بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
[أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا] ( ).
الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض وإليه ترجع الأمور، والذي نفخ من روحه في آدم , وصيّره خليفة في الأرض , قا ل تعالى [وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ] ( ).
وجعل الله عز وجل الحياة الدنيا دار إختبار وإمتحان ومزرعة للآخرة , و مناسبة لتعيين محل الخلود فيها , فأما في النعيم الدائم , وأما في الشقاء والعذاب الأليم.
ومن أسرار نفخ الروح في آدم أن الإنسان يعرف بالعقل والوجدان والحس أن عاقبته في الدنيا هي الفناء والزوال مما يملي عليه التهيء لما بعد الموت الذي جعله الله عز وجل أمراً وجودياً , قال تعالى [خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ] ( ).
ليتدبر الإنسان في ضعفه وماهيته , ويتخذ الشواهد في الدنيا آية ومناسبة لإقتباس الدروس والمواعظ خصوصاً إذا إقتطف الموت بغتة شخصاً عزيزاً وقريباً منه, أو جاء الأجل لأحد العلماء .
وورد في تفسير الآية أعلاه من سورة الرعد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله [نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا] ( ) قال : ذهاب العلماء ( )، وعن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه يسخي نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله: ” أو لم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها )، وهو ذهاب العلماء ( ) أي أن هذه الآية تبعث الشوق في النفس للقاء الله.
ويقسم العلم من حيث الجهة والمصدر والماهية إلى علم موهبة وعلم
مكتسب , ومن الثاني العلوم الدينية ومعرفة الأحكام الشرعية وأبواب
الحلال والحرام وغيرها من العلوم كعلم الأبدان.
وهل ينحصر موضوع ومصطلح العلماء بالذكور دون النساء للفظ التذكير فيه ولأنه من مصاديق الجهاد والتفقه في الدين, أم يشمل النساء أيضاً.
الجواب هو الثاني , لأصالة الإطلاق , ولأن لغة التذكير للفرد الأكثر والمتعارف , ولغلبة التذكير كما يقال القمران , ويراد الشمس والقمر , مع أن الشمس أقوى في ضيائها من القمر في نوره، قال المتنبي:
فما التأْنِيثُ لاسم الشَّمْس عَيْبٌ … ولاَ التذْكِيرُ فَخْرٌ لِلهلاَلِ.
ولأن المدار على عموم اللفظ وأهلية المرأة لإكتساب العلوم والمعارف مثلما يتوجه إليها الخطاب التكليفي بعرض واحد مع الرجل كما في قوله تعالى [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] ( )، الذي يشمل الرجال والنساء. نعم العلماء أعم من مرجع التقليد , وبين المرجع والعالم عموم وخصوص مطلق , وكل مرجع جامع للشرائط هو عالم وليس العكس , قال تعالى [إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ] ( ).
وقد ذكرت في رسالتي العملية (الحجة) , وحجة النساء شرط الذكورة في مرجع التقليد وهو المشهور.
وكانت فاطمة الزهراء عليها السلام عالمة ومحدًّثة، وهو خاص بشخصها الكريم لحديث البضعة والعصمة ولأن علمها وهبي, أما العالمات من النساء فإن علمهن يأتي بالإكتساب والتعلم وطول المزاولة والسعي في نيل المعارف، وهو من عمومات قوله تعالى[كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ]( )، فمن مصاديق(خير أمة) إرتقاء المسلمات في مراتب المعرفة ومقامات العلم، ليصبحن أسوة للنساء في الصلاح والهداية , قال تعالى [وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا] ( ).
الولادة والتسمية
في بيت من بيوت حي الحمّام في مدينة المنامة عاصمة البحرين وفي يوم 8/8/1953م ولدت زوجتي فاطمة , بعد أخيها أحمد, وإختار لها أبوها الحاج خليل إبراهيم محمد علي الصفاف اسم [فاطمة] وهو اسم مبارك ولعله أكثر أسماء النساء شيوعاً في العالم , كما أن اسم محمد أكثر الأسماء . وإذ تتعدد الأسماء التي يراد منها التبرك والتأسي ومحاكاة اسم الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثل اسم أحمد , طه , محمود , مصطفى، فكذا محاكاة فاطمة في أسمائها.
وفي رواية عن الصادق عليه السلام : لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند الله عز وجل , فاطمة , والصديقة , والمباركة , والطاهرة, والزكية, والراضية, والمرضية, والمحدثَة, والزهراء( ).
وأختلف في الاسم هل هو عين المسمى أم أنه غير المسمى، والصحيح هو الثاني إذ أن الأسماء تتبدل بخلاف المسميات , ويتأخر الاسم في وجوده عن المسمى , والاسم هو لفظ وضع للدلالة على الجوهر أو العرض بمعزل عن أفراد الزمان الطولية الماضي والحاضر والمستقبل.
وإختيار الاسم الحسن تفاؤل ورجاء للإقتداء بالسيرة النبوية المباركة ومنهج أهل البيت ,وهو من وظائف الوالدين أزاء ولدهما ذكراً كان أو أنثى.
ومن الأمور الحسنة المتوارثة عند عموم المسلمين والمسلمات إختيار اسم [فاطمة ] والأسماء الإسلامية الأخرى لبناتهم، وهو من الشواهد على وحدة المسلمين , وبركات الزهراء في نبذ الفرقة بين المسلمين اذ يتفقون على أنها سيدة نساء العالمين في الجملة , وأنها بضعة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه آله وسلم( ). وفيه دليل على رجاء المسلمين لصلاح وعفة بناتهم
والسبق في الصالحات والتحلي بالخصال الحميدة.
ولم يكن اسم فاطمة مجرداً بل له دلالات أخلاقية وعقائدية تتجلى في النصوص والأخبار التي وردت في معناه ومفاهيمه , وأصل الفطم في اللغة القطع , يقال فطم الرضيع فطماً أي فصل عن ثدي أمه , ويقال فطمتك بالعلم أي لقنتك إياه أي قطعتك به عن الجهل, وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحى الله عز وجل إلى ملك فانطق به لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم فسماها فاطمة ثم قال : إني فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث( )، وعن الإمام علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها سميت فاطمة لأنها فطمت هي وشيعتها من النار وروي الحديث عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي.
وفي خبر السكوني قال: “دخلت على الإمام جعفر الصادق عليه السلام وانا مغموم مكروب، فقال لي: يا سكوني ما غمك، فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: يا سكوني على الارض ثقلها، وعلى الله رزقها تعيش في غير اجلك، وتأكل من غير رزقك، فسرى والله عني، فقال: ما سميتها، قلت: فاطمة، قال: آه، آه، آه، ثم وضع يده على جبهته، ثم قال: اما اذا سميتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها”. ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن يعقوب( ).
ويتضمن الحديث دروساً أخلاقية وعقائدية وأدبية منها:
الأول : عناية الإمام الصادق عليه السلام بالأحوال الشخصية لأصحابه توسماً وسؤالاً ومتابعة.
الثاني : تقديم عنصر التوكل على الله عز وجل في النظر الى الأمور ومعالجة القضايا.
الثالث : ان الإمام عليه السلام في مقام البيان، وإستقرأ موضوع الغم
الظاهر على وجه السكوني ليكون مدخلاً لتوكيد عظيم النعمة بالمولود وان
كان أنثى.
الرابع : إستجابة الأصحاب لمضامين قوله، وحدوث التبدل التام في وجهات نظرهم بمجرد سماع قول أو رأي الإمام لما يتضـمنه من الحكمة، وما يعنيه في مقام الحجة والبيان.
الخامس : حرص الإمام عليه السلام على معرفة اسم المولودة الجديدة، الأمر الذي يدل على أهمية إختيار الاسم وموضوعيته وإرادة الإمام تأديب أصحابه وإرشادهم في هذا الباب.
السادس : شيوع اسم فاطمة وحسنه الذاتي والعرضي، والمبادرة لإختياره.
السابع : إستحضار الإمام الصادق عليه السلام لذكرى أمه الزهراء عليها السلام وبامارات الحزن حالما سمع اسمها والتسمية به، وفيه درس للمؤمنين لإكرامها عند ذكرها.
الثامن : ما لاسم فاطمة من الشأن والأثر، والمسؤولية الأخلاقية والأدبية لقوله عليه السلام [اما اذا سميتها..].
التاسع : يحث الإمام الصادق عليه السلام على تسمية البنات باسم فاطمة عليها الســلام وأسمائها الخاصــة بها على نحو الترغيب، فخطـابه وان كان موجهاً إلى السكوني إلا أنه ينحل في متعلقه ليشمل المؤمنين كافة.
العاشر : إكرام البنت التي سميت باسم فاطمة وإجتناب إهانتها أو الإساءة اليها إجــلالاً للزهراء عليها السلام. وفي الوســائل باب اسمه: إستحباب إكرام البنت التي اسمها فاطمة وترك إهانتها، وهو لايتعارض مع إكرام التي تحاكي الزهراء في المسمى أي التقوى والزهد والعمل الصالح، وطوبى للتي تجمع بين الاسم والمسمى في محاكاة الزهراء[وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ]( ).
الحادي عشر : إذا كان عند كل مسلم وفي كل بيت بنت اسمها فاطمة
فهل يحدث هذا الأمر إرباكاً في المجتمع من جهة تداخل وإختلاط الأسماء، او انه يبعث على السأم والحرج لما فيه من التكرار والكثرة لاسم واحد أو أنه أمر مبارك وحسن ذاتاً وعرضاً.
الجواب: هو الثالث، للإفاضات الإلهية على اهل البيت عليهم السلام والمسلمين والمسلمات، ويعتبر إنتشار وشيوع اسم فاطمة عليها السلام وأسماء الصالحات من المسلمات مرتكزاً للأخلاق الحميدة.
الثاني عشر : يضفي اسم فاطمة على المولودة عزاً وجلالة، وفيه دعوة لإحترامها.
الثالث عشر : توكيد الإسلام على إكرام المرأة بل والطفلة الصغيرة، لما يدل عليه الحديث من قابلية الموضوع وهو صلاحية ذات المرأة للإكرام والإحترام، وكأن الاسم محمول أو عرض.
الرابع عشر : دعوة الناس للتدبر في معاني ودلالات إقتداء المسلمين بائمتهم في باب الأسماء ومحاكاتهم في الأفعال , قال تعالى[فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ]( ).
فداء العترة وطلب العلم
تتولى المرأة في مجتمعاتنا وظائف إضافية عرفية خصوصاً بعد الزواج وإنجاب الأولاد والعناية بهم، فترى العالمات بين النساء قليلات ومنهن الفقيدة الراحلة التي تصدر مؤلفاتها باسم فداء العترة والذي جعلته نبراساً وحرصت على أن تكون له مرآة، فنذرت نفسها للعلم والدين بصبغة التقوى والصلاح. وقامت بتأليف وإعداد وجمع نحو مائتين من الكتب الإسلامية.
وتولت تنضيد وتنسيق أكثر من ستين جزءاً من تفسيري للقرآن من معالم الإيمان في سورة البقرة وشطر من سورة آل عمران, وساهمت في تنضيد الأجزاء الخمسة من رسالتي العملية [ الحجة ] وشطر من كتبي الكلامية وتقريرات بحثي الخارج في الفقه والأصول ,وجزئي [ حجة النساء ] في العبادات والمعاملات , وأشرفت على طبعهما في البحرين بحلة بهية , وفيه تنمية لملكة المعرفة والتفقه عندها .
وكانت تقضي أكثر ساعات الليل والنهار أمام الكمبيوتر تأليفاً ونظماً للشعر في العقائد والأخلاق ومدح أهل البيت عليهم السلام , وهي رائدة إحياء تراث البحرين في هذا الباب، وأعادت كتابة المؤلفات القديمة بخصوص واقعة كربلاء وحياة الأئمة عليهم السلام.
وبذلت جهداً كبيراً في جمع المئات من الكتب والأوراق البالية لتبعثها بإشراقة وتنسيق يتناسب مع التطور العلمي والتقني , وسخرت كثير من المؤمنات أنفسهن لأحضار تلك الكتب وجعلها بين يديها , وتوليت إعادتها إلى أهلها بعد إنتقالها إلى الرفيق الأعلى , وسيبقى عملها في هذا الباب فريداً من نوعه لم يسبقها إليه أحد , وقد لا تلحقها فيه غيرها، فهو عمل مؤسسة كبيرة أنجزته بمفردها ومالها الخاص الذي كانت تدفع لي خمسه لتكون سبباً في خروج العشرات من تفسيري للقرآن (معالم الإيمان في تفسير القرآن) للناس وما فيه من إستظهار لكنوز القرآن وعلوم مستحدثة في علم التفسير والعلوم الأخرى ليكون لها شأن وتعضيد في أفضل كتاب مؤلف في تأريخ الإسلام بفيض من الله وبركة القرآن، قال تعالى[وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ]( ), وهي من أول المؤمنين والمؤمنات الذين عدلوا إلى تقليدي.
ولم تفتر عن الكتابة وإصدار الكتب المؤلفة الى أن وافاها الأجل , وهي أكثر الناس الذين أنعشوا طباعة الكتب وتنشيط حركة وعمل المطابع في البحرين، وترى أحياناً أكثر من مطبعة تطبع لها في آن واحد كالمطبعة العالمية ومطبعة الفجر في مملكة البحرين، إلى جانب مطابع بيروت بواسطة مكتبات البحرين، وكما مدون على أغلفة بعض كتبها، وتركت في مكتبتها كتباً قديمة لم تستنسخ بعد , علماً بأنها لا ترضى ولا تكتفي بالإستنساخ بل تقوم بالتصحيح والتنقيح والإضافة النافعة حيث يقتضي الأمر، فتخرج الكتب ذات بهجة تجذب المؤمنات والمؤمنين لقراءتها في المجالس والمآتم ومطلقاً.
وكانت غرفة منامنا في كل من البحرين والنجف كورشة عمل، فيها منضدتان متجاورتان، إحداهما لي والأخرى لها، نمضي أكثر ساعات اليوم وشطر من الليل في الجلوس عليهما للكتابة والتأليف ، وهو من مصاديق قوله تعالى[قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ]( ).
وكانت رحمها الله تجمع العلم والعمل به، وتحرص في ذات الوقت على أداء وظائف الزوجية كاملة , وظلت أسوة كريمة في حسن التبعل، وهو أمر يعرفه الرجال والنساء ممن يعلم مقامها عن قرب أو يسمع بها , لذا كانت وفاتها فاجعة ومصيبة أحزنت المؤمنين والمؤمنات لما تتصف به من حسن الخلق والسمت والأدب الرفيع.
النشأة
ما أن بلغت فاطمة سن السادسة من العمر حتى إلتحقت بأختيها الكريمتين صفية وبدرية العرّيض في المدرسة الشمالية للبنات في فريق الفاضل في المنامة مع صعوبة دخول البنات المدارس آنذاك , وكانت تخرج معهما فرحة كل صباح، وفي البيت تمدان لها مع الوالدين يد المساعدة والحنان،وإلتحقت معهن في ذات المدرسة أختهن فوزية، وأظهرت فاطمة تفوقاً في الدراسة، وإنتقلت إلى ثانوية المنامة المجاورة لدارها، ثم أكملت التوجيهي العلمي في السنة الدراسية 69- 70 كما في حديث صديقة عمرها الأستاذة فضيلة المخرَق.
شهاداتها
بعد تخرجها من الدراسة الثانوية ذهبت للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت ضمن أول دورات تبعثها الحكومة البحرينية، لتتخرج منها سنة 1972، وأهدتها رئاسة الجامعة قلم حبر شيفرز مطلي بالذهب دفعته لي بعد الزواج لإتخذه آلة لكتابة سفر التفسير الخالد.
وبعد بضع سنوات سافرت إلى لندن لتدرس هندسة الإتصالات فتخرجت مهندسة بمرتبة الشرف لتكتب عنها بعض الصحف عند تخرجها بأنها أول امرأة في العالم في إختصاصها ودخلت دورات تخصصية كثيرة موثقة في الكمبيوتر والبرمجة والإدارة والمالية ومهارات الإشراف والهلال الأحمر، وحصلت على شهادة الدبلوم العالي في الاتصالات والإلكترونيات من مجلس تعليم الأعمال والتقنيات في لندن بالوثيقة المرقمة21030B في كانون الأول 1985.
حياتها العملية
تولت في شركة بتلكو للإتصالات إدارة وتشغيل وتصليح أجهزة الكومبيوتر الضخمة، والإشراف على إختيار وشراء بعضها لنحو عشرين سنة، وعندما أحالت نفسها على المعاش المبكر عند إجراء عقد زواجنا كتب عدد من الموظفين بطاقات تقول: “كنت خير أخت، وخير رئيس”.
فلقد لذلت الوسع في خدمة البحرين، وشركة الإتصالات وكانت أحياناً تتم أعمال الدائرة إلى الليل في البيت بهمة عالية.
ومن فضائلها أنها كانت تجمع بين الإخلاص في الوظيفة , والعمل والاجتهاد في تأليف الكتب الاسلامية بعد ساعات الدوام لتبقى إلى ساعة متأخرة من الليل تكتب وتصحح , وتعيد كتابة ذخائر التراث الاسلامي ومدائح آل بيت النبوة , ليكون عملها هذا نقلة نوعية وتجديداً لعالم المكتبة وإحياء للتراث , ومساهمة في الإرتقاء العلمي في المنبر، وإصلاحاً للمآتم، وأسست مكتبة الطائي لعرض كتبها ومؤلفاتها التي شهدت ولا زالت إقبالاً كبيراً، وتعرض فيها بعض مؤلفاتي.
سبب الزواج
فرد نادر أن يحدث زواج من مهندسة خليجية في العراق في التسعينيات، ولكن المشيئة لله عز وجل وحده، أبى إلا أن تبقى أبواب الرحمة مفتوحة للناس جميعاً بما يفوق عالم التصور , ويتعدى الحدود المستحدثة.
حينما تم التعرف عليها لم تتردد في الموافقة والقبول بتفاصيل تبين إن شاء الله في طبعة لاحقة، والسر أنها كانت قد رأت رؤيا قبل خمس عشرة سنة على زواجنا يقف فيها الإمام المهدي عليه السلام على تلة مرتفعة ويقف شيخ يرتدي العمامة البيضاء أدنى منه ، وقصت القصة على أخواتها، وسألتها إحداهن يومئذ: من هو هذا الشيخ أتعرفينه؟ فكان جوابها : لا، وعندما رأتني حين خطبتها، قالت لهن : أتذكرن تلك الرؤيا هو ذا الشيخ، وكنت أوان الرؤيا في السجن وليس ثمة مدة أو صلة قبل الخطبة، فقد رأيتها نحو دقيقة فسألت الله فبادرتُ لإرسال بعض المؤمنات لخطبتها ، قال تعالى[وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ]( ).
قلة مهرها
ولعقد القران بيننا حكاية وعبرة، فقد تم في اليوم الأول من شهر رمضان بواسطة الهاتف مع صعوبة الإتصال ورداءة الخطوط الهاتفية مع العراق سنة1998، وكان الإتصال لا يتم إلا عبر البريد المركزي في بغداد ولمدة خمس دقائق حصراً، فسألتني عن مقدار مهر الزهراء فقلت لها أنه خمسمائة درهم فضة وكل درهم2,52 غراماً، فقالت مهري كمهر الزهراء عليها السلام فتفاءلت خيراً لأنه أمارة على البركة واليمن في الزواج، وحالما تم القبول والإيجاب بيننا إنقطع الخط قبل أن تتم الدقائق الخمسة ، ليبقى هذا اليوم إشراقة مباركة ومقدمة لإظهار سفر تفسيرنا الخالد للأجيال المتعاقبة، ومناسبة للإستغفار والدعاء لها بالرحمة والرضوان.
وأجري حفل القران في مأتمنا في السنابس/البحرين , وليس معهم إلا صورتي التي على غلاف كتابي الصيام فلسفته وأحكامه لبيان بركة الصيام وكانت أهزوجة النسوة يومئذ هي : بيني وبينك برّ وبحر شجّيَبك ليّ.
لبيان البعد الشاسع بين العراق والبحرين وعوائق وقيود السفر والتأشيرة , فبفضل الله عز وجل والدعاء تطوى المسافات , وتزول العقبات , ويقرب البعيد , قال تعالى [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا] ( ).
وتم العقد الرسمي في المحكمة الشرعية في البحرين بتأريخ 14/ 1/1998، ولم أكن حاضراً فيه، وليس من جواز سفر عندي يومئذ.
فبعثت للسيد الفاضل علوي الدرازي وكالة مع إذن بالموافقة على أي شرط تطلبه، ولكنها لم تكتف بالإمتناع عن الشرط، بل قامت بدفع المهر من مالها الخاص، وقدمت هدية للوكيل وللكاتب والشاهد , ودفعت قيمة الحلي الذهبية ومنها دبلتا الزواج وساعة لي وأقامت في مأتم البتول في البحرين الذي شيدته من مالها الخاص حفلاً بهيجاً لذوي القربى والصديقات والمعارف بمناسبة العقد، ولم تر تلك النسوة العريس إلا بواسطة صورة على غلاف كتابي (فلسفة وأحكام الصيام).
إستقبال العروس وأهلها
من فضائلها أنها شيدت مأتم البتول في السنابس والذي يقام فيه مجلس أسبوعي دوري الى جانب نشاطات إجتماعية وأدبية أخرى , وقد أكدت في وصيتها لي بلزوم تعاهد المأتم والعناية بكتبها ومؤلفاتها.
ولا يخلو مجيؤها للزواج من مشقة بالغة، إذ جاءت وأهلها مع مقاول عن طريق البحرين سوريا بالطائرة، ثم إستقلوا السيارة من سوريا للحصار الجوي الذي كان مفروضا على العراق في التسعينيات وكنت في انتظارها عند سيطرة الغزالية في مشارف بغداد مع جمع كبير من فضلاء الحوزة العلمية والمؤمنين منهم الدكتور كامل الجبوري واللواء الحقوقي عبد الزهرة محمد الأسدي والحاج محمد حسن الخفاجي والأخ عدنان خنفور والمهندس فلاح الصراف وصلاح الصريفي من النجف الأشرف، ومنهم فضيلة السيد الشهيد إياد شبر , وكل من فضيلة السيد عبد الرحمن الموسوي وفضيلة الشيخ علي البهادلي وفضيلة الشيخ علي البغدادي وفضيلة السيد علاء الناجي والشيخ هيثم , والحقوقي طاهر إسماعيل والحاج صلاح مهدي الأخرس وأصدقاؤه وآخرون في يوم بهيج مرت عليه عشرون سنة ، وتفضل بتولي مقدمات ومستلزمات الحال الأخوة الكرام الحاج مهدي خضير العراقي والمهندس عزيز حسن الشمري والأستاذ أبو إزدهار وأبو قاسم والحاج جبار عزيز رجاء الثواب.
ولا أزال مقصرا بالشكر لله عز وجل على فيضه ويمنه وعذوبته , وصار مقدمة نورانية ليخرج سٍفر التفسير هذا إلى الناس وكتبي الفقهية والأصولية وأن أشرع بتدريس البحث الخارج للفقه والأصول والتفسير والأخلاق في الحوزة العلمية بعده بسنة واحدة بمضامين وقوانين جديدة مستنبطة موثقة في تقريرات البحث ( )، وأوزع العطاء على طلبتي وان كان فضل الله وسبله وكيفياته من اللامتناهي، فان لم يأت بطريق يصل بطريق آخر مثله أو خير منه، [اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ]( )، .
وبقينا في موضع الإستقبال المتفق عليه معها إلى الغروب في حشد مهيب
ورحبّ بنا منتسبوا سيطرة الغزالية ، ولكن عندما كثر فضلاء الحوزة النجفية بزيهم المبارك وعمائمهم السوداء والبيضاء وطال وقوفنا ورصدنا لكل سيارة قادمة , ورمق وإطالة ركاب السيارات المارة النظر إلينا باستغراب، طلبت السيطرة منا الإبتعاد [فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] ( ).
وكنا قد أعددنا حفلاً عند بيت الأستاذ محمد أطيمش المجاور للسيطرة، وقامت زوجته أم مهدي الزبيدي بإعداد حلويات ومرطبات خاصة وكنت قد زرتهم وفضيلة السيد أياد شبر قبله بأيام , وتبين أن العروس وأمها وأخوتها إجتازوا السيطرة قبل مجيئنا بعشر دقائق وقبل الموعد المحتمل للوصول وغادروا إلى النجف الأشرف، ولم تكن يومئذ هواتف نقالة.
وحينما تم عقد الزواج المبارك بيننا ضربت الحجاب على وجهها بإختيارها، وأحالت نفسها على المعاش المبكر من رئاسة شعبة الهندسة في بتلكو للإتصالات وضحت بأكثر من ألفي دولار الفارق بين راتبها الشهري والمعاش , للتفرغ للتأليف في العلوم الإسلامية, وحسن التبعل ولإختيارها جوار الإمام علي عليه السلام إذ أن دارنا لا يبعد عن مرقده الطاهر إلا نحو مائة وخمسين متراً، وكانت تواظب على زيارته وتحرص على زيارة الحسين عليه السلام، ولكنها تذهب في أيام ليس فيها زحام لتلتصق بالشباك الطاهر، وتزور عن قرب , والفضيلة يصاحبها الزحام , فكنت أجمع بين الأمرين , أو التناوب بين زيارة الفضيلة وغيرها.
وعندما أبتليت بالمرض العضال وانفقت مالها باعت ما عندها من المصوغات الذهبية على أختها، وبعده بنحو سنة إشتريتها منها وإتفق أن إزدادت قيمته كثيراً إلا أنها لم تأخذ الزيادة.
وقمت بتقديم المصوغات إلى زوجتي هدية ومواساة ولتكون عوناً لها على التغلب على الآفات النفسية المصاحبة للمرض.
أحببتها في الله ولله ومن الله
المحبة كيفية نفسانية وميل في القلب نحو المقصود بها , وكان لها في المقام عناوين إضافية مباركة تترشح من مؤازرتها لي بالسعي الدؤوب في سبيل الله، إذ كانت زوجاً وأخاً وناصراً ومعيناً.
وكانت عضداً لي في إظهار علوم القرآن، ونعمة وخيراً محضاً في حياتي العلمية الجهادية , إذ حباني الله عز وجل تأليف أفضل كتاب في تأريخ الإسلام ويصدر جزء منه كل شهر أو شهرين تقريباً , وكانت لله درها يداً وحرزاً وسكناً ومدداً بفضل الله.
واليوم وبعد مرور اكثر من عشر سنوات على وفاتها صدرت الأجزاء 159-160-161-163-1764-165-166 من قانون (لم يغز النبي (ص) أحداً) من التفسير في آية واحدة[وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ]( )، وكله علوم مستنبطة ومسائل مقتبسة من ذات الآية الكريمة أعلاه ، وتمت هذا اليوم طباعة الجزء السادس والستين بعد المائة في آية تدل على كنوز القرآن اللامتناهية وجعل الله عز وجل زوجتي رحمها الله مدداً لي [وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ]( ) ولجأنا للإسترجاع والمواظبة على الإنقطاع إلى العلم , قال تعالى [فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ]( ).
وعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى[وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ] ( ), قال : هو الرجل يقول : لولا فلان لهلكت ولولا فلان لأصبت كذا وكذا ولضاع عيالي ألا ترى أنه جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه ؟ , فقيل : لولا أن منّ الله عليّ بفلان لهلكت , قال عليه
السلام : نعم لا بأس بهذا.
وكانت زوجتي فاطمة حبوة وآية منّ الله عز وجل بها عليّ , وأراد سبحانه للعلوم التي رزقني إياها أن ترى النور , ويصدر هذا البحر الزاخر من أجزاء التفسير بمائة جزء ونيف حتى الآن إلى جانب كتبي الفقهية والأصولية ورسالتي العملية(الحجة) خمسة أجزاء وأواصل بحثي الخارج في مكتبي الخاص وتدوين تقريراته بفضل من الله.
قصيدة العلامة الجليل والمحقق الكبير
السّيد عبدالّستار الحسني
مقّطوعة من الشعر في مدح السّيدة فخر نساء عصرنا ذات الأيادي المذكورة والمساعي المشكورة في خدمة فقراء المؤمنين الحاجة الجليلة “أم حسين” قرينة سماحة آية الله العظمى علم الهدى مولانا وملاذنا الشيخ صالح الطّائي”دام ظله الوارف” بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك 1420هـــ
سَمَتْ في المَكاِرمِ “أم الحُسَـــــــــــينْ” وفازتْ بنَيـــــــــــــلِ المُنى والمنَــــــــــنْ
وَشَرَّفَهــــــــــــــــــــــــا اللهُ مُذْ أكرِمَتْ بتَِقْواهُ في سِـــــــــــــــــــرِّها وَالعَـــــلَنْ
حَلِيَفةَ خدرٍ بهِــــــــــــــــــــــــــُا تَزْدَهيْ ثِيابُ العفــــــــاف بهــــــــــــذا الَّزمَنْ
كَساهــــــــــــــــــــــا الحياءُ بُرودَ العُلا فَــــــــــدَعْ عَنْكَ ذِكرَ “ُبرودِ اليَمَنْ”( )
وَبالفَخْرَ أَسْعَـــــــــــــــدها الحَظُ ..إذْ بها “صالحُ” الُمتقِــــــــــــــــــــينَ إقْتَرَنْ
مَدارُ “الفَضـــــــــــــــــيلَةِ” نُورُ الهُدى فَقِيهُ شريعَتنـــــــــــــــــــــــــــــا المُؤتَمَنْ
تركتها العلمية
لقد تركت فداء العترة كنزاً في أدب الطف وثروة علمية هائلة تتكون من أكثر من مائتين وخمسين كتاباً، لتكون لها صدقة جارية وذخيرة في النشأتين،قال تعالى [وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ]( )، ومن مؤلفاتها وكتبها رحمها الله:
- معراج الجنان صدر منه جزءان.
- بحار الأنين خمسة أجزاء.
- قرابين الولاء ثلاثة أجزاء.
- ديوان مواكب الأحزان ثلاثة أجزاء.
- القصائد العاشورية ثلاثة أجزاء.
- مراثي الطاهرين عشرة أجزاء.
- قصــــــائد العشـــــرة ستة أجزاء.
كتب كثيرة مستقلة عن وفيات الأئمة الأطهار والأولياء الإسراء والمعراج. - ثمانون آية.
- روايات متعددة عن الزهراء عليها السلام.
عشرات الروايات التي تتضمن الحكمة والموعظة، وكتب عديدة في الأدعية والمناجاة.
إحسانها
فداء العترة من أسرة توارثت البر والإحسان ونشر المعروف , مع قلة ما في اليد , وكذا عموم أهل البحرين في التقوى والسخاء، ومما تتصف به البحرين مبادرة النساء للإنفاق في سبيل الله من غير تعارض مع ما ينفقه الرجال، وكان أبوها يملك بقالية كبيرة في المنامة تستورد منتجات الألبان الطازجة وغيرها بالطائرة لحسابه الخاص من لبنان ومصر من بين تجار قلائل يومئذ، وزبائنه من جنسيات عربية وأوربية مختلفة، ولكنه حرص أن يأخذ عياله في كل سنة للعتبات المقدسة ليقيموا ثلاثة أو أربعة شهور فلم تتوسع تجارته , ولكن رزقه الله مأثرة حميدة والله واسع كريم.
وكانت فاطمة الرائدة بين الأهل في صلة الرحم، ومدرسة في تعاهد شؤون إخوانها أحمد وحسين وعبد الله وعلي وفاضل والعناية بأبنائهم، لتعقبها بذات النهج أختها الصغرى المهندسة هدى، وتتصف فاطمة بالمسارعة في أعمال البر، وسخرت مالها للمشاريع الخيرية إبتداء من بناء المأتم، والتولية الدائمة لأموره، وتهيئة مستلزماته إلى الإستمرار بطبع الكتب الدينية إلى دعم مرجعيتي بجهدها ومالها, ولم تفكر بالإدخار وتوفير جزء من راتبها ومواردها, وكانت ترضى بالقليل في مأكلها وملبسها وتتذوق طعم القيمر ولحم الغنم والمرق العراقي ونحوه من الأطعمة ذات النكهة التي تختص بها أرض العراق بفضل الله.
وتساهم في تعظيم شعائر الله وإعانة الآخرين وهو أمر ظاهر لكل من يعرفها , وكان بيتها في السنابس محلاً ومركزاً لإجتماع الأسرة والأقارب في المناسبات وغيرها .
وقد قمنا بتخصيص دارنا التي كنا نسكنها سابقاً في النجف الأشرف والقريبة من الإمام مدرسة وحوزة لطلبة العلوم الدينية من البحرين , وهي المدرسة الوحيدة التي أوقفت لهذه الجهة , وتلقى عدد من الفضلاء فيها العلوم , ولم يعهد أن توقف مدرسة في الحوزة العلمية لأهل بلد مخصوص مع كثرة البلدان والأمصار التي ينتمي لها طلاب الحوزة , ولكنها الآن تحتاج إلى ترميم ومتبرع لإعادة بنائها.
وكان الطريق من العراق إلى البحرين في عام 2001 منحصراً بباخرة تأتي مرة في الأسبوع إلى ميناء أم قصر في البصرة ، وقيل أن هذه الباخرة كانت تستعمل لنقل الجنود في الحرب العالمية الثانية1939-1945م وكانت المرة الأولى التي أركب فيها البحر، بتأشيرة دخول إلى البحرين مع أمر زائد وسبب للنفرة وهو لزوم الكفيل.
وكان على المسافرين الوصول قبل ساعات إلى الميناء إستعداداً لوصول الباخرة فكنت مع زوجتي في صالة كبيرة(جملون) وسلم علي أحد الزوار وتكلمنا وسألني فعرض علي الزواج من إبنته التي كانت معه وعرف لي نفسه وذكر عنوانه ومحل سكناه وصلاته ببعض العلماء من البحرين والإحساء وكانت فاطمة تسمع الكلام فلم تنبس تنبس ببنت شفة.
ثم جاء بفضيلة العلامة الشيخ الجفيري رئيس محكمة الإستئناف في المحكمة الجعفرية في البحرين ليسلم عليّ وتحدثنا في مسائل الفقه , وأكبرت سكوتها وعدم إحتجاجها على الزائر، ولكن عندما وصلت إلى البحرين قضيت الشهر كله داخل البيت لم أخرج إلا مرتين، واحدة لإلقاء محاضرة في مسجد الصادق في السقية، والأخرى إلى المطار للمغادرة عبر الأردن ثم بغداد بالسيارة.
وقد ألقيت في أول زيارة للبحرين عام 2001 محاضرة في علوم القرآن في مأتم القصاب مع كثرة الحضور والتقديم لها بالإعلانات , مع تعاقب أجزاء التفسير وزيادتها على المائة وست وستين جزء في آية وعلوم مستنبطة لم يشهد لها التأريخ مثيلاً , وإرسال نسخ كثيرة من عدة أجزاء هدايا , ومن بعث برد كريم نشرناه بخاتمة بعض أجزاء هذا السفر الخالد, وسنقوم بنشر الردود الكريمة في كتاب مستقل , كما أنها منشورة على موقعنا (WWW.MARJAIAA.COM), قال تعالى [أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ].
قصيدة الشاعر الفذ الكبير فضيلة السيد عبد الامير جمال الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف العالمين محمد وآله الطاهرين
إلى عقيلة آية الله العظمى سماحة الشيخ صالح الطائي”دامت بركاته”
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أَيا أُمَّ الحُسين ربحتِ كنزاً مِن العرفانِ والِعلمِ الغَزيرِ
وفزتِ بصالحِ الأَعمال خيراً وصــــاَلحـنـا أخُ البـدرِ المَنيِر
ففيهُ الآيةُ العظمى تجلتَ من الله العـزيـزِ بـلا نـظـيرِ
هو التقوى هو الإيمان حقاً هو الورع البعيدُ عن الشرور
حَماهُ اللهُ في عُسر ويسرٍ وكُنًتِ لنفسهِ عينَ السرور
النجف الأشرف ذي القعدة 1424 هــ
وفاتها
لقد جعل الله عز وجل الموت بداية حتمية للإنتقال الى عالم الآخرة حيث الحساب والجزاء , لتصاحب الناس أعمالهم طوعاً و قهراً, قال تعالى [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى]( )، وقد أبتليت الفقيدة الغالية بمرض خبيث يحزن القريب والبعيد , والصديق والعدو, أسأل الله عز وجل أن يجعل له حداً، ويهيء لعلماء الأبدان إكتشاف شفاء له بالقريب العاجل رحمة منه سبحانه بالعباد.
وتعود بدايات مرضها إلى سنة 1980 اثناء دراستها في لندن، وكان عندها ورم في الثدي، وقالت لها الطبيبة أنه حميد، ولا بد من العرض على الطبيب الإختصاص ولكنها تحرجت شرعاً من الأمر، وتركته وركنت إلى القول بأنه ورم حميد إلى أن تحول خبيثاً بعد خمس وعشرين سنة.
وتلقت فاطمة العلاج من مرضها في البحرين والعراق والرياض لأربع سنوات بتسليم ورضا بأمر الله تعالى، وقد أشرف وزير الصحة في العراق على علاجها مباشرة، ثم إنتقلت في علاجها إلى مملكة البحرين .
وبعد أشهر من العلاج في البحرين ذهبت لزيارتها سنة 2006 فسألتني الإذن بعيادة مستشفى في أحد الأمصار يعالج هذا المرض الخبيث، فاستخرت الله فكان النهي والمنع، ولكن إخوانها إجتمعوا معي وأخذوا يلحون , وكانت بطاقة الدخول إلى المستشفى وحدها بخمسة آلاف دولار غير العلاج ولم يكن عندها هذا المبلغ وقالت إنها تستلف من أختها، وبعد جدال إقترحت عليهم أن تعرض على طبيبها في البحرين جلال المسقطي ويكون كلامه هو الفيصل فرضيوا به , وعندما ذهبوا له وبخهم على نية الذهاب ، وقال لهم ما بالكم تصدقون بكل من يخرج بالتلفزيون ثم أن صاحب المستشفى ليس بطبيب، ففوضوا الأمر إلى الله , وسألتني مفاتحة السلطة العليا في السعودية , فأرسلت في اليوم التالي الجزء الحادي والخمسين من التفسير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسألته علاجها في مستشفى ملك فيصل التخصصي، وبعد ثلاثة أيام , وفي نفس اليوم الذي وصل فيه كتابي صدرت إرادة ملكية بعلاجها في ذات المستشفى وكادت تطير من الفرح، ولكن اللجنة المشرفة على المستشفى لم توافق , وقالت إنها تعالج في بلد آخر، فطرأ علينا حزن وأذى ,
ثم أرسلت كتاباً إلى وزير الصحة السعودي وجرت مكاتبات فتمت الموافقة على علاجها ، وإستضافنا الملك سلمان بن عبد العزيز لمدة إسبوع في فندق شيراتون الرياض مشكوراً .
وأما الذين ذهبوا إلى الشام في نفس الشهر فقد اتفق وحدثت المعارك بين حزب الله وإسرائيل وفزع وعاد إلى بلاده من كان من أهل البحرين هناك
ولم تنقطع مدة مرضها عن التأليف والكتابة إلى أن وافاها الأجل المحتوم يوم 8/11/2008م الموافق 9/11/1429 هجرية , وكنت أرافقها في علاجها مع تعدد مسؤولياتي .
وقدّر أطباء العراق أنها تعيش ثمانية أشهر، وأطباء السعودية أنها تعيش سنة، ولكنها بقيت تصارع المرض أربع سنوات , قال تعالى[فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ].
ولم أفارقها وكنت إلى جانبها ساعة وفاتها في مستشفى السلمانية, وكانت إدارة المستشفى قد أمرت بأن يضع الذي يدخل عليها غطاء على أنفه وفمه لأنها مصابة بجرثومة معدية، وكنت أكره أن يكون حاجزاً بيني وبينها فلم أستعمله طيلة أيام رقودها ومبيتي معها في المستشفى من دون أن أترك الكتابة في علم التفسير والفقه، إلى أن جاء البرزخ القهري، والفاصل بيننا بالموت، لتنتقل الى عالم آخر نرجو فيه رحمة ورأفة الله عز وجل.
لقد قال كبار الإختصاصيين منذ بداية إصابتها بالمرض أنها لن تعمر إلا بضعة أشهر وأن المرض بالمرتبة الرابعة ومتفش في البدن، ولكني إجتهدت بالدعاء وأخذت بالتنقل بها في العواصم رجاء الشفاء لتبقى تصارعه ذاكرة شاكرة لله نحو أربع سنوات , كنت أغادر كل أربعين يوماً من النجف الأشرف بالسيارة إلى مطار البصرة مع المرافقين وكثرة مخاطر الطريق وقطاع الطرق والتفجيرات آنذاك, لأركب الطائرة إلى دبي, ومنها إلى البحرين , ثم أصطحبها بالسيارة إلى مدينة الرياض , من غير ملل أو كلل لنحو سنتين ثم تعذر علي مرافقتها لأسباب تتعلق بالتأشيرة , قال تعالى [وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا] ( ).
وجرى لها حفل تشييع مهيب في المنامة حضره المئات من ذوي القربى والمؤمنين، والذين تفضلوا بالمشاركة في الصلاة عليها، وصليت عليها صلاة الميت مع ندرة خروجي لتشييع بسبب مشاغلي العلمية في سبيل الله.
ونُصب لها مجلس فاتحة كبير في مأتم البدع في المنامة , وقفت والأهل وذوو القربى ثلاثة أيام لإستقبال المعزين الكرام الذين وفدوا من أنحاء البحرين.
وأقيم مجلس فاتحة لها في نفس المدة في مكتبنا في النجف الأشرف التي أظهر أهلها الكرام وكذا فضلاء وطلبة الحوزة العلمية أيدهم الله الحزن لفقدها لما عرفوه عنها من التقوى والصلاح والسخاء في جنب الله , والتوافق بين ظاهرها وباطنها فجزاها الله خيراً ، ورثاها فضيلة السيد رياض الموسوي , فقال : فقدنا أم الحوزة , ووصفها عدد من الفضلاء في حياتها وبعد مماتها بأنها كخديجة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع الفارق.
ودفنت في مقبرة المنامة، وكتبنا على قبرها لوحة كبيرة من يقرأ لها الفاتحة يبعث لنا عنوانه كي نزور أمير المؤمنين نيابة عنه أو عن موتاه.
شكر وإمتنان
نشكر المؤمنين الذين حضروا مجالس الفاتحة, ونخص منهم بالذكر أهل المنامة الكرام الذين حرصوا على الحضور صباحاً ومساءً إلى مجلس الفاتحة والتخفيف عن مصابنا الأليم بفقدها , وكذا المؤمنين الذين حضروا من الرياض والاحساء والقطيف .
ونشكر المؤمنات اللائي جئن من جميع أنحاء مملكة البحرين معزيات , ووفود المعزين الذين حضروا من مدن العراق المختلفة إلى النجف الأشرف , وتحملوا وعثاء وأخطار السفر، وكان حضورهم لطفاً وخير مواساة، وهو باعث على الصبر , ونسأل الله أن يصرف عنهم جميعاً كل مكروه إنه سميع مجيب.
ونشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على بعثه برقية تعزية بالمصاب في ثنايا رده الكريم على هدية أحد أجزاء التفسير، وكذا الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وسمو الشيخ رئيس وزراء مملكة البحرين ووزير التجارة فيها , كما حضر مجلس الفاتحة في النجف الأشرف العلماء والذوات .
ونشكر السادة الذين تفضلوا بإرسال برقيات التعزية وإتصلوا من العراق والبلدان الأخرى هاتفياً وعبر الأنترنيت , وتقدموا بالمواساة الكريمة , وكذا الفضائيات والإذاعات التي بثت خبر الوفاة.
أبيات شعرية في رثائها
لا أكتب الشعر , وأنا عنه في شغل , فكتبت هذه الأبيات في رثاء فداء العترة ومن غير أن تعرض القصيدة على أحد:
سبحان الذي خلق المــــــــــــــــوت والحياة موعظة لذوي الجنـــــــــان
الدنيا مزرعة ومدرسة جامعــــــــــة ينهل منها الصغير والشيخ الفاني
كـنت مع الحبيب في غبطـــــــــــــــة يعلم بها البعــــــــيد عنا والــداني
ما كنت أحسب أن التــــــــــــــراب يحجب فجـأة سيـــــــدة زمــــــاني
لنــا في الإسترجاع سلــــــــــــــــــوة وتخفيف من وطــــــــأة الأحـــزان
رحـلت عنـــــــــــــــــــا بــغــتـــــــــــــةً مـــــن غير وداع ولا إســــــتئذان
طـــــــــــــــــوبـــى لحياة ممـلــــوءة بالتقـوى والصـــلاح والإيـــــمان
بذلـت وسعها في خدمة الديــــن الحنيف وشيدت في العلم صيوان
يزيــح صرحه عن ذكــــــرهـــــا غبار الإعــراض و آفة النسيـــان
قضـت أيامها في الكســـب والتأليف لتغلب في ناحيتهـــــــــا الفرسان
كــــــانت إماماً في الكـــــــــــــــــــــرم وما بيننا أحد يجاريها في الإحسان
جمعــــــت العلــم والـــسمـــت والتحصيل ففاقت فاطم الأقران
حرصــت على معاني المودة بيننـــــــا في النهار وعند سكون الأجفان
أمضت العقد الأخير من عمرها في الغري تحت قبة خير جيـران
ليكـــــــــون القسيــــــــــــم لها شفيعاً يوم تطاير الصحف وذهول الأذهان
إنفردت بمأثــــــرة مدرســـة في النجف ومأتم يتبـاهى به البحران
قصـدت قبـــرها بشوق ولهفــة لأتلو عنــــدها آيات من القرآن
اللهم بحق الذين أفنت عمرها فيهم إجعـل قبرها روضة جنان
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
اللهم إغفر لزوجتي وعضدي فاطمة، وإجعل قبرها روضة من رياض الجنة , وضاعف لها في حسناتها وإجعل لها ثواباً متصلاً على العلم النافع الذي تركته والصدقة الجارية التي خلفتها من بعدها في إنفاقها ومئات الكتب الاسلامية التي ألفتها وأصدرتها ,واخلف خيراً في عقبها.
ونلح بالدعاء بأن يمنّ الله علينا وعلى الناس بدواء عاجل لمرض السرطان وغيره من الأمراض المستعصية يكون رحمة وسكينة وباعثاً على الأمن من هذا العدو الذي ينشر الحزن والرعب في النفوس , يا من وقيت المؤمنين من عداوة وشرور الشيطان، تفضل على الناس جميعاً بوقايتهم من مرض السرطان، وهيء لنا إكتشاف علاج سريع وشاف له يبعث الأمل والسكينة في النفوس من هذا الداء الخبيث، وفتكه في الأبدان إنك واسع كريم.
وإقترحت في بيان سابق بأن تنشطر منظمة الصحة العالمية إلى قسمين يكون قسم منها مستقلاً بالأمراض المستعصية وإيجاد العلاج لها والعناية بمرضاها كالأيدز والسرطان وكل ما يكتشف له دواء ينقل منها، قال تعالى[وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ]( ).
قصيدة الشاعر الكبير فضيلة العلامة الشيخ عبد الحسن الكرعاوي النجفي
بسم الله الرحمن الرحيم
“إنا لله وإنا اليه راجعون وصبراً على قدره وقضاه”
سماحة شيخنا وأستاذنا المفضال آية الله العظمى الشيخ صالح الطائي”مد ظله العالي”
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله لكم العزاء وأعظم اجركم بمصابكم الفادح بفقد عقيلتكم المؤمنة الصابرة الحاجة أسكنها الله فسيح جناته وحشرها مع محمد وآله الطاهرين والهمكم المولى الصبر والسلوان وانا لله وأنا اليه راجعون.
تلميذكم المخلص
الشيخ عبدالحسن الشيخ رسول الكرعاوي
10 ذي القعدة 1429 هــــ
” تمضي السنون’’
تمضي السنون وتنقضي الأيـــــــــــــــام في بغــــــــــــــــــــتةٍ وكأنها أحلام
فالمرء في هــــــــــــــــذي الدُنى بخيالـــه ضيفََُ تســــــــــــــــــــــارع َنَقله الأيامُ
لم ينفع الإنســــــــــــــــــانُ غيُر فعالـهِ تبقى له ذكــــــــــــــــــرى بها الأنعـامُ
وتخلدُ التقوى المطــــــــــــــــــــيعَ لربه بالصــــــــــــــالحات تجُِلّـــــــهُ الأقوامُ
لقد ارتضى المولى الذينَ برشدَهم سادوا الورى وهــــــــــــم بها أعلام
الصـــــــــــالحاتُ من النسـاء يُفزنّ في نعم الآله.. لهنَّ والاكــــــــــــــــــــرامُ
قد نابنا الدهُر الخؤونُ بنكــــــــــــــــبة فيها أصـــــــــيـب [شيخُنا] المقدام
فيها أصيبَ [أبو علي] عنــــــــــدما فقد الحنـــــــــــــانَ وفي الفؤاد ضرامُ
فقدانهُ الأســــــــــمى[عقيلتهَُ] الـتي فيها تمثّل للــــــــــــــــــــــــــــوفاَء وئام
كانت مثالاً للأباء بمنــــــــــــــــــــــــحة من ذّي الجلال بها سـمّـــــــا الافهام
لبتّ نداء الله وهي رفيقــــــــــــــــــــــة كالمؤمـــــــــــــــــــنات دعاوُهن دوامُ
كانت تعاني من مصابِ زمانهــــــــــا داءً عُضـــــــــــــــــــــــــــالاً ملؤه آلام
صبَرت بقلب مُفعم بولائـــــــــــــــــها للطــــــــــــــــــــــاهرين وملؤها إكثامُ
صبرتْ على مرّ السنين وقد قضـــت بالفضل وافـــــــــــــــاها بذاك حِمامُ
وفدت على ربٍ رحيم منعــــــــــــــم بجوار [حيدر] سَرّهــــــــــا الإنعامُ
فيها نعزي [الصالحَ] الفذ الــــــذي فيه تحلى الصــــــــــــــــــــبر والإقدام
فيها نعزي [شيخَنا] بمصـــــــــــــــابه يجزيه خير جـــــــــــــــــــــــزائه العلاّمُ
بتفضل منه يمـــــــــــن برحــــــــــــــــمةٍ [للحاجة]ولها النشـــــــــور سلام
وتكون في مأوى الهـــــــــــــداة بمأمنٍ ولها بجنب الطاهــــــــــــــــــرين مقام
ماخاب من والاهمـــــــــــــــــو بنقاوة كلَ له يوم الحساب إمــــــــــــــــــــــام
أأبا علي قد فُجـــْـــــــــــــــعت بنكبة صبـــــــــــــراً وانت بما أبتليت همام
قد أعظــــــــــــم الله لك الأجر الذي تسمو به دوماً وأنت إمــــــــــــــــــــام
أعطاك رب العالمين معــــــــــــــــــارفاً فيها سموت وزادك الإعـــــــــــــظام
يلتام جرح قد أصبت بلـــــــــــــــوعة فيه وذاك من الإله وســــــــــــــــــــام
ارجو من المولى العــــــــــــــــــزيز بمنه يعليك لاتشقى بذا وتضــــــــــــــــــام
ولك العزاء وبالتصبر ســـــــــــــــــلوة لك في إفتقادٍ للعزيز خــــــــــــــــتام
قصيدة الشاعر الكبير فضيلة السيد عبد الأمير جمال الدين
“أم الوفاء’’
قصيدة في رثاء المرحومة المبرورة عقيلة المرجع الديني
قضــــتْ أمّ الحســـــين فيا لوجدي علـــــى أم المحــــــــــبة والحـــــنان
قضـــــتْ أم الوفــــــــــــــاء فأي رزءٍ أصاب الخلق من إنسٍ وجــــــان
قضــــــــــــتْ وهي الزكّية إذ تــــوافي لشيخٍ مؤمنٍ ثبت الجَنــــــــــــــان
مضتْ صــــــوب الجنان بثوب طهر تميس بحسنه وسط الجنــــــــــــــــان
هي القـــــــــــــــــدّيسة الحــوراءُ حقّاً حوتْ في قلبها أسمى المعـــــــاني
بإيمانٍ وإخــــــــــــــــــــــلاص وزهــدٍ بدنيانا وسارت في أمــــــــــــــــــــــــان
منورة بنـــــــــــــــــــــــــــــور الله تبقى معطرةً بزهر الأقــــــــــــــــــــــــــحوان
لها من [صالح] الأعمـــــــــال بردً يفيــــــــــــــــــــــــــضٌ بنورهِ في كل آن
فصبراً أيها القدّيس صـــــــــــــــــــبراً على من فارقــــــــــت قــــــبل الأوان
ويا شيخ الفقـــــــــــــــــــاهة إن رزءاً أصابك مثلهُ فيــــــــــــــها دهاني
سوف تلقاها غداً في خيـــــــــــر دار بجناتٍ تسامتْ بالمكـــــــــــــــــــــــــان
سلام الله نلقــــــــــــــــــــــــــــيه عليها بقرآنٍ من السبع المثـــــــــــــــــــــــــاني
المقدس آية الله العظمى الشيخ صالح الطائي
النجف الأشرف/ 10 ذي القعدة 1429 هـــ
قصيدة العلامة الجليل الشيخ أبي الحسن الطائي( ).
قصيدة العلامة الفاضل الشاعر الكبير الشيخ حاكم الجنابي
(أُمّ الحسين)
أشرقتْ في رَحبة الوادي شَدَى قلتُ منَ؟ قد قيلَ ذي أُمُّ اُلحسَنْ
ِمنْ سنىُ البحرين أزدانيَ رْؤى حينَ جَلَّـــــــت صـالح فيها أفتَتَنْ
عالمُ أَوعـــــى بَنــي طىًء مضى وانتــــقاها ثـــم ألـــــوى واقترنْ
قُوَّةُ الإيمانِ صــــــــــارت قاسماً جمّعتهمْ في شـــــــــــــــباكِ مؤتمنْ
ياإلهي فلــــــــــــــنباركْ جَمعَهُمْ وأحمهِم كْلاًّ مقــــــــــاديرَ اٌلزَّمَنْ
دَوحةُ البحرين أهــــــــدَت درةً قد جنـــــــــــاها عالمَُ ثمّ إحتضَنْ
فَرْعها أمسى أصــــــــــيلاً ناضراً طيّبُ في الســـــــــرَّ ناهيكَ العلَنْ
بَيتهُمْ بالنُّور حَـــــــــتماً مُسفراً في كتابِ اللهِ أســــــــــمى مرُتهنْ
كُل شُِعرٍ ليسَ يرَقى وصْــــفهمْ إنَّما الشّعرُ اَحتــــــــــــواءَّ ماوَزَنْ
قَدْ أَحاطوا في علـــــــــــــومٍ ثَرَّةٍ وإستقـــــــــاموا في طريقٍ لم يُهَنْ
لَمْ تَزَلْ فيـــــــــهم أماني لم تُنلْ سَوفَ ينــــــضرَ بّهمْ عنها الأحَنْ
صانعُ الكَـــــــونِ إجتباهمْ عترةً من أصول قد تســـــــامت في المحنْ
عالمَُ أضـــــحى أميراً في النهَّى قَدْ تجلّى مَثـــلَ بدر فـــي السُّـــنـــَنْ
زوجهُ حاطُـــــــت بما قَدْ يقتفى وإستراحتْ ضمــــــــنَ بَيتٍ مُتَّقُنِْ
قَدْ بنت في الغيـــــــب بيتاً عالياً سوف تلقى في فنــــــــــــــاهُ مالحَنْ
بسم الله الرحـــــــــمن الرحيم رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
قصيدة فضيلة العلامة الجليل الشيخ عبد الحسن الكرعاوي النجفي
مهداة إلى سماحة شيخنا واستاذنا آية الله العظمى الشيخ صالح الطائي دام ظله
(الدهرُ يًعظُم بالخطوًبِ..)
الدهرُ يعًظمُ بالخطوب بغدرهِ ما فيــه غــــيرُ مساءةِ وتضرّر
ضًــــرباتهُ تدعُ الحليمً مُروعاً قلقاً ومــــــــن آلامـــهِ يتحًسِّرً
يجتــــــاح كل الطيبين بمـا به تجري الدموعُ بلوعـــة وتكدرِ
عَظمُ المصابُ بفقِد من بعلومها فاقت نساء زماِنهــــا في المِخبرِ
وفدت علي ربٍ رحيمٍ مُنعم بالصــــالحاتِ وفي فـــــؤادٍ نَيرِّ
أعني(فداء العترة) التـي كَرسَّت جُلَّ حيــــاتها بالكتــابِ المؤثرِ
هاتيك أمَّ للمعــــارفِ والعُلى أختيرت إلى نـــهـل المعين الكوثرِ
ختمت بنيل المكـرمات حياتها ستفوز وادعــــة بيوم المحظرِ
ويكون طه المصطفى ووصــيه وابــناهمــا شفعاؤها بالمحشرِ
فيها نعزي شيخنا بفـــراقهــا نرجو له السلوى بحسن تصبرِ
يا شيخنا صبراً فأنت مدرّع بالعلم والإيمان أنت به حَري
(فاذا دهتك مصيبة فاصبر لها عظمت مصيبة مبتل لم يصبر)
وكذاك إنه لعسر فهو لزائل دوما من المولى بطيب تيســرِ
والله اسأل أن يديــم نواله لطفــاً عليـــك تســدداً بتفــكرِ
وتظل في نعماه يحرســك التقى بتفضل منه وحســن تذكـــرِ
فالمرء في دنياه ما هو عامل وبقاؤه الذكرى بجهد مثـــمرِ
و(الصالحُ)الفذ ارتضاه بعلمه المولى فأيده بنصــــر مبهـــرِ
حسنت خلائقه وزانَ علومَه ورعٌ بغير اولى الهدى لم يفخرِ
أرجو من المولى القدير بمنه يرعاه في رشد وعلم مبصرِ
ويشد إزرَه في المواقف كلها باليسر يدفع عنه ضيم المعسرِ
فالله بالإيمان يرفع كل من يسعى باخلاص بدون تكبرِ
درجاته العليا ينال سماتها من قد سما في ذا العلى والمفخرِ
قلت الحقيقة لا المجاز وإنني جربت كلّ المدعين بمنظري
أعرضت عن ذكر الذين خبرتهم بالزبور ينطق الفهم بتعثرِ
وهناك في يوم المعاد صحائف منهم ستنشر ها هنا لم تنشرِ
أين العدالة أن يساء لمحشر حرموا عطاءً بل يباح لمعسرِ
يفنى بأنهم كبارٌ مالهم شيء لدنيا يا له من مخبرِ
وقد جئتهم قالوا فقيه شاعر يربو على السبعين عمراً والشاعرِ
قالوا فليس له عطاءً عندنا بخلوا بمال الله أهلُ المظهرِ
وترى الذين لهم عفاف صانهم عن التبذل وجههم بتسترِ
تجبى لمن له في الديار يعرف وينال عزا في ثراء مكرِ
أقصاهمو من قد تزلف واكتسى ثوب الخداع وفي العمى لم يبصرِ
فلسوف في يوم القيامة حاكمُ عدل يحاسب لم يُبق ولم يذرِ
عفواً إذا شطّ اليراعُ وخانني كلمي فلن أستطيع ذكر الأكثرِ
الله أعلم ما ألّم بحالنا ومن الذي نرجو بيوم أكدرِ
لم يبق الا صاحب الأمر الذي يفري الجسوم لظالم مستهترِ
وترف راية عدله خفاقة فوق الربوع بمشهد وبمنظرِ
لم يبق محروم مضام لا ولا ثكلى تئن ومبطن غاوٍ ثَريِ
ولسوف ينعم الإله بمنحة منه يوافينا إلى أرض الغريِ
النجف الأشرف 27 محرم الحرام1427هـ