حكم نقل الحمل

نقل الحمل

(مسألة 17) لو نقل حمل من رحم الأم الى رحم أمرأة أخرى فمن هي أمه؟ الأولى أم الثانية خصوصاً وان النكاح رداء شرعي لصحة الولادة والنسب، ولقد تفضل الله سبحانه فجعل كيفية انعقاد النطفة ومدة الحمل وفق قواعد ونظام ثابت يدل على بديع صنعه وقيام الحجة ومناسبة للهداية التكوينية والتشريعية. واليوم وحيث وصلت الصناعات والإبتكارات العلمية ميدان الولادة والأولاد وتوجه الناس الى الفقهاء وعلماء المسلمين في المسائل الإبتلائية المستحدثة، ظهر بعض التباين والإختلاف في الرأي والفتوى، وتلك حالة صحية ان جاءت وفق الإستنباط وأسس اٌلإفتاء الصحيحة وتدل على سعة الشريعة ولكن الناس قد لا يرضون بهذا من الفقهاء يريدون حكماً بيناً فالشريعة واحدة ولا يبتعد مذهبهم هذا مع بساطته عن الصواب، وربما قالوا ان فقهاء المسلمين جميعاً يرجعون الى القرآن وهو الموجود بين أيديهم ولم تطاله يد التحريف وهو الحجة والدليل وفيه البرهان، وهو منبع ومصدر أحكام الشريعة وفيه تبيان كل شيء وان لم يكن قطعي الدلالة احياناً فكما ان فيه متشابهاً ومجملاً وظاهراً يدل بالدلالة التضمنية على احتمال ضعيف للخلاف ومنسوخاً فأن فيه ايضاً محكماً ومبيناً وناسخاً مما يعتبر نصاً وقطعي الدلالة.

ومسألة نقل الحمل إلى إمرأة اخرى من أوليات العلم الحديث ويكاد يكون حكمها قريباً دليله ظاهراً إستنباطه وكيف يكون التصرف أزاء المسائل الأكثر ابتلاء والتي بان بعضها وتتناسب إطراداً مع التطورات العلمية السريعة في هذا الزمان مما يتعلق بأبواب الفقه المختلفة من الطهارة وإلى الديات.

ولا أدعو الى إصلاح وإيجاد اهلية عالية في مصادر الفتوى الإسلامية فأن ذلك موجود والحمد لله ولكن لابد من هيئات وأنظمة وتعاون وتشاور وتبادل للرأي , وبيان الدليل ومبنى الحكم لا سيما وإن بالإمكان إستثمار الوسائل النقلية والسمعية السريعة وإقامة مؤتمر شرعي خاص بواحدة أو اكثر من المسائل الإبتلائية الحديثة يساعد على بلورة حكم واحد أو أكثر  وبيان الدليل من الكتاب والسنة , وفهم ورأي كل طرف بحكم الآخر وحجته ليكون سبيلاً لارتقاء الصرح الفقهي الإسلامي ومظهراً لوحدته العلمية وشاهداً ودليلاً مترشحاً من وحدة مصادر الحكم الشرعي لا سيما وان المسألة أجنبية عن الخلافات المذهبية في الجملة، وفيه عون ونهج وفعاليات كريمة تحول دون التباين في الرأي بين الفقهاء كما ظهر في مسألة التناسخ البشري ولعل بعضهم تعجل في فتواه ولم يأخذ العنوان الثانوي بالإعتبار وما يترتب عليه من آثار في المضامين العقائدية والأخلاقية والإجتماعية ونحوها وإكتفى في مدركه بالنظر للحكم الأولي والإبتدائي ودرء الشبهة البدوية، ان التعاون الفتوائي في المسائل المستحدثة منعة وعز للمؤمنين وللإسلام وطريق لدرء الفرقة، وسبيل مبارك لإنقياد الناس للأحكام الشرعية وتوجههم لينهلوا من ينابيعها والرجوع اليها عند مواجهة المسائل الإبتلائية.

 وأختلف في هذه المسألة أي نقل الحمل او البويضة بعد تلقيحها من رحم الأم الى رحم آخر على ثلاثة وجوه :

الأول: يكون الولد للأم الأولى.

الثاني: إنه لها لو حصل النقل بعد ولوج الروح.

الثالث: إنه للثانية لعمومات قوله تعالى [إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ] ( )، ولكن الآية أعلاه وردت لبيان حكم الظهار وهو قول الرجل لأمرأته أنت عليّ كظهر أمي، أي شبه الزوجة بالأم، وان الزوجة لا تكون لزوجها أماً بمجرد نطقه بذلك أو أن يترتب عليه أثر نفسي يكون حائلاً بينهما بل بإمكانه إرجاعها وفق الطرق الشرعية , وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية وينشر الحرمة الأبدية بين الزوج المظاهر والزوجة المظاهرة وجاء الإسلام ليجعله موجباً للحرمة المؤقتة، وهي أيضاً تدل على أن الولادة سبب وعلة للأمومة وثبوتها لا سيما وأن القرآن أطلق صفة الأم على غير الوالدة كما في قوله تعالى [وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ] ( )، وفي ازواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى [وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ] ( )، ولعل في هذه الآيات إعجازاً بالإشارة إلى إمكان تعدد الأمهات.

فلا يمكننا أن ننفي الأمومة عن الثانية سواء بأخذ الآية على نحو العموم والإطلاق أو بالإستناد إلى تغذي الجنين وأخذه من صفات الأم الوراثية قهراً، أو بالعمل بالإحتياط، أما الأولى فهي صاحبة البويضة والأم الشرعية تكويناً , وتكونت البويضة في رحمها , وللأصل ولأن الفراش علة تامة لإلحاق الولد لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “الولد للفراش”، وللتمسك بأصالة اللحوق إلا ما خرج بالدليل فيتحصل منه أن هذه المسألة الإبتلائية المستحدثة يترشح منها حكم جديد وهو اشتراك امرأتين في أمومة الولد وكل منهما تكون اماً له من غير ان تصل النوبة للإحتياط ولا معنى للتضييق والحصر بأم واحدة فليس من دليل على ان الأم لابد ان تكون واحدة , وهل كلاهما برتبة حقيقية واحدة أم هناك تباين وتفاوت بينهما وان الأم هنا من اللأمور التشكيكية ولو مات الولد فهل ترثه إحداهما أم يكون الأرث مشتركاً بينهما بالتساوي أو بنسبة معينة او بالمصالحة او القرعة ز

 الجواب: الأم صاحبة البويضة الملقحة شرعاً هي الأم الحقيقية والتي تستحق الإرث , والثانية أصبحت أماً بالعرض والسبب الطارئ ولذا هو يرث من الأولى دون الأم الثانية اذ لا ملازمة بين الأمومة والولادة من جهة وبين الإرث من جهة اخرى في هذه الحالة على الأقل والعلم عند الله.

 

مشاركة

Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn