد الآيات التي فيه.

 

التاسعة : تفقه المسلمين في الدين، ومعرفة أحكام الصلاة ومضان الإستجابة، والأماكن المباركة للصلاة.

 

العاشرة : إلتقاء حجاج البيت الحرام في السنوات المتعاقبة بأداء مناسك الحج ومنها الصلاة في مقام إبراهيم.

 

الحادية عشرة : شوق الذي يتهيأ للحج لأداء الصلاة في المقام، قال تعالى[الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ](سورة البقرة 196).

 

الثانية عشرة : إقتباس المسلمين بعضهم من بعض شرائط وأركان الصلاة عند المقام، ويتوارث أهل مكة الصلاة في البيت بأدائها كل يوم عند المقام من يوم الفتح , فيأتي المسلمون من الأمصار الأخرى فيأخذون ويتعلمون منهم، ويكون مادة للإحتجاج , وهو من عمومات كل من:

 

الأول : قوله تعالى[كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ](سورة البقرة 151) فكأن كل حاج يتعلم الصلاة من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند المقام.

 

الثاني : من عمومات[فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ](سورة التوبة 122)، ويكون التفقه والرجوع هنا بالمعنى الأعم.

 

الثالث : من مصاديق دعاء إبراهيم والأمن في مكة.

 

الرابع : إنه وضع البيت للناس وتعلم وضبط الصلاة فيه .

 

 وكان رسول الله يؤخر الوفود التي تأتي إلى المدينة لدخول الإسلام حتى يتعلموا أركان وآداب الصلاة.

 

الثالثة عشرة : الترغيب بحج التطوع لأن قوله تعالى[وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى](الآية 125)، أمر لفعل حاضر أو في المستقبل، فمن حج البيت حجة الإسلام لا ينقطع هذا الخطاب عنه، ولا يخرج عما فيه من الأمر بالتخصص أو التخصيص بل يتجدد الأمر له مما يدل على أن الحج المندوب أعلى رتبة من المعنى الإصطلاحي للندب كواحد من أفراد الحكم التكليفي وخطاب الشرع المتعلق بسنخية أفعال الناس إقتضاءً أو تخييراً , وهي على أقسام:

 

الأول : الواجب: وهو ما يجب على المكلف إتيانه ويؤثم على تركه.

 

الثاني : المندوب: وهو أدنى مرتبة من الواجب ويأتي الثواب لفاعله، ولا يؤثم أو يعاقب على تركه.

 

الثالث : المباح: وفيه مندوحة وسعة ويكون المكلف مخيراً بين إتيانه أو تركه.

 

الرابع : المكروه: وهو الذي يثاب فاعله، ولكن لو تركه فلا إثم عليه.

 

الخامس : وهو الفعل القبيح المنهي عنه الذي يجب على المكلف تركه، ويؤثم إن جاء به .

 

وزاد الحنفية فيها وجعلوها سبعة بالتفصيل في القسم الأول والرابع، إذ قسموا الواجب إلى قسمين:

 

الأول : ما ثبت بطريق قطعي وسموه الفرض.

 

الثاني : ما ثبت بطريق ظني وسموه الواجب.

 

وشطروا المكروه إلى قسمين:

 

الأول : المكروه كراهة تحريم وهو الذي ورد فيه تحريم ونهي ولكن بدليل ظني لم يصل إلى مرتبة القطع، ويستدلون عليه بأكل ذوات المخلب من السباع أو الطير.

 

الثاني : المكروه كراهة تنزيه، وهو ذاته المذكور في القسم الرابع أعلاه.

 

وحجة الإسلام من أبهى وأظهر أفراد القسم الأول، وحج التطوع من القسم الثاني، وجاءت آية البحث والأمر بإتخاذ مقام إبراهيم مصلى بتأكيد الوجوب في الأول، والإستحباب في الثاني.

 

الرابعة عشرة : الترغيب بالصلاة اليومية ومطلق الصلاة وعدم الزهد فيها.

 

الخامسة عشرة : بيان نعمة وفضل من الله على وفد الحاج وهو أنهم يصلون في البيت الحرام بحصة إضافية بالإمتثال المتعدد لأمر الله بالصلاة، إذ ينفرد المقام بخصوصية وهي الجمع بين الإمتثال للأمر بالصلاة والإمتثال لأدائها في البقعة المباركة ضمن مناسك الحج , إذ إنفرد مقام إبراهيم بخصوصية في القرآن وهي أداء الصلاة فيه، فلم تذكر بقعة أخرى للصلاة فيها ولو على نحو الإستحباب .

 

ليكون من إعجاز آية البحث أن الخطاب القرآني يتوجه للملايين من المسلمين في الصلاة في موضع بخصوص لا يتجاوز بضعة أمتار، وقد يقال أنه أمر مستحيل في الواقع , ولكنه برهان ومصداق عملي متجدد في كل عام لتكون صلاة وفود الحاج في مقام إبراهيم من عمومات قوله تعالى[إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ](سورة آل عمران 96)، من وجوه:

 

الأول : إنه من وضع البيت الحرام للناس، بلحاظ أن أداء ملايين المسلمين للصلاة في هذه البقعة المباركة في أيام معدودات دعوة للناس للإسلام، وحجة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشاهد على إستجابة الله عز وجل لدعاء إبراهيم في البيت الحرام ونبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 

الثاني : من معاني وضع البيت للناس صلاتهم في مقام إبراهيم.

 

الثالث : يتضمن قوله تعالى[إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا](سورة التوبة 28) ، فدخول البيت لابد وأن يتضمن الصلاة في مقام إبراهيم، ولا تصح إلا من المسلم الذي يأتي بالشهادتين، ويؤديها بقصد القربة إلى الله.

 

الرابع : تقدير الجمع بين الآية أعلاه وآية البحث : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ليتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.

 

الخامس : حينما وضع الله عز وجل البيت للناس فانه تفضل وضمن الأمن والسلامة فيه، وبه جاءت آية البحث بقوله تعالى[وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا](الآية 124). 

 

السادس : وضع البيت للناس مناسبة للثواب والفوز بالجزاء الحسن في الآخرة .

 

السابع :  من مصاديق الأخوة بين المسلمين وعمومات قوله تعالى[إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ](سورة الحجرات 9)، أداؤهم الصلاة جماعة وفرادا في المقام وسعيهم له، فمن لم يستطع أن يحج البيت فانه يشتاق لهذه البقعة المباركة التي تكون لهم طبيعياً كلياً. 

 

السادسة عشرة : في آية البحث حذف والتقدير[وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى](الآية 125).

 

السابعة عشرة : أن المقام والصلاة فيه (معاذ يصدرون عنه ويثوبون إليه. ويقال ان فلانا لمثابة، أي ياتيه الناس للرغبة ويرجعون إليه مرة بعد اخرى(تهذيب اللغة 5/115).

 

 فيرجع وفد الحاج إلى بلدانهم بالفوز بالصلة العبادية والمكانية مع إبراهيم عليه السلام ومع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء حيث الصلاة في ذات البقعة المباركة التي صلوا فيها 

 

الثامنة عشرة : طرد الغلو بالأنبياء والأولياء، فالكل وقف بين يدي الله مستبشراً بالصلاة في هذا الموضع، وهو من عمومات قوله تعالى [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ](سورة آل عمران 96)، أي وضع لتعاهد الناس للعبودية لله عز وجل  والعصمة من الشرك وعبادة الطواغيت والغلو بالأنبياء.

 

التاسعة عشرة :  لو أجريت إحصائية سنوية أو على مدى السنين المتعاقبة فليس من موضع وبقعة مباركة إجتمع فيها الناس مثل مقام إبراهيم.

 

  وفيه آية إضافية أن هذا الإجتماع عبادي محض وأن[وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا](سورة التوبة 40)، إذ تساوي الناس في مقام إبراهيم فكل واحد منهم يؤدي الصلاة إمتثالاً لأمر الله.

 

العشرون : من مصاديق بركة البيت في قوله تعالى[مُبَارَكًا]  قيام المسلمين بالصلاة فيه، جماعة وفراداً، وجوباً وندباً.

 

الحادية والعشرون : ترغيب المسلمين بالحج والعمرة، والفوز بشرف الإمتثال لأمر الله بالصلاة عند مقام إبراهيم.

 

الثانية والعشرون : بيان الصلة بين إبراهيم وكل مسلم وإلى يوم القيامة وهي الصلاة في ذات المقام، وهو من مصاديق وراثة المسلمين لسنن النبوة، ومن عمومات قوله تعالى[أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ](سورة الحج 78).

 

الثالثة والعشرون : صلاة المسلمين في مقام إبراهيم مجتمعين ومتفرقين في المقام من الشكر لله عز وجل على صيرورة البيت موضع إجتماع عبادي مبارك وأمناً للناس، وهو المستقرأ من نظم آية البحث[وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى](الآية 125) .

 

ومن الإعجاز في الآية أن الله عز وجل جعل البيت مباركاً وأمناً من غير حاجة أو موضوعية للصلاة فيه , فهذه الصلاة نفع وخير محض للعباد أنفسهم، قال تعالى[غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ](سورة آل عمران 97).

 

الرابعة والعشرون : تأكيد قدسية المقام، وعن إبن عمر: إن المقام ياقوتة من ياقوت الجنة محي نوره، ولولا ذلك لأضاء ما بين السماء والأرض، والركن مثل ذلك)(الدر المنثور 1/230).

 

الخامسة والعشرون: لا ينحصر موضوع الصلاة في المقام بوفد الحاج فيشمل أهل مكة والمقيمين فيها .

 

 لتدل الآية على عمارة المسجد الحرام بصلاة الجماعة وهو المستقرأ من صيغة (إتخذوا) ولو كانت الجماعة قليلة و ودار الأمر بين أن تصل الفريضة عند المقام أو في موضع آخر من البيت الحرام , فالأول هو الأصح وهو من أسرار آية البحث.

 

السادسة والعشرون : صيرورة مقام إبراهيم من الوسائط المباركة لحفظ الصلاة بشرائطها وأركانها.

 

السابعة والعشرون : بيان وتعيين موضع مبارك للنسك والدعاء، وعن الحسن البصري قال: ما أعلم بلداً يصلى فيه حيث أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إلا بمكة قال الله{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ويقال: يستجاب الدعاء بمكة في خمسة عشر عند الملتزم ، وتحت الميزاب، وعند الركن اليماني، وعلى الصفا، وعلى المروة، وبين الصفا والمروة، وبين الركن والمقام، وفي جوف الكعبة، وبمنى، وبجمع، وبعرفات، وعند الجمرات الثلاث)(الدر المنثور 2/234).

 

الثامنة والعشرون :  الثواب العظيم للإمتثال لأمر الله عز وجل بالصلاة في المقام فكأن في الآية حذفا ويتعلق بالثواب والتقدير: إتخذوا من مقام إبراهيم مصلى والجزاء على الله.

 

التاسعة والعشرون : بيان مصداق لإمتثال الناس لدعوة إبراهيم في قوله تعالى[وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ](سورة الحج 27). 

 

الثلاثون : إظهار دليل متجدد لدعاء وبشارة إبراهيم بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى[وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ](الآية 129)، فهذه الصلاة علم من الكتاب ومن معاني الحكمة، وتطهير النفوس وعالم الأفعال.

 

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn