تشريع دولي لمنع الإساءة للمسلمين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي 

صاحـــب أحسـن تفســـــــــير للقرآن   

وأستاذ الفقه والأصول والتفســير والأخــلاق            العدد: 655

______________                                    التاريخ:22/9/2012 

م/هل تحتاج الشعوب والإقتصاد والتجارة العالمية إلى تشريع من مجلس الأمن يمنع الإساءة للنبي محمد (ص) والقرآن

صدر لنا والحمد لله خمسة وتسعون جزءً في تفسير القرآن تقع في سورة البقرة وشطر من سورة آل عمران في آية علمية تبين إشراقات الإعجاز في نزول القرآن من عند الله , وفيه رد علمي كريم على الإفتراء والتشويه للرسالة، نطبعه على نفقتنا الخاصة لا يشاركنا إلا ولدان لي صغيران في التنضيد والطباعة والإصدار. 

بعد الفلم المسيء للنبوة والإسلام في أمريكا وما سببه من فتنة وكدورة في الصلات بين الأمم والشعوب، وغضاضة وحوادث جاء الفعل القبيح برسوم ساذجة في فرنسا تتعدى على الرسول الكريم، وأدعو الحكماء ورجال القانون في الغرب وغيرهم إلى النظر في الدساتير الغربية وإمكان إثباتها أن هذا التعدي ليس من حرية التعبير بل من الإضرار بالأمن القومي والسلم العالمي الذي صارت له موضوعية في الواقع السياسي والإجتماعي.

ولعل التداخل بين الشعوب والدول في زمن العولمة لم يكن حاضراً عند تشريع الدساتير التي كتبت قبل عشرات السنين إلا أنه يستقرأ من مواد أخرى من ذات الدساتير لبيان حقيقة ولو بالدلالة الإلتزامية وهي أن حرية التعبير في تلك الدساتير مقيدة بمواد أخرى تمنع من صيرورة هذه الحرية ذات ضرر على الإقتصاد والأمن القومي ومصدر إيذاء وإساءة للشعوب في معتقداتها فالذي يتطاول على النبوة والتنزيل في أمريكا مثلا يدخل الحزن والأسى إلى نفوس أكثر من مليار مسلم منهم ملايين من إخوانه في المواطنة سواء كان في أمريكا أو أوربا، ومن الآيات أن الإسلام شهد بسماوية التوراة والإنجيل، وبيّن معجزات عيسى عليه السلام، ولابد من الإلتفات إلى أن الذي أثار الفتنة تجنس في أمريكا حديثاً وهو عربي ورجل قانون ودرس الشريعة الإسلامية كما أعلن، وليس له أن يستغل المندوحة في القوانين الأمريكية فيتعمد أن يكون سبباً في الإضرار بها، ولابد أنه يعلم بالمصالح الأمريكية في البلاد العربية والإسلامية في قطاع النفط وطرقه وتوريد الأسلحة والتجارة والبنوك, ويعلم بردود الفعل العنيفة .

وجاءت مقدمة دستور الولايات المتحدة في سطرين وهي: نحن شعب الولايات المتحدة رغبة منا في إنشاء إتحاد أكثر كمالاً، وفي إقامة العدالة وضمان الإستقرار الداخلي، وتوفير سبل الدفاع المشترك، وتعزيز الخير العام وتأمين نعم الحرية لنا ولأجيالنا القادمة، نرسم ونضع هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية)، وكل كلمة من هذه المقدمة تزجر عن التعدي على الأديان وعقائد الناس، إلى جانب حسن نوايا المشرعين إذ إنبثق الدستور الأمريكي في 17 أيلول 1787 وبعد إثنتي عشرة سنة من الإستقلال.والمواد الإعلامية المسيئة للإسلام تضر بالإستقرار الداخلي والإقتصاد الوطني والسلم العالمي . 

وتضمن التعديل الأول على الدستور الأمريكي : لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع من حرية ممارسته أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة) وظاهر نظم وسياق التعديل أن حرية الكلام يجب ألا تتعارض مع حرية الأديان وشعائرها.

وفي الدستور الفرنسي الصادر في 4 تشرين أول سنة 1958 وفي المادة الثانية من الباب الأول: إن الجمهورية الفرنسية تحترم كل المعتقدات )، وهذه المادة قاعدة كلية حاكمة ومقيدة لحرية التعبير ومقدمة عليها , والرسوم الساخرة التي نشرتها مجلة(شارلي إيبدو) لا تحترم معتقدات الملايين من الفرنسيين. وخصص الباب العاشر فيه للمجلس الإقتصادي والإجتماعي وفي المادة(70) من الدستور الفرنسي : أو يجوز أيضاً أن تستشير الحكومة المجلس الإقتصادي والإجتماعي في كل مكان ذات طابع إقتصادي أو إجتماعي يهم الجمهورية نرجو من الحكومة الفرنسية إستشارة هذا المجلس وغيره في أضرار تلك الرسوم على فرنسا ومنها غلق عشرين سفارة لها في يوم واحد وإحترازات أمنية قصوى.

ندعو إلى نبذ العنف والتعدي على السفارات ورعايا الدول الأخرى، قال تعالى[ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ]( ). 

نرجو ترجمة هذا البيان إلى الإنكليزية والفرنسية ونشره وندعو رجال القانون والعلماء في أمريكا وأوربا وسائر دول العالم إلى تحديد معاني حرية التعبير بما لا يتضمن إزدراء الشعوب. والذي يدرس الدساتير والقوانين واللوائح والقواعد التشريعية اللاحقة قد يجد فيها المنع من التعدي على الأنبياء وأئمة الأمم ,  فما ذكرناه بخصوص الدستور الأمريكي والفرنسي من باب المنهج والمثال وليس الحصر , والعنوان الذي إبتدأ به هذا البيان دعوة لدراسة أولوية الحكمة وتشريع ما ينفع الناس عموما . 

وقد تترشح عن العولمة قيم أخلاقية حميدة تلتقي مع مبادئ الإسلام، وتفيض بأسباب الصلاح , قال تعالى[وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ].

 

حرر في النجف الأشرف

5-11-1433هــ

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn