تقسيمات جديدة في البحث الخارج ليوم الثلاثاء والأربعاء21-22/4/2010علم الفقه باب الوضوء والمنطق باب العلة
يمكن تقسيم واجبات الوضوء تقسيماً جديداً إلى قسمين:
الأول: الواجب بالأصل، وهو غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والقدمين لقوله تعالى[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ].
الثاني: الواجب بالتبعية: وهو ثلاثة أفراد
1- النية مقارنة بغسل الوجه ومستديمة حكماً إلى حين الفراغ من الوضوء.
2- الترتيب بين أجزاء الوضوء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليد اليسرى ثم مسح الرأس والرجلين، وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام، وإبن عباس، وب قال أحمد وإسحاق، وبه قال الشافعي إلا في تقديم اليمين على اليسار، وعن أبي حنيفة أن الترتيب غير واجب، وكذا قال مالك وهو المروي عن إبن مسعود.
3- الموالاة وهي أن يكمل المتوضأ طهارته قبل جفاف جميع الأعضاء السابقة.
بحث منطقي
كل ما يؤدي إلى وجود غيره أو يؤثر فيه يسمى علة والعلة على أقسام هي:
الأول:العلة الفاعلية: وهي مبدأ الحركة وتسمى(مامنه الوجود) فهو المنشأ والمصور والسبب وإذا كان الفاعل سبباً للوجود يسمى(مابه الوجود) بإعتبار أن ماسوى الله ليس فيضاً للوجود أو علة للخلق.
الثاني: العلة المادية: وهي مادة وجود الشئ، وأسباب وقد تكون متحدة كالسقي بالماء، أو متعددة كما في القلم والقرطاس في الكتابة.
الثالث: العلة الغائية: وهي الغاية والمقصود من الأمر والثمرة التي لأجلها وجد الشئ، وتسمى (ماله الوجود) فالصلة الغائية لقطع المسافة وتحمل وعثاء السفر في الحج لأداء المناسك، ولحراثة الأرض الزراعة، والشهادة على العقد توثيق ومنع الخصومة.
الرابع: العلة الصورية: وهي الصورة، والحال الذي يكون سبباً لقوام المحل في الوجود، كمافي طريقة وأقسام الدار.
ومن الآيات أن العلل الأربعة أعلاه تجتمع كلها في هذه الآية وتكون جميعاً من عند الله، وفيه دليل على أن الله عز وجل أحاط بكل شئ علماً، وأن مقاليد الأمور بيده تعالى، فالنصر لايأتي إلا من عند الله، وكذا العلة المادية التي تتجلى بنزول الملائكة مدداً وناصرين للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين.
والعلة الغائية هي إعلاء الدين وتثبيت معالم الإيمان في الأرض، وهزيمة الكفار والمشركين قال تعالى [إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ]، ومن قوة وحكمة الله عز وجل أنه عيّن الغاية من وجود الناس في الأرض قبل أن ينفخ الروح في آدم بالإخبار عن وظيفة الخلافة، وعن علة الخلق وهي العبادة قال تعالى [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ].
وجاء نصر الله عزوجل للمؤمنين ظاهراً جلياً، إذ إنهزم الكفار في معركة بدر وكذا في بدايات معركة أحد، ودّب الخوف في نفوس ومجتمعات الكفار وأخذت القبائل تتناقل معجزات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويحرص الناس على الإستماع إلى تلاوة آيات القرآن والتدبر في معانيها.
فمن حكمة الله عز وجل أن تأتي الآثار للنصر الإلهي بما يريد الله عز وجل، ولاتنحصر تلك الآثار بميدان المعركة بل هي عامة ومتصلة، وتتصف بالبركة، وكأنها تعاهد للنصر، وحفظ له، مما يدل على أن أقسام العلة في المشيئة الإلهية أعم وأكثر من الأقسام الأربعة المتقدمة، والتي هي تقسيم إستقرائي،ويمكن إضافة وجوه أخرى للعلة في المقام وهي:
الأول: العلة المستديمة: وهي التي تنبسط على آنات الزمان المتجددة، وتظهر آثارها بأفراد الزمان، فلا تمحى أو تزول، كما في الأهلة، وتعيين أوان العبادات بواسطتها قال تعالى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ].
الثاني: العلة التوليدية: وهي التي تتجدد كعلة وسبب لوجود معلولها والذي لايتخلف عنها، ففي كل آن تطل علينا آثارها، ومنه الآيات القرآنية في إصلاح النفوس والمجتمعات، والقضاء على أسباب الكفر والضلالة، كما في هذه الآية التي تبعث البشرى والسكينة في قلوب المسلمين، والخوف والفزع في نفوس الكافرين.
الثالث: العلة المتجددة: والتي تتجدد في أفراد الزمان الطولية، وهي على شعبتين:
الأولى: العلة الراتبة: وهي التي تطل في أوقات أو أماكن مخصوصة على نحو راتب ومتجدد من غير تباين في أوقاتها وأن إختلفت آثارها في الحكم والكيفية، ومنها طلوع الشمس كل يوم، وغروبها بوقت معين عند الغروب.
الثانية: العلة غير الراتبة: والتي تأتي بلحاظ تجدد السبب أو الأثر، ومنه المدد الملكوتي فانه لايأتي في كل معركة من معارك المسلمين، ولكن آثار مجيئه في معارك الإسلام من العلة المستديمة والتوليدية التي تتجدد آثارها، لذا جاءت هذه الآية توثيقاً سماوياً لهذا المدد وأختتمت بالإخبار بأن النصر من عندالله، سواء بواسطة الملائكة أو بجنود وقد تكون من الأرض، قال تعالى [وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ].