بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ]
حادث الجمرات1424
الحمد لله الذي جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار، وأرشد الناس الى طرق الخلود في النعيم ومنها حج بيته الحرام، وجاءت آيات الحج متعقبة لآيات الجهادفي سورة البقرة، وألبست السنة النبوية الشريفة بأقسامها الثلاثة القولية والفعلية والتقريرية الحج رداء الجهاد، وهو سياحة في عالم الملكوت تخترق فيه النفس حجب السماوات لما فيه من آيات الصبر والعرفان وانقطاع عن الدنيا وتحرير للذات وتذكير بيوم الحشر.
وكان الحاج يتعرض احياناً للكوارث والهلاك جوعاً وعطشاً، وربما واجهت بعض قوافل الحجيج حوادث السلب والنهب، وهذا الأذى والعناء عنوان اضافي ومصداق تشريفي لحجاج بيت الله الحرام ومع توفر الأمن والسكينة فقد حصل هذا اليوم انتقال أكثر من مائتين من ضيوف الرحمن الى جوار ربهم بسبب التدافع في رمي جمرة العقبة.
نعزي العالم الاسلامي بهذه الواقعة المؤلمة ورحيل ركب من عشاق الشاخص الكريم الذي جعله الله أول بيت وضع للناس، وندعو الى تأسيس منظمات على مستوى العالم الاسلامي خاصة بشؤون الحج كمنظمة للمرشدين واخرى للمتعهدين وغيرها مما يساهم في تأهيل الحجاج لإداء المناسك، والاولى ان يكون مقرها في مكة المكرمة، وطبع النشرات التي تبين موارد التخفيف والرخصة في مناسك الحج من غير الخروج عن الكتاب والسنة النبوية، فتذكر مثلاً الاقوال بجواز الرمي في الليل والاستنابة فيه، وقد ذكرت في مسألة 783 من رسالتي الموسومة مناسك الحج: (لو حصل الزحام في الرمي طيلة النهار جاز للمرأة والكبير ومن يخشى الزحام الرمي ليلاً، وقد يستحب لهم خصوصاً في هذا الزمان، لقاعدة لا ضرر ولا ضرار ولنفي الحرج ولاتصال الليل بنهاره ولظاهر النصوص، وقد رخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنساء والضعفاء ان يرموا الجمرة ليلاً)، والظاهر ان ذكر النساء والضعفاء من باب المثال وليس الحصر، وقال الحنابلة والحنفية والشافعية بأن عدم تأخير الرمي الى الليل سنة وليس واجباً.
وعلى الفقهاء بيان موارد الرخصة في المناسك الاخرى للوقاية وأخذ الحائطة للقادم من السنين كجواز الطواف في الزائد على مقام ابراهيم عليه السلام وفي الطابق العلوي عند الحرج والزحام، وجواز تأخير طواف الإفاضة بعد يوم النحر بل وجواز تقديم الطواف لذوي الأعذار، وذكر وجوه التيسير في السعي بين الصفا والمروة، والانتفاع الامثل من الخدمات الكريمة والمساعي الدؤوبة للمسؤولين في المملكة العربية السعودية للعناية بوفد الحاج والمشاعر المقدسة.
كما أرجو دراسة تأسيس صندوق اسلامي لتعويض ضحايا الحج ممن ينتقل الى جوار ربه أثناء التلبس بتأدية المناسك تشــارك فيه الدول الاســلامية والمؤسـسات والمحســنون خصـوصـاً وانه ورد في بـاب من قتـل في الزحام والتدافع في صلاة الجمعة ونحوها ان ديته من بيت مال المسلمين، وعن الإمام علي عليه السلام: ” من مات في زحام الناس يوم الجمعة ويوم عرفة او على جسر لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال” ولعل في الحديث اشارة الى لزوم الاحتراز وبذل الوسع في التنظيم والضبط يوم عرفة واثناء الإفاضة منها ايضاً، والعلم عند الله.
حــرر في العـاشـــر من ذي الحـجــة 1424 هـ صالح الطائي
مكـــــة المـكــرمــــــــة