بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
م/ جواز تولي المرأة القضاء وفق قوانين ومواد منصوصة
الحمد لله الذي جعل المسلمين حكاماً وأمراءً، ولهم دولهم وأمصارهم، وثغورهم التي يدافعون عنها، ويتولون القضاء والحكم بين الناس فيها وفي غيرها ، وهو مقام رفيع، ومن رشحات النبوة، وأغصان التنزيل وهو واجب كفائي لمن أحرز شرائطه , و( عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يُؤْتَى بِالْقَاضِى الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِى تَمْرَةٍ قَطُّ)( ).
والقاضي والفقيه والحاكم والمفتي والمجتهد أسماء ومصاديق لمسمى واحد، فيسمى قاضياً لأنه يقضي في الخصومات، وفقيها لإحاطته بالأحكام كالحل والحرمة والصحة والفساد، وإستقرائها من القرآن والسنة ، وحاكماً لأنه يحكم بين الناس، ومفتياً لأنه يبين الأحكام والقواعد الكلية لتنطبق على مصاديقها، ومجتهداً لإستنباطه الأحكام من أدلتها التفصيلية.
ولكن موضوع القضاء في الدولة والقوانين الوضعية في هذا الزمان مختلف، إذ أن القاضي مقيد بنصوص ومواد لا يحق له تجاوزها، والإفتاء بما هو خارج عنها.
وإجماع علماء الإسلام على عدم جواز تولي المرأة القضاء ، وهو المختار وخالف أبو حنيفة بجواز توليها له في الأموال دون القصاص والحدود .
ولكن هناك تباين في الموضوع، فالقضاء في هذا الزمان عمل بمواد قانونية ومسائل وضعية مبينة ولها حد أعلى وحد أدنى في الحكم والغرامة وقد تكون مادة الحكم تعيينية وليس تخييرية بما يخفف الأمر فلا يجوز للقاضي تجاوزها إنما هو أجير مختص يعمل بعقد ويعرض حكمه على من هو أعلى منه من محاكم الإستئناف والتمييز والإدعاء العام ونحوها، ويكون حكمه قابلاً للطعن والنقض ، لذا يجوز تولي المرأة للقضاء من غير كراهة .
وأستدل على عدم جواز تولي المرأة للقضاء بأدلة هي:
الأول: قوله تعالى[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً] ( ) وهو عمدة الأدلة , وإذا كانت المرأة منعت من الولاية الأسرية وهي أصغر الولايات , فمن باب الأولوية منعها من القضاء والوزارة، ولكن ورد في أسباب نزول الآية أعلاه (قال مقاتل نزلت الآية في سعد بن الربيع بن عمرو، وكان من النقباء , وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وهما من الأنصار , وذلك أنها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي فقال أفرشته كريمتي فلطمها , فقال النبي لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه .
فقال النبي ارجعوا فهذا جبرائيل أتاني وأنزل الله هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردنا أمراً , وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير ورفع القصاص) ( ).
وصحيح أن المدار على عموم اللفظ وليس سبب النزول إلا أن الآية خاصة بالحكم داخل الأسرة وتنظيم شؤونها بما يكفل الإستقرار ويبعث السكينة في المجتمعات الإسلامية ، ويخفف عن المحاكم ودوائر القضاء فلا تصل الخلافات داخل الأسرة إليها، بل تبقى ضمن أسوار عالية شيدت صرحها الآية أعلاه وآية[وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً] ( ).
فتنقض آية المودة الخلاف، وتأتي عليه، ولو رفع الزوجان كل خلاف بينهما إلى المحاكم لغصت بهم، وعجزت عن النظر في خصومات كثيرة، وصار من الصعب رجوع الزوجين إلى حال المودة والوئام .
ولماذا لم يستدل القائلون بعدم تولي المرأة للقضاء بإنحصار الطلاق بيد الزوج دون الزوجة , ولكن ذات النكاح والطلاق عقد بقبول وإيجاب , وللمرأة الخيار التام في عقد النكاح والرضا بالزوج وعلمها بدلالة هذا العقد بالدلالة التضمنية أن الطلاق بيد من أخذ بالساق.
ولابد من التفكيك بين الصلة الزوجية وأحكامها، وبين عمل المرأة أو الرجل خارج المنزل، ولزوم تقيدهما بشرائطه.
وقبل بضع سنوات عقدت ندوة في الإمارات لرجال قضاء من أوربا والدول العربية فقال أحد المحاضرين الأوربيين لماذا يأمر القرآن بضرب المرأة ، أي أنه يشير لقوله تعالى [وَاضْرِبُوهُنَّ]( ) من قوله تعالى [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً] قلت لبعض الحاضرين من القضاة آنذاك وهو حي يرزق حتى يوم المراجعة هذا( )، : هل رددتم عليه بالبيان والحجة. إذ تضمنت الآية أمرين:
أولاً: علة الضرب فلا يصح الضرب إلا بخصوص التي يخاف كراهيتها لزوجها ومعاشرته.
ثانياً : الترتيب، فلا يأتي الضرب إلا بعد مرتبتين وهما:
الأولى: الموعظة والنصح للزوجة والتذكير بوظائفها الشرعية.
الثانية : هجران الزوج للزوجة في الفراش وعلى نحو متكرر , وليس مرة واحدة للغة الجمع[وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ] وإن كانت بلحاظ خطاب الجماعة , وهذا الهجران على وجوه :
أولاً : إجتناب الكلام مع الزوجة التي يخاف نشوزها وخروجها عن الطاعة , وتقدير الآية : وأهجروهن باللسان .
ثانياً : إجتناب الزوج الوطئ مع مبيته معها في فراش واحد .
ثالثاً : إعطاء الزوج ظهره لها في السرير ، وهو أمر شاق لطول الليل وحال السكينة فيه ، ومن الآيات في المقام أن الزوج ينشغل بالأمر والرغبة بالصلح والوفاق أكثر من الزوجة مع أن الوطئ راجع إليه ، وكأنه إختبار متجدد في آنات الليل يبعث على الوئام ونبذ التفرق بين الزوجين .
ولو حصل الضرب بعدها فيكون بالسواك كما عن الإمام الباقر عليه السلام( ) ضرباً رقيقاً , والسواك عود تدلك به الأسنان مأخوذ من فروع شجر الآراك بطول الأصبع ، مما يدل على إنعدام الأذى بالضرب فيه , وفي رواية الضرب لا يكون مدمياً ولا مبرحاً، أي لا يخرج معه الدم، ولا يكون شديداً بالعصا.
ولم يرد كل من لفظ (حافظات) (عظوهن) (أهجروهن) (أضربوهن) (أطعنكم) إلا في الآية أعلاه ، بينما ورد لفظ (حافظات) في قوله تعالى [وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا]( )، وفيه نكتة وهي أن العفة والطهارة ، وتعاهد أداء الفرائض والإقامة على ذكر الله واقية وعصمة من النشوز سواء من الرجل أو المرأة.
لقد أراد الله عز وجل التخفيف عن المحاكم بالإصلاح الذاتي للأسرة، وتولي الرجل المسؤولية فيها، ولو نشزت القاضية عن زوجها , فهل تشملها أحكام آية النشوز أعلاه , ولأنها موضوعاً وحكماً من مصاديق قوله تعالى[وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ]( ).
الجواب نعم، لإتحاد الموضوع وأصالة الإطلاق , وقد يكون النشوز من الرجل , فليتقوا الله , قال تعالى[وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ].
الثاني : أستدل على عدم جواز تولي المرأة للقضاء بما ورد في حديث أبي بكرة قال: نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فاقاتله معهم – أي الإمام علي عليه السلام – بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم إبنة كسرى .
فقال النبي : لن يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمْرَهُم امرأة) ( ).
وقيل أن الحديث يثبت الكراهة التحريمية، على المبنى بتقسيم الكراهة إلى تحريمية وتنزيهية , ولم يثبت التحريم إلا بدليل قطعي ، وقد بينا في البحث الخارج لعلم الأصول أن الأحكام التكليفية خمسة وهي الوجوب، والندب، والإباحة، والكراهة، والتحريم .
ويبين الحديث معنى التولية وهي الإمامة ورئاسة الدولة وشؤون الحكم المطلق ، وأما موضوعنا فهو القضاء المقيد بنصوص ومواد ليس للقاضي تجاوزها أو الخروج عنها وقد يحكم وفقها ولكن يأتيه الطعن والنقض بسبب ضعف ووهن الأدلة.
الثالث: أستدل بقول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم : القضاة ثلاثة إثنان في النار وواحد في الجنة , رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة , ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار , ورجل عرف الحق فجار فهو في النار).
ووجه الإستدلال لفظ الرجل، وأنه يدل بمفهوم المخالفة على خروج المرأة من الأهلية للقضاء , ولكن لفظ (الرجل) يأتي لتغليب المذكر كما في قوله تعالى[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ]( )، مع أن الصوم مفروض على الرجال والنساء بعرض واحد، ويقال القمران ويراد الشمس والقمر، والتثنية أخت العطف , بالإضافة إلى إرادة القضاء عن إجتهاد وليس نصوصاً لا يجوز تجاوزها.
الرابع: يحتاج القضاء إلى كمال الرأي والفطنة وتمام العقل، والمرأة معرضة للنسيان، إذ جعل الله شهادة إثنتين من النساء بشهادة رجل واحد، قال تعالى[فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ].
ولكن يتقوم القضاء في المحاكم الوضعية بالتدوين سواء لمواد القانون أو للدعاوى والشهادات وأصول المرافعات وعلة ومدرك الحكم .
الخامس: ما يعتري المرأة من أمور النساء كالحيض والحمل والولادة، وفيه لا دليل على تأثير هذه الأمور التكوينية الجسدية على ماهية الحكم وإقتباسه من أدلته المنصوص عليها في القانون، بالإضافة إلى الإطلاق بأن القاضي لا يحكم إذا كان في مزاج غير ملائم.
السادس: غلبة العاطفة على المرأة , ولكنها مقيدة بقوانين ومواد ليس لها أن تتجاوزها، وطول مزاولة المرأة للمحاماة والقضاء ينمي عندها ملكة التقيد بالضوابط القانونية من دون أثر زائد للعاطفة , وقد تكون هذه العاطفة أمراً حسناً في ظل أحكام وضعية تبتعد عن الحكم الشرعي.
إن القضاء الذي لا تتولاه المرأة هو الذي يستنبط فيه القاضي الفتوى والحكم من الأدلة التفصيلية , من غير الرجوع إلى مواد وقوانين مسنونة وفيه تخفيف عنها في النشأتين .
ويجوز أن تتولى المرأة القضاء في المحاكم التي تعمل بالقوانين الوضعية ونصوص العقوبات الثابتة تلك التي تخضع وفق نظامها للنقض والإبرام ولغة الجدل والبرهان التي يقوم بها المحامون( ) وإذا تبدل الموضوع تغير الحكم فهذه المحاكم والقوانين لا تكون فيها يد القاضي مطلقة بل هي مقيدة عند إصدار الحكم بالأنظمة والقوانين، وبعد الحكم بالإستئناف والتمييز وتصحيح التمييز ، وإمكان العرض على مواد وقوة القانون.
وربما يقال بكراهة تولي المرأة للقضاء لوجوه:
الأول: وظيفة القاضي في المحاكم الوضعية كفائية، والمؤهلون من الرجال للقضاء كثيرون.
الثاني: الجواز أعم من الوقوع.
الثالث: الأفضل للمرأة اجتناب منازل وأسباب الفتنة والإفتتان.
الرابع: عدم الخروج عن الإجماع.
ونرجو إجراء دراسة مقارنة في هذا الباب بين الحكم الشرعي والوضعي، وأثر الندم والإعتذار في حيثيات وماهية الحكم في القوانين الأوربية وغيرها أيضاً والتخفيف عن الجاني , وجاء قوله تعالى[خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ] ، لبعث الحكام والمشرعين والقضاة على الرأفة في الأحكام ومحو العقوبات , وعدم توجيه اللوم للقاضي إن تسامح في ماهية ومقدار العقوبة , والمراد من العرف أي الأمر المعروف.
وينبغي أن تكون موضوعية للقيادة السياسية بالتخفيف في قوانين العقوبات بما يتناسب والتغييرات في سنخية وحال وتأثير الشعوب وزمان العولمة، وحاجة تلك القيادات وبقائها في دفة الحكم لإجتناب التشديد والغلظة في الأحكام, فلا أحد يتوقع سقوط سريع لنظام حكم شمولي بسبب صفعة شرطية لبائع متجول بمدينة تبعد عن العاصمة التونسية 265 كيلو متراً، ولا هجوم المتظاهرين على السجون في بلد آخر وخروج آلاف السجناء حال إستقالة رئيس الدولة ليس تحت قوة القانون، بل تحت إرادة وقهر الشعب ووطأة الجور.
والأولى في زمن العولمة إعادة قراءة أحكام العقوبات والأمر بالحجز والسجن , وإجراء تغييرات فيها بلحاظ تبدل الأحوال، وتغير الموضوع ، وندعو للإقتباس من القوانين الأوربية والأمريكية للتخفيف في هذا الباب، وإدراك حقيقة وهي إتصاف الشريعة الإسلامية بالسماحة والشواهد كثيرة وأُتي للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بسارق سرق شملة .
قال : أسرقت ؟ ما أخالك سرقت؟ أي ليدفع عنه الحكم مع طرو الإحتمال , قال: نعم قال: إذهبوا به فاقطعوه. ثم اتوني به، ففعل فقال: ويحك تُب إلى اللّه ، فقال: اللّهم تُب عليه) ( ).
وقصة ماعز مشهورة إذ أخبر النبي بأنه فعل فاحشة (فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن كان معه: أبصاحبكم مس؟ قال ابن عباس: فنظرت إلى القوم لأشير عليهم فلم يلتفت إلي منهم أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لعلك قبلتها , قال: لا ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فمسستها قال: لا، قال: ففعلت بها ولم تكن؟ …..الحديت) ( ).
وعن الشعبي قال : جئ بشراحة الهمدانية إلى علي عليه السلام فقال لها ويلك لعل رجلا وقع عليك وانت نائمة قالت لا قال لعلك استكرهك قالت لا قال لعل زوجك من عدونا هذا اتاك فانت تكرهين ان تدلى عليه ، يلقنها لعلها تقول نعم قال فأمر بها فحبست فلما وضعت ما في بطنها اخرجها يوم الخميس فضربها مائة …الحديث)( ).
وسيتجلى للمشرعين مناسبة الحكم الشرعي قرآناً وسنة لأحوال المجتمعات وصلاحها في كل زمان ، وهو من الإعجاز الذاتي والغيري للقرآن , قال تعالى[وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى].
وقد يستدل وفق مفهوم الموافقة بقوله تعالى[وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى]بانه إذا كانت شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، فيلزم عدم استقلالها بالقضاء من باب الأولوية لأن القضاء إخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام، وأن القاضي يستقل بالحكم.
ويجاب عليه بأن آية الشهادة خاصة بموضوعها، مع بيانها لعلة جعل شهادة امرأتين معاً، من جهتين:
الأولى : الأهلية للشهادة، ممن يتصفون بالعدالة.
الثانية : إحتمال نسيان المرأة لموضوع ومضمون الشهادة فتذكرها الأخرى بما يضمن الحقوق.
أما القضاء في المحاكم فهو وفق قوانين ومواد مسنونة لا يستطيع القاضي الخروج عنها، وهي حاضرة أمامه عند إرادة الحكم , إلى جانب قانون عدم إستقلال القاضي بالحكم , إنما يتبعه استئناف وتمييز وإمكان نقض الحكم ، والعلم عند الله.