اقتراح قطار الطواف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحب أحسن تفسير للقرآن   
وأستاذ الفقه والأصول والتفسير والأخلاق                                             
_____________________           التاريخ: 5/1/2012  
               م/ إقتراح قطار الطواف وربطه بقطار المناسك
الحمد لله الذي جعل الحج فرضاً واجباً على الناس , قال تعالى[وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً] ومن رحمة الله ومعاني الحجة بالناس إتساع الإستطاعة في هذا الزمان , وتوفر وسائط النقل السريعة والمندوحة عند المسلمين , ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وبالإسناد عن عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: يا عدي، أسلم تسلم” فقلت: إني من أهل دين قال: “أنا أعلم بدينك منك”، فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: “نعم ألست من الرَّكُوسِيَّة(1 )، وأنت تأكل مرباع قومك؟” قلت: بلى قال: “فإن هذا لا يحل لك في دينك” قال: فلم يَعْدُ أن قالها فتواضعت لها، قال: “أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام، تقول: إنما اتبعه ضَعَفَةُ الناس ومن لا قوة له، وقد رَمَتْهم العرب.
 أتعرف الحيرة؟” قلت: لم أرها، وقد سمعت بها قال: “فو الذي نفسي بيده، ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظَّعِينة من الحيرة، حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد .
 ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز” قلت: كسرى بن هرمز؟
قال: “نعم، كسرى بن هرمز، وليُبْذَلنَّ المال حتى لا يقبله أحد”
قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة، فتطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده، لتكونن الثالثة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها)( 2).
وتتجلى معاني عشق المسلمين للبيت الحرام , وشوقهم لأداء مناسك الحج واجباً أو مندوباً , ومنها ركن الطواف بالبيت الحرام الذي هو منهج الملائكة قبل أن يخلق آدم بألفي عام، وحينما فرض الله عز وجل الحج على الناس فلابد أنه سبحانه يعلم إستيعاب البيت والمشاعر للمسلمين من أهل الإستطاعة لو جاءوا جميعاً للحج، الأمر الذي يستلزم العمل وفق هذه القراءة بتيسير مقدمات وأسباب أداء الحج، وسعي الفقهاء والقائمين على المسجد الحرام وخدمته  لتلمس أعم صيغ التسهيل ونفي الحرج بقيد الصدور من الكتاب والسنة.
وفي الخبر: طاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ناقته يستلم الحج بمحجنه) والمحجن: العصا ذات الطرف المنحني، وفيه أية في دفع الحرج ومنع الآفات التي تترشح عن الزحام , فالأصل فيه الجواز والإباحة , ليكون طواف النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على دابته إعجازاً في نبوته، وتسهيلاً متقدماً زماناً لملايين المسلمين القادمين للحج في زمان العولمة، وما بعده من الأزمنة.
ولم يقف الفقهاء المتقدمون عند مسألة الطواف على الراحلة كثيراً في التحقيق والبيان لأنها لم تكن مسألة إبتلائية في زمانهم لإستيعاب المطاف لوفد الحاج آنذاك ولكنها اليوم وغداً قد تلحق بأحكام الضرورة.
لذا أقترح إتخاذ الطابق العلوي في البيت الحرام مساراً لقطارات صغيرة ومركبات متعددة عالية التقنية والدقة يركبها كبار السن والراغبون وذوو الأعذار كالمريض، وخائف الزحام، والذين يجوز لهم تعجيل الطواف والسعي وتقديمه على الموقفين، والطواف راكباً أفضل من التقديم، مع بقاء رخصة الأخير على حالها، وتكون حركة تلك الركبات بسرعة مناسبة للدعاء والتدبر مع حاسب ظاهر يبين بوضوح عدد الأشواط، وعلامة قبال الحجر الأسود للإشارة إليه، وهو من عمومات قوله صلى الله عليه وآله وسلم: خذوا عني مناسككم) وقاعد نفي الحرج في الدين، ولا ضرر ولا ضرار وبغية زيادة عدد وفد الحاج.
 إن إنشاء قطار المناسك مبادرة كريمة , ولكن قطار الطواف أكثر أهمية ونفعاً وأقل كلفة، ويتغشى أيام السنة كلها، وكأني أرى  قطار المناسك يربط بقطار الطواف في سكة واحدة، وفيه تسخير للعلم والمال في العبادات , قال تعالى[ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ].
                                 صالح الطائي

( 1)الركوسية دين بين النصارى والصابئية كما عن إبن سيرين.
(2 )تفسير إبن كثير 4/137.

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn