بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
م/قراءة خليجية في الزواج
الحمد لله الذي أكرم المرأة بان أسكنها الجنة ولازمت الرجل في وجوده على الأرض وتحملت معه المحن والإبتلاء وشاركته السعادة والشقاوة، وكانت عوناً له لا يستطيع التخلي عنه، وتجلت المشاركة بتعاهد الوجود الإنساني على الأرض بالزواج كواقع وحاجة ونظام ملازم للحياة ومتداخل معها، فاذا اجتمع النكاح والحياة افترقا واذا افترقا اتحدا.
ويمتاز الاسلام بوضع أحكام متكاملة للزواج تدخل ضمن الإطار التشريعي ووفق القرآن والسنة منها تعدد الزوجات وأهلية البنت للنكاح عند إتمام التاسعة من عمرها وكلاهما على نحو المباح، وقد يكون الأولى عدمه والإكتفاء بزوجة واحدة، وتأخر نكاح البنت الى سن مناسبة بحسب الحالة الشخصية والمزاج والمناخ لأن أحكام الاسلام تتضمن الحدود العليا وتلاحظ مختلف الاحوال والاحتمالات مع ملائمتها لجميع الأزمنة ومختلف الأمكنة في توكيد على موضوعية الزواج للمرأة والمجتمع.
ومما هو معروف كثرة عدد النساء بالنسبة للرجال في امصار الخليج العربي بالاضافة الى ظاهرة جلب الزوجات من الخارج والتي ستشهد اتساعاً مع التداخل الحضاري والتقارب السكاني على حساب المرأة الخليجية وفرصتها وحقها في النكاح من الكفئ وتحقيق الآمال والطموحات، في حين تحول الأنظمة والعرف والأسرة والتقاليد في اختيارها للزوج والزواج المبكر، وهي الخاسر الأكبر من اختلاط قريبها وجارها وابن بلدها ببنات الأشقر والأصفر، وأخشى ان تهدد هذه الظاهرة العراق ونساءه في ظل الاحتلال ولحاظ ما يترشح عنه من الكيد والفتن.
لذا أرجو من المؤسسات الدينية والحكومية والاجتماعية والاعلامية في الخليج دراسة الحد من ظاهرة العزوبة عند النساء واتخاذ كافة الاسـباب الشرعية لمنع بلوغ البعض منهن سن العنس، مع السعي المنظم لتخفيف المهر وتقليل نفقات الزواج ومؤونة حفلات العقد والعرس، وتظافـر الجهود الشــخصيــة والجماعية لمعالجة الأمر على نحو العموم الاستغراقي والقضية الشخصية لكل فتاة لم تتزوج بعد.
كما أرجو وضع الحوافـز المادية المناسبة للذين يختارون زوجاتهم من نفس البلد الخليجي والمبادرة لتوفير السكن اللائق لهم، والحيلولة دون كثرة الطلاق كأبغض الحلال الى الله، وادعو الى تشكيل منظمات نسوية في كل أقطار الخليج للمسـاعدة في رفع الحيف والغبن عن المـــرأة في باب النكاح وإيجاد صــيغ التعجيل في زواجها وتهيئـــة اســبابه ومقدماتــه، وإدراك الشباب لأهميته واعتباره ضمن مفاهيم الهوية والآثار الاجتماعية، بشرط عدم المطالبة بما يخالف الشريعة السمحاء وحق الرجل في اختيار زوجته بغض النظر عن الجنسية والقومية.
وقد حرصت على ان أطبع في الخليج رسالتي الموسومة (حجة النساء) وهي أول رسالة عملية للمرأة إكراماً واعتزازاً بالمرأة الخليجية التي تتصف بالإيمان والصلاح مما يحتم على الجميع إعانتها ورعايتها ومساعدتها في استدامة احرازها مراتب الهداية والرشــاد لتبقى اســـوة حسنة لجميع المسلمات ومثـالاً اخلاقياً نفتخر به ونحتاج اليه في زمان العولمة وما يرافقها من الشرور، وفي الموثق عن الصادق عليه السلام: "من أخلاق الأنبياء حب النساء".
حرر في 16/6/1425 هـ / المنامة صالح الطائي