بحث أصولي
قد تكون لوقوع الشيء مقدمة يتوقف عليها، وتطلق على الفعل الذي يكون سبباً ومادة وجزء علة للوقوع، وتقسم المقدمة عدة تقسيمات بحسب اللحاظ منها قسمتها الى
وجوه:
الأول: المقدمة العقلية: وهي التي يحكم العقل بلزوم الإتيان وهي التي يحكم العقل بلزوم الإتيان بها، مثل قطع المسافة بالنسبة لأداء الحج.
الثاني: المقدمة التي يحكم الشرع بالإتيان بها كالوضوء بالنسبة للصلاة، وعقد النكاح بالنسبة للزواج.
الثالث: المقدمة العادية: التي تكون بلحاظ العادة والعرف، كما في إرتداء العسكري زياً خاصاً أثناء عمله كما تنقسم المقدمة الى عدة اقسام بلحاظ الماهية منها:
الأول: مقدمة الوجود: وهي التي لها موضوعية في وجود الشيء، وتحقيق المسمى وصرف الطبيعة منه.
الثاني: مقدمة العلم، وتعني العلم بلزوم إتيان الشيء ان كان واجباً، وتركه ان كان محرماً.
الثالث: مقدمة الوجوب: وهي التي تكون شرطاً في وجوب الفعل لا وجوده، مثل الإستطاعة بالنسبة للحج، فمع عدم الإستطاعة لا يتوجه الخطاب التكليفي للمكلف
بالحج.
الرابع: مقدمة الصحة وهي التي يؤتى معها بالفعل صحيحاً تاماً، وإن كان يتحقق وجوده بدونها، كالجزء غير الركني في الصلاة.
الخامس: مقدمة الحرام وهي التي تكون جزء علة لوقوع الفعل الحرام المنهي عنه، ويمكن أن نقسمها الى قسمين:
الأول: المقدمة التي توصل الى الحرام، وتكون كالعلة بالنسبة للمعلول، فمتى ما حصلت المقدمة، وقع ذو المقدمة المنهي عنه إلا ان يشاء الله.
الثاني: المقدمة التي لا تؤدي بالضرورة الى الفعل الحرام، فقد تكون سبباً لوقوعه، وقد لا تكون لعدم توفر أجزاء العلة الأخرى كالهم وأول العزم بالفعل المحرم، وفي
مقدمة الحرام وشمولها بالحرمة وجوه:
الأول: إشتراط حرمة المقدمة بقصد إتيان ذي المقدمة المنهي عنه، فاذا قصد الإنسان السرقة صارت مقدماتها حرام، مثل المشي لمكان السرقة ودخول الدار المحرمة
لأنها تكون حينئذ من المقدمة الموصلة للحرام، واذا لم يقصد السرقة فلا تكون تلك المقدمة حرام الا بعنوان آخر مثل إعتبار دخول دار الغير من غير إذنه محرماً لأنه
تصرف غير مشروع، والا فقد يكون دخول الدار مأذوناً به قال تعالى [لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ]( ).
الثاني: إطلاق حرمة المقدمة وعدم التقيد بقصد التوصل الى ذيها المنهي عنه، فيكون المدار على تحقق الأمر المنهي عنه الذي تأتي المقدمة طريقاً وسبباً له، لولاها لما
تم إرتكابه، وان لم يقصد الوصول اليه، ولكن وقوعه حصل إتفاقاً، او وفق قاعدة السبب والمسبب، او العلة والمعلول وعدم تخلف المعلول عن علته.