بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مكتب المرجع الديني الشيخ صالح الطـائي
صاحــــــــب أحســـــــــــــن تفســـير للقرآن
وأستاذ الفقه والأصول والتفسير والأخلاق العدد: 656
_____________ التاريخ: 22/9/2012
م/جواز كشف المسلمة وجهها وكفيها في البلدان الغربية
قال تعالى[وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا] هذا الشطر من الآية التي تسمى آية الضمائر وتتضمن خمسة وعشرين ضميراً، وإبتدأت بالخطاب للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم[وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ] وفيه لزوم قيام النبي بنفسه بتبليغ وإنذار المسلمات من غير واسطة الرجال والأولياء، لأن المسألة إبتلائية عامة يتقوم بها بناء الإسلام.
وجاء في الآية أعلاه بالتأكيد على تغطية المرأة صدرها بقوله تعالى[وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ]، والخمر: جمع خمار وهو الذي تغطي به المرأة رأسها لينسدل على صدرها، والجيوب: الصدور.
ولم تذكر هذه الآية أو غيرها تغطية الوجه، وجاءت النصوص وأقوال الأئمة بجواز كشف الوجه والكفين، وفي الحديث المذكور في كتب المسلمين عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: فلا تتبع النظرة النظرة فإن لك الاولى وليست لك الأخرى)، وبإستثناء الوجه والكفين قال علماء الإسلام، وأجاز مالك أن تأكل المرأة مع غير ذي محرم، وفيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبي.
وفي مرسلة مروك بن عبيد أن سئل الإمام الصادق عليه السلام: ما يحل للرجل من المرأة إذا لم يكن محرماً؟ قال: الوجه والكفان والقدمان) والإرسال علامة الضعف ووردت النصوص المستفيضة بجواز كشف الوجه والكفين، ومن أضاف القدمين للوجه والكفين في عدم وجوب الستر إبن تيمية.
وفي أسباب نزول الآية أعلاه ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري : أن أسماء بنت مرشد كانت في نخل لها في بني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات، فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل، ويبدو صدورهن وذوائبهن , فقالت أسماء: ما أقبح هذا، فأنزل الله هذه الآية مما يدل على أن النفرة كانت من كشف المرأة أسفل ساقيها، وإظهار صدرها، وضفيرة شعرها.
ومن الإعجاز في الشريعة الإسلامية أن الحكم في المقام مركب فيشمل وجوب غض المؤمنين لأبصارهم، قال تعالى[قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ]، وتفيد(من) التبعيض، وبين كف البصر وغضه عموم وخصوص مطلق، فكل كف للبصر هو غض، وليس العكس، ليكون التلذذ والشهوة عند النظر محرماً، ومعه تستر المرأة وجهها ولو على نحو مؤقت تأديباً وزجراً.
ويدل قوله تعالى[وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا] من الآية أعلاه على جواز إظهار زينة مخصوصة وهي على وجوه:
الأول: الوجه والكفان من ذات بدن المرأة.
الثاني: الزينة العرضية كالكحل، والخاتم، وفي بعض النصوص السوار، والتي تدل على كشف محلها من البدن بالدلالة الإلتزامية.
وعن رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هنا وقبض إلى نص الذراع) وعركت أي بلغت سن الحيض، وتداخلت الأمصار في هذا الزمان وإختلط أهل الملل والنحل، وهاجر المسلمون إلى أمريكا وأوربا ذات الطبائع الخاصة في اللباس والزينة، فلابد من إجتناب التشديد على النفس وما فيه الإضرار بالإسلام والتسبب بالنفرة من أحكامه ومنه الإصرار على تغطية وجه المرأة.
وفي علم الأصول عدم وجوب الإحتياط في المظنونات إذا كان يحصل فيها العسر والحرج، وصحيح أن للإحتياط موضوعية وأثراً في ترجيح الوجوب على الكراهة والندب على الإباحة، وترجيح الكراهة على الإستحباب، وترجح على الإباحة الأحكامُ التكليفية الأربعة الأخرى، وقد لا يثبت الإحتياط في المقام، وفي العمل بالنصوص والجواز بكشف الوجه والكفين دفع للمفسدة ومنع لأهل الجدال والريب من تشويه صورة الإسلام، وإيذاء المؤمنين في الغرب الذين يحرصون على أداء وظائف المواطنة والعيش بسلام ووئام.
وتغطية المسلمة وجهها وكفيها في أمريكا وأوربا مطلقاً من التشديد على النفس ومقتضى النصوص بخلافه ، وردت نصوص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها قوله(لأناسٍ من أصحابه: إن مَنْ قبلكم شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فهؤلاء إخوانهم في الدُّورِ والصوامع! اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وحُجُّوا واعتمروا، واستقيموا يستقم لكم)تفسير الطبري10/516.
ومن الآيات أن التداخل في المجتمعات والتقارب بين الحضارات يتجه طوعاً وقهراً وإنطباقا نحو كشف المرأة وجهها وكفيها وقلة الإفتتان فيه، مع تعاهد المسلمين لغض البصر والعلم عند الله