الحوار الوطني في البحرين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحب أحسـن تفسـير للقرآن   
وأستاذ الفقه والأصول والتفســير والأخــلاق             العدد: 656
________________                               التاريخ: 29/6/2011 

حضور الحوار الوطني في مملكة البحرين حسن ذاتاً وعرضاً وأثراً

الحمد لله الذي تفضل عليّ بإتمام الجزء الخامس والثمانين من تفسيري للقرآن وأنا في بدايته ولمملكة البحرين موضوعية في صدور أجزائه.
والحوار لغة: تراجع الكلام والمحاورة : مراجعة المنطق وتبادل الحديث , وأخذ الحوار في هذا الزمان صبغة سياسية ترشحت عن موضوعية الشعب في صنع القرار، وتضاؤل المراتب بين الحاكم والمحكوم، وهو من منافع زمان العولمة، وإن كان لها أضرار عرضية أخرى، فصار الحوار مدرسة في الجدل والمناظرة وإستحضار الأدلة، وهو نوع طريقية للوصول إلى الحقيقة وإتخاذ القرارات.
والحوار قديم قدم الإنسان على الأرض، وجاء الأنبياء بلغة الحوار، قال تعالى[وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ] وإتخذ الفلاسفة الحوار سبيلاً للإحتجاج، وجاء سقراط(469- 399) ق.م بصيغة الحوار للبيان ولابد أنه أخذها من سنن النبوة في زمانه والتجربة , وحينما عقد المأمون مجلس الحوار لعلماء المذاهب والأديان كان الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام حاضراً وله فيه محاورات موثقة في علم الكلام .
وقد مرّت مملكة البحرين بأحوال مؤلمة ومريرة في الأشهر الماضية لازالت آثارها بادية للعيان.
وليس من أحد إلا وينتفع من الحوار الذي يعقد في مملكة البحرين في بداية الإسبوع القادم، وفيه إزدهار لإقتصاد البلد وتعضيد لسيادته وإستقلاله , وتأكيد للأخوة الإيمانية ورابطة الوطن الواحد التأريخية بين أهل البحرين جميعاً الذين يتصفون بالذكاء والخلق الرفيع، والطيبة التي يعرفها الناس عنهم كأمر متوارث، وملكة ثابتة .
والمشاركة في الحوار وظيفة الجميع وفيه قهر للنفس الغضبية والشهوية , والخلاف صغروي بين جعل المطالب شرطاً لدخول الحوار كإطلاق سراح السجناء وبين عزم القيادة السياسية على جعلها نتائج للحوار والتوافق الوطني.
وقد إرتقى الحوار في علم الكلام والفقه وترشح عنه علم جديد هو (علم الخلاف) المبني على المناظرة والإحتجاج ولغة البرهان ولم يحدث في تأريخ البحرين ودول الخليج العربية أن دعي إلى مثل هذا الحوار وموضوعاته التي تدل على جدية الدولة في إتمام مسيرة الإصلاح، وليعلم الجميع  أن الحال في البحرين يختلف عما جرى في دول عربية أخرى وهو قياس مع الفارق.
ولابد من إتخاذ الحوار منبراً لبيان الرأي مع التقيد بآداب وصيغ الحوار وصفات المحاور والمستمع والملاك هو مصلحة الوطن ودرء الفتن. 
لقد تقاربت الحضارات، وتحاور الأعداء فمن باب الأولوية أن يجلس أهل البحرين المتآخون في الله للحوار وفق أحكام الدستور وسنن الشريعة والقواعد الأساسية لحقوق الإنسان.
ويخصني نجاح هذا الحوار فأنا مقيم منذ سنوات عديدة في مملكة البحرين، وفيها بيتي ومكتبي , وحالما أغادرها تلح عليّ زوجتي بالعودة والمجيء وليس عندي سكن غيرها , وكنت موجوداً طيلة أيام أحداث الدوار في مملكة البحرين , وأصدرت البيان الوحيد بهذا الخصوص في 14/3/2011 قلت فيه : لابد أن مقدمات الحوار بلغت مراتب متقدمة ويجب الدخول في الحوار فوراً سواء كان الحوار المشروط أو غير المشروط، والشروط فيه من الكلي المشكك الذي يكون على مراتب متفاوتة قوة وضعفاً).
أهيب بالجمعيات والأخوة الأعزاء أهل البحرين حكومة وشعباً ومؤسسات حضور جلسات الحوار وجعله مناراً يحتذى. وهو مطلوب بذاته وبلغة للإستقرار والأمن والإنتعاش التجاري والإقتصادي، لذا ينبغي أن يعمل الجميع على إنجاح مشروعه , وجعل النتائج والثمرات التي يخرج بها مباركة وعرساً وطنياً، وتضميداً للجراح , قال تعالى [ وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ]. 

                                                 صالح الطائي

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn