بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحب أحسن تفســـــــير للقرآن
وأستاذ الفقه والأصول والتفســير والأخلاق العدد: 201
___________________ التأريخ: 21/9/ 2010
وجوب موضوعية ذكر العراق في تسمية مؤتمرات دول الجوار
وجوب موضوعية ذكر العراق في تسمية مؤتمرات دول الجواريطرق سمعي منذ سنوات عن مؤتمرات لدول جوار العراق، وكنت أظن أن التسمية مختصرة فليس من المعقول أن يسقط إسم العراق من عنوان هذه المؤتمرات مع أنه موضوعها، وهو فرد فاعل من أطرافها إلى أن قرأت يوم أمس عنوان المؤتمر الرسمي (الإجتماع التحضيري السابع لوزراء داخلية دول جوار العراق).
والتعريف قد يكون لفظياً وغالباً ما يتصف بالإجمال بقصد وعمد من أهل الجدل والسياسة أو من الشياع, فيقع الخلاف في تفسيره قانوناً ومصداقاً.
أو يكون التعريف منطقياً وبمعنى أخص فهو المعلوم التصوري الموصل إلى مبهم يقع جواب عن (ما) ,ويقسم إلى حد تام وناقص، ورسم تام وناقص، والأول هو التعريف بجميع ذاتيات المعرَّف فلا يصح وصف المؤتمر هذا بأنه مؤتمر دول جوار العراق لعدم إحاطته بكامل الحقيقة المشتركة بين أعضائه، فلابد من جعل موضوعية للعراق فيه فيقال (مؤتمر العراق ودول جواره).
وقد أختلف في علم الكلام في الإسم هل هو عين المسمى أم أنه مختلف عنه، والمشهور والمختار هو الثاني، فقد يتبدل الإسم ولكن المسمى نفسه، وعلى القولين فإن العراق هو موضوع المؤتمرات، وعدم ذكر إسمه مصادرة ظاهرة لحقه حكومة وشعباً.
والعراق بلد الحضارات , وهو محل لعاصمة الدول العربية والإسلامية كلها , وفيه ثلاث عواصم متقاربة , كل واحدة تشهد على حقبة تأريخية وهي :
الأولى: الكوفة أيام أمير المؤمنين عليه السلام.
الثانية: الكوفة وبغداد أيام الدول العباسية.
الثالثة: سامراء في شطر في خلافة بني العباس أيضاً.
بينما يشترك العالم الإسلامي كله في ثلاث عواصم هي المدينة المنورة أيام البعثة النبوية المباركة والشطر الأول والأكبر من الخلافة الراشدة، ودمشق أيام الدولة الأموية، وإسطنبول أيام الدولة العثمانية.
وتتجلى موضوعية العاصمة يوم حنين عندما إنتصر المسلمون على الكفار بعد هجومهم المباغت وهزيمة المسلمين إلا نفراً من بني هاشم ثبتوا مع الذي قال يومئذ (الآن حمى الوطيس أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب) لينزل النصر وقوله تعالى[ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا].
وكانت الغنائم المكتسبة من هوازن من الإبل والشاء لا تحصى، ولما قسّمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعط منها للأنصار فوجدوا في أنفسهم فجمعهم وقام فيهم خطيباً , ومما قال: لو أن الناس سلكوا شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار , ولولا الهجرة لكنت أمرء من الأنصار، فبكوا وقالوا رضينا بالله ورسوله.
نعم قد يقال أنه قياس مع الفارق وأن العاصمة التي فيها رسول الله لها خصوصية لصبغة الوحي والتنزيل والنبوة، وهذا صحيح إلا أنه لا يتعارض مع نيل العراق شرف عاصمة الإسلام المتعددة، وما له من دلالات عقائدية وأخلاقية وفخر متجدد لأهل العراق وأجيالهم المتعاقبة , و لو لم تكن للعراق هذه المنزلة فليس للدول أن تتجاهل عن عمد أو غفلة إسمه في التعريف والعنوان للزوم مطابقته المعنون , وإفادة الدلالة والإنصاف من إسم المؤتمر سواء كان النظر إلى المفهوم وحده بالحمل الأولي كما تقول(الشتاء بارد ممطر) , أو يتعدى إلى المصداق لتكون أفراده مقصودة في الحكم حيث يسمى المفهوم حينئذ عنواناً، والمصداق(معنوناً) ليكون إسم المؤتمر جامعاً لأفراده , مانعاً من دخول غيرها , وآلة لملاحظة الموضوع ولا يمتنع صدقه على واقعها.
فيجب أن يتغير إسم هذه المؤتمرات بما يجعل موضوعية وعزاً للعراق فيها، وقد نقترح مستقبلاً أن يكون العراق الرئيس لها ونسأل الله أن يكون موضوعها سالبة بانتفاء الموضوع وإستقرار العراق على نحو الدوام.
والوثائق ومنها الإسم باق وهو من الوجوه التي يستدل بها في علم الكلام على التباين بين الإسم والمسمى، وبأن المسمى يزول ولكن الإسم باق.
ومع الإنشغال في دروس الحوزة وصدور الجزء السادس والسبعين من التفسير وما زلت في بداية الطريق فأرجو العناية بالأمر، وأدعو مجلس الوزراء والنواب الكرام لدراسة الأمر ويرجى من وزير الداخلية توزيع هذا البيان في المؤتمر في البحرين غداً وأرجو من المواقع العراقية في الداخل والخارج والمدونين والتي أسميها(السلطة الخامسة) والتي سيكون لها شأن أكبر السعي ليكون إسم هذه المؤتمرات ( العراق ودول الجوار ) وليس مؤتمرات دول جوار العراق.
وإعتبار إسم العراق تنمية لملكة المواطنة لأبنائه، وعز في المحافل الدولية ومنع مما فيه غضاضة، بعد الضرر الذي لحق به من جهالة وجور الحاكم المقبور وآثار جاثوم الإحتلال , وتعدي الإرهابيين والزمر الإجرامية, والعلم عند الله .
لو كنت من مازنٍ لم تستبح إبلي … بنو الشقيقة من ذهل بن شيبانا.
حرر في النجف الأشرف صالح الطائي
21/9/2010