بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحب أحسن تفسير للقرآن
وأستاذ الفقه والأصول والتفسير والأخلاق العدد:254
____________ التاريخ: 27/3/2012
م/ظاهرة الدمى شبه العارية
الحمد لله الذي بارك في التجارة وجعلها باباً للكسب الطيب من غير عناء ومشقة في الطلب , وهو من عمومات قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تسعة أعشار الرزق في التجارة و الجزء الباقي في السابياء أي الغنم)( )، مما يملي على التجار الشكر لله بسنن التقوى , وبغض النظر عن المبحث الكلامي بأن الرزق ما جاء من عند الله عز وجل إلى الحيوان فإنتفع منه على قول الأشاعرة، وما ذهبت المعتزلة إلى القول بأن الحرام ليس برزق، وكل إستدل بآيات من القرآن تعرضنا لها في التفسير
فأن عدداً ليس بالقليل من محلات عرض الملابس في مدن عديدة تعرض دمى كبيرة من البلاستك بهيئة المرأة شبه العارية وليس عليها إلا الملابس الداخلية , أخبرنا به عدد من الفضلاء والمؤمنين مقروناً بالأسى والحسرة، وكذا الزوار من المؤمنين والمؤمنات الذين دخلوا أسواق مدننا بعد عشرات السنين التي قضوها في المهجر فأفزعتهم وأثارت إستغرابهم ظاهرة هذه الدمى التي تبعث النفرة لأنهم رأوا فيها ضداً ونقيضاً لما هو راسخ في الوجود الذهني من قدسية مدينة النجف على نحو العموم الإستغراقي الذي يشمل أسواقها وأزقتها ومنتدياتها وبيوتها وما يترشح من الخلق الحميد وإشراقة الآداب العامة من ضريح الإمام علي عليه السلام، وإفاضات جواره وحسن سمت أهلها ومقامات المرجعية، وهذه الدمى ليست جديدة في أسواق العراق والعالم الإسلامي، ولكن كنا نراها محلاً لعرض العباءة ولباس الحشمة، فما عدا مما بدا.
لذا نهيب بالمؤمنين أصحاب هذه المحلات جعل هذه الدمى مرآة للستر وثياب العفة، ومن وظائف دوائر البلدية والأجهزة الرسمية الأخرى ومجالس المحافظات والمجالس المحلية المنع مما يخدش بالآداب العامة، فقد كثرت الشكوى من هذه الظاهرة وأشار إليها خطباء المنبر أيدهم الله، ونشر في بعض أمصار الخليج (أنذرت إدارة الصحة العامة المحال التجارية بسبب عرض ملابس نسائية في واجهة المحل الزجاجية بطريقة تخدش الحياء العام وأمهلت الإدارة صاحب المحل فرصة لتعديل الأوضاع خلال مدة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة وفي حالة عدم الاكتراث بالإنذار بعد المهلة المحددة سيتم إصدار مخالفة وتحويل الملف للنيابة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وناشد المصدر نفسه أصحاب المحلات التجارية بمراعاة واحترام عادات وتقاليد المجتمع المحلي كما ناشد الأهالي بعدم التهاون في الإبلاغ عن وجود مثل هذه الحالات جاء ذلك بعد أن تلقى قسم الطوارئ التابع للبلدية بلاغا يفيد بوجود دمى في واجهة أحد المحال التجارية شبه عارية مما تسبب في خدش حياء المارة وزوار المركز التجاري)
كما أننا نخشى من دخول الدمى الجنسية المستوردة إلى البيوت
وهل ظاهرة الدمى شبه العارية وما عليها من الملابس الداخلية من عمومات الحديث القدسي: إن خير البقاع المساجد وإن شر البقاع الأسواق) الجواب نعم، ونعهد بأصحاب المحلات وأرباب الأسواق في النجف الأشرف وكربلاء أنهم ظهير للحوزة، وشاطرونا وأبناؤهم مآسي التعذيب في غيابت السجون، وقد أصدرنا بيانا قبل سبع سنوات وفيه أن النجف والحوزة إذا إجتمعا إفترقا وإذا إفترقا إجتمعا، وكذا بالنسبة لمحافظات وأقضية العراق الأخرى فهم مرآة ومدد ومؤازر للحوزة العلمية فنرجو منهم جميعاً الحفاظ على الصبغة الإسلامية للأسواق، والحذر والحيطة، والتحلي بآداب التجارة والتفقه في أبوابها، وفي (الأمالي) كان أمير المؤمنين عليه السلام كلّ بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، فيقف على سوق سوق فينادي يا معشر التجار: قدموا الإستخارة، و تبركوا بالسهولة، وإقتربوا من المبتاعين، و تزيّنوا بالحلم، وتناهوا عن الكذب و اليمين، و تجافوا عن الظلم، و انصفوا المظلومين و لا تقربوا الربا، أَوْفوا المكيال والميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثَوْا في الأرضِ مفسدين , ويطوف في جميع الأسواق فيقولها ثم يقول:
تفنـــي اللذاذة ممّن نال صفوتها من الحرام و يبقـــــــــى الإثم والعــــــــــار
تبقــى عـــواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النــــــــــار
ونصدر هذا البيان ونحن في المراحل الأخيرة من إصدار الجزء الحادي والتسعين من التفسير بجهود شخصية إذ يقوم الشيخ الطائي بالكتابة والتصحيح والمراجعة بمفرده والحمد لله، ونبعث الجزء التسعين هدية إلى شطر من أرباب هذه المحلات مع البيان في إشارة منا إلى معالجة الأمر بالحكمة والأخوة الإيمانية والموعظة والنصح ولا يجوز إتلاف هذه المجسمات لقاعدة إحترام مال المسلم وإمكان إستعمالها إستعمالاً صحيحاً ويحرم إيذاء أصحاب تلك المحلات قولاً أو فعلا فقد لا يرون أو يلمسون فيها ما ينافي الأعراف، ولو كانوا يعلمون كثرة الشكوى التي تصلنا من المؤمنين لشاطرونا الأسى، وأولوا الأمر عناية خاصة. وهناك محلات عديدة لا زالت تعرض عليها لباس الحشمة أو تتنزه عنها من الأصل, [وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ].
وإذ تحرم صناعة هذه المجسمات من ذوات الأرواح , ويجوز إقتناؤها والتعاقد عليها لغاية محللة على كراهة، فان عرضها بهيئة فاضحة وشبه عارية، على مدار السنة قد يلحق بعمومات قول الإمام علي عليه السلام إياكم وعمل الصور، فإنكم تساءلون عنها يوم القيامة) ، بذاتها وبأثرها السلبي على الأطفال والناشئة ذكوراً وإناثاً , والعلم عند الله , قال تعالى[وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ]سورة آل عمران 104.
حرر في النجف الأشرف صالح الطائي
6 جمادي الأولى 1433هـ