بحث بلاغي

بحث بلاغي (علم جديد في البلاغة والبيان )

يقسم معنى اللفظ إلى قسمين :

الأول : الحقيقة وهو إستعمال اللفظ في المعنى الذي وضع له.

الثاني : المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في أصل اللغة لعلاقة ووجه شبه بينه وبين المعنى الحقيقي أو قرينة سواء كانت قرينة لفظية أو حالية، والمجاز على أنواع منها :

الأول :الإستعارة.

الثاني : التشبيه .

الثالث :التمثيل .

الرابع :التخبيل .

الخامس :الإشارة .

السادس :الكناية . 

وقد أضفنا قسماً ثالثاً للحقيقة والمجاز وهو :

الثالث : المعنى الأعم الشامل بذات اللفظ للحقيقة والمجاز، وهو من إعجاز القرآن وتعدد معاني اللفظ فيه ، وهذه الآية من مصاديق هذا العلم الجديد الذي نؤسسه في البلاغة ،فالمراد من خسارة تجارة أهل الضلالة المعنى الحقيقي وان الدنيا دار المكاسب والإدخار للآخرة ، وهذا الإدخار لا يأتي عن هبات من الغير ، أو تركة من مُورث ، بل لابد من الكسب والتحصيل فلا تصح صلاة وعبادة الغير عن المكلف في الواجبات العينية كالصلاة والصيام أيام حياته باستثناء الحج للعاجز لورود النص الخاص به من السنة النبوية باجماع المسلمين .

 ولو دار الأمر في معنى التجارة بين المكاسب المالية وبين المكاسب الأخروية والغنائم في الصالحات لرجح الثاني ، قال تعالى [إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ] ( ). 

وفيه آية إعجازية بان إتيان المؤمنين الصالحات مقدمة للتجارة , وهي إكتناز الصالحات للبث الدائم في الجنة ، وفي الآية أعلاه بشارة بأن أي فعل من الصالحات لن يذهب سدى ولن ينسى أو يصيبه الفساد واكثر من هذا فان الله عز وجل ينميه ويضاعفه ليفاجئ صاحبه بكبره ونفعه وترجيحه الميزان يوم القيامة .

وكما أن ذات اللفظ [فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ] من الحقيقة فهو من المجاز أيضاً في موضوع الربح والتجارة مجتمعين ومتفرقين من جهات : 

الأولى : نعت التجارة ذاتها بعدم الربح ، مع أن الربح والخسارة يصيبان أصحاب التجارة .

الثانية : نعت إختيار الضلالة بالتجارة وظن المخادعين أنها تنفعهم عند أرباب الشرك ، كما ورد في الآية قبل السابقة [وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ] ( ).

الثالثة :الآية من مصاديق إسناد الفعل إلى الإسم، وتعلق الربح بذات التجارة .

الرابعة : الآية من الكناية ، وجعل الهدى هو الربح والغنيمة ، والضلال هو الخسارة والخزي ، ومن رحمة الله عز وجل بالناس أن الربح والفوز ملازم للأصل ، ورأس المال الذي جعله الله عز وجل فطرة عند الناس جميعاً وهو الهدى ،وتفضل ببعثة الإنبياء وأنزل الكتب السماوية ليتعاهد الناس هذا الأصل ويتآزروا في الحفاظ عليه ويجتهدوا في الرجوع إليه بلباس التوبة والإنابة .

 ومن أسرار العنوان الجامع للحقيقة والمجاز بيان وجوه الإعجاز في اللفظ القرآني بعث الشوق في النفوس للآية وتلاوتها , والتدبر في معانيها , وإقتباس مضامين الحكمة منها .

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn