سماحة آية الله العظمى الشيخ صالح الطائي ادامكم الله
صدرت فتوى بتحريم مسير النساء سيراً على الأقدام إلى كربلاء حيث مرقد سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام في ذكر زيارة الأربعين المباركة، وسرت شائعات بان هذا هو راي المرجعية الدينية وفقهاء مذهب أهل البيت العصمة عليهم السلام، لذلك توجهنا لسماحتكم لتوضحوا الموقف الشرعي لمحبي أهل البيت عليهم السلام.
جمع من المؤمنين/ العراق22/12/2012
بسم الله الرحمن الرحيم
م/ السير والسُّرى(1) لزيارة الأربعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يستقرأ جواز وإباحة المشي لزيارة الحسين من نصوص عديدة ووجوه، منها :
الأول : حديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع عدي بن حاتم الطائي في بشارة وحجة سير المرأة بأمن في ظلال الإسلام قال: وتوشك الظعينة(1)، أن ترحل من الحيرة بغير جوار(2)، حتى تطوف البيت , قال عدي: فقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت.
الثاني : إستحباب زيارة النساء للحسين بعرض واحد مع الرجال. الثالث : المؤمن حرم المؤمنة.
الرابع : لأن الحال أثناء المشي بصبغة الإيمان والإنقطاع إلى ذكر الله على نحو العموم الإستغراقي ولا عبرة بالقليل النادر من الأفراد الذين يأتيهم التعليم على طول الطريق قهرا وإنطباقا.
الخامس : إستحضار المشاة ثورة الحسين ومصيبة عياله بالوجود الذهني وتجلي مفاهيم التدبر بالقول والفعل والحواس والجوارح. السادس : هذا المشي بيان في زمن العولمة للدروس المستنبطة من فاجعة كربلاء وسبل تعاهد الإيمان.
السابع : في الحج يكون إحرام المرأة في وجهها أي لزوم كشفها له لمعاني التقوى والتلبية التي تتغشى الموسم.
الثامن : تلقي المؤمنات في طول الطريق إلى كربلاء النصائح بلزوم الحجاب والستر مع التأكيد على أداء الصلاة في أوقاتها .
التاسع : الدعوة الفعلية للورع والتقوى والأخلاق الحميدة ساعات المشي التي تتجلى بالخدمة من عشائر ورجال ذوي شأن ومقام، والكرم الطاغي المتصل على إمتداد الطريق مما ليس له مثيل في أنحاء العالم والمناسبات المختلفة.
العاشر : تعلق الثواب في زيارة الحسين عليه السلام بمسمى الخطوة في رشحة من فضل الله عليه وعلى عشاق زيارته.
الحادي عشر : صيغ الأخلاق والصلاح البهيجة العامة في طرق كربلاء أمور ظاهرة للعيان، ومدركة بالوجدان ومرتبة إرتقاء.
الثاني عشر : في سير النساء إلى الحسين عليه السلام حال ومحل لإقتباس مسائل الهداية والرشاد وحضور للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أبهى حلّة, ونسأل الله أن يكون مرآة لقول الإمام الحسين عليه السلام: ما خرجتُ أشراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) .
نعم لابد من إذن الزوج والولي للمرأة في المشي والسير إبتداءً وإستدامة لشرطيته في المستحبات، ويلزم إجتناب مواطن الضرر لحاكمية قاعدة لا ضرر ولا ضرار، مع الستر والإحتراز خصوصاً أوان هبوب الرياح.
الثالث عشر : تعدد النصوص بإستحباب زيارة الحسين مشياً الشامل للرجل والمرأة , منها ما ورد في كامل الزيارات عن الصادق عليه السلام: من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشياً كتب الله له بكل قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل.
الرابع عشر : في المشي في زيارة الأربعين سعي إيماني مقرون بالحزن لإتخاذ أهل بيت النبوة أسوة إذ جاءوا من الشام إلى كربلاء مع العناء وهول المصيبة وشدة الآلام ووطأة الأحزان لزيارة الحسين , وعن الإمام الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كأني بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين، كأني بالمحامل تخرج من الكوفة إلى قبر الحسين، ولا تذهب الليالي والايام حتى يسار إليه من الآفاق) أي أن أمير المؤمنين يخبر عن واقعة كربلاء وأثارها قبل وقوعها.
الخامس عشر : ما ورد في أيام الإمام المهدي عن أمير المؤمنين عليه السلام: ولو قد قام قائمنا لانزلت السماء
قطرها، ولا خرجت الارض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام، لا تضع قدميها إلا على النبات،وعلى رأسها زينتها، لا يهيجها سبع ولا تخافه).
وفي ذكرى كربلاء مواساة للمؤمنين والمؤمنات ودعوة للصبر في جنب الله
إن الالى بالطف من آل هاشم تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
وأستحضر في هذه المناسبة شهادة ولدي الشهيد الشيخ علي الذي إغتالته يد الإرهاب في بغداد وهو يهيئ متبرعاً مقدمات حج بعض المؤمنين لبيت الله الحرام، وكان قد سجن وعيالي معي وعمره سبع سنين في كربلاء وثلاث محافظات أخرى هي النجف وذي قار والموصل بتهمتي مسؤولا لحزب الدعوة في كربلاء، وأكتب في هذه الساعة الجزء الخامس والتسعين من التفسير وفي قوله تعالى[وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ] في آية علمية لم يشهد لها التأريخ مثيلاً، والعلم عند الله.