بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحـب أحسن تفسير للقرآن
وأستاذ الفقه والأصول والتفسير والأخلاق العدد : 314
____________________ التأريخ: 26/11/ 2010
م/ آفة الربا
صدر هذه الأيام الجزء الثمانون من تفسيري للقرآن وهو القسم الأول من تفسير آية[لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً] في آية علمية لم يشهد لها التأريخ مثيلاً وهو جزء من أكثر من ثلاثة ملايين جزء على العلماء في الأحقاب القادمة إتمام هذا السفر للإحاطة بجزء من المضامين والمعاني القدسية اللامتناهية للقرآن، وورد في التنزيل في ذم أهل الجاهلية من الكفار[قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا].
فإذا حلّ دَين أحدهم على غريمه فطالبه قال المطلوب منه زدني في الأجل وأزيدك في المال، ويحصل بينهما التراضي على الحدين، الأجل، ومقدار الزيادة ، وهو ربا محرم من غير بدل , قال تعالى[وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا].
وتجري في الأسواق هذه الأيام معاملة ربوية شائعة بأخذ الزيادة على القرض والثمن عند حلول الأجل مع بقاء أصل القرض على حاله، وهو فعل محرم، وما يجري من المصالحة هذه الأيام هو مثل التراضي المذموم أعلاه.
ويقول بعضهم إذ سئل هو حلال بإذن السيد، على نحو الإجمال والإبهام ولا يذكر إسم السيد أو يحضر فتوى بالخصوص، ولم يقل بجوازه أحد من العلماء الأعلام رحم الله الماضين , وحفظ الله الباقين منهم.
وندعو المؤمنين وأئمة الجماعة وخطباء المنبر في العراق لبيان القبح الذاتي والعرضي لهذا الفعل المحرم، والقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى إصلاح الأسواق والتطلع إلى الرزق الكريم من عند الله، قال تعالى[يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ] والمحق الزوال التدريجي، ونقصان الشيء حالاً بعد حال، فليعلم هؤلاء عدم بقاء الفوائد المالية التي تأتي من هذه المعاملة الربوية، وإن رزقهم ذاته محفوظ فليطلبوه بالحلال.
ولا تنحصر حرمة الربا بآكله وآخذه فقد (روي عن علي عليه السلام أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الربا خمسة آكله و موكله و شاهديه و كاتبه) ( )، فتشمل الحرمة الذي يقترض بالزيادة الربوية، والربا محرم مطلقاً حتى مع الضرورة .
ومن الآيات في الشريعة الإسلامية أنها جامعة لأحكام العبادات والمعاملات، وتنظيم الأسواق وفق قوانين سماوية تجلب الصلاح والفلاح، وتدفع البلاء وشدة العقاب في الآخرة , وتلك الأحكام شاملة وكافية لحال الثورة الصناعية، وكثرة المعاملات التجارية التي تحصل في هذا الزمان ليست أجنبية أو خارجة عنها، ويحتاج العاملون في التجارة والصيرفة والمكاسب التفقه في الدين لعدم جواز الإقتحام في الشبهات الحكمية قبل السؤال وحصول المعرفة الإجمالية.
وعن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الإسراء(فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شاطئ النهر رجل عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا، فينطلق فيسبح ثم يرجع إليه، وكلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرا( ) ولما سأل النبي عن الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة قيل له إنه آكل الربا).
وقد مدح الله المسلمين بقوله تعالى[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] وليس فيهم من يأخذ الربا وهو من الكبائر وتنفر نفوس المسلمين من الربا وأهله ، وإذا قام أفراد قلائل في أزمان متفرقة بالربا غفلة يتوجه لهم اللوم من عموم المسلمين والمسلمات.
وهم في معرض التوبة إذ يدعوهم القرآن والسنة وأهل الصلاح كل يوم للزوم الكف عن هذا الفعل القبيح المذموم.
ونرجو من المسلمين والمسلمات التذكير والوعظ والإنذار والتنزه عن المعاملات الربوية، والنصح في الأسواق وعبر وسائل الإعلام والفضائيات لطرد الربا ورجاء إستدامة البركة المدركة بالحس والعقل والوجدان، وتهذيب النفوس، وفي الموثق عن الإمام الباقر عليه السلام أن الإمام علي عليه السلام يغتدي كل يوم بكرة فيطوف في أسواق الكوفة ويقف على كل سوق وينادي يا معشر التجار إتقوا الله، فإذا سمعوا صوته القوا ما بأيديهم وأسرعوا إليه بقلوبهم) ومما يعظهم به: ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ثم يرجع فيقعد للناس) وعنه عليه السلام: الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا).
وعلى الدائن وصاحب المال أن يصبر عند حلول الأجل مع تعذر الوفاء وليس له أن يأخذ الزيادة الربوية وإن رضيّ المديون، قال تعالى[وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ].
صالح الطائي
ـــــــــــــــــــــــ
هاتف المكتب: نقال07801436604 -07903700704
ص.ب 233 النجف الأشرف / WWW.MARJAIAA.COM