دراسات قرآنية
( الكتاب الأول في عالم التفسير )
معالم الإيمان
في تفسير القرآن
الجزء الخامس
مفاهيم قرآنية
آية الله العظمى
الشيخ صالح الطائي دام ظله
المقدمة
( الكتاب الأول في عالم التفسير )
معالم الإيمان
في تفسير القرآن
الجزء الخامس
مفاهيم قرآنية
آية الله العظمى
الشيخ صالح الطائي دام ظله
المقدمة
الحمد لله الذي أانزل القرآآنن هدى ونوراً وشفاء ووعاء سماوياً مباركاً لأحكام الشريعة وبياناً لما تفضل به في اللوح المحفوظ من الأالإوامر والنواهي وحجة وآية للتصديق بنبوة الرسول الأالإكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وجعله صلة دائمة بين السماء والاالأرض ومنبعاً للعلوم.
ولقد إاجتهد العلماء في البحث والتفسير وسبر أغوار القرآنالقرآن ه ولا زال الباب مفتوحاً، وذخائره تفيض بالكنوز والمعارف، لقد وصف الله تعالى الى الجنة وما فيها من النعم والفاكهة فقال سبحانانه وتعالى الى[[ لامقطوعة ولا ممنوعةلاَ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ ]] ( ).
كلما قطعت ثمرة حلت جديدة مثلها محلها، تلك النعمة موجودة وملموســة في القرآنآن تحسهــا وتدركها في كل آية وما فيها من الثمرات العلمية والعقائدية وتبرز إالى الخارج في كل مبحث شريف ودراسة مقارنة أاو إاستنباطية، وكأنان التدبر في آياتآيات القـرآنآن طريق الى إلى ثمار الجنة تلك، والارض والدنيا مزرعة الآالآخرة، اذ انكو تتــرى علوماً جديـدة ومسائل في مختلف أابواب العلوم تطل عليك باإشراقة ملكوتية أاثناء الدراسة والبحث فضلاً من الله تعالى الى وآية إاعجازية من آيــاتآيات القرآنآن تتجدد وتتسع بمواصلة البحث بالإالإضافة الى إلى تشعبها مع الإالإكتشافات والعلوم المدنية الحديثة.
لذا وبادرتنا متوكلاًين على الله عز وجل بالشروع بالبحث الخارج التفسير في الحوزة العلمية إاحياء لعلوم القرآنآن وتنشيطاً لدروس الحوزة الشريفة واأداء الوظيفة للوظيفة العلمية، وكانانت الإالإفاضات الربانانية جلية على هذا البحث موضوعاً ومنهجاً وأاسباباً، وتفضل شطر من فضــلاء الحوزة وطــلابها المشــتغـلين بالمواظبة بحضور البحث وعلى نحو ضاق بهم محل الدرس مع توسعته.
ويتناول هذا الجزء والذي يليه مباحث في علوم القرآنآن وإشراقات مما فيه من الغفيض الالهي وهو مدخلا كريمً في أبواب علم التفسير، وحرصتنا على جعل هذه المباحث والمحاضرات بعيدة عن الخلاف وأاسباب الشقاق، ومنحصرة بإاحياء علوم القرآنآن وما تؤدي اليه قهراً جرياً وإانطباقاً من مضامين الوحــدة بين المسلمين وتعظيم الشعائر ونبذ الفرقة .
لقد أراد الله عز وجل القرآنللقرآن أن تيكون سور الموجيبهة الكلية الذي يجذب المسلمين جميعاً إلى مائدة السماء، لينهلوا مجتمعين ومتفرقين من خزائنه، ويقتبسوا من درره وفرائده وتعظيم الشعائر، قال تعالى [لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ]( ).
ربيع الأإلاو94
ل 142 هـ
الا
سلامة القرآآنن من التحريف
التحريف في اللغة هو الإالإمالة والعدول بالشيء عن موضعه، وتحــريف الكــلام تغييره عن مواضــعه، وفي الإالإصطلاح قد يقصد المعنى اللغوي وقد يراد منه التأويل بخلاف القصد والغاية والمعنى الظاهر المراد منه، وفي تفسير قوله تعالى الى[ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ]( ).
قيال في مجمع البيان (أي يفسرونه على غير ما أانزل ويغيرون صفة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم)مصدرررررر.
ولكن المعنى أعم ويتعلق بذات الكلام كما هو ظاهر الآيةالآية والعموم لآنأن القرآنآن لم ينزل الى لأهل زمانان دون زمانان او يخص أمة دون أاخرى بل هو متجدد ومستوعب للوقائع والالأاحداث في كل زمانان ومكانان، لذا إانفرد بخصوصية إاعجازية وهي إاحاطته باللا محدود من الوقائع والأحداث مع كونه محدوداً في حروفه وكلماته.
ورمي فرقة او مذهب بتحريف القرآنآن فيه مسألتانان، كبرى وصغرى وكبرى ، الصغرى : الطعن والتهمة بين المسلمين .
والكبرى : هي إنعدام موضوع التحريف العمدي والسهوي الإالى وغيرهماآن.
اانالااويتسالم المسلمون على حفظ الله عز وجل للقرآن وعدم طرو التحريف عليه , ويدركون مجتمعين ومتفرقين المســؤولية في حفــظ القــرآنآن وتعاهده، وقاعدة تقديم الأالأهم على المهم بإاجتناب إاتهام الآالآخرين بالتحريف لما في هذا الإالإتهام من إاساءة للقرآنآن, قال تعالى [وَلاَ تَنَابَزُوا بِالالقَابِ] ( ) ليكون من عموماته الزجر عن رمي طوائف من المسلمين بتحريف القرآن.
وال من جميع الفرق الإسلامية لا بد من الإلتفات إلى الإالقاعـدة الكليـة وهي إجماع المسلمين على عدم تحريف القرآن ولا عبرة بالقليل النادر وضـرورة جعلها من أاساسيات وأاولويات عملهم، ولا يمنع ذلك من التصدي للمقالاالات الباطلة إاكراماً للقرآنآن، وأاسرار الوحي، وهذه المسؤولية لا تنحصر بالعلمــاء فهي وظيفـة كل مسلم مسلمة خ خصوصاً مع هذا الارتقاء النوعي في المدارك والعلوم ومراتب التحصيل، كل مسلم غيـور مسـؤول عن تعاهـد القرآن ، ورفض طعن الفرق الاسلامية بالتحريف.
وفي الرسائل العملية يذكر خصوصاً مع هذا الالإارتقاء النوعي في المدارك والعلوم ومراتب التحصيل، وينبغي لكل مسلم م غيـور تعاهـد سلامة القرآنآن ، وترك الطعن والرمي بتحريف القرآنالقرآن من مقدمات الوحدة الإسلامية وأسباب طرد النفرة والكدورات بين المسلمين .
لقد شرّف الله سبحانه المسلمين فجعلهم[خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ]( ),ومن خصائص (خير أمة ) في المقام وجوه :
الأول : التنزه عن تحريف الكتاب النازل على نبيها.
الثاني : تعاهد وحفظ القرآنالقرآن من التحريف والتبديل والتغيير.
الثالث : تلاوة آيات القرآنالقرآن ، وعدم تضييعه، وتتجلى هذه الآية بإعجاز في عبادات المسلمين بتلاوة المسلمين للقرآن في الصلاة اليومية على نحو الوجوب.
الرابع : المناجاة بالنهي عن رمي بعضهم المسلمين بعضاًهم الآخر بالتحريف، لأنه سالبة بأإنتفاء الموضوع، فالقرآنالقرآن المتوارث خال من التحريف، ويتلوه كل المسلمين.ورفض طعن الفرق الاسلامية بالتحريف.
وذكرنا في باب الفقه في موارد جواز الغيبة القدح في المقالاإالات الباطلة وانأن أادى الى إلى نقص في قائلها وهو موضوع صحيح الاالا انأنه من جهة المحمول قد لا يصدق عليه انأنه من موارد الغيبة الجائزة لأنأن الغيبة ورد عنها النهي مطلقاً قال تعالى الى[وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا]( )، وموارد الجواز لابد انأن تحمل عنواناناً غير الغيبة وانأن مثل هذا المورد يخرج بالتخصص من عنوان الغيبة خصوصاً وانأنه يتعلق بالالأاصل بالمقالة فيدخل مثلاً تحت عمومات الأإالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإاحياء الحق وإماتة الباطل.
ومما يدل على تمام وكمال القرآنآن , وإانعدام التحريف فيه أمور :
الأول : النصوص الدالة على عرض الحديث النبوي على القرآنآن وطرح ما يخالفه، ومعرفة صحة الحديث بموافقة القرآنآن فلو لم يكن القرآنآن الذي بفي اأيدينا تاماً وصحيحاً فكيف يكون القياس الوحيد لمعرفة المصدر الثاناني في التشريع الإسلامالإسلامي وهو السنة النبوية، أفي ان اأحاديث العرض شاهد على خلو القرآنآن من التحريف, وفيه نكتة عقائدية وهي أن دلالة أحاديث العرض على عدم نسخ القرآن بالسنة, هذا النسخ الذي نسب إلى المشهور.
الثاني : الآإالياتآيات القرآنآنية التي تدل على عدم حصول التغيير في القرآن كآية التدبر [أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَآن وَلَوْ كَانَان مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا]( )، فهذه الآيةالآية وانأان جاءت بصيغة الخبر إالا ا انأنها تحمل معنى الالإانشاء والتحدي، والخطاب فيها ينحل ويتوجه الى إلى جميع الناس فهو تثبيت لإايمانان المسلمين، وتحد وتأديب للكافرين وأاهل الجحود والضلالة.
الثالث : وآية الحفظ [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ]( ).
لقد جعل الله تعالىتعالى القرآنالقرآن نوراً يهدي للتي هي أقوم، وهو وسيلة الإحتجاج، وحجة دامغة.
الرابع : وآية عدم طرو الباطل على القرآنالقرآن, قال تعالى [لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ]( ) فتدل الآية على عصيمة القرآنالقرآن من الزيادة والنقيصة والتبديل والتحريف بعناية ولطف من الله تعالىتعالى .،
الخامس : آية الجمع [إِنَّأن عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَآنهُ]( ) وليس من حصر للآيات التي تؤكد سلامة القرآنالقرآن من التحريف، وحرص المسلمين على عصمته، وتلك آية إعجازية في القرآنالقرآن وأسرار بقائه غضاً طرياً كزمان تنزيله، ويجذب النفوس, ويبعث فيها معاني الإيمان.
السادس :بالاضافة الى دليل العقل اذ انأن القرآنآن عماد الدين , والمصدر الأالأول للتشريع ودستور المسلمين في دار الحياة الدنيا.
السابع : مبادرة الصحابة إلى حفظ آيات القرآنالقرآن حال نزولها، ودراستها، ومعرفة تفسيرها.
الثامن : حفظ المسلمين لآيات وسور القرآنالقرآن ، ففي كل جيل من المسلمين ومن أيام التنزيل والصحابة هناك أمة تحفظ القرآنالقرآن.
التاسع : رجوع عامة المسلمين إلى من يحفظ القرآنالقرآن.
العاشر : عرض النسخ المكتوبة من الصحف على النسخ الأخرى، ومقارنتها, والإرادة العامة بلزوم التطابق بينها.
الحادي عشر : يدل تعدد القراءات، والتي تسمى بالقراءات السبعة، والقراءات العشرة على خلو القرآنالقرآن من التحريف وحرص المسلمين على تعاهد حروفه وكلماته وآياته، من جهات :
الأولى : عدم وقوع التباين في تلك القراءات الا في كلمات معدودة.
الثانية : حصر المسلمين جميعاً للتباين في الحروف بتلك القراءات.
الثالثة : إنحصار الإختلاف بحرف من ضمن الكلمة لا يغير المعنى, كما في قراءة [وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ] إذ أن في كفؤاً أربع قراءات , وعدم التفات أغلب المسلمين إلى تلك القراءات لإكتفائهم بما في المصحف الشريف .
الرابعة : إتفاق وإجماع المسلمين على أولوية القراءة المرسولمة في المصاحف , مع إتحادها وإن تباينت الأزمنة والأمكنة وعمار الأرض.
الثاني عشر: شهادة الصلة بين آيات القرآن على الإعجاز في صدورها من عند الله وإنتفاء الإضطراب والتزاحم أو التعارض بينها لفظاً ودلالة وحكماً( ) .
الثالث عشر: أخبار المسلمين في التحقيق في لهجات العرب والدراسات المتصلة في المحسنات الصوتية من الترقيق والتفخيم والإدغام والإظهار والفتح والإمالة والقلب والإشمام ومواطن الوقوف وشمولها لكل كلمات القرآن.
الرابع عشر: دلالة علم التفسير والتأويل على صدق نزول القرآن، لما فيه من تجليات الإعجاز، وتتبع علماء التفسير آيات وكلمات القرآن آية آية
وعلم الصلة هذا من اللامتناهي في كنوزه والمسائل المستنبطة منه
لقد تعاهد المسلمون القرآنآن حفظاً ودراسة وعناية، ومن إاعجاز القرآنآن أان المسلمين في كل جيل يعتبرون أان من واجبهم حفظ القرآنآن، ومع أان الإالإعجاز في القرآنآن يتعدى موضوع البلاغة، فإأن بلاغته وفصاحته تثبت بالواسطة أان يد التحريف لم تصل الى إلى القرآنآن مع أان اللغة العربية مملوءة بالمشترك اللفظي.
وتتصف الأحاديث القليلة والنادرة التي قد تدل في ظاهرها على دعوى ونحن بحاجة الى حصر الأحاديث التي النقص في القرآنآن ومناقشة ضعفها بأمور :
الاول : ضعف السند إذ انأن اغلبها يرجع الى إلى رجال ضعيفي الحديث او فاسدي المذهب او مجهولين , أو أانهم نعتوا في كتب علم الرجال بالكذب والتهمة او بالوقف أو وصفوا بالغلو،.
الثاني : الوهن والضعف دلالة.
الثالث: ندرة وقلة تلك الأحاديث, وعدم عمل أي فرقة وطائفة من المسلمين بها.
الرابع: خلو الكتب المعتبرة عند عموم المسلمين وعند كل طائفة منهم من تلك الأحاديث .
الخامس: إعراض علماء الإسلام وعامة المسلمين عن تلك الأحاديث.
السادس: تنسب أغلب احاديث النقص في القرآن إلى جهة صدور جاءت عنها نصوص أخرى تؤكد سلامة القرآن من التحريف, ويمكن الإستدلال بالبرهان الإني العدول إلى الصلة على عدم صدور أحاديث التحريف عنها .
ولو تنزلنا وقلنا بالتعارض فإن الأصل والراجح والجلي هو القول بسلامة القرآن من التحريف, قال تعالى [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا]( ).
وهناك ولوجود قاعدة كلية في علم الحديث وهي انأن الحديث اذا خالف الكتاب والسنة المتواترة والإالإجماع بدليل قطعي فلا بد من تأويله أاو حمله على ما يناسبه والاالا فأنأانه يطرح ويرجع به الى إلى أاهله وإان كانان صحيح السند، وعلياه منهجلمشهور شهرة عظيمة عند الأالإأصوليين والمحدثين وعليه إاجماع المفسرين، ولا عبرة بمن شذ وخالف القول الثابت والمتوارث عند المسلمين بعدم وقوع التغيير في القرآنآن مطلقاً .
ويؤكد حديث الثقلين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي” ،( ) ،يؤكد بالدلالة التضمنية على بقاء وديمومة القرآنآن، وعدم تحريفه.
وبلحاظ انأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أاخبر عن كثير من المغيبات فلا يمكن أان يأمر بشيء مستقبلي إالا وهو تام وكامل , والنصوص القائلة بالنقيصة إاذا عرضت على القرآنآن تراها تحتاج الى إلى التأويل وأانها نفسها تتعلق بالتأويل والمعنى والتفسير وتدل على بعض أاسرار القرآنآن وعجز الآالآخرين عن إادراك كنهه.
وهل كان هذا النقص المزعوم هل كان من الأالإأحكام أم فياو من باب الإالإعتقاد أام الالإإأخبار .
ويدل إاستقراء عناية المسلمين في أيام الرسالة بالآالياتآيات القرآنآنية حفظاً وتدويناً على ضبط القرآنأآن آنأآن ذاك وعدم سقوط كلمة واحدة منه, وكذا الاعراض عنها بعد ثبوت عدم صحتها.
، فلابد من تأويل أاخبار التحريف، وينحلكما ان نفي التحريف ينحل في المقامبحث الى إلى موضوعين :
الأول : اإثبات سلامة وصيانأانة القرآنأآن من التحريف.
، والثاناني : وهو نفي الأإالاأخبار القائلة بالتحريف سنداً ودلالة.
إان ذكر أاخبار النقيصة في بعض كتب المحدثين لا يعني بالضرورة أانهم ملتزمون بها او بالعمل بظاهرها، فليس في الكتب المعتبرة عند كل فرقة من فرق المسلمينالكافي ما يدل على التحريف صراحةوالقول به، كما إان نقل الحديث لا يدل في باب الحجية على اإتخاذ ناقله له عقيدة ورأياً نعم طرح تلك الأحاديث هو إالاولى وحرص التابعين على العناية الفائقة بكلمات القرآنالقرآن وضبط حركاته والإكثار من نسخه ونشرها في الأمصار من السمات التأريخية والرجالية والشواهد على تواتر وتوارث كلمات وآيات القرآن.
ووردت بعض الكلمات من قبل بعض الصحابة في القراءة , وعن الطبري حدثنا محمد بن المثنى، قال : ثنا محمد بن جعفر، قال : ثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال : في قراءة عبد الله ( وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى والنَّهارِ إذَا تَجَلَّى والذَّكَر والأنْثَى) انأن عبد الله بن مسعود كانأن يقرأ: “والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والأإلنأنثى”، أي إاسقاط (ما خلق) ذكره البخاري( ).
وكذا نسب الى إلى اابن عباس أانه كانأان يقرأ : “حم سق” بإاسقاط (العين) وهي قراءة الأالأعمش( )، فهل هذا تحريف، الجواب : ليس بتحريف والمدار على القرآنأآن الذي بفين أايدينا، و مثل هذه الكلمات موجودة في القرآنأآن الذي نقرأه، والإالإسقاط على فرض صحة سنده قول نادر وأاجنبي عن القرآنأآن فلا يصدق أانه تحريف، بل هو قول متروك أاعرض عنه المسلمون وتمسكوا بما في الكتاب.
لقد ذم الله الذين [ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ]( ) أي يميلونه عنها ويغيرونها لفظاً ومعنى، أاو هما معاً، ويحملونه على خلاف الظاهر وما تدل عليه القرائن، لقد سعوا في كتم البشارات برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي جاءت بها الكتب السماوية السابقة وأارادوا كتم الحقيقة بتغيير المعنى والتأويل.
ومما هو متسالم وثابت واقعاً ووجدانأاناً أان القرآنآأن باق الى إلى يوم القيامة، والبقاء لا يكون تاماً إالا بحفظ الأإالاأجزاء والمفردات والكلمات وانأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين في أجيالهم المتعاقبةالأإا بذلوا الوسع وأفلحوا في جعل القرآن أسمى تركة متوارثة.
وورد في تفسيرفي قوله تعالى الى[ إِنَّأن اإنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون ]( ) ورد في تفسيرها أانها بشارة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإاطمئنانأان له من تلاعب أاهل البدع بالقرآنأآن من بعده، ولابد من إاعداد دراسة خاصة تتعلق بما تتضمنه السنة النبوية الشريفة بخصوص تعاهد القرآنأآن وحفظ آياتآياته وكلماته، وفي جمعه وسلامته من التحريف والتغيير لكي يبقى محفوظاً الى إلى يوم القيامة.
وهناك نكتة يجب الإالالتفات اليها بما يفيد الحصر في التحقيق وهي هل يتعلق موضوع التحريف بما بين الدفتين على نحو القضية في واقعة او السالبة الجزئية، ام انأن ه يخص غير آيات القرآنأآن الذي بين أايدينا؟ بعبارة أاخرى هل ان كلمات القرآنأآن فيها تغيير أاو تبديل ام أان المقصود بالتحريف ما هو خارج الدفتين.
وإاجماع علماء المسلمين على سلامة القرآنأآن الذي بين ايدينا أي انأن موضوع التحريف لا يخص ما بين الدفتين , وعندها يهون الخطب ويقل ويتضاءل النزاع وتتضح الصورة اذ انأن تجديد البحوث في موضوع تحريف القرآنأآن فيه لبس وتضليل للناس خاصة وانأن المتخصصين في العلم قليلون، ويتعلق موضوع التحريف جملة وتفصيلاً بما هو خارج عما بين الدفتين وفي نفيه إاستدامة لوحدة المسلمين وقيام الحجة على المكلفين ودعوة للناس جميعاً لكي ينهلوا من القرآنأآن وعلومه لأنأن كل كلمة فيه هي تنزيل من رب العالمين، وليس من قرآن غير هذا الذي بين أيدينا أسماً ومسمى ومن الآيات أن القرآنالقرآن ينفرد بهذا اإلاإسم، وهو علىم عالمي يعرفه أهل الأرض بهذه التسمية.
وورد في بعض تلك إالأخبار ها انأن ه نقص ثلث القرآنأآن أو ربعه، ونقص أربعين إاسماً في سورة تبت منها أاسماء جماعة من المنافقين، ولكن لو كانأان لبانأان، وشاع بين المسلمين والأخبار ودوّن في الكتب , ودون ولتنادى أاولاد أابي لهب انأن إاسم أابينا ليس وحده في السورة بل معه فلانأان وفلانأان لاسيما وانأنهم إشتكوا للنبي من إاسماع الناس لهم بعض الكلام بهذا الخصوص.
، وتلك أاخبار آحاد لا ترقى الى إلى القطع والأإالاخذ بها فطرحها أاولى وذكر العدد إاجمالاًالا دون ذكر الأإالاشخاص باب للتهمة والظنة واإثارة للأحقاد والضغائن، كما يمكن حملها على التأويل والتفسير والتخويف وأان باب التوبة مفتوح لذا كانأان الستر ، بينما جاء ذكر أبي لهب من علم الله عز وجل انأن التوبة لن تدركه بالالإاسم والنعت وهو إاعجاز قرآنأآني , قال تعالى [تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ]( ).
ومن الإالنإنصاف أان نقول وبما ينفع الحقيقة ويحفظ القرآنأن، لماذا يذهب أافراد الى إلى الإالإحتجاج بانأنه مع تقدير النقص او هذا التحريف لم يبق لنا إاعتماد على القرآنأآن ولبطلت حجته والإإالاإحتجاج به لأنأنها تكون على خلاف ما انأن زل الله، وانأن الفائدة منه مع التحريف غير تامة هم أارادوا الإإالاإشكال والرد على أاولئك الذين قالوا بالتحريف، فصوروه اعم مما قيل، وأاخذوه على نحو الإالاطلاق دفعاً للتهمة وتعريضاً بالقائلين به، ولكن ردهم لا يخلو من القصور إالا انأن يكون لإقامة الحجة وإابطال الشبهة بإاستحضار كبرى كلية وهي ثبوت حجية القرآنأآن فلابد من بيانأان القصدها ورفع اللبس.
ولا بأس بنحن بحاجة الى دراسة تحصر موضوع التحريف المزعوم وسند النصوص الواردة فيه وبيانأان ضعف رجالها وضعف الدلالة وتقييدها او تأويلها بما لا يتعارض وآياتآيات القرآنأآن والسنة النبوية الشريفة وهذا جزء من تحدي القرآنأآن للتحريف، وهناك دراسات عديدة في هذا الباب بذل مؤلفوها جهوداً علمية جريئة في التحقيق ولكن الأمرباب يحتاج الى إلى اللمزيد بما يناسب وضرورة الذب والدفاع عن القرآنأآن واإتباع منهجية جديدة مع التوسعة فيها، وتكون المناقشة والدراسة فيها على وجوه :
الأول : دلالة القرآنالقرآن بذاته على خلوةه من التحريف.
الثاني : ورود النصوص التي تؤكد سلامة وعصمة القرآنالقرآن.
الثالث : دلالة علىم إالاأصول على عصمة القرآنالقرآن.
الرابع : كلمات وأقوال الصحابة وعلماء المسلمين عامة.
الخامس : مناقشة تلك إالاأخبار الضعيفة عقلاً تارة بحسب الكتاب واخرى بحسب النصوص الواردة وثالثة بحسب الأصول ورابعة بحسب كلمات علماء المسلمين وغيرها كمناقشتها عقلاً و وتأريخياً ووجدانأاناً وعقائدياً مع عدم الطعن بفرق المسلمين.
وقد يكون من المناسب أايضاً تجاهل هذا الموضوع ونفيه بإاثبات خلو القرآنأآن من التحريف، خصوصاً وومما يهون الخطب انأن جميع المسلمين متسالمون على أان هذا القرآنأآن خال من التحريف، وبذا يقومون بتعاهده.
ويساهم القول بالمعنى الأإالأعم للإعجاز وبيانأان مصاديقه يساهم في طرد ونبذ وتفنيد القــول بتحريف القرآنأآن وهو مدرســة جــديــدة في علوم إاعجاز القرآنأآن تبين سعتها وكثرتها وتعددها في كل ما يتعلق بعلوم القرآنآن.
و
في القرآنأآن الذي جمعه الامام عليامير المؤمنين عليه السلام قال : ولقد جئتكم بالكتاب كملاً مشــتملاً والتـأويل، فقد يكون الساقط هو التأويل او من الحديث القدسي ونحوه , وتولى الإمام علي الخلافة بعد جمع عثمان للقرآن فأقره ولم يضف له أو ينقص منه.
وترى على المسلمين يحرصون على تجنبان يتجنبوا نعت بعضهم بعضاً بالتحريف لما في ذلك من الإإالافتراء والإالإساءة الى إلى القرآنأآن أايضاً، ولصعوبة تحققه واقعاً بعد ثبوت حقيقة وهي أان القرآنأآن بين الدفتين.
وقداسة القرآنأآن عند كل المسلمين معروفة وهي من ضروريات الدين وما تبتنى عليه عقيدتهم وأنعندنا آياتآيات القرآنأآن وظواهره حجة.
وفي كتب الفقه الإإالاستدلالي ترانأانا نمتنع عن الإإالاإستدلال بالحديث الذي لا يوافق القرآنأآن , ولا نأخذ به مدركاً ودليلاً، والقرآنالقرآن الذي وهذا القرآن الذي بين اأيدينا جمععلى القول بجمعه اأيام النبوة والخلافة الراشدة وهو الانسب والأقرب اذاً ما هو الجمع؟ هل هو اكتمال السور ام الترتيب؟ اذا كانأان الأإالاأول فقد حصل في ايام النبوة وما بعدها مباشرة هو المتواتر تواتراً قطعياً عند عموم المسلمين.
وتم الجمع تم ايضاً أاييام الخليفة اأبي بكر الصديق وتم جمعه وتوحيده في عهد الخليفة عثماناأن، وانأن هذا الجمع ليس فيه زيادة او تحريف وهو الذي بين أيايدينا الآإالنآن .
وحينما تكون هناك قاعدة كلية وضابطة عامة فلابد من تأويل الأإالاأحاديث بما يتناسب معها، نحن نقول بعدم تبدل كلمة من القرآنأآن،
انآنأاولا نقول بمسالة االإإلنأإنساء التي تذرع بها بعض الأالإصوليين لتوجيه ما ورد من ضياع بعض الآإالاآيات بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلمته صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآنآأن الموجود بين أايدينا بجمع عثمانأان بعد أان أحرق المصاحف الأإالاأخرى.
، وفي بسم الله الرحمن الرحيم منهم من قال انأنها ليست من القرآنأآن وانأنها زائدة وانأن عثمانأان اثبتها فيه على رأس السور فصلاً بين السورتين، فهل ان تلك زيادة في القرآنأن؟ وكثير من الصحابة بالاالإضافة الى إلى ائمة اهل البيت يجمعون على انأن ها من القرآنأآن وجزء من كل سورة منها بل هي اشرف آية وفي هذا القول تعاهد للقرآنأآن وتثبيت واإقرار بالكبرى الكلية وهي انأن ما بين الدفتين قرآنأآن.
وفي موضوع نفي التحريف عن القرآنأآن فيه ذب وصيانأانة للعقيدة والأإالاأحكام الشرعية، فالقرآنالقرآن فهو ميثاق السماء في الأإالاأرض وعلى فرض حصول تحريف للقرآنأآن، فمتى وأاين وكيف، ومن قام به ولماذا؟ بل أان السؤال الذي يتقدم هو هل يجرأ عليه احد؟
الجواب : لا، وعلى فرض وجود مثل هذا الشخص ممن نزغ الشيطانأان في نفسه فهل يستطيع فعله؟ هل يتمكن شخص او جاماعة من اإحداث تحريف في القرآنأآن؟ الجواب : لا , لأنأن الحفظ والتعاهد الإالالهي للقرآنأآن وحرص المسلمين على صيانأانته ودفع يد التبديل والتحريف عنه سد منيع واأمانأان دائم يجعل القرآنأآن في حرز، والمسلمون لم يفتروا ساعة واحدة وفي كل بلدانأانهم عن تدارسه وقراءته وختمه ومتابعة وجوه تفسيره وتأويله.
وقد تتصدى بعض الأإالاأقلام بين الحين والآإالاآخر الى إلى هذا الموضوع وتأتي برواياتآايات تتعلق في ظاهرها بالنقص في القرآنأآن او عدم إاحتوائه آياتآيات معينة كانأانت نازلة ليكون باباً للطعن ببعض الفرق الإسلامية وتوجيه التهم لها، ولكن تلك التهمة وحيث يكون موضوعها القرآنأآن والتحريف فيه لا أصل لها، وينقفيها التأريخ والمواقع، وفيه فلابد ان تكون فيها اساءة للقرآن واإيذاء للمسلمين وإارباك وتحد لهم في باب العقيدة وانإن كانأان بالإالإمكانأان التفكيك بين المسألتين والالإالتزام بحفظ وصيانأانة القرآنأآن.
ويمكن القول انأان تلك المسالة هي الكبرى وتوجيه تهمة التحريف الى الطائفة الأخرى من المسلمين هي الصغرى، أي ان الذي يتهم غيره بتحريف القرآن يمر عبر دروب الإساءة الى القرآن والطعن فيه، وهو امر يأباه الورع وويلزم اأعلام الأإالاأمة وأقطاب الشريعة التصدبردعي الأإللأقلام التي تسيء الى إلى القرآنأآن بالواسطة أاو بالعرض ومن غير قصد.
لابد انأن يكون موضوع التحريف الموهوم هو هذا القرآنأآن الذي تسالم عليه المسلمون وعلى ما بين دفتيه منذ أايام الإسلامالإسلام الأالأولى، وعلى الباحثين في هذا الباب انأن لا يحصروا جهودهم في الذب عن مذهبهم وانأن أصحابهمقومهم لم يحرفوا القرآنأآن ويجمعوا على ما يظهر انأن غيرهم هو الذي حرف في القرآنأآن ويبحثوا في بطون الكتب ليأتواي ببعض الرواياتآايات التي يحاول أان يستقرأ من ظاهرها ما يدل على ذلك، ومقتضى الإالأااصل انأن وظيفتهم هي الذب عن القرآنأآن وتوكيد سلامته من التحريف ويتفرع عنه جرياً وأإنطباقاًوان تفرع عنه تنزيه المسلمين جميعاً، لأنأن الملاك هو نصرة الحق وتثبيت الهداية في النفوس ومنع إاتخاذ القــرآنأآن آلة للفتنة , وقد أاراده الله عز وجل رحمة وعزاً وسلاحاً ونصراً للمسلمين , وعنوان وحدتهم وفزع عدوهم منهم , وهو من عمومات قوله تعالى [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ]( ).
وأعرض كبار وكثير من اكبر العلماء والمفسرين اعرضوا ععن التعرض لمثل هذاللقول بتحريف القرآنالقرآن الموضوع جملة وتفصيلاً لا عن عدم إاكتراث والتفات أاو غفلة وسهو بل عن تجاهل مقصود وورع في النفوس مغروس وللتسالم على عدم وجود تحريف في القرآنآأن، وتدارك تلك الاإلأااخبار المؤمنون أاحياناناً بالتأويل والتوجيه وحالت العناية السماوية دون تفشي أاضرارها ومادتها، وفيه ذلك إاعجاز قرآنآأني، انهوهو مصداق لحفظ الله تعالى اإلى للقرآنأآن وعمل جهادي يثاب عليه أاهل الإاإلايماناأن وحملة القرآنآأن.
قال اإلامام الصادق عليه السلام : “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : انأن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نور فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه”( ).
هذا القول يذكره الكليني الذي ينعته بعضهم بتحريف القرآن يخصص باباً في الكافي اسمه باب الأخذ بالسنة وشاهد الكتاب لو لم يعترف ويقر بأن الذي بين ايدينا هو القرآن كيف يكون الرجوع اليه وتقويم صحة احاديث السنة عليه وصد الكذابة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وصدرت اأخبار العرض هذه لم تصدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عبرة بالقول الشاذ القائل بأنه فقط كما ذهب اليه المحدث النوري وانه لا تعارض بينها وبين حصول التحريف وسقوط بعض الآاإلياتآيات بعد انأن إنتقالهه صلى الله عليه وآله وسلم الى إلى الرفيق الأالأعلى.
لأنبل ان النصوص التي نصت على إارجاع السنة الى إلى القرآنأآن وردت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في كتب المسلمين , وهي غضنة حية في كل زماأن عن الأئمةالمعصومين عليهم السلام أايضاً، وبضميمة انأن القرآنأآن الذي كانان في أايامهم هو نفسه الذي في أايدينا الآإالنآأن.
انأإن تلك النصوص وإابتداء من زمن النبوة تؤكد حجية القرآنأآن وعدم حجية ما لم يقطع بانأنه قرآنأآن وما ليس بين الدفتين فلابد انأن يكون العرض عليه كموجود متواتر قطعي الصدور وتدل عليه ايضاً قاعدة نفي الحرج، اذ كيف يكون التكليف بما لا يطاق , والقرآن بحضوره الدائم وهيئته وقراءته المتواترة بين المسلمين قاطبة ينفي النقيصة حينما تعرض عليه الالأاحاديث بإاعتبار أانه الكتاب السماوي الذي [لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ]( ). لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
، ومن ضرورات الدين التمسك بمحكـم آياتآيات كتاب الله في العبادات والمعاملات وعدم الإالالتفات الى إلى مـا يعارضــه، واالأإلأقــوال التي تتعــارض مــع صيــاناأنته وإاجـلاله وحفظه.
وأاخبار النقيصة في القرآنآأن أاخبار آاحاد فلا تصلح للإستدلال فيما يستلزم القطع والتواتر بل ويتعارض معه ولابد من تأويلها فمثلاً قال عبد الله بن مسعود وهو من كبار الصحابة ومن الأاإلأوائل الذي جهروا بقراءة القرآنأآن بمكة وكاناأن يقوم بخدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورفقته في الحل والترحال والغزو، انأن المعوذتين ليستا من القرآنآأن كما تقدم بيانه، وكاناأن يحكهما من المصحف ولم يأخذ المسلمون بهذا القول، وقد ورد بالاالاسناد عن الأمام الباقر عليه السلام عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “القرآنأآن عرصة الالإاسلام”، وانإن كاناأن على نحو الالإاستعارة ويدل الا ان الحديث يدل على أان القرآنآن هو الوعاء العقائدي لأاحكام الاإلإااسلام وهو الجامع الماناأنع , الجامع لأحكام الشريعة , والمانع من التحريف فيها , ليكون من باب الأولوية منعه التحريف عن نفسه.
وقال أاصحاب عبد الكريم بن عجرد من الخوارج في أاواخر المائة الأاإلأولى انأن سورة يوسف ليست من القرآنآأن , و انأن ها قصة عشق ولا يجوز انأن تكون وحياً كما عن الملل والنحل، ومعوعلى فرض صحة النسبة فلا إاعتبار بقولهم هذا لإتيانهم ما هو اكبر في مهالك الضلالة وقد فاتهم الإاإلالتفات الى إلى نظمها وما فيها من الإالإعجاز والدروس وتجرأوا على ما تسالم عليه المسلمون منذ أيام التنزيل بأانها جزء من القرآنآأن.
وورد في حلية الأاإلأولياء بالإالإسناد عن رجل من أاشجع قال : سمع الناس بالمدائن انأن سلماناأن في المسجد فأتوه فجعلوا يثوبون اليه حتى إاجتمع اليه نحو من أالف ، قال : فقام : فجعل يقول : إاجلسوا إاجلسوا، فلما جلسوا فتح سورة يوسف يقرؤها فجعلوا يتصدعون ويذهبون حتى بقى في نحو من مائة فغضب وقال: الزخرف من القول أاردتم؟ ثم قرأت عليكم كتاب الله فذهبتم( ).
انأإن وجود إاختلاف في كلمة أاو حرف في بعض القراءات لا تيعني تحريفاً كما في قراءة (وسارعوا) وأخرى (سارعوا) بلا واو( ).
انإن الكتاب المعـد لنقــل الروايـة لا يعبر عن رأي صاحبه فاذا أورد خبراً بالتحريف فلا يعني انأن صاحب الكتاب يقول بالتحريف إالا انأن يتعهد صاحب الكتاب بصحة ما يرويه على الإاإلاطلاق تعهداً صــريحاً وشاملاً، وظهور تلك الأالأحاديث ظهوراً بيناً لا يحتمل تأويلاً أاو وجوهاً أاخرى، وعدم وجود معارض لها فيكون التساقط أاو النظر بالرجحاناأن.
أاما القول بالزيادة في القرآنأآن أي أان القرآنأآن الذي بين ايدينا فيه زيادة غير منزلة فلم يقل به أاحد من المسلمين ولا اعتبار بقول فرقة مندثرة من الخوارج، بل أان الموعظة تقرأ من حالهم وتجرأهم على القرآنآأن، ان الله عز وجل انتقم منهم ولم يبق لهم الله أاثراً.
والقول بتغيير كلمات القرآنآأن لم يثبت وروده ولم يرد عن معصوم، فما بين الدفتين قرآنآأن منزل وعليه الإالإجماع بل بضرورة من الدين، أاما القول بالنقص في القرآنآأن وهو موضوع التحريف المزعوم وقال به افراد من الشيعة، وقال به جماعة من الحشوية وإاستدلوا عليه برواياتاآيات من الفريقين تبين النقص في القرآنآن ولكن طريقها آحاد وهي لا تفيد العلم ونادرة أاو شاذة ولابد من تأويلها، والااإلإجماع سبق قولهم وتأاخر عليه.
عن العلامة الحلي : الحق انأن ه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه وانأنه لم يزد ولم ينقص وأاعوذ بالله تعالى اإلى من أان يعتقد مثل ذلك فانأنه يوجب التطرق الى إلى معجزة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر.
، وقالومن علماء الشيعة الصدوق قال قبل اكثر من الف سنة انالأ: إاعتقادنـا أان القرآنأن الذي أانزله الله تعالى اإلى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أايدي الناس ليس بأاكثر من ذلك.
وبعدم التحـريف في القـرآنأآن قال علماء الإسلام , وبه قال رؤساء المذاهب والشـيخ المفيد وهو معروف بورعه وكثرة الإاإلاعتماد على الأالأخبار بما في ذلك المحفـوف بالقرينـة، كما قـال به اأيضــاً السـيد المرتضـى والشـيخ الطوسي.
والمتقدمون من الفقهاء والمفسرين لم يقولوا بالزيادة والنقيصة ولكن الخلاف نسب الى إلى علي بن ابراهيم بل هو مذكور في مقدمة تفسيره، والمقدمة ليست من إاعداده بل كتبها ما قيل أن ه تلميذه وهوتلميذه العباس بن محمد بن الوسم والذيهو لم يوثق.
وإجماع المسلمين منذ عهد النبوة على أن ما بين الدفتين كلام الله, وهو خال من اللحن والغلط وعن سعيد بن جبير قال رجل لابن عباس :
إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي قال : ما هو قال : { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقال {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } وقال { ولا يكتمون الله حديثا} وقال {والله ربنا ما كنا مشركين } فقد كتموا في هذه الآية وفي النازعات {أم السماء بناها } إلى قوله { دحاها } فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض ثم قال : { أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } إلى : { طائعين } فذكر في هذا خلق الأرض قبل خلق السماء وقال : { وكان الله غفورا رحيما } { وكان الله عزيزا حكيما } { وكان الله سميعا بصيرا } فكأنه كان ثم مضى .
فقال ابن عباس : { فلا أنساب بينهم } في النفخة الأولى ثم ينفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون ثم في النفخة الآخرة { أقبل بعضهم على بعض يتساءلون } وأما قوله { ما كنا مشركين } { ولا يكتمون الله حديثا } فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم وقال المشركون : تعالوا نقول : لم نكن مشركين فختم الله على أفواههم فتنطق جوارحهم بأعمالهم فعند ذلك عرف أن الله لا يكتم حديثا وعنده يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين وخلق الله الأرض في ويمين ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات في يومين ثم دحا الأرض أي بسطها فأخرج منها الماء والمرعى وخلق فيها الجبال والأشجار والآكام وما ينهما في يومين آخرين فذلك قوله : { والأرض بعد ذلك دحاها } فخلقت الأرض وما فيها في أربعة أيام وخلقت السماء في يومين وقوله { وكان الله غفورا رحيما } يعني نفسه ذلك أي لم يزل ولا يزال كذلك فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد ويحك فلا يختلف عليك القرآن فإن كلا من عند الله( ) .
أما موضوع النسخ فانأنه لا يعني تحريفاً واذ ثبت انأن الله عز وجل أاسقطه من القرآنآأن فهو إاعجاز ولا يعد تحريفاً، لكن النزاع في الكبرى وهي كيف كانان الطريق والدليل الى إلى إاحتمال نسخ التلاوة وإاعتقاد سقوط شيء من القرآنآأن.
ووردت نصوص في بعض الكتب عن النقص في القرآنأآن ، قال عبد الله بن عمر : “لا يقولن احدكم قد أاخذت القرآنآأن كله، ما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآنآأن كثير”المصدررررر( )، وقالت عائشة : “كاناأنت سورة الأإالاحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائتي آية فلما كتب عثماناأن المصاحف لم نقدر الاالا ما هو الآاإلنآأن”، والمدار على ما بين الدفتين.
باالاإلإضافة الى إلى مسالة نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، أي هناك آياتآيات نسخت ورفعت ولكن حكمها لا زال باقياً، وهو أايضاً لم يثبت.
عن هشام بن الحكم وغيره عن الصادق عليه السلام قال : خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى فقال : “يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا قلته، وما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله”( ).
، وتتجلى في موضوع نفي التحريف عن القرآنأآن تبرز موضوعيةا علم الرجال إذ انأن الرواياتايات التي تشير ضمناً الى إلى تحريف القرآنآن ضعيفة السند بالإالإضافة الى إلى انأن ها أاخبار آحاد ولا حجية لها ولا تستطيع معارضة الأولىة القطعية التي تفيد سلامة القرآنالقرآن ممنا التحريف..
وفي القرآنآأن تبياناأن لكل شيء وهو المرجع في الخصومة والنزاع وطلب الحقيقة، وهل أاخبر القرآنآأن عن عدمحصر التحريف فيه، الجواب نعم , لقد تعرض القرآنآن الى إلى المسائل الإإالإبتلائية التي تخص المسلمين , وعامة بني آدم فكيف بمثل هذا الموضوع العام البلوى؟ ولكن نقول ان القرآن تعرض له بالنفيوأكدت آيات القرآنالقرآن سلامته من التحريف والتبديل وإلى يوم القيامة، قال تعالىتعالى [ إِنَّأن ا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون]( ).
في خبر السكوني عن الصادق عليه السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليكم بالقرآنأآن فانأنه شافع مشفع، وما حل مصدق، ومن جعله أامامه قاده الى إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه الى إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبياناأن وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل” .
ويتوجه خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الى إلى الأاإلأمة بأاجيالها المتعاقبة فهول يوصي به لو لم يكنبالقرآنالقرآن لأنه يعلم بالعلم الحضوري انأن ه موجود عندهم.
وورد لفظ التحريف في ثلاثة مواضع من القرآنآأن فيها ذم لفريق من أهل الكتابذم لليهود على تحريفهم الكلم عن مواضعه، فما دام القرآنآأن لم يذم المسلمين ويحذرهم من اإلإقداماقدامهم على تحريف القرآنآأن، وإاجماعهم على عدم التحريف والنقص فيه وليس من وجود لمسالة التحريف في حياة المسلمين بمعنى أانهم متسالمون على أان ما بين الدفتين نازل من عند الله تعالىتعالىتعالى .
وقد وردت بعض نسخ القرآنآأن بفرق كلمة، ودعوى التحريف لم تتعلق بالمعنى اللغوي، وقد يحصل الخلاف والنزاع في التفسير والتأويل، والمعنى موضوع مختلف عما يقصد القوم من التحريف في القرآنأآن، إانهم يريدون أامراً آخر، يقولون إان في القرآنآن تغييراً وتبديلاً لما نزل على صدر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والذي يذم غيره بهذا ينفي التهمة عن نفسه في التحريف وتلك تهمة يرفضها ويرفض ما فيها من العار والفضيحة كل مسلم.
هل هنـاك أيــادي ونوايـا سوء ضد الإسلامالإسلام في سرد بعض الأالأخبـار والروايــاتاآيات المفتعلـة والأالأكاذيب أاريد منها الفرقة بين المسلمين لا يسـتبعد ذلك لا أقل في إاستغلال وترويج مثل هذه الأالأخبار، ويجب أن لا يكون فلا تجعـلوا القرآنأآن عرضـة لأسباب الخصومة المذهبية والخلافات الفقهية في باب الأاإلأاحكام لأنأن مداركها جميعاً من القرآنآأن، وهو موضوع الوحدة بين المسلمين , قال تعالى [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا]( )..
ولا غرابة في وقوع الإالإختلاف بالتأويل ووجوه الإالإستنباط ونوع الرواياتايات المعتمدة عند بعضهم والمعتمدة عند البعض الآالآخر سواء كانان بلحاظ السند أاو الدلالة والمضمون ولا ربط لموضوع التحريف بالقراء والقراءات لأنأن القرآنآن هو الكتاب المنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإالإختلاف في القراءة إاجتهاد في بيانان النطق وقراءة القرآنآأن، وفي كيفية أادائه والمسامحة والتعدد فيها , ولا صلة لها بالتحريف وهناك شواهد في أايام النبوة على القراءة المتعددة لبعض الكلمات للبيانان والتيسير والتفسير كقضية في واقعة.
وإاختلاف القراء وإاجتهادهم في قراءتهم مع وجود أاصل القرآنآأن بين الدفتين مدرسة علمية في بلاغة القرآن ,سواء على القول بتواتر القراءات السبع ام على القول بعدم تواترهـا وابتنائهـا على إاجتهـاد لغوي ظني لكيفية القراءة، ويظهر بالقراءات الشاذة وله شواهد كثيرة في كتب التفسير والقـراءات، ولا علاقـة لهذا التحريف بالمعنى الإالإصطلاحي , ويدل على انأن التحـريف إاذا ورد في النص أاعم من التحريف في الإالإصطلاح.
والزيادة او النقص في الحروف أو في الحركات واقع في قراءة القرآنآن لعدم ثبوت تواتر جميع القراءات لأنأن القرآنآأن المنزل انأن ما هو مطابق لأحدى القراءات، وعلى فرض ثبوتها فإأنها رحمة وسعة وفضل من الله تعالىتعالى على المسلمين، وآية في التنزيل..
وهذا ليس من التحريف الإالإصطلاحي الذي هو وقوع زيادة أوحدوث نقيصة في واإدعاء تعدد وجوه التحريف إارباك للمسلمين وخلاف الدقة في التحقيق.
والمـدار في التحـريف يجـب انأن يكون موضوعية هـذا القرآآنأن الذي بين أايدينـا وإاذا ما شـككنا بالتحـريف، فالأالأصل البراءة لأنأنه من الشبهة الموضوعية.
ومع نحن نقر باإمكاانأن إاستعمال لفظ التحريف في أاكثر من معنى ويكون من المشترك اللفظي، فولكن االقاعدة تقتضي إاستحضار القرينة لفهم أاحد معاناأنيه وعدم إابقائه مجملاً لا يدل على أاحد معاناأنيه، إاذ لا يمكن أان يجتمع لحاظانأن في آنآأن واحد على ملحوظ واحد من جهة واحدة لأنأن الوجود بسيط.
بالإالإضافة الى إلى أاصالة الظهور أي أان اللفظ قد يراد منه معنى معين لا يقبل الخلاف فيكون فيه نص، وقد يحتمل اللفظ إارادة غير الظاهر، فالأاإلأصل فيه حينئذ هو قصد المتكلم للمعنى الظاهر من اللفظ دون خلافه إالا مع القرينة الصارفة الى إلى غير الظاهر لذا قيل أان الأالأصول العملية الأاإلأخرى راجعة الى إلى هذا الأاإلأصل فاذا كاناأن اللفظ يحتمل المجاز يحمل على ظاهره، وإان كانأن يحتمل التقييد فيحمل على الإاإلاطلاق وإاذا إاحتمل التخصيص فانأنه ظاهر في العموم.
وهكذا بناء العقلاء ومحاوراتهم في الخطابات الجارية بينهم وهي عدم الإالالتفات الى إلى إاحتمال غير الظاهر إالا مع القرينة فماذا يراد من التحريف؟ المتبادر هو أان تغييراً حصل في أاصل القرآآنأن، وهذا ما لم يحصل وخلاف النص والظاهر والوجدانان، وتعاهد المسلمين منذ عصر النبوة لآياتآيات القرآنآأن.
لاسيما وانأن الموضوع يتعلق بكل مسلم يلتزم ويرتبط بعقيدته وبأاخلاقه ثم أان لم يتيسر لكل المسلمين البحث والدراسة وأخذ زبدة االأإلاحكام وثمرة البحوث ونتائج الدراسات، فلابد من تحديد معنى إاصطلاحي للتحريف ثم إايجاد أاسماء أاخرى لتلك المعاناأني التي قد يطلق عليها بعضهم عنواناأن التحريف مجازاً أاو إاستعارة، للفصل والتمييز والمحافظة على النظرة النوعية السليمة للقرآنآن بما يناسب عظيم منزلته وما يستحقه من االإإلاكرام.
فنفي التحريف عن القرآآنأن، فيه فوائد ومنافع من وجوه :
الأول : تنزيه كتاب الله.
الثاني : الاإلإااقرار والإالإانصياع لعمومات قوله تعالى اإلى[ إِنَّأن ا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون ]( ).
الثالث : تعاهد الوحدة الاسلامالإسلامية وهي حاجة ملحة في هذا الزماناأن، وفي كل زمانأان.
الرابع : دخول القرآآنأن والأالأمة نظام العولمة بتماسك وثقة وحصاناأنة عقائدية.
الخامس : طرد روح الشك والتردد من النفوس.
السادس : تعاهد الآإالياتآيات القرآنأآنية وحفظها والشعوروالغبطة من منازل العبودية بالصلة مع الباري عز وجل عند القراءة والتلاوة.
السابع : الالإابتعاد عن الاإلإافتراء والقذف بالمسلمين أاو بالفرق الاإلااخرى.
الثامن : الالإاندفاع النوعي العام في دراسة القرآنآأن وإاظهار علومه ومكنوناته.
ويمكن تقسيم التحريف بلحاظ الزماناأن الى إلى ثلاثة أاقسام أمس واليوم وغداً.
، وبالنسبة للتحريف أمساً والمراد منه الماضي والمنصرم من أافراد الزمانان إذ لم يثبت التحريف وقصده وإرادته، وكان المسلمون جميعاً حريصين على سلامة القرآنالقرآن من التحريف إلى جانب الفضل والمدد الالهي في حفظه.
اأما الحاضر فهو توكيد بعض الأالأخبار الشاذة التي تتعلق بالتحريف وإاستغلاله لمقاصد خبيثة أاو سوء تأويله.
، أاما المستقبل فهو ما يحتمل انأن يحصل من تحريف في المعنى والمضمون والتأويل.
، والتحريف في القرآآنأن يتصور على وجوه :
الأول : وجود الزيادة فيه.
الثاني : وجود النقيصة.
الثالث : تغيير وتبديل بعض الكلمات والحروف.
الرابع : تغيير مواضع الآإالياتآيات والتقديم والتأخير.
والأاإلأامس يقسم إلى :
الأول: ما قبل التنزيل.
الثاني: أيام التنزيل – محاولات إاغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الثالث: ما بعد انإنتقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى إلى الرفيق الأاإلأاعلى.
الرابع: تحول النظام الاسلامالإسلامي الى إلى ممالك وحصول الاإلااحتلال أحياأناً ودخول المستشرقين.
الخامس: ظهور الفرق والطوائف عند المسلمين.
السادس: حصول الفتن بين فرق المسلمين.
والقرآآنأن بنفسه ينفي التحريف عنه، ولا يحتاج الى إلى جهود ومؤسسات ولكن هذا لا يمنع من تظافر الجهود لإبراز الإالإعجاز الذاتي للقرآنآأن في منع التحريف ووسائله واأسبابه من الوصول اليه.
وكتمانان الآالياتآيات من التحريف ولكن هذا لا يمنع من الااإلإجتهاد في نفي واإبطال دعوى التحريف وانأان جاءت لاحقة، وليس من كتمأن آيات القرآنالقرآن خاصةته وأن الله تعالىتعالى جعل قراءراته واجبة يومياً على كل ملكف من المسلمين والمسلمات وجعل واقية على النبي قال تعالى [المْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ]( )، وهو من عمومات سلامة القرآن من التحريف، ومنع الكفار من تحريفه.
وإاذا أاثبتنا عدم وجود التحريف فيه وانأن ما بين الدفتين قرآنأن فهل إانتهت معركة التحريف؟
الجواب:و نتناول التحريف اليوم، والمراد من اليوم لغة مافهو يشمل الاإلأاايام المعاصرة، والسنوات القليلة الماضية والتي نعيشها فكيف يتحدى القرآنأآن التحريف فيها؟
وانإن كاناأن العنواناأن أمس واليوم وغداً وعطف كل منههما على الآاإلآاخر، والعطف يدل على التعدد والتغاير والاثنينية بمعنى حينما نقول صليت الظهر والعصر، فهذه الواو بينهما تدل على أان الظهر غير العصر وأن جثئث بهما جمعاً من غير فأنه ليس من انأين فصال بينهما، بل انها متداخلة بينهما ويؤثر بعضها بالبعض الآاإلآاخر، فالتحريف في الأاإلأامس يؤثر على حال القرآآنأن والمسلمين في هذا الزمانان وفي الغد أايضاً، ولكنه لم يحصل كما ان التحريف وإادعاءه وتجديد القول به وطعن بعض فرق المسلمين بالقول به يضر بالقرآن أمس وغداً ايضاً، فكما ان ملة الكفر واحدة فان التعدي على القرآن واحدأمر لا أصل له ويجب تنزيه القرآنالقرآن ، وإجتناب التعدي عليه، وانأن جاء في زماناأن وكيفية معينة، ومن وجوه دراسة الموضوع :
الأول : الفارق بين النسخ والتحريف.
الثاني : التحريف في الكتب السابقة للقرآآنأن.
الثالث : فلسفة عدم تحريف القرآآنأن، فما دام هو الكتاب السماوي والشريعة الثابتة الى إلى يوم القيامة فلابد أانه غير محرف، بتعاهد من الله تعالى اإلى وعليه الكتاب والسنة والإالإجماع والعقل والوجداناأن.
الرابع : الصلة بين جمع القرآنآأن وأواناأنه من جهة وبين عدم التحريف.
الخامس : البحث في الاإلأااخبار القائلة بالتحريف وإابطالها بعرضها على القرآنأآن والسنة بل بأاقوال أاصحابها الإالأااخرى وإاقرارهم وتسليمهم بعدم التحريف، ويساهم بالمفهوم في نفي التحريف لما يدل عليه من الإاإلإاقرار بنزوله من عند الله تعالىتعالىتعالى .
السادس : مطابقة القرآآنأن للوقائع والاإلأااحداث والمكتشفات العلمية تيدل على إاعجازه.
السابع : مقامات التحدي وأاقسامها :
*الحسية.
- العقلية.
- الجسماناأنية. *العلمية.
- التأريخية.
- الااإلأاخلاقية.
*الاإالإاجتماعية.
قال تعالى اإلى[قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا]( ).
الثامن : الإعجاز الغيري للقرآن برد وفضح صيغ ودعوى طرو التحريف عليه , وتأكيد القرآن لسلامته منها .
ونطرح لها تفسيراً جديداً يتماشى وحقيقة التحدي القرآآنأني وهو انأن الإإااجتماع الإنس والجن لا ينحصر بأهل زماناأن دون زماناأن، فالأاإلالف واللام وردت للجنس وليس للعهد، أي لو انأن كل أمة من الإالإنأنس والجن في زمانانها اجتمعت وأعدت ما تسعى لأن يشبه القرآنآأن ثم جاءت الأاإلأامة اللاحقة والجيل التالي وتمم وهكذا الى إلى يوم القيامة لما إاستطاعت الاإلأااجيال مجتمعة انأن تأتي بمثله، وكما يشيران القرآنأآن يشير الى إلى العلوم والآإالآافاق فأنإأنه أايضاً لابد انأن يكون ناظراً إلى مسالةمحتسباً لمسألة التطور التقني والثورة المعلوماتية , وسوف تستنبط من القرآن سنن ومسائل وقوانين قهر وخيبة أهل الريب في كل زمان , والتحدي في قوله تعالى [وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ]( ).
ويمكن بل اننا يمكن انأن نستقرأ أاخبار القرآآنأن في الآيةالآية أعلاه من سورة الإسراء عن حصول وحلول العولمة، فقد يقال سابقاً انأن الآيةالآية مجرد فرض إاذ لا يمكن إاجتماع الناس وهم في امصار شتى، أما الآإالنآأن فاناأن الااإلإاجتماع حاصل والتحدي القرآآنأني باق، نعم لابد انأن نجتهد في إاظهار إاعجاز القرآنآن وعلومه في خصائص القرآنأآن انأن ه متقدم على زماناأنه دائماً في علومه ومضامينه وأاحكامه، فعلينا انأن نؤكد بالمبرز الخارجي وبالااإلأارقام والااإلإاحصائيات انأن ه متقدم على زماناأنه.
مثلاً يحصل إختراع يخبر القرآآنأن عن مكانأنهعلى أنه من عالم الإمكان لا انأن نقف عند حال الرجوع الى إلى القرآنآأن عند إكتشاف علمي جديد للبحث عن مصداقه في آياتآياته الشريفة وإانأن كاناأن هذا الأإالأامر حسن أايضاً، الاالا انأن ه يكون اقوى حجية وعوناً للناس لو تم إابتداءً، ولابد من تأسيس مؤسسات متخصصة في كافة أابواب العلوم وظيفتها تلمس أوجه الااإلأاكتشاف في القرآنأآن في هذا الباب ليبقى التحدي متصلا , ولإاثبات حاجة الناس للقرآآنأن.
مثلاً قوله تعالى اإلى[وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ]( )، ما من داء الاالا له دواء، مما يستلزم العمل الدؤوب من الدول والمؤسسات وبذل الأموال وإعاأنة اإلأاطباء في بحوثهم وبناء المختبرات وصناعة الأاجهزة المناسبة لإكتشاف الدواء للأمراض المستعصيةو تنفق مليارات على السلاح والحروب بإسم الديمقراطية والحرية ولا دعم انساني معتبر للأطباء في مختبراتهم وابحاثهم يتناسب وعظيم وظيفتهم الانسانية.
وفي قوله تعالى الى[قَال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ]( )، مسائل :
الأولى :، فيه الحث على تأسيس وزارة باسم وزارة الاإلأاارض.
الثانية : لزوم العناية بالزراعة ومقدماتها.
الثالثة :
وبشارة خروج كنوز الاإلأاارض من النفط وغيره.
الرابعة :
والآية إاخبار عن أان في أارض مصر ثروات أارضية لم تستثمر بعد وانأن كاناأن ظاهرها الزراعة، ولكنها أعم.
الخامسة : منع التفريط بخيرات الأرض.
السادسة : وجوب إختيار أيادي أمينة تتولى الإشراف على الثروات التي تخرج من الأرض فقد كان يوسف عليه السلام نبياً.
وهناك وظائف إايماناأنية خاصة بهذا الباب منها :
الأولى : الذب عن القرآآنأن وحفظه.
الثانية : تقوية وتثبيت الإاإلايماناأن.
الثالثة : تحبيب القرآآنأن للنفوس، وجعل الناس تتدبر في آياته قال تعالى [وَإِذَا قُرِئَ القرآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا] ( ).
الرابعة : مواصلة التحدي والالإاجهار به بالقرآن وهو من عمومات قوله تعالى [وَرَتِّلْ القُرْآنَ تَرْتِيلاً]( )، أي أن الآية أعلاه تدعو للجهر بالقرآن.
الخامسة : الدخول الى إلى العولمة والهجوم بأقوى الاإلأااسلحة وهو القرآنآن خاصة وأان ميزانان القوى المادية يميل بقوة وثقل الى إلى جاناأنب غير المسلمين، فيأتي القرآنالقرآن ليرجح كفة المسلمين بالصلاح واإلأماأنة وتمسكهم بالقرآأن وأحكامه.
السادسة : انأن تحدي القرآآنأن لا ينحصر بالمنعة الذاتية أي لا يقف عند طرو محاولات التغيير والتبديل في كلماته وآياتآياته، بل يمكن انأن نحمل التحريف على المعنى الأاإلأاعم، فهل يستطيع القرآنآن انأن يتحدى التحريف في القيم والاإلأااخلاق والقواناأنين والشرائع .
الجواب : نعم، وبذا ننقل موضوع الجهاد القرآنآأني الى إلى الساحة العالمية ومختلف الميادين.
السابعة : من التحريف الذي يتحداه القرآآنأن الظلم والجور الذي يتعرض له المسلمون.
الثامنة : ومن التحريف غزو المسلمين في عقر دارهم، فالقرآآنأن يفضحه ويخزيه قال تعالى [فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ]( ).
التاسعة : سلامة القرآنالقرآن من التحريفتحدي القرآن حرز لنا وحفظ حرز وحفظ للمسلمين وعوائلهم ومساجدهم.
وعن الإاإلإامام علي عليه السلام يقاول : “كنا اذا حما الوطيس لذنا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم” .
وبلوذ المسلموننحن في هذا الزمانأن وان لم تكن حرباً قتالياً فأن الوطيس فيها حام، كل كل يوم وكل ساعة وعلينا انأن نلوذ بالقرآآنأن، نثوره، نستخرج علومه، نجعله ملاذاً.
ومن إاعجاز القرآآنأن، أانه يحـارب التحـريف عند الملل الاإلأااخرى، وفي مناهج السلوك في كل زماناأن.
تـرى ما هـي النسبة بين الاإلإااعجاز والتحدي؟
النسبة هي عموم وخصوص مطلق فكل إاعجاز هو تحدِ وليس كل تحد هو إاعجاز، والقرآآنأن بذاته يتحدى القائلين بالتحريف ويمنع من وجود مستمع لهم ، ويبدد أاخبار الآاإلآاحاد والشاذة التي تقول به، ليبقى شاهداً على جهاد المسلمين في حفظه وتعاهده .
وسلامة القرآآنأن من التحريف دعوة للناس للإيماناأن، وحث على اللجوء الى إلى كلام الله لتتجلى في تلاوته والعمل بأحكامه صلة الإاإلناأنساناأن بالباري عز وجل وإارتقاء المسلمئه في عالم الملكوت.
وقد تفضل الله عز وجل وأنزل القرآن نجوماً وعلى مدى ثلاث وعشرين سنة ليكون هذا التدرج والتعاقب في نزول الآيات وسيلة مباركة لسلامته من التحريف، وحفظ المسلمين له في صدورهم، وقيامهم بتدوين آياته، وكثرة نسخها، وقد أراد الكفار نزوله مرة واحدة [لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً]( )، وهم لا يعلمون أن تنزيله نجوماً دعوة متجددة لهم للإيمان، ورحمة بهم وبالناس جميعاً.
الوحي
الوحي لغة : هو الإالإشارة والكتابة والرسالة والإالالهام وكل ما أالقيته الى إلى غيرك والإلهام، وإاعلام في خفاء، ولذا سمي الإالالهام وحياً، والوحي من الكليات المشككة فهو يقع على مسميات متعددة ذات معنى واحد، ومنها ما يكون الوحيومنه ما يكون ظاهراً للرسول .
وهو والوحي مصدر وحى إاليه، والأالأصل فعول مثل فلوس، ويقال الوحا الوحا أي بسرعة، وهو منصوب بفعل مضمر، وموت وحي أي سريع لفظاً ومعنى.
وهو في الإاإلإاصطلاح وعلم الكلام تعليم وإالقاء الله عز وجل للأنأنبياء ما يتعلق بامور بأمور الدين بواسطة الملائكة من غير واسطة بشر، وهو مصدر وحى اليه والأصل فعول مثل فلوس يقال الوحا الوحا أي بسرعة وهو منصوب بفعل مضمر، وموت وحي أي سريع لفظاً ومعنى.
وقيل هو الكلام الخفي من جهة ملك في حق نبي في حال اليقظة، ولكنه أعم لغة وإصطلاحاً , ولكن ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “أان رؤيا الأالنأنبياء وحي ،.
فهل هو وحي مجازاً أم أان منامهم ملحق باليقظة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : “تنام عيناي ولا ينام قلبي”، الاإلأااقرب أانه وحي على الحقيقة وملحق بالوحي حكماً ويدل عليه قوله تعالى إالى في إابراهيم عليه السلام [[ قال يا بني اني أرى في المنام ان أذبحك قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرينفَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَال يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَال يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ]]( ).
والوحي مصدر التكاليف والشرائع، وبه تعرف النبوة وقيل لولاه لإأنقطعت أإاخبار السماء، أاقول : انأن ه نوع طريق للتبليغ والله واسع كريم , فاذا لم يكن الوحي فإان الله تعالى إلى يختار أانبياءه، ويبلغ الأحكامالأاإلأاحكام بما يبتدعه.
، قال الإالإإلامام علي عليه السلام وهو يلي غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتجهيزه : “بأبي أانت وأامي يا رسول الله لقد إانقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأالنأنبياء وأاخبار السماء”( ).
ووردت مادة (وحي) في نحو سبعين موضعاً من القرآآنأن، وهناك آياتآيات أاخرى تتعلق بالوحي، ولكن بغير لفظه , كما في قوله تعالى اإلى[[وَعلم آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلاَئِكَةِ فَقَال أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ أَنْأن بِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْأن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَأنكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّإلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّأن كَ أَنْأن تَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَاآدَمُ أَنْأن بِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْأن بَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم باسمائهم]]( ).
ولا يدرك الناس وان كنا لا ندرك كنه وكيفية ذلك التعليم لأنأنه حدث في السماء، ولعل له نواميس تختلف عن نواميس وأاحكام الاإلأاارض، وبينهما عموم وخصوص من وجه، وعلى هذا يجوز انأن هل يكون هذا التعليم لآدم بمثل الوحي بواسطة الملك أاو لا، الاإلأااقرب هو الثاناأني اا.
وبعد أان تم تعليم آدم عليه السلام قالت الملائكة [[لاَ عِلْمَ لَنَا]]، ومن المستبعد أان ينقل الملك ما لا يعلمه، أي أان الملك لم ينقل هذا الوحي إالا على فرض انأن الملك الذي نقل الوحي والتعليم الى إلى آدم لم يكن مشمولاً بسؤاله وأمره تعالى اإلى[[ انبئونيانأنبئوني]].
وبين الوحي والقرآنأآن عموم وخصوص مطلق، فكل قرآنآأن هو وحي، وليس كل وحي قرآنآأناً، وأاول ما بدء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكاناأن لا يرى رؤيا إالا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إاليه الخلاء , وكاناأن يخلو في غار حراء فيتحننث فيه ، وهو التعبد في الليالي ذوات العدد، (لعل العدد هنا الااإلإاحصاء والحصر)، قبل انأن ينزع الى إلى اأهله ويتزود لذلك ثم و يرجع الى إلى خديجة ويتزود لمثلها حتى جاء الحق وهو في غار حراء , فجاءه الملك فقال: إاقرأ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما أانا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أارسلني، فقال : اقرأ، فقلت ما أنأن ا بقارئ، فأخذني فغطني الثانأانية ثم أارسلني فقال : [[ اقْرَأْ بِاسم رَبِّكَ الذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِإالناأنسَانَأان مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَالأكْرَمُ * الذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ * عَلَّمَ الإِإالناأنسَانَاأن مَا لَمْ يَعْلَمْ اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ]]( ).
والوحي أعم من النبوة ومعرفــة التكاليف ويدل على عموم قدرة اللته تعالى اإلى وإاتصالها اقتداء إابتداء وخلقاً وإاستدامة , فكل ممكن يمتنع حصوله وبقاؤه بدون علة، والوحي يدل على إانقطاع سلسلة الممكنات بواجب الوجــود لذاتـــه، وحاجة الناس والخلائق إلى رحمة ولطف الله تعالى ويدل أإايضاً على أان الموجودات لا تستطيع الإإالإاستغناء عن مشيئته تعالى اإلى لملازمة الحاجة للإمكاناأن.
وبين النبوة والوحي ملازمة وإان كاناأن بعض الأاإلنأنبياء ممن يتنبأ في منامه ومنهم من يسمع الصوت ولا يرى الملك، وصحيح أان الاإلأاانبياء من البشر، ولكنهم إاختلفوا عن الناس بما خصهم الله عز وجل به من الفضل وشرف النبوة وعظيم وظائفها.
ومن المسلمات أان الوحي الى إلى الاإلأاانبياء لم يكن على مرتبة وكيفية واحدة، وهو أعم من انأن يكون لفظاً، وتفضل الله وجمع للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وجوه الوحي.
وقد ينقطع الاإلإاانساناأن الى إلى التسبيح والعبادة ويمارس رياضة روحية وقسوة في نوع الغذاء وكميته، وقد يحصل على كشف أاهل الغرفان العرفانأان او الاهام أاهل الوصل، ولكنه حس ذاتي ووجداانن نفسي وتوظيف للاشعور او الحاسة السادسة او إافاضة رباناأنية، ولكنه يختلف في الماهية والموضوع عن الوحي السماوي الذي هو فيض من الكمال إاختص اللبه به الإالأاانبياء على نحو الحصر تشريفاً ومرتبة ووظيفة ملكوتية كمبعوثين لأهل الأاإلأارض برسالة السماء.
وفلسفة الوحي أكبر من انأن تدركها أاوهام البشر فهو عنواناأن الاإلإااتصال الدائم بين الباري والخلق، فكما نفخ الله سبحاناأنه من روحه في آدم عليه السلام فانأنه تعالى اإلى أبى انأن يترك الاإلإاانساناأن الذي أسجد له الملائكة وكلفه بالعبادات من غير مادة للإاتصال ومعرفة ما يجب عليه وما ينتهي عنه الا الوحي للأنبياء، فكانأن الوحي قواعد سماوية وتشريعية ثابتة لإنأنارة دروب الهداية وفضح صيغ الضلالة ووجوه الكفر.
وقد يكون معنى الوحي في القرآنآأن أخص من معناه في اللغة، فلم يرد لفظ الوحي فيه موضوعاً بين الناس بعضهم مع البعضهم الآاإلآاخر، مما يدل على أاهمية المعنى الإالاصطلاحي له ولإعطائه صبغة عقائدية ولتوكيد أاهميته، نعم ورد في زكريا [[ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّإلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ المِحْرَابِ فَأَوْحَى اليْهِمْ أَنْأن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا قال رب اجعل لي آية قال آيتك الا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً، فخرج على قومه من المحراب فأوحى اليهم ان سـبحوه بكرة وعشياً ]]( ).
وقال المفسرون أان الوحي هنا الإاإلإاشارة، ولكن البحث فيه أعم، فانإأنه وحي بالواسطة ودعوة صامتة وتلك الدعوة قد تجمع أاحياناأناً بين الوظيفة الشرعية والأإالأامن على النفس، وفيه دلالة على موضوعية التسبيح في الدعوة الى إلى الله وإتخاذ المواظبة عليه طريقاً الى إلى التقوى وسبيلاً الى إلى الإاإلنإأنصات الى إلى الأاإلنأنبياء في تبليغهم ونقلهم لرسالة السماء، وبياأن لحقيقة وهي أن الدعوة الصاأنعمتة فرد من مصاديق جذب الناس إلى اإلإايماأن .
لقد أوحى إاليهم زكريا انأن سبحوا الله، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم جاء بالاحكامالأاإلاأحكام والشريعة الحقــة لفظاً وفعلاً وتقريراً، مما يدل على علو درجته في عالم النبوة.
وفي دراســة مقارنة تظهر نعمة اللتـــه تعالى اإلى على المسلمـين بالوحي فأنإأن أاصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كاناأنوا يرون ما يصيبه من الكرب وانأن جبينه يتفصد عرقاً في اليوم الشديــد البرد ساعـة نزول الوحي كآية محسوسـة لفلسفة الرسالــة ومشقــة تحملها، لذا فمن مستلزمات الوحي إامتلاك شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكمالااإلات الإاإلنإأنساناأنيـة بفضل الله، كمقدمة عقائدية وإاجتماعية ومصدر توفيق ومقدمة لتصديق الناس وإاستماعهم لـه، فمن لا يكون صادقاً مع الناس في سيرته ومعاملاته وكلامه لا يصدقه الناس بدعوى النبوة.
وأطلق الباحثون في علم الكلام اطلقوا هذه المقولة على نحو السالبة الكلية، ولكن على القولومع قولنا بعصمة الأاإلنأنبياء مطلقاً فاإنأن الله عز وجل إاذا أاراد امرأمراً أاتقنه وأاحكمه وقيض أاسبابه ويمكن الإاإلإاستشهاد بالمعجزة فهي دليل قاطع على صدق النبي، وقد يكون الإاإلنإأنساناأن صادقاً في كل حياته ثم يدعي النبوة كاذباً او وهماً او خيالاًالا وانإأن كاناأن هذا على سبيل الفرض، فمن إاعتاد الصدق وتلبس به كفرد من أافراد الصلاح تتبلور بنفسه حواجز أادبية وأاخلاقية، وتكون عنده طبائع حميدة تحول دون إادّعاء الزور والكذب، نعم كاناأنت العصمة رحمة، والمطلقة عنواناأن
تخفيف عن الناس ومقدمة علمية للتصــديق بالنبي وإعداداً الهياً لمنصب النبوة والإالامامة.
ووجودب أاسباب وشرائط الصحة من طرف الفاعل والقابل لأنأنه تعالى اإلى أإاتقن كل شيء، وعلى فرض وجود خلل سابق في القابل، فانإأن الأاإلأاسباب من طرف الفاعل والعلة الغائيية كافية في التنجيز وتحقيق غاياتايات النبوة لعظيم قدرة اللته تعالى الى، واإستجابة المخلوقات جميعاً لإرادته.
وهذا القول يفتح آفاقاً لإستمرارفي اطار الوحدة العقائدية للمسلمين وانإأن إاختلفت مذاهبهم الكلامية ليصبح تباين الأاإلأاقوال في عصمة الأاإلنأنبياء قبل النبوة نزاعاً صغروياً وهو الحق، وليس في ذلك إاغراء للمكلفين باتباع الكاذب، لإاعتبار موضوعية المعجزة في ثبوت دعوى النبوة، والمعجزة في الاإالاإصطلاح أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة، ولا ينالها الكاذب للتناقض والتضاد بين النبوة والكذب، ولعصمة الاإلأاانبياء مطلقاً، ولأانها فيض وفضل الهي إاختص به أشرف خلقه وهم الأاإلنأنبياء.
وللوحي أاسرار وأاحكام لم تستوف الدراسات الإسلامالإسلامالإسلامية حقها سواء ما تعلق بكيفيته وموضوعيته وإاختلاف صوره عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم أاو ما أانزل إاليه والى إلى غيره من الأاإلنأنبياء، وصفات الملك الذي يأتي بالوحي وهيئته ومقدماته وبداياتاآياته وموضوعه وغاياتاآياته واأثره ونفعه العقائدي والاإلأاإخلاقي.
روي الحرث بن هشام انأن ه سال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : “يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أاحيانأاناً يأتيني مثل صلصلة الجرس أي صوت الجرس- وهو أاشده علي فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال، وأاحياناأناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول”( ).
وعن عبادة بن الصامت قال : “كاناأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إاذا أانزل عإاليه الوحــي كرب لذلك وتربد وجهه) ( )، وفي رواية نكس رأســه ونكس أاصحابــه رؤوسهـــم، فلما ســرى عنه رفع رأسه”.
وفي حديث الوحي كأنأنه صلصلة على صفواناأن، والصلصلة صوت الحديد، إاشارة الى إلى وجود المشقة والصعوبة في تلقي الوحي، انإأن مقام النبـوة منزلة لا تنال الاالا بفضل وتعاهد وعناية من الله تعالى الى، فمن لا يعدّه الله لتلقي الوحي لذا لا يستطيع تحمله، أي انأن الإالإعداد للنبوة يسبق مرحلة الوحي، وهذا الإالاعداد لا ينحصر بايجاد المقدرة البدنية على تلقي الوحي بل يشمل المدارك والملكات والاإلأااخلاق والأاإلأاعمال، فلا غرابة إاذن أان يسبق نزول الوحي على النــبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحنثه في غار حراء.
ويذكر المفسرون والمؤرخون عزلته صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء، ودرس كل منا في صباه وعلى مستوى العالم الإسلامالإسلامالإسلامي ومدارسه هذا في المدرسة، ومن الآياتالآاإلياتآيات انأن ه من المواضيع المدرسية التي سرعاناأن ما ترسخ في الأاإلأاذهاناأن وتبقى عالقة فيها، ويشترك طلاب الصف على إاختلاف وتباين مداركهم في وعيها ومتابعتها بشوق وإاجلال، ليكون شاهداً وسراً من أاسرار حفظ الوحي، ولكن من غير بياناأن وذكر العلة وإاستقراء الدروس والعبر من هذه العزلة، فلم تكن عزلة حكمـاء أاو فلاسفــة بل كاناأنت جــزء علة للوحي، فلابد أان تكون هناك أاسباب سماوية لتلك العزلة، إأانها مقدمة وباب للإستعداد للوحي ورياضة النفس في مسالك العرفانأان والإاإلإنأنقطاع الى إلى الله تعالىتعالىتعالى .
ونطرح في هذا الباب تساؤلاً جديداً وهو هل كاناأن ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في بداياتاآيات العزلة وأاثناء التحنث ينتظر نزول الوحي عليه، الجواب : نعم.
(أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب اليه الخلاء) ( )(وعن عائشة انأن الله تعالى إلى حبب اليه الخلوة فلم يكن شيء أحب اليه من انأن يخلو وحده)،، وكاناأنت الرؤيا الصادقة تسير بعرض واحد مع حب الخلوة لخلق العزم والقوة على تلقي الوحي بطمأنأنينة بعيداً عن الشك في امرأمره او التردد في تبليغ ما يحمله من أاحكام، وعن الإالامام الباقر عليه السلام قال: “أاول ما بدء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكاناأن لا يرى رؤيا الاالا جاءت كفلق الصبح ثم حبب اليه الخلاء”.
(وقد روي انأن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأاربعين جزء من النبوة) وتأويله انأن مدة الرؤيا ستة أاشهر من أاصل ثلاث وعشرين سنة، مدة النبوة والوحي، وفيها تهيئة للنفس لمرحلة سمع وتكليف ومعاينة، وفي قوله تعالى اإلى[[ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحى في كل سماء امرها ]]( )،ف ورد في التفسير انأن الله سبحانأنه أاودع في كل سماء السنن والأالنأنظمة الكونية وقدر عليها دوامهاوما يصلح السماوات والأرض وما فيهن.
وعندي والظاهر انأن المعنى أاكثر سعة ومضموناً، وانأن الآيةالآيةالآية تدل على انأن الوحي لم ينحصر بالأاإلنأنبياء تلقياً أو بالإاإلنإأنساناأن موضوعاً، وانأن النظام الكوني محتاج في إاستدامة الأحكامالأالإلأاحكام الشرعية في أاطرافه التي يعجز العقل البشري عن إادراك ما بينها من البعد الهائل الى إلى الوحي، وانأن الملائكة القائمين في امور أمور السماوات وشؤونها يأتيهم الوحي ليس فقط بخصــوص السماء وما يتعلق بها من المســائل الكونية بل وما يهم عباداتهم، ومصاديق الإاإلإارادة التـكــوينيــة، وتــدل عليه أمور :
اإلأاول : ظاهــراً لغة المضارع والإالاستقبال في صيغة الأاإلأامر الإاإلإالهي الوارد في قوله تعالى اإلى[[ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ]]( ).
الثاأني:، وإاجتماع صيغتي الماضي والمضارع الذي يدل على الإالاثنينية والتعدد في الأاإلأامر كما في قوله تعالى اإلى[[ يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا قُوا أَنأن فُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يا ايها الذين آمنوا قوّا انفسكم واهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرو]]( ) .
الثالث : تعدد وظائف الملائكة , .
الأاإلأامر الذي يدل على أاهمية موضوع الوحي في عالم المخلوقات مطلقاً إاذ لابد من طريق مبارك لتلقي الأحكامالأالأإلاحكام من عند الله تعالى إلى ولكن الوحي بآياتآيات القرآنآأن له خصوصية , ويمتاز بصفات ملكوتية تتطلب دراسته وتحقيقه ففيه إاكرام للإسلام بل لبني الإاإلنإأنساناأن عامة، ومن فلسفة الوحي توكيد حاجة الناس المستمرة الى إلى واجب الوجود.
لقد تجسدت فلسفة الوحي بأسمى معاناأنيها بإانزال القرآنآأن ولا غرابة في ذلك فهو أعظم الكتب السماوية، وكانأان ولا زال المسلمون يتلقون الرواياتاآيات التي تؤكد عظمته بالتسليم للمصداق العملي الذي يتجلى في آياتآياته وما فيها من الخزائن والااإلإاعجاز، والآاإلنآأن وبعد أاكثر من الف وأاربعمائة سنة وتداخل الحضارات وإارتقاء العلوم أاثبت القرآنآأن تلك العظمة، ونحن نشعر بالتقصير والتخلف عن إاظهار علومه المناسبة للعصر والتي تفيد تقدمه على علوم العصر، وكاناأن الأالأإلاولى إاستظهار العلوم منه، وجعل الأاإلأامم تدرك حقيقة ثابتة هي أان القرآنآأن مصدر للعلوم كما هو مصدر للأحكام.
ومن رحمة اللته تعالى الى أان الوحــي الإاإلنأإنســاناأني لم ينحصـــر بالأاإلنأنبياء بــل شمل غيرهم، كما في قوله تعالى اإلى[[ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى إلى أُمِّكَ مَا يُوحَى اذ أوحينا الى أمك ما يوحى ]]( )، وقوله تعالى اإلى(ما يوحى) يفيد أانه وحي حقيقة ومن سنخ ما يوحى الى إلى الأاإلنأنبياء إالا أانه لا يتعلق بالأحكامالأاإلأاحكام والشريعية، ولكن بإاتياناأن فعل يكون مقدمة وتعاهداً وحفظاً للنبوة، كما هو مبين في الآيةالآيةالآية التالية لها [[ أَنْأن اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي اليَمِّ فَلْيُلْقِهِ اليَمُّ بِالسَّاحِلِ ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فيلقه اليم بالساحل ]]( ) .
فالوحي جاء بالعرض مع حصره بفعل محدد ما كانأان يتم إالا بإاارادة إالهية، ولطف يصل الى إلى أم موسى خصوصاً وأانه ذو مقدمة لما يعنيفعل يدل في ظاهره على الهلاك.
وفي ترجمة خزيمة بن ثابت الأاإلأاوسي الااإلنأنصاري أان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سماه “ذا الشهادتين” كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرس يدعا المرتجز قال محمد بن عمر فسألت محمد بن يحيى بن سهل عن المرتجز فقال هو الفرس الذي اشتراه من الأعرابي الذي شهد له فيه خزيمة بن ثابت وكان الأعرابي من بني مرة يعني حيث جاء خزيمة بن ثابت الأنصاري والأعرابي يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم أبعك الفرس وذلك أنهم أعطوه به أكثر من الثمن الذي ابتاعه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرجع عن البيع ورسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول له قد بعتنيه فقال الأعرابي من يشهد لك بذلك فقال خزيمة أنا أشهد أنك قد بعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخزيمة كيف شهدت بهذا قال أشهد أن كلما قلت هو الحق والصدق فجعلت شهادة خزيمة كشهادة رجلين( ).
ويدل الحديث على موضوعية الوحي في إاسلام الكثير من المسلمين وتفرع الاحكام ورسوخ الإاإلإايماناأن في صدورهم وصيرورته ملكة وجعله مرتكزاً للمعاملة مع الشرعية وإالتزامهم بالالاامتثال فيها له أمراً ونهياً، بافاضات الوحي وما يدل عليه من صدق النبوة، بل ان بركاتوجاءت إافاضات ا الوحي والتصديق به جاءت على نحو القضية الشخصية في الشرف العظيم الذي ناله خزيمة وبواسطته اللمسلمين جميعاً لتصديقهم بالوحي والنبوة.
ويمكن تقسيم الوحي بلحاظ الواسطة والموحى إاليه اومنه :
الوحي بواسطة ملك الى إلى ملك، وهذا ينقسم بلحاظ المحل الى إلى قسمين :
الأول : ملك الى إلى ملك في السماء.
الثاني : ملك الى إلى ملك في الاإلأاارض، وهو برزخ في الوحي، وهو ومنه ما أانزل على الملكين في بابل كما في قوله تعالى اإلى[[ وَمَا أُنأن زِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ]]( ).
الثالث : بواسطة ملك الى إلى بشر، وهذا ينقسم بلحاظ الشرف والمسؤولية الرسالية إلى :
أولاً : الوحي الى إلى الرسول.
ثانياً : الوحي الى إلى النبي.
ثالثاً : الوحي الى إلى الصديقين، وهذا ينقسم إالى جهات :
الأولى : ما هو مـقـــدمـة الى إلى النبوة كما في قـولـه تعالى اإلى[[ ان اقذفيهأَنْأن اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي اليَمِّ فَلْيُلْقِهِ اليَمُّ بِالسَّاحِلِ ]]( ).
الثانية : وحي الهداية الملحق والملازم او المتعقب للنبوة.
الثالثة : بيان مقامات الأولياء في تعضيد النبوة , قبل إنقطاع الوحي بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
سادساً : الوحي الى إلى حيواناأن غير ناطق.
الرابع : الوحي الى إلى عالم الكون.
لذا ويمكن تقسيم الوحي بلحاظ الموضوع إلى :
أولاً : الوحي السماوي.
ثانياً : وحي النبوة.
ثالثاً : وحي الصالحين، ومنه أاييضاً [[ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الى الحَوَارِيِّينَ أَنْأن آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي واذ اوحيت الى الحواريين ان آمنوا بي وبرسلي ]]( ).
رابعاً : الوحي العام وهو ما عدا الأالاقســام الثلاثة اعلاه كما في قوله تعالى الى[[ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى إلى النَّحْلِ أَنْأن اتَّخِذِي مِنْ الجِبَال بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُــــــونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّــــكِ ذُلُلاً وأوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشــــون * ثم كلي من كل الثمرات فأسلكي سبل ربــك ذلـلاً ]]( ).
وأانت ترى ويرى النظام الدقيق لحياة وعمل النحل مجتمعاً وأافراداً وبغريزة قذفت فيها بالوحي، ولعله من باب المثال الظاهر، والآيةالآيةالآية الحسية وليس من باب الحصر في عالم الحيواناأن، وتدل الآيةالآيةالآية في مفهومها على التنظيم الدقيق لنوع الحيواناأن.
وهل ان الوحي عقلي أو حسي ونوع وقوف على أاصول علمية وفلسفية ومطلق أعمال الفكر، أم انأن ه من جنس المبصرات والمسموعات ونحوها من أعمال الحواس؟
الجواب : يختلف الوحي في سنخيته عنها , فهو حقيقة نوعية متميزة تتعدى قدرات الإاإلنإأنساناأن، طرأت بالعرض على نفس النبي بآية من الله تعالىتعالىتعالى ، وبها يختلف النبي عن غيره من الناس , وفي التنزيل[قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى اليَّ] ( ).
، وليس الوحي فرع وجود شخصية ثاناأنية للإنإأنساناأن الذي قالت به بعض الدراسات الغربية في أاواخر القرن التاسع عشر، أو أانه شخصية راقية فوق شخصيته العادية التي تحرك جوارحه، وليس هو من الوحي النفسي كما حاول بعض كبار رجال الكنيسة تفسير الوحي به في محاولة لإضعاف الإسلامالإسلامالإسلام والإاإلنإأنتقاص من نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام.
لقد خلط بعض العلماء الماديين بين الوحي وما توصلوا إاليه بالعلم التجريبي من نتائج تفوق مدارك صاحب التجربة الحسية والعقلية، كما في قدرة أحد الرعاة مثلاً على إيجاد الجذر التكعيبي لعدد يتكون من سبعة أرقام بدقيقة واحدة أوصله الى إلى معادلة جبرية، أو إمكانانية صبي على عمليات حسابية في غاية التركيب وبسرعة، وحاولوا نفي نزول الوحي من السماء، ثم إانتقلوا من هذا الخلط إلى إلى القول بتنزيه الله عز وجل عن سماع الملائكة لكلامه لأنأنه لا يوصف بمكانان وأانه لا يعقل أان يقابلوه، لذا نسب الى إلى المستشرق مونتيه نظرية وهي انأن الوحي الهام يفيض من نفس النبي وليس من الخارج.
وتلك الأاإلأاقوال محاولة لتحريف الحقائق وطمس العلوم السماوية، وإاضرار بالإاإلنإأنساناأنية، وغشاوة على وحجب رحمة نازلة لأهل الأاإلاأرض بواسطة الأاإلنأنبياء, فظلت مجرد أاقوال لا إاعتبار لها في أابواب العلوم وعند الناس ,وإانحسارها من مفاهيم قوله تعالى اإلى[[ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظونإِنَّأنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون ]]( )، ولأنأنها خلاف الحقيقة ومحاولة لطمس لآيات ينتفع منها الناس جميعاً وهي ضلالة وتضليل وقصور الرؤية، ومحاولة لطمس آياتآيات ينتفع منها الناس جميعاً، فاستقلالية الوحي ظاهرة معروفة عند المليين، وغير المليين وكاناأنت سبباً لإيماناأن الكثيرين كما أانها حجة في ملازمة الأاإلأاصحاب للنبي بإادراكهم للحقيقة السماوية للوحي وأانه لا يكــون إالا من خارج الإاإلنإأنســانأان وبما يفوق الموهبة والنبوغ ونحوهما، ويمكن إادراك ذلك بالوجداناأن وبالشواهد والوقائع , فآياتآيات الوحي لم تنحصر بزمن واأيام النبوة.
إانه تمثل حقيقي للملك الرسول في عملية إاكرام للجنس البشري ولكن أهل الجحود يحجبون على عن أانفسهم ما فيه من الرحمة بما يوصله إاليهم الشيطانأان من الخلط ويجعله على أابصارهم من الغشاوة، ولقد حورب الوحي من قبل الإاإلنإنس والجن منذ ساعاته الأالأولى، فابليسإبليس سخر جنوده، والكفار إاستقبلوا الوحي بدعوى أانه سحر وأانه أاساطير الأاإلأاولين.
، ولكنك تترى إانعدام أاثر تلك الأاإلأاقوال بل وفقداناأنها في الذاكرة الإاإلنإأنساناأنية لولا أان القرآنآأن هو الذي ذكرها.
، وفيه آية من إاعجاز القرآنأآن في باب الوحي، لما فيه من دلالاالات على سمو مرتبة موضوع الوحي في الشريعة الإسلامالإسلامالإسلامية ومنزلته العقائدية وما يترتب على إاثباته من حقائق وأاحكام، كما يدل على علم الله تعالى اإلى بظهور تلك الأاإلأاقوال بأردية تناسب كل عصر وزماناأن، وهذا القول يمكن جعله جواباً لما قد يقال في تفضيل أاسباب تجاهل مثل هذا الخلط والدعاوى الزائفة.
انإأن توسيع مباحث الوحي إاظهار لنعمة الله ولعداوتنا للشيطاناأن وهو نوع تجاهر وإاعلاناأن للشكر على هذه النعمة الخالدة التي تعتبر منقذاً سماوياً لأهل الأاإلأارض.
ولم يبتدأ الوحي مع نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وموضوع الوحي ملازم لوجود الإاإلنإأنساناأن على سطح الأاإلأارض وقبل أن ينزل لتفضل الله بتعليم آدم الأسماء في السماء وأمره لآدم أن يعلمها الملائكة [قَال يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ]( ) وإان إانقطع فترات معينة، ولكنه رفع بإانتقال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى إلى الرفيق الأاإلأاعلى .
وقيـلورد مرسلاً مما أاوحى الله الى إلى أبينا آدم عليه السلام (إنأن المستنبطين للعلوم عندي أفضل من عمار الأاإلأارض بالصنائع، ومن إاستنبط علماً ودونه في كتاب فهو بمنزلة آدم الصفي) ، وورد أايضاً أان الله تعالى إلى قال لآدم عليه السلام: (روحك من روحي وطبيعتك على خلاف كينونتي)، ولم يذكر السند في الخبرين ولا جهة الصدور.
وذكر الطبري ما نسبه الى إلى القيل “انأنه كاناأن مما أنأن زل الله تعالى اإلى على آدم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحروف المعجم في احدى وعشرين ورقة”، وعدم ذكر السند ونسبته الى إلى القيل نوع تضعيف للحديث إالا انأن هذا كله لا يمنع من الإاإلإاقرار بتلقي آدم الوحي للملازمة بين النبوة والوحي وللإجماع وورود النصوص على نبوته، بالإاإلاإضافة الى إلى ظاهر وإاطـلاق قوله تعالى اإلى[[ اني جاعل في الأرض خليفةإِنِّأني جَاعِلٌ فِي الأَالارْضِ خَلِيفَةً.. ]]( )، وقوله تعالى اإلى[[ وَعلم آدم الأَالاسْمَاءَ كُلَّهَا وعلم آدم الأسماء كلها ]]( ).
والوحي سر سماوي متصل بالأاإلاأرض جاء بواسطةعبر أاشخاص الأاإلنأنبياء، وفيض ملكوتي مبارك، وزائر لم يأت الاالا في أيام النبوة وقد غادرنا بانإأنقطاعها الى إلى يوم القيامة، ولكنه لم يغادر الاالا بعد انأن ثبتت حقيقته في الأاإلأارض وبقي حياً في الكتب السماوية المنزلة لاسيما في القرآنآأن ولعله حصراً بقي فيه وحده حصراً باعتباره الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تصل إاليه يد التحريف، وفيه إاعجاز للقرآنآأن بل انأن ه بقي في ليبقى سالماً في موضوعه , وشاهداً على ما جاءت به الأاإلنأنبياء من عند الله ،والقرآنآأن كله وحي.
وكل يوم تتجدد علوم الوحي، ويدرك المسلمون ما فيه من المفاهيم والكليات العقلية في تقريب منه تعالى اإلى للحقائق الى إلى أاذهاناأنهم، ومن آياتآياته تعالى اإلى انأنك ترى المسلمين يستحضرون وعلى نحو مستديم ومتصل أيام الوحي وما لاقاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مشقة في تلقيه وما عاناأناه من قومه بسببه.
ومن جهة مراحل نزول الوحي فانإأنه يمر بثلاث أقوالمراتب :
الأولى: تفضل الله تعالى اإلى بالأاإلأامر بالوحي.
الثانية: نزول الملك وهو الواسطة بالوحي.
الثالثة: تلقي الموحى إاليه وهو النبي للوحي.
وللوحي كيفيات متعددة يمكن إاستقراؤها من السنة وتتبع الااإلأاخبار والنصوص منها :
الأول: انأن يأتيه الملك مثل صلصلة الجرس لما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انأن ه قال: اسمع صلاصل ثم أاسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إالي إالا ظننت أان نفسي تقبض) ( ).
أي أانه مقدمة الوحي لإخبارللوحي وإخبار الملك بما جاء به من عند الله ليفرغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلبه له، داخله فيه” وقيل هو صوت خفق أجنحة الملك وانأنه ينزل هكذا اذا نزلت اجنحة الملك وانه ينزل(1) هكذا اذا نزلت آية وعيد وتهديد”(1)(1)،وهو تأويل حسن، و، ولكلكن الأمره أعم مما ذكر لتعلقه بخصوصية الوحي وإاختلافه عن نواميس الأالإلاأرض والتعامل بين أهلها، إأانها سنخية السماء التي لا تنفصل عن الموجود الأاإلأارضي إالا باحتكاك وحال لا يخفى معها عدم التجاناأنس رغم سلامة توجهه الى إلى الغاية، والقصد الذي لا يمكن أان يخطئه.
الثاني : انأن يأتي الملك في المنام كما تقدم في حديث الإاإلإامام الباقر عليه السلام لأنأن رؤيا الأاإلنأنبياء وحي.
الثالث : انأن ينفث في روع النبيه الكلام نفثاً، كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم : “انأن روح القدس نفث في روعي”( )،، والنفث شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأنأن التفل لا يكون إالا ومعه شيء من الريق، والنفث نفخ لطيف بلا ريق، ويمكن القول أانه في الإالإصطلاح القاء المعنى في القلب بيما يوقعه في البال ويكون مبيناً عند المتلقي.
الرابع : انأن يسمع النبي الصوت من غير أان يرى الملك.
الخامس :انأن يسمع النبي الصوت ويرى الملك في صورة رجل بهي الطلعة، وقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأن ه قال: “وأاحياناأناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فاعي ما يقول”( )، وتلك الحالة يختص بها الرسول دون النبي.
السادس : رؤية الرسول للملك بهيئته الأاإلأاصلية، وفي قوله تعالى [فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى]( ) قال : رأى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم جبريل له ستمائة جناح)( )، عن سعيد بن جبير عن إابن عباس قال: “قال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا محمد كيف يأتيك الوحي يعني جبرئيل، فقال رسو ل الله صلى الله عليه وآله وسلم…” الحديث
وأاخرج الطبرانأني من حديثعن النواس بن سمعاناأن مرفوعاً إذا أراد الله أن يوحي بأمر تكلم بالوحي ، فإذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى ، فإذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا سجداً ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام ، فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام ، كلما مر بسماء سماء ساله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول { قال الحق وهو العلي الكبير } فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام ، فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله من السماء والأرضاذ تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله، فاذا سمع ذلك أهل السماء صعقوا وخروا سجداً، فيكون أولهم يرفع رأسه جبرئيل فيكلمه الله من وحيه بما أاراد، فينتهي به على الملائكة، فكلما مّر بسماء سأله أهلها ماذا قال ربنا؟ قال: الحق، فينتهي به حيث أمر، وقريب منه أاخرج عن إابن مسعود( ).
أاما الواسطة فهو جبرئيل عليه السلام الملك الموكل بالكتب والوحي الى إلى الأالإلنأنبياء الذي ينزل باللفظ، لاسيما وأان لفظ القرآنآأن إاعجازي، والقراءة توقيفية، ولا يجوز القراءة بالمعنى.
وسيبقى الوحي سر السماء في الأاإلأارض والنور النازل بالهداية والبركة من غير مدخلية فيه لعقل النبي وحواسه فهو ليس من الإالالهام الذي يعني الكشف المعنوي، بل أمر خارجي ينزل من عند الله عز وجل في اليقظة وعلى مرأآى من الناس ليكون حجة وآية كونية، وسبيلاً الى إلى الإيمانالإاإلإايماناأن، ومناسبة لإيجاد أحكام الشريعة في الأاإلأارض، ووثيقة ملكوتية وشهادة ودليلاً على أاهلية المنزل عليه لخلافة الأاإلأارض، وحمل لواء التوحيد.
، ويتضمن الوحي وعداً للمؤمنين ودروساً عقائدية وأاخلاقية في صلاح النفوس والدعوة الى إلى الله والصبر في جنبه والإاإلإاجتهاد والسعي في التبليغ، ويمكن انأن يدرك بعض أانواره بتدبر وإاستقراء علومه وكيفية وأسرار آياتآيات القرآنآأن.
والوحي هبة الله عز وجل ورسالته الى إلى أنأن بيائه، ولكن ماذا يرى منه الناس، وما يستبين لهم منه بالعرض وحسب الظاهر، فيه وجوه محتملة :
الأول : كل من كاناأن حاضراً عند النبي يسمع الوحي.
الثاني : بعض الحاضرين يفوز بهذا الشرف على نحو القضية في الواقعة.
الثالث : لا يسمع الوحي الاالا الذي له قدم في التقوى والصلاح دون غيره.
الرابع : من ييأاذن له النبي بالسماع يستطيع السمع.
الخامس : لا يسمع أاحد الوحي إالا النبي.
السادس : لو كاناأن الى إلى جاناأنب النبي الموحى إاليه نبي آخر فهل يشترك بسماع الوحي بالجامع التشريفي الاالاعتباري بينهما أم لا، الاإلأااقوى انألا الاإلا انأن يكون الوحي مشتركاً.
ومن خصائص النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم اأن ه ليس من نبي في زماأنه غيره.
السابع : قد يسمع الوحي بعض الناس للحجة الخاصة بهم او العامة.
الثامن : ويرى المؤمنون والناسون الآاإلاآثار الخارجية الدالة على الوحي على نحو الااإلإاعجاز.
التاسع : وجود إاختلاف نوعي في الوحي عند الاإلأاانبياء، فربما كاناأن مما يوحى الى إلى الاإلأاانبياء قبل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يسمع من قبل بعض الناس وا او الحاضرين منهم كآية حسية.
والمتيقن هو الفقرة الخامسة اأعلاه، لإختصاص النبي بالوحي , وفي طوله رؤية الآإالآاثار الخارجية الدالة على الوحي، ولا يمنع من وجود آياتآيات أاخرى عرضية، ولكن الوحي سر السماء الملقى الى إلى الأاإلنأنبياء على نحو الخصوص والحصر.
لقد كاناأن الوحي المدد السماوي والعون والمؤازر الأاإلاأول للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين في الدعوة الى إلى الإسلامالإسلامالإسلام، و فكما كاناأنت رســالة السماء كان سـلاحاً وواقية وحرزاً للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لذا لا يمكن الإاإلإاحاطة بمنافــع الوحي وآاثاره، والأإلامر ويتطلب الأمر دراسات مستحدثة في الإسلامالإسلامالإسلام تدرس الوحي وعلومه المتعددة وتستنبط منه المسائل والأحكام وانأن لا تنحصر أابحاثها بتأريخ الوحي أو كيفيته، ومن تلك الدراسات على سبيل المثال :
الأول : كيف ساهم الوحي في تثبيت صدر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في إاعلاانأن الدعوة.
الثاني : منافع الوحيوقعه في نجاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلامته من الغيلة والكيد.
الثالث : أاهمية الوحيته في إاختيار المواقف الحاسمة للمسلمين.
الرابع : أاثر الوحيه في تحديد مالمعارك المسلمين من حيث الزماناأن والمكانأان والجهة.
الخامس : كشف الوحي ه للمنافقين.
السادس : تصدي الوحيه لأعداء الإسلامالإسلامالإسلام واثره في نفوسهم.
السابع : إاخبار الوحيه عن المغيبات.
الثامن : إايماناأن واإسلام الكثيرين بسبب الوحي.
التاسع : مدرسة الإاإلإاصغاء الى إلى الوحي وإانتظار ما يأتي به.
العاشر : إاستجابة المسلمين للوحي، الأاإلأاسباب والنتائج.
الحادي عشر : الوحي في الهيكل الإاإلإاجتماعي للمسلمين.
الثاني عشر : مساهمة الوحيته في تثبيت المسلمين على الإسلامالإسلامالإسلام، وتحدي الكفار والمشركين.
الثالث عشر : بشارات الوحي.
الرابع عشر : تصديق الوحيه بالنبوات السابقة.
الخامس عشر : إاخبار الوحي على لساناأن الأاإلنأنبياء السابقين بنبوة الرسول الأاإلأاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
السادس عشر : تتبع مراحل الوحي وتطوره.
السابع عشر : ضبط وتوثيق المسلمين للوحي، والفصل بين القرآن والحديث القدسي والسنة النبوية وهو من عمومات قوله تعالى [خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ]( ).
الثامن عشر : قبح إدعاء الوحي لغير الأنبياء، وسرعة فضحه ولحوق صاحب الدعوى الخزي والعار، قال تعالى [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ]( ).
التاسع عشر : موضوعية الوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في نسخ الشرائع السابقة، وتجلي الإعجاز الذاتي والغيري لهذا النسخ.
العشرون : شهادة أهل الكتاب والمليين في زمان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على نبوته، وكان بنو إسرائيل ينتظرون بعثته، قال تعالى [وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذِينَ كَفَرُوا]( )، وقد شهد ورقة بن نوفل على أن الذي أوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الناموس الذي أنزل على موسى عليه السلام وكان أهل مكة يقرون لورقة بمعرفة التوراة والإنجيل، وقيل هو المقصود بالعلم بالكتاب في قوله تعالى [كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ]( ) , ولكن الآية أعم.
الحادي والعشرون : دراسة مقارنة بين الوحي للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والوحي للأنبياء السابقين , والنسبة بينها هي العموم والخصوص من وجه، فمادة الالتقاء هي الملازمة بين النبوة والوحي، قال تعالى [كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ]( ).
ومادة الإفتراق أن الوحي للأنبياء مجمل، والوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مبين ومفصل بالقرآن والحديث القدسي والسنة قال تعالى [وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى]( ).
وهل تدل الآية أعلاه على إبتداء الوحي بنوح عليه السلام، وعلى هذا القول يكون كلام الله عز وجل لآدم على وجوه:
الأول : إنه أعظم من الوحي لعدم وجود الواسطة , فليس من ملك ينقل كلام الله لآدم بل كلّمه الله قبلاً، وفي التنزيل: [وَعلم آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا]( ).
الثاني : جاء تكليم الله لآدم عندما كان في الجنة وليس بعد هبوطه إلى الأرض، تختلف نواميس السماء عن نواميس الأرض.
الثالث: وقوع تكليم الله عز وجل لآدم عند أول خلقه ونفخ الروح فيه والصحيح أن آدم نبي يوحى اليه .
روي أنَّ جبريل عليه السلام نزل على آدم عليه السلام اثني عشرة مرة، وعلى إدريس أربع مرات، وعلى نوح خمسين مرة، وعلى إبراهيم اثنتين وأربعين مرة، وعلى موسى أربعمائة مرة، وعلى عيسى عشر مرات وعلى محمد عليه السلام أربع عشرة الف مرة )( )، وعن عن أبي أمامة الباهلي أن رجلاً قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: نعم. مكلم قال : كم بينه وبين نوح؟ قال : عشرة قرون قال : كم بين نوح وبين ابراهيم؟ قال : عشرة قروؤن قال : يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال : مائة الف وأربعة وعشرون الفاً. قال : يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال : ثلثمائة وخمسة عشر. جماً غفيراً)( ).
ولا تدل الآية أعلاه من سورة النساء على عدم الوحي للأنبياء قبل نوح ، إذ أن إثبات شيء لشيء لا يدل على نفيه عن غيره، وكلام الله لآدم في الجنة يكفي في تحقق صدق الوحي بأسمى مصاديقه .
والقائل بأن آدم ليس بنبي إستدل بالحديث الوارد عن قتادة عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:”يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا؟ فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ويذكر ذنبه فيستحي؛ ائتوا نوحًا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتونه فيقول: لست هُنَاكُم. ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي. فيقول: ائتوا خليل الرحمن، فيأتونه، فيقول: لست هُنَاكم؛ فيقول: ائتوا موسى عَبْدًا كَلمه الله، وأعطاه التوراة، فيأتونه
فيقول: لست هُنَاكُمْ، ويذكر قَتْلَ النفس بغير نفس، فيستحي من ربه؛ فيقول: ائتوا عيسى عَبْدَ الله ورسولَه وكَلِمةَ الله وروحه، فيأتونه، فيقول: لست هُنَاكُم، ائتوا محمدًا عبدًا غَفَر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأنطلق حتى أستأذن على ربي، فيُؤذن لي، فإذا رأيت ربي وقعتُ ساجدًا، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال: ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يُسْمَع، واشفع تُشَفَّع، فأرفع رأسي، فأحمده بتحميد يعلمُنيه، ثم أشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة، ثم أعود اليه، وإذا رأيت ربي مثله، ثم أشفع فيحد لي حدًا فأدخلهم الجنة ، ثم أعود الرابعة فأقول: ما بقي في النار الا مَنْ حبسه القرآن ووجب عليه الخلود”)( ) .
وفيه مسائل :
الأولى : جاء الحديث في باب الشفاعة يوم القيامة.
الثانية : جاء الناس إلى آدم في أول الأمر، ويدل بالدلالة التضمنية على علمهم بمقامه عند الله عز وجل، وتقوموا بذكر أربع خصال له تميزه عن باقي الأنبياء والناس.
الثالثة : نبوة آدم قبل وجود ذريته وأبنائه، فهو موجود كنبي قبل أن يوجد غيره من الناس بإستثناء حواء، وحواء مفرد وليس جمعاً فلا يصدق عليه لفظ(الناس).
الرابعة: نوح عليه السلام أول الرسل الخمسة أولي العزم.
الخامسة: المراد من قوله عليه السلام(بعثه الله إلى أهل الأرض) أي أرسل للإسلام.
السادسة: لا يقول الحديث أعلاه على معارضة نصوص عديدة عن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم تفيد أن آدم نبي من الأنبياء إلى جانب الآيات القرآنية التي تخبر عن تكليم الله عز وجل له.
الثاني والعشرون: صيغ وكيفيات الوحي بالنسبة للأنأنبياء عامة ثم بالنسبة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثل:
الأول:الوحي قبل القرآنأآن وقد تقدم أن النبي محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كان أول ما بدئ به الوحي الرؤيا الصالحة، يراها فتأتي كفلق الصبح.
الثاني:، الوحي في مكة.
الثالث:، الوحي في الإاإلأاسراء , قال تعالى [سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى]( )، وفيها مسائل:
الأولى: الوحي بخصوص آية الإسراء بذكر الآيات التي تخص الإسراء منها قوله تعالى [وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى]( )، أي النبي محمد صلى الله وآله وسلم رأى جبرئيل عندها، ولو أن رجلاً ركب بخيبة وطاف على ساقها حتى أدركه الهرم ما وصل إلى المكان الذي ركب منه وفيها ألوان الثمار،وأختلف هل هي شجرة طوبى أم غيرها، والأصح هو الثاني، وسميت سدرة المنتهى لأن إليها ينتهي علم كل عالم، وهي في السماء السابعة، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خصوص حديث الإسراء (ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها فيها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها)( ). الثانية: ما ذكر في القرآن بلغة الوحي في غير الوحي من الله عز وجل، كما في قوله تعالى [وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ]( ). الثالثة: أسئلة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لجبرئيل بخصوص الوحي والتنزيل، وكيفية تلقي جبرئيل وإجابته عليها، (وأخرج ابن مردويه عن جابر قال: لما نزلت هذه الآية {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا جبريل ما تأويل هذه الآية؟ قال: حتى أسأل. فصعد ثم نزل فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ادلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك)( ). الرابعة: ما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أوتيت جوامع الكلم) أي الكلمات القليلة التي تتضمن دلالات ومعاني كثيرة. وجوامع الكلم لها معنياناأن: الأاإلأاول : معنى عام أانه كاناأن يتكلم بلفظ قليل ولكنه يريد به المعاناأني الكثيرة المتعددة، وفي الحديث “حمدت الله بمجوامع الحمدمصدرر”( )، أي بكلمات معدودة جمعت معاناأني الجهر والثناء لله تعالىتعالىتعالى . الثانأاني : المعنى الخاص والمراد منه القرآنآأن لأنأن الفاظه محدودة متناهية ولكنها تحيط باللامتناهاي من الوقائع والأحداثبالمتناهي، لذا ذكرورد في الحديث: ما من حرف من حروف القرآنآأن الاالا وله سبعون أالف معنى). الثالث :، الوحي في العزسفر ، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، عن علي رضي الله عنه قال: نزلت في السفر:”ولا جنبًا الا عابري سبيل”،”وعابر السبيل”، المسافر، إذا لم يجد ماء تيمم( ). الرابع :أول الوحي: أي ذكر أول آيات وسور نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في مكة كما في قوله تعالى [اقْرَأْ بِاسم رَبِّكَ]( )، وقوله تعالى [يَاأَيُّهَا المُزَّمِّلُ]( )، وبعدها جاءت آية العبادة والتبليغ بالرسالة[قُمْ اللَّيْلَ الاَّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ القُرْآنَ تَرْتِيلاً]( ) .
وقال مقاتل وغيره: لما نزلت [قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ]( )، شق ذلك عليهم وكان الرجل لا يدي متى نصف الليل من ثلثه فيقوم حتى يصبح مخافة ان يخطىء فانتفخت اقدامهم وانتقعت الوانهم فرحمهم الله( ).
والمزمل ليس من أسماء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو بيان لحاله وإشتقاق من هيئته التي كان عليها، وكذا المدثر، ولا مانع من إتخاذهما من أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم لأن الله عز وجل وصفه بها، وكانت تلك الصفة من الشواهد على النبوة ووطأة الوحي.
الخامس: ، في المدينة والحضر.
الثالث والعشرون : أماأنةوظيفة الملك في الوحي.
الرابع والعشرون : وظيفة النبي في الوحي هل هي التلقي فقط، أم التلقي والتبليغ والعمل، ووظيفة المؤمنين.
الخامس والعشرون : أقسام الوحي.
السادس والعشرون : التهيئة والتعاهد الإاإلإالهي للنبي قبل وأاثناء تلقي الوحي.
السابع والعشرون : الحكمة اإلإالهية في الوحي وحاجة الناس اليه وإلى النبوة.
الثامن والعشرون : الوحي والجن، من آمن منهم، ومن حاربه وكيفية محاربتهم له وإاتصالها أاو إانقطاعها وفي التنزيل[قُلْ أُوحِيَ اليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الجِنِّ فَقَالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا]( ).
التاسع والعشرون : هل ان الوحي هو الطريق الوحيد لصلة الملائكة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، أام هناك طرق أاخرى لتبليغه وتبليغ الأاإلنأنبياء الرسالة والوحي من عند الله، وهل إانفرد ببعض منها تشريفاً.
الثلاثون : خصوصيات الوحي والفرق بين وحي القرآنآأن وغيره، كما ورد أان السنة أايضاً كاناأن ينزل بها جبرئيل بالمعنى.
الحادي والثلاثون : هل من فرقدراسة مقارنة بين الوحي الى إلى الأاإلنأنبياء، والوحي الى إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومراتب الوحياو بين الأاإلنأنبياء انفسهم فالوحي الى إلى الرسول يختلف عن الوحي الى إلى النبي.
الثاني والثلاثون : منزلة الوحي في العقائد والملك.
الثالث والثلاثون : الوحي والإاإلإاعجاز القرآنآأني.
الرابع والثلاثون : الوحي من دلائل النبوة.
الخامس والثلاثون : الوحي وعصمة الأاإلنأنبياء.
السادس والثلاثون : الوحي والأاإلأاماناأنة وفق مبحث المشتق في علم الأالاصول، أي الأاإلأاماناأنة عند الموحى إاليه قبل تلبس المبدأ في الحال أاو بعد إانقضاء تلبس المنبدأ في الحال، وإاتصاف الأاإلنأنبياء بالأاإلأاماناأنة على نحو الاإلإااطلاق والاإلإااستدامة.
السابع والثلاثون : إاستعدادات النبي للوحي سواء تلك التي إاتصلت ببداياتاآيات حياته أاو تلك التي تسبق الوحي مباشرة.
الثامن والثلاثون : أاثر إانقطاع الوحي.
التاسع والثلاثون : الوحي والرؤيا وكيفية التمييز بينهما، وخصائص رؤيا الأنبياء وما لها من الشواهد في القرآنالقرآن كما في سورة يوسف.
الأربعون : انأنواع الوحي، والوحي لغير الإاإلنأإنساناأن, قال تعالى [وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا] ( ).
الحادي والأر بعون : الوحي في القرآنآأن.
الثاني والأربعون : الوحي في السنة.
الثالث والأربعون : دراسة مقارنة بين الوحي المكي والمدني, إذ جاءت السورة المكية خطاباً للناس جميعاً بدعوتهم للإسلام وبذات الصيغة التي كان الأنبياء يدعون الناس بها , وتضمنت لغة الإنذار والوعيد والتخويف , كما في قوله تعالى [الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ] ( ).
أما السور المدنية فجاءت بالخطاب التشريفي للمسلمين , وبيان أحكام الشريعة بالنداء الكريم [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا]وتضمنت الخطاب [يَاأَهْلَ الْكِتَابِ][ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ] مع إشتراك الوحي والتنزيل المكي والمدني بذات الخطابات ولغة الإنذار والبشارة فلا ينحصر نزول خطاب[يَاأَيُّهَا النَّاسُ]بالآيات المكية, وكذا الإنذار والوعيد .
وتشترك الآيات المكية والمدنية بالأخلاق الحميدة والسنن الرشيدة ليبقى حكم الآية المكية مستمراً في المدينة وتلتقي مع الآية والسورة المدنية بالبقاء والعمل بها إلى يوم القيامة , وفي قوله تعالى [خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ] ( ) (وعن الإمام الصادق عليه السلام : أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بمكارم الأخلاق, وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية)( ).
الرابع والأربعون : الوحي رحمة.
الخامس والأربعون : نزول الوحي.
السادس والأربعون : الوحي وأهل السماوات.
السابع والأربعون : روح القدس.
الثامن والأربعون : لغة الوحي فقد ورد مثلاً عن سفياناأن الثوري انأن ه لم ينزل وحي إالا بالعربية ثم ترجم كل نبي لقومه.
التاسع والأربعون : الرد على بعض المستشرقين في موضوع الوحي.
الخمسون : العلوم المستنبطة من الوحي.
الحادي والخمسون : صيغ وكيفيات الوحي، فمنها رؤيا منام ومنها معاينة الملك الرسولللرسول، ومنها ما تكون الى إلى نبي وأاخرى على الى إلى رسول، ومنها ما يكون تبليغاً او كتاباً.
الثاني والخمسون : توظيف الوحي واأسراره لتثبيت الإيمانالإاإلإايماناأن ونشر معالم الدين.
الثالث والخمسون : جبرئيل والوحي, وفي قوله تعالى [قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ] قال ابن عبّاس : إن حبراً من أحبار اليهود يُقال له عبدالله بن صوريا كان قد حاج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسأله عن أشياء. فلما اتجهت الحُجّة عليه قال : أيّ ملك يأتيك من السّماء؟
قال : جبرئيل ولم يُبعث الكتاب لأنبياء قط إلاّ وهو وليه. قال : ذلك عدُونا من الملائكة ولو كان ميكائيل مكانه لآمنّا بك؛ لأنّ جبرئيل ينزل بالعذاب والقتال والشقوة وإنّه عادانا مراراً كثيرة،
وكان أشدُ ذلك علينا أنّ الله تعالى أنزله على نبينا بإنّ بيت المقدس سيُخرب على يد رجل يقال له : بخت نصّر،
وأخبرنا بالحين الذي يُخرب فيه،
فلما كان وقته بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصّر ليقتله فانطلق يطلبه حتّى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة. فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا : إنّ كان ربكم هو الذي أذن في هلاككم فلن تسلّط عليه،
وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله. فصدقه صاحبنا ورجع : فكبر بخت نصّر وقوي وغزانا وخرّب بيت المقدّس؛ فلهذا نتخذه عدواً. فأنزل الله تعالى هذه الآية( ).
الرابع والخمسون : الوحي أاعم من الكتب المنزلة.
الحاجة الى إلى الوحي في مسالك الهداية والرشاد والصلاح.
الخامس والخمسون : أاثر الوحي في حياة المسلمين.
السادس والخمسون : الوحي في الشعر والأاإلأادب.
السابع والخمسون : الوحي والأحكامالأاإلأاحكام الشرعية.
الثامن والخمسون : كتّاب الوحي من الصحابة.
التاسع والخمسون : الوحي طريق لمعرفة لزوم طاعة تالله تعالى الى وإاجتناب معصيته.
الستون : الوحي شهادة سماوية لضرورة النبوة وصدق النبي الموحى إاليه.
الحادي والستون : الوحي ومعجزات الأاإلنأنبياء.
الثاني والستون : دراسة مقارنة بإاعتبار أان الوحي معجزة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الثالث والستون : الوحي والعرب.
الرابع والستون : كيفية أاداء الأالنأنبياء للوحي بتبليغه وترسيخه في الأاإلأارض وما إانفرد به النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب وإاستحق شرف الإاإلإارتقاء والسيادة في التبشير والإاإلنأإنذار.
الخامس والستون : الوحي معجزة عقلية.
السادس والستون : اصيغ وبلاغة الوحي.
السابع والستون : الوحي خيبر محض، ونفع دائم ومتجدد إلى يوم القيامة.
الثامن والستون : يمكن إستقراء مسائل في علم الوحي من خلافة آدم في الأرض.
التاسع والستون : دراسة مقارنة بين الوحي للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والوحي للأنبياء السابقين والنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه, فمادة الالتقاء هي الملازمة بين النبوة والوحي, قال تعالى [كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ] ( ).
ولا تدل الآية أعلاه على عدم الوحي للأنبياء قبل نوح , إذ أن إثبات شيء لشيء لا يدل على نفيه عن غيره, وكلام الله لآدم في الجنة يكفي في تحقق صدق الوحي بأسمى مصاديقه والقائل بأن آدم ليس بنبي إستدل بما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم, ومادة الإفتراق أن الوحي للأنبياء مجمل, والوحي إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم تفصيل للأحكام, وينفرد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن سنته وحي .
السبعون : يمكن إستقراء مسائل من خلافة آدم في الأرض, منها :
الأولى : الملازمة بين الخلافة والوحي بلحاظ أمرين :
الأول : النبي هو الخليفة.
الثاني : الخلافة أعم, ولكن الوحي خاص بالأنبياء, لأنهم أئمة الناس في سبل الهدى, قال تعالى [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا] ( ) .
الثانية : مراحل الوحي إلى الأنبياء وإختتامه بالقرآن الكتاب الجامع لأحكام الشريعة, والسالم من المعارضة , والممتنع عن التحريف وفيه شاهد على تفضيل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الأنبياء السابقين .
الثالثة : تثبيت الخلافة في الأرض بالوحي والتنزيل, وتعاهد المسلمين للوحي بالتصديق والعمل بمضامينه القدسية , وهو من عمومات قوله تعالى [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] ( ).
الرابعة : الوحي بيان وتفسير لمعاني الخلافة في الأرض, وأن الله عز وجل لم يترك الناس وشأنهم في الأرض, بل جعل صلة قدسية بينه وبينهم, تفضل وأمر الملائكة بالنزول بالوحي إلى الأنبياء.
وقد وردت مادة (وحي) في القرآن ثمانا وسبعين مرة, وهو عدد ليس بقليل, لتكون فيه موعظة, ومناسبة لإستنباط المسائل والبراهين من القرآن وكلها في الوحي إلى الأنبياء بإستثناء عدد قليل منها , مثل قوله تعالى [وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الجِبَال بُيُوتًا] ( ).
الحادي والسبعون: موضع نزول أول الوحي وهو غار حراء والذي يقع على نحو ثلاث كيلو مترات من مكة المشرفة جهة الشمال ويطل على منى، ويكون على يسار المتوجه إلى عرفات.
وعن أنس بن مالك: قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما تجلى الله عز وجل للجبل، طارت لعظمته ستة أجبل، فوقعت ثلاثة بالمدينة، وثلاثة بمكة، ووقع بالمدينة أحد، وورقان ورضوى، ووقع بمكة حراء وبثير وثور , أي التجلي في قوله تعالى [فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا]( ).
وسمي حراء جبل النور لنزول أول سورة من الذكر على النبي حينما كان يتعبد في غار في الجبل، وفي الغار مكان يجلس فيه إنسان وتصير الكعبة أمامه.
الثاني والسبعون: موضوعية وأثر الوحي في التغيير الحاصل في المجتمعات، والإرتقاء في المعارف الالهية، والتحصيل في الفقه والعلوم الشرعية، قال تعالى [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا اليْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا]( ).
الثالث والسبعون: مقدمات الوحي: منها أن النبي محمداً كان يسمى قبل النبوة الأمين لصدقه وأمانته، وحفظ الله له صلى الله عليه وآله وسلم من أدناس الجاهلية وعصمه من أسباب الضلالة، (وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر ، عن علي، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل عبدت وثناً قط؟ قال : لا .
قالوا: فهل شربت خمراً قط ؟ قال: لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر، (وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإِيمان) وبذلك نزل القرآن {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإِيمان)( ).
الرابع والسبعون: عمر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند إبتداء الوحي وأنه كان أربعين سنة، وبدا له جبرئيل عليه السلام في الهواء، فرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت خديجة وهو يقول دثروني دثروني، فدثر بثوب فنزل عليه جبرئيل , وقال[يَاأَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ]( ).
لقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأن ه قال : “ما من الأاإلنأنبياء نبي إالا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وانأنما كاناأن الذي أاوتيته وحياً أوحاه الله إالي فأرجو أان أاكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة”( ).
الخامس والسبعون : ويعتبر هذا الحديث مدرسة في باب الوحي ومنزلته في باب المعجزة، فكاناأنت معجــزات الأاإلنأنبيــاء السابقين في الغالب حسية آمن بها الذي حضرهــا وشاهدهـا، أاما معجزة القرآنآأن فهي فهوي الوحي والتنزيل الذي تبقى إطلالته وإشراقاته بالقرآنآأن واأســراره وبلاغتــه وعلومــه الى إلى يوم القيامة، وفيه دلالة وبرهانان على عظمة الاسلامالإسلامالإسلام والإاإلإارتقاء الفكري عند المسلمين والمجتمــع الذي نزل فيه الوحي، بل انأن الوحي وآياتآيات القرآنآأن أثبتت معجزات الأالنأنبياء توكيداً وتوثيقاً كسفينــة نوح، وناقة صالح، ونجــاة ابراهيـم، وعصــا موسى، وعصمة يوسف، والآياتالآإالياتآيات التي جاء بها عيسى عليه السلام.
، لذا يمكن إاستقراء إاعجاز قرآنآأني وقاعــدة كلاميــة كليــة وهي: بالوحي ظلت معجزات الأالنأنبياء معــروفة وحاضرة.
وبين الإاإلإاعجاز والوحي عموم وخصوص مطلق، فكل وحي إعجاز وليس كل إاعجاز هو وحي، مع عدم إامكاناأن التفكيك بينهما، وكل واحد منهما شاهد صدق ودليل ومتمم للآخر.
والوحي من عالم الأاإلأامر، وفيه شاهد على علو مرتبته , وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه”( )مصدررر،
ويمكن معرفة المقصود من اللفظ بلحاظ القرائن والإالأمارات وقوله صلى الله عليه وآله وسلم “ااوتيت” يعني أ انأن المقصود هو القرآنأآن.
وفيه توكيد لإارتقاء القرآنآأن على الكتب السماوية الاالأخرى، وإاستغراق علومه في عالم الملكوت وهو كمال حقيقي وتحصيل في العلوم يترشح عنه انأإنط طباقاً الايمانالإاإلإايماناأن واليقين، وهو وترجمة واقعية لعالم الغيب بالدليل والبرهاناأن وإاستدلال بالشاهد الحسي على الغائب الفعقلي.
والوحي عنواناأن القدرة الإالالهية، وكلام الله تعالى الى غير منحصر بالاالأصوات والحروف أاو الاالالفاظ أاو المعاناأني والاالأعراض، لذا قيل بأنأن نزول الوحي إانما هو مجاز، ولكنه حقيقة عقائدية عقلية وحسية.
وفسره المعتزلة بانأن الله يخلق أاصواتاً وحروفاً على لساناأن جبرئيل، وقال الاالأشاعرة قالوا بأان الله يخلق في اللوح المحفوظ كتابة فيقرأها الملك ويحفظها، وتارة تكون أاصواتاً في جسم معين يأخذها جبرئيل مع علم ضروري بأانها كلام الله.
وهل ان الكلام مصدر، أام إاسم مصدر، والأاإلأاول ما دل على الحدث، والثاناأني ما دل على لفظ،، وهذا اللفظ يدل على الحدث، الظاهر انأن ه الثاناني، والكلام لغة الأاإلاأصوات والحروف المتتابعة الصادرة من المتكلم، وعند جماعة من النحويين المركب من المسند والمسند إاليه، والكلام الحروف المنتظمة والأاإلأاصوات المسموعة، .
ومنهم من جعله المعنى القائم في نفس المتكلم , ويبرز الى إلى الخارج بالحروف والأإالأاصوات المسموعة وأاكثر المتكلمين على الأاإلأاول، والنزاع صغروي لأنأن تلك الحروف لا تصــدر من المتكلم الاالا علـى نحو الإاإلإاخبار والبياناأن لما يريــده وما قــام في نفســه، لذا أاختلـف في إاطلاق الكلام على المعاناأني النفساناأنية .
وهل هو إطلاق حقيقي أم مجازياطلاقاً حقيقياً ام مجازياً، الأاإلأارجح هو الثاناأني.
وهل تدل الآية أعلاه على إبتداء الوحي بنوح عليه السلام, وعلى هذا القول يكون كلام الله عز وجل لآدم على وجوه :
الأول : إنه أعظم من الوحي لعدم وجود الواسطة , فليس من ملك ينقل كلام الله لأدم بل كلمه الله قُبلاً”( ), وفي التنزيل [وَعلم آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا] ( ).
الثاني : جاء تكليم الله لآدم عندما كان في الجنة وليس بعد هبوطه إلى الأرض, ونواميس السماء تختلف عن نواميس الأرض.
الثالث : وقوع تكليم الله عز وجل لآدم عند أول خلقه ونفخ فيه الروح , وآدم نبي رسول أوحى إليه , وكلمه قبلاً .
الإستعاذةالإستعاذة
الإستعاذة مشتقة من العوذ وهو الإلتجاء والإستجارة، وقيل أن ه بمعنى اإلإالتصاق يقال أطيب اللحم أعوذه، وهو الملتصق منه بالعظم، ولابد أن تعني الإستعاذة بهذا المعنى الالتجاء إلى رحمة الله، وعظمته وإستجابة اإلأاشياء جميعاً لإرادته.
ورد عن إابن عباس أان أاول ما نزل به جبرئيل على محمد عليه الصلاة والسلام قال: قل يا محمد أاستعيذ بالله السميع العليم من الشيطاناأن الرجيم، ثم قال[[ بسم الله الرحمن الرحيم * اقْرَأْ بِاسم رَبِّكَ الذِي خَلَقَ بسم الله الرحمن الرحيم * إقرأ بأسم ربك الذي خلق ]] الأوفيه بيان لموضوعية الإستعاذةالإستعاذة ومنزلتها في مراتب العبادة والصلاح , ودليل على أنها مقدمة حميدة للتلاوة, وإصلاح للذات للسياحة في كنوز القرآن.
والإستعاذةالإستعاذة هي قولك (أاعوذ بالله من الشيطاناأن الرجيم).
واعوذ مشتقة من العوذ وهو الإلتجاء والإستجارة، وقيل انه بمعنى الإلتصاق يقال أطيب اللحم أعوذه، وهو الملتصق منه بالعظم، ولابد ان تصرف فيهتعني الإستعاذة بهذا المعنى الالتجاء الى رحمة الله وعظمته واستجابة الأشياء جميعاً لإرادته.
والمعنى الأاإلأاول هو الأاإلأاقرب والأاإلنأنسب والأاإلأاظهر، ولا ماناأنع من التعدد بالمعنى والمفهوم، وهل المقصود من الشيطانأان المستعاذ منه ابليسإبليس أاو الأالأعم منه، الجواب إانه أاعم من إبليسإبليس ، والأإالأالف واللام للجنس وليس للعهد لأنأن المراد بالشيطـاـانن ما كانأان شراً مطبقـــاً بالذات والعرض والمدار على عموم اللفــظ لا خصوص السبـب فلا تنحصــر الإستعاذةالإستعاذة بالتوقي من ابليــسإبليس وانإأن كاناأن الفـــرد الأاإلأاهــم والاالأصل المستديـم في الشر والإفتتان الى إلى الأالأاجل المعلوم.
والشيطاناأن مأخوذ من الشطن وهو البعد، يقال شيطن دارك أي بعد، ولأنأن الشيطاناأن يتلبس بالمعصية والجحود فاناأنه إأبتعد عن الرشاد والسداد أو عن رحمة الله، أاو كليهما معاً لما بينهما من نوع ملازمة وتسبيب.
والرجـيــم : فعـيـل بمعـنــى مفـعــول أي مــرجـــــوم ، قــال تعـــالى اإلى[[ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ لئن لم تنته لأرجمنك ]]( )، ونعت الشيطاناأن بهذا الوصف لأمر الله تعالى اإلى الملائكة برمي إبليسإبليس بالشهب الثواقب طرداً له من عالم السماوات، ثم وصف به كل شرير متمرد، وفيه أي في بتعميم هذا الوصف وعيد وإانذار وتخويف لهم، وتحذير للمؤمنين من شرهم، وجاءت الإستعاذةالإستعاذة مطلقة عامة كما وردت شخصية خاصة .
وهل ان الشيطانان من المجردات أام انأن ه من عالم الخلق والممسادحة، وغير مجرد عن الزمانان والمكانان والجهة، االألأصح هو الثاناني لأنأنه لو كانان أمراً عقلياً لما كاناأن مزاحماً أاو مضاداً لشيء.
قال تعالى اإلى[[ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وقل رب اعوذ بك من همزات الشياطين ]]( )، والخطاب وانإن كانأان موجهاً للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكن المقصود الأالأمة بأجيالها المتعاقبة وعلى نحو المجموع الإإالاإستغراقي للأولوية ومناسبة الحكم والموضوع، فاذا كانأان النبي المعصوم مأموراً بالإستعاذةالإستعاذة فغيره أجدر بأإتيانأانها والمواظبة عليها.
والإستعــاذةالإستعاذة إاقرار من العبد بالعجز عن مواجهة الإالابتلاء والإالافتتانأان , فهي نوع معرفة بالله عز وجل وتعلق قدرته بالمقدورات جميعاً لإشتراكها في الإإالإمكـانأان وملازمة الحاجــة للممكن , ولإنألإنتفاء المانأانع بالنسبة لواجب الوجــود لأنأن المقتضي قدرة الله تعالى الى , وهي مطلقتة ومتساوية بالنسبة للجميع لتجردها من الزمانأان والمكاناأن والجهة.
واالالإستعاذة مصداق لفظي خارجي في أواناأنه المحدد، والأهم هومع إاعتبار الاستعاذةالإستعاذة المعنوية باستكمال صفات الصلاح واإحاطة النفوس بقيود الايمانالإإالاإيماناأن، وواقية الرحمن التقوى لتكون حرزاً من رذائل الاالأعمال وإاغواء الشيطانأان.
، ولعل هذا التقسيم يدخل في أاصل تشريعها والحكمة منها ليكون من وظائف االالإستعاذة أايضاً، وتكون مصاديقه سلاحاً مركباً، وحصانأانة للنفس، ومناسبة للإالتفات المتجدد الى إلى صلاحها.
وقوله تعالى [فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ] أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله حذفت لإرادة الدلالة الكلام عليه، ولأن الإستعاذة نوع مقدمة للقراءة , ومن خالف المشهور والمتبادر قال بأن المراد هو الإستعاذة عند الفراغ من قراءة القرآن.
ولا يتعوذ في الصلاة عند مالك , وعند الشافعي وأبي حنيفة يتعوذ في أول ركعة من الصلاة، وقال جماعة بالتعوذ في كل ركعة لأن الآية أعلاه تدل على الإطلاق في الإتيان بالإستعاذة في الصلاة وغيرها.
ومن صيغ الإستعاذة:
الأولى: أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي.
الثانية: أعوذ بالله المجيد من الشيطان المريد.
وكل واحدة منهما لم ترفع إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة أو أهل البيت.
ويحتمل لفظ الشيطان في الإستعاذة وجهين:
الأول: إرادة العهد في الألف واللام في لفظ (الشيطان) والمراد إبليس على نحو الحصر والتعيين.
الثاني : إرادة الجنس، والمراد شياطين الجن والإنس.
والصحيح هو الأول لورود نعت الرجيم، وهو فعيل بمعنى مفعول، والمراد أنه طريد من رحمة الله , قال تعالى [فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ *وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ] ( )، نعم يكون الوجه الثاني أعلاه في طوله، وتشمله الإستعاذة كفرع من الأصل.
وجاءت الإستعاذة بصيغة المضارع (قل أعوذ بالله) لأنها دعاء ولجوء إلى الله عز وجل في مستقبل الأيام، وهل هي من مصاديق الإستغفار الجواب لا، قال تعالى [وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ]( ).
والإستعاذة سلاح الأنبياء، والأولياء والمسلمين عامة في جميع الأزمان ولما إحتجت الملائكة على جعل آدم عليه السلام خليفة في الأرض قال الله عز وجل[إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ]( )، فاذعنوا وأقروا بحكمة الله، وأن خلافة الإنسان في الأرض من بديع صنع الله، ومن علمه تعالى أنه علم الإنسان الإستعاذة، وجعلها سلاحاً وواقية من إبليس وجنوده، ليكون من عمومات لعن إبليس في قوله تعالى [وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ]( )، أن المؤمنين يستعيذون بالله منه،ويطردونه من قلوبهم، ويحترزون من إغوائه .
وجاءت الإستعاذة على لسان أم مريم كما ورد في التنزيل[وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ]( )، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ الشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ مَسَّةِ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا( ).
في القراءة
تعتبر الإستعــاذةالإستعاذة ســـراً من أ اســرار القرآآنأن، ومفتاحاً لعلوم ومراتب في التقوى، ومغلاقاً لما يداهم النفس من شرور تحول دون الإالنإنتفاع الأالأمثل من القراءة، فالقوى الشيطانأانية التي تريد الإاإلنإأنتقاص من توجه العبد الى إلى صلاته، وما في هذا التوجه من صلاح وثبات على دروب الهداية وإارتقاء في للدرجات العالية في منازل الثواب، ومضامين الأاإلأجر فأنإأن قراءة القرآآنأن واقية لدفع وطرد الشيطانأان وأثره.
، ويجتهداذ ان الشيطاناأن يجتهد في إابتكار صيغ الضلالة وهو يحاول إافراغ الصلاة من صبغتها الروحية العبادية، ويجعل العبد لا يخرج منها الاالا بالقيام والقعود، أاو يدس الى إلى النفس الشكوك والوسواس، او يجعل الإنسان يجتهد وينقطع الى إلى العبــادة بما يترك معه وظائفــه الحياتية والمعاشية الأإالاأخرى لذا فانإن الأإالأامر القرآنآأني بالإاستعاذةلإستعاذة نوع رحمة من الله تعالى الى وتخفيف ومدخل لنيل عظيم الثواب والإإالنإأنتفاع الأاإلأامثل من العبادات، أي انأن الله تعالى الى تعاهد الصلاة الشخصية للعبد كما تعاهد الصلاة في كيانانها ووجودها على الأالأرض، إانها سبيل الى إلى عدم التفريط أو الإاإلإافراط، وهذا القول منا يفتح للعلماء آفاقاً في مباحث فلسفة الإستعاذةالإستعاذة على نحو الإاإلنإأنفراد في التصنيف والدراسة.
وويتعلق قوله تعالى [فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ] ( ) الآ تتعلق بقراءة القرآآنأن في الصلاة وغير الصلاة وانإن كاناأن وجوب القراءة ينحصر بالصلاة، فلا شيء من القراءة في غيرخارج الصلاة بواجبة الاالا انأن يكون الوجوب بالعرض كالنذر ونحوه، لذا يمكن انأن يكون المراد منب القراءة الصلاة، تسمية للشــيء ببعض أاجــزائــه، ويمكن الإاإلإستدلال بقوله تعالى إالى[[إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وقرآن الفجروَقُرْآنَأن الْفَجْرِ ]]( ) أي صلاة الفجر وما يقرأ فيها.
، ولكن الأإالأامر بالإستعاذةالإستعاذة أعم من الوجوب، إان دراسة في مضامين وماهية الإستعاذةالإستعاذة يفيد عمومها وأانها تتعدى القراءة أايضاً.
وهل الاستعاذةالإستعاذة واجبة في القراءة أم مستحبة . الجواب: انإأن ها مستحبة وعليه الإاإلإاجماع والنصوص , وأاوانأانها قبل الشروع في القراءة وفي الركعة الأاإلأاولى وعليه الإجماع، و ففي صصحيحة الحلبي عن ابي عبد اللهالااإلإامام جعفر الصادق عليه السلام بعد تكبيرة الإاإلإاحرام، ثم تعوّذ بالله من الشيطانان الرجيم، ثم إقرأ فاتحة الكتاب، وقال السيوطي(ويسن التعوذ قبل القراءة) ( ) , والمراد من السنة هنا الإستحباب والندب .
وذهب جماعة الى إلى التعوذ بعد القراءة لظاهر الآيةالآيةالآية , ومنهم من قال بوجوبها لظاهر الأالأمر , ودلالة صيغة إفعل , وحكى ابن جرير الإجماع عليه , وقيل بإختصاص وجوب الإستعاذة بالنبي والندب لأمته , ولا دليل عليه.
وذكرت الفاظ متعددة للإستعاذة منها ما ورد عن حمزة أاستعيذ وتستعيذ ونستعيذ وإاستعذت إاقتباساً من صيغ الإستعاذةالإستعاذة في القرآآنأن، وليس فيها حصر من حيث الصيغة وتجوز الزيادة والنقيصة غير المخلة ، ولكن السنة القولية والفعلية مبينة للقرآآنأن وفيها انأن التعوذ قبل القراءة , والمقصود في الآيةالآيةالآية الكريمة: اذا أاردت الصلاة .
، وروي عن جبير بن مطعم انأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين إافتتح الصلاة قال : الله اكبر أكبر كبيراً ثلاث مرات، وسبحاناأن الله بكرة وأاصيلاً ثلاث مرات ثم قال أعوذ بالله من الشيطانأان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه.
والظاهر أن ها جاءت على نحو القضية في الواقعة وأنها ليست ملازمة لكل صلاة فريضة، خصوصاً وأنهاوهي ليست من الحديصث المتواتر عن الصحابة وأهل البيت، ويدل إيتياأن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الإستعاذة على نحو المرة أو المرات القليلة يدل إستحباب هذه الصيغة من الإستعاذة.
وفي صيغة الاستعاذةالإستعاذة وجوه منها :
والصيغة الأول : الصيغة المشهورة للإستعاذة هي (أعوذ بالله من الشيطاناأن الرجيم)، ) ونعتها السيوطي : بأنها (صفته المشهورة)، وبه وردت روايبة ابن عمار عن الأمام الصادق عليه السلام، وقال السيوطي وكان جماعة من السلف يزيدون(السميع العليم) ( ).
أو الثاني : (أاعوذ بالله السميع العليم من الشيطاناأن الرجيم)، ).
اًآنأ انالأإاااأمالا ان الثانية وردت في صحيحة ابن عمار، .
والأإااا انواانأ انوتدل صحة وجوه الإستعاذة على تعدد المطلوب وعدم الحصر، وصدق الاستعاذةالإستعاذة اللفظية وتحقق الإاإلإاجزاء بأي منها.
والكل يفيد الإاإلإامتثال والأالإجزاء وان كان فيها مجتمعة ومتفرقة امرأمر ذو أاولوية وهو الإستعاذةالإستعاذة المعنوية بأنأن يقحم المصلي نفسه في دروب الكمالااإلات الإاإلنإأنساناأنية ويقهرها على الإاإلإابتعاد عن رذائل الشيطاناأن والكدورات الظلماناأنية.
واأختلف في كيفية الإاإلإاتياناأن بالإستعاذةالإستعاذة من حيث الإاإلإاجهار بها أو الإاإلإاخفات على وجهين :
الأول : الجهر بها إظهاراً لشعار القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، وعن ابن الجوزي: “انأنه المختار عند أائمة القراءة وانأن منافع الجهر بها أان السامع ينصت للقراءة في أاولها لا يفوته منها شيء( ).
، وهل هذا المعنى يتعلق بالقراءة في غير الصلاة أام فيها وفي أداء الصلاة الجهرية جماعة واناأنفراداً، وهي المغرب والعشاء وصلاة الصبح على القول بالتعميم وشمول الإستعاذةالإستعاذة بخصائص الصلاة الجهرية، أم تكون بلحاظ عمومات أحكام الإستعاذةالإستعاذة في الصلاة الجهرية والإاإلإاخفاتية – وهي الظهر والعصر- ذات طبيعة واحدة لوحدة الموضوع في تنقيح المناط.
الثاني : الإاإلإاخفات بها، وفي الخلاف للشيخ الطوسي الإاإلإاجماع عليه، وفي الاتقان عن ابن الجزري نسبه الى القيل (المختار عند ائمة القراءة الجهر بها وقيل وقيل يُسر مطلقاً)( ) وهذه النسبة نوع تضعيف له , وروي الإخفات عن حمزة ونافع من القراء السبعة، ولكن ورد في خبر حنان صليت خلف ابي عبدالله عليه السلام المغرب فتعوذ بإجهار، وقيل هو قضية في واقعة أي انه لا يصلح للإستدلال ولأن الإجماع بخلافه، والخبر ضعيف سنداً التخيير بين الإجهار والإخفات وان الإخفات أولى.
ولا تعارض بين الوجهين انأالاالا انه, ولا مانع من الاالإتياناأن بالإستعاذة جهراً في الصلاة الجهرية خصوصاً مع وجود الراجح الذاتي او الغيري أي ما يتعلق بالمصلي أاو غيره لأان الاستعاذةالإستعاذة طرد للكدورة الظلماناأنية، وتخل عن الاالأخلاق الذميمة ,, وحرب على الشيطانأان .
والإستعاذةالإستعاذة وفق القواعد الفلسفة الكلامية ايضاً إاقرار وإاعتراف بضعف النفس عن مواجهة الفواحش، وحاجة المستعيذ للالتجاء الى إلى الله عز وجل الذي هو مصدر القوة والعزة, قال تعالى [أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا] ( ),[فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا]( ).
ويحتاج الإنسان الإستعاذةالإستعاذة بمراتب متفاوتة تتناسب في إاطرادها مع المنزلة والمقام الإاإلإاجتماعي والديني والسياسي له، فكلما تكون مسؤوليته أارفع تكون حاجته للإستعاذة بالله أشد وأاكثر الحاحاً للإستعاذة بالله بما يبذله الشيطاناأن وجنوده من الإنس معه من إاغواء ومحاولات إاضلال متتالية ومتشعبة.
ولا تزيد الإستعاذةالإستعاذة الذي ينهل منها الاإلا أاماناأناً وغبطة لما تعنيه من مفاهيم التوكل على الله، وما فيها من عناوين صدق العبودية، فهي إالتجاء الى إلى انأنوار الحكمة الاالالهية من شرور عالم الموجودات والقوى الحيواناأنية الموجبة للحسد والأالأذى والعدواناأن.
وليست ولا تنحصر الحاجة الى إلى الإستعاذةالإستعاذة منحصرة بالمسلمين، فلقد كانانت ملازمة للإنإأنساناأن منذ الساعات الأالأولى لخلقه أي منذ خلق الله عز وجل لآدم إذ حسده إابليس، لذا ورد في الحديث: ان الحسد قبل الكفر لذا ويمكن تقسيم الإستعاذةالإستعاذة بلحاظ متعلقها إلى :
الأول : الإستعاذةالإستعاذة من إابليس، وإابليس إاسم مشتق من التحير والندم والإالابتعاد عن الرحمة واليأس من النجاة، وهو إاسم عربي، وقيل انأن ه أاعجمي لا ينصرف، وفي حياة الحيوان ، وكنية إابليس أابو مرة، وكاناأن إاسمه الحارث، وبالعبراناأنية عزازيل .
فلما صدرت منه المعصية سمي إابليساً، وكاناأن مع الملائكة ويتصف بالإالاجتهاد في العبادة، ولكنه كفر عندما خلق الله عز وجل آدم وأمره بالسجود للمخلوق الجديد، ولم يكتف بتلك المعصية وما ترتب عليها من عقاب شديد، وهو خروجه من الجنة، انما بل سعى في إاطراد لإاغواء بني آدم، ولكن ولعظيم رحمته رحمة الله تعاالى إلى ظل كيد الشيطانأان واهناً لا شأن له , قال تعالى [إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا]( ).
،و جعل الله الله عزوجلسبحانأانه الإستعـاذةالإستعاذة وقاء من هذا الأالإغواء لذا يمكن إاعتبارها، وقاء حرزاً من النار وأماناأناً يوم القيامة بالواسطة، وسلاحــاً مباركاً في مواجهــة عدو مصــاحـب أاو قريب، قال تعالى اإلى[[ إِنَّأن الشَّيْطَانَاأن لَكُـــمْ عَـــدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَــــدُوًّا إِنَّأن مَا يَدْعُـــو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْـــحَابِ السَّعِيرِ ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير ]]( ).
الثاني : الإستعاذةالإستعاذة من الشيطاناأن على نحو العموم الإالإستغراقي أاو العموم المجموعي والعموم البدلي الذي يعني إاتحاد الجميع في الحكم بما هم مجموع، والعموم البدلي، وليكون موضوعاً واحداً كما هو جاء في قوله تعاالى إلى[[وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْأن يَحْضُرُونِ وقل رب اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك رب ان يحضرونِ]]( )، وهذا العموم بوجوهه المختلفة ينبسط على المستعاذ منه.
وينفرد الله عز وجل بأانه وحده الذي يُستعاذ به، فكل إانساناأن يحتاج الاستعاذةالإستعاذة لأانه ممكن، ولملازمة الاالإحتياج للإامكاناأن، وكل شيطاناأن لابد من الاستعاذةالإستعاذة منه لشروره الذاتية وفتنته.
الثالث : يدخل إابليس في إاصطلاح الشيطاناأن المستعاذ منه، ليس كفرد فحسب فهو معلـــم ورائــد الشــر والكفر والضلالة، كما في قوله تعــالى الى[[فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَإبليس أَجْمَعُونَ فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود ابليس اجمعون ]]( )، ولابد أان المستعـاذ منه في هذا الباب أاكثر أاهمية من الإســتعاذةالإستعاذة من إابليــس بمفــرده للحصــص الزائدة التي يفيدها التعدد، والمجموع الذي قد يأتي ضرره على نحو الإالأفراد والتعدد .
الرابع : الإستعاذةالإستعاذة من الشيطاناأن كإأسم جنس لا تنحصر بإابليس وإانأن ورد إاسم الشيطانأان أاحياناأناً علماً ودلالة على إابليس.
الخامس : الإستعاذةالإستعاذة من الفعل القبيح كما في قوله تعاالى إلى حكاية عن موسى عليه السلام [[ قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلينقال أعوذ بالله انأن اكون من الجاهلين ]]( )، لما في هذا الفعل من مناسبة لحضور إابليس، ولأنأن الجهل ونحوه باب لنفاذه وإاستحواذه.
السادس : الإستعاذةالإستعاذة بلحاظ المستعاذ به أي انأنها ترد على نحو الإالإطلاق، وعدم التقييد بنوع أاو جنس المستعاذ منه أاو موضوع الإستعاذةالإستعاذة، فتكون إالتجاء الى إلى الله عز وجل من وجوه وأاسباب الشر، ومن كل ما تخشاه النفس مما يأتي مباشرة أو تسبيباً وبالواسطةمن الأذى والضرر من وجوه :
..الأول : ما يأتي مباشرة ودفعة واحدة.
الثاني : ما يكون سبباً ومقدمة للضرر.
الثالث : الضرر الذي يأتي بالواسطة أو على نحو التدريج.
السابع: ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأن ه قال: أعوذ بك منك( )، وبغض النظر عن سند هذا الحديث فوفيه على فرض صحة الصدور والسند دلالة على انأن العبد يكون في مراتب التقوى العالية منقطعاً الى إلى الله ولا يرى في الوجود غيره، وهو أايضاً نوع خشية منه تعالى اإلى وخوف من الفتنة والإالإستدراج والعقاب .
وتقدير الحديث: أعوذ برحمتك من سخطك ومع هذا الأولى التحقيق في سند الحديث والمختار أنه ضعيف دلالة , فلا يكون الحديث النبوي في ظاهره جامعاً الضدين في باب الإستعاذة فقد أمر الله عز وجل النبي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالإستعاذة من الشيطان, فلا يستعيذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله بل تكون الإستعاذة بالله وفي الله ولله وهل تكون مع الله, الجواب : لا, فهذه المعية تنفي أي أثر لإبليس كما في الإقامة في الجنة إذ لا أثر للشيطان, الا أن يكون مضمون الحديث شكراً لله , وبيانا للخشية منه تعالى .
الثامن: الإستعاذةالإستعاذة والإالاحتيــاط بلحـــاظ الفعل المأتي به، كما في قوله تعالى اإلى[[فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَآأن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ… ]]( ).
التاسع : الاالإحتراز والإستعاذةالإستعاذة من المكروهات، مما يصل الى إلى الإالنأإنسانأان من التعب والنكد والفقر والمرض والسرقة والظلم والبغضاء ونحوها، مما يستعيذ منه الإإالنأإنسانأان بإاعتبار انأنها طرق وأاسباب لنزغ الشيطانأان.
العاشر : الإستعاذةالإستعاذة من قوة الشر في النفس ونزوغها الى إلى السوء والمنكر، رجاع رجاء إاتساع دائرة الإإالاإستثناء الوارد في قوله تعالى إالى[[ إِنَّأن النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّالا مَا رَحِمَ رَبِّي ]]( ).
الحادي عشر : إانها إاعدام لما في النفس من قوة وهمية مستجيبة لوساوس الشيطانأان.
الثاني عشر : هناك وجوه أاخرى لمتعلق الإستعاذةالإستعاذة يمكن إاستقراؤها من الكتاب والسنة، كما في قوله تعالى إالى[[ قَالتْ إِنِّأ ان ي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْأن كُنتَ تَقِيًّا]]( ).
ولم تُبحث المسألة وجوب الإستعاذةالإستعاذة أاو عدمه بحثاً تفصيلياً وأاكتفي بموضوع الإاإلإابتلاء وهو الإاإلإاتياناأن بالإستعاذةالإستعاذة في الصلاة مع التسليم بموضوعيتهــا وعظيـــم نفعهـا، وتجد كثيراً من الرسائل العملية لا تذكرها في القراءة ومع عظيم أهميتها في مراتب المندوب، .
وقد أافردت في رسالتي العملية الموسومة “الحجة” ثلاث باباً للإاستعاذة( )، وأاكثر المفسرين لا يولون الوجوب والإالإستحباب في المقام عناية فتوائية ومع هذا ذكرت أاقوال في المقام منها :
الأول : وجوب الإستعاذةالإستعاذة المتجدد والمتكرر في كل مرة يقرأ بها القرآنآأن وفي غير القراءة , وبه قال عطاء، وأإاسـتدل عليه بمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الإستعاذة وبقوله تعالى إالى[[ فَاسْتَعِذْ بالله ]]( ) الذي يفيد الأإالاأمر فيه الوجوب، .
الثاني : وفي علم الأإالأصاصول أختلف في دلالة لفظ الأاإلأامر الذي هو بمعنى الطلب والبعث الدال على الإالإرادة والرغبة هل يدل على الوجوب أو على المعنى الأإالاأعم منه أو انأنه مشترك بين الوجوب والندب إشتراكاً لفظياً، .
والأاإلأارجح هو الأاإلأاول أي يدل على الوجوب إلاالا مع القرينة الصارفة عنه الى إلى غيره أو الى إلى المعنى الأالأاعم، ولأنأن العقل يحكم بلزوم طاعة المولى والإاإلإامتثال لإرادته, لاسيما وانأن الغاية من الأالأمر بالإستعاذةالإستعاذة هو العبد نفسه وأاستدل على الوجوب بأنأن دفع الشيطاناأن واجب، وما لا يتم الواجب الاالا به فهو واجب، والإستعاذةالإستعاذة وسيلة لدفع شر الشيطاناأن، وانأن والإالإحتياط يوجبها.
ويمكن الرد على الإاإلإاستدلال بمواظبة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الوجوب بوجوه :
الأول : أنأن االمواظبة أعم من الوجوب، فقد تحصل المواظبة على المستحبات.
الثاني : ، وقد يكون الوجوب منحصراً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يشمل الأاإلاأمة تخفيفاً ورحمة كما في صــوم الوصال ونحـــوه من مختصـات النبي صلى الله عليه وآله وسلم،.
الثالث : تأتي او انأن المواظبــة لتوكيد موضوعيتها وانإن كان الفعــل من المستحبات.
ومع ورود الإحتمال يبطل الإستدلال.
وفي قوله تعالى إالى[[فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَأن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ] فاذا قرأت القرآن فإستعذ بالله ]]( )، أاستدل على الوجوب بأنأن ذكر الحكم عقيب الوصف يدل على التعليلوترتيبه عليه مشعر بكون الوصف علة للحكم، وإنأن الحكم يتكرر لأجل العلة، وقال بلا اصدار بوجوبفتجب الإستعاذةالإستعاذة على كل انإأن ساناأن للأمر بها.
، ولكن وردت قرائن من السنة يمكن معها إاستفادة الندب وعدم تجدد الوجوب في كل مرة اذ ولابد من الرجوع الى إلى السنة الشريفة في هذه المسألة الإاإلإابتلائية، .
وفي مرسلة الفقيه: كاناأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتم الناس صلاة وأاوجزهم، كانان إاذا دخل في صلاته قال: الله أاكبر بسم الله الرحمن الرحيم)، وفي خــبر فرات عن الإاإلأامام الباقر عليه السلام: “فاذا قرأت بسم الله الرحمن الرحيم فلا تبالي انأن لا تستعيذ”.
الثالث : إاذا تعوذ الرجل مرة واحدة في عمره، فقد كفى في إاسقاط الوجوب، وبه قال إابن سيرين( ).
الرابع : الإستعاذةالإستعاذة مستحبة وهو المشهور والمختارالاقوى.
الخامس : ونضيف مسألة وهي يمكن التفصيل بين أمور :
الأول : الإتيان بالإستعاذة في الصلاة.
الثاني : ذكر الإستعاذة عند قراءة القرآن.
الثالث : الإتيان بالإستعاذة مطلقاً، وفي كل الأحوال، فقد تكون واجباً في أمر دون الأمر الآخر، أو أنها تعني في أحدهما.
وستبقى الإستعاذةالإستعاذة من الكنوز السماوية التي انأن أنفتحت أابوابها لأهل الأاإلأارض , ولم ينتفع منها الاإلا المؤمنوون فلقد إاقتضت الحكمة الإالالهية إامتحاناأن الإاإلنإأنســاناأن في الحيــاة الدنيا وأان يكون إاستحقاقه للخلود في النعيم الأاإلأاخروي بأنأنماط من الإالابتلاء ومداهمة الشرور له من الشيطاناأن، أاو من جنوده من الإالنإنس والجن، أ او من ذات النفس الأاإلأامارة بالسوء.
وربما يقال اانألماذا هذا الإاإلإابتلاء او بوسوسة الشيطاناأن، لو ان تفضل الله عز وجل تفضل علينا لسلب بسلب القدرة عن إابليس في الأاإلأاثر والتأثير، والجواب : هو انإأن الإاإلإابتلاء بشرور ابليسإبليس ليس حتمياً أاو قطعي الحصول بالنسبة لكل انإأنساناأن،بل فهناك إاستثناء منه تدل عليه آياتآيات قرآنآأنية عديدة منها قوله تعالى الى حكاية عن ابليسإبليس [[[ قَال فَبِعزَّتِــــكَ لأُغْوِيَنَّهُــمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّالا عِبَــادَكَ مِنْهُمْ المُخْلَصِينَ ولأغوينهم اجمعين إلا عبادك منهم المخلص]]( )، ومن الإالإستثناء ما كانجعله في داخل الإاإلنإأنساناأن وجزء منه بما رزقه من النفس العاقلة, وتفضله بنشوء مرحلة التكاليف بالبلوغ وتحقق التمييز العقلي.
وبالإستعاذةالإستعاذة لا يكون إابتلاء بإاغواء الشيطاناأن، انإأنها نوع دعاء وتضرع الى إلى الله عز وجل وحصـاناأنة إاختيارية، والدعاء ســلاح الأاإلنأنبيــاء، وهو قاهر بالتأكيد للكيد الذي يجسده مكر ابليسإبليس, وقد لا يكفي العلم والفضل والورع في التحصن من الشيطاناأن لأنأن مكره معها يكون أخفى، وحيله أاشد فلابد من الإستعاذةالإستعاذة والإاإلإالتجاء الى إلى الله عز وجل بالإستعاذةالإستعاذة منه، أاو تأتي الحصانانة من اللهه تعالى الى إابتداء.
واإذا كاناأنت الإستعاذةالإستعاذة مصداقاً وفرداً من أافراد الدعاء ففيه وجوه :
الأول : الإتياأن بالإستعاذة معلقانها معلقة على الإاإلإاستجابة.
الثاني : أن يدل الأإلاالأمــر يدل ضمناً على الوعــد بالإاإلإاستجابة لعمومات قوله تعالى الى[[ ادعوني استجب لكمادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ]]( ).
الثالث : الإستعاذةانها مقدمة للتخلص من مكر ابليسإبليس ..
الرابع : إانها جزء علة لإعتبار موضوعية أعمال العبد.
الأقرب عندي إمكان الوجوه الأربعة كلها وعدا الوجه الأول فان الوجوه الأخرى من مصاديق وغاآيات الإستعاذة منفردة ومجتمعة.
ويدل الأاإلأامر بالإستعاذةالإستعاذة ووروده بلغة العموم على انأن ابليسإبليس لم يكن مطلق اليد في العبث بالإالنإأنساناأن وإاغوائه، وهي أامارة على عظيم رحمة الله عز وجل بما جعل عند الإاإلنإأنساناأن من سلاح دائم للتصدي لشرور الشيطاناأن، وما وفي هذا التصدي من الثواب والأالأجر، أي انأن الإستعاذةالإستعاذة لا ينحصر أاثرها بطرد الشيطاناأن، فهي دعاء ولجوء لله الى إلى الله واإحتراز وموضوع مستقل ذاتاً، بالاالإضافة الى إلى وظائفها التي شرعت من أاجلها سواء كاناأنت عند القراءة أاو عند مداهمة العدو مطلقاً.
وهل الإستعاذةالإستعاذة واجب مستحب كفائي أاو واجب عيني، فلو كاناأن جماعة كل واحد منهم يقرأ القرآنآأن فهل يكفي إاستعاذة واحد منهم، كالتسمية على الأاإلأاكل، أم لا؟أاو كرد السلام الذي هو واجب كفــائي وعليه الاالإجماع، أم يبقى الااإلإاستحباب لكل واحد منهم؟
الظاهر انأإنها واجب مستحب عيني لإنإأنحلال الأاإلأامر بها بعدد المكلفين ليكون مستغرقاً لهم، وإتياأن الفرد بالإستعاذة، لا يسقط إستحباب إتياأن غيره لها لأنأن كل انإأن ساناأن معرض للإبتلاء باغواء ووسوسة الشيطاناأن والامرأمر بها جاء على نحو العموم البدلي بحكمه، أي ولأنأن الغالب في التكاليف والسنن والمتبادر عند الإالإطلاق، والأالأإصل هو الوجوب والاالاستحباب العيني وليس الكفائي.
والإستعاذةالإستعاذة سبيل لطرد الشقاء الذي يحول دون الإاإلإارتقاء ونيل الكمالاالات الإالنأنسانانية ودرجات المعرفة، إاذ انأن الإالنإأنساناأن ليس شريراً بالفعل بل انأن االشر وغلبته على السلوك تأتيه بالعرض.
وستبقى الإستعاذةالإستعاذة صلة مباركة بين العبد وخالقه، وهي نوع إاستغاثة وليس من حاجب أاو موانانع بين نداءات الإستعاذةالإستعاذة التي يطلقها العبد وبين الله عز وجل، وهي عنواناأن للتخلي التخلي عن الكبر والتكبر والإالإعجاب بالنفس الذي هو مذموم من العبد، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “كلكـم في الجنــة الاالا من أبـى”( )، والتكبر منه تعالى الى ممدوح وهو[[ العزيز الجبار المتكبرالعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ ]]( ).
وقد ترد الاستعاذةالإستعاذة بالله ولكن بالواسطة كما في الحديث (وأعوذ بكلمات الله التامات) ( )، فلا يعني الاستعاذةالإستعاذة بها بالذات والاالإستقلال والأإالأاصالة وهي من رحمة الله تعالى الى وصيغ الإالإستعانانة بالله سبحانانه ولو بالواسطة، وقال الإاإلإامام جعفر الصادق عليه السلام: إذا نزلت في الرجل النازلة الشديدة، فليصم فإناأن الله عز وجل يقول: [[ واستعينوا بالصبروَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ]]( ) يعني الصيام، إذ أنأن الأالأعمال العبادية نوع إاستعاذة عملية وسلاح وواقية بدنية ومالية من الشيطانشيطان وأإغوائه. في حيازة المؤمن.
فالصيام عبادة وإاستعانانة منطوقاً، واإستعاذة مفهوماً وأاثراً، اما الإستعاذةالإستعاذة فانإنها لجوء وإاستغاثة بالله عز وجل منطوقاً، واإستعانانة وحسن توكل مفهوماً.
والصبر هو كف النفس عن الهوى مع الإالامتثال للتكاليف, ويعتبر طريقاً مباركاً للكمالااإلات الإاإلنإأنساناأنية وله موضوعية وأاعتبر من الفضائل، وكأنان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفــزع الى إلى الصلاة، ووفي الكــافي عن الإمام الصــادق عليه السلام: كانأان علي عليه السـلام اذا أاهاله امرأمر فزع الى إلى الصلاة ثم تلا هذه الآيةالآيةالآية [[ واستعينوا بالصبر والصــلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعينوَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّأنهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّالا عَلَى الخَاشِعِينَ ]]( ).
فكما انأن الإستعــاذةالإستعاذة طريــق لإتيـانان التكاليف فانإن الصبر والمواظبة على العبادات طريق عملي لطرد الشيطانأان ونزغه وسد المنافــذ النفسيـــة التي قـــد ينفذ منها، وهو المبتعد عن الحق الذي إاختار عداوة الاالنإنسانان لتفضيل الباري له ووتفضله بالنفخ في روحه.
وتكرار الإستعاذةالإستعاذة نوع تدرج وإارتقاء في سلم الكمالات ومراتب الخلق الحسن، وهي بإاستثناء موارد العصمة لا تتم الاإلا بالتدرج والإالإكتساب والصبر، وقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال: “بعثت لأتمم مكارم الإالإخلاق.” ( ) .
د
وهل ان الإستعاذةالإستعاذة سبب وطريق الى إلى التضرع، أم ان التضرع سبيل الى إلى الإالإتيانان بالإستعاذةالإستعاذة؟ الحق انأن كلاً منهما طريق وسبب للآخر وإرتقاء في درجاته.
انإن موضوع ابليسإبليس والاالإبتلاء به يدل على وحدة الأاإلأادياناأن السماوية وصدق النبوة وإاخلاص الأالنأنبياء وتفاناأنيهم في هداية الناس فقد انأنذر الأاإلنأنبياء من الشيطانان وأاخبروا بأنأنه مبعث الشر ورائد الفساد، واإذا إاستقرأأت الآياتالآاإلياتآيات القرآنآأنية، والقرأن والقرآنآأن فيه تبياناأن كل شيء تجد فيه الإخبار عن الشيطانشيطان متمثلاً بشخص خاص وله أاعواناأن من صغار الشياطين يأتمرون بأوامره , ووسائط من الإإالنأنس والجن، وانأنه يغري الإاإلنإأنساناأن ويدعوه الى إلى الضلال ولكن على نحو الإإالاإقتضاء لا الجبر والإإالاإكراه.
وقد ينفذ الشيطانان بالوسوسة وتزيين الشك والوهم ليكون مدخلاً الى إلى الحرام والضيق والسأم من فعل الصالحات، وفي رواية إابن سنانان عن الإمام الصادق عليه السلام قلت له: “رجل عاقل مبتلى بالوضوء، قال عليه السلام: وأاي عقل له وهو يطيع الشيطانان”والبلاء هنا بمعنى الإاإلإامتحاناأن وكثرة الشك في أافعال الوضوء.
وليس حقيقة الشيطانأان هي الجهل او الجهل المركب كما قيل، بل انإن االجهل والغفلة ونحوهما أابواب ينفذ منها الشيطانان الى إلى النفس الإاإلنإأنسانأانية فلابد من الإإالاقرار بالحقيقة التكوينية وهي انأن للشيطانان وجوداً خارجياً، وفعلاً مؤثراً ومستقلاً عن الإاإلنإأنساناأن.
نعم لا يكون فعل الشيطانان مطلقاً في تأثيره بل يتطلب إافساده لأحوال العبد وإابطال أاعماله وإارباكـه في معتقداته الى إلى اإستجابة القابل ومطاوعة النفس له، لذا فأن فانإن تحصين النفس بالتقوى سلاح لصد ابليسإبليس، ومن وجوه تحصين النفستحصينها الإستعاذةالإستعاذة , وهي ا انالإستعاذةتحذير وسبيل ودعوة للسعي في الإاإلإابتعاد والاالإعراض عنه، وإاذا إاستقرأت الآياتالآاإليــاتآيات القرآنآأنيـــة وجـدت كثيراً أفرادل سوء وفاحشة أفراداً من السوء والفواحش سببها ابليسإبليس وأسباب الغواية .
فانأنه يريد ويريد إبليس انأن يبعد الإاإلنإأنســانأان عن فطرتـــه ويعمي بغوايته بصيرته بما في ذلك ورود الخواطر الرديئــة على الإاإلنإأنسـانأان ونية الأالأفعال السفلية مما يستقبحه العقل، ومن إعجاز القرآن نعته أهل الغواية والضلالة بأنهم شياطين وجعلهم بعرض واحد مع شياطين الجن, قال تعالى [شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ]( ).
وفي تفسير العياشي وعن الإإالامام الباقر عليه السلام في قوله تعالى اإلى[[ لا تتبعوا خطوات الشيطانوَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِان ]]( ) قال : كل يمين بغير الله فهي من خطوات الشياطين.
والإإلإاجماع علماء الإسلام والنصوص على عدم انإنعقاد اليمين الاالا إاذا كانان المقسم به هو الله جل شأنأنه سواء بذكر إاسم الجلالة المختص به وما لا يطلق على غيره كالرحمن أاو بذكر الأالأوصاف والأاإلأافعال المختصة به التي لا يشاركه فيها غيره كقولك مقلب القلوب والأاإلأابصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرء النسمة.
ولا تنعقد اليمينوصحيح ان اليمين لا ينعقد بالحلف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأاإلاأئمة عليهم السلام وسائر النفوس المقدسة المعظمة ولا بالقرأن بالقرآنآأن الشريف والكعبة المشرفة , الا ان ذلك وهو لا ينافي كون المقسم به مقدساً ومعظماً في ذاته لمنزلته عند الله ولكن تلك القدسية لا ترفقي إلى اليمبين بها , وترتب الحكم الشرعي عليه . ولأن تلك القدسية ومع الاقرار بعدم انعقاد اليمين الشرعي بها فانها لا تعتبر من خطوات الشيطان.
انما هــي نــوع اكرام وتشريف بما اكرمهم الله عز وجــل ويمكن ان يســتدل عليـــه مــن القـــرآن قــال تعالى[ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا من كان يريد العزة فلله العـزة جميعاً ]( )، وقال تعالى [ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لله العزة ولرسوله وللمؤمنين ]( )، ولا تعارض في القرآن وعليه اجماع المسلمين بل هو من ضروريات الدين ويدرك بالعقل والوجدان مما يعني اشتقاق عزتهم من عزته تعالى على سبيل الفضل واللطف الإلهي.
وهل يقع تأثير ابليسإبليس وجوهاًوفي ترتب الأثر على وسوسة إبليس وجوهاً :
الأول : يؤثر إبليس في على النفس الأاإلأامارة بالسوء وحدها , تلك التي يخشى تبعيتها لهواها، .
الثاني : ام يقع سلطانه على النفس اللوامة التي وردت الإالإشــارة إاليها بلقــولـه تعالى الى[[ ولا اقسم بالنفس اللوامةوَلاَ أُقْسِــمُ بِالنَّفْــسِ اللَّوَّامَةِ ]]( ) التي لا تزال تلوم نفسها, وتجتهد في الصلاح، .
أم تقع ايضاًالثالث : يقع على النفس المطمئنة الآاإلآامنة التي لا يستقر فيها خوف أاو حزن،.
اوالرابع : النفس الراضية، أاو المرضية،.
الخامس : تتوجه شرور إبليساو ان شروره تتوجه الى إلى عقل الإالنإنسانان الذي به يكون الثواب والعقاب.
السادس : ام الى االروح المنزهة عن صفات الجسمية والحاملة للأمانانة وعهدة التكاليــف ومواثيـق العبادة، تلك التي لا تفنى ولا تموت بل تتبدل حالها بالموت وقد يكون كمالاًاإلاً لها، .
السابع : او ان يكون تأثير إبليس تأثيره يكون على الجوارح والااإلأاعمال، .
الجواب : انأن الاالنإنسانان وحدة متكاملةداخلة، وكياناأن تتداخل أعضاؤه، وهذا الجسم الذي يتضمن أاعراضاً مجتمعة لا يقبل القسمة والاالإفتراق وهو جوهر مركب وروح مسكنها الاالأعضاء، فلابد انأن يكون التأثير على النفس والجوارح، نعم مثل هذا التأاثير من الكليـات المشككة فهو يختلف من انإنسانان الى إلى آخــر، وهذه الحـواس الظاهرة وقوى النفس البهيمية أاو الشهوانانية التي تميل الى إلى اللذات والنفس الحيواناأنية والسبعية تحتاج الى إلى حارس وعون ومدد خارجي من مصاديق التقوى والخشية من الله، ومنهوهو المتمثل بالاستعاذةالإستعاذة التي هي فزع والتجاء إلى الله تعالىتعالى .
لقد كانان إاستكبار ابليسإبليس عن السجود لآدم عليه السلام سبباً في طرده من الجنة، أي انإأنه علة طرد ابليسإبليس وحرماناأنه من نعيم الجنة، لعدم إاكرامه للإنإأنساناأن بالذي أمر الله عز وجل به، من السجود له, وفي التنزيل[الاَّ إِبْلِيسَ قَال أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا]( ).
وفمن باب الشكر لله عز وجل انأن يطرد الناس ابليسإبليس من قلوبهم ويمنعوه من التأثير في أ افعالهم ليس هذا فحسب، بل انأن هذا الشكر منهم سبيل الدخول الى إلى الجنة فكيف يدخلها من لازم ابليسإبليس في حياته وجعله قريناً له في دار الإالإبتلاء، فأحكام الملازمة تقتضي عجز أاقرانانه وجنوده من الإاإلنأأنس والجن عن دخول الجنة أاولئك الذين لم يستطيعوا التخلي والإاإلنإأنفصال عنه، لذا فانإن الإســتعاذةالإستعاذة رحمة متجددة في الأاإلأارض وآله والة إاحتراز، وسلاح وقاية وحرز سماوي وأآادب إايماناني , ومدخل الى إلى الجنة.
وقال بعض أاهل العرفانان في إاكرام الله تعالى إلى للمؤمن: يا عبدي قلبك بستاناني وجنتي بستانانك، فلما لم تبخل علي ببستانانك انأنزلت معرفتي فيه، فكيف أابخل ببستاناني عليك أو كيف أمنعك منه.
مسائل في الاستعاذةالإستعاذة
الأولى : من مستحبات القراءة في الصلاة الاستعاذةالإستعاذة، وإاستحبابها مؤكد قبل قراءة الفاتحة وعليه الااإلإاجماع والنص، وصيغتها “أعوذ بالله من الشيطاناأن الرجيم” وتقدم ذكره”، ويجوز انأن يقول المصلي “أعوذ بالله السميع العليم من الشيطاناأن الرجيم”، وكل منهما ورد مضمونه في القرآنآأن( )، والأاإلأاولى هي الأاإلأاشهر , الا أن الثانية لا تتعارض معها بل هي في طولها.
الثانية : والظاهر وجود ملازمة إاجمالية بين الاستعاذةالإستعاذة اللفظية والاستعاذةالإستعاذة المعنوية، فاللفظية مقدمة للمعنوية وتترشح عنها لتكون النفس مؤهلة لمنازل الفضيلة والكمال وإالتماس السعادة الأالأبدية بإاخلاص العبودية.
الثالثة : يؤتى بالاستعاذةالإستعاذة إاخفاتاً وأادعي الاالإجماع عليه، ويجوز انأن يؤتى بها جهراً في الصلاة الجهرية، والأاإلاأول هو الأاإلأاحوط ,انأعليه السلام ان الاإا والاالأقوى إاســتفادة الســعة والجواز ولو على سبيل الفرد النادر والقرائن التي ترجح إاستحباب الجهر بها خصوصاً في الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء والصبحأاحياناناً من غير تعارض مع تعلق الندب والاالإستحباب أاصلاً بالإالإخفات.
علم أسباب النزول
هو العلم بالحوادث والوقائع و المواضيع والأالأسئلة التي كانانت سبباً مباشراً وطريقاً محضاً، ومناسبة وقرينة حالية على نزول الآيةالآيةالآية القرآنآأنية لذا يمكن جعلها أامارة على الموضوع والحكم المستنبط من الآيةالآيةالآية، وإادراك فهم شطر من تفسيرها وتأويلها وكانت لتكون بمنزلة الحكم الظاهري.
والقول بأنها بأنأن أاسباب النزول طريق محض تقييداً لها , ولمنع اللظن بأنأنها اسباب النزول علة تامة للآية لاسيما وانأنه ليس لآياتآيات القرآنآأن كلها أاسباب للنزول لذا يمكن تقسيم آياتآيات القرآنآأن من حيثبلحاظ أاسباب النزول إالى :
الأول : ما نزل إابتداء من غير أاسباب مباشرة، ووقائع شخصية للنزول.
الثاني : ما نزل بأسباب خاصة ووقائع معينة.
الثالث : ما يبعث الى إلى أاحداث واأفعال مخصوصة.
الرابع : ما نزل بأحوال عقائدية واخلاقية وإاجتماعية خاصة،.
الخامس : ما يمكن إاعتباره برزخاً بين القسمين الثاناأني والثالث أاعلاه و قسيماً لهما،.
وان لم يذكر فيوتتجلى موضوعية هذا العلم هذا الباب مع اهميته وضرورة دراسته وإاستقراء الدروس والأحكامالأاإلأاحكام منه بتتبع آياتآياته تفسيراً وتأويلاً بلحاظ زماناأن نزول الآياتالآاإلياتآيات والأاإلأاحوال السائدة العامة أو الخاصة فعلى سبيل المثال تعرف السور المكية بلغة الإالنإأنذار والوعيد، والمدنية بتضمنها لتشريع الاحكامالأالأحكام، وكل منهما نزل بأاحوال تختلف في الجملة عن أاحوال الأإاأخرى.
انإأنه العلم الذي يبين تأريخ نزول الآيةالآيةالآية وموضعه، ولو على نحو الإاإلإاجمال، وموضعه وهل ان تلك الأاإلأاسـباب جزء علة مادية أاو صورية، نعم هي أاحد أافراد ومصاديق العلة الغائية لموضوع الآيةالآيةالآية المنبسط على جميع الوقائع المشابهة في أافراد الزمانان الطولية، والمكانان العرضية وحتى يوم القيامة، لأنأن أاحكام القرآنآأن جاءت على نحو العام الإاإلإاستغراقي الأالأإلازماناأني لا على نحــو العام البدلي الأاإلإافرادي( )، فانأإن نزول الآيةالآيةالآية القرآنآأنية عقــب واقعة معينـــة يفتح أابواباً من العلم في تفسير تلك الآيةالآيةالآية ولا يعني هذا انأن مضمون الآيةالآيةالآية ينحصر باأسباب النزول لأنأن المــدار والمــلاك في عموم اللفظ وليس المسبب وحده أاو انأن معرفة أاســـباب النزول علم لا طائل منه، و النصوص والسيرة في الجمع بينهما وكل فرد منها كنز وثروة,ويعطي إاعتباراً وموضوعية لأاسباب النزول من غير أن يتعارض مع سعة مضامين الآية، لأن المدار على عموم اللفظ وليس سبب النزول.
وأاسباب النزول علم وموضــوع فيه توثيتتق قرآنآأني كريم مبني على الإالإتعاظ والإالإعتبار بسبب النزول وإاتخاذه الة وحجة ومدخلاً لتفســير الآيةالآيةالآية، وعلى العالم والمفســـر انأن ينتفع من كل ما يقع في طريق إاستنباط الأحكامالأاإلأاحكام واإستخراج العلوم من الآيةالآيــةالآية الكريمة ولابد انأن تكون النســبة بين ظواهر القرآنآن وأاسباب النزول عموماً وخصوصـــاً مطلقاً، .
اذ انو إاعجــاز القرآنآن وحجته عامة وتبدو جلية في ظواهـــره ومعاناأنيه وما يفهمــه المسلمون من مدلولاته فسـبب النزول يكون في موضوعه جزء من التفسير، وليس كل التفسير، فمثلاً يستدل الإإالاإمام جعفر الصادق عليه السلام في تحذيره لأبي جعفر المنصــور من قبول خبر النمام، بقوله تعالى الى[[ إِنْإأن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ان جاءكم فاســق بنبأ فتبينوا ]]( ).
وقد تكون أاسباب النــزول نــوع تقييـــد لإطــلاق الآيةالآيةالآية.
وففي قوله تعالى اإلى[[ لاَ تَحْسَبَنَّ الذِينَ يَفْرَحُـــونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْأن يُحْمَـدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا ]]( )، قال مَرْوَانَ اذْهَبْ يَا رَافِعُ – لِبَوَّابِهِ – إلى ابن عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَال ابن عَبَّاسٍ مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الآيَةِ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى أَهْلِ الكِتَابِ. ثُمَّ تَلاَ ابن عَبَّاسٍ (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) هَذِهِ الآيَةَ وَتَلاَ ابن عَبَّاسٍ (لاَ تَحْسَبَنَّ الذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) وَقَال ابن عَبَّاسٍ سَالهُمُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- عَنْ شَىْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَالهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ اليْهِ( ).
انإنها رحمة وتخفيف وبيانأان وتفصيل للأحكام، نعم يمكن انأن يجد العالم والباحث أامارات التقييد ونحوه في آياتآيات أخرى من القرآنآأن لقاعدة القرآنآأن يفســر بعضـه بعضاً، كما في قوله تعالى اإلى[[قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون]]( )، ويجدها أايضاً في السنة النبوية الشــريفة التي هي بياناأن للقــرآنآأن، وقد تظــهــر أاسباب النزول بقــولــه تعالى اإلى[[ يسألونكيَســالــونَــكَ ]]( )، [[ يستفتونكيَسْتَفْتُونَكَ]]( ) وهي ضياء مبارك لتثبيت علم وموضوع أاسباب النزول.
وفي قوله تعالى اإلى[[ وَالسَّارقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاًإالا] والسارق والسارقة فأقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا ]]( )، ورد انأنها نزلت في أمرأة إامرأة سرقت، وسئل إابن عباس عنها أخاصّ أم عام؟ فقال: بل عام)،( ).
وقد يكون مثل هذا السؤال زائداً في هذا الزمانان لما تسالم بين الفقهاء وإارتكز في عقول الناس من عموم الآيةالآيةالآية موضوعاً وحكماً وبالإالإضافة الى إلى دلالة اللغة بتعدد المعاناني في الآيةالآيةالآية والسنة القولية والفعلية، .
ولكن السؤال يدل إاجمـالاًالا على إاعتبار أاسـباب النزول آنأن ذاك آنذاك وهو أمر حســن مع خلــوه من التفريط وهو الذي يتمثل بحصر المفهوم على تلك الأالأسباب، ولا ترى لذلك التفريط أثراً أاو أادنى وجود في تأريخ المســلمين لما وضعـــه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قواعد وعلوم وما ثبته الأاإلأائمة عليهم السلام والصحابة وطبقات المفسرين من أاسس ومفاهيم تدل على ما للآياتآيات القرآنآأنية من عموم وإاطلاق ولما في القرآنآأن، من قابلية الإالإتساع والإحاطةتساع والإحاطة بالوقائع والأالأحداث وهي غير متناهيـــة، ولإامتلاكه الحصانانة الذاتية بوجه التقييد، وهو من أافـــراد إاعجـــاز القرآنآن، وبذا تتضح لنا مفاهيم جديدة في إاعجاز القرآنآن وهي انأن القرآنآن بذاته يأبى حصر معانأانيه وتأويله في زمانان دون آخر، أاو وقائع دون غيرها فهو حي ويبعث الحياة العلمية.
وصحيح انأن علم أاسباب النزول مستقل وينفرد بخصوصيات تساعد على التفســير الأاإلأامثـل الاالا انأنه لا يمنع من إارجاع أاخباره الى إلى علم الرجال وتقســـيماته وفق القواعد الرجالية إاذ انأننا لا نأخذ كل ما ذكر في أاسباب النزول بالتسليم والقبول التام وإاذا وجدناه معارضاً بما هو أهم وأقرب الى إلى ظاهر الآيةالآيةالآية أاو انأنه مخالف للأحكام الواقعية نتردد في قبوله فلعله يتضمن اضافات جاءت مناصرة للمذاهب أوالطعن أو التعـريــض أوالمقابلة بالمثــل أوايجــاد عنصــر للتكافــئ، .
ففي قوله تعالى اإلى[[ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ الدُّ الخِصَامِ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدِّ الخصام ]]( )، جاء عن السدي انأن ها نزلت في الأاإلأاخنس بن شريك الثقفي حليف بني زهرة، أقبل الى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، وقال: جئت أاريد االإسلامالإلإسلام، ويعلم الله انأني لصادق، فأعجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك منه، فخــرج من عـند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فأحرق الزرع وعقر الحمر، فأنأنزل الله عز وجل[[ واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسلوَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَالارْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ]]( ).
وفي أاسباب النزول في قوله تعالى اإلى[[ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَــهُ ابْتِغَـاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ]]( ) وردت أاقوال:
الأول: انأنها نزلت في علي عليه السلام لما بات في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة خروجه الى إلى الغار وهو الأاإلاأرجح، وانأن جبرئيل قام عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي بخ، بخ من مثلك يا إابن أإابي طالب يباهي الله بك الملائكة، ونزلت الآيةالآيةالآية , عن ابن عباس والإمام الباقر عليه السلام.
الثاني: ونسـب الى إلى اابن عباس ايضاً انأنها نزلت في صهيب بن سناناأن مولى عبد الله بن جذعــانان وفي عمـار بن ياسر، وفي سمية امه أمه وفي ياسر ابيهأبيه.
الأإاالإإاانأالى اانفاذا ثبتت نسبته الى ولا ماناأنع من الإالإشتراك والتعدد في أاسباب نزولها لاسيما وانأن إاجماع المسلمين على انأن مفهوم الآيةالآيةالآية عام لا ينحصر بسبب نزول، اما اذا كان القصدولا يمكن إاخفاء فضيلة قرآنآأنية فليس فيه ضرر كبير لوجود شواهد على الصوابونصوص متواترة على معنى مخصوصالأإا لا يقيد الآية.
انإن سبب النزول قطعي الدخول في المفهوم العام للآية أي انأن عدم إاعتباره علـة تامة لنزول الآيةالآيةالآية لا يعني تجريده من الخصوصــية أاو عدم أخــذه جزء من تأويل الآيةالآيــةالآية وتفسيرها، انوسبب النزول لا يمنع من وضعها ضمن السياق العام للآياتآيات.
الثالث: انإنها نزلت في رجل أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، روي عن عمر ابن الخطاب وإابن عباس، وفي بعض الكتب نسب الى إلى علي عليه السلام.
الرابع: قال نفر من المفسرين انأن المراد به البيع والشراء أي انأن المكلف باع نفسـه بثواب الآاإلآاخرة وانأن الله عز وجل كالمشتري لقوله تعالى اإلى[[ إِنَّأن اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِينَ أَنأن فُسَهُمْ ان الله اشتري من المؤمنين انفس]]( ).
ويمكن إاعتبار أاسباب النزول فرداً من إاعجاز القرآآنن لأثرها الإاإلإايجــابي في تحديد مسارات القيم الإالإإجتماعية والإالأإخلاقية وكانانت عوناً على العمل وفق أاحكام الشريعة، وشاهداً حاضراً ودليلاً في جادة الهدايـــة، يجد فيها المؤمــن ضالته لتطيب نفسه بما يوافق إاحساسه المشروع كما في قول ان المســلمين والمســلمــات والمؤمنين والمؤمنــات ]] أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله الا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى [ أَنِّأن يأني لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْأن ثَى اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او ا].
وعلى فرض صحة السند والدلالة يمكن القول بنزول أاكثر من آية في سبب شخصي واحد ويجوز حمله على تعدد حيثياته، والأالأمر هين بعد الإالإقرار على بالمفهوم والغرض العام لنزول الآيةالآيةالآية.
ويمكن التساؤل لماذا تأخر النزول الى إلى حين ورود السؤال ؟ انأن ه إنه مناسبة كريمة للعناية الزائدة في موضوع الآيةالآيةالآية ورسوخه في الأاإلاأذهاناأن على نحو ظاهر من القبول والبياناأن واالإلإلتفات واعزاز للآيةالى إلى إاحترام المرأة لما يضفي عليها موضوع النزول من إاستقلالية وكياناأن تنفرد به بلحاظ سبب النزول أاو الواقعة والحادثة التي كانانت ســبباً للنزول وما تمثله من إاكرام القرآنآن للمؤمنين وحاجاتهم الشخصية، ليضاف موضوع أاسباب النزول لإاعجاز القرآنآن، ويكون أحد مصاديقه وانإن دأب المفسرون على دراسة إاعجاز القرآنآن وكذا سبب النزول على نحو منفصل، .
وترى في سبب نزول الآيةالآيةالآية أاعلاه إاعجازاً للقرآنآأن خاصة بهذا في هذا الزماناأن يتعلق بما يمنحه الإسلامالإسلامالإسلام للمرأة من حقوق وإاكرام ومساواة في الثواب واإستحقاقه، وحثــاًاً لها على الإالإرتقاء في أابواب الصلاح والعمل والجهــاد،.
انإن سبب النزول إاســكات لأولئــك الذي يحاولون النيل من الإسلامالإسلامالإسلام في خصوص باب حقـوق المرأة بما يجسده من شأنأن وموضوعية واإعتبار لأفعالها على نحو مستقل ومسؤول ويدل سبب نزول الآية على فضل الله تعالىتعالى على أزواج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمات مطلقاً، وفيه دعوة لإكرامهن , وهو من مصاديق قوله تعالىتعالى [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] ( ) من وجوه :
الأول : سؤال أم سلمة وتطلعها لأن يكون لها شأن في القرآنالقرآن ، وفيه إدراك للزوم لجذب النساء إلى منازل الإأيمان.
الثاني : دعوة المسلمين إلى إكرام المسلمات على نحو الإجتماع والإنفراد، وإعانتهن في أداء ما عليهن من العبادات.
الثالث : التوثيق السماوي لجهاد وهجرة المسلمات.
الرابع : بيان حقيقة وهي نيل المسلمات لمراتب الإكرام بالذكر بالذكر في القرآنالقرآن على نحو الخصوص، مع أن خطابات القرآنالقرآن شاملة للذكور والإناث، كما في قوله تعالىتعالى [َاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] فالمراد وجوب فريضة الصيام على المكلفين والمكلفات من المسلمين.
وورد الخطاب بصيغة التذكير لتغليب المذكر على المؤنث.
ويجــوز إاتحاد السبب وتعدد المَسبب في نزول الآيةالآيةالآية , وتعدد الســبب وإاتحــاد المسبب، فيجتمع سببانان أاو اكثر على نزول آية واحدة اذا مع ثبتت صحة السند وجهة الصدور والدلالة والمعنى.
ويتوصل الى إلى معــرفة أاســباب النزول وتحديدها بما يكون سبيلاً معتبراً لأخذها في التفسير والتأويل من وجوه :
الأول : تعرف بالنص والإالأخبار عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو أعلم الناس بأحوال الوحي ومناسباته.
الثاني : تعرف منتؤخذ عن الذين شاهدوا التنزيل من الصحابة واخبروا غيرهم بالرواية والسماع، لما من اهموضوعية وشهادة لحضورهم ومصاحبتهم ووقوفهم على الأالأسباب المباشرة للنزول، وانإن كانانت معرفتهم لها بعد نزول الآيةالآيةالآية بالتتبع والإالإطلاع والتدبر في موضوع الآيةالآيةالآية، فقد كانان الصحابةالمسلمون يحرصون على تدارس القرآنآن، كما انأن سبب النزول من الوقائع التي تثبت في الذاكرة وتحظى بعناية خاصة.
وقد يحصل للصحابة العلم بها نتيجة قرائن تحيط بالوقائع والأالأحداث، وانإن قال الصحابي أحسب وأظن هذه الآيةالآيةالآية نزلت في كذا فانإن عدم القطع لا يفقد هذا القول االإلإعتبار ولكن لا على نحو الإطلاق والتسليمبل يبقى للقول شأنأن ولو على نحو الموجبة الجزئية.
الثالث : يمكن إاســتقراء أاســباب النزول ومعرفتها من أخبار أهل البيت، المعصوم عليه السلام، وهل تعرف بحديث التابعي الجواب : نعم إذا كانلا، الا ان يكون حديثه مرفوعاً وانإن جاء مرسلاً مع ما في الإالإرسال من أامارة على الضعف ولكن المقام فيه سعة ومندوحة لأنأن أاسباب النزول أحداث ووقائع لم توثق الاالا من الذين عاصروها بل اننا لا نريد فقطوالارجح عدم الاكتفاء بذكـرهاولعل الصحابة نقلوها للتابعين، ووضبطها بل وما يدل علىفلابد من بيانان السببية والملازمة بينها وبين الآيةالآيةالآية الكريمة، الاالا انأن يكون التابعي قد سمعها من الصحابة وذكرها ورواها من غير ذكر المصدر والجهة , ولعل أكثر أسباب نزول الآيات وردت عن التابعين , ويحمل على كون التوثيق وأغلب التدوين حصل في أيامهم .
فالمطلوب إاستنباط الدروس، وإاستظهار وجوه الحكمة وما يدركه العقل من ظاهرها وتأويلها، وليس كل صحابي يعرف كل سبب للنزول والاالا لاحتجنــا الى إلى التواتر في الطبقة الأالأولى من سند كل حديث خاص بأسباب النزول، فقد يكون الصحابي غير موجود ساعة نزول الآيةالآيةالآية وأاسبابها بلحاظ خروجهم في كتائب ونحوها، وربما سأل الصحابي أخاه عن تفسير آية أاو منطوقها ليبقى عنواانن الصحبة من أاهم المصادر التي تحدد أاسباب النزول لموضوعية وإاعتبار الشهادة المقرونة بالعدالة.
منافع أسباب النزول
لعلم أاسباب النزول منافع وفوائد لا تنحصر بموضوع النزول وأوانانه بل تتعداه لتشمل أجيال المسلمين لصدق ملازمته للآية في باب الموضوع والتفسير، وليصبح مدخلاً كريماً وضوءاً مباركاً تنبعث منه مصابيح للتأويل والدراسة والإالإستنباط.
ويقع، ان بيانان منافع هذا العلم جواباً وتعليلاً لقولنا بأنأنه وجه من وجوه إعجاز القرآآنن مما يملي علينا التحقيق في إحصائها والتتبع لآثارها ومنها :
الأول :
معرفة الحكمة والعلة لتشريع الحكم.
الثاني : تخصيص الحكم عند من يقول بالجمود على سبب النزول أو انأنها عون على فهم موضوعه انإن وجد ، ولا ددليل على التخصيص، إاذ انأن الجمود على سبب النزول لا يخلو من تقصير عن إادراك علوم القرأن القرآنآن , وفيه تخلف عن معرفة عظيم منافعه وتخصيص من غير مخصص.
الثالث : الوقوف على المعنى وطرد التردد والإالإشكال إاذ انأن معرفة سبب النزول سبيل ومدخل الى إلى علم التفسير، وخوض غمرات التأويل لما تسالم عليه بانأن معرفة السبب تساهم في العلم بالمسبَب.
الرابع : انإن سبب النزول قطعي الدخول في المفهوم العام للآية، وعدم إاعتباره علة تامة لنزول الآيةالآيةالآية لا يعني تجريده عن الخصوصية أاو الإالإعراض عنه وعدم أخذه جزء من تفسيرها، فهذا مافهو مما لم يقل به أحد من العلماء، بل انأن التفقه فيمعرفة السبب يساعد في معرفة سياق الآياتالآالياتآيات وأسرار ترتيبها.
الخامس : يساهم علم أاسباب النزول في رفع الوهم، ومنع حمل الآيةالآيةالآية على غير محاملها والمقاصد والغاياتايات منها، كما في قوله تعالى الى[[ لَيْسَ عَلَى الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا واحسنوا ]]( ).
وظاهر قوله تعالى الى[[ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله ]]( ) الإالإطلاق وتساوي الجهات في جميع الصفات وصلاحيتها للاإستقبال، وعدم حصر الإالإستقبال بالبيت الحرام، وهو خلاف ضرورة الدين وما عليه الإالإجماع في موضوع القبلة، واجتماع بالإالاضافة الى إلى الاالإرادة التكوينية والتشريعية في تغيير القبلة مع انأن أاهل الريب والشك يثيرون الشبهات .
فجاء تحويل القبلة من بيت المقدس الى إلى المسجد الحرام حكماً الهياً، وانإنعطافاً في صيغ العبادة يتصف بالدوام والثبات وما هو أعم من أسباب النزول، وإذا رجعنا الى إلى سبب النزول فأنانه يدل على تقييد الموضوع بنافلة السفر، والإالإجتهاد فيها، وفي حال العجز عن معرفة جهة القبلة، ولكن الموضوع والحكم أعم .
السادس : تعظيم شعائر الله ودفع الخلاف في إاتيانانها وإامتثال الحكم الشرعي، ففي قوله تعالى الى[[ إِنَّ إن الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْأن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّأن اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ[ ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم]]( )، ورد في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام انأن المسلمين كانانوا يظنون انأن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون فأنأنزل الله هذه الآيةالآيةالآية)،وقريب منه في الدر المنثور( )، وفقد ذهب بعضهم كعروة بن الزبير الى إلى عدم فرضية السعي تمسكاً بظاهر اللفظ ( لا جناح) وانأن بعض الصحابة تأثموا من السعي بينهما لأنأنه من عمل الجاهلية، فجاءت الآيةالآيةالآية لتثبيت هذه الشعيرة والحكم الى إلى يوم القيامة.
السابع : منع الفهم الخاطئ للآية الكريمة، ودفع وطرد التحريف واختيار التفريط بالإجتهاد والإالإجتهاد خلاف النص، واأسباب النزول، فمثلاً تجد في سورة الكافرون تجد الحاجة الى إلى معرفة إاستحضار أاسباب النزول لمعرفة التفسير ، وعدم إاقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمشركين على دينهم وعبادتهم للأوثانان.
الثامن : التسليم بأنأن سبب النزول لا يحصر موضوع الآيةالآيةالآية به، فعند معرفته وعرضه على الآيةالآيةالآية الكريمة تجدها أعم منه ماهية وموضوعاً ومحمولاً وزماناناً ومكاناناً.
التاسع : انإنه فرد من علوم القرآآنن ومبحث علمي وتأريخي وعقائدي مستقل يعكس صورة وأحوال المسلمين والبيئة المحيطة بهم آنآنذاك, وهو دليل على عظيم جهادهم وصبرهم في ذات الله وإايمانانهم بالوحي وتصديقهم بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
العاشر : انإنه باب رحمة وسبيل الى إلى التآلف وعدم الإالإختلاف في التفسير، وما يتعلق به من التشريع، وطرد للفرقة والشقاق.
الحادي عشر : هو حاجز وواقية من سوء التفسير أاو توجيه الآيةالآيةالآية الكريمة في غير الذي انأنزلت فيه.
الثاني عشر : فيه دروس تدل على إاعجاز القرآنآن سواء تلك الدروس الخاصة بكل سبب لآية معينة أاو المواعظ والعبر المستنبطة والمستقرأة من هذا العلم على نحو العام المجموعي ( )، بالإالاضافة الى إلى العام الإالإستغراقي.
المعوذتانان وجزئيتهما من القرآنآن
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1 )مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2 )وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4 )وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5 ).
بسم الله الرحمن الرحيم
قُــلْ أَعُــوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1 )مَلِــكِ النَّاسِ (2 )إِلَــهِ النَّاسِ (3)مِنْ شَـــرِّ الْوَسْــوَاسِ الْخَنَّـــاسِ (4 ) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5 )مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6 ).
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وختم آخر الكتب السماوية بذكر وتعظيم مقام إسم الإلهالأالإلوهية , إاذ قال تعالىتعالى [[ ملك الناس * إله الناسمَلِكِ النَّاسِ * الهِ النَّاسِ ]]( ) ليدل على قهره لوسوسة الخناس الشيطان، ويدعونا للإلتجاء اليه واللوذ بمقام الألوهية الربوبية ويطرد عن قلبك قلوبنا حب غيره، ولمنع تمرين النفس الحيوانانية على خلاف توجه النفس الناطقة المطمئنة الصاعدة في سلم المبادئ العالية ، انإنه إاثبات لعدم تقييد إاستطاعة العبـد وعجزه عن مواجهة الشرور، وحاجته للرجوع الى إلى الخالق بديع كل حي، ومفيض كمال كل موجود فالق ظلمة العدم بنور الوجود, قال تعالى [يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ] ( )
تفضل الله وأمر نبيه ومن خلاله الأالأمة والناس إاذ انأن النبي واسطة مباركة لتبليغ الأالأمة، والقرآآنن لم ينزل ليخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم انإنما هو مائدة مباركة كان للمسلمين جميعاً يأخذون منه الأحكامالأالأحكام، يعملون به ويلوذون بآياتآياته وأحكامه، فالقرآنالقرآن هو فهو الكلام المنزل من عند الله عز وجل ويتعوذون من الشرور التي جاءت بالعرض والإالإبتلاء في الحياة الدنيا سواء كانانت الجسمانانية منها أاو النفسية، وانإن كانانت النفس الإالنإنسااننية مخلوقة في جوهرها على النقاء والصفاء، قابلة لإكتساب العلوم وانأنوار المعرفة وخالية من الكدورات، ولكنها تهددها مهددة بالشرور والموجودات الظلمانانية لحكمة من الله تعالى الى في الخلق ونفاذ مشيئته وقضائه الأالأول في اللاحق من الموجودات والممكنـات [ ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ[[ ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّأن اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ]]( ).
وثبت في العلوم العقلية انأنه ما من موجود من الممكنات الاالا وله كمال ونقص، يكونان عنده في عرض واحد أاو في مراتب متفاوتة ولكن لا ينعدم أاحدهما ولا يقوم عليه على واحد منهما فقط، فتراه يستأنأنس بما نال من صفات الحسن والكمال، ويشتاق ويسعى الى إلى ما يريد وما فاته وذلك من لوازم العقل، والإالنإنسانان له خاصية في تطوره وتبدله في الأالأحوال. المتباينة.
ولقد جعل الله عند الإالنإنسانان ملكة وحب إاشتياق للأعلى من مراتب الكمالاالات التي لا تنتهي، فكلما وصل الى إلى درجة سعى الى إلى ما هو أعلى بحرص وشوق، الامرأمر الذي لا يخلو من مصاحبة الأالألم والشقاء والزجر له، وتلك الملازمة ظاهرة في عالم الإالإمكانان لأنأن من خصائصه النقص والقصور ليكون اللجوء الى إلى واجب الوجود حتمياً، والحاجة إلى يالله تعالى الى مستديمة ومتصلة، وهو خالق كل شيء بحكمة وإتقان.
وقد يتعذر على االإلنإنسانان طريق الإالإهتداء الى إلى المنازل الرفيعة فتكفل الله سبحانانه بهدايته بالقرآنآن الذي جعله [[ تبياناً لكل شيءتِبْيَانًانا لِكُلِّ شَيْءٍ ]]( ).
ويمكن الإالإستدلال على كون المعوذتين من القرآنآن بالقدرة الذاتية، والعناية الإالإلهية بالقرآآنن وتعاهده سبحااننه له كتاباً وآياتآيات بقوله تعالى الى[[مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ما فرطنا في الكتاب من شيء ]]( )، وقوله تعاالى لى[[ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظونإِنَّأنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون ]]( ) .
فالجمع بين الآالآيتين أعلاه يفيد انأن كل ما بين الدفتين هو قرآنآن وعليه إجماع المسلمين.
وأخرج ابن السنى في عمل اليوم والليلة من طريق على بن الحسين عن أبيه عن أمه فاطمة: :انأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دنا ولادها أمر أم سلمة وزينب بنت جحش أنأن ياتيا فاطمة فيقرءا عندها آية الكرسي , وانأن ربكم الله إلى إلى آخر الآيةالآية ويعوذاها بالمعوذتين”( ).
وموضوع جزئية المعوذتين من القرآنآن أاو عدمها من المواضيع التي لم يقف العلماء كثيراً عندها لانإنقطاع الخلاف بوجودهما بين الدفتين وهو فرع إاعجاز القرآنآن بأنأن تترشح قدسيته على جزئه فيعرف الجزء بالكل، وإاكتساب المنعة والحصانانة وثبوت صبغة القرآآننية به، وصعوبة العثور على دليل يفيد الخلاف، الذي يتعلق حصراً بنسبة القول بانأنهما ليستا من القرآنآن الى إلى عبد الله بن مسعود مع إاجماع الصحابة وأاهل البيت على خلافه.
ونتنناقش هذه المسالة كبرى وصغرى، أما الكبرى فإجماع المسلمين على انأن المعوذتين جزء من القرآنآن، وعن طريقين عام وخاص، أما العام فأنإن ما بين الدفتين قرآآنن، وأما الخاص فهو التسالم بين المسلمين عامة على انأنهما جزء من القرآآنن .
، ونسب ونعت من جحد نسبتهما الى القرآن بالكفر كما قال النوري والنعت بالكفر مع شياع نسبة القول الى عبد الله بن مسعود يدل بالدلالة التضمنية على نفي هذا النسبة، او عدم اعتباره كقول من غير التفات الى قائله، بالنظر له وفق المعنى السلبي لما ورد في الخبر: “انظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال”.
والصغرى هي إاثبات هذه النسبة الى إلى اابن مسعود، وعلى فرض نسبتها ما المقصود بقوله انأنهما ليستا من القرآنآن؟ فقد نقل عنه انأنه انأنكر إاثباتهما في المصحف واثبات الحمد .
وفي رواية حتى انأنه نفي الحمد نفاها ايضاً لأنأنه كانانت السنة عنده الا يثبتبعدم ثبوت شيء الاإلا ما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإثباته وكتبه، ولكن امرأمر النبي وإاثباته للكتاب أعم من انأن يطلع عليه عبد الله بن مسعود إاذ انأنه لم يلازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل آنآنات الليل النهار، وتلك حقيقة منبسطة على أاغلب الصحابة، ولكن لم ينعت أاحد منهم بعض سور القرآآنن بأنأنها ليست منه.
وفي صحيح إابن حبانان عن زرّ، قلنا لأبيّ بن كعب : انأن ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوذتين فقال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي جبرئيل [[ قل اعوذ برب الفلققُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ]] فقلتها، وقال لي [[ قل اعوذ برب الناسقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ]] فقلتها، فنحن نقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ( )، أي انأن جبرئيل نزل بهما كقرآنآن، ولذا يرد على قول ابن مسعود على فرض صدوره منه وفي عرض واحد معه قول مغاير من صحابي آخر معروف بقراءته ويدل الخبر بالدلالة الالتزامية على حصر قول ابن مسعود بالمعوذتين وعدم جزيئتهما من القرآنالقرآن، ولا يشمل سورة الفاتحة التي تقرأ في كل فريضة صلاة.
وقال الرازي : “تقل نقل عن ابن مسعود حذف المعوذتين وحذف الفاتحة عن القرآنآن ويجب علينا إحسانان الظن به، وانأن نقول: انأنه رجع عن هذه المذاهب”( ).
وظاهر الكلام انأن حذفهما مخالف للإاجماع على جزئيتهما من القرآنآن إلى جانب إعتبار موضوعية وجود السورتين بين الدفتين، وكل ما هو بينهما من القرآن، وعليه تسالم المسلمون في أجيالهم المتعاقبة.
وقد يكونولعل إابن مسعود أراد غير الذي نسبوه له من نفي جزئيتهما من القرآنآن، فقد كانان متسامحاً في تعليم القرآنآن عند الضرورة والتعليم من غير انأن يفرط بأصل القرآنآن، فقد روي انأنه كانان يعلم رجلاً القرآنآن فقال: “انأن شجرة الزقوم طعام الأالأثيم، وكانان الرجل أاعجمياً فكانان يقول طعام اليتيم، فقال: قل طعام الفاجر، ثم قال عبد الله: انأنه ليس الخطأ في القرآنآن انأن يقرأ فكان مكانان العليم الحكيم، بل انأن يضع آية الرحمة مكانان آية العذاب”.
وقد إاحتج القائل بجواز قراءة الفاتحة مترجمة بهذا الخبر، ولكنه لا يصلح للإاستدلال، فهذا الموضوع مغاير ومختلف عن موضوع المعوذتين، فكأنأنه يجتهد بجواز الاالإتيانان بالمرادف للفظ القرآنآني من أجل التعليم، ولابد انأنه يقيده بالخطأ والسهو والعجز عن اللفظ القرآنالقرآني كما أشار اليه في كلامه ( ليس الخطأ في القرآنآن)، انوجعل من الخطأ وضع آية رحمة مكانان آية عذاب.
وفي المحلى قال إابن حزم : هذا كذب على إابن مسعود وموضوع، وانإنما صح عنه قراءة عاصم عن زرّ بن حبيش عنه، وفيه المعوذتانان والفاتحة( ).
، وهو مما يدل على ورود روايتين عن إابن مسعود بذات الطريق، بطريق زرّ بن حبيش، ومقتضى القاعدة حينئذ التعارض والتساقط والرجوع الى إلى الاالأصل والتسالم على جزئيتهما من القرآنآن والأخذ بأقوال الصحابة الآالآخرين بالقطع بجزئيتهما.
أما الرازي كما عن السيوطي في الأالإتقانان فنسبه الى إلى النقل الى من بعض الكتب القديمة وفيها انأن إابن مسعود كانان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآنآن , ولكن مع حصول النقل المتواتر في عصر الصحابة فلا يجوز إنإنكاره خصوصاً في آياتآيات وسوّر القرآنآن، وقد ورد عن الصادق عليه السلام فيه: ان لم يقرأ على قرائتنا فهو ضال.
وأخرج أحمد والبزار عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوّذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنهما ليستا من كتاب الله ، إنما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتعوّذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما . قال البزار : لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف ( ).
وكانان ابن مسعود لا يكتب فاتحة الكتاب ويقول : لو كتبتها لكتبتها في أاول كل شيء، ولا ملازمة بكتابته لها والإالإقرار بجزئيتها من القرآنآن.
وذكر أنهايضاً في مصحف ابيّ بن كعب زيادة وهي : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك قال حماد : هذه الآن سورة ، وأحسبه قال : اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، واليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ، ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق”( ).
والحق انأنه لا إافراط ولا تفريط، لا بالنقص المنسوب لابن مسعود، ولا الزيادة المنسوبة لأبي بن كعب، لقد كتب عثمانان المصحف بمرأى من الصحابة وجاء الإالإمام علي عليه السلام ولم ينف في خلافته جزئية المعوذتين من القرآنآن، و لماذا لا ينفي ما نسب الى إلى إابن مسعود.
انإن كتابة المعوذتين، وإمضاء الإالصحابة لجزئية المعوذتين من القرآنآن يدل بالدلالة الاالالتزامية وفي مفهومه على نفي دعوى عدم جزئيتهما من القرآنآن، وهو إاعراض وتجاهل لها على فرض وجودها آنوهو الأالأرجح بدليل قلة الاالأشخاص الذين نسبوا القول لابن مسعود، فلو كانان لهذه الدعوى أثر وإاعتبار لوجدت إلتفاتاًا لها ولو بإاتجاه نفيه، ولبرزت على نحو السؤال والإالإستفهام المتكرر من الأالأئمة ونقل جوابهم فيها، و صحة قراءة المعوذتين في الصلاة تقرير وإامضاء لجزئيتهما من القرآنآن.
انإن مثل هذا القول يوجب على العلماء بذل الجهود العلمية لإثبات قرآئنيتهما وما فيهما من أاسرار الهية، إاذ انأن الموضوع لا يتعلق فقط بالسورتين , بل يمنع الكلام والشك في قرآنآنية أي جزء منه.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفسير لبعض آياتآيات السورتين ذكر منها السيوطي في الجزء الرابع من الاالإتقانان أربعة أاحاديث، بالإالإضافة الى إلى الإالأخبار الخاصة بالمقام منها (ما أخرج عن ابن أبي سعيد الخدري : كانان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتعوذ من الجانان وعين الإالنإنسانان حتى نزلت المعوذتانان فأخذهما وترك ما سواها) ( ).
وبل عن ابن مسعود : “انأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانان يكره الرقي الاإلا بالمعوذتين”)( )، وهو الطب الروحاناني والشفاء الرباناني قبل انأن تصل النوبة الى إلى الطب الجسماناني.
ولقد ورد عن ابن مسعود ما يدل على انأنه كانان يرجع الى إلى الصحابة وأهل البيت في علوم القرآنآن، وقد ورد عن أبي عبد الرحمن انأن عبد الله ابن مسعود قال : (لو كنت أعلم انأن أحداً أعلم بكتاب الله مني لأتيته، فقلت له : فعليٌ، قال : أاو لم آته)( ).
(وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألم تر آيات أنزلت علي لم ير مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس)( ).
و(عن أبيّ بن كعب قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء اعرابي فقال : يا نبي الله إن لي أخاً وبه وجع قال : وما وجعه؟
قال : به لمم قال : فائتني به . فوضعه بين يديه فعوّذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفاتحة الكتاب ، وأربع آيات من أوّل سورة البقرة ، وهاتين الآيتين { وإلهكم إله واحد }( ) وآية الكرسي ، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة ، وآية من آل عمران { شهد الله أنه لا إله إلا هو }( )
وآية من الأعراف { إن ربكم الله }( ) وآخر سورة المؤمنين { فتعالى الله الملك الحق }( ) وآية من سورة الجن { وأنه تعالى جدُّ ربنا }( ) وعشر آيات من أوّل الصافات ، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، و { قل هو الله أحد } و ( المعوّذتين ) فقام الرجل كأنه لم يشك قط) ( ).
بحث أصولي
أاختلف في الأالأخذ بقول الصحابي هل يرجع اليه، وانأن تفسيره بمنزلة المرفوع الى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الحاكم في تفسيره، او انأنه ليس بحجة، والاقوى هو الأخير الاالا انأن يدل دليل او قرينة معتبرة على انأن الحديث مرفوعوضوع، وأياً كانان الكلام فانإنما يتعلق ذلك بالتفسير وليس في قرآنآنية الآيةالآيةالآية والسورة، فهو موضوع مستقل.
ويشترك في الحديث المرفوع أاقسام الحديث الأالأربعة الصحيح والحسن والموثق والضعيف، وهو أي الحديث المرفوع أادنى من المسند أي الذي إاتصل سنده الى إلى النبيالمعصوم من غير انإنقطاع، وللمرفوع إاطلاقانان :
الأالأول : ما سقط من وسط سنده وآخره واحد أاو أاكثر مع ظهور الرفع أاو التصريح به كما في رواية الحسن البصري عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الكليني، ويمكن إاعتبار هذا النوع من المرفوع من مصاديق المرسل بالمعنى الأالأعم.
الثاناني: ما يقصد منه الإالإضافة الى إلى المعصوم عليه السلامالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من قول او فعل او تقرير سواء كانان في طريقه قطع وعدم ذكر لبعض الرواة او إرسال برواية بعض رجال سنده عمن لم يسمع منه، أو إبهام بعض رواته وقد يكون سنده متصلاً الى المعصوماليه ولكنه يستعمل غالباً في المعنى الأالأول كما هو الحال في المرفوعة اعلاه.
اناالإ، ولكن ذلك لايعني حجية قوله لأن المحبة أعم منه.
فسنة خلافاً للشاطبي الذي اعتبروقد إاعتبر الشاطبي سنة جميع الصحابة حجة كاشفة عن حكم الشريعة، ويذكر قول الشافعي في الصحابي (كيف اترك الحديث لقول حدثه لحجيته.
ولكن وقد يخالف الصحابي خالف الصحابي الآالآخر، ولافهل يعني هذا ابطال حجيته مطلقاً، الجواب: لا،قولهما لإحتمال الإالإختلاف في تأويل أو النسخ والتغيير في النقل والسند نعم ولاجماع المسلمين على عدم عصمة الصحابي، ولعدم حجية مفهوم الوصفو، فلا ولا تصل النوبة لاحتمال الخطأ والسهو ولكنه لم يحط بما بلغه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التنزيل، وقد يكون التباين في قولهما من عمومات الآية والناسخ والمنسوخ، فقد يكون أحدهما علم بالمنسوخ دون الناسخ، أو أنه أراد ذكر المنسوخ على نحو التعيين وكل فرد من قوليهما تراث وثروة علمية.
وعلى فرضومع إاعتبار قول الصحابي فان فقد لا يكون قوله هذا ليس من باب الرواية بل وهو الى إلى الرأي أقرب ، وعلى القول: بجعل قول الصحابة على الإالاطلاق حجة ودليلاً، فانه فانإن قول ابن مسعود معارض بقول الصحابة جميعهم او اغلبهم، بما يدل عليه ظاهر القرآنآن وهو انأن المعوذتين جزء مما بين الدفتين فليس لقوله الاالأهلية على المعارضة.
انإنه خلاف السيرة العملية وخارج عن المصاحف المتعارفة بين المسلمين، ويعد مستنكراً عند من يقرأ القرآنآن، فمثلاً ورد عن أابي بن كعب انأنه لم يفصل بين الضحى والم نشرح لإتحاد موضوعهما، ولكننا لا نقول بعدممع لزوم الفصل بينهما بالتسمية، وانإن كانان الأالأقوى والمشهور جواز الإالإتيانان بهما معاً في القراءة مع الإالإتياانن بالبسملة بينهما وقراءتهما في ركعة واحدة أعم من إاتحادهما، والمدار على المرسوم في المصاحف الثابت بالتواتر عند عامة المسلمين.
قاعدة قرآنآنية
انإن سياق الآياتالآالياتآيات القرآنآنية مدرسة وحجة تؤكد انأن القرآنآن كلام الخالق ويحمل بطوناً من العلم , واأسراراً نورانانية تنبعث من كل حرف وكلمة، وعلى المفسرين والعلماء إايلاء عناية خاصة للمعوذتين لما فيهما من الأالأسرار والمنافع، وما يترتب عليهما من الحكمة والرحمة العامة، وهما وقاية وحرز وتطهير وتكميل، وعلينا انأن نؤكد قرآنآنيتهما بإاستخراج ما فيهما من الكنوز والذخائر وإاظهار وجوه الاالإعجاز فيهما.
نطرح قاعدة قرآنآنية جديدة وهي انأن السورة والآيةالآيةالآية القرآنآنية تثبت بذاتها جزئيتها من القرآنآن قبل انأن تصل النوبة الى إلى الإالإستدلال عليها من عامة القرآنآن أاو من خارجها، وهذه القاعدة فرع الإالإعجاز الذاتي للقرآآنن.
الأول : تأتي السورتانان للإستعاذة مما قدر من الشرور اللازمة أو العارضة في عالم الخلق والتقدير، سواء كانانت الأالأمور المتعلقة بذات الإالنانسانان وخصوصياته كقواه المدركة والمحركة والقوة الوهمية التي تتصف بإطاعة الشيطانان في إاغوائه ووساوسه ومكره وكيده أاو في محاولاته في جعل الإالنإنسانان تضعف همته في الصالحات وبما يمنيّه بالكذب والخداع، ومطالب الإالنإنسانان متعددة وكثيرة فيجب انأن يستعيذ لأجل كل مطلوب.
االثاني : تطرد انقراءة المعوذتين أاثر نحوسة الكواكب وإاتصالاالاتها التي تكون أاحياناناً ذات وبال وآثار على الإالنإنسانان ، وتأتي أحياناً على نحو أاسباب كونية أو عنصرية ضارة كحرق النار وعصف الرياح الشديدة وكثرة الأالأمطار المخربة للديار، فجاءت المعوذتانان بل الإستعاذةالإستعاذة مطلقاً للنجاة والتخلص من النحوسة والمنكرات وما يعد به الشيطانان من الفقر، قال الله تعالى الى[[الشَّيْطَاانُن يَعِدُكُمْ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ]]( ).
الثالث : أافرد الله عز وجل للإاستعاذة في القرآنآن سورتين لتوكيد أاهميتها وتعدد وجوه الإستعاذةالإستعاذة وأابوابها والحاجة إاليها في النفس والبدن وعلى نحو العموم، مع بالاالإضافة الى إلى آياتآيات أاخرى في الإستعاذةالإستعاذة.
الرابع : يختتم انالقرآآنن بالمعوذتينسورتين، والسورتانان تجسداانن النزاع بين آدم وابليسإبليس وهو البلاء المستديم الملازم للإنإنسانان في الحياة الدنيا، وكانانت النجاة والفلاح والخلاص بالقرآنآن، وكأنأنه بالإستعاذةالإستعاذة تتحقق نهاية سعيدة للإنإنسانان بل ولعالم الدنيا وحياة الإالنإنسانان فيها.
انإن المعوذتين وموضعهما في القرآآنن بشارة السعادة الأالأبدية لمن آمن بهما وتعاهد قراءتهما، فالذي ينكر قرآنآنيتهما يسعى في تضييع آية مركبة ونفعاً ونفع متعدد الجوانانب.
الخامس : انإنهما هداية لكيفية إاستعانانة الأالأرواح البشرية لدفع شرور الأالأرواح الخبيثة الظلمانانية والكدورات الموحشة.
السادس : المعوذتانهما سبيل للحيلولة دون شرور الآالآخرة التي لا تكون شرور الدنيا معها ذات اعتبار واأهلية للمقارنة، .
السابع : تساهم المعوذتانانهما يساهمان في إازالة الموانانع العرضية التي يحاول ابليسإبليس وضعها في طريقك الى إلى الجنة.
الثامن : كل من السورتين رحمة إالهية في تنقية الصدر وتحصينه وهو مسكن النفس الحيوانانية، ولم يقل الله سبحانانه بتأثير الوسوسة في القلب لأنأن القلب محور النفس الناطقة، ولكي لا يكون منع ابليسإبليس لإرتقاء الإالنإنساانن في كل كمال على نحو السالبة الكلية.
التاسع : لكل آية من المعوذتينفيهما أاسرار خاصة , وعلوم مستقلة ومنافع ثابتة.
العاشر : وردت نصوص عديدة في فضل السورتين منها :
الأول :
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال: “من قرأ سورة الفلق كل ليلة عند منامه كتب الله له من الأالأجر كأجر من حج وأعتمر وصام، وهي رقية نافعة وحرز من كل عين ناظرة) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “من قرأها عند نومه كاانن له أجر عظيم وهيو حرز من كل عين ناظرة)”، وإطلاق اسم السورة عليها يعني التسالم على جزئيتها من القرآنآن.
الثاني : – وقال الصادق عليه السلام: “من قرأها في كل ليلة من ليالي شهر رمضان كانت في نافلة او فريضة كان كمن صام في مكة، وله ثواب من حج واعتمر بإذن الله تعالى”.
وفي سورة الناس روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال : “من قرأ هذه السورة على الم سكن بإذن الله تعالىتعالىتعالى ، وهي شفاء لمن قرأها”.
الثالث : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من قرأها عند النوم كانان في حرز الله تعالى إلى حتى يصبح، وهي عوذة من كل الم ووجع وآفة وهي شفاء لمن قرأها”.
الرابع : وقال الإالإمام جعفر الصادق عليه السلام: “من قرأها في كل ليلة من ليالي شهر رمضانان كانانت في نافلة أاو فريضة كانان كمن صام في مكة، وله ثواب من حج وإاعتمر بإذن الله تعالىتعالىتعالى “.
الخامس : وقال الإالإمام الصادق عليه السلام: “من قرأها في منزله كل ليلة أمن من الجن والوسواس، ومن كتبها وعلقها على الأالأطفال الصغار حفظوا من الجانان بإذن الله”.
السادس : والسورتانان هبة إالهية للمسلمين لم تتيسر لآية أمة من الأالأمم، انأنها الأالامة المرحومة، لقد طرد الله ابليسإبليس من السماء، وجاءت الإستعاذةالإستعاذة والمعوذتانان لتطرده عن باب القلب، وذاك من بركات نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
لقد أاخرج الله عز وجل الشيطانان من الجنة لأنه أبى السجود لآدم عندما أمره الله تعالىتعالى بالسجود لهلأجل نزول ابن آدم الجنة، إذ انأنه لم يكرم آدم وذريته بالسجود، فيجب وفي باب الشكر لله يجب على الإالنإنسانان كجزء من الشكر انأن يخرج عدو الله من قلبه ويجعله جنة لذكره تعالىتعالىتعالى وفي الخبر (بيتي قلب عبدي الذي وسعني حين ضاق عني أرضي وسمائي).
وقد تعوذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسورة الفلق والناس والإخلاص وقيل انأن المعوذتين كاانن يقال لهما المشقشقتاانن أي تبرئاانن من النفاق.
وقال القرطبي( ): وزعم ابن مسعود انأنهما دعاء تعوذ به، وليستا من القرآنآن، خالف به الإالاجماع من الصحابة واهل البيت، وهناك قول بأنأن ابن مسعود لم يكتب المعوذتين لأنأنه أمن عليهما من النسيانان فأسقطهما وهو يحفظهما كما أاسقط فاتحة الكتاب من مصحفه، وما يشك في حفظه وإاتقانانه لها.
ويرد على هذا القول واحتج عليه بأنأنه قد كتب سورة النصر والكوثر واالإلإخلاص وهذا يجري مجرى الفاتحة في انهن غير طوالبلحاظ عدم طول السورة، والحفظ اليهن أاسرع ونسيانانهن مأمون، وأياً كاانن فانإن إاقترانان المعوذتين بالفاتحة في القول بإاسقاط إابن مسعود لها في قرآنآنه، والاالإجماع والضرورة على جزئي جزئية الفاتحة من القرآآنن يعني انأن هناك وجهاً وتأويلاً لعدم كتابته للمعوذتين في القرآنآن، على فرض صحة الدعوى عدم كتابته لهما.
روى النسائي عن عقبة بن عامر انأنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : “اقرأتني سورة هود، أقرأتني سورة يوسف، قال لي : ولن تقرأ شيئاً ابلغ عند الله من [[ قل اعوذ برب الفلققُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ]]( )، وعنه قال : سمعته يقرأ بهما في الصلاة).
وفي حديث ابن عباس : [[ قل اعوذ برب الفلققُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ]] و[[ قل اعوذ برب الناسقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ]] هاتين السورتين( ).
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “لم يتعوذ الناس بمثلهن أو لا يتعوذ الناس بمثلهن”، وفي خبر أبي بكــر الحضرمي قال : “قلت لأبي جعفر عليه الســلام : “انإن ابن مسعود كاانن يمحو المعوذتين من المصحف فقــال: كانان أبي يقــول انأن ما فعـل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآآنن”.
ولا تناقض بين هذه الأالاخبار والقول بأنأن النسبة لابن مسعود بعدم جزئيتهما من القرآآنن ضعيف، لأنأن الجواب يأتي للدلالة علىلبيانان انأنهما من القرآآنن فيدل بالدلالة التضمنية على قرآآننيتهما وانأن الشهرة في الرواية من أاسباب ترجيح الخبر على ما يعارضه، وسيأتي التفسير ليؤكد ذلك ان شاء الله بمزيد تحقيق وبيان لصور ويؤكد تفسير السورتين مضامين الإالإعجاز فيهما ومما وما يدل عليه تعدد الوجوه والتأويلات.
ولقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإالإمام علي بن أابي طالب وفي رواية عائشة وابن عباس : انأنه بعث علياً والزبير وعمار) (وقال : انإنطلق الى إلى بئر أزورانان فانإن فيها سحر سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به، قال علي عليه السلام : فانإنطلقت في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهبطت في البئر فاذا ماء البئر قد صار كأنأنه ماء الحناء من السحر فطلبته مستعجلاً حتى انإنتهيت الى إلى أاسفل القليب فلم أاظفر به.
فقال الذي معي ما فيه شيء فاصعد فقلت : لا والله ما كذب ولا كذب، وما نفسي مثل انأنفسكم يعني بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ثم طلبت طلباً بلطف فاستخرجت وحقاً فأتيت به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي إقرأأهما على الوتر فجعل علي كلما قرأ انإنحلت عقدة حتى فرغ منها ، وكشف الله عز وجل عن نبيه ما سحر به وعافاه) ( ).
ولقد أاجمع المسلمون على إاعتبــار السنة المصدر الثاناني للتشريع، وتشير إلى مضامين هذا المعنىوتدل عليه عـدة آياتآيات منها قوله تعاالى لى[[ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْأنتَهُوا وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا]]( ).
قال تعاالى لى[[ وَأَنأنزَلْنَا اليْكَ الذِّكْرَ لِتُبيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ اليْهِمْ وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ]]( )، وقد ورد انأن الصحابة إاذا تعلموا بعض آياتآيات القرآآنن لم يتجاوزوها حتى يعلموها ويعملوا بها، فتعلموا القرآنآن والعمل به لذا كااننوا يقيمون مدة طويلة على حفظه, وروي عن عبد الله اببن مسعود انأنه قال : ( أخذت من فيّيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعين سورة من القرآنآن) ( )، أي انهمما يدل في مفهومه بانأنه لم يسمع القرآآنن كله من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إاذ أنأن عدد سوّر القرآنآن مائة وأاربع عشرة سورة.
وعبد الله بن مسعود بن غافل يتصل نسبه الى إلى مضر، وهو من كبار الصحابة قال : لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر الأالأرض مسلم غيرنا)( )، وقيل هو أول من قرأ القرآآنن جهرة بمكة وأسمعه قريشاً وتحمل بسببه الأالأذى والأالالم.
وسبب إاسلامه ما رأى من الآياتالآالياتآيات من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، منها انأنه كانان يرعى غنماً لعقبة بن أابي معيط فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شاة حائلاً من تلك الغنم فدرت عليه لبناً غزيراً.
وهاجر إابن مسعود الى إلى الحبشة ثم الى إلى المدينة وصلى القبلتين وشهد مشاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتوفى في المدينة سنة إاثنتين وثلاثين للهجرة، وبلغ عمره نحو سبع وستين سنة.
ولقد وردت مخالفات في قراءة ابن مسعود او المنسوب من القراءة له خلافاً لرسم القرآنآن، ولم يعتد احد بهذا الخلاف وانإنحصر ذكرها في علم القراءات، مثلاً كانان يقرأ وكفى الله المؤمنين القتال بعلي( ) في واقعة الخندق ويحمل على البيانان والتأويل وموضوع النزول.
وفي قوله تعالى الى[[وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنأنزِلَ اليْكَ وَمَا أُنأنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآالآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر اولئك سنؤتيهم اجراً عظيماً]]( )، أاختلف في نصب المقيمين على وجوه :،
الأول : ف قال سيبويه والبصريون انأنه نصب على المدح على تقدير أعني المقيمين الصلاة.
، الثاني : وقال الكسائي موضع المقيمين الجر وهو معطوف على (ما) من قوله [[بِمَا أُنأنزِلَ اليْكَ]]( ) أي وبالمقيمين الصلاة.
الثالث : وقال قوم انأنه معطوف على الهاء والميم من قوله [[ منهممنهم ]].
، الرابع : انأنه معطوف على الكاف في [[ قبلكقبلك]] ، .
الخامس : وعن عائشة انإنه من عمل الكتّاب أخطأأوا في الكتاب، كما في رواية عروة عنها( ).
، السادس : وورد انأنه في مصحف إابن سعود [[ والمقيمون الصلاةوالمقيمون الصلاة ]].
ويحتاج الى إلى إاثبات وعلى فرض صحة النسبة فانأنه مما لم يلتفت اليى قراءة هذا الحرف بالرفعه ولم يعطه المسلمون في أاجيالهم أهمية وشاناناً كبيراً لماذا؟ لإكتفاءئهم وتسليمهم بما بين أايديهم من القرآنآن وإعتبارهم لرسمه، وهذا الاالإختلاف في القراءة يختلف عن بموضوع السورتين وجزئيتهما من القرآنآن وما له من موضوعية عقائدية عند المسلمين الاالا انأنه يمكن الإالإستقراء منه وانإنحصار الملاك بالقرآنآن وهو وما بين الدفتين.
عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قال ابو عبد الله عليه السلام: لما مات اسماعيل امرت به وهو مسجى ان يكشف عن وجهه، فقبلت جبهته وذقنه ونحره ثم امرت به فغطي ثم قلت: اكشفوا عنه فقبلت ايضاً جبهته وذقنه ونحره، ثم امرتهم فغطوه ثم امرت به فغسل، ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت: اكشفوا عن وجهه، فقبلت جبهته وذقنه ونحره وعوذته، ثم قلت: ادرجوه، فقلت باي شيء عوذته، قال عليه السلام: بالقرآن.
أي ان التعويذ بالقرآن يحتاجه الانسان حياً وميتاً والإمام عليه السلام لم يبين السورة والآيات التي عوذ بها ابنه اسماعيل، والمعوذتان صريحتان بموضوع الاستعاذة والحديث وان لم يثبت ان الإمام عليه السلام عوذه بهما الا انه ينفي أي معارضة بين آيات القرآن والتعويذ بهما.
في القراءة
يجب في صلاة الصبح والركعتين الأالأوليتين في سائر الفرائض قراءة الفاتحة وسورة كاملة غيرها بعدها الاالا في المرض والإالإستعجال وأافراد الضرورة فيجوز الإالإقتصار على الحمد وعليه الإالإجماع والنصوص ولا يجوز تقديمها عليها أي لا يجوز تقديم السورة على الفاتحة.
والقراءة ليست ركناً فلو تركها المسلم سهواً وتذكر بعد الدخول في الركوع صحت الصلاة، وسجد سجدتي السهو على القول بوجوبهما لكل زيادة ونقيصة، وقيل مرتين مرة للفاتحة، ومرة للسورة، ولم يذكرها في محل التدارك الذي نسب الى إلى جمع من المتاأخرين وقيل يسجد مرتين مرة للفاتحة، ومرة للسورة، والمختار هو االالإتيانان بهما في حال السلام في غير موقعه سهواً، ونسيانان السجدة الواحدة إاذا فات محل تداركها، ونسيانان التشهد، والشك بين الاالأربع والخمس، والقيام في موضع القعود او العكس.
وهل يمكن القول بجزئية المعوذتينئيتهما من القرآنآن والإالإحتياط بعدم قراءتهما في الصلاة؟
الجواب لا لوجوه :
الأول : لعدم الواسطة بين القرآنآن وغير القرآنآن.
الثاني : ولالملازمة بين القرآنآنية والصلاة.
الثالث : ولالنصوص الدالة على قراءتهما في الصلاة.
الرابع : والإالإجماع على جزئيتهما من القرآنآن.
فلا معنى للتردد انهوفيمكن إعتبار هذا الإالإحتياط خلاف مالمخالفاً للإحتياط، إاذ لا واسطة بين القرآنآن وغيره، فاما انأن يكون قرآنآناً فيصلح انإنطباقاً قراءته في الصلاة، وما ليس بقرآنآن لا تجوز قراءته في الصلاة إاجماعاً.
وفي تفسير البرهانان أافرد باباً عنوانانه (المعوذتانان من القرآنآن) وذكر فيه ثمانانية أاحاديث، ولكن النصوص فيه في هذا الموضوع أاكثر منها ما تمما يدل بالدلالة التضمنية على جزئيتهما من القرآنآن لقرائتهما في الصلاة.
ومن النصوص الدالة على مشروعية قراءة المعوذتين في الصلاة :
روى أابو داود بإاسناده عن عقبة بن عامر قال : كنت اقود برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناقته في السفر، فقال “يا عقبة الاالا أعلمك خير سورتين قرئتا” فعلمني [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ] و[ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] قال : فلم يرني سررت بهما جداً، فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة التفت إالي فقال يا عقبة كيف رأيت( ).
انابو عبد الله عليه السلام في الوسائل في حديث رجاء بن ابي الضحاك “انأن الرضا عليه السلام كانان يقرأ في صلاة الوتر الحمد مرة، وقل هو الله أاحد ثلاث مرات، وقل اعوذ برب الفلق مرة واحدة، وقل اعوذ برب الناس مرة واحدة، “.
وصلاة الوتر هذه هي التي ورد فيها الإالإذن بجواز شرب الماء اثناء الصلاة بالنسبة لمن نوى الصوم وجوباً أاو ندباً وهو عطشانان وخاصة قبيل طلوع الصبح وهو في الصلاة، والتحرك معها خطوات من غير إاستدبار القبلة، ويدل عليه خبر سعيد الأالأعرجي عن ابي عبد اللهالإالإمام الصادق، ومنهم من قال بشمول الإالأذن لغير الوتر.
الواو هنا حرف عطف يدل على الإشارة الى احد اللفظين أخطأ وكذب، والأرجح هو الأول لحمل كلام اهل البيت عليهم السلام على الأنسب والأقرب بحق ابن مسعود ولقرينة قول زين العابدين عليه السلام في الصحابي، وهل يمكن القول بالإحتياط في عدم قراءتهما في الصلاة الجواب: لا، اذ لا واسطة بين القرآن وغيره فاما ان يكون قرآناً فيصلح انطباقاً قراءته في الصلاة واما ليس بقرآن فلا يجوز قراءته في الصلاة اجماعاً.
والسنة تفسير للقرآنآن ومؤازر لآياتآياته في معرفة الأحكامالأالأحكام الشرعية وبيانان المجمل وتخصيص العام سواء كانانت السنة قولية او فعلية او تقريرية اذا نقلت بسند صحيح او سند يفيد الظن المعتبر والخاص.
وهناك طريق معتبر متجدد لإثبات جزئية المعوذتين من القرآنآن وهو علم التفسير وإاثبات انأنهما من كلام الخالق وليس من كلام المخلوق، فهما مناسبة كريمة لإستظهار المسائل والحكم والعبر بالإضافة إلى تسالم المسلمين على جزئيتهما من القرآنالقرآن، ليس من السيرة فحسب والتي هي دليل لبي، بل بلحاظ كتابتهما في المصاحف وتلقي المسلمين لهما بإعتبارهما قرآناً وتنزيلاً.
فضل القرآنآن على العربية
بسم الله الرحمن الرحيميعتبر القرآنآن نعمة الله في الأالأرض وهبة سماوية الى إلى الناس، وتترشح إافاضاته عليهم في أابواب العلم المتعددة والمعارف المتنوعة ومنها اللغة واللسانان، ونزول القرآنآن باللغة العربية أضفى عليها شرفاً وإاعتباراً تأريخياً خالداً وموضوعية بين اللغات، وتعيين لغة القرآنآن جاء بإراداة ومشيئة الهية،
قال تعالى الى[[ إِنّإن جَعَلْنَاهُ قُرْآنًأنا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ان جعلناه قرآناً عربياً عربياً لعلكم تعقلون ]]( )
وأاستدل بقوله تعالى الى[[ انا جعلناهإِنَّانا جَعَلْنَاهُ ]] و[[ انا انزلناهإِنَّانا أَنأنزَلْنَاهُ ]] على كون القرآنآن مخلوقاً وليس بقديم، وكذلك بوصف [[عَرَبِيًّا]] لأنأن نعته بالعربية يدل على الحدوث .
وهو والقرآنآن كلام الله, ولاتصل النوبة إلى فتنة خلق القرآن, ومن إعجاز القرآن الغيري أنها كانت قلة ممن إدعوا العلم ولم تدم طويلاً.
(وعن الجبائي [[ لعلكم تعقلونلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ]] كلمة لعل يجب حملها على الجزم والتقدير، لتعقلوا معانانيه في امر أمر الدين، إذ لا يجوز انأن يراد بلعلكم تعقلون الشك لأنأنه على الله محال فثبت انأن المراد نزوله انه انزله لإرادة انأن يعرفوا دلائله)، وليس بتامطلق، لانإنحلال الخطاب بعدد المكلفين والمخاطبين، فمنهم من يؤمن ومنهم من يتخذ الجحود والعناد والكفر مذهباً.
ولعل تفيد معنى الترجي، وهو المراد في الآيةالآية لحجية الظواهر وللتبادر الاالا انأن يرد دليل على الجزم وفيه إشارة إلى أن الدنيا دار إمتحان وإختبار، والقرآنآن عربي، وفي الآيةالآيةالآية تأكيد على عربية القرآنآن فلا يصح تغيير معنى كلمة عربية، ويصرف الى إلى خلاف الظاهر لإحتمال انهم ظنوا ان المراد منها القطع واليقينمن غير دليل أاو قرينة معتبرة، .
و[لعلكم تعقلون] أي لتستثمروا هذه الخصوصية ولغة القرآنآن, ووتتدبرونا ما في قصص القرآنآن من الحكمة والموعظة، وما في آياتآياته من الأالأحكام والسنن والعلوم.
لقد أكد القالقرآنالقرآنرآن اكد على عربية نزوله، وظاهر الآيةالآيةالآية وتتبعها منطوقاً ومفهوماً وتفسيراً انأن العربية من أاهم الصيغ للهداية وقبول الخطاب التكليفي، وفيها يتجلى الإالإعجاز البلاغي للقرآنآن، وتعدد وجوه التأويل والسعة في الأحكامالأالأحكام، وأافضليتها كلغة للتنزيل وسبيل للهداية متعلق بالعرب وبالناس جميعاً كما في قوله تعالىتعالىتعالى : [[ وَهَذَا لِسَانٌان عَرَبِيٌّ مُبِينٌ وهذا لسان عربي مبين ]]( ) .
[[ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَالأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ المُنذِرِينَ بِلِسَانٍان عَرَبِيٍّ مُبِينٍ نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ]]( ) ورد عن ابن عباس أي بلسانان قريش ولكنه أعم.
[[ وكذلك انزلناه قرآناً عربياًوكذلك انانزلناه قرآنآناً عربياً ]]( )
[[ وكذلك اوحينا اليك قرآناً عربياًوكذلك اوحينا اليك قرآنآناً عربياً ]]( ).
[[ إِنَّإنا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًآنا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ انا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ]]( ).
لقد كانان للعربية موضوعية في نزول القرآنآن وفي إاعجازه، وهناك ديانانات كتبت بلغات خاصة، ولكن تلك اللغات انإندثرت وأاصبح معتنقوا تلك العقائد لا يعرفون اللغة التي كتبت بها، البراهمة مثلاً كانانوا سادات قومهم ومترفيهم ويفرضون على عبيدهم دينهم بالقوة لم يحفظوا اللغة التي كتبوا فيها أاسفارهم وأاخذ الناس في شمال الهند وجنوبه يتخاطبون بالإالنإنكليزية عند الاالإحتلال وحتى بعد مغادرة الإنكليز لبلادهمالاالإستقلال.
لقد انإندثرت ومنذ اكثر من اربعة عشر قرناًقرون لغات كثيرة كانانت منتشرة، واللغة العربية تزداد شموخاً، وهناك باب في إاعجاز القرآنآن نبينه ولعله لأول مرة وهو انأن إاضمحلال تلك اللغات وبقاء العربية الآالنآن لغة ثابتة وشائعة وتزداد انإنتشاراً هو نوع إاعجاز للقرآنآن وهو وحجة عليهم ومفخرة للعربية وعاء لغوياً ورداء لسانانياً لكلام الله، فانإن إاعجاز القرآنآن المتصل عز وفخر لكل من يتعلق به مؤمناً أاو قارئاً أاو متعاهداً وحافظاً أو ناطقاً بآياتآياته.
ورب إاحصائية تجرى لبعض امرأمراض الفم والاالأذن والحنجرة ونحوها تظهر انأن أاصابة المسلمين بها أقل من غيرهم بسبب تلاوتهم للقرآنآن التي هي وقاية وحصانانة.
انإن فتح المسلمين العرب للبلاد غير العربية حجة عالمية لم تستقرء بعد من قبل المفكرين الإسلامالإسلامالإسلاميين، فمنذ مئات السنين والعرب المسلمون في تلك البلاد هم القادة والحكاماً، ولم يفرضوا العربية على المسلمين مع انأنها حاجة عبادية في الصلاة بينما إاحتل الإالإستعمار تلك البلاد سنوات معدودات وإاجتهدوا في فرض ونشر لغته من بين وجوه الإالإستعمار الثقافي ولم يفلحوا، .
ومن إاعجاز القرآنآن انأنه رحمة للناس ولغته وأاحكامه كانانت هي المتصدية للإستعمار في تلك البلاد وانإن لم تكن عربية.
ولابد لنا من التحقيق وانأن عدم انإنتشار العربية في تلك البلاد لم يكن نتيجة إاعراض تلك الأالأمم عنها، لاسيما وانأنهم يحتاجون العربية في عباداتهم وبعض معاملاتهم، فما هو متسالم عند المسلمين وغيرهم انأن إاعجاز القرآنآن يظهر في أاهم جوانانبه في اللغة العربية والبلاغة والبيانان، وقد أاختلف في إاعجاز القرآنآن هل هي هو البلاغة أام اللغة أام الإالإخبار عن المغيبات، وهذا الإالإختلاف صغروي ولفظي إاذ انأن كلاً منها وجه من وجوه الإالإعجاز وقد أاثبتنا انأن إاعجاز القرآنآن يتعداه ذلك ها بكثير ويشمل وجوهاً متعددة لم يكشف العلم والتحقيق والاالإستقراء عنها بعد.
نعم، تحدى القرآنآن العرب في لغتهم وأاهم صناعاتهم وجوه حضارتهم إاذ كانان منهم الخطيب المصقع والشاعر المفلق والحكيم المفوه والواعظ.
وقصة الوليد بن المغيرة معروفة جاء الى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ عليه شيئاً من القرآنآن فرق قلبه وأادرك الإالإعجاز فبلغ ذلك أابا جهل فأتاه فقال : يا عم انإن قومك يريدون انأن يجمعوا لك مالاًالاً ليعطوكه لئلا تأتي محمداً لتعرضن لما قاله، فقال الوليد: قد علمت قريش انأني اكثرها مالاًالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك انأنك كاره له، قال: وماذا أاقول؟ فوالله ما فيكم رجل أاعلم بالشعر مني ولا بزجره ولا بقصيده( )، والله انأن لقوله الذي يقول حلاوة وانأن عليه لطلاوة وانأنه ليثمر أاعلاه ويغدق أاسفله وانأنه يعلو ولا يعلى عليه وانأنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى منك قومك حتى تقول فيه، قال : فدعني حتى أافكر، فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر، يؤثره عن غيره.
لقد أاحدث الإسلامالإسلامالإسلام انإنقلاباً إاجتماعياً وغيّر موازين وأاسس تنظيم الأالأمم، ومنهم العرب رعاة الإالإبل والشاء أاصبحوا قادة الجيوش وفاتحين للبلدانان الكبيرة وهم الذينو شيدوا أاركانان الإسلامالإسلامالإسلام بدمائهم وسيوفهم وهدي القرآنآن والسنة، دخلوا الى إلى تلك البلاد، ومنها ما كانان على درجة من الحضارة، وكانان من المتوقع انأن تضعف قدرة العرب على حفظ لغتهم أازاء تلك الشعوب المستقرة، إاذ انأن العادة جرت والى إلى اليوم انأن يأخذ الوافد القليل العدد من الأالأمة الأالأصلية المتجانانسة في باب المحاورة واللغة والعادات، ولكن القرآنآن انفرد أثرّ في تغيير تلك القاعدة الثابتة بل انهوفتح باباً للاعجاز تفتح منه هنايكون مصداقاً من لمدرسة جديدة في إاعجاز القرآنآن، ويؤسس منه وشبهه يتضمن هذا قانونا في تفسير كل آية أاطلقنا عليه إاسم “إعجاز القرآنآن الغيري” .
وفيه دعوة للمفكرين والمفسرين والباحثين لإاستنباط الدروس منه واستقرار وإاستقراء مصاديقه المتشعبة في ميادين الحياة المختلفة، وبما يؤكد على الأالأسرار الغيبية في القرآنآن وفي نزوله بالعربية، وفي حصر قراءته بالعربية من غير انأن يتعارض مع القول بجواز ترجمة القرآنآن قال تعالى [وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الذِينَ ظَلَمُوا] ( )، وفيه شاهد بأن الإنذار باللغة العربية للظالمين مطلقاً ومن كل الأمم أكثر وقعاً وتأثيراً على النفوس.
لا بأس بمنالإالالتفات الى إلى هذه القاعدة الكلية بل المدرسة الجديدة في علوم القرآنآن وتتبع آثار القرآنآن في المجتمعات والأالأشخاص وتركيبة وهيئة المؤسسات المختلفة والإالإقتصاد والسياسة بما يدل على إاعجازه ونفاذه إلى شغاف القلوب وظهور بركاته وإافاضاته في أابوابه التشريعية والاالأخلاقية حتى عند غير المسلمين، نحن بحاجة الى إلى إاعداد دراسة تكون نواة لعلم جديد بإسم (في أاقسام إعجاز القرآنآن الغيري).،
وكل من الإالإعجاز الذاتي والغيري ينشطر الى إلى عدة فروع علمية، , بلحاظ تعدد موضوعاته.
لقد ساهم القرآنآن في تثبيت اللغة العربية ووحدة العرب في مرضاة الله وتوجههم للعناية بكيانانهم القوي وما يمتازون به من الصفات والمثل، وجعل لهم هيبة عند الأالأمم الأالأخرى.
، وكما ساهم شارك القرآنآن ولغته في بسطسيادة الأالأمن وإازدهار العمرانان لقد ساهم القرآن بوتثبيت وحدة المسلمين وأاضفى بوحدته معنى ومضموناً وكتاباً منزلاً وبلغة واحدة عزاً إاضافياً على المسلمين وأاصبح باب إاتحاد وإالتقاء عقائدي وعاطفي بينهم لا يمكن انأن يتفكك، نعم قد يضعف أاحياناناً ولكنه لا ينقطع، والضعف ليس بسبب خلل ذاتي فيه بل لعوامل خارجية وأاسباب عرضية زائلة، انإنه ايضاً مدخل ومفتاح لأبواب في الإالالتقاء والتعاون كثيرة ومتعددة.
، ومن إعجاز القرآنالقرآنه الغيري في هذا الزمانان عدم تأثير الإالإستعمار على العرب في لغتهم الذي يظهر ذلك بدراسة مقارنة مع الأالأمم التي إاحتلت من قبلهم بذات الفترة، وهو عز للمسلمين لما أاضفاه على لغتهم من الدوام والخلود وفيه دعوة لإعتناق الإسلامالإسلامالإسلام.
فلم تعد اللغة العربية لغة خاصة بالعرب، بل هي لغة كل مسلم ومحل إاعتزاز المسلمين عامة, لقد إافتخر العرب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو من قريش ثم إافتخر المسلمون جميعاً به، فكل مسلم له حصة في القرآنآن، وهو مقصود في الخطاب فيه، وكذا اللغة العربية اليوم يفتخر كل مسلم بها وبارتقائها وعالميتها.
انويتصور حفظ العربية لابد ان يتصورفي المقام على وجوه :
الأول : خصوصية في القرآنآن لحفظ العربية.
الثاني : أهلية اللغة العربيةخصوصية في اللغة لحفظ القرآنآن.
الثالث : لكل منهما خصوصية مستقلة في حفظ الذات.
الرابع : لكل منهما أاثر في حفظ الآالآخر.
الخامس : لكل منهما أاثر في حفظ الذات والطرف الآالآخر.
السادس : للقرآنآن أاثر في حفظ الذات وحفظ العربية، وليس للعربية أاثر في حفظ القرآنآن.
السابع : للقرآنآن أاثر في حفظ الذات، وللعربية أثر في حفظ ذاتها.
الثامن : عكس السادسة أاعلاه.
والثاني لا موضوعية لهللقول بفضل اللغة على القرآنآن وحاجته اليها، إاذ انأن القرآنآن غير محتاج لحفظه من غيره، قال تعالى الى[[ انا نزلنا الذكر وانا له لحافظونإِنَّأنا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّأنا لَهُ لحافظون]]( )، نعم قد يكون هذا الحفظ بوسائط وآلاالات متعددة، ومنها لغة القرآنآن، وكونها فرداً مما سخّره الله لحفظ القرآنآن، ولا يعتبر ميزة ذاتية لها انإنما جاءتها بالعرض، وبإارادة إالهية وهو باب فخر وإامتياز للعربية من بين اللغات.
أاما الثالثة فهل ان االعربية لها القدرة على حفظ نفسها ولو لم يكن نزول القرانآن باللغة العربية لم يحفظفانإنها تمتلك مقومات الحفظ والاالإستدامة، انإن ذلك يحتاج الى إلى دراسات وتحقيقات وقد يتعذر الخروج بنتائج نافعة لاسيما مع ملاحظة الاالأهواء والآالآراء المحيطة بالعرب انذاكآنآنذاك، وإحتلال كثير من أمصار العرب من قبل الروم والفرس وهناك وعلى العموم فإن لغات أاقوام أقل من العرب شأنأناً وآن بقيت لم تندثر، ولا ثمرة علمية كبيرة في هذا البحث وليس الاالا فرضاً كفانانا الله إاحتمالاالاته السلبية، وجعلنا نفتخر بثمراته بالقرآنآن، فالعربية لم تجاهد في سبيل الدوام والحفظ وتحتاج الى إلى مواجهة التحديات، ولم يتصد زعماء ورجال وجماعات لحفظها بالذات، بل انإنها تمتلك الحصانانة والمنعة بالقرآنآن وحملته وعشاقه من المسلمين عرباً كانوا أو غير عرب.
والمتيقن انأن للقرآنآن خصوصية في تعاهد العربية وتطور وإارتقاء علومها، وبالدلالاالات الثلاث المطابقية والإالالتزامية والتضمنية, بالقرآنآن أاصبحت العربية إاحدى اللغات الأالأساسية في الهيئات والمنظمات العالمية ويمكن أايضاً إاضافته ولو على نحو الموجبة الجزئية وبالواسطة الى إلى إاعجاز القرآنآن الغيري.
وهناك أاهلية خاصة للغة العربية في الإالنإنتشار والذياع بحيث تصلح دون غيرها لنشر علوم القرآنآن، ولا يعني هذا انأن للغة العربية فضلاً على القرآنآن، ولا يوصف الله كما انه تعالى الىلا يوصف بالعجز، وهو قادر على انأن ينزل القرآنآن بلغة أاخرى غير العربية ويجعل لها ذات الأالأثر والتأثير.
ولقد تفضل الله سبحانانه وشرّف لغتنا لغة المسلمين جميعاً بالقرآنآن، وأاصبحت العربية تسير في هامش ظلال القرآنآن وبأثره، وفي علوم القرآنآن وبلاغته توثيق للتراث الفكري العربي، وحفظ للأشعار، وفهم لمعاناني القرآنآن ومفرداته الغامضة..
وعن ابن عباس : قال : إذا سالتموني عن غريب القرآن فالمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب) ( ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن إاعجاز القرآنآن الغيري الذي نبهنا الى استنباطه لحفظه وتعاهده لمدارس الشعر العربي وإابرازه لمعالمه واعطاءه وإاعطاؤئه وظيفة لغوية تفيد توثيقه وحفظه، سواء كان ذلك لكشعر حسانان ابن ثابت كمنهج الذي يعتبر منهجاً جديداً وصبغة ذيا صبغة عقائدية إذ انأن الشعر في الغالب كان في أايام الجاهلية غالباً ما يحكي عصبية قبلية أاو أاحوالاًالاً شخصية مدحاً وهجاء، أاو يأتي توكيداً لموضوعية الشعر الأالأدبية والعقائدية.
وجاء القرآنآن ليعتني المسلمون بالشعر العربي كشاهد على إاعجاز القرآنآن, وإاحتاج العلماء والمفسرون الى إلى تتبع الشعر العربي وحفظ القصائد وتدوينها ولأنأنه وجه أادبي من الوعاء اللفظي للقرآنآن أي انأن لغة القرآنآن تدل على الواقع الفكري المستقر للعرب.
وانللشعر مكانانة إاجتماعية خاصة عند العرب، ولكنها أدنى مرتبة من تلك التي أاعطاها القرآنآن والمسلمون له، وإلاالا فأنإن المعلقات السبعة مثلاً وهي قصائد لأشهر شعراء عرب الجاهلية منفردة ومجتمعة لم تول اعناية خاصة الاالا في القرن الثاناني عندما إاختارها حماد الراوية المتوفى سنة 155 هجرية بعد جولة في البادية, وحث العرب على قراءتها وإأتخذها الشعراء المسلمون صيغة قواعد للنظم، ولم يثبت ما تناقله الناس انأنها كانانت معلقة على الكعبة، كما وانأن إاسم المعلقات جاء متأخراً زماناناً، وبه قال ابن الأالنأنباري( ).
لقد أاضفت عربية القرآنآن على الشعر عناية عامة من المسلمين ومفكريهم، وجدد القرآنآن معالم الشعر المطلوب والممدوح، وكذا الشعر المذموم تحذيراً منه، قال تعالى الى[[ وَالشُّعَرَاءُ يَتبِعُهُمْ الغَاوُونَ * المْ تَرَى أَنَّأن هُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّأنهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ * إِلاَّالا الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا والشعراء يتبعهم الغاوون * الم تر انهم في كل واد يهيمون * وانهم يقولون ما لا يفعلون * الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا… ]]( ).
وربماقد يقال ان اللغة الأعجمية الفلانيةلغة ما هي لغة العلم، وتلك واخرى اكثر اللغات شيوعاً تعطى الأالأولوية لأكثر لغات العالم شيوعاً، وهذا قول لا أصل له، وقد يتعارض مع القواعد الكلية وان كانانإن لم يكن ناظراً الى إلى جهة وزمانان محدود، فلا عبرة به ويمكن إبطاله كبرى وصغرى, وفق القياس الإالإقتراناني :
، اما الكبرى : فان لغة العلم هي لغة القرآنآن.
، والصغرى : هي العربية لغة القرآنآن.
، النتيجة : انلغة العلم هي العربية.
انوالقرآنآن عربي اللغة والمنطوق والنص , عالمي الرسالة والمفهوم والمعنى.،
قال تعالى الى[[ وَعلم آدم الأَالأسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلاَئِكَةِ فَقَال أَنْأنِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْأن كُنتُمْ صَادِقِينَ وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين ]]( ).
وقد نقرأ “انأنبئوني” على خلاف طريقة القراء بإظهار النون وعدم ابدالها وجعلها ميماً، اذ انأن النحويين والصرفيين يقولون بالإالابدال وهو حذف حرف ووضع حرف آخر مكانانه كنوع إعلال بالقلب اذا جاءت النون ساكنة قبل الباء وجب قلبها ميماً ويكون القلب لفظاً لا خطاً وجعلوه قاعدة كلية، ولكن لم يثبت اتصالها بالمعصوم، كما في انأنباء تقرأ أمباء، ولكن لم يثبت اتصالها بأيام التنزيل، وذكر في علة ابدالها انأن الميم مؤاخية للباء ومن مخرجها وتشاركها في الجهر والإالإخفات، وهي أيضاً مؤاخية للنون في الغنة والجهر وعدم إمكانان إدغامها بالباء لبعد المخرجين، ولا تكون ظاهرة لتشبهها بأخت الباء وهي الميم فابدلت ميماً، وقد لا يكون هذا القول كافياً بكاف للوجوب بلحاظ موضوعية التنزيل واعتبار مدار الثواب عليه.
، والأالأصل انأن يقرأ على التنزيل وفيه الثواب والفراغ وانإن قلب وفق قواعد التجويد جاز لأنأن متابعة علماء التجويد والتقيد بالمححسنات في القراءة امرأمر حسن.
وكل حرف يقرأ في القرآنآن بعشر حسنات، والمراد على وجوه:
الأول : الحرف الذي يؤثر به بدلاً بالقلب ونحوه.
الثاني : الحسنات والأجر للحرف المبدل والمكتوب خطأ، وفق قاعدة نؤسسها وهي موافقة الحسنات للخط والكتابة.
الثالث : العنوان الجامع، والثواب الشامل للآخرين .
والصحيح هو الثالث فلو جاءت القراءة على التنزيل أو وفق محسنات القراءة يأتي الثواب فضلاً من عند اللهفهل تكون تلك الحسنات للحرف المنزل البدل ام للمبدل ام لأي منهما، لابد من مرجح او دليل،، وإذا ثبت الإالإبدال فلا كلام لتبعية الثواب قهراً الى اللقراءة الواجبة أو المستحبة، ولكنه لم يثبت وهو من الشبهة الموضوعية، والأالأصل البراءة عن الإالالتزام بالبدل الاالا انأن يرد دليل عليه، والأصل ان الثواب يدور على التنزيل، ولا بأس بما أاشتهر من الاالإبدال والله واسع كريم.
ويمكن انأن نشرع قاعدة أاصولية هي إاعتبار أصالة التنزيل في القراءة، فلو دار الأالأمر بين بين قراءة الحرف على التنزيل أاو وفق قواعد التجويد, فالأالأصل هو التنزيلوهي اصالة التنزيل، ولعله من دخول الأعاجم في الإسلام وصعوبة النطق بالحرفين معاً لاسيما وانأن النحاة قالوا بالتخفيف في القراءة، ولكن قراءة القرآنآن وحروفه توقيفية , لا تتغير الاالا بالدليل.
ولتوحيد اللغة (اقرأوا كما علمتم او عُلمتم) والقدر المتيقن منها يتعلق بالمصحف الذي بين ايدينا أيدينا من حيث الرسم وليس الإبدال، وانها بالنسبة للكميةوان شمل عموم الحديث لا كيفية القراءة.
نعم وقالوا : انأن ما هو واجب في النحو واجب عند الفقهاء، وأاطلقوها إاطلاق المسلمات، ولكن وهذه القاعدة وان كانت لسابقة الا انها تحتاج الى إلى دليل، وعلى فرض التسليم بها واعتبار الشهرة كافية في الإالإستحباب فانإن القدر المتيقن هو في الفقه والشريعة وحركات الإالإعراب لاسيما وانأن التنقيط جاء متأخراً عن ايام أيام النزول.
فانإن قلت : انأن هذا يقودنا الى إلى مراجعة في القواعد النحوية في القراءة والحكم الفقهي مثل وجوب الإإدغام اللام في الحروف الشمسية وعددها أربعة عشر حرفاً، وإظهارها في بقية الحروف، فنقول في الله الرحمن الرحيم والدين والصراط والضالين مثلاً بالإالادغام، وفي الحمد والعالمين والمستقيم ونحوها بالإالاظهار، .
وفي رسالتي العملية (الحجة) حررتُ مسالة في القراءة وهي (مما اشتهر وجوبه إدغام اللام في (ال) التعريف عندما تلتقي بواحد من اربعة عشر حرفاً وهي : التاء، والثاء، والدال، والذال، والراء، والزاي، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، واللام، والنون، وسميت بالحروف الشمسية لأنأن منها الشين الذي يكون او أول حرف من كلمة الشمس، في مقابل الحروف الهجائية الأالأخرى والتي تسمى بالحروف القمرية لأنأن منها حرف القاف الذي هو أول كلمة القمر) ( ).
ولكن ترك عدم التقيد بهذا الإالإدغام هذا وتركه لا يعتبر عرفاً خارجاً عن صيغ المحاورة بالإالإضافة الى إلى قاعدة نفي الحرج في الدين, وأصالة البراءة وعمومات نية الرجاء في قراءة كل حرف عشر حسنات ومطابقة المأتي به للمأمور به وأصالة النطق بالحرف حسب رسمه.
وقال ابن الحاجب بوجوب الإالإدغام أي انأنه واجب نحوي، وتبع الفقهاء النحويين والصرفيين في ذلك، وقالوا فقالوا في الرسائل العملية بوجوب الإالإدغام ولا يعني الإالإتباع تمام الدليل.
ولا أقول بالدعوة الى إلى إسقاط هذا الإالإبدال فهو من المحسنات اللفظية, وقواعد القراءة ولابد له من مدرك ، والاالأولى السعة في القراءة بلحاظ التنزيل ولكن الفت نظر العلماء اليه، والمسالة تدل على الدقة والضبط في علوم العربية لانأنها مادة الآيةالآيةالآية القرآنآنية وطريق تعبدي تدخل قهراً في عباداتنا، ويتوقف عليه شطر من الثواب والجزاء.
والأالأسماء : جمع اسم وهي أسماء المسميات بحذف المضاف اليه لدلالته، والإالاسم وضع للدلالة على جوهر وذات أو عرض وعنوانان يرمز اليه بمعزل عن الزمانان، وفي الإالإصطلاح المنطقي هو اللفظ الذي يمكن انأن يخبر به وعنه وحده ولا يدل بهيئته وضيغته وصيغته على الزمانان.
والإالاسم عنوانان للتمييز والفصل بين الأالأشياء، وللتنويه بالدلالة على المعنى، وقيل الإالاسم بمعنى الصفو .ان
وقال بعضهم بأن الإسم عين المسمى، ولكن الإسم يتبدل والمسمى لا يتبدل معه والعكس في الحدوث ممكن والإسم يتقدم او يتأخر في وجوده عين المسمى، والشيء لا يتقدم على نفسه ولا يتأخر واستدل الأشعرية بالآية في ان الإسم هو المسمى لأن الضمير في عرضهم عائد الى المسميات ولم يمر إلا ذكرها، او قال مجاهد: عرض اصحاب الأسماء.
ان هذه الآية الكريمةقوله تعالى الى[[ وَعلم آدم الأَالأسْمَاءَ كُلَّهَا]] ( ) وثيقة سماوية خالدة تؤكد ما لآدم عليه السلام من عظيم المنزلة وما رافقه منذ بداية خلقه من الشأنأن الرفيع والمقام السامي بين الخلائق عامة وموضوعية اللغة واللسانان في الإالإحتجاج والبرهانان وتحديد المنزلة والمقام، لذا يمكن انأن يقال انأن التفضيل كانان نوعياً ويتعلق بالقدرة البشرية في النطق والفهم والتلقي والتمييز، وانأن لغة الخطاب وبأأي لسانان تشريف للإنإنسانان يجب عليه انأن يؤدي شكره، ولعل ومن وجوه الشكر يكون بتعلم لغة القرآنآن واإكرامها.
وفي الأسماء التي علمها الله تعالى لآدم اقوال منها:
جميع الأسماء والصناعات وعمارة الأرضيين والأطعمة والأدوية ونحوه.
اسماء الملائكة واسماء ذريته.
القاب الأشياء ومعانيها وخواصها وهو ان الفرس يصلح لماذا وغيره.
عن الصادق عليه السلام: الأرضين والجبال والشعاب والأودية، ثم نظر الى بساط تحته فقال هذا البساط مما علمه.
علمه الله اسماء كل شيء (عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام).
علمه الله اسماء حججه عليهم السلام ثم عرضهم ارواح على الملائكة.
ترى ما هي تلك اللغة التي تلقاها آدم من عند الله عز وجل رزقاً وكرامة وتشريفاً وحجة، قال الشيخ الطوسي : وظاهر الآيةالآيةالآية وعمومها يدل على انأن الله علمه جميع اللغات، وبه قال الجبائي والرماناني، فأخذ عند عنه ولده اللغات، فلما تفرقوا تكلم كل قوم منهم بلسانان الفوه الفوه واعتادوه وتطاول الزمانان على ما خالف فنسوه).
ولكن القدر المتيقن المستفاد من ظاهر الآيةالآيةالآية هو تعليم آدم ما يصح به التعبير عن المعنى من الأالالفاظ المناسبة وباللغة التي إاعتادها الملائكة وما يتخاطبون به، لذا لا يستبعد انوالأرجح أنها اللغة العربية فهي لغة أهل الجنانان.
وقيل انوالقول بأنأن اللغات جميعاً انإنما سمعت من آدم وعنه أاخذت، وهو قول يحتاج الى إلى دليل أاو أإمارة خاصة ولعل الإالإستقراء التأريخي والوجدان بخلافه، وفيه زيادة عن الحاجة وانإن كانان لفضل من الله تعالى إلى على عبده ونبيه الذي خلقه بيده امرأمراً معقولاً وغير مستبعد.
وقد ورد عن كعب الأالأحبار قال : أول من وضع الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة كتبها في الطين ثم طبخه، فلما أصاب الأرض الغرق أصاب كل قوم كتابهم فكتبوه، فكان إسماعيل بن إبراهيم أصاب كتاب العرب( ) .
وذكر انأن إادريس النبي أاول من خط بالقلم، وهناك رواياتايات أاخرى في المقام، وقد أاكدت الدراسات الحديثة في علم اللغات على الإالالتقاء والتقارب في ترتيب الحروف بين اللغات السامية القديمة، كما انأن الكتابات العربية التي عثر عليها الباحثون على الصخور والتي تعود الى إلى فترة ما قبل الإسلامالإسلامالإسلام تؤكد وجود روابط بينها وبين الخط النبطي القديم مع تطور ظاهر في الخط العربي كما في نقش أام الجمال الأالأول الذي يعود تأريخه الى إلى سنة بعد الميلاد أو نحوه، علماً انأن تلك النقوش وما تستخرجه الإالإكتشافات الأالأثرية لا يستوفي الحقيقة التي تؤكدها الرواياتايات.
ودلالة الأالالفاظ على معانانيها كما في علم الاالأصول بالجعل والتخصيص، وهل هي بالذات والطبع أاو بتوسط الوضع، انإنها ليست بالطبع لأنأن الدلالة الطبعية الذاتية لا تختلف باإختلاف الأالأعصار والمجتمعات، ولابد انأن يكون لإاختيار الواضع للفظ الخاص لمعنى معين مرجح لعدم إامكانان الترجيح بلا مرجح.
وهل ان الواضع هو الله جل جلاله او العباد انفسهم وهل ان الواضع شخص واحد او اشخاص متعددون كما هو الظاهر، والقول بأن الله هو الواضع أي قد بلغ الى الناس وحياً او الهاماً او فطرهم بحيث يقدرون على تأدية مرادهم بابداع الفاظ مخصوصة.
لقد كانان في القرآنآن تثبيتاً للعربية وإاعزازاً لها وإاظهاراً لأسرارها الأالأدبية، والذين حاربوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أاخزاهم الله في موضوع العربية نفسه، أي انأن العربية اللغة كانانت مناسبة للتباري بين القرآنآن وغيره وأاعداء الإسلامالإسلام، وإاتخذها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون سلاحاً ودعوة للإيمانان.
وكانان النضر بن الحارث من بني عبد الدار كان يجلس قبالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاذا رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ القرآنآن والناس تستمع يستمعون له وتتلمس ويدركون أامارات الإالإعجاز، يقول لبني قومه من حوله أي معشر قريش هلموا إالي فانإني أاحسن من محمد حديثاً، ثم يشرع فيلفق حديثاً عن ملوك فارس ويقص من اأقاصيصهم وهو مع لباقته وقدرته على سرد الحديث وجمع الأالأخبار والتوسع في الكلام تلك المخالفة بينت اعجاز القرآن، وتحديهم سرعان ما زال ولم يغير او يؤثركان عاجزاً عن التباري وجذب الاالأسماع، فكانانت تلك المخالفة مناسبة لإاظهار إاعجاز القرآنآن، وسرعانان ما زال تحديهم والقرآنآن فضحه بآية موجزة نهت دائماً عن اللغو والإالنإنشغال بالباطل، قال تعالى الى[[ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً اولئك لهم عذاب مهين، واذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في اذنيه وقراً فبشره بعذاب اليم ]]( ) .
والنضر هذا قتل يوم بدر صبراً قتله الإمام علي عليه السلام بأمر من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بين ثلاثة منهم عقبة بن أبي معيط إذ قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
ياعلي عليّ بالنضر ابغيه فأخذ علي بشعره وكان رجلاً جميلاً له شعر فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يامحمد أسالك بالرحم بيني وبينك الا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلني وان فاديتهم فاديتني .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لارحم بيني وبينك قطع الله الرحم بالإسلام قدمه ياعلي فاضرب عنقه فضرب عنقه) ( ).
والنضر هو القائل : [ان هذا الا أساطير الأولين] ( ) وقال لو شئت قلت مثل هذا، وهو الذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم واسفنديار للإفتراء على القرآن ، ومحاولة إيهام الناس بوجود وجوه للشبه بينها وبين بعض قصص القرآن بخصوص الأمم السالفة وعلى فرض وجود تشبه ببعض القصص فانه لايتعارض مع نزول القرآن من عند الله، بل يدل على صدق نزوله لما فيه من الإعجاز والتوثيق الأمم السالفة، ولأن بعض الأخبار الموجودة في أيدي أهل الملل والنحل أنما هي من الكتب السماوية السابقة وأخبار الأنبياء, وفي علم المنطق المركب التام على قسمين:
الأول : المركب الخبري , وهو الذي يكون مرآة لحقيقة وموضوع، وكاشفاً لمصداق خارجي، وإخباراً عن أمر كما يقال (هلّ الهلال) ويسمى القضية والقول وقد يكون موافقاً للواقع ويتصف بالصدق أو يتصف بالكذب ومخالفة الواقع ، والقسم الثاني هو الإنشاء.
الثاني : المركب الإنشائي ، ويشمل الأمر والنهي والإستفهام ونحوه .
وكانصحيح ان نزول القرآنآن كان أايام إاهتمام العرب وولعهم بالبلاغة وفنون الكلام الاالا انأن ذلك الولع بدائي ومحدود بموضع معين وهو مكة وما حولها، وتتجـــاذبه وتتجـــاذب الناس آنآنذاك أامـــواج الفــتن، والعرب في حال ضعف وتشــتت، قال تعالى [ بلسان عربي مبين ]( )..
انإن إاعطاء القرآنآن أاولوية للغة وعلومها وأاسرارها سبب دائم في دفع الجهالة والوهم والضعف، وفي عربية القرآنآن قوة للعرب للمسلمين وطرد للضعف، لقد كانان القرآنآن خيمة إاجتمع تحتها العرب المسلمون بلحاظ اللسانان ولم تعد العربية منحصرة بالإالنإنتساب القبلي فقط، وكل مسلم ينتمي الى إلى العرب بوشائج قرآنآنية متينة وراسخة، وجاء علم التفسير ليفتح آفاقاً على اللغة العربية وينقح علومها ويثبت قواعدها.
فمن أاهم وجوه التفسير معرفة اللغة ومعاناني الكلمات، وفيها إابانانة لمعاني لمضامين الكلامات العربيةالله، إاذ لا يمكن تفسير الآيةالآيةالآية الاالا بعد فهم معاناني كلماتها، ولا يصح في التفسير حمل أالفاظ القرآنآن على معاناني مخصوصة او الإالإكتفاء بالشائع منها، بل فلابد من التحقيق والبحث عن المعنى المناسب للفظ وفيه تثوير للغة وإاحياء لعلومها، ويظهر البحث والدراسة في السور القصار الصيغ اللغوية المتكاملة والسجع والحلاوة في الجرس والإالإزدواج مع الاإلإتزانان.
ووردت في القرآنآن كلمة (عربي) إاحدى عشرة مرة، وكلها تتعلق بالقرآنآن وتلك آية في القرآن موضوعها عدد المرات والتكرار وما يعنيه ويتضمنه من أاسرار، ومن جهة الملازمة ووما في انإنحصار ذكر العربية بصفة القرآنآن ولغته من دلالاالات، مع كما انأن هذه الكثرة والتوالي في ذكرها انهذكر العربية لمدرسة عقائدية تدل على موضوعية اللغة العربية في نزول القرآنآن وبيانان أاحكامه , قال تعالى [وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ] ( ).
كما انويدل عدم ذكر العربية صفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم على حقيقة ظاهرة وبينة وهي الهوية العالمية لرسالته بالذات وانأنها لا تنحصر بالعرب أو انإنتماء النبوة للعرب دون غيرهم، كذلك فانان اللغة العربية أايضاً عالمية، ولكن ليس بالذات كما في مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ شرّفه الله تعالىتعالى بالنبوة، بل وبالعرض والغير بإاتصاف القرآنآن ونزوله بها لغة له وبالمنزلة التأأريخية منذ نزول الاالنإنسانان الى إلى الاالأرض وهو أمر انإنحلالي لكل انإنسانان نصيب منه، وفيه منتهى الفخر والسمو في باب اللسانان والعلوم اللغوية.
وتبينان أاهمية اللغة في القرآنآن تبين منزلتها في حياة الشعوب والعقيدة وتؤكد على إاعتبار اللسانان وموضوعيته في المجتمعات , وبناء الأالأخلاق وقد يغني عن السيف.
وانإن كانان صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد عربيته وغالباً في باب الإالإحتجاج كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “انأنا أافصح العرب بيد انأني من قريش” وهذا القول يمكن إاعتباره تفسيراً لتلك الآياتالآالياتآيات لاسيما وإنأننا نقول بأنان السنة بيانان للقرآنآن.
وقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال : “إاعربوا القرآنآن والتمسوا غرائبه( )”، وحمله بعض المفسرين بإرادة على إرادة الإالإعراب بمعناه الإالإصطلاحي بإعراب الكلمات وهو الذي يفتح الأالالفاظ، واطنب في إابراز الإالإعراب في التفسير، ونحن لا ننكر اهميته بل نؤكد عليهومع التسليم بأهمية الإالإعراب ولكن المراد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم المعنى الأالأعم، إاذ انأن الإالإعراب – بكسر الهمزة – هو الإالإبانانة والإالإيضاح والإالنإنكشاف ومنه الحديث “إاعربوا أاحاديثنا فإنأنا قوم فصحاء”( )، فالمراد من إعراب القرآنآن نطق كلماته بفصاحة ومن غير لحن، وإابانانة ما فيه من غرائب وبدائع وفيه بيانان وتوكيد لأسرار اللغة.
نحن لا نقول بعدم موضوعية الإالأعراب بل له وظائف متعددة وهو باب علم شريف يساعد على إفادة المعنى والمراد من الآيةالآيةالآية، ولقد ااعتمد الصحابة والأالأئمة عليهم السلام الإالإعراب طريقاً للبيانان والإالإستشهاد فلما سئل الإمام الباقر عليه السلام عن قوله تعالى [ فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وامسحوا برؤوسكم وارجلكم ]( ) هل هي على الخفض او على النصب؟ فقال عليه السلام: بل هي على الخفض.
ثم فصل الكلام كما في صحيحة زرارة فقال: “وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء لأن الباء للتبعيض” ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه، فقال: وارجلكم الى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس ان المسح على بعضها”، وذهب سيبويه الى القول بعدم استعمال الباء للتبعيض، ومع التعارض يكون الترجيح لما يرد عن أهل بيت الوحي والتنزيل.
والشطر الأكبر من المسلمين يقرأها بالنصب وهو المتعارف في رسم المصحف وقراءته والواجب العيني يتعلق بكل مكلف ولا يسقط بفعل الغير كالصلاة اليومية ويقابله الواجب الكفائي الذي يتوجه فيه التكليف الى الجميع ولكنه يسقط بإتيانه من احدهم كالصلاة على الميت ودفنه.
والواجب التعييني هو الواجب بلا واجب آخر يكون بدلاً له وبديلاً عنه في عرضه، أي ان العينية هنا تتعلق بالمكلف به وليس بالمكلف كما في الواجب العيني والكفائي، ويقابله الواجب التخييري كخصال كفارة التخيير مثل افطار يوم من شهر رمضان عن عمد وهي اطعام ستين مسكيناٍ او عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين، والأصل يقتضي عدم السقوط بفعل شيء آخر.
وعلى هذا لو ترك التعلم مع قدرته عليه وصلى فان صلاته بالإئتمام بقراءة ما تعلمه بالقرآن او التسبيح والذكر مقدار القراءة أي الفاتحة والسورة ولكنه يؤثم اما صحة الصلاة فلقاعدة الميسور ونفي الحرج والإثم لترك الواجب بخلاف ما لو كان وجوب التعلم ارشادياً فلا اثم حينئذٍ.
قال السيوطي ( ): ولا يجوز قراءة القرآنآن بالعجمة مطلقاً سواء أحسن العربية أم لا، في الصلاة أم خارجها) أي لا تجوز الترجمة بقصد القراءة دون التفسير، وعن أبي حنيفة: انأنه يجوز مطلقاً( )، وقيده أبو يوسف تلميذه بمن لا يحسن العربية، وقال ووجه المنع : انأن يذهب إعجازه المقصود منه , ولكن المنع أعم من ذلك لأنأن القراءة واجبة فيجب تعلمها.
لقد خطى النحويوين خطوات مباركة وأاسسوا قواعد لغوية ونحوية راسخة أاظهرت كنوزاً تتضمنها اللغة العربية وفتحت أابواباً لعلوم اللغة الأالأخرى، ومنها البلاغة لاسيما وانأن القرآنآن أاعجز البلغاء وتحدى موهبتهم ونبوغهم، ومنهم من قال بانأن إاعجاز القرآنآن يتعلق بالنظم وعلم البيانان والبديع ولكنه أعم وأاكبر وينفذ الى إلى جميع العلوم، والحاجة إاليه متصلة ودائمة.
وصنفت بعض الكتب فيه ولكنها قليلة، ولا تجسد هذه الحقيقة الثابتة، مثلاً أاطرى المفسرون كثيراً على الزمخشري المولود سنة 467 هجرية في قرية (زمخشر) وهي قرية صغيرة من قرى خوارزم ثم رحل الى إلى بغداد لتلقي العلوم، وجاور في مكة زمناً، وتوفي سنة 538 هجرية واثنوا عليه لإظهاره وجوهاً بلاغية للإعجاز والكتب البلاغية وجودوبيّانانه السبك القرآنآني، وانه وقالوا ليس غيره من يستطيع انان يظهر لنا ذلك.
ووهذا نقص بل يجب انأن ترتقي تتجاوزه علوم البلاغة بإستمرار، وتتخذه ونحوه أاساساً، وفي النصوص الواردة عن الأئمة عليهم السلام قواعد لعلوم بلاغة القرآنآن.
ولابد من الإجتهاد والإبداع في علم بلاغة آيات التنزيل سواء كانان في خصوص بلاغة العربية أاو بلاغة القرآنآن واتمنى وجودوالسعي لانإنبثاق مؤسساتة أاكاديمية متخصصة في علوم البلاغة تساهم في إاظهار وبيانان الوجوه البلاغية الإعجازية في القرآنآن بما يتناسب وتشعب العلوم في هذا الزمانان, وإارتقاء الدراسات فيها، ووجود الكتب والدراسات القديمة كنز وعون ورافد لجيل العلماء في هذا الزمانان فلقد إاتخذ المسلمون المساجد دار ثقافة وحلقات للدرس والى إلى يومنا هذا تعظيماً لشعائر الله، ولتصبح كتب ودراسات أمس واليوم أساساً لما يستظهر من علوم القرآنآن واللغة في القادم من الاالأيام.
وفي باب أاحكام المساجد تجدون أاحاديث نبوية في عمارة المساجد وعدم الخوض فيها بالباطل أاو رفع الأالأصوات في غير العبادة والذكر، ونهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أايضاً عن قراءة الأالأشعار، وانأن تنشد الضالة في المسجد ونحوها، كما ورد النهي عن إاقامة الحدود في المساجد او إتخاذها محلاً للقضاء والمرافعة ويحمل على نحو الكراهة، ولم ينه عن الدرس والذكر فيها لأنأنه من تعظيم شعائر الله بالإالإضافة الى إلى إاستحباب المشي الى إلى المساجد مطلقاً بل في كراهة انإنشاد الشعر في المسجد أستثني ما كانان شاهداً على جواز الإنشاد في كتاب الله تعالى الى وسنة نبيه.
“ولما جاءه وفد بكر بن وائل سألهم الى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالهم عن خبر قس بن ساعدة( )وقال : يحشر وحده”( )، وقد اُوأنأنشد الشعر بعض الشعراء قصائد التوحيد في المسجد بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن يحسن شعره وإستمعه لها صلى الله عليه وآله وسلم لما فيها من الإالإقرار بالربوبية بالتوحيد والحجة.
وعندنا في الفقه ان تعلم القراءة لمن لا يحسنها واجب وان كا ن متمكناً من الإئتمام لقبح تفويت التكليف المعلوم مع التمكن منه.
ووجوب التعلم نفسي عيني تعييني والواجب النفسي هو الواجب لنفسه كفريضة الصيام لا لأجل واجب آخر ويقابله الواجب الغيري الذي يترشح عليه الوجوب من غيره كالوضوء مقدمة للصلاةيتناسب والواجب العيني يتعلق بكل مكلف ولا يسقط بفعل الغير كالصلاة اليومية.
وهناك آفتانان تداهمانان العربية وتنهشانان في جسم لغة القرآنآن منذ مئات السنين، إحداهما تتعلق بداخل الوطن العربيالأالأمصار العربية، والآالأخرى بالعالم الإسلامالإسلامالإسلامي، أما الأالأولى فهو فهي العامية والنطق بالفاظ محلية يتخاطب بها العوام من غير الفصحى.
واللجوء الى إلى العامية وإتخاذها لغة محاورة له فهو لا يتعلق بتمامه او بالجزء الأكبر منه على دخول الأعاجم الأسباب خاصة بمدن ومجتمعات وقبائل كلها عربية ومع هذا تجد عندهم مفردات عامية مستقلة، ترشحت من التسامح في النطق واختيار التخفيف على اللساع اللسانان مع أنها ليست جديدة بل قديمة تمتد جذورها الى إلى أيام العباسيين وكثرة المولدين والإالإستقرار في المدن, والرضا بما يفهم عرفاً, وعدم الإالالتفات والحرص على إكرام العربية الفصحى..
فحينما ينتقد أحد الفقهاء على إستاذه، في قوله (مطرنا البارحة مطراً) أي مطراً)، ولا نريد ان نذكر اسماء الفقهاء والأعلام لما قد يحتمل منه انتقاص فيعتذر عنه الحافظ ابن بكر بن كيف داود بأنأن ذلك في مخاطبة العامة وانأن الناس لم يزالوا يلحفون ويتلاحفون فيما يخاطب بعضهم بعضاً اتقاء الخروج من عادة العامة فلا يعيب ذلك من ينصفهم من الخاصة.
ثم قال ابن داود تعريضاً بالناقد: انما العيب على من غلط من جهة اللغة فيما يغير به حكم الشريعة( ).
وهذا من شواهد كثيرة اعرضنا عنها اكراماً لسعي الفقهاء في التحصيل وخدمة الشريعة وتعظيم شعائر الله، والعامية أعم من اللحن وأشد خطراً ولابد من التمييز بينهما، فالعامية هي اللهجات المحلية غير الفصيحة والمفردات غير الموجودة في اللغة، واللحن أاهون وقد تجد له عذراً ويمكن تداركه وهو أقل خطورة وضرراً من العامية كماً وكيفاً، وبين العامية واللحن عموم وخصوص مطلق فكل لحن هو خلل لغوي, وعن ابن الإعرابي قال يقال : لحن الرجل يلحن لحناً فهو لاحن : إذا أخطأ( )
ولعل من أاسباب شياع العامية ونحوها الإالإبتعاد عن القرآنآن ولغته وعدم الإالإكتراث بموضوعية اللغة، ولكن القرآنآن هو الذي يحجم وباء فيروس العامية ويمنع من ضررها الكبير على العربية، ولم تكن العامية ببلد دون آخر، بل أاصبحت عامة في أاغلب أامصار العالم الإسلامالإسلامالإسلامي لتعكس واقعاً متخلفاً مبتعداً لغة عن القرآنآن.
والأولى : التخلص من هذا الوباء المتفشي بيننا وادعو جميع والدارسين والمتخصصين اساتذة وطلبة في جميع الأقطار الإسلامية الىوإاتخاذ صيّغ تحد منه، وتمنع من انإنتشاره أاو إاعتباره واقعاً متوارثاً، ومنها إاعتماد اللغة العربية الفصحى في جميع المحاوراتهم وحلقات الدرس والمؤسسات العلمية أاو بشطر من الإالالفاظ والكلمات ليكون طريقاً وتمريناً للتخلص من اللحن ومساهمة في خدمة القرآنآن.
نعم يمكن انأن يكون هذا الإالإعتماد على مراتب ومراحل متباينة في صيغ المخاطبة بين بين الطلبة انفسهم او في عوائلهم وبيوتهم وادنىأهل العلم وأقل من ذلكه مع العامة، بل لا يمنعولا مانانع من تفكيك هذه الدعوة وحصر النطق بالفصحى كمرحلة بحلقات الدرس والجامعات، ولكن يكره التحدث بالعامية تماماً في الدروس الحوزوية مطلقاً، والدراسات الاالأكاديمية في عامة البلدان الاسلامية وانإن كانانت في غير إاخنتصاص العربية والقرآنآن، وانيجب أن تعطى الأالأولوية في الدراسة فيها ومناهجها للعربية كمقدمة وبداية للحد من ظاهرة الأالأمية من غير انأن يتعارض هذا مع إاعتبار اللغات القومية للشعوب الإسلامالإسلامية التي تتكلم غير العربية.
صحيح انأن الأالأمر يحتاج الى إلى إايجاد ملكة وقدرة عامة عليه، ولكن المدد والعون القرآنآني يجدونه يتجلى بسهولة ويسر مع حالة المزاولة وطول الملابسة والشروع بتحرير اللغة وخروجها من طغيانان وعدوانان العامية.
ونريد منالأالأولى بالهيئات و المجالس العلمية في العالم العربي والإسلامالإسلامي وضع الدراسات والخطط القومية الشاملة لمحاربة ظاهرة الأالأمية، ونقترح انأن يكون هناك تعاون في باب محاربة العامية و في نشر العربية الفصحى لغة القرآنآن وكلام الأالأجداد ومحاربة داء العامية.
، ووهي لأن لغة القرآنآن عنوانان جامع للعز والفخر ومن أافضل مصاديق الوحدة والإالإتحاد، لاسيما وانأن الأالأمية تعدت الى إلى خارج الوطن العربي وشملت بعضاً ممن يتعلم العربية، يتعلمها بالمخالطة وينميها في التعامل اليومي في المجتمع فتشيع الأالأمية قهراً وانإنطباقاً، فتبقى وتبقى العربية منحصرة بحلقات محدودة للدرس اللغوي أو الفقهي، وببركة القرآن لم ولن يصل الأمر إلى الإستهزاء بمن لا يتكلم الا الفصحى.
أاما الآالآفة الأالأخرى فهي عدم إاعطاء لغة القرآنآن في الدول الإسلامالإسلامالإسلامية القدر المناسب من الأمية العناية والاالإهتمام النوعي والرسمي في الإالنإنتشار بين شعوبها ومما لا ريب فيه انأن الحوزات العلمية والمؤسسات الثقافية الدينية بل في الاالأمصار الاسلامالإسلامالإسلامية وغيرها في من البلدانان الأالأخرى تقع عليها مسؤولية جعل اللغة العربية لغة الدراسات فيها.
وإذا حافظ القرآنآن على دوام العربية وبنى لها مجداً ووضع لها أاركاناناً باإظهار قواعدها، وساهم علماء الاسلامالإسلامالإسلام في تأسيس المدارس اللغوية والنحوية التي اتصفت تتصف علومها بالدقة والاالإستيعاب والاالإحاطة، فأنإن اللغة العربية لم تنتشر بما يتناسب ومنزلتها التأريخية وموضوعيتها منمقدمة لعلوم القرآنآن ولكنها مع انأنها تمتلك مقومات الإالنإنتشار والعالمية، وسيبقى المناخ والباب والواقع مناسباً ومفتوحاً لإتساعها، وسيظل القرآنآن حارساً وحافظاً لها.
سِفر النبوة
بين النبوة والرسالة
النبي هو الاالنإنسانان الذي إاختاره الله عز وجل للإاخبار عنه ومن غير واسطة انإنسانان آخر، والرسول هو أايضاً نبي ولكنه يمتاز بانأن له شريعة مبتدأة، فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل رسول هو نبي، وليس كل نبي هو رسول.
ولقد شرّف الله عز وجل الاالنأنبياء وأاكرمهم وفضلهم على سائر خلقه وعددهم مائة وأاربعة وعشرون الف نبي، من ضمنهم الرسل وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولاً.
وفي الفرق بين الرسول والنبي أاقوال ووجوه :
الأول : انااالنبي الذي يسمع صوت الملك ولا يعاينه , والرسول الذي يجمع له الله بين سمع الصوت ومعاينة الملك.
الثاني : انالرسول من جمع الى إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه، والنبي من لم ينزل عليه، وانإنما يدعو الى إلى كتاب من قبله.
الثالث : الرسول الذي نسخ بالكتاب الذي انأنزل عليه شريعة من قبله، ومن لم يكن كذلك منهم فهو نبي.
الرابع : انإن الرسول الذي يأتيه الملك ظاهراً ويأمره بدعوة الخلق، ومن لم يكن كذلك بل يرى في النوم فهو النبي.
الخامس : ما ورد عن الاالإمام الرضا عليه السلام: الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلماته وينزل عليه الوحي، وربما يرى في منامه نحو رؤيا إابراهيم عليه السلام، والنبي ربما يسمع الكلام، وربما رأى الشخص ولم يسمع.
السادس : الاعن الإمام الباقرابا جعفر عليه السلام الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلاً، فيراه ويكلمه .
واما النبي فهو يرى في منامه على نحو ما رأى إبراهيم عليه السلام ونحو ما كانان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى من أاسباب النبوة قبل الوحي حتى أاتاه جبرئيل من عند الله بالرسالة.
وكانان محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل عليه السلام ويكلمه بها قبلاً. ومن الاالنأنبياء من جمع له النبوة, ويرى في منامه يأتيه الوحي فيكلمه ويحدثه من غير انأن يكون رآه في اليقظة، وأاما المحدّث فهو الذي يُحدَّث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه”.
انإن ذكر الاالنأنبياء بلغة العموم والاالإطلاق ونيلهم أعلى مراتب الشرف والنبوة لا يعني انأنهم على مرتبة واحدة من حيث جهة تلقي الوحي والوظائف، فقد ورد عن الباقر عليه السلام: المرسلون على أاربع طبقات، فنبي تنبأ في نفسه لا يعدو غيرها ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت ويعاين الملك وقد أارسل الى إلى طائفة قلوا أاو كثروا كما في قوله تعالى الى[[ فارسلناه الى مائة الف او يزيدونوَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى إلى مِائَةِ الفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ]]( )وقال : يزيدون ثلاثين الفاً.
ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إامام مثل أاولي العزم، وقد كانان إابراهيم نبياً وليس بامام حتى قال : [[إِني إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَال لاَ يَنَال عَهْدِي الظَّالمِينَ اني جاعلك للناس اماماً، قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ]]( ) أي من عبد صنماً أو وثناً وتجاوز الحد متعدياً لا يصلح للإمامة.
وكما انأنعم الله عز وجل على أاهل الاالأرض بالاالنأنبياء مبشرين وأئمة هدى فانإنه سبحانانه تفضل بانإنزال الكتب عليهم, لتكون حجة وباب هداية، وعوناً لأهل الايمانالإالإيمانان في عملهم ومناسكهم بل وجهادهم.
وقيل يارسول الله كم انأنزل الله من كتاب؟
قال : مائة صحيفة وأربعة كتب، انأنزل الله على شيث عليه السلام خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إادريس ثلاثين صحيفة، وعلى أول من خط بالقلم وعلى إابراهيم عشر صحائف، وانالتوراة والاالنإنجيل والزبور والفرقانان( ).
وفي رواية عن أبي ذر يرفعه انأنها مائة كتاب وأاربعة وعشرون كتاباً. منها انأنزل على إادريس خمسون صحيفة.
وروي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال : بعثت على رأس ثمانانية الاالآف نبي منهم أاربعة الاالآف من بني إاسرائيل)، وعلى فرض صحة السند فانإنها تحمل أاما على أاعاظم الاالنأنبياء أاو الذين تجمعهم صفة معينة حسب القرائن وسياق الحديث، أاو من خلال المعنى.
لقد أاكرم الله عز وجل بني آدم ولم يترك الاالأرض من غير حجة، ظاهرة أاو مستترة، وكانان الاالنأنبياء يتوارثون النبوة, ويحرصون على ميثاقها. وكل رسول يبشر بالذي يأتي بعده، عن الصدوق في إاكمال الدين في حديث طويل يسنده الى إلى الاالإمام محمد الباقر عليه السلام وفيه : انأن آدم عليه السلام لما أاستكملت أايام نبوته، أاوحى الله سبحانانه إاليه انأن يجعل العلم وميراث النبوة في إابنه هبة الله، وبشر آدم بنوح، وكانان بينهما آباء كلهم انأنبياء، فلما مضت أايام نبوة نوح دفع ميراث العلم والنبوة الى إلى إابنه سام، وليس بعد سام الاالا هود، فكانان بين نوح وهود من الاالنأنبياء مستخفين وغير مستخفين، ومن بعد هود انإنتهت النبوة الى إلى إابراهيم، وكانان بين هود واإبراهيم من الاالنأنبياء عشرة.
ولم يكن الاالنأنبياء بمعزل عن البلاء، فلقد واجهوا صنوف الاالأذى وعاشوا أاقسى الاالأحوال، وتعرضوا للشتم والضرب بل ووأاحياناناً يكون القتل احياناً خاتمة لحياتهم الشريفة.
ومع هذا بالغ أاقوام في منازل الاالنأنبياء وقاربوا بها الربوبيةوفي التنزيل [وَقَالتْ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابن اللَّهِ وَقَالتْ النَّصَارَى المَسِيحُ ابن اللَّهِ] ( ).
فجاء الاسلامالإسلامالإسلام ليتصدى الى إلى تلك المبالغة بنفس الصيغ الجهادية والتربوية التي رسخها في إاكرام الاالنأنبياء ومعرفة حقيقة إارتقائهم على البشر منزلة وعلماً وكرامة, وفيه منع من الإفراط والتفريط، ودعوة إلى التفقه في الدين.
(فعن صهيب انان معاذاً لما قدم من اليمن سجد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال : يا معاذ ما هذا؟
قال : انأن اليهود تسجد لعظمائها وعلمائها. ورأيت النصارى تسجد لقسسها وبطارقتها قلت: ما هذا؟
قالوا : تحية الاالنأنبياء.
فقال عليه السلام : كذبوا على انأنبيائهم( )
وإاستمر الصحابة والاالأئمة عليهم السلام في التصدي لذلك لصيّغ الغلو وأماراته ليتجه الناس الى إلى التوحيد والاالإخلاص في العبادة.
فعن الثوري عن سماك بن هاناني قال : دخل الجاثليق( ) على علي بن أابي طالب فأاراد انأن يسجد له.
فقال له علي : أاسجد لله ولا تسجد لي( ).
لقد جاءت آية الإالاسراء بصفة العبودية [سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ]( ) لمنع الفلق وللحث على الإالإجتهاد في الطاعة والعبادة, ودعوة لرجاء فضل الله تعالىتعالىتعالى ، ولعل وفيها رداً متقدماً ودعوة وحثاً لإاكتشاف الإالنإنسانان لأسرار الآفاق، وتوصله بالعلم لكيفية الصعود في السماء وإخبار بأن معجزة الإسراء حصلتبان الأسراء لم يكن الا بصفة العبودية.
الاالاسم الأالأعظم
وهو سر من أاسرار الكون، وكنز من ذخائر النبوة، وفضل من الله تعالى إلى على الاالنإنسانانية، وعلى الصفوة من الاالنأنبياء خاصة، ويمكن تعريفه بانأنه ابواب باب علم تفتتح منه خزائن متعددة من العلوم والمعجزات والكرامات والاالأسرار الربانانية التي تتعلق بالحوادث والمغيبيات والأالأمور الكونية ونحوها.
انإنه إاسم الله الذي يستجيب له كل شيء بأذنه بإاذنه تعالىتعالىتعالى ، وقد يرد في النصوص بعنوانان إاسم الله الأالأعظم أو إاسم الله الأالأكبر أو السر الأالأعظم.
ولقد حجبه الله عز وجل عن العباد الاالا من إاصطفى، وأاختلف في موضع وجوده من القرآنآن هل هو انه في آية معينة أاو مجموعة آياتآيات، وذلك والاالإخفاء سر من أاسرار المعرفة الإالالهية وجزء من الحجب والستر وأاحكام السر الغيب ومعارفه، وهذه صغرى، أما الكبرى فهي هل هو انه موجود في القرآنآن أم لا؟ الجواب نعم، ويدل على ذلكعليه الكتاب والسنة , قال تعالى الى[[ : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًأنا لِكُلِّ شَيْءٍ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ( ). ]] ( ).
والاالنأنبياء رُزقوا إاياه ولكن بأجزاء ومراتب متباينة في الكم والكيف والاالأثر, وعن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى [المْ]قال هو اسم الله الأعظم( ) .
وعن ابن عباس في قوله تعالى [المْ]و[ حم]و[طس] قال هي اسم الله الأعظم وعن أسماء بنت يزيد بن السكن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين { والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم } و { الم ، الله لا اله الا هو الحي القيوم ( ) .
وعن أبي أمامة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال : أن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث : البقرة وآل عمران وطه.
قال بعضهم : فنظرت في هذه السور الثلاث فرأيت فيها إسماً ليس في شيء من القرآن :
في آية الكرسي {اللَّهُ لا اله الا هُوَ الحَىُّ القَيُّومُ} .
وفي آل عمران {الم الله لا اله الاّ هو الحيُّ القيّوم} .
وفي طه (وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَىِّ القَيُّومِ)( ) وقال الثعلبي في صفة قتل داوود جالوت قال المفسّرون بالفاظ متشابهة ومعان متّفقة : عبر النهر فيمن عبر مع طالوت أيشا أبو داود في ثلاثة عشر ابناً وكان داود أصغرهم، فأتاهم ذات يوم فقال : يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئاً الاّ صرعته فقال : أبشر فإنّ الله جعل رزقك في قذافتك، ثم أتاه مرّة أُخرى فقال : يا ابتاه لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسداً رابضاً فركبته وأخذت بأذنيه ولم يهمّني، فقال : أبشر يابني فإنّ هذا خير أعطاكه الله. ثم أتاه يوماً آخر فقال : يا أبتاه إنّي لأمشي بين الجبال فاسبّح فما يبقى جبل الاّ يُسبّح معي، فقال : أبشر يابني فإنّ هذا خير أعطاكه الله.
قالوا : فارسل جالوت إلى طالوت أن ابرز اليّ مَنْ يقاتلني فإن قتلني فلكم ملكي وإن قتلته فلي ملككم، فشقّ ذلك على طالوت فنادى في عسكره مَنْ يقتل جالوت زوّجته ابنتي وناصفته ملكي، فخاف الناس جالوت فلم يجبه أحد. فسال طالوت نبيّهم اشمويل ان يدعوا الله، فدعا الله عزّ وجلّ في ذلك، فأتى بقرن فيه دهن، وتنور من حديد، فقيل : إنّ صاحبكم الذي يقتل جالوت هو الذي يوضع هذا القرن على رأسه فيغلي الدهن حتى يدهن رأسه منه ولا يسيل على وجهه يكون على رأسه كهيئة الاّكليل، ويدخل في هذا التنور فيملأه لا يتقلقل فيه، فدعا طالوت بني اسرائيل فجرّبهم فلم يوافقه منهم أحد.
فأوصى الله تعالى إلى نبيهم إنّ في ولد أيشا مَنْ يقتل الله به جالوت، فدعا طالوت أيشا وقال: أعرض عليّ نبيك، فأخرج له اثني عشر رجلاً أمثال السواري، فجعل يعرضهم على القرن فلا يرى شيئاً فيقول لرجل منهم : بادع عليهم جسم ارجع فيردد عليه فأوحى الله تعالى اليه إنا لا نأخذ الرجال على صورهم ولكنّا نأخذ على صلاح قلوبهم، فقال لأيشا: هل بقى لك ولد غيرهم؟ قال : لا.
فقال النبي : يا ربّ إنّه زعم أنّ لا ولد له غيرهم ، فقال : كذب.فقال النبيّ : إنّ ربّي كذّبك، فقال : صدق الله يانبي الله إنّ لي ابناً صغيراً يقال له : داود، استحييت أن يراه الناس لقصر قامته وحقارته، فخلّفته في الغنم يرعاها وهو في شعب كذا، وكان داود ج رجلاً قصيراً مسقاطاً مصفاراً أزرق أمعد. فدعاه طالوت، ويقال : بل خرج طالوت اليه فوجد الوادي قد سال بينه وبين الزرب التي يريح اليها، فوجده يحمل شاتين شاتين يجيزهما السيل ولا يخوض بهما الماء، فلما رآه النبيّ قال : هذا هو لا شك فيه هذا يرحم البهائم فهو بالناس أرحم، فدعاه ووضع القرن على رأسه ففاض.
فقال له طالوت : هل لك أن تقتل جالوت وأزوجك ابنتي وأجري خاتمك في ملكي؟ قال: نعم. قال : وهل أنست من نفسك شيئاً تقوى به على قتله؟ قال : نعم، أنا أرعى فيجيء الأسد والنمر والذئب فيأخذ شاة وأقوم له وأفتح لحييه عنها وأخرقهما إلى قفاه.
فردّه إلى عسكره، فمرّ داود بحجر فناده : يا داود احملني فإنّي حجر هارون الذي قتل بي ملك كذا، فحمله في مخلاته. ثم مرّ بحجر آخر فناداه : ياداود إحملني فإنّي حجر موسى الذي قتل بيّ ملك كذا، فحمله في مخلاته.
فمرّ بحجر آخر فقال : إحملني فإنّي حجرك الذي تقتل بي جالوت، وقد خبأني الله لك .
فوضعها في مخلاته. فلما تصافوا القتال وبرز جالوت وسال المبارزة، إنتدب له داود فأعطاه طالوت فرساً ودرعاً وسلاحاً، فلبس السلاح وركب الفرس، فسار قريباً ثم إنصرف فرجع إلى الملك، فقال مَن حوله : جَبُنَ الغلام فجاء فوقف على الملك، فقال : ما شأنك فقال : إنّ الله إن لم ينصرني لا يغني عني السلاح شيئاً فدعني أُقاتل كما أُريد.
قال : نعم، فأخذ داود مخلاته فتقلّدها وأخذ المقلاع ومضى نحو جالوت، وكان جالوت من أشدّ الناس وأقواهم وكان يهزم الجيوش وحده وكان له بيضة فيها ثلاث مائة من حديد، فلما نظر إلى داود القى في قلبه فقال له : أنت تبرز لي؟ قال : نعم. وكان جالوت على فرس أبلق عليه السلاح التام.
قال : فأتيتني بالمقلاع والحجر كما تؤتى الكلاب؟ قال : نعم، لأنت شرّ من الكلب. قال : لا جرم لأقسّمنّ لحمك بين سباع الأرض وطير السماء. قال داود : أو يقسم الله لحمك. ثم قال داود : باسم إله إبراهيم وأخرج حجراً، ثم أخرج الآخر وقال : باسم إله إسحاق ووضعه في مقلاعه، ثم أخرج الثالث وقال : باسم اله يعقوب ووضعه في مقلاعه فصار كلّها حجراً واحداً، ودوّر المقلاع ورماه به فسخّر الله الريح حتّى أصاب الحجر أنف البيضة فخالط دماغه فخرج من قفاه وقتل من وراءه ثلاثين رجلاً، وهزم الله سبحانه الجيش وخرّ جالوت قتيلاً فأخذه فجرّه حتّى القاه بين يدي طالوت.
ففرح المسلمون فرحاً شديداً وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين والناس يذكرون داود فجاء داود طالوت، وقال : أنجز لي ما وعدّتني وأعطني امرأتي، فقال له : أُتريد ابنة الملك بغير صداق. قال داود : ما شرطت عليّ صداقاً وليس لي شيء. قال : لا أُكلّفك الاّ ما تطيق .
أنت رجل حربي وفي جبالنا أعداء لنا غلفٌ، فإذا قتلت منهم مائتي رجل وجئتني بغلفهم زوّجتك ابنتي، فأتاهم فجعل كلّما قتل منهم رجلاً نظم غلفته في خيطه حتّى نظم غلفهم , فجاء بها إلى طالوت فالقى اليه وقال : إدفع الي امرأتي، فزوّجه أبنته وأجرى خاتمه في ملكه.
فمال الناس إلى داود وأحبّوه وأكثروا ذكره، فوجد طالوت من ذلك وحسده فأراد قتله، فأخبر بذلك بنت طالوت رجل يقال له ذو المغنيين، فقالت لداود : إنّك لمقتول الليلة.
قال : ومَنْ يقتلني؟ قالت : أبي.قال : وهل جزمت جزماً؟ قالت : حدّثني مَنْ لا يكذب ولا عليك لن تفوت الليلة حتى تنظر مصداق ذلك. فقال : لئن كان أراد ذلك ما أستطيع خروجاً ولكن ائتيني بزق من خمر، فأتته، فوضعه في مضجعه على السرير. وسجّاه ودخل تحت السرير فدخل طالوت نصف الليل وأراد أن يقتل داود فقال لها : أين بعلكِ؟ فقالت : هو نائم على السرير، فضربه ضربة بالسيف فسال الخمر، فلما وجد ريح الشراب قال : يرحم الله داود ما أكثر شربه الخمر وخرج، فلما أصبح علم أنّه لم يفعل شيئاً. فقال : إن رجلاً طلبت منه ما طلبت لخليق أن لا يدعني حتّى يدرك منّي ثأره، فشدّد حجّابه وحرّاسه وأغلق دونه أبوابه.
ثم إن داود أتاه ليلة وقد هدأت العيون وأعمى الله تعالى الحجبة وفتح له الأبواب فدخل عليه وهو نائم على فراشه فوضع سهماً عند رأسه وسهماً عند رجليه وسهماً عن يمينه وسهماً عن شماله ثم خرج. فلما استيقظ طالوت أبصر بالسهام فعرفها فقال : يرحم الله داود فهو خير منّي، ظفرت به فقصدت قتله وظفر بي فكفّ عنّي، ولو شاء لوضع هذا السهم في حلقي. وما أنا بالذي آمنهُ.
فلما كانت المقابلة أتاه ثانياً فأعمى الله الحجّاب , فدخل عليه وهو نائم وأخذ إبريق طالوت الذي كان يتوضأ منه وكوزه الذي كان يشرب منه وقطع شعرات من لحيته وشيئاً من هدب ثيابه , ثم خرج وهرب وتوارى. فلما أصبح طالوت ورأى ذلك، سلّط على داود العيون وطلبه أشدّ الطلب فلم يقدر عليه، ثم إن طالوت ركب يوماً فوجد داود يمشي في البريّة، فقال طالوت : اليوم أقتل داود أنا راكب وهو ماش، وكان داود إذا فزع لم يدرك فركض طالوت على أثره، فاشتدّ داود فدخل غاراً فأوحى الله تعالى إلى العنكبوت فنسجت عليه بيتاً.
فلما أنتهى طالوت إلى الغار ونظر إلى بناء العنبكوت، قال : لو كان دخل هاهنا لخرق بناء العنكبوت فتركه ومضى، وانطلق داود وأتى الجبل مع المتعبّدين فتعبّد فيه. وطعن العلماء والعُبّاد في طالوت في شأن داود، فجعل طالوت لا ينهاه أحد عن قتل داود الاّ قتله وأغرى بقتل العلماء، فلم يكن يقدر على عالم في بني اسرائيل فيطيق قتله الاّ قتله ولم يكن يحارب جيشاً الاّ هزم، حتى أتى بامرأة تعلم اسم الله الأعظم فأمر جبّاراً بقتلها فرحمها الجبّار فقال: لعلّنا نحتاج إلى عالم فتركها، فوقع في قلب طالوت التوبة وندم على ما فعل وأقبل على البكاء حتّى رحمه.
فكان كلّ ليلة يخرج إلى القبور فيبكي وينادي : أنشد الله عبداً يعلم أن لي توبة الاّ أخبرني بها. فلما أكثر عليهم ناداه منادا من القبور : يا طالوت أما ترضى أن قتلتنا حتّى تؤذينا أمواتاً، فازداد بكاءً وحزناً، فرحمه الجبّار فكلّمه فقال : ما لك أيّها الملك؟ فقال : هل تعلم لي في الأرض عالماً أساله هل لي من توبة؟ فقال الجبّار : هل تدري ما مثلك؟ إنّما مثلك مثل ملك نزل قرية عشاءً فصاح الديك فتطيّر منه، فقال : لا تتركوا في القرية ديكاً الاّ ذبحتموه، فلما أراد أن ينام قال لأصحابه، إذا صاح الديك فأيقضونا حتى ندلج. فقالوا : هل تركت ديكاً نسمع صوته.
ولكن هل تركت عالماً في الأرض، فازداد حزناً وبكاءً. فلما رأى الجبّار ذلك قال : أرأيتك إن دللتك على عالم لعلّك أن تقتله. قال : لا. فتوثّق عليه الجبّار فأخبره أن المرأة العالمة عنده قال : انطلق بي اليها أسالها هل لي من توبة؟ وكان إنّما يعلم ذلك الاسم أهل بيت إذا فنيت رجالهم علمت نساءهم. فلما بلغ طالوت الباب قال الجبّار : أيّها الملك إنّها إن رأتك فزعت، فخلّفه خلفه ثم دخل عليها فقال لها : الست أعظم الناس عليك مِنّة أن نجّيتك من القتل وآويتك عندي؟ قالت: بلى. قال : فإنّ لي اليكِ حاجة : هذا طالوت يسال هل له من توبة، فغُشي عليها من الخوف.
فقال لها: إنّه لا يُريد قتلك ولكن يسالك هل له من توبة؟ فقالت : والله لا أعلم لطالوت توبة، ولكن هل تعلمون مكان قبر نبي؟ فانطلق بها إلى قبر أشمويل، فصلّت ودعت ثم نادت صاحب القبر، فخرج أشمويل من القبر فنفض من رأسه التراب، فلما نظر اليهم ثلاثتهم : المرأة وطالوت والجبّار، قال : مالكم أقامت القيامة؟ قالا : لا، ولكن طالوت يسالك هل له من توبة؟ قال : أشمويل : يا طالوت ما فعلت بعدي؟ قال : لم أدع من الشرّ شيئاً الاّ فعلته وجئت أطلب التوبة. قال : كم لك من الولد؟
قال : عشرة رجال. قال : ما أعلم لك توبة الاّ أن تتخلّى من ملكك وتخرج أنت وولدك في سبيل الله ثم تقدّم ولدك حتّى (يقتلوا) بين يديك ثم تقاتل أنت حتّى تقتل آخرهم، ثم رجع أشمويل إلى القبر وسقط ميّتاً. ورجع طالوت أحزن ما كان رهبة إن لا يتابعه وُلده،
وقد بكى حتّى سقط أشفار عينيه ونحل جسمه، فدخل أولاده عليه، فقال لهم : أرأيتم لو دفعت إلى النار هل كنتم تفدونني؟ قالوا : بلى، نفديك بما قدرنا عليه. قال : فإنّها النار إن لم تفعلوا ما أقول لكم، قالوا : فاعرض علينا، فذكر لهم القصّة، قالوا : وإنّك لمقتول؟
قال : نعم. قالوا : فلا خير لنا في الحياة فقد طابت أنفسنا بالذي سالت. فتجهّز بماله وولده،
فقدّم ولده وكانوا عشرة فقاتلوا حتّى قُتلوا بين يديه ثم شدّ هو بعدهم حتّى قُتل، فجاء قاتله إلى داود النبيّ ج ليبشّره وقال : قد قتلت عدوّك. فقال : ما كنت بالذي تحيا بعده فضرب عنقه، وأتى بنو إسرائيل بداود فأعطوه خزائن طالوت وملّكوه على أنفسهم وكان ملك طالوت من أوّله إلى أن قُتل في الغزو مع ولده أربعين سنة)( ).
وهذا الخبر ضعيف سنداً وجهة صدور ودلالة, ولا يصلح لمعارضة ما ورد في الثناء على طالوت في القرآن إذ إختصه الله بمنزلة عظيمة من جهات منها :
الأولى : قوله تعالى [وَقَال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالوتَ مَلِكًا] ( )وفيه آية بأن الله أكرمه على نحو التعيين , فهو لم يكن من سبط النبوة ولا سبط المملكة .
الثانية : إجتباء وإختيار الله عز وجل لطالوت بقوله تعالى [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ] ( ), ولو تردد هل هذا الإصطفاء منقطع أم متصل ومستديم, فالأصل والمتبادر هو الثاني, بينما ورد في ذم الذي إنسلخ من الآيات التي عنده قوله تعالى [وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الغَاوِينَ] ( ) .
وقال عبد الله بن مسعود هو بلعم بن إبرة, وقال ابن عباس : هو بلعم بن باعورة) ( ).
وكانت على ما ذكره ابن عباس وابن إسحاق والسدي إن موسى (عليه السلام) لما قصد حرب الجبارين ونزل أرض بني كنعان من أرض الشام أتي قوم بلعم إلى بلعم وكان عنده اسم الله الأعظم.
فقالوا : إن موسى رجل شديد ومعه جنود كثيرة وإنّه قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل وأنا قومك وبنو عمك وليس لنا قول وأنت رجل مجاب الدعوة فأخرج وادع الله تعالى أن يرد عنا موسى وقومه فقال : ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم , وإني إن فعلت هذا ذهبت دنياي وآخرتي. وقالوا ما لنا من (نزل) وراجعوه في ذلك قال : حتى أُءامر ربّي، وكان لا يدعو حتّى ينظر ما يؤمر في المنام فيأمرني الدعاء عليهم.
فقيل له في المنام : لا تدع عليهم، فقال لقومه : إني قد أُمرت ربّي في الدعاء عليهم وإنّي قد نُهيت، فهدوا له هدية، فقبلها ثمّ راجعوه وقالوا : أدع عليهم، فقال : حتّى أؤمر فلما أُمّر لم يجيء اليه شيء. فقال : قد أُمّرت فلم يجيء اليّ شيء، فقالوا : لو كره ربّك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك في المرة الأولى. فلم يزالوا به (يروقونه) ويتضرعون اليه حتّى فتنوه فافتن فركب (أتاناً) له متوجهاً إلى جبل يطلعه على عسكر بني إسرائيل يقال له جسبان.
فلما سار عليها غير كثير ربضت به فنزل عنها فضربها حتّى إذا أذاقها قامت فركبها فلم تسر به كثيراً حتّى ربضت، ففعل بها مثل ذلك فقامت فركبها فلم تسر به كثيراً حتّى ربضت فضربها حتّى إذا أذاقها أذن الله لها بالكلام فتكلمت حجة عليه فقالت : ويحك يا بلعم أين تذهب الا ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا لنذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم،
فلم ينزع عنها فخلّى الله سبيلها فانطلقت حتّى إذا أشرقت به على جبل جسبان جعل يدعو عليهم فلا يدعو عليهم بشيء الاّ صرف به لسانه إلى قومه ولا يدعو لقومه بخير الاّ صرف مسالته إلى بني إسرائيل.
فقال له قومه : أتدري يابلعم ما تصنع إنما تدعو لهم وتدعو علينا، قال: فهذا ما لا أملك هذا شيء قد غلب الله عليه واندلع لسانه فوقع على صدره فقال لهم : قد ذهبت الآن مني الدنيا والآخرة، فلم يبقَ الاّ المكر والحيلة فسأمكر لكم وأحتال، اجملوا النساء وزينوهن وأعطوهن السلع ثمّ أرسلوهن إلى العسكر يتعدوا فيه ومروهن فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها فإنهم إن زنا رجل واحد منهم يفتنوهم ففعلوا.
فلمّا دخل النساء العسكر مرَّت امرأة بين الكنعانيين اسمها بشتي بنت صور برجل من عظماء بني إسرائيل يُقال له زمري بن شلوم رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام , فقام اليها فأخذ بيدها حين أَفْتنه جمالها ثمّ أقبل حتّى وقف على موسى فقال : إني أظنك ستقول هذه حرام عليك قال : أجل هي حرام عليك لا تقربها قال : فوالله لا نطيعك في هذا ثمّ دخل بها قبته فوقع عليها فأرسل الله الطاعون على بني إسرائيل في الوقت.
وكان لفنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى رجلٌ قد أعطى بسطة في الخلق وقوة في البطش وكان غائباً حين صنع زمري بن شلوم ما صنع فجاء والطاعون (يمجّس) في بني إسرائيل وأخبر الخبر فأخذ حربته وكانت من حديد كلّها ثمّ دخل عليه القبة وهما متضاجعان (فاستقبلها) بحربته ثمّ خرج بهما رافعاً بهما إلى السماء والحربة قد أخذها بذراعه واعتمد بمرفقه على خاصرته وأسند الحربة إلى لحيته.
وكان (يكره العيزار) وجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك فرفع الطاعون. فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص فوجوده قد هلك منهم سبعون الفاً في ساعة من نهار .
فمن هنالك يعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص كل ذبيحة ذبحوها الفشة والذراع واللحى، لاعتماده بالحربة على خاصرته وأخذه إياها بذراعه وبإسناده إياها إلى لحيته، والبكر من كل أموالهم وأنفسهم لأنّه كان (بكراً) لعيزار بن هارون( ).
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إن اسم الله الأعظم الذي دعا به آصف (يا حي ياقيوم) ( ), ولا تعارض بين النصوص الخاصة باسم الله الأعظم على فرض صحة السند وفيه دعوة للمسلمين للإجتهاد بالدعاء والتوسل وعدم مغادرة مقامات الرجاء.
الثالثة : تفضل الله عز وجل بإكرام طالوت بالزيادة على غيره من المؤمنين بالعلم والمعرفة والجسم, قال تعالى [وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ]( ), وكان أعلم بني إسرائيل بالتوراة, وفن القتال والسياسة, وكان أطول بني إسرائيل لبعث الهيبة في النفوس والقدرة على القتال وهذه النعم العظيمة هبة من الله فلا تكون الا في مرضاته تعالى وبيان موضوعية السر الأعظم .
وعن الى ابي عبد اللهالإالإمام الصادق عليه السلام قال : انإن الله جعل الاالاسم الاالأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً.
فأعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفاً.
وأاعطى نوحاً منها خمسة وعشرين.
وأاعطى إابراهيم منها ثمانانية أاحرف.
وأاعطى منها موسى أاربعة أاحرف.
وأاعطى منها عيسى حرفين، وكانان يحيي بهما الموتى ويبرء الاالأكمه والاالأبرص.
وأاعطى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم إاثنين وسبعين حرفاً.
وإاحتجب حرفاً لئلا يعلم ما في نفسه، ويعلم ما في نفوس العباد (الكافي).
وفي رواية انأنه تعالى الى أاعطى نوحاً خمسة عشر حرفاً.
ومن هذا التقسيم البياناني تعلم عظيم منزلة آدم عليه السلامآدم عليه السلام وما كانان يؤديه من وظائف النبوة وتهيئة اأسباب العيش لذريته في الاالأرض. وانإن كانان العدد وحده ليس باباً للمقارنة وحصول الفارق خاصة وانأن لكل حرف منها خصوصية وأاثراً وأابوللاباً كريمة من العلم معينة، والمشهور في علم الاالأصول انأن التحديد بالعدد لا مفهوم له، لكنه هنا له دلالاالات لأنأن زيادة العدد تدل على علو الشأنان والاالنإنفراد بشطر من العلوم إلى جانب كثرة المضامين القدسية لكل مرة تذكر فيها ذات الكلمة بلحاظ تعدد الموضوع ونظم الآية وسياق الآيات.
وعن وورد عن الاالإمام الصادق عليه السلام قال: كانان مع عيسى إابن مريم حرفانان يعمل بهما.
وكانان مع موسى عليه السلام أاربعة أاحرف،.
وكانان مع إابراهيم ستة أاحرف وكانان مع آدم خمسة وعشرون حرفاً، وكانان مع نوح عليه السلام ثمانانية.،
وجمع ذلك كله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انإن إاسم الله ثلاثة وسبعون حرفاً وحُجب واحد.
أولوا العزم
قال تعالى الى[[ ولقد عهدنـــــا الى آدم من قبل فنســــي ولم نجــد له عزماًوَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ]]( ).
العزم : هو ثبات الاالإرادة ودوامها. ويقال عزمت عزماً-بالضم- وعزيمة إاذا أاردت فعل الشيء وقطعت عليه، والوجود هنا نقيض العدم.
ويحتمل في الآيةالآيةالآية الكريمة أاعلاه معنيانان :
الاالأول : إرادة المدح وهو بمعنى: لم نجد له عزماً على إاتيانان المعصية، ومخالفة العهد والميثاق.
والثاناني : لم نجد له عزماً على إاجتناب المعصية والتحرز من الاالإقتراب من الشجرة وهو الاالنأنسب والاالاقرب بقرينة النسيانان في الآيةالآيةالآية، وما تدل عليه الآياتالآالياتآيات القرآنآنية الاالآخرى بالموضوع خاصة وانأن القرآنآن يفسر بعضه بعضاً.
ولذا من الصعب النظر الى إلى موضوع العزم في الآيةالآيةالآية الكريمة بمعناه اللغوي فقط، بل يمكن تأويله وفق المعنى الاالإصطلاحي وانأن الامرأمر يتعلق بالرسل أولي العزم من الاالنأنبياء. الذين قال الله تعالى الى فيهم: [[ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسلفَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ]]( ) .
وهم خمسة نوح وواإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد بالاالإضافة الى إلى النبي الأالأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل هم أاربعة إابراهيم ونوح وهود ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وذهب بعضهم الى إلى انأنهم ستة : نوح وإابراهيم وإاسحاق ويعقوب ويوسف وأايوب، والاالأول أاصح وأاشهر.
وفي تسميتهم أولي العزم وجوه :
الأول : صبروا على مكروه الدنيا وصبروا عن محبوبها، وهو المروي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
الثاني : انإنهم بعثوا الى إلى مشارق الاالأرض ومغاربها، وجنها وانإنسها. أي انأن رسالاالاتهم عامة. وقيل انإن رسالة موسى وعيسى خاصتانان.
الثالث : انإنهم أاولوا الجد والثبات والصبر.
الرابع : المراد في الآيةالآيةالآية الكريمة جميع الرســــل، وانأن (مــن) في قوله تعالى الى[[ من الرسلمِنْ الرُّسُلِ]] في الآيةالآيةالآية أاعلاه للبيانان. وانأن كل نبي ذو عزم وثبات، والاالأقرب انأنها للتبعيض.
الخامس : انإنهم محور النبوة وهم أاصحاب الشرائع، كل واحد منهم جاء بشريعة نسخت الشريعة التي جاء بها الرسول الذي قبله.
السادس : انهم هم الذين امرأمروا بالقتال والجهاد، وأاظهروا المكاشفة، وجاهدوا في الدين.
السابع : انهم سبقوا الاالنأنبياء الذين سبقوا الى إلى الاالاقرار بالله، وأاقروا بكل نبي كانان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب وصنوف الاالأذى.
الثامن : عن الاالإمام على بن موسى الرضا عليه السلام قال: “سموا أولوا العزم لانأنهم كاكاننوا أاصحاب العزائم والشرائع، وذلك انأن كل نبي بعد نوح كانان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه، الى إلى زمن إبراهيم الخليل عليه السلام”( ).
التاسع : لما عهد إاليهم في النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والاالأوصياء من بعده، فاجمع عزمهم على الاالإقرار به وانأنه كذلك.
لقد وسوس الشيطانان لآدم عليه السلام فاكل فأكل من الشجرة بعد انأن عهد له الله عز وجل انأن لا يأكل منها، فكانان ذلك منه نسياناناً سواء كانان النسيانان بمعنى الترك أاو نقيض الذكر( )مما يدل على التشريف والتخصيص بنعت أاولي العزم، وانأنها مدرسة إارتقاء تدل على إاجتياز مرحلة الإالإبتلاء بيقين وثبات وإاحترام.
وللنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خصائص كثيرة انفرد بها انإنفرد بها بين الأالنأنبياء وهي عديدة منها :
الأول : نبوة محمد دعوة للإيمانان به, وعون ومادة لإجتذاب القلوب , وبعث الرعب والفزع في قلوب الكافرين وشعورهم بالتقصير والخطأ.
الثاني :النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين وصاحب الشريعة الناسخة للشرائع السابقة, وليس من شريعة تنسخ شريعته وإلى يوم القيامة.
الثالث : نزول القرآنالقرآن على صدر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو صيرورته،[ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] ( ).
الرابع : هو النبي الذي جعل الله أمته خير الأمم , قال تعالى في خطاب للمسلمين [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] ( ).
الخامس : جاءت معجزات الأنبياء حسية، ومعجزة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عقلية متجددة في كل زمان وهي القرآن.
السادس : جهاد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخروجه في كتائب بنفسه، وبعث الرعب في نفوس أعدائه مسيرة الشهر وتحقيق النصر والغلبة لجيوش المسلمين.
السابع: شريعة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ناسخة للشرائع وليس من شريعة ناسخة لها.
الثامن : بقاء العمل بأحكام شريعته إلى يوم القيامة.
أعمار الأالنأنبياء وصفاتهم
قال تعالىتعالىتعالى [[ وما جعلنا لبشـر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدونوَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الخَالدُونَ]]( ) لقد كتب الله عز وجل على الناس الموت ببديع حكمته وجعله سبيلاً لمغادرة الحياة الدنيا باإعتبار حتمية زوالها وانأنها دار انإنتقال الى إلى الاالآخرة.
وتشمل الاالنأنبياء في هذا الموضوع يخضعون لالنواميس الثابتة في أاصل الخلقة، وبعض الاالنأنبياء قتل في سن الشباب كيحيى عليه السلام ،ومنهم من رزقه الله طول العمر حجة وآية في التبليغ. وبالاالإسناد عن الاالامام الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
عاش آدم أابو البشر تسعمائة وثلاثين سنة.
وعاش نوح الفين وأاربعمائة.
وعاش إابراهيم عليه السلام مائة سنة وخمساً وسبعين.
وعاش إاسماعيل بن إابراهيم مائة وعشرين سنة.
وعاش إاسحاق مائة وثمانانين سنة.
وعاش يعقوب عليه السلام مائة وعشرين سنة.
وعاش يوسف عليه السلام مائة وعشرين سنة.
وعاش موسى عليه السلام مائة وستاً وعشرين سنة.
وعاش هارون عليه السلام مائة وثلاثاً وثلاثين سنة.
وعاش داود عليه السلام مائة سنة منها أاربعون سنة ملكه.
وعاش سليمانان بن داود عليه السلام سبعمائة سنة واثني وإاثنتي عشرة سنة.
لقد رزق الله الاالنأنبياء درجة عالية من الذكاء والحلم، وبما يناسب هذا المنصب الاالالهي ويساهم في التأثير الفعال في المجتمع وأاداء وظائف النبوة على أاحسن وجه، بالاالإضافة الى إلى الوحي الذي هو مدد غيبي يفوق قدرات الإالنإنسانان. .
روى على بن ابراهيم عن ياسر عن ابي الحسن – الاالإمام موسى بن جعفر- عليه السلام انأنه قال: ما بعث الله نبياً الاالا صاحب مرة سوداء صافية) ( )، أي انأنه ذو قوة في العقل والرأي وثبات في الدين. وأاشير الى إلى معناها في الطب القديم انأنها غاية الحذق والفطانانة والحفظ، ووصفت في الحديث بانأنها (صافية) أي خالية من مخالطة الخيالاالات الفاسدة والاالأخلاق الرديئة.
آدم نبي
النبي هو الاالنإنسانان الذي إختاره الله عز وجل للإاخبار عنه وليبلغ الأالأحكام من غير واسطة عن الله عز وجل الاحكام، لذا قيل انأنه سمي نبياً لانأنه انأنبأ أي أخبر عن الله، وسواء كانان له شريعة مبتدأة او ليس له شريعة.
لقد كانان آدم عليه السلام نبياً وورد في رواية انأنه نبي رسول، قال تعالى الى[[ اني جاعل في الارض خليفةإِنِّأني جَاعِلٌ فِي الأَالارْضِ خَلِيفَةً… ]]( )، وكانانت الاالأرض كلها لآدم وفي الحديث: خلق الله تعالى إلى آدم وأاقطعه الدنيا قطيعة( ).
وبالاالإسناد عن أابي ذر الغفاري قال: “دخلت المسجد فإاذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس وحده، فجلست إاليه فقال لي: يا أبا ذر انأن للمسجد تحية، وانأن تحيته ركعتانان، فقم فأاركعهما، فلما ركعتهما جلست إاليه، فقلت : يا رسول الله، انإنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال : خير موضوع، إاستكثر أاو إاستقل. ثم ذكر قصة طويلة قال فيها:
قلت : يا رسول الله، كم الاالنأنبياء؟
قال : مائة الف وأاربعة وعشرون الفاً.
قلت : يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟
قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً. يعني كثيراً طيباً.
قلت يا رسول الله، من كانان أولهم؟
قال : آدم.
قلت: يا رسول الله وآدم نبي مرسل؟
قال : نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سواه قُبُلاً”( ).
وبالاالاسناد عن أابي إامامة عن أابي ذر قال: قلت: يا نبي الله، أنأنبياً كانان آدم؟ قال : نعم، كانان نبيّاً، كلمه الله قُبُلاً.
مما يبدو واضحاً انأن أاحكام الشريعة في الاالأرض وما يتعلق بواجبات الانسان ونوع افعاله بدأت مع وجود آدم فيها، وكذا ما يتعلق بواجبات الاالنإنسانان ونوع أافعاله، ولقد إاختاره الله للتبليغ الى إلى ولده وزوجه. وفي الخبر انأنه انأنزل عليه إحدى وعشرون صحيفة كتبها آدم عليه السلام بخطه علمه إاياها جبرئيل عليه السلام.
ان وتعتبر الملازمة بين اول أول وجود للانإنسانان على الاالأرض وبين النبوة يعتبر فخراً للناس جميعاً، وتشريفاً لهم، وحجة لاأهل الايمانالإالإيمانان، وبركة تتغشاهم جميعاً وعبرة وموعظة،. وإاكراماً من الله تعالى إلى لمقام الاالأبوة بإاعتبار انأن ادم آدم أابو البشر.
الحياة اليومية للأنأنبياء
مع عظيم منزلة الاالنأنبياء ومقامهم الاالإجتماعي، وما فضلهم الله عز وجل به، فانإنهم يعيشون حياتهم اليومية كسائر البشر ووفق أاحوال مجتمعهم، ويواجهون العناء الشخصي، ويمارسون الاالأعمال بالاالإضافة الى إلى ما يعانانون من الاالأذى والاالإضطهاد.
عن الاالإمام الصادق عليه السلام قال : انإن كانان النبي من الاالنأنبياء ليبتلى بالجوع حتى يموت جوعاً، وانإن كانان من الاالنأنبياء ليبتلى بالعطش حتى يموت عطشاً، وانإن كانان النبي من الاالنأنبياء ليبتلى بالسقم والامرأمراض حتى يتلفه، وانإن كانان النبي ليأتي قومه، فيقوم فيهم ويأمرهم بطاعة الله ويدعوهم الى إلى توحيد الله، وما معه مبيت ليلة فما يتركونه يفرغ من كلامه ولا يستمعون إاليه حتى يقتلوه، وانإنما يبتلي الله تبارك وتعالى الى عباده على قدر منازلهم عنده”( ).
ولقد زاول الاالنأنبياء المهن والاالأعمال، وكانانت في الغالب أاعمالاًالاً بسيطة متواضعة، وسبباً للمعيشة يتناسب وروح الزهد، ويدل العمل فيها على عدم التوجه الى إلى الدنيا وزخرفها، وكانان نوح مثلاً نجاراً وإادريس خياطاً.
وعن الاالإمام جعفر الصادق عليه السلام قال : “انإن الله عز وجل أاحب لأنأنبيائه من الاالأعمال الحرث والرعي لانأن لا يكرهوا شيئاً من قطر السماء”. وقال عليه السلام: “ما بعث الله نبياً قط حتى يسترعيه الغنم، يعلمه بذلك رعية الناس”( ).
ولقد بارك الله عز وجل للانأنبياء في رزقهم وانإن إامتازوا في مأكلهم بالتواضع وعدم الاالإسراف. ورد عن الاالإمام الرضا عليه السلام انأنه قال : “ما من نبي الاالا وقد دعي لأاكل الشعير وبارك عليه، وما دخل جوفاً الاالا خرج كل داء فيه، وهو قوت الاالنأنبياء وطعام الاالأبرار، أابى الله انأن يجعل قوت انأنبيائه الاالا شعيراً”، وعن الاالإمام الصادق عليه السلام: السويق( )، طعام المرسلين، واللحم باللبن مرق الاالنأنبياء، وكانان أاحب الاالأصباغ( ) الى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخل والزيت وهو طعام الاالنأنبياء، وما إافتقر أهل بيت يأتدمون بالخل والزيت”.
لقد خلّف الاالنأنبياء للناس ميراثاً كريماً في باب الغذاء والصحة ووجوه الشفاء. فإذا تتبعت القيمة الغذائية لاطعمتهم ترى فيها الفوائد الاالأساسية، وكفاية ووقاية البدن مع رخصها في مختلف الاالأزمانان وسهولة تناولها.
ومع عظيم بركات الاالنأنبياء في مجتمعاتهم، وعموم أهل زمانانهم والاالأجيال المتعاقبة، فانهم فقد لاقوا شتى صنوف البلاء، والاالإيذاء الخفي. فبالاالإسناد عن الاالأشعري رفعه الى إلى ابي عبد اللهالصادق عليه السلام قال: ثلاث لم يفر منها نبي فمن دونه، الطيرة والحسد والتفكر في الوسوسة في الخلق.
وفسرت الطيرة هنا بانأنه يتطير منهم لانأن الأالنأنبياء لا يتطيرون. ويشهد على ذلك قوله تعالى إلى في قوم صالح: [[ قَالوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَال طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ]]( ). وقوله تعالى إلى في ذم قوم أاساءوا لانأنبيائهم: [[قَالوا إِنَّأنا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ]( ). ]( )، ولكن المعنى أعم تخفيفاً ورحمة منه تعالىتعالىتعالى.
وأما الحسد هنا فهو انأن يحسدهم الناس لا انأن يَحسدوا، كما في قوله تعالىتعالىتعالى: [[أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا ال إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة واتيناهم ملكاً عظيماً…]]( ).
وأما التفكر في الخلق، فهو ابتلاؤهم بأولئك الذين يترددون في قبول دعوتهم بالتشكيك والتساؤل في أصل الكون وأسراره ولكن ظاهر الحديث يحمل على حدوثها كخواطر شريعة من غير انأن تبقى في النفس، جاء الحديث للتخفيف عن الناس بعدم ترتيب الأالأثر على الطيرة، وانأن الله عز وجل يكرم عبده المؤمن ويغفر الهنات والصغائر من الذنوب.
لقد انأنعم الله على الاالنأنبياء والمرسلين بالرزق الحلال وتجسيد وإاظهار التقيد بأاحكام الشريعة في مأكلهم ومشربهم ليطابق قولهم فعلهم، ولينذروا الناس، سواء بلغة الامرأمر والاالإرشاد وتهيئة الاسباب أسباب الهداية والتسلح وتسلحهم بالتحرز والتحفظ من الحرام.
الاا انقال تعالى: [[يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالحًا يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً]]، وتبعث الآية على الإنتفاع الأمثل مما تميل له النفس من المباحات ومصاديق الرزق الكريم كيلاً يجاهد النبي نفسه في منعها وقهرها على الحرمان من الطيبات, ولتتوجه وأعضاء البدن للجهاد في سبيل الله .
وجاءت الآية بالتبعيض (من الطيبات) لإجتناب الإسراف, ويلحق المؤمنون بالأنبياء في الأمر والرفعة في أكل الطيبات لقاعدة منع الحرج في الدين , وترك التشديد على النفس .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله طيب لا يقبل الا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير{كلوا من طيبات} قال: من الحلال.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز. أنه قال يوماً: إني أكلت حمصاً وعدساً فنفخني. فقال له بعض القوم: يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه {كلوا من طيبات ما رزقناكم} فقال عمر، هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه، إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد به طيب الطعام( ), ولكن الآية جلية في إرادة طيب الطعام ويلحق به الملبس الذي جاءت آية صريحة بخصوصه, قا ل تعالى [يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ]( )والطيبات الرزق الحلال”.
ولعل المراد انإننا لا نعلم بالحكم الواقعي وانأن رزق المؤمنين يجري وفق الحكم الظاهري.،
واصل الحليةو ما دامت الحرمة لم تثبت فالاالأصل الحلية، .
أاما رزق الأالنأنبياء فقد وعد الله عز وجل ينص بنص الآيةالآيةالآية الكريمة أاعلاه انأن يكون رزقهم طيباً للملازمة بينه وبين وظائف وأاحكام النبوة ولعله من ضرورات التبليغ والإالنإنذار، وللأسوة، واإقتداء الناس بهم ولو على نحو الموجبة الجزئية.
أاما من حيث اللغة التي كانان يتكلم بها الاالنأنبياء. فقد أاشار لها قول الله تعالىتعالىتعالى: [[ وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهموَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّالا بِلِسَانِان قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ… ]]( ) فالنبي يحتاج التكلم التحدث بلغة قومه للبيانان، وانإنما عرف الاالنأنبياء بالكلام والدعوة الى إلى الله عز وجل، وذلك وهذا لا ينفي معرفتهم للغات الاأخرى من ناحية الاالإكرام والاالإعجاز، ولقد كان آدم عليه السلام يتكلم العربية.
الهبوط
قال تعالىتعالىتعالى: [[ وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدووَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ … ]]( ).
جاء امر أمر الهبوط متعقباً للزلل والخطأ والاالأكل من الشجرة، وصحيح انأن الهبوط قد يأتي بمعنى الحلول في المكانان كما في قوله تعالىتعالىتعالى: [[اهْبِطُوا مِصْرًا]] ( )، الاالا انأنه يعني في المقام الخروج من الجنة ومغادرتها الى إلى الاالأرض والالإإبتلاء، ومن لواحق الخروج إاختلال المزاج وإمكانان وجود الغل في الصدور.
ومع ان أنأن امر أمر الخروج جاء في الآيةالآيةالآية بصيغة التثنية بخصوص آدم وحواء، الاالا انأن الخطاب جاء بصيغة الجمع مما يستبعد انأن يكون الخطاب متعلقاً بآدم وحواء وحدهما وانإن كانان المثنى الاالإثنانان أاقل الجمع.، وفي ذلك متعلق خطاب الخروج وجوه:
الأول : يشمل الخطاب بالاالإضافة الى إلى آدم وحواء ابليسإبليس. ولا يضر في المعنى الاالإجمالي لهذا القول أاسبقية خروج ابليسإبليس من الجنة، فقد جمعهما معه موضوع الهبوط، وتنجز واقعاً بهبوط آدم وحواء امرأمر العداوة لما فيها من المفاعلة.
الثاني : المراد في الآيةالآيةالآية آدم وحواء وذريتهما، أي انأن العداوة تدوم وتتسع لتطال الاالأبناء.
الثالث : الخطاب موجه الى إلى آدم وحواء والحية بإاعتبار انأن ابليسإبليس سخرها لدخوله وخداع آدم، ولم يرد في القرآنآن ذكر لموضوع الحية. ولكن ذكر (انأن ابليسإبليس دخل في شدق الحية وخاطبهما من شدقها) ونسبه الجزائري الى إلى القيل( ).
وكذلك قال صاحب الكامل : انإن ابليسإبليس اراد دخول الجنة فمنعته الخزنة، فأتى كل دابة من دواب الاالأرض، وعرض نفسه عليها انأن تحمله حتى يدخل الجنة، ليكلم آدم وزوجته، فكل الدواب أبت عليه ذلك حتى اتى الحية. وقال لا أامنعك عن إابن آدم، فانانت في ذمتي انإن أادخلتني، فجعلته ما بين نابين من انأنيابها ثم دخلت به، وكانانت راسية على أربع قوائم من أاحسن دابة خلقها الله، كأنأنها بختية، فأاعراها الله تعالى إلى وجعلها تمشي على بطنها، كما ورد انأن السم الذي في انأنياب الحية من مقعد الشيطانان فيه، أاما لانأنه أاثر فيه من السم أاو لانأن السم خلق هناك بسببه.
، وفي تفسير العسكري : كانان ابليسإبليس بين لحيي الحية أادخلته الجنة، وكانان آدم يظن انأن االحية هي التي تخاطبه، ولم يعلم انأن ابليسإبليس قد إاختفى بين لحييها، فرد آدم على الحية أايتها الحية هذا غرور ابليسإبليس.
وجاء في سفر التكوين فقالت الحية لحواء انأنكما لو أاكلتما من هذه الشجرة لا تموتانان بل تكونانان كآألهين عارفين بالخير والشر، وفيه ايضاً: كانانت الحية أاخبث كل الحيوانانات التي صنعها الرب.
الرابع : انخطاب الهبوط موجه الى إلى آدم وحواء والوسوسة، عن الحسن البصري. ولكن ظاهر الخطاب انأنه موجه الى إلى العقلاء فتخرج الوسوسة بالتخصص.، وهل
اقول: يحتمل توجه ان الخطاب موجه على أاساس الجنس، و انأن العداوة حاصلة بين الرجال من جهة والنساء من جهة، وابليسإبليس وذريته من جهة أخرى، وأن العداوة ليست دائمة ظاهرة، فان افبأدنى تلبس ببعض وجوهها يتحقق موضوعها.
ومنها العداوة بين الحق والباطل، بين الظالم والمظلوم، والطاغية والمستضعفين.
وانأن تلك العداوة جزء من أحكام الحياة الدنيا على سطح الاالأرض لحكمته تعالى إلى في كونها دار امتحانان وبلاء وافتتانان, قال تعالى [الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ] ( )، فقد نجد تلك العداوة بين الايمانالإالإيمانان والكفر، وهي في الاالأصل كذلك اذ انأن عداوة ابليسإبليس لآدم في أصل موضوعها كفر وحسد، وعداوة آدم لابليسإبليس بسبب جحوده وغدره وإغواء إبليس.
وللعداوة مراتب متفاوتة وصيغ قولية وفعلية مختلفة، وقد تكون من طرف دون الطرف الاالآخر خاصة وانأن البعض لفظ (بعض) يعني الشيء من الاالأشياءوالجزء من الكل .
ولكن القدر المتيقن من الآية الكريمة هو عداوة الناس لإبليس، وعداوة إبليس للناس، وتتجلى عداوته بوسوسته وسعيه لحجبهم عن الخيرات وبلوغ الخلود في النعيم.
ولقد كانان هبوط آدم عليه السلام من الجنة مناسبة سعيدة لإبليسإبليس لما فيها من وجوه البؤس والشقاء على آدم وذريته، ولكن عظيم ثواب الآالآخرة لأهل الإالإيمانان يغيظ إبليسإبليس والكافرين على نحو دائم من غير انأن يستطيعوا منعه أو حجبه. , وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لمّا فتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعني مكة رنّ إبليس رنّةً فاجتمعت اليه ذريّته فقال: «آيسوا أن ترتد أُمة محمد على الشرك بعد يومكم هذا، ولكن أفشوا فيها يعني مكة الشعر والنوح( ).
عن الاالإمام جعفر الصادق عليه السلام قال : رن ابليسإبليس أاربع رنات، أاولهن يوم لعن، وحين أاهبط الى إلى الاالأرض، وحين بعث محمد ،صلى الله عليه وآاله وسلم على حين فترة من الرسل، وحين انأنزلت أام الكتاب، ونخر نخرتين حين أاكل (أي آدم) من الشجرة، وحين أاهبط من الجنة.
والرنة : الصوت والصياح وهو علامة حزن، والنخير : الصوت من الاالنأنف، وهو علامة الفرح والسرور.
وروي انأن الله عز و جل ه لما أاهبط آدم عليه السلام الى إلى الاالأرض قال الله عز وجل له : إابن للخراب ولد للفناء( ) انأنه إاخبار إالهي عن حقيقة الدنيا وانأنها زائلة، ونهي عن الاالنإنقطاع إاليها، أاو الاالإغترار بزينتها ولكي يواظب الاالنإنسانان على ذكر ربه وإاتيانان العبادات ووجوه الفرائض والمندوبات.
وعن حياة الحيوانان انأن آدم عليه السلام لما أاخرج من الجنة يشتكي الوحشة فآنآنسه بالخطاطيف وأالزمها البيوت فهي لا تفارق بني آدم انإنساً لهم، ومعها أاربع آياتآيات من كتاب الله عز وجل [[ لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيتهلَوْ أَنْأنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَآن عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.. ]] الى إلى آخر السورة، وتمد أاصواتها بقول العزيز الحكيم. وفي الحديث تسبيح الخطاف قراءة الحمد.
موضع الهبوط
وبغض النظر عن موضوع الجنة، ومكانانها من السماء أاو الاالأرض، ترى أاين كانان هبوط آدم وحواء من الاالأرض وهل كانان هبوطهما في موضع واحد، او فى بقعتين متقاربتين أاو متباعدتين، وهل للامرأمر صلة بمسالة العداوة، وهل انأن العداوة سبقت وصولهم الى إلى الاالأرض أام انأنها كانانت ملازمة لهم, وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هبط آدم وحواء عريانين جميعاً ، عليهما ورق الجنة ، فأصابه الحر حتى قَعَدَ يبكي ويقول لها : يا حواء قد آذاني الحر ، فجاءه جبريل بقطن ، وأمرها أن تغزل وعلمها ، وعلم آدم وأمر آدم بالحياكة وعلمه ، وكان لم يجامع امرأته في الجنة حتى هبط منها ، وكان كل منهما ينام على حدة حتى جاءه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلمه كيف يأتيها ، فلما أتاها جاءه جبريل فقال : كيف وجدت امرأتك؟ قال : صالحة ( ), وفيه دلالة هبوطهما في موضع واحد . وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال « قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهباً ولا فضة ، فلما أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهباً وفضة ، فسلكه ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما ، وجعل ذلك صداق آدم لحواء . فلا ينبغي لأحد أن يتزوّج الا بصداق( ), وفيه لبيان بركات آدم وحواء, ونزول الرزق معهما إلى الأبناء والذراري, وتنظيم الحياة الزوجية والإجتماعية, وجعل الحياة ذات بهجة وبهاء.
لقد إاختلفت الرواياتايات الواردة في المقام ففي إاحتجاج الاالإمام عليعليه السلام مع الشامي حين ساله عن اكرم واد على وجه الاالأرض، قال عليه السلام : واد يقال له سرنديب، سقط فيه آدم من السماء.
وعن كعب الاالأحبار : أاهبط الله الحية باصفهانان، وابليسإبليس ببجدة، وحواء بعرفة، وأاهبط آدمعليه السلام بجبل سرنديب وهو جبل بأعلاعلى الصين في أارض الهند، يراه البحريون من مسيرة أايام، وفيه على ما نقل أاثر قدم آدمعليه السلام مغموسة( ).
]والعداوة سبب او جزء علة للهبوط، والاالأقوى انأنها سابقة لوجودهما على الاالأرض لا أقل من طرف ابليسإبليس إاذ تظهر عداوته بعدم السجود لآدم عليه السلام، ولأنأن آدم وحواء يبغضانان الجاحد المستكبر عن طاعة الله.
ابليسإبليس في الاالأرض
قالل تعالى الى[[ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِالنأنسِ وَالجِنِّ وكذلــك جعلنــا لكل نبي عـــدواً شــياطين الانس والجن]]( ) مع هبوط آدم عليه السلام الى إلى الاالأرض بدأت مرحلة الاالإبتلاء والاالإمتحانان والاالإفتتانان، فيسعى إبليس في غواية آدم, ويقعد له على الصراط المستقيم ويظهر العداوة له في الاالأرض كما كانان فى الجنة، والتوبة محت الذنب ولم تؤد الى إلى رفع أاصل الاالإبتلاء، لقد أاغرى ابليسإبليس به السباع حال هبوطه فأنأنجاه الله عز وجل، ثم أخذ يزاحمه ويرهقه في قوته وعمله كجزء من الاالإفتتانان اليومي.
بالاالإسناد عن ابي عبداللهالإالإمام الصادقعليه السلام قال : “انإن آدمعليه السلام لما اُهبط من الجنة اإشتهى من ثمارها فانأنزل الله تبارك وتعالى إلى عليه قضيبين من عنب فغرزهما فلما أورقا وأثمرا وبلغا جاء ابليسإبليس فحاط عليهما حائطاً. فقال آدم: ما لك يا ملعون. فقال ابليسإبليس : إ اننهما لي، فقال : كذبت. فرضيا بينهما بروح القدس، فلما انإنتهيا اليه. قص آدم عليه السلام قصته فأخذ روح القدس شيئاً من نار فرمى بها عليهما، فالتهبت في أاغصانانها حتى ظن آدم انأنه لم يبق منهما شيء الاالا إاحترق، وظن ابليسإبليس مثل ذلك.
قال : فدخلت النار حيث دخلت، وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث، فقال الروح : أاما ما ذهب منهما فحظ ابليسإبليس، وما بقي فلك يا آدم.
، وعن الاالإمام الصادق عليه السلام قال: انإن االله تبارك وتعالى إلى لما أاهبط آدم عليه السلام أمره بالحرث والزرع وطرح اليه غرساً من غروس الجنة، فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمانان وغرسها لتكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها. فقال ابليسإبليس لعنه الله: يا آدم ما هذا الغرس الذي لم اكن أاعرفه في الاالأرض فقد كنت بها قبلك، أئذن لي آكل منها شيئاً فأبى انأن يطعمه فجاء الى إلى حواء. فقال لحواء: انأنه قد أاجهدني الجوع والعطش. فقالت له حواء : انإن آدم عهد انأن للا أاطعمك من هذا الغرس لانأنه من الجنة ولا ينبغي لك انأن تأكل منه، فقال لها: فأعصري في كفي منه شيئاً، فأبت عليه، فقال : ذريني أامصه ولا آكله فأخذت عنقوداً من العنب فأعطته فمصه، ولم يأكل منه شيئاً، لما كانانت حواء قد الحت عليه، فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه.
فاوحى الله عز وجل الى إلى آدم عليه السلام انأن العنب قد مصه عدوي وعدوك ابليسإبليس وقد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس ابليسإبليس، فحرمت الخمر لانأن عدو الله ابليسإبليس مكر بحواء حتى مص من العنبة ولو أاكلها لحرمت الكرمة من أ اولها الى إلى آخرها وجميع ثمارها وما يخرج منها ثم انأنه قال لحواء فلو امصصتيني من هذا التمر كما امصصتيني من العنب فاعطته تمرة فمصها،.
وكانانت العنبة والتمر أاشد رائحة وأازكى من المسك الاالأزفر وأاحلى من العسل فلما مصها عدو الله ذهبت رائحتهما وانإنتقصت حلاوتهما ثم انأن ابليسإبليس الملعون ذهب بعد وفاة أابينا آدم فبال في أاصل الكرمة والنخلة فجرى الماء في عروقهما في بول عدو الله، فمن ثم يختمر التمر والعنب أي يتغير ريحهما ويصير منتناً، فحرم الله عز وجل على ذرية آدم كل مسكر لأنأن الماء جرى ببول عدو الله في النخل والعنب وصار كل مختمر خمراً لانأن الماء إاختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله ابليسإبليس لعنه الله.
لقد شاء الله عز وجل انأن يكون كيد ابليسإبليس مركباً من أاصل عام وفرع خاص، فالأالأصل العام ثوابت للإبتلاء والأالإغواء تهدد المجتمعات في كل زمانان، والخاص هو الإالإبتلاء الشخصي الذي يداهم الإالنإنسانان بالوسوسة والشك ونحوهما، لذا يمكن القول انأن الإستعاذةالإستعاذة والصدقة وأاسباب الوقاية والإالإحتراز من ابليسإبليس لا ينحصر أاثرها ومنافعها بالإالنإنسانان نفسه بل تنفع في وقاية الأالأجيال.
انإن وجود ابليسإبليس في الاالأرض جزء من موضوع الاالإفتتانان في الحياة الدنيا وفق الحكمة الاالالهية، أي انأن مقدمات الاالإبتلاء تمت هي الاالأخرى بعلم الله تعالى إلى وبمشيئته. وفي الحديث أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر، أمر ابليس ان يسجد لآدم وشاء ان لا يسجد ولو شاء لسجد.
الأالأرض مستقر
قال تعالى الى[[ ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حينوَلَكُمْ فِي الأَالارْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى إلى حِينٍ ]]( ).
سيبقى موضوع هبوط آدم الى إلى الاالأرض نعمة متصلة عليه وعلى ذريته، وصحيح انأن االهبوط بالقياس والمقارنة مع سكن الجنة حرمانان وخسارة، واقرب الى العقوبة الاالا انأن النظر الى إلى وجود آدم في الاالأرض بشكل مستقل بعيداً عن المقارنة يظهر رحمة الله تعالى إلى في إاكرام آدم وذريته وبداية الخلافة في الاالأرض وعمارتها بالعبادة والذكر، الى إلى جانانب تهيئة أاسباب الرزق فيها.
أي انإن العمل في زراعة الأالأرض رحمة وفضل إالهي أاكرم الله به خليفته في الأالأرض وذريته، فمن الواجب انأن تقابل هذه النعمة بالشكر لله عز وجل، ومن الآياتالآالياتآيات بقائها بقاؤها وإازدياد مصاديقها.
بل ووردت نصوص تفيد انأن االطيب والعطر كانان إابتداؤه من حواء وهبوطها الى إلى الاالأرض أي انأنه من إافاضات الجنة.
فقد ورد عن الاالإمام الصادق عليه السلام انأنه قال : اُهبط آدم عليه السلام من الجنة الى إلى الصفا، وحواء الى إلى المروة، وقد كانان إامتشطت في الجنة، فلما صارت في الاالأرض قالت ما أارجو من المشط وانأنا مسخوط علي، فخلت مشطها فانانتشر من مشطها العطر الذي كانان.
وفي حديث آخر انأنها حلت عقيصتها فارسل الله عز وجل على ما كانان فيها من ذلك الطيب ريحاً فهـبت به في المشرق والمغرب,وعن ابي عبد الله الاالإمام الصادق عليه السلام قال : انأن الله تبارك وتعالى الى لما أهبط آدم طفق يخصف عليه من ورق الجنة وطار عنه لباسه الذي كانان عليه من حلل الجنة، فالتقط ورقة فستر بها عورته فلما هبط عبقت أي لصقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت، فصار فى الاالأرض من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنة فمن هناك صار الطيب بالهند لانأن الورقة هبت عليها ريح الجنوب، فأدت رائحتها الى إلى المغرب لانأنها إاحتملت رائحة الورقة في الجو، فلما ركدت الريح بالهند عبق بأاشجارهم ونبتهم، فكانان أاول بهيمة إارتعت من تلك الورقة ظبي المسك فمن هناك صار المسك صرة الظبي لانأنه جرى رائحة النبت في جسده، وفي دمه حتى إاجتمعت في صرة الظبي.
ومع هذا فقد جاء في الخبر ما يدل على سوء الحالة التي قدم فيها آدم وحواء الى إلى الاالأرض وفقرهما في عالم الاالأرض وما فيه من المشاق والجهد والحاجة الى إلى الحيطة والتدبير والسعي من غير أن تغيب عنهما العناية والحفظ الالهي لهما.
فقد ورد عن الإمام عليامير المؤمنين عليه السلام انأن النبي صلى الله عليه واله واله وسلم سُئل مم خلق الله عز وجل الكلب؟ قال خلقه من بزاق ابليسإبليس، قيل : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : لما أاهبط الله عز وجل آدم وحواء الى إلى الاالأرض أاهبطهما كالفرخين المرتعشين، فغدا ابليسإبليس الملعون الى إلى السباع وكانانوا قبل آدم في الاالأرض، فقال لهم: انأن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراؤن أاعظم منهما، تعالوا فكلوهما، فتعاوت السباع معه، وجعل ابليسإبليس يحثهم ويصيح بهم ويعدهم بقرب المسافة. فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز وجل من ذلك البزاق كلبين احدهما ذكر والاالآخر انأنثى، فقاما حول آدم وحواء، الكلبة بجدة والكلب بالهند، فلم يتركوا السباع انأن يقربوهم، ومن ذلك اليوم صار الكلب عدو السبع والسبع عدو الكلب.
وظلت رحمة الله عز وجل تتغشى آدم حتى في الاالأرض، وأاولئك الملائكة الذين سجدوا لآدم في قول تعالى [فَسَجَدَ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ]( )بقوا أاوفياء له في جنب الله، يمدون له يد العون والتوجيه النافع والاالنأنس الروحي ويرشدونه الى إلى سبل النجاة في الدارين بعد تحقق التكليف.
، بالاالإسناد عن وهب قال : لما أاهبط آدم عليه السلام الى إلى الاالأرض إاستوحش لفقد أاصوات الملائكة فهبط عليه جبرئيل فقال يا آدم الاالا أاعلمك شيئاً تنتفع به في الدنيا والاالآخرة، قال بلى، قال قل اللهم تمم لي النعمة حتى تهنئني المعيشة، اللهم إاختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي اللهم إاكفني مؤونة الدنيا وكل هول في القيامة حتى تدخلني الجنة في عافية( ).
انإن نزول الملائكة وعدم انإنقطاع صلتهم مع آدم عليه السلام بعد نزوله الى إلى الأالأرض رحمة من الله تعالى إلى لآدم وللناس جميعاً، وهو دليل على قبول توبته وتثبيت لنبوته ودوام تشريفه. وفي تفسير العياشي عن أبي عبدالله الإالامام الصادق عليه السلام : (انإن آدم كانان له في السماء خليل من الملائكة، فلما هبط آدم عليه السلام من السماء الى إلى الآالأرض إاستوحش الملك، وشكى الى إلى الله تعالى إلى وساله انأن يأذن له، فأذن له فهبط عليه فوجده قاعداً في قفرة من الأالأرض، فلما رآه آدم عليه السلام وضع يده على رأسه وصاح صيحة، قال الإالإمام الصادق ابو عبدالله يروون انأنه أسمع عامة الخلق فقال له الملك يا آدم ما أراك إلاالا وقد عصيت ربك وحملت على نفسك ما لا تطيق أتدري ما قال لنا الله فيك فرددنا عليه؟ قال: لا، قال : انأنه جعلك في الأالأرض خليفة، قلنا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ( ) فهو خلقك انأن تكون في الأالأرض أيستقيم انأن تكون في السماء الإأبو عبدالله, والله عزى بها آدم ثلاثاً)، ) ( ).
ويتعلق موضوع الحديثوهذا الحديث قد يتعارض مع القول بأن جنة آدم في الأرض، ولكن السند سند الحديث ضعيف بالاضافة الى نصوص عديدة جاءت بخلافه ثم ان وموضوع الحديثه يتعلق بالعزيمة في إاستقرار آدم في الأالارض وما فيه من المشقة والكد والإالإبتلاء.
ولقد إاتخذ آدم عليه السلام الطير دليلاً بالاالإضافة الى إلى النجم فقد ورد عن الاالإمام جعفر الصادق عليه السلام انأنه قال : كانان الصرد( ) دليل آدم عليه السلام من بلاد سرنديب الى إلى جدة شهراً، وهو أاول طائر صام الى إلى الله تعالىتعالىتعالى .
آدم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم
لقد بلغت الكمالاالات الاالإنسانية نسانية غايتها بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو سيد البشر، جعله الله تعالىتعالى خاتم النبيين وسيد المرسلين ومن صفات الله تعالى إلى الثبوتية انأنه عالم، عالم بكل شيء، يعلم الحوادث والجزئيات قبل حدوثها بعلمه الاالأزلي اذ ان صفاته عين ذاته، وتغير المعلومات لا يعني أابداً تغير ذاته، لانأن التغير في الاالإضافات وهي أامور إاعتبارية لا أاثر لها بالعلم في العلم الذاتي.
ولقد وردت نصوص كثيرة تؤكد إاقرار آدم عليه السلام بمنزلة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم منها ما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انأنه قال : لما أاذنب آدم الذنب الذي أاذنبه رفع رأسه الى إلى السماء، فقال : اسالك أاسأألك بحق محمد الاالا غفرت لي، وأاوحى الله إاليه : ومن محمد؟ قال : تبارك إاسمك لما خلقتني رفعت رأسي الى إلى عرشك فاذا فيه مكتوب لا اله الاالا الله محمد رسول الله، فعلمت انأنه ليس احد عندك أاعظم قدراً ممن جعلت إاسمه مع إاسمك، فأاوحى الله اليه: يا آدم انإنه آاخر النبيين من ذريتك و لولاه ما خلقتك) ( ).
الاالى اناومن وظائف النبوة التبشير بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليتطلع الناس جميعاً لاشراقة الى إلى إاشراقة الاسلامالإسلامالإسلام ويستعدوا للحفاظ على أاحكامه بنصرة سيد الاالنأنبياء وتصديقه، انإنه مدد إالهي سابق للإاسلام في زمانانه وحجة على تلك الاالأجيال.
وفي قوله تعالىتعالىتعالى: [[ إِنَّإن اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ]] ( )الآيةال، قيل ذكر انأنه غاية التشريف وهو أابلغ من تشريف آدم بسجود الملائكة له، ويتصل تفضيل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالآالآخرة حيث الدرجة الرفيعة والمقام الموعود الذي ينعم الله عز وجل به عليه دون غيره .
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة”( )، انإنه غاية إاخبار وبشارة وعنوانان الإإكرام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين عامة اذ يلتقون بعرض واحد مع الأالنأنبياء في الإالنإنضمام للواء الحمد والنبوة.
ولعل في حديث الإالإسراء والتقاء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالأالنأنبياء الذين سبقوه مناسبة لتجديد ميثاق الأالنأنبياء وعهدهم للإقرار بتقدمه في منازل العز والفخر ومراتب السمو.
كذلك لقد كانانت أفضلية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الاالنأنبياء مطلقاً وآدم عليه السلام خاصة في باب المعجزة معروفة وظاهرة وذلك لبيانلتكون بياناناً لدوام الاالإكرام وتمام الحجة، ففي الخرايج عن موسى بن جعفر عن آبائه عليه السلام انأن يهودياً سأأل الإمام علاي عليه السلام عن معجزة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مقابل معجزات الاالنأنبياء فقال : هذا آدم أاسجد الله له ملائكته فهل فعل بمحمد شيئاً مثل هذا؟ فقال علي عليه السلام : لقد كانان ذلك ولكن أاسجد الله لآدم ملائكته لم يكن سجود طاعة، أو انأنهم عبدوا آدم من دون الله عز وجل، ولكن إاعترافاً لآدم بالفضيلة ورحمة من الله له، ومحمد عليه السلام أعطي ما هو أافضل من هذا، انإن الله جل جلاله صلى عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبّد المؤمنين بالصلاة عليه فهذا زيادة له يا يهودي) ي( ).
لقد أاجمع المسلمون على أفضلية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على آدم، وفي القرآنآن والسنة شواهد كثيرة ومصاديق تؤكد سيادته وتقدمه رتبة في درجات النبوة والرسالة .
وآدم عليه السلام الذي جعله الله عز وجل خليفة في الاالأرض، إاتخذ له خاتماً. وكانان نقشه لا إاله الاالا الله محمد رسول الله، وهذا الخاتم هبط معه من الجنة الاوفيه دلالاالات منها انأن أابا البشر يدعو لسيد النبيين ويبشر برسالته، ويجعل موضوعها زينة له ووساماً، قال تعالى الى[[ مَا كَانَان مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ]] ( ).
الإعليه السلام اناالأانعليه السلام االأاعليه السلام ااعليه السلام الأوستبقى بعثته نعمة تكوينية وتشريعية تتغشى الناس جميعا وتدعوهم للهدى , فهو الطريق الى إلى الجنة والرافد المبارك لدوام الحياة على الأالأرض، وهو الإالإفاضة السماوية التي ينتفع منها كل انإنسانان وانإن لم يقر بالنبوة، بها تتصل النعم وتدوم الحياة ومصداق هذا من قوله تعالى الى[[وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِالإننسَ إِلاَّالا لِيَعْبُدُونِ ]] ( ) والعبادة وليس من مصداق للعبادة بعد البعثة النبوية لا تصدق الاالا بالتقيد بأاحكام وسنن الإسلامالإسلامالإسلام المحشر، قال الله تعالى[وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ]( ).
فلسفة النبوة
الحمد لله الذي برأ النسم وتفضل علينا بإتصال النعم وأثار فينا لفهم القرآنالقرآن الهمم، لنتخذه طريقاً للأمان والعصم، والصلاة والسلام على محمد رسوله الكريم الذي إختاره من بين العباد وجعله شفيعاً لنا يوم المعاد، وعلى أهل بيته وصحبه ذوي الصواب والسداد.
لابد من إنحلال هذا البحث إلى موضوعين عام يتعلق بالنبوة والأنبياء مطلقاً، وخاص يتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونبوته، وما تمتاز به في دراسة مقارنة بينها وبين النبوات الأخرى بل وفضلها ونفعها للنبوات والأنبياء الآخرين.
ولغة سمي النبي نبياً لأنه أنبأ عن الله تعالىتعالى أي أخبر وهو فعيل بمعنى مفعل، وقيل من النبوة والنباوة وهو الموضع المرتفع من الأرض لإرتفاع النبي بشريعته، وتشريفه بالنبوة على سائر الخلق، وأن أصله غير مهمز.
وفي الإصطلاح النبي هو الإنسان الذي إختاره الله عز وجل للإخبار عنه من غير واسطة إنسان آخر وبقولنا الذي إختاره الله أي أنه نال النبوة بمشيئة الله عز وجل وإرادته وليس من فعل غيره، وبتقييده بالاخبار عنه، أي بالاخبار عن الله عز وجل وليس عن غيره، وأن النبي لا يتكلم عن نفسه [وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الهَوَى * أن هُوَ الا وَحْيٌ يُوحَى]( ).
وقد إجتمعت الخصائص المباركة للنبوة والرسالة كلها بشخص النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبأرقى معانيها ومضامينها فهو مجمع الكمالات الإنسانية وأشرف المخلوقات، وعز الإسلام والكمال الذي تتباهى به الملائكة في عبوديته وجهاده وتبليغ الرسالة.
لماذا النبوة وما هي وظائفها في الأرض، لابد من دراسة الغايات الأساسية، لوجود الإنسان على الأرض, قال تعالىتعالى [ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالأنسَ الا لِيَعْبُدُونِ ]( ).
والنبوة نعمة وفيها بعث لحياة الإيمان ودوام العبودية وحسن الإمتثال للأوامر الالهية، والعبادة حاجة ومنفعة للناس وليس لله عز وجل، إن واجب الوجود غير محتاج والحاجة ملازمة للإمكان، وقد تكون منافع عبادة الجن والناس تتعداهم إلى الملائكة وغيرهم من خلق الله اذ يرون عبادة المؤمنين وحسن إمتثالهم للأوامر الالهية، يرون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في سعيه الحثيث لتبليغ الرسالة وتسابق أصحابه إلى القتل وإختيار الشهادة لما بينّه الإسلام من فلسفتها، إن الموت ليس أمراً عدمياً بل هو مناسبة للإنتقال إلى عالم الخلود وأن الدنيا مزرعة للآخرة , قال تعالى [خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً] ( )
ويدل عليه الوجدان وقصر أيام الإنسان في الحياة الدنيا بعد طموحه وسعة أمله، والموت قريب منه يهدده كل لحظة.
والنبوة نوع طريقية إلى العبادة وإرشاد الناس لمصالحهم وأحوال معايشهم وحفظ النوع الإنساني ومنع الأضرار والظلم بينهم، لذا ترى الأنبياء جميعاً يشتركون في نبذ الظلم، ويتبعون الشرع الذي يجري وفق أسس الصلاح والنفع العام.
وبالنسبة لأحوال الآخرة فإن النبوة تهدي الناس إلى الحق وتدلهم على الأعمال الصالحة وسبيل الجنة، ويقر المليون بالنبوة ولا عبرة بمن أنكرها كالبراهمة , وهم قبيلة تنتسب إلى برهم أحد حكماء الهند القدامى، ولهم علامة ينفردون بها وهي خيوط ملونة بحمرة وصفرة يتقلدونها تقلد السيوف وهم يقولون بالتوحيد الا أنهم ينكرون النبوات.
وقالوا لما صح أن الله حكيم وكان من بعث رسولاً وما يدري أنه لا يصدق، فلا شك أنه متعنت عابث فوجب نفي بعث الرسل لنفي العبث والتعنت عنه تعالىتعالى ، وقالوا إذا كانت الغاية من بعث الرسل هداية الناس فقد كان أولى في حكمته وأوثق أن يضطر العقول إلى الهداية والإيمان
وبعثة الأنبياء عندهم ليس من الممكن بل ممتنعة في ذاتها ، ولكن النبوة من حكمة الله تعالىتعالى , وهي رحمة للناس وحاجة لهم وهي رأفة بالبراهمة وشبههم أيضاً لو إنتفعوا منها في الدنيا ولم يضيعوها بدعوى أثبت الواقع خلافها.
وإجتهد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعوة الناس للإسلام وجاء بالمعجزات التي تدل على صدق النبوة والحاجة اليها لإصلاح النفوس، وتجنيب الإسلام شر الكفار، والنبوة رحمة لهم بما أثبته الواقع والوجدان .
سُئل الإمام الصادق عن الدليل على البعثة فقال : “لما أثبتنا أن لنا خالقاً متعالياً عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيماً لا يشاهده خلقه، فلا يلامسهم ولا يلامسونه، ولا يباشرهم ولا يباشرونه، ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم، وهم الأنبياء الصفوة من الخلق”.
ومن الصفات التي تعتبر مؤهلات للنبوة وجوه :
الأول : العصمة من الزلل والمعصية لأن القلوب لا تنجذب إلى صاحب المعصية.
الثاني : أن يكون أفضل أهل زمانه بجميع الفضائل والمحاسن والكمالات لعدم تقديم المفضول على الفاضل في باب الوحي والإمامة العامة .
الثالث : أن يكون أميناً، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمى “الصادق الأمين”.
الرابع : أن يكون شجاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم، ونحوها من الأخلاق والصفات الحميدة.
لم تبدأ النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بل هي ملازمة للإنسان في وجوده في الأرض، فقد تفضل الله سبحانه وجعل آدم أبا البشر نبياً إكراماً لبني الإنسان ولكي لا تنقطع حجته على الأرض إبتداءً وبقاءً , ويتجلى قانون إتصال الحجة في الأرض بسلامة القرآن من التحريف إلى يوم القيامة , قال تعالى [لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ] ( ), وقال تعالى [مَا نُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ]( ).
وفي نبوة آدم توكيد على عدم ترك الناس بلا نبي، فإن كانت هناك فترات بين الأنبياء فبسبب وجود بقية وتركة من الأنبياء السابقين وما يتفرع عنها، ولا بشر قبل آدم فاقتضت الحكمة كون آدم نبياً وأن يُبشر بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بعده لأنه سيد الأنبياء، وتدل عليه جملة من النصوص، وأن النبوة الأن موجودة عندنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وبما جاء به.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “كنت نبياً وآدم بين والماء الطين( )”، وأن آدم لما أذنب سال الله بحق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
نعم جاءت فترات من الرسل أي أيام من السكون والانقطاع كما في قوله تعالىتعالى [ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ ]( ) تتخلل بعثة الأنبياء تكون الأرض خالية واقعاً من أشخاص الانبياء من غير أن تخلو من أتباع الأنبياء وأهل الصلاح، الذين يحملون وصية الأنبياء بلزوم إتباع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وقد يكون أحياناً عدة أنبياء في فترة واحدة.
وجاء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل فبين بعثة عيسى عليه السلام وبعثته نحو ستمائة عام ، فكانت نبوته حاجة للناس بعد الحادهم وجحودهم، وتلك آية في كرامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظيم منزلته في سلم النبوة , ومراتب الفضل بتحمله مسؤولية قيادة أمم الأرض في منازل التوحيد وسبل النجاة وبلوغ المقاصد السامية في السعادة الأخروية.
لقد ظهر أن الديانات القديمة لا تمتلك مقومات القيادة الدائمة للإنسانية ومعاشر الأمم نحو الصلاح والجنة، وهو من مفاهيم قوله تعالىتعالى [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ الا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ ]( )، تلك الآية التي يمكن أن نتلمس منها منافع نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم للإنسانية جميعاً، لمن آمن به ومن حاربه وعاداه, وللأجيال من أبنائهم لأن الإسلام ديانة وعقيدة متكاملة وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحمل أعظم المسؤوليات ونزل عليه جبرئيل على نحو متصل, قال تعالى [اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا] ( )
وبالنسبة للأديان الأخرى السابقة، فمن الأنبياء من أخبر عنه بعض أصحابه وأتباعه ولم يستوف بعد تمام رسالته وحاربه السلطان أو وكيل السلطان، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الحاكم لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى الا وقد تولى المسلمون الحكم في الأرض من بعده وبإتساع في رقعة حكمهم وسلطان شريعتهم ودخول الأمم الأخرى في الإسلام، حتى أن الشعوب التي أسلمت تفتخر وتعتز وتجاهد من أجل إسلامها والذب عن عقيدتها.
وحارب اليهود المسيحية، وجاء الإسلام ليجعلها بعرض واحد مع اليهودية من حيث المعاملة والإعتبار كأهل كتاب، فلقد فرض عليهم الجزية دون غيرهم، والجزية إكرام لأهل الكتاب وتثبيت لشريعتهم وإذن سماوي لهم بالبقاء على ديانتهم، وصاروا في ذمة الإسلام والمسلمين.
ولابد من مدرسة كلامية جديدة تبين فضل الإسلام على الملل، ومنافع نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآنالقرآن على الأديان الأخرى وعامة الناس، ليكون عندنا باب في إعجاز القرآنالقرآن هو أثره على الديانات والكتب السماوية الأخرى.
من إعجاز القرآنالقرآن الغيري ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيتها، وهو مدرسة عقائدية ولا يمنع أن يبحث مستقلاً ومتداخلاً معه أثر نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشخص الرسول في تبليغ آيات القرآنالقرآن وتثبيت أحكامه.
لقد كانت آيات الأنبياء السابقين حسية في الغالب كما في عصا موسى وناقة صالح، ومعجزة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عقلية بل عقلية حسية، مما يؤكد أهلية المسلمين لحمل الرسالة وحفظها ووعي وجوهها العقلية، أي أنهم مؤهلون للتصديق بالآيات العقلية، ومن بركاتها أن الدوام كُتب لها، وكانت ضياءً للإيمان والة لحفظ الأديان الأخرى.
“ومرة خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غار حراء فناداه جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وجعلت أصرف وجهي عنه في أفق السماء فلا أنظر في ناحية فيها الا رأيته كذلك” ويدل الكلام على أنه في عالم اليقظة وليس الرؤيا والمنام، وهو آية إعجازية في علوم الوحي والنبوة.
لتبدأ رحلة النبوة المباركة التي تتغشانا بالرحمة بل والفخر والإعتزاز لأن أنوارها تملأ الأكوان، وتطل على النفوس لينهل الناس جميعاً منها كل حسب مشربه.
لابد أن تتم الرسالة وهذا أوانها وأنت صاحبها وليس غيرك، أنت الذي ينزل على صدرك القرآنالقرآن وتتحمل المسؤولية العظمى، بك سيبقى القرآنالقرآن محفوظاً ومعمولاً بأحكامه في الأرض، وكذلك قضى الله وجرت مشيئته أن ينبعث نور النبوة من جديد مشرقاً على عموم الأرض، منطلقاً من هضاب مكة وأوديتها ليعلن رسوخه ونفاذ أحكامه وإمتلاء النفوس رضا بشريعته, قال تعالى [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحافظون] ( ) ,وفي موضوع تعلق الحفظ الالهي في الآية قولان :
الأول : وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه, حكاه ابن جرير( ).
الثاني : إنا للقرآن حافظون.
والصحيح هو الثاني, وهو المتبادر إلى الأذهان , وفيه تشريف وإكرام للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن, ورحمة بالمسلمين, وهو من الإعجاز الغيري للقرآن أن آياته محفوظة بأمر ومشيئة متصلة ومستديمة من الله عز وجل, فكما يحفظ الله عز وجل السموات والأرض, قال تعالى [وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ] ( ), يحفظ الله عز وجل القرآن لمنع حصول الفناء بالإقتتال بين الناس وقد جاءت الآيات بحفظ الله عز وجل للنبي وصرف الكيد والمكر عنه, وعن أبي سعيد الخدري قال : كان العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن يحرسه ، فلما نزلت {والله يعصمك من الناس}( ) ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحرس( ).
ومن العلماء من أحصى للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المعجزات ما لم يكن لأحد من الأنبياء، وقد بلغت أربعة الآف وأربعمائة وأربعين معجزة، وأنها تنقسم إلى أربعة أنواع :
والنوع الأول : كان قبل ميلاده.
الثاني : بعد ميلاده.
الثالث : بعد بعثته الشريفة .
الرابع : بعد إنتقاله إلى الرفيق الأعلى .
وهو إحصاء لطيف ويمكن أن يكون التقسيم وتعدد الأنواع أكثر وأبين بتقسيم إستقرائي أكثر تفصيلاً، مع إضافة نوع وهو المعجزات عند ميلاده وما رافقه من آيات إعجازية وتعدد أبوابها وموضوعاتها .
ومن وجوه الإعجاز في نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
الأول : ما يتعلق بالتنزيل.
الثاني: في ميادين التشريع.
الثالث: باب القتال والدفاع والغزو.
الرابع: الحكم بين الناس.
الخامس: الإمامة والرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا.
إن يوم ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مناسبة كريمة للتدبر والاتعاظ وإستحضار لزوم الوحدة والأخوة بين المسلمين بعد الإجتماع العبادي في كل سنة مرة بفريضة الحج لتكون شاهداً عملياً على حقيقة الوحدة عبر المناسك المشتركة التي يؤديها جميع الحجاج من غير إختلاف أو تباين.
إنها أرقى حضارة جاءت للبشرية بالشواهد الحسية والعقلية والتكامل في الأحكام والفرائض، بدأت بنزول الوحي وآيات القرآنالقرآن، فعندما نزل جبرئيل بآيات القرآنالقرآن نجوماً تغير وجه الأرض وما عليها، و بدأت مرحلة النبوة المباركة ذات المرتبة العليا في سلم الرسالات، والمتضمنة للسنن والشرائع لتشق طريقها سريعاً إلى قلوب الصالحين، ويقيض الله عز وجل لها جنوداً مهاجرين وأنصاراً، وكان جبرئيل يقول سلام عليك يا محمد، أنت صاحب لواء التوحيد، قال تعالى[وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ]( ).
وبالبعثة النبوية إنفتحت أبواب من الرحمة على أهل الأرض وحق القول على المشركين والكافرين، ثلاث وعشرون سنة في الدنيا مدة البعثة لا تُعد كثيرة فهي بالذات والقياس الزماني قاصرة عن تحقيق الأماني الشخصية المحدودة، ولكنها بآية من الله تعالىتعالى رسخّت أعظم عقيدة في الأرض، ومنها ينبثق القول : “حلال محمد حلال حتى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة”( ).
ومن صفات النبي بالإضافة إلى خصال العصمة ، أن يكون أفضل أهل زمانه بجميع الفضائل والمحاسن والكمالات، والنبوة وحدها موضوع ترجيح وتفضيل بفضل الله تعالىتعالى ، وأن يكون أميناً كي تطمئن القلوب لما يأتي به من عند الله عز وجل .
وأن يكون شجاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم ونحو ذلك من الأخلاق والصفات الحميدة.
لقد إختار الله عز وجل النبي محمداً صلى الله عليه وآله وسلم للنبوة في عالم الذر، أي أن هذا الإختيار يدل في مفهومه على الإعداد وحسن المقدمات، فلم يتولد من سفاح صعوداً إلى بدايات النكاح والزواج، ومن أيام آدم عليه السلام.
ومن إعجاز القرآنالقرآن الغيري ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيتها، وهو مدرسة عقائدية ولا يمنع أن يبحث مستقلاً ومعه أثر نبوته، وشخص الرسول في تبليغ آيات القرآنالقرآن وتثبيت أحكامه للتداخل والمفاعلة وتبادل التأثير بينهما.
وتخاطب معجزة محمد صلى الله عليه وآله وسلم العقول, وفيه دلالة على أهلية المسلمين على تحمل الرسالة وحفظها بعد وعي وجوهها العقلية، أي أنهم مؤهلون للتصديق بالآيات العقلية، وكان من بركاتها أن كتب لها الدوام وصارت ضياء للإيمان والة لحفظ الأديان الأخرى.
ولا ينكر فضل الأنبياء الآخرين في التمهيد والتبشير بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكن في الديانات السماوية الأخرى شر بل هي خير محض، إنما جاء التحريف بالعرض ولا يلحق بالديانات.
لقد أكرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأنبياء من قبله في قوله وفعله، وجاء القرآنالقرآن بالإيمان بهم جميعاً على نحو العموم الإستغراقي والمجموعي.
ومما أجمع عليه المسلمون أن السنة النبوية هي المصدر الثاني لتفسير القرآنالقرآن مما يدل على عظيم منزلتها في التشريع الإسلامي وتأريخ الأمة العقائدي والأخلاقي والسياسي، ويترشح عنه بالضرورة لزوم إتفاق المسلمين، ولو على نحو الإجمال في كثير من مواضيعها.
قال تعالىتعالى [ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الهَوَى * أن هُوَ الا وَحْيٌ يُوحَى]( ) , وفيه شهادة وتوثيق سماوي للسنة النبوية القولية , وعن عائشة لما سالها هشام بن حكيم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت :”كان خلقه القرآنالقرآن”( ).
أي أن سيرته وعمله مستوحى من القرآنالقرآن وترجمة عملية لآيات القرآنالقرآن، وهذا يؤكد علم وقانون وهو إرجاع السنة إلى القرآنالقرآن.
وفي خبر أبي الجارود عن الإمام الباقر قال: إذا حدثتكم بشيء فاسالوني عن كتاب الله ثم قال في حديثه: “نهى الله عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال، فقالوا له أين ذلك في كتاب الله يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال تعالىتعالى [ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْــوَاهُمْ الا مَنْ أَمَرَ بِصَــدَقَةٍ أَوْ مَعْــرُوفٍ أَوْ إِصْـــلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ]( ) وقال ايضاً [ وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمْ التِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ]( ) وقال [ لاَ تَسْالوا عَنْ أَشْيَاءَ أن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ] ( ).
لقد أدّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيته وأصحابه على اللجوء إلى القرآنالقرآن وإعتماده في القول والعمل كيف لا، وفيه تبيان كل شيء، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” الا وإني قد أوتيت الكتاب ومثله معه الا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه”( ) .
أنه صلى الله عليه وآله وسلم يحذر وينهى عن الإعراض عن السنة، ويدعو للأخذ منها وإعتبارها.
وقد أمر الله تعالىتعالى بالصلاة وجاء الأمر في القرآنالقرآن وبينت السنة أوقاتها وعدد فرائضها وركعاتها وأحكامها، قال صلى الله عليه وآله وسلم: “صلوا كما رأيتموني اصلي”( ).
وورد وجوب الحج في القرآنالقرآن مع بيان المناسك وتفصيلها لمنع الإختلاف والفرقة والخصومة, ولتثبيت أعمال الحج وترتيبها إلى يوم القيامة بالقرآنالقرآن والسنة النبوية المباركة وتوارث المسلمين لها بالسيرة القطعية ، كما قيد المطلق وخصص العام، وقال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خذوا عني مناسككم)( ).
ويبين قوله تعالىتعالى[قُلْ أنمَا أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى اليَّ أنمَا الهُكُمْ الهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كان يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا]( )، لقاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الناس بأنه مخلوق وبشر مثلهم ليس بملك، ولكنه إمتاز عنهم بإختياره للنبوة والتبليغ.
وفيها تأديب للمسلمين ومنع تأليه مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان يقول لأصحابه لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد الله) ( )، لذا لم يثن عليه المسلمون الا بما هو حق.
ولكنه خشي الإفتتان وهو رحمة المنان وأظهر التواضع والعرفان، وهذا ما تدل عليه السيرة والوجدان وبقي سلوكاً لعامة المسلمين على مر الأزمان، يقبل دعوة المسكين ويعود المريض ويداعب الأطفال وينشر شآبيب الأمان، ويقوم بحاجة الفقير والضعيف، آثر الفقر والمشقة والجهد على السلطان لتكون حياته مصداقاً، وشاهداً يومياً على صدق نبوته،
وتجلت علوم التحقيق في علم الرجال والدراية , وفيه وجوه:
الأول : ظهور وإعتبار إسقاط الأحاديث الموضوعة من كتب المسلمين المعتبرة .
الثاني : إجتهاد العلماء في تنقيح الويمكن القول أن باب التفسير أعم من أحكام الفقه وأنه يمكن التسامح فيما يخص المواعظ والقصص ونحوها وهذا صحيح، ولا يتعارض مع علم الرجال بنظر الإعتبار ولو على الموجبة الجزئية، وبيان نوع الحديث وهل هو من الصحيح أو الحسن او الموثق او الضعيف.
الثالث : صيرورة علم الرجال معتبراً في علم التفسير , فالأحاديث الواردة في أبواب الفقه تحقق رجالياً تحقيقاً وثائقياً ووافياً , أما في باب التفسير فإنها تذكر إجمالا في الغالب من غير إشارة إلى صحتها او ضعفها، وحتى الذي لا يقول بجبر المشهور للحديث الضعيف السند ولا يعمل بقاعدة التسامح في أدلة السنن تراه في باب التفسير يتسامح في القواعد الرجالية .
وهناك قولان :
الأول : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّن جميع ما في القرآنالقرآن من معاني والفاظ، ومن القائلين به ابن تيمية، ومما إستدلوا به أن الصحابة إذا تعلموا بعض آيات من القرآنالقرآن القرآن.
عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا)( )
الثاني : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يبين الا الشيء اليسير ولم يفسر الا آيات قليلة ومما إستدلوا به حديث عائشة أنها قالت: “ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفسر شيئاً من القرآنالقرآن الا آيات لقد علمه إياهن جبرئيل”( )، ويحمل الحديث على التفسير بالمعنى الأخص.
ويمكن الجمع بينهما أنه لا إفراط ولا تفريط بل منزلة بين المنزلتين، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع القواعد الكلية والمنهجية السليمة والضوابط الصحيحة لعلم التفسير والتأويل بالمصاديق وبيان تفسير جملة من الآيات والتي يصلح أن تكون قواعد كلية في علم التفسير.
لقد شاء الله عز وجل حفظ المؤمنين وتعاهد أجيالهم مقدمة لظهور النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليكونوا مادة الدعوة الإسلامية وموضوعها الذي به وفيه تترشح وتنتشر بركات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم متقدمة على زمانه لا تنحصر بما بعد ولادته وبعثته صلى الله عليه وآله وسلم بل كانت البشارات بنبوته عنوان عز وفخر للمؤمنين المتقدمين منهم والمتأخرين وسبباً لبعث الهيبة لهم في نفوس السلاطين والملوك، ولعلها تقف وراء عدم تجرأهم على غزو الجزيرة وأرض الحرمين، لتهيئة المقدمات والتوطئة لبعثته صلى الله عليه وآله وسلم.
فلسفة كلام الله في الأرض
لم تكن الأرض مكاناً لخلق آدم فإنه خلق ونفخت فيه الروح في الجنة كما هو صريح الآيات القرآنالقرآنية، (وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض)( ).
ولم يهبط إلى الأرض الا بعد أن أكل من الشجرة التي نهي عن الإقتراب والأكل منها، وفي جعل الجنة موضعاً لخلق من يسكن في الأرض نوع تشريف للأرض وللإنسان معاً، فإكرام الإنسان لم يبدأ بنفخ الروح فيه بل من حين تكوينه وخلقه، ولم تنحصر تلك النعمة بالخلق بل تغشت حال السكن والإقامة وإن أصبحت غير دائمة.
قال تعالىتعالى [وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالمِينَ]( ).
وتدل هذه الآية على ما لآدم من المنزلة الرفيعة ليس فقط لشخصه وسيرته فهو نبي، ولكن بخلقه وتفضل الله تعالىتعالى بإنزاله من الجنة مع سعة في العيش وهو أيضاً نوع إكرام إضافي يتصف بالاتصال والدوام، وحق الإختيار في الأكل والمكان آية ولطف من الله تعالىتعالى .
والظاهر أن قوله تعالىتعالى [ اسْكُنْ أنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ ]( ) أمر إباحة، وموضوع خال من المشقة والتكليف، وفسر الإقتراب هنا بالأكل، والقرب ضد البعد , في الزمان أو المكان أو المنزلة أو النسبة تعالى.
ولا يمنع من حمل الآية على الدنو منها بإعتبار أن الإقتراب مقدمة عقلية للأكل، أو أن الإقتراب يسهل الإفتتان ويزيل الحواجز النفسية عن الأكل ويهيئ لإبليس فرصة للإغواء والإغراء.
ويجد المتتبع للآيات والنصوص أن الإنسان يمتلك واقية وحرزاً حينما يكون مبتعداً عن الشبهات ومواطن الشك ومظان التهمة، وعندما يكون قريباً منها ينشط حينئذ الشيطأنشيطان بمعاونة النفس الأمارة بالسوء.
وأختلف في الشجرة التي أكل منها آدم على أكثر من ثمانية أقوال، ولغير المسلمين فيها قول أيضاً، وهل كان النهي تحريمياً او تنزيهياً وصلة ذلك بعصمة الأنبياء.
إن أكل آدم من الشجرة أمر لم يتم الا بعلم الله تعالىتعالى ومشيئته وهو قادر عالم مريد , وفي التنزيل [وَمَا تَشَاءُونَ الاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ] ( )، عالم بما يشتمله الفعل من المصلحة الداعية إلى إيجاده، وبما يخصص قوله في وقت دون آخر وعلمه تعالىتعالى حضوري ذاتي.
والعلم الحضوري هو ما لا يتوقف على آلة، وهو حضور الأشياء عند العالم وجعلوا من العلم الحضوري علمنا بوجودنا بإعتبار أنه لا يستدعي صورة المستدعى و العلم الحصولي وهو الذي يتوقف على آلة وحصول صور الأشياء في القوى المدركة.
ولكن نحن بحاجة إلى تقسيم للعلم ينفرد في فرع منه علم الله تعالىتعالى ، فهو تعالىتعالى ينفرد بعلمه بجميع الجواهر والأعراض وحضور الموجود والمعدوم منها عنده سبحانه، أي كل موجود سوى الله من الممكنات وما يطلق عليه العالم.
وهي ظاهرة عنده تعالىتعالى وعلمه قديم لا يتصف بكونه ضرورياً ولا كسبياً، والعلوم المحدثة هي علوم الخلق من الناس والبهائم والملائكة والجن وغيرهم من الحيوانات ومع أن علمه تعالىتعالى لم يكن عن حس ولا عن فكر ونظر فإن الأشياء جميعها حاضرة عنده غير غائبة عنه.
تعالىولم يحل الله سبحانه بين آدم وزوجته وبين الأكل من الشجرة بالجبر والقدرة لذلك لا يعني اكلهما منها أن مشيئتهما غلبت مشيئته تعالىتعالى لأنه لا يوصف بالعجز، ولكنه سبحانه منعهما بالنهي والزجر ضمن باب التكليف ومسؤولية ما رزقهما من العقل والتمييز، ولإقامة الحجة في فتح باب الإبتلاء لتكون الحياة الدنيا طريقاً إلى الجنة والخلود فيها.
وغادر آدم الجنة نازلاً إلى الأرض، وظاهر الآيات القرآنالقرآنية يبين أن ذلك النزول كان عقوبة ولكنه يدل على أن آدم لم يخلق الا ليكون خليفة في الأرض، وأنها موضعه ولا تصلح الا له، والعيش في الأرض بالطاعة خير له من البقاء في الجنة مع الخطيئة، أي أن المشاق مع التكاليف ذات عاقبة كريمة، والملائكة بقوا يتنعمون بالجنة لأنهم لم يخطئوا ولكنهم أيضاً ليس عندهم ما عند الإنسان من أسباب التكليف،وما فيه من الخصوصية والصراع بين العقل والشهوة فللتكليف ثمرات أخروية عظيمة قد لا ينالها الملائكة أنفسهم.
من هذا يمكن القول أن التكليف لطف فالله تعالىتعالى حينما كلف الناس أعد للمطيعين منهم الثواب الجزيل، وآدم من أئمة وسادة أهل الطاعة فهو نبي.
لقد كان هبوط آدم إلى الأرض بداية التكليف ليس الشخصي بل التكليف النوعي والذي يكون على نحو العموم الإستغراقي، ومن وجوه التكليف وجود إبليس قاعداً لهم على الصراط.
فهل كان الهبوط بداية صلة آدم بالأرض، الجواب: لا، فآدم خلق من أديم الأرض وعليه الآيات والنصوص المتواترة التي تؤكد خلقه من الأرض.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها , فقالت الأرض : أعوذ بالله منك أن تنقص مني ، فرجع ولم يأخذ شيئاً وقال : يا رب إنها أعاذت بك فأعذتها . فبعث الله ميكائيل كذلك . فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة حمراء ، وبيضاء ، وسوداء فلذلك خرج بنو آدم مختلفين فصعد به ، فبل التراب حتى صار طيناً { لازباً } واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة : إني خالق بشراً من طين ، فخلقه الله بيده لئلا يتكبر عليه إبليس ، فخلقه بشراً سوياً ، فكان جسداً من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة ، فمرت به الملائكة ، ففزعوا منه لما رأوه ، وكان أشدهم منه فزعاً إبليس ، فكان يمر به فيضربه ، فيصوّت الجسد كما يصوّت الفخار يكون له صلصلة فيقول : لأمر ما خلقت! ويدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول للملائكة : لا ترهبوا منه فإن ربكم صمد وهذا أجوف ، لئن سلطت عليه لأهلكنه .
فلما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل في رأسه عطس فقالت الملائكة : الحمد لله فقال : الحمد لله فقال الله له : يرحمك ربك . فلما دخلت الروح في عنقه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخلت إلى جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ إلى رجليه عجلاً إلى ثمار الجنة . وذلك قوله تعالى { خلق الإِنسان من عجل }( )
وتظهر الرواية عزم ملك الموت على إنجاز ما أمره الله تعالىتعالى به وإعطاءه الأولوية، ولكن ذلك لا يعني قصور الملائكة الذين رجعوا بسبب إستعاذة الأرض، وورد في الرواية أن أمر الله تعالىتعالى لملك الموت كان على وجه الحتم أي أن أمر الله تعالىتعالى إلى من تقدمه من الملائكة لم يكن على وجه الحتم والوجوب .
وفي اسم آدم وإشتقاقه وجوه :
الأول : إنه من صفات الارض وأنه خلق من أدمة الأرض ولونها، وعن الإمام الصادق قال : “سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن آدم لم سمي آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض واديمها”.
الثاني : إنه من الأدم بمعنى الالفة والإتفاق( ).
الأول : أنه اسم سرياني أصله آدام.
الثاني : قال الجواليقي: أسماء الأنبياء كلها أعجمية الا أربعة آدم وصالح وشعيب ومحمد.
ولا مانع من إجتماع عدة أسباب وعلل في تسمية آدم ومنها ما يتعلق بالأرض فوجود آدم في الأرض عودة الفرع إلى الأصل ولكن بإضافة تشريفية وهي النفخ فيه من روح الله تعالىتعالى ، ولم يكن خلق آدم بعيداً زماناً عن خلق الأرض، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الله خلق الأرض يوم الأحد والإثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق الشجر والماء والعمران والخراب يوم الأربعاء فتلك أربعة أيام، وخلق الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة الشمس والقمر والنجوم والملائكة وآدم.
وتشريف الله لآدم والنفخ فيه من روحه تعالىتعالى ملازم لكلام الله معه وذكر الطبري أنه كان مما أنزل الله تعالىتعالى على آدم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير.
ويتضمن هذا الخبر بغض النظر عن سنده تشريفاً مركباً لآدم أن آدم خلق يوم الجمعة، وأنه أفرد بالذكر من بين المخلوقات والا فإن كثيراً من المخلوقات لم يرد ذكرها في الحديث.
قال تعالىتعالى [وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ]( )، والخطاب وإن كان موجهاً إلى آدم وحواء وإبليس فإنه بيان وتبليغ بواسطته إلى ولد آدم جميعاً لذا نقول بأن الناس أكثر من بني آدم بإضافة آدم وحواء.
وورد عن الإمام الصادق أن الله تبارك وتعالىتعالى لما أهبط آدم أمره بالحرث والزرع وطرح عليه غرساً من غروس الجنة فاعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان وغرسها لتكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها).
وتلك مقدمة عقلية وحاجة غريزية لينشغل الإنسان في عبادة الله تعالىتعالى، ولتكون مناسبة للشكر والتدبر في أصل الخلق والتكوين , وحسن الإبتلاء.
وهذا وجه من وجوه عناء آدم وفقره في عالم الأرض وحاجته إلى التدبير والسعي والتأمل بضعف الإنسان وعجزه وقصر مدته في الأرض، ولكي يكون هذا الإحساس مقدمة ومناسبة وفرصة لذكر الله تعالىتعالى .
إن وجود كتاب الله في الأرض هو الأمانة العظمى والتكليف فيها على نحو العموم الإستغراقي والمجموعي وخطاب عام ينحل بعدد أهل الأرض وهو موضوع للإكرام في الآخرة والنجاة من العذاب بحفظ هذه الأمانة وصيانتها وتعاهدها بالالتزام بما جاء به القرآنالقرآن من الأحكام.
سفر الدعاء في القرآنالقرآن
والسفر هو الكتاب وقيل هو الكتاب الكبير والجمع أسفار ويرد الدعاء بمعنى الإستغاثة وقد يكون عبادة، والدعاء كتاب وعلم لا يحيط بموضوعه مجلد وبحث،من وجوه:
الأول: كثرة أبواب الدعاء.
الثاني: ما يتفرع عنه من المسائل.
الثالث: ما يلحق به.
الرابع: ما يترتب عليه.
الخامس: ما يترشح عن تركه من الأضرار.
السادس: وفي حديث عرفة: “أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير) ( )، لأن التهليل والتحميد ذكر لله عز وجل وهو بمنزلة الدعاء وفيه ثواب الله تعالىتعالى .
السابع: والذكر وقراءة القرآنالقرآن باب لقضاء الحوائج وإن لم يسألها العبد، أي من يشتغل بطاعة الله وذكره يتكفل الله عز وجل حاجته.
قوله تعالىتعالى [وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ]( ) وبداية القرآنالقرآن بقوله تعالىتعالى في سورة الفاتحة [ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ] يعني أن المؤمن يبدأ حياته بالحمد لله لتنتهي في الجنة بالحمد لله ، وأول ما نطق به الإنسان هو كلمة الحمد لله مما يدل على موضوعية الحمد لله في الدعاء، وفي حياة الإنسان.
الثامن: الدعاء الرغبة إلى الله، والتوجه اليه وسؤاله، إنه نوع إنقطاع والتجاء اليه تعالىتعالى فببركة الدعاء تتغشانا أحكام الإسلام، وفي دعاء إبراهيم عليه السلام[ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتكَ ]( ) لتكون سنة لإبراهيم في الدعاء للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين، وحثاً لهم على أن يكون عملهم مرآة لدعاء الأنبياء.
التاسع:الدعاء سؤال المراد من الغير فهو فوق الطلب في الرتبة ورجاء القدرة، وفي الإقتصاد قال: الكلام إذا صدر ممن يفهم مع من يفهم، فيما يفهم وكان فوقه سمي دعاء.
وأختص في الإصطلاح بالتوجه إلى الله تعالىتعالى في السؤال والحاجة اليه تعالىتعالى .
العاشر: لا يتعلق الدعاء بالشخص خاصة بل يشمل غيره ومن بعده ينتفع منه، كذا تحفظ الأعقاب بدعاء الآباء وفعلهم من الصالحات، فمن أراد أن يحفظ في ذريته فليشتغل بالدعاء، فمنافع الدعاء لا تنحصر بالداعي ومن حوله بل يبقى أثره ونفعه يفيض على أبنائه من بعده كما في قوله تعالىتعالى [ وأَمَّا الجِـــدَارُ فَكان لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكان تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكان أَبُوهُمَا صَالحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أن يَبْلُغَا أَشُـــدَّهُمَا وَيَسْـتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ]( ).فقد حفظ الأبناء ومالهم بأحد آبائهم إذ كان يتصف بالصلاح، فالآية تظهر الدعاء كميراث وتركة مباركة وتحرس تركة المال.
الحادي عشر:قوله تعالىتعالى [ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ]( )، حث على الدعاء ولما فيه منفعة الناس وهو سلاح وإنابة إلى الله، فبالدعاء تتخلص النفوس من أدران الرذيلة، وترتقي في مراتب الكمالات الإنسانية.
الثاني عشر: من منافع الدعاء في الآخرة أنه نور وكنز وعمل صالح، ويدل بالدلالة التضمنية على الإقرار بالربوبية والإعتراف بالحاجة والنقص من منازل الرق والعبودية.
الثالث عشر:منزلة الدعاء في حياة الأنبياء فهو السلاح المبارك الذي جعله الله بإيديهم وقريباً منهم، وحينما أمر الله تعالىتعالى المسلمين بدعائه فقد جعلهم ورثة الأنبياء وآتاهم ما آتى الأنبياء من سلاح وهو الدعاء، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوجه بالدعاء في ساعات الشدة ويدعو بالرخاء، وفيه مدرسة أخلاقية وعرفانية وتأديب للمسلمين إنتفعوا منه بالذات وبإتخاذه أسوة.
الرابع عشر : سيبقى الدعاء ذخيرة السماء في الأرض كما نفخ الله عز وجل في آدم من روحه كذلك لم يترك الإنسان مجرداً من صلة ووسيلة قرب إلى الله ، فأمده بالدعاء وحضوره ، فهل من شيء أكثر قوة وحصانة وفتكاً منه.
الخامس عشر: الدعاء في القرآنالقرآن نموذج لمدرسة النبوة ودعوة للإقتداء بالأنبياء والرسل والسير على نهجهم فهو الملاذ والمفزع والملجأ.
لقد أمرنا الله سبحانه أن نأتيه سائلين مضطرين محتاجين ولابد من الإستجابة والرد، وهو سبحانه منزه عن القبيح فإذا وعد وفى.
السادس عشر: أنك تحتاج دعاء غيرك لاسيما الذي ظلمته وأسأت اليه والذي أنعمت اليه، الإمام علي بن الحسين كان يعتق عبيده في شهر رمضان ويطلب منهم أن يقولوا اللهم أعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، وأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، ويقول بعدهم راجياً الإستجابة اللهم آمين رب العالمين، اذهبوا فقد عفوت عنكم واعتقت رقابكم للعفو عني.
السابع عشر: قيل لسفيان الثوري أدع الله فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء( ).
ويذكر هذا القول من غير تحقيق وتعليق ، فلذا نقف عنده ونقول هذا خلف، ترك الذنوب وإن كان أمراً وجودياً حسناً لما فيه من القصد والعزم ولكنه غير الدعاء، فإن موضوع الدعاء مختلف فهو نوع عبادة ومصاديق العبادة متعددة، فترك الذنوب إحتراز وإمتناع ذاتي، أما الدعاء فهو إتصال إختياري بالباري عز وجل من غير واسطة أو فاصل زماني. لقد أمر الله العباد بدعائه, قال تعالى[ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً]( ).
ومن الآيات في الدعاء هتا أنه خلاف للنواميس فلا ينقطع حتى بعد مغادرة الإنسان للدنيا مع أن الآخرة دار حساب بلا عمل، ولا تعارض بينهما لأن دعاء الكافرين حينئذ لا يسمع وهم حينما عرفوا هذه الحقيقة ويأسوا من الإستجابة ضجوا وتوسلوا لعدم وجود رصيد في الدعاء لهم في الدنيا [قَالوا فَادْعُوا وَمَا دُعَـــاءُ الكَافِرِينَ الا فِي ضَـــلال]( )، وإحتاج أهل النار الواسطة، وقال الذين في النار لخزنة جهنم [ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنْ العَذَابِ]( ).
الثامن عشر:الدعاء سفر روحي يصعد بالعبد إلى عالم الملكوت فهو عالم خاص له قواعده وآدابه وأحكامه، وللدعاء آداب: المدحة ثم الثناء ثم الإقرار بالذنب ثم المسالة.
التاسع عشر : ولا تعارض بين ما يستحدث بسبب الدعاء وبين القاعدة الكونية أن الله جعل الأشياء بأسبابها، فالدعاء سبب ملكوتي يمحو الله بسببه ما يشاء وهو يمتلك مقومات السببية على نحو الإستقلال كما أنه سعي وقول وعمل.
العشرون:الإنتفاع من الغير وغبطته لا حسده والدعاء بالأكثر[هُنَالكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَال رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ]( )، ويمكن الإستدلال بها بأن طريق المسلمين هو الإنتفاع الأشمل والأكثر من دعاء الأنبياء فقد كان في قصصهم عبرة وموعظة، الدعاء يفوق ويتعدى بإفاضاته القواعد والنواميس المحسوسة والمقدرة من قبل البشر.
لقد إنتفع زكريا من المناسبة وإتخاذها فرصة للزيادة، واللام حرف يفيد البعد، لذا قيل بأن هنالك تستعمل للمكان خاصة وتسمى الكاف كاف الخطاب ويحتمل أن يكون مكاناً مباركاً لأن عيسى كان فيه فهو من الأماكن التي هي مظان الإستجابة.
الحادي والعشرون: يستحب للداعي أن يلبس في يده خاتماً من العقيق والفيروزج لما ورد من المزية الخاصة لهما فالعقيق في رواية هو أول من آمن بالله من الأحجار، وعن الإمام الصادق عليه السلام: “قال ما رفعت كف إلى الله عز وجل أحب اليه من كف فيها عقيق”.
الثاني والعشرون:التضرع ومشاركة الجوارح في الدعاء وذلك برفع اليد أثناءه، وزيادة المباني تفيد زيادة المعاني مع التضرع بإعتباره كيفية نفسانية، خضوعاً وخشوعاً ظاهراً بين طيات كلمات الدعاء ويمنع من إنشغال القلب أثناءه بالدنيا، ولا غرابة في ذلك فمع الخشوع لله عز وجل يأتي العز أو أن التضرع يضفي على الدعاء قدسية خاصة ويكون مقوماً لما يعنيه من معاني الصدق والعبودية والتوسل والإستعانة ومضامين اللجوء إلى الله تعالىتعالى .
الثالث والعشرون:وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه إذا إبتهل ودعا كما يستطعم المسكين ليكون تأديباً للمسلمين وتعليماً لهم في مسالك الدعاء .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأجدني استحي من عبدي يرفع يديه اليّ ثم أردهما . قالت الملائكة : إلهنا ليس لذلك بأهل . قال الله : لكني أهل التقوى وأهل المغفرة أشهدكم أني قد غفرت له، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ويقول الله: إني لأستحي من عبدي وأمتي يشيبان في الإِسلام ثم أعذبهما بعد ذلك في النار( ).
الرابع والعشرون : مواصلة الدعاء وإتصاله في ساعات الليل والنهار كجزء من المواظبة والإنشغال بالدعاء سلاحاً عسى أن يتفق ذلك مع ساعة مباركة، والإنشغال بالدعاء صفة الأنبياء وسجية الأولياء وفي قوله تعالىتعالى [ إن إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ]( ) .
وعن جابر : أن رجلاً كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل : لو أن هذا خفض صوته . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعه فإنه أوّاه( ).
الخامس والعشرون:إتخاذ الدعاء وسيلة مباركة لقضاء الحوائج، ومدداً دائماً يساهم في التخفيف عن النفس والبدن , ويختزل المراحل ويقرب البعيد، ويمهد السبيل، ويهون العواقب.
السادس والعشرون:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من عدوكم، ويدر رزقكم ؟ قالوا: نعم، قال: تدعون بالليل والنهار، فان سلاح المؤمن الدعاء”( ).
السابع والعشرون: الدعاء باب لمحو الذنوب ومغفرتها لما فيه من التسليم لله عز وجل واللجوء اليه والاقرار بربوبيته.
الثامن والعشرون: إظهار حال الذل والخضوع والمسكنة عند الدعاء خاصة وأن الإنسان في مقام الحاجة وسؤال الرحمة والفضل الالهي ورجاء القرب من منازل العفو والمغفرة، فالأصل وجوب إظهار المسكنة أزاء مقام الربوبية في مطلق الأحوال، ولكن طرو الحاجة واللجوء إلى الدعاء يجعله أكثر ضرورة، وعوناً في سبيل إنجاز الحاجة وقضائها.
التاسع والعشرون:في مرسلة علي بن يقطين عن الامام جعفر الصادق قال: “أوحي الله إلى موسى أتدري لم إصطفيتك بكلامي دون خلقي، قال: يارب ولم ذلك، قال: فأوحى الله عز وجل اليه يا موسى أني قلبت عبادي ظهراً لبطن فلم أجد فيهم أحداً أذل لي نفساً منك يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب”.
والحديث دعوة للمسلمين لفعل ما كان عليه موسى وعلة لما له من عظيم المنزلة، وفيه موعظة وحث لهم للإقتداء به لأنه على نحو العلة لا الحكمة، لذا ورد في النصوص إستحباب التعفير ووضع الخد على الارض لاسيما في سجود الشكر وهو مستحب عند تجدد نعمة أو دفع بلاء، أو إستدامة فضل سابق من الله تعالىتعالى وعند تأدية فريضة او نافلة أو فعل خير أو معروف أو إصلاح بين إثنين وباستحبابه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة أنها ليست مشروعة روي عن عامر بن سعد عن أبيه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ المَدِينَةَ فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَا نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلاً ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلاً ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ ثَلاَثًا قَال « إِنِّى سَالتُ رَبِّى وَشَفَعْتُ لأُمَّتِى فَأَعْطَانِى ثُلُثَ أُمَّتِى فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّى ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِى فَسَالتُ رَبِّى لأُمَّتِى فَأَعْطَانِى ثُلُثَ أُمَّتِى فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّى شُكْرًا ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِى فَسَالتُ رَبِّى لأُمَّتِى فَأَعْطَانِى الثُّلُثَ الآخَرَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّى ( ).
ويكفي فيه مجرد وضع الجبهة على الأرض مع النية ولا يشترط فيه الذكر ولكن يستحب أن يقول شكراً لله أو عفواً عفواً وهو نوع دعاء، ويتحقق بسجدة واحدة ويستحب مرتين، ويتحقق التعدد بالفصل بينهما بتعفير الخدين أو الجبين.
الثلاثون:من آداب الدعاء طرد الملل واجتناب الضجر ومنعه من الالتصاق بالدعاء موضوعاً ومحمولاً ومسالة وقصداً، فكما يضر الرياء بالعبادة فإن الضجر والملل يكونان حاجباً دون الإستجابة، وقد روي عن أنس بن مالك أنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما فتح لأحد باب دعاء الا فتح الله له فيه باب إجابة فإذا فتح لأحدكم باب دعاء فليجتهدن فإن الله لا يمل حتى تملوا”( )، أي أنه تعالىتعالى يستجيب الدعاء الا في حال ضجركم وسأمكم وتكاسلكم لما في الضجر والسأم من ضعف اليقين وقلة الأمل والقعود عن السؤال والتضرع.
الحادي والثلاثون: يستحب مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الإنتهاء من الدعاء باستثناء الدعاء والقنوت في الفريضة ليس فقط أنه رمز للإستجابة بل على الحس والتقدير معاً بأن الله عز وجل لا يرد اليدين فارغتين، وفيه رضا وقبول وشكر لعطاياه سبحانه وأن لم نعلم نوع ومقدار ذلك العطاء، وعدم العلم غير مخل به، وقد يكون بسبب كبره وعظمة الفصل والعطاء وعدم إمكان استيعابه بأوهامنا وحسابنا.
الثاني والثلاثون:لا ينحصر الدعاء بالحاجة بل حتى بعد إنقضائها كما في قول إبراهيم [رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا] ( )، وجاء سؤاله ودعاؤه بعد رفع القواعد من البيت.
الثالث والثلاثون: آنات الزمان وإن كانت أفراداً طولية متساوية حتى قيل ينقسم الزمان إلى أزمنة كثيرة لا تقبل القسمة لقصرها، كما عرف بأنه نسبة المتغير إلى المتغير وأن السرمد نسبة الثابت إلى الثابت، فالسرمد مستمر الوجود بين الأزل والأبد، والأزلي هو المصاحب لمجموع الأزمنة المحققة والمقدرة بالنسبة للماضي، أما الباقي فهو المستمر الموجود في جميع الأزمنة، والأبدي هو المصاحب لجميع الأزمنة محققة و مقدرة بالنسبة إلى المستقبل، والسرمدي يعمها جميعاً، أي أنه لا بداية ولا نهاية له، والزمان أخص إذ أنه يعني مقدار حركة العالم من الأيام والليالي والشهور والسنين والقرون، وحياة وعمر الإنسان من الزمان منقطع.
الا أن فيها تفاوت من حيث الأعراض كضياء النهار وظلام الليل والتقسيم النهاري من صبح وظهر وغروب، والتقسيم الليلي وذلك كله آيات من الله تعالىتعالى ودعوة للتفكر في الخلق، وحث على العبادة وأداء الفرائض، وتفضل سبحانه وجعل أوقاتاً للترغيب في الإجتهاد، والحث عليه سواء على نحو الوقت الراتب المحدد في كل يوم أو في كل أسبوع أو عند حدوث حادثة اذ أن الزمان معلوم الآنية مجهول الماهية، والدعاء الة لإستثمار الوقت والله عز وجل جعل الأوقات خزائن لفضله ومناسبة لنزول بركاته وجعل في بعضها خصوصية معينة وأسراراً ملكوتية تتعلق بحركات الأفلاك ومقاديرها، وصحيح أن تلك الأوقات أخفاها الله عز وجل في ساعات الليل والنهار كما أخفى ليلة القدر بين الليالي فقد تفضل أيضاً ببعض الشواهد، إذ وردت بعض النصوص في تحديد ليلة القدر وأوان الدعاء من وأشرفها أوقات الصلوات اليومية الخمسة.
وعن الصادق عليه السلام: “ساعات الليل إثنتا عشرة ساعة وساعات النهار إثنتا عشرة ساعة، وأفضل ساعات الليل والنهار أوقات الصلاة، ثم قال عليه السلام: أنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وهبت الرياح ونظر الله عز وجل إلى خلقه وأني لأحب أن يصعد لي عند ذلك إلى السماء عمل صالح، ثم قال: عليكم بالدعاء في أدبار الصلوات فإنه مستجاب” .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : إن النهار اثنتا عشرة ساعة ، فأول الساعة ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشمس ، ثم الساعة الثانية إذا رأيت شعاع الشمس إلى أن يضيء الاشراق . عند ذلك لم يبق من قرونها شيء ، وصفا لونها ، فإذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رحمين فذلك أول الضحى ، وذلك أول ساعة من ساعات الضحى ، ثم من بعد ذلك الضحى ساعتين ، ثم الساعة السادسة حين نصف النهار فإذا زالت الشمس عن نصف النهار فتلك ساعة صلاة الظهر ، وهي التي قال الله[ أقم الصلاة لدلوك الشمس] ثم من بعد ذلك العشي ساعتين ، ثم الساعة العاشرة ميقات صلاة العصر وهي الآصال ، ثم من بعد ذلك ساعتين إلى الليل( ).
وفيه نكتة عرضية وهي أن تقسيم الفلكيين الحالي لساعات الليل والنهار مأخوذ من النظام الإسلامي المبني على تحديد ساعات الصلاة وفرائضها اليومية الخمسة، بالإضافة إلى الفضل الالهي في إمتداد بركة الصلاة إلى ما بعدها لذا جاءت النصوص باستحباب التعقيب.
الرابع والثلاثون: قد تكون للفعل مقدمة، وتلك المقدمة قد تكون شرطاً فهي حينئذ واجبة لوجوب المقدمة لوجوب ذيها كما في الوضوء كمقدمة واجبة للصلاة، وقد تكون المقدمة صفة كمال متقدمة وباب تقريب واستحباب ومن ذلك تقديم الصدقة عند الشروع بالدعاء، اذ أنها باب لنزول الرحمة والتقرب إلى الله تعالىتعالى ونوع رأفة وإحسان بين الناس إبتغاء رحمته تعالىتعالى ورجاء فضله، وبالإسناد عن معاوية بن عمار عن الامام جعفر الصادق قال: “كان اذا طلب حاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدق به وشم شيئاً من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله”.
الخامس والثلاثون: من فلسفة الدعاء أن منافعه لا تنحصر بالداعي وزمان الدعوة بل تدخر وتحفظ، ويتعاهدها الله لتبرز بآثار مباركة على الذرية والأهل، وفي الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: “أنا دعوة أبي إبراهيم”( ).
السادس والثلاثون: إسباغ الوضوء أي الإتيان به تاماً كاملاً شاملاً لجميع مواضعه إستعداداً للدعاء وحسن أدب في ساعة الوقوف بين يدي الله عز وجل وسؤاله، وقد ورد إستحباب الوضوء للحاجة مطلقاً، وعن الإمام الصادق قال: “إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء كيف لا تقضى حاجته”.
السابع والثلاثون: التضرع إلى الله وسؤاله بأسمائه الحسنى لما فيها من الثناء على الله عز وجل وتعظيمه، كمقدمة مباركة للدعاء تتضمن الإقرار بالوحدانية وإنحصار الإستعانة والإستغاثة به تعالىتعالى، بالإسناد عن عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لله عز وجل تسعة وتسعون إسماً من دعا الله بها استجيب له ومن أحصاها دخل الجنة، وقال الله عز وجل [وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا]( ).
وأخرج أبو نعيم وابن مردويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لله مائة اسم غير اسم ، من دعا بها استجاب الله له دعاءه.
وأخرج الدارقطني في الغرائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل : لي تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة غير واحد، من أحصاها دخل الجنة( ).
الثامن والثلاثون: يستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم واله في كل دعاء في أوله وآخره، ومنهم من أوجبه.
التاسع والثلاثون: من المقدمات المباركة للدعاء الصلاة على النبي واله وبه وردت نصوص عديدة ولأن الله عز وجل أمر بالصلاة على النبي وهي عنوان التسليم والإنقياد لله تعالىتعالى بإتباع من إجتبى وإصطفى من خلقه، وورد في نهج البلاغة: إذا كانت لك إلى الله حاجة فابدأ قبل مسالتك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سل الله فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى.
الأربعون: للدعاء مقدمات وله متممات ملازمة له ومنها البكاء او التباكي عند التضرع إلى الله تعالىتعالى ، وهو إعلان لصدق الالتجاء واللجوء بالحاجة والقصد والسؤال والإنقطاع إلى الله تعالىتعالى ، وعدم إنحصار السؤال باللسان .
فتساهم الجوارح والأركان في المسألة , وصيرورة العبد أقرب إلى الله عز وجل.
الحادي والأربعون : قد يرد الدعاء بمعنى التسبيح والحمد، فليس من تكليف في الجنة ومع هــذا ورد قوله تعالىتعالى في مدح أهل الجنة[وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أن الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمِينَ ]( ).
وفي تفسيرها ورد عن ابن عباس أن أهل الجنة كلما إشتهوا شيئاً قالوا سبحانك اللهم فيجيئهم كل ما يشتهون فاذا طعموا قالوا الحمد لله رب العالمين فذلك آخر دعواهم.
إن ورود وتجدد موضوع الدعاء في الجنة وبخصوصية ظاهرة كخاتمة للدعاء والرجاء يدل على الحاجة اليه.
الثاني والأربعون: الدعاء دعوة إلى الله وباب للهداية إلى الدين والرشاد والإمتثال للأحكام الشرعية، كما يعني الإقرار بالربوبية والتسليم بالإرادة الالهية، واللجوء إلى الله تعالىتعالى إعتراف صحيح بأن مقاليد الأمور بيده تعالىتعالى وله المشيئة.
الثالث والأربعون: الدعاء عنوان سؤال والتماس حاجة , فهو من الإنشاء ولكن قد يرد جملة خبرية التي تأتي أحياناً بصيغة الثناء على الله فيحتسبها الله تعالىتعالى دعاء فضلاً منه تعالىتعالى وهو سر من أسرار الدعاء وكنز من كنوزه.
الرابع والأربعون: قد يرد الدعاء بمعنى التسمية كما في قوله تعالىتعالى [قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَان أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَى]( ) فالدعاء هنا بمعنى التسمية يتعدى إلى مفعولين أي سواء تسألونه وتخاطبونه باسم الجلالة أو بالأسماء الحسنى فإنها تدل على الله عز وجل، وقيل إن هذا العطف يصح بالواو ولا يصح ب(أو) لأنها لأحد المتغايرين ولكن الآية جاءت بمعنى التقرير والإمضاء وإتمام الحجة.
الخامس والأربعون: قد يرد الدعاء بمعنى العبادة كما في قوله تعالىتعالى [ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ]( ) أي عبادتكم، فالدعاء إقبال على الله ويتضمن قهراً وإنطباقاً الإشتغال بذكر الله وتمجيده تعالىتعالى , والإعراض عن غيره.
السادس والأربعون: الإجتماع والإشتراك في الدعاء والتوجه إلى الباري عز وجل على نحو العموم المجموعي سواء كانت المسالة شخصية أو نوعية لموضوعية تعدد السائل والمسألة ولما يعنيه الإجتماع في المسالة من التضامن والالتقاء والإقرار الجماعي بتعلق الحاجات بمشيئته تعالىتعالى ، كما أنه مناسبة للإندفاع في العبادة .
السابع والأربعون: التأمين( ) على الدعاء فإنه مشاركة في الدعاء وسؤال الحاجة وتوسل إضافي، وتوكيد للحاجة، وعنوان للصدق في المسالة، وفي المرسل عن الإمام جعفر الصادق قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : دعا موسى وأمن هارون وأمنت الملائكة فقال الله تعالىتعالى : قد أجيبت دعوتكما فاستقيما”( ).
الثامن والأربعون: من القواعد الإمتنانية في الدعاء السعة في صيغته فيجوز أن يكون الدعاء بما جرى على اللسان من بيان للحاجة وذكر للفاقة والمسالة، ويجوز بل يستحب إختيار الدعاء المأثور.
الدعاء والسعي
لقد ترك الأنبياء تراثاً عظيماً في علوم الدين والدنيا تجلت بآيات قرآنية تضمنت أنواراً مباركة على سيرتهم الشـريفة وكيفية إستثمار الزمان والمكان والحال في تعظيم شعائر الله، قال تعالىتعالى [فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ]( ).
لقد كانت حياة الأنبياء دعاءً وذكراً وتسبيحاً وسعياً في سبيله تعالىتعالى . والدعاء بذاته رحمة إذ جعله الله عز وجل باباً لقضاء الحوائج وإذن به تخفيفاً وفضلاً، وإمتاز المسلمون بأن أمرهم الله عز وجل بالدعاء وحثهم عليه وتلك خصوصية ونوع تشريف، وهي لا تتعارض مع تفضيل الله سبحانه لبعض الأمم كبني إسرائيل على أهل زمانهم لأن الأمر بالدعاء يشملهم على نحو عرضي بدخولهم الإسلام لتغير الموضوع، وصدق اسم المسلم على من يأتي بالشهادتين منهم.
عرفت الدنيا بأنها دار فناء، والعلماء هم الأطباء , أما الدواء فهو القرآنالقرآن والإعراض عنه هو السم، وقد يكون القرآنالقرآن هو الطبيب والدواء معاً والنفوس قابلة للتداوي، والنقص في العلم والعمل هو المرض، ومن المرض ما هو مركب حينما يظن الشخص جهله معرفة وعلماً.
ولابد من الملازمة بين الدعاء والعمل، بالعمل يصلح الغير وينتفع منه، بالرزق الحلال وتنزيه البطن وطيب المكسب يسمع الدعاء.
وفي الحديث: “أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب أن يستجاب دعائي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام”( ) وفيه وجوه:
الأول: هذا الحديث مخصــص لإطــلاق الآية الكريمة [ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ]( ) التي هي تشريف مركب.
الثاني: تتضمن الآية بالذات هذا التخصيص بورودها بلغة الخطاب، والقدر المتيقن منه أهل الإيمان والذين اقروا برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلموا بأن القرآنالقرآن كتاب من عند الله، أي لا تصل النوبة للحديث الا على أنه مبين للآية وليس مخصصاً لها.
الثالث: هناك منزلة بين المنزلتين وبرزخ وهو أن الرزق الحلال يستجاب فيه الدعاء على الوجه الأتم والأكمل، بعكس إختلاط الحرام بالحلال في الكسب فإنه لا يجعل الإستجابة الا على نحو الموجبة الجزئية لما في التوجه له تعالىتعالى من خصوصية بفضله تعالىتعالى ولأن من أسمائه سبحانه السميع مما يعني الإطلاق والعموم في سمعه وعلمه تعالىتعالى بالدعاء وصاحبه.
والحوائج على نوعين كبيرة وصغيرة، وبينهما مراتب متفاوتة والصغيرة قد تكون كبيرة بلحاظ الحاجة اليها وندرتها أو إنعدامها، أو ترتيب أمور أخرى عليها، فتكون الحاجة اليها كمقدمة وطريق بمقدار الحاجة إلى ذي المقدمة وما تؤدي اليه .
ولا يختص التوجه إلى الله بالدعاء بالحوائج الكبيرة ولا الصغيرة التي يترتب عليها أمر أهم بل مطلقاً في كل ما يحتاجه الإنسان، لأن كل شيء بيد الله تعالىتعالى وخاضع لمشيئته، ومستجيب لأمره، ولأن الإطلاق في التوجه اليه عنوان الإيمان وحسن الإتكال وصدق التسليم.
وفي الحديث القدسي: ياموسى سلني حتى ملح عجينك وعلف شاتك( )، وبالإسناد عن سيف التمار قال: “سمعت الإمام الصادق يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار”.
في كل آية دعاء
لقد ورد في الحديث أن الدعاء مخ العبادة، مما يدل على موضوعيته والقرآنالقرآن فيه تبيان لكل شيء، فنستطيع أن نتبين هذا الحديث من الآيات القرآنالقرآنية التي تتعرض للدعاء، ويمكن القول أن في كل آية من آيات القرآنالقرآن مناسبة للدعاء أما في منطوقها او في مفهومها سواء كان مفهوم موافقة وهو المعنى غير المذكور فيها ولكنه موافق للمنطوق سلباً وإيجاباً، أو مفهوم المخالفة وهو المعنى المخالف غير المذكور، وكأن الأول من الدلالة المطابقية او التضمنية، والثاني من المداليل الالتزامية، كما في الآيات التي فيها ذكر الجنة وتدعو العبد لدخول الجنة والفوز في المقام فيها والنجاة من النار، أي الدعوة للنجاة من النار لا تنحصر بالآيات التي فيها ذكر النار والوعيد والتخويف بها بل تشمل الآيات البشارة بالجنة إذ تكون في مفهومها مناسبة للدعاء بالنجاة منها.
الدعاء والصلاة
ذكر من وجوه إشتقاق الصلاة أنها الدعاء، فالصلاة نوع دعاء ورجاء وإن كانت فعلاً تعبدياً يؤتى به بداعي أمر المولى، لذا تجد الدعاء يتخلل أفعال الصلاة كلها فالقراءة فيها دعاء وإن جيء به بقصد القرآنالقرآنية كما في قوله تعالىتعالى [اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ] ( )، وهناك حالات في الصلاة يتخللها الدعاء ولو على نحو إستحبابي، ومنها القنوت الذي هو مستحب، والدعاء عند التشهد قبله وأثناءه وبعده، والصلاة قربان كل تقي، وخير ما يتقرب به العبد إلى الله عز وجل.
وتعتري النفس الإنسانية خواطر، وهي على قسمين، أما أن تكون للرجاء أو الطمع بما عند الله عز وجل، أو ما يدعو إلى الشر من نزغ الشيطأنشيطان :
الأول: يسمى الالهام , وهو حسن ومحمود.
الثاني: مذموم , ويسمى الوسواس.
وقسّم أهل العرفان الأول إلى الرحماني والملكي، والثاني إلى الشيطأنشيطاني والنفساني، وكل قسم يتقدم رتبة على الثاني سواء من الالهام أو من الوسواس.
وهذا التقسيم وإن كان إستقرائياً الا أنه يعكس الصراع بين الإنسان والشيطانشيطان في أهم ميادين المعركة بينهما وهي النفس إذ تتجلى مظاهر العداوة وأنواع الأسلحة على حقيقتها وبأشد وجوه الفتك والمقاومة، وقد تنحسم أحياناً لصالح أحد الفريقين فيرتقي الإنسان في مسالك الرشاد ويعيش القلب في أنوار الشريعة، وتلتزم الجوارح بأحكام الحلال والحرام، وتتهيأ النفس لقبول التوفيق وما يعنيه من اللطف والإشتغال بالدعاء , قال تعالى [إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ الاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي]( ).
والدعاء قهر للنفس الإنسانية على فعل الصالحات، فهي مع صفائها وفطرتها على التوحيد تمتلك أيضاً القابلية لتلقي أسباب الهوى والإنكباب على اللذات والشهوات الفاسدة وقد تكون مرعى للشيطأنشيطان، والباب الذي ينفذ منه، فالدعاء جهاد وإصلاح للنفس وسلطان على الجوارح، وتسليط للإرادة الإيمانية عليها.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما منكم أحد الا وله شيطان، قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، الا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم ( ).
وهذا الحديث في مفهومه دعوة للتغلب على الشيطانشيطان والدعاء من أسمى الوسائل التي يمكن بها قهره والإنتصار عليه بعد أداء الفرائض، ويتصف الدعاء بإمكان ملازمته للإنسان والفزع اليه في كل وقت، إلى جانب حضور المدخر منه في ساعة الغفلة والسهو والإنشغال بالدنيا، والنفس تمتلك مؤهلات الإتصال بالملك والشيطأنشيطان سواء كان بتوسط القوة العقلية للملك أو القوة الوهمية للشيطانشيطان، وإبليس من الجن , قال تعالى [الاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ]( )، وقيل أن الجن يتصف بالخيال والتمثيل.
والإيمان على قسمين.
الأول: مستقر.
الثاني: مستودع.
فالأول ما كانت التقوى سنخية ثابتة فيه وملكة تصدر عنها أعمال العبد، فيتوجه إلى الدعاء كوظيفة وسلاح وملاذ، أما الثاني فهو الذي تداهمه الشهوات ويسعى الهوى لخذلانه وزحزحته عن منازل الإيمان، فالشيطانشيطان يقف على قلبه لإغوائه بمكره وكيده، بينما يتربع العقل على باب الأول أي صاحب الإيمان المستقر وينير سراجه دروب الحياة، والحق أن كلاً منهما المستقر والمستودع يحتاج الدعاء، نعم النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه، فكل منهما يحتاج الثبات على الإيمان، الأول بارادة دوام الثبات، والثاني وهو المستودع يحتاج سؤال الثبات.
لقد إحتل الدعاء مكانة عظيمة في تأريخ المسلمين وسيرتهم، فكان غذاء يومياً وسلاحاً حاضراً يلجأ اليه المسلم عند الحاجة وغيرها، والدعاء يطرد الغلو ويمنع من التعدي، والدعاء إلى الباري عز وجل إقرار بالربوبية وإعتراف من منازل الذل والعبودية وإعتبار الإيمان والخضوع والحاجة لله تعالىتعالى في الحياة اليومية وإرتكازه في الذهن في حال الرخاء والشدة.
والدعاء باب في المعرفة الالهية فهو إشعاع فكري مبارك للإرتقاء في مسالك الهدى، وسبل النجاة في الآخرة لما يتضمنه من الإخلاص في العبودية واليقين، وهو طريق وسبيل مبارك لمعرفة الباري عز وجل وهو سبحانه غني عن العالمين.
فلسفة الالحاح بالدعاء
الإلحاح في الدعاء والمواظبة في المسألة، والإعتقاد الجازم بأن الحكمة الإلهية تقتضي تأخير الإستجابة وأن الله تعالىتعالى أحاط بكل شيء علماً، والإلحاح في الدعاء مدخل كريم لقضاء الحوائج وبلوغ الآمال، وهو نوع إنقطاع لله تعالىتعالى ، وتوكيد ذاتي على أن اللجوء له تعالىتعالى على نحو الدوام والثبات، وهذا الالحاح مع إستدامته لا يمنع من السعي في الأسبباب بل أن الدعاء سبيل إلى تيسير الأسباب وإضفاء البركة عليها.
ومن منافع الالحاح في الدعاء أنه واقية مما هو أسوأ من أحوال الضيق والشدة، وهو حاجز عن السيئات وإرتكاب الذنوب فمن يرجو يلتزم بأحكام الرجاء، وما يؤدي إلى غاياته، وهو وجه من وجوه الإيمان ومظهر من مظاهره، والنصوص التي وردت في إستحباب الدعاء كثيرة وتبين موضوعيته وما له من إعتبار، وعن زبور داود، يقول الله عز وجل: “يا ابن آدم تسالني وإمنعك لعلمي بما ينفعك، ثم تلح علي بالمسالة فأعطيك ما سألت).
والإلحاح في الدعاء غذاء روحي، ونوع تسلية وإيناس للنفس وللجوارح، وأركان البدن، وفيه دوام الأمل الذي له آثار تبرز في الأعمال، وعن الصادق قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله عبداً طلب من الله عز وجل حاجة فالح في الدعاء أستجيب له او لم يستجب، وتلا هذه الآية [ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى الا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا]( ).
تخصيص الكتاب بخبر الواحد
لقد أصبح من الشائع القول ما من عام الا وقد خص، والقرآنالقرآن كما فيه عام ففيه خاص، ومن مسائل البحث:
الأول: هل الخاص في القرآنالقرآن يشمل كل عموماته بحيث نستغني في هذا الباب عن السنة في باب تخصيص عمومات القرآن أي أن القرآنالقرآن جاء بالخاص لكل عام خصوصاً أن الإجماع والوجدان على أن القرآنالقرآن يتضمن العام والخاص، والمطلق والمقيد.
الجواب لا، لأن السنة النبوية الشريفة بيان للقرآن، وهي نوع وحي وإخبار سماوي، فمثلاً ورد الحكم بقطع يد السارق والسارقة مطلقاً في قوله تعالى [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا]( )، ولكن السنة النبوية خصصته وأخرجت منه ما كان قيمة العين المسروقة أقل من ربع دينار , وورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: القطع في ربع دينار فصاعدا
ولقد ثبت في علم الأصول إعتبار أصالة الإطلاق، فالعام القرآنالقرآني يبقى على حاله الا أن يخصص بآية أخرى أو بالسنة.
الثاني:نحتاج إلى السنة لتخصيص ذات العمومات أو غيرها.
الثالث: ترك التنزيل موضعاً وباباً للسنة بتخصيص بعض عموماته.
الرابع:تفيد السنة بذاتها تخصيص عمومات الكتاب على نحو إنطباقي فلابد من العمل بالسنة.
وفي الحديث أعلاه دعوة للأخذ والعمل بالسنة الشريفة، وتحذير من الإعراض عنها، ونهي عن تركها وعدم إعتبارها، فلو جاء حديث يتضمن تخصيصاً لعام في القرآنالقرآن فأما أن نعمل به فيكون مخصصاً، أو نطرحه فنكون قد خالفنا أمر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن الإجماع والبرهان على أن أمره مدرسة شرعية تتضمن كنوزاً من العلم.
وهناك أحكام في القرآنالقرآن وردت على نحو الإجمال والإطلاق ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمها بالعلم الحضوري وبالوحي والإخبار الملكوتي على نحو التفصيل رحمة بالأمة وسعة في الحكم، ولو عرضنا هذا الحديث على القرآنالقرآن فلا تجد في البين معارضة بينهما، ولا يعني هذا أن من الوقائع ما ليس له حكم في القرآنالقرآن، ولكنه من الفضل الالهي والحجة البالغة على الناس, قال تعالى [فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ] ( ).
والحديث لغة هو الجديد من الأشياء، ونقيض القديم، كما يأتي بمعنى الخبر وهو المقصود في المقام، والجمع أحاديث، كقطيع وأقاطيع، وقيل أنه يجمع على حِدثان وحُدثان، ولكن الأول هو المتعارف.
وما إمتاز به الإسلام علم الحديث وهو بالمعنى الإصطلاحي السنة الشريفة، ومع أنه لغة يختص بالخبر، الا أنه في الإصطلاح يشمل السنة الفعلية والتقريرية، وهو بيان وتفسير للقرآن وتفصيل لأحكام الشريعة.
وينقسم الحديث إلى أقسام منها :
الأول : المتواتر وهو الخبر الذي ينقله جماعة عن جماعة تعتبر كثرتهم دليلاً وقرينة على عدم تواطئهم على الكذب، ويحصل بخبرهم العلم والقطع مع إختلاف في عموم القطع به مثل حديث : من كذب عليّ فليتبوأ مقعده في النار).
وفي عددهم في كل طبقة منهم من قال في كل طبقة ثلاثة, ومنهم من جعله أربعة, خمسة,عشرة, أربعين, ومنهم من أوصله إلى السبعين في كل طبقة والأكثر أنه العدد الذي يحصل به اليقين ، والإتفاق على حصوله سواء كان التواتر لفظياً أو معنوياً.
الثاني : خبر الواحد، وهو على أقسام تلتقي كلها بعدم الوصول إلى حد التواتر كالمستفيض الذي يكون رواته في كل طبقة إثنين أو ثلاثة، وخبر الواحد في كل طبقة أو بعضها، والظاهر أن المستفيض قسيم لخبر الواحد لصيغة التعدد في رواته في كل طبقة، وليس قسماً منه، وهو واسطة وبرزخ بين خبر الواحد والخبر المتواتر.
وهذا التقسيم لا يمنع من وجود الخبر الضعيف في المستفيض إذا ما أتفق إتصاف راويه أو رواته في طبقة واحدة بالضعف والجرح وعن القاضي الماوردي : المستفيض أقوى من المتواتر، وليس بتام لأن المستفيض صنف من الآحاد لأنه لم يبلغ مرتبة التواتر , وكل متواتر مشهور وليس العكس.
وأختلف في تخصيص الكتاب بالخبر الواحد أو عدمه على أقوال :
الأول : الجواز.
الثاني : المنع.
الثالث : التوقف.
ولفظ الخبر الواحد فيه عموم ويحتاج إلى بيان وتخصيص بطرح الضعيف منه وعدم إعتبار الحديث الا اذا كان صحيح السند أو أنه مجبور بعمل الفقهاء، وصحيح الدلالة وأن يكون جامعاً لشرائط الحجية، وليس بدليل الإنسداد الذي يعني حجية مطلق الظن، فالعمل بمطلق الظن لا يصلح للتخصيص لأنه يكون حينئذ من باب الإحتياط وهو أصل عملي لا يصلح لتخصيص الكتاب لعدم صلاحية الأصل العملي مع وجود الدليل الذي هو القرآنالقرآن وإن كان على نحو الإطلاق والعموم.
ويدل هذا المبحث في مفهومه على إمضاء تخصيص الخبر المتواتر للكتاب العزيز للأولوية القطعية ولحجيته مما يستلزم إستحضار نوع مقارنة بينهما فيما يخص موضوع التخصيص، وهو أن الكتاب قطعي الصدور، والخبر الواحد ظني الصدور، لذا إستشكل جماعة وقالوا كيف يقدم الظني على القطعي.
وعندما يرد خبر عادل يخصص عموم الآية القرآنالقرآنية فتكون هناك إحتمالات :
الأول : طرح الخبر وتكذيب راويه.
الثاني : التصرف بظاهر القرآنالقرآن وهو العموم والإطلاق، وعدم التصرف بمضمون الخبر وتكون له الحكومة بمعنى التوسعة والتضييق.
الثالث : التصرف في الخبر بما يتلائم مع ظاهر القرآنالقرآن وتأويله خصوصاً مع الرجوع إلى أحاديث المعارضة مع الكتاب وعموماتها، وإن كان التخصيص غير المعارضة.
الرابع : ترك الأمر وعدم البحث عن الصلة بين الآية والخبر.
وهل نأخذ بالظن بصدق الخبر، أو نأخذ بعموم الآية وطرح دليل حجية الخبر، خصوصاً وأن الخبر لم يصدر الا لبيان الحكم الواقعي مع حكم العقل بوحدة الموضوع في منطوق الآية، ومضامينها، وبين ما جاء به الخبر إذا تم من حيث حجية الظهور وأصل الصدور، وجهة الصدور الجواب في القرآن بيان لغيره, فمن باب الأولوية بيانه لكنوزه ومضامينه القدسية, قال تعالى [وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] ( ).
وقيل بتقديم القرينة على ذي القرينة، والمراد من القرينة هي أصالة عدم كذب الراوي.
أما الأصل الجاري في ذي القرينة فهو أصالة العموم.
وقيل : لولا جواز التخصيص بالخبر المعتبر لزم الغاء الخبر بالمرة أو ما بحكمه ضرورة ندرة خبر لم يكن على خلافه عموم الكتاب لو سلم وجود ما لم يكن كذلك، أي لو سلم وجود خبر لا يخالف عموم الكتاب فهو نادر مما ينتج عنه أن طرح النصوص والأخبار المخالفة للكتاب فإن معظم الأخبار تكفى ولا يبقى منها الا القليل النادر).
ولكن هذا القول ليس بتام إذ أن إجراء إحصائية للأخبار أو الخبر الواحد خاصة تظهر أنها موافقة للكتاب في الجملة والحق أن أحكاماً كثيرة تبين بخبر الواحد وبحجية خبر الواحد، وينفتح باب العلمي وينغلق باب الإنسداد، وباب العلمي هو الوصول إلى الأحكام الشرعية الفرعية بالطرق الموصلة لها للعلم بها وإمضائها من قبل الشارع في معظم الأحكام.
وحجية خبر الواحد من المسائل الأصولية المهمة، ومسالة تخصيص الكتاب بخبر الواحد فرع حجيته.
ويمكن إثارة تساؤلات بخصوص الخبر الواحد :
الأول : هل يصح خبر الواحد للعمل به وعدم طرحه.
الثاني : هل العمل به مطلق.
الثالث : أنه ينحصر بالتوصليات والمواعظ.
الرابع : أنه ليس بحجة في تخصيص الكتاب العزيز.
الخامس : أن حجيته مطلقة وليس من دليل على تقييدها.
وخبر الواحد هو الخبر الذي إتحد طريق سنده، ولم يحصل منه القطع بثبوت مؤداه في قبال الخبر المتواتر الذي يرويه جماعة عن جماعة مع إمتناع تواطئهم على الكذب مما يفيد العلم, ولا يوجد خبر الواحد العدل العلم ولكنه موجب للعمل.
وهو من أهم ما يبحث في علم الأصول كوسيلة تعبدية لإحراز صدور الدليل من الشارع، وتتوقف عليه جملة من الأحكام الشرعية لإعتبار جهة الصدور والوثوق بالخبر الواحد الذي يقع في طريق الحكم الشرعي، وكون هذا البحث ليس معروفاً في أيام الإسلام الأولى لا يعني أنه مستحدث، بل أن كثيراً من النصوص تدل في مفهومها على إطلاق حجة خبر الثقة إطلاق المسلمات في ذلك الزمان.
ويمكن الإستدلال بالسنة الفعلية بإرسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأمراء والسعاة وغيرهم آحاداً إلى القبائل والأمصار ليقوموا ببيان السنن وتبليغ الأحكام الشرعية .
وإجماع علماء الإسلام على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم , ولا عبرة بخلاف بعض متكلمي المعتزلة, ولم يحصل الإجماع على قبول الحديث المرسل,ولكنه ثروة علمية لا تترك .
وهناك شواهد من السنة التقريرية تدل على عدم ردع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عند عملهم بخبر الواحد.
هذا بالإضافة إلى إرشادهم إلى ما وافق الكتاب والسنة، والإعراض عما خالفهما من غير تفصيل بين الخبر المتواتر أو خبر الواحد، كما كان أئمة المسلمين يحثون على تدوين الحديث وضبطه.
وفي كتاب القضاء نصوص كثيرة تدل على الأخذ بخبر الواحد منها الأخبار العلاجية عند التعارض بين خبرين للأخذ بأحدهما، أما على سبيل التعيين أو التخيير من دون الإشارة إلى جهة الصدور ومدخليتها في الترجيح.
وإستدل المشهور على حجية خبر الواحد بالكتاب والسنة، ومنها مفهوم آية، النبأ وهي قوله تعالىتعالى [ يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ]( ).
ففي الآية أمر بالتبين عن النبأ بشرط أن يكون الذي يأتي به فاسقاً وهذا هو المنطوق، أما المفهوم فهو أن خبر العادل لا حاجة إلى تبيينه لوضوحه وقربه من الدليل القطعي، وبالإضافة إلى مفهوم الشرط أستدل بها من باب مفهوم الوصف.
إن وجوب التبين ملازم لفسق حامل النبأ ومعلق عليه فينتفي بإنتفاء هذه الصفة فيقبل ويصدق عليه إن كان المخبر عادلاً، ويعتبر مفهوم هذه الآية عند المشهور دليلاً على حجية خبر الواحد.
وأستدل على الحجية بمفهوم الشرط وهو وجوب التبيين عن الخبر الذي إنحصر بإتيان الفاسق له وهو يدل في مفهومه على القبول عند إتيان غير الفاسق به لإنتفاء المشروط بإنتفاء شرطه خصوصاً وأن الجزاء لم يتوقف على الشرط كما في صورة إن رزقت ولداً فاختنه، فعند عدم الولد ينتفي الموضوع، والأمر مولوي تعبدي.
وأستدل أيضاً بآية النفر، وهي قوله تعالىتعالى [ وَمَا كان المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا اليْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ]( )، إذ تدل الآية على موضوعية الإنذار وتعقبه بالحذر العام الذي يكشف عن ترتب الحجة على إخبار الفقيه المنذر.
وأســـتدل على حجية خبر الواحـد بآية الكتمان، وهي قوله تعالىتعالى [ أن الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أنزَلْنَا مِنْ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ ]( ) ، وتحريم الكتمان يدل في مفهومه على وجوب الإعلان الذي له أثر بالحجية والقبول.
وأستدل أيضاً بآية السؤال وهي قوله تعالىتعالى [ فَاسْالوا أَهْلَ الذِّكْرِ أن كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ]( )، والأمر بالسؤال يدل على حجية الجواب وإفادته للعلم.
وقد ناقش القائلون بعدم حجية الخبر الواحد في الإستدلال بالآيات المتقدمة، ففي آية النبأ قالوا بأنه لا مفهوم للجملة الشرطية إذ كانت مسوقة لبيان موضوع الحكم، ولا يعقل فرض الحكم بدون الشرط فالحكم فيها الأمر بالتبيين فلا يعقل فرض التبيين إذا لم يأت الفاسق بالنبأ لأنها تكون سالبة بإنتفاء الموضوع، فلا يمكن إن يقال إن لم يأتكم فاسق بالنبأ فلا تتبينوا، إذ أن الأصوليين إتفقوا على إنعدام المفهوم لهذا النوع من الجملة الشرطية.
والحكم بالتبيين معلل في الآية الكريمة بالإحتراز من الوقوع في الجهالة وهو طبيعي كلي لأخبار الآحاد لعدم ثبوت العلم فيها فتكون كالقرينة على نفي المفهوم.
واجيب على الإستدلال بآية النفر بوجوه منها أن حجة قول المنذر متعلقة برأيه وإستنتاجه لا بما هو إخبار وشهادة.
واجيب على الإستدلال بآية السؤال بأنه إذا كان المراد بأهل الذكر أهل الكتاب فأن مورد الآية أصول العقائد وعلائم النبوة، وخبر الواحد ليس بحجة في أصول العقائد والسؤال أعم منه، وإن كان المراد بأهل الذكر أئمة المسلمين فلا صلة للسؤال بحجية خبر الواحد، وقد يُراد من السؤال التعدد والكثرة، وتلك الردود قابلة للطعن, وهي من الدقة العقلية التي تتضمن التشديد والتضييق وتفويت ثروة علمية عظيمة.
وتابع النافون لحجية خبر الواحد كلام القائلين بحجيته بالإستدلال بالكتاب والسنة والاجماع والعقل، ومن الكتاب قوله تعالىتعالى [ أن الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الحَقِّ شَيْئًا ]( )، فإن الآية تنهى عن العمل بالظن، وخبر الواحد وإن كان أمارة ظنية ولكنه غير مشمول بإطلاق النهي عن العمل بالظن للسيرة القطعية بالأخذ بأخبار الثقاة وإمضاء العمل بها في الشرعيات، وعدم الردع عن الأخذ بخبر الثقة كما أن خبره يفيد عند العقلاء الإطمئنان.
وهذه الآيات تفيد وجوب العلم لدفع الضرر وإن كان أخروياً، والنهي عن الظن غير المعتبر الذي لا ينتج عنه نوع طمأنينة، كما أن القدر المتيقن من النهي هو خبر الفاسق، أي بسبب عرضي وهو الفسق ولا واسطة بين العادل والفاسق لعمومات قوله تعالىتعالى [ إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ]( ).
وإستدل السيد المرتضى على عدم حجيته بالإجماع، وجعل العمل بخبر الواحد مثل العمل بالقياس، ولكن الإجماع لم يثبت وإن تابعه ابن إدريس ونفر معه بل الإجماع بخلافه.
ولكن إجماع السيد المرتضى يمكن أن يناقش لأن المشهور بين المتقدمين والمتأخرين هو حجية الخبر الواحد، والإجماع المنقول هو من أفراد الخبر الواحد.
وحمل قولهم عدم حجية الخبر الواحد على الخبر الضعيف غير الموثق، ولكن بعض أقوال المنكرين في المباحث الفقهية تفيد عدم إعتبار خبر الواحد وإن كان ثقة.
وأستدل المنكر بالروايات التي تنهى عن العمل بالخبر المخالف للكتاب والسنة ومما ليس عليه شاهد من الكتاب والسنة وهي نصوص متواترة، ولكنها أجنبية عن المقام فحتى الذي يقول بحجية الخبر الواحد لا يأخذ بها، لأن التخصيص غير النسخ خصوصاً وأن السنة لا تنسخ القرآنالقرآن على المختار، وإن إدعى في معالم الدين الإجماع على نسخها للقرآن.
أما بالنسبة للأخبار التي تدل على المنع عن العمل بالخبر الذي لا يكون عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله أو سنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنها تحمل على حال التعارض والتنافي، والتخصيص خارج عن موضوعنا بالتخصص.
ومع القول بحجية خبر الواحد لابد من الإشارة إلى أمور تتعلق بالعمل بخبر الواحد وهي :
الأول : أن لا يكون مخالفاً لدليل قطعي الصدور كالقرآنالقرآن الكريم، وبذا يكون النزاع صغروياً، فالمدار على القرآنالقرآن، ومن بعده الخبر المتواتر عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم (إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط)( ).
الثاني : أن يكون الخبر حسياً لأن عمدة أدلة حجيته الأدلة اللفظية والسيرة التي مناط العمل فيها الخبر الحسي لا الحدسي.
الثالث : وثاقة الراوي كشرط في العمل بخبره بالإضافة إلى شرط الإسلام والعقل.
وفي هذا الزمان إتسعت الدراسات في كل ميادين العلوم وإزدادت تشعباً وتفصيلاً، فمن المناسب أن توضع رسالة خاصة يذكر فيها كل خبر من أخبار الآحاد أعتمد طريقاً ودليلاً، وما إذا كان هناك دليل آخر يفيد العلم شارك خبر الواحد في بعض الأحكام الشرعية بما يفيد الحصر والإستقراء.
الإدغام
الإدغام لغة الإدخال، يقال أدغم الفرس اللجام أي أدخله في فيه، قال ساعدة بن جؤية :
بمقربات بأيديهم أعنتها
خوص إذا فزعوا أدغمن باللجم( )
وقال الأزهري : إدغام الحرف مأخوذ منه، وقيل إشتقاق هذا من إدغام الحروف، (قال ابن منظور : وكلاهما ليس بعتيق إنما هو كلام نحوي.
أما في الاصطلاح فهو التقاء حرف ساكن بحرف متحرك فيصيران وكأنهما حرف واحد بسبب شدة إتصالهما، ويرفع اللسان عنهما رفعة واحدة شديدة نحو شدّ ومدّ.
وعلة الإدغام ما في التكرار من ثقل فغايته التخفيف وحروف الإدغام ستة وهي : الياء والراء
والميم واللام والواو والنون، جمعت بكلمة يرملون وتدغم النون مع كل حرف من هذه الحروف.
وللإدغام تقسيمان :
التقسيم الأول : بلحاظ نقصه وتمامه وهو على ضربين :
الأول : إدغام ناقص: وهو إدغام بغنة, وحروفه الياء والنون والميم والواو تجمعها كلمة ينمو، وسمي هذا الإدغام ناقصاً لبقاء النطق بالنون مع الغنة، فاذا سبق النون أحد هذه الحروف فإنها تقلب إلى حرف مماثل ثم تدغم مع إظهار الغنة، فالنون يبقي أثرها، ولكنها تخرج من الخيشوم، أي من الأنف وعندي أن إخراج الكلام من الأنف من المولودين في الإسلام والفتوحات, ولا أصل له في كلام العرب والبادية، وقد أختلف في مخارج الحروف والأعضاء التي تصدر منها الحروف، وعدّها الخليل سبعة عشر مخرجاً، أما سيبويه فجعلها ستة عشر مخرجاً، ومنها :
الأول : أقصى الحلق.
الثاني : وسط الحلق.
الثالث : أدنى الحلق.
الرابع : أقصى اللسان، ولكل منها حرف أو أكثر يخرج منها.
والخيشوم يخرج منه النون والميم المشددان، وكيفية معرفة مخرج الحرف فتح الفم بالألف ثم النطق بالحرف فتعرف بمخرجه مقره وإستقراره، أي إستقرار الحرف، فتقول (اب) لبيان مخرج الباء وهو الشفتان والميم وتسمى الحروف الشفهية، وأقصى الحلق الهمزة، ووسط الحلق العين والحاء، وقيل أن لكل حرف مخرجاً.
ولا يجب على المكلف معرفة مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد، ومن أهم الحروف التي يلزم مراعاة قواعد النطق عند التلفظ به (الضاد) وقد ينشغل بعض أهل العلم في كيفية التلفظ به تمريناً وإتقاناً، ومخرجه من بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، ويكفي الصدق العرفي للتلفظ بهذا الحرف، وإن خرج من غير التفات إلى الكيفية التي يخرج بها.
وإذ أجمع أهل التجويد على الغنة بحرفي النون والميم المشددين مع النون الساكنة أو مع غيرها، فإنهم إختلفوا في الياء والواو, فقد روى خلف عن حمزة الزيات أنه كان يدغمها مع النون الساكنة من غير غنة.
ومن أمثلة الإدغام بغنة :
عن نفسي : تقرأ : عنّفسِ( ).
فضلاً من الله: تقرأ : فضلمن الله( ).
ومن يعمل : تقرأ : ومي يعمل( ).
كتاب مبين : تقرأ : كتابمبين.
وتظهر النون في نون والقلم، ويس والقرآنالقرآن أي عدم الإدغام فيها.
الثاني : إدغام كامل : وهو إدغام بغير غنة، وحروفه هي اللام والراء، ويراد بالإدغام الكامل عدم بقاء أثر للنون الساكنة أو للتنوين، أي أن أثرهما لفظي ينعدم وتزول الغنة أيضاً، لذا يسمى كاملاً أي الغنة هي الأخرى غير موجودة فالنون إذا لاقت لاماً تقلب لاماً، وإذا لاقت راء تقلب راء وتدغم فيهما، وقيل العلماء متفقون على إدغام النون مع اللام والراء من غير غنة.
ومن أمثلة إدغام النون مع اللام والراء :
أن لا تقرأ، تقرأ : الا تقرأ.
يبين لنا( )، تقرأ : يبيلنا.
ولكن لا يعلمون( )، تقرأ : ولكل لا يعلمون.
من ربهم : تقرأ : مر ربهم.
غفور رحيم : تقرأ : غفورحيم.
وقال علماء القراءة في سورة الفاتحة تقرأ بالإدغام في الله، الرحمن، الرحيم، الدين، الصراط، الضالين، والإدغام هنا للام فلا تظهر في القراءة بل تتحول إلى حرف مماثل للحرف الأول من الإسم، وتظهر خفيفة بالتشديد في تلفظ للحرف الأول ولكنها تبقى في الكتابة، أما في المصحف فتوضع شدة فوق الحرف الشمسي مثل الرحمن، الصلاة الزكاة.
ويحتمل الإدغام بلحاظ إعتباره وجوهاً :
الأول : له موضوعية في اللغة العربية.
الثاني : متعارف للرسوم في النهج العربي السليم.
الثالث : إنه نوع طريق لإحراز الإتيان باللفظ وفق القواعد والأصول.
الرابع : إنه من التخفيف اللساني الذي جاء مع كثرة المولدين وصعوبة تلفظ جماعات من الذين دخلوا الإسلام وسعوا جاهدين لتعلم العربية، مع وجود أدلة على قواعد الإدغام.
ويستحب الإدغام في مثل إذهب بكتابي، ويدرككم، مما إجتمع فيه كلمتان متماثلتان مع كون الأول ساكناً، وتظهر اللام الموجودة في الحرف مثل بل [بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ]، الا إذا وقع بعدها لام أو راء، فتدغم على وجهين :
الأول : للتماثل مع اللام : مثل قوله تعالىتعالى[ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ]( ).
الثاني : إذا جــاء بعدها راء فللتقارب بينهما كما في قوله تعالىتعالى[بَل رَبُّكُمْ].
أما لام الفعل أي التي وقعت في وسطه أو آخره وسواء كان الفعل ماضياً أو مضارعاً أو أمراً فحكمها الإظهار، مثل قوله تعالىتعالى وَجَعَلْنَا مِنْ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.
التقسيم الثاني : للإدغام وهو بلحاظ تباين هيئة وحركة الحرفين، فالإدغام الكبير هو الذي يكون أول الحرفين فيه متحركاً، أما الإدغام الصغير فما كان الحرف الأول فيه ساكناً وهذا السكون على وجوه :
الأول : واجب.
الثاني : ممتنع.
الثالث : جائز.
وسمي بالكبير لوجوه منها:
الأول : كثرة وقوعه ولأن الحركة فيه أكثر من السكون، أو لتعدد وجوهه فإنه يشمل أقسام المثلين، وهما ما إتفقا مخرجاً وإختلفا صفة، والجنسين وهما ما إتفقا صيغة وإختلفا مخرجاً، والمتقاربين ما تقاربا مخرجاً أو صفة مثل الباء مع الفاء[وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ]( ).
الثاني : كثرة العمل به.
من قواعد الإدغام أنه ليس مطلقاً بمعنى أن هناك مواضع في اللغة مستثناة من الإدغام ولا تجري فيها قواعده فالإدغام يتحقق إذا التقت النون الساكنة أو التنوين مع أحد حروف يرملون في كلمتين، والتقييد بكلمتين يخرج التقاؤهما بكلمة واحدة، فتظهر النون حينئذ مثل (بُنيان) [أن اللَّهَ يُحِبُّ الذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كانهُمْ بُنيَان مَرْصُوصٌ ]( ) ، ومثل قنوان [وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَان]( )، ومثل بنا، أنا، وأستشهد بما يبدأ بالنون كالناس باعتبار أن النون من الحروف الشمسية.
وقيل بالإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف يرملون فيما عدا اللام والراء.
وأحتج على وجوب الإدغام بدليل أنه مقتضى النهج العربي المعتبر في أداء الكلمات، وأدعي عدم ظهور الخلاف من الفقهاء في وجوبه وإن ترك الإدغام من الغلط، ولكنه أول الدعوى ويحتاج إلى بينة ودليل نقلي أو عقلي.
والمتيقن من الإجماع في حال ثبوته هو إعتبار الفصاحة في الجملة وقد أستعمل في القرآنالقرآن بالإدغام وغيره، ومن الأول مد الأرض ومن الثاني (فليمدد له الرحمن مداً) ( )، وتحصيل الإجماع على الإدغام ورفعه أمر ليس بالسهل.
مسائل
الأولى : الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين احد حروف يرملون مستحب، والأقوى عدم وجوبه لصدق الكلام بدونه وللأجر والثواب بقراءة كل حرف من القرآنالقرآن، وكذا عدم وجوب الغنة وصحة الكلام بدونها وأحياناً تنفر النفس من إخراج الغنة.
الثانية : المدار في إخراج الحروف على صدق التلفظ بها، فلا تجب معرفة مخارجها وفق ما ذكره علماء التجويد لأنه نوع طريق لإحراز صدق التلفظ، وليس من دليل تعبدي على لزوم تلك القواعد كجعل أول احدى حافتي اللسان وما عليها من الأضراس مخرجاً للضاد، وطرف اللسان، وطرف الثنايا مخرجاً للظاء والذال والثاء.
الثالثة : المد الذي يتوقف أداء الكلمة مادة أو هيئة عليه مثل ضالين واجب بالمقدار الذي تصدق معه صحة اللفظ وإفادة المعنى، اما المد الذي يكون بعد أحد حروف المد، وهي الواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها، والالف المفتوح ما قبلها فهو من المحسنات في الجملة وبحسب المتعارف تكون من المستحبات، كما لو كان المد بمقدار حرف الالف مرتين، وقيل أربع مرات، والمدار على عدم خروج الكلمة عن معناها.
مس المصحف
قال تعالىتعالى[أنهُ لَقرآن كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ الا المُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالمِينَ]( ) اللام في القرآنلقرآن مزحلقة والجملة جواب لقسم لا محل لها من الاعراب.
لا : نافية، ويمسه : فعل مضارع ومفعوله، وإلا : أداة حصر، المطهرون : فاعل يمسه.
وقيل لا : ناهية، ويمسه يكون حينئذ فعلاً مضارعاً مجزوماً بلا ولكنه لما أدغم حرك آخره ورفعت السين بدل سكونها لأجل الإدغام فكانت الحركة ضمة إتباعاً للهاء، والأول ورد في قراءة عبد الله بن مسعود البيانية ولعله لإظهار أن عبد الله بن مسعود قرأها للبيان والتفسير والإيضاح ولم يثبت أن تلك قراءته، وإصطلاح (البيانية) يفتح لنا باباً لدراسة القراءات القرآنالقرآنية فما قيل عن قراءات مخالفة قرأها عبد الله بن مسعود قد يكون أكثرها للبيان.
ومثل هذا الفعل البياني يتكرر في أداء الصلاة وقراءة القرآنالقرآن لأن المسلمين في كل زمان يسعون إلى القراءة الصحيحة التي إستقرت على الذي بين الدفتين.
وقال الرازي : إذا كان الأصح أن المراد من الكتاب اللوح المحفوظ، فالصحيح أن الضمير في [ لاَ يَمَسُّهُ ] للكتاب، فكيف يصح قول الشافعي : لا يجوز مس المصحف للمحدث.
والمعروف أن الدلالة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : الدلالة المطابقية.
الثاني : الدلالة التضمنية.
الثالث : الدلالة الالتزامية.
فالأولى : تعني دلالة اللفظ على تمام ما وضع له كدلالة المركبة على جميع ما تتضمنه من الأجزاء.
والثانية : دلالة اللفظ على جزء معناه كدلالة لفظ الدار على بعض غرفها، أو دلالة لفظ البستان على بعض أشجاره ، وكما في قوله تعالى [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ] ( ) إذ قال جماعة من المؤمنين : إذا لقينا العدو لن مفر ولن نرجع عنهم ، وعندما وقعت معركة أحدلم يقوا بما وعدوا وكسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشج وجهه .
والثالثة : دلالة اللفظ على لازم معناه كدلالة المصباح على الإنارة والدرس على العلم.
وهل لنزول القرآنالقرآن من السماء دلالة على وجوب الوضوء عند مس المصحف من الأدلة الثلاثة بما يفيد إكرامه وعدم إهانته.
وصحيح أن الإكرام قد يتحصل مسماه بالقراءة والعمل بأحكامه وإجلال القرآنالقرآن وتعاهده الا أن ذلك لا يمنع من الإستدلال بالدلالة الالتزامية بأن القرآنالقرآن كلام الله، ومن وجوه إكرامه عند مسه .
وكما أننا لا نقف بين يدي الله في الصلاة الا على طهارة ووضوء ، قال تعالى [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] ( ) كذلك مس كلامه ولكنه من القياس الذي لا يفيد الظن المعتبر كأن يقال تحتاج الصلاة إلى طهور لأنها وقوف بين يدي الله، وقراءة كلام الله كأنها وقوف بين يديه تعالىتعالى فتستلزم القراءة الوضوء والطهارة، وقد يقال أنه من الإستحسان وهو رجحان ينقدح في نفس الفقيه يتعلق بحكم خاص لموضوع معين عند ملاحظة القرائن والأمارات في بابه من غير دليل عليه بالخصوص.
وفي الفقه مثلاً يقال حرمة تخيل صورة المرأة الأجنبية بواسطة حرمة حال النظر واللمس والتقبيل ونحوها، والمدار على حرمة المس من غير طهر على النصوص المعتبرة شرعاً منها ، وفي معنى المطهرين في الآية وجوه :
الأول : لا يطلع على الكتاب المكنون في اللوح إلا الملائكة المطهرون وهم مطهرون من الكدورات الجسمانية .
الثاني : لا يمس القرآن إلا المطهرون من الأحداث ، فيكون النفي في الآية بمعنى النهي ، فلا يجوز للجنب والحائط والمحدث مس المصحف (وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود وابن المنذر عن عبدالله بن أبي بكر عن أبيه قال : في كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم : لا تمس القرآن إلا على طهور .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن زيد قال : كنا مع سلمان فانطلق إلى حاجة فتوارى عنا ، فخرج إلينا فقلنا : لو توضأت فسألناك عن أشياء من القرآن ، فقال : سلوني فإني لست أمسّه إنما يمسه المطهرون ، ثم تلا { لا يمسه إلا المطهرون } .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يمس القرآن إلا طاهر ) ( ).
الثالث : لا يطلبه إلا المنزهون والمطهرون من الكفر ، لذا قال تعالى [أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ] ( ) أي تتعمدون التهوان .
(وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل ، عن أنس قال : خرج عمر متقلداً بالسيف لقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمر ، قال : أريد أن أقتل محمداً . قال : وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك! قال : أفلا أدلك على العجب؟! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك ، فمشى عمرا زائراً حتى أتاهما ، وعندهما خباب ، فلما سمع خباب بحس عمر ، توارى في البيت ، فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون { طه } فقالا : ما عدا حديثاً تحدثنا به . قال : فلعلكما قد صبأتما . فقال له خنته : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديداً : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها . فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، فقالت أخته : إنك رجس وإنه { لا يمسه إلا المطهرون }( ) فقم فتوضأ ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ { طه } حتى انتهى إلى { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } فقال عمر : دلوني على محمد ، فلما سمع خباب قول عمر ، خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لك ليلة الخميس اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ، أو بعمر بن هشام فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .) ( ).
والكريم الذي تجتمع فيه وجوه الفضل والذي لا يلجأ إلى غيره عن حاجة، لذا يسمون الذي لا يسال الناس كريم النفس، والكرم صفة لازمت السخاء والعطاء وهي تصدق على القرآنالقرآن وكل ما يطلب تجده فيه ويعطيه، فصفة الكرم له سماوية وليست كسبية بل هي بالأصل والذات، ففيه أحكام الشريعة والعلوم وأبواب الرزق والمغفرة وهو سلاح إلى الآخرة، ثم ما المراد من الكتاب في الآية خصوصاً وأن الجملة وردت في معنى الظرفية مما يدل في ظاهره على الغيرية، فالكتاب هو المصحف والمحتوى هو القرآنالقرآن كما قيل، ووصفه الله تعالىتعالى بالمكنون الذي يعني أنه محفوظ بعناية تمام الحفظ موضوعاً ومضموناً وغرضاً وإفاضة.
ومن الإعجاز أن ترى المسلمين والمسلمات يتعاهدون النسخ الشخصية من المصحف الجديدة والقديمة، المطبوعة والمخطوطة، وتزداد النسخ لتبلغ الملايين ونقول الحاجة إلى المزيد، ومعها تحفظ وتكرم هذه النسخ مع الإستعداد على نحو العموم المجموعي والإستغراقي والبدلي لحفظ القرآنالقرآن.
وقد لا ترى في قوانين الحكومات العربية والإسلامية أنظمة سنت لمعاقبة الذين يحاولون هتك القرآنالقرآن على نحو الخصوص والتعيين، فهل هو تقصير، الجواب: لا، لأنها سالبة بإنتفاء الموضوع فلا تستلزم قانوناً وضعياً لها بالخصوص للإكرام العام لأحكام الشريعة، ونسال الله تعالىتعالى أن يكون ذلك مستديماً باللازم والملزوم معاً، والظاهر أن الكتاب غير المصحف بالذات كوعاء للقرآن، والقرآنالقرآن يفسر بعضه بعضاً، قال تعالىتعالى [ بَلْ هُوَ قرآن مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ]( )، وقيل أن اللوح المحفوظ مستور لا يطلع عليه الا ملائكة مخصصون.
وقوله تعالىتعالى [لاَ يمَسُّهُ] الضمير يعود فيه إلى القرآنالقرآن، وقيل إلى الكتاب، والظاهر أن المراد هو القرآنالقرآن، والجملة خبرية، ولكن هل تكون بمعنى الإنشائية ويستفاد منها الأمر.
والخبر كما يعرف في علم المنطق هو المركب التام الذي يصح أن يوصف بالصدق او الكذب، وهو متعلق التصديق، وتارة لا يكون للكلام نسبة تامة ظاهرة في الواقع تطابق الكلام أو لا تطابقه، بل أن المتكلم يوجد المعنى بلفظ المركب والذي يسمى الإنشاء إذ لا يصح أن نصفه بصدق او كذب لأن معانيه توليدية من اللفظ كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والتعجب والايقاع.
فهل الآية أمر بالوضوء حين إرادة مس كتابة القرآنالقرآن أم لمس الكتاب مطلقاً أي غلافه وأوراقه لإطلاق اسم القرآنالقرآن، وربما نوقش في الكبرى وهي تعلق الآية بالمقام وأحكام المس، وأن المطهرين غير المتطهرين، والأقوى إفادة ذات المعنى، ولكنه لا يمنع من حمل الآية على فهم معاني الكتاب ومعرفة تأويلها.
فعمومات تفسير السنة للقرآن يدل على المعنى الأعم للآية،
فقد كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمرو بن حزم: “لا يمس القرآنالقرآن من هو على غير طهر”( ).
والأقوى أن الوضوء مستحب نفسي لمحبوبيته عند الله وواجب غيري وهو المشهور، وإن أنكر جماعة الإستحباب النفسي للوضوء وقالوا أنما يترشح عليه الإستحباب من غاياته المستحبة.
وللوضوء غايات واجبة أهمها أنه مقدمة للصلاة الواجبة كالفريضة اليومية، والطواف الواجب الذي يكون جزء من الحج أو العمرة وإن كانا مندوبين، ومس الكتاب موجب للوضوء وفيه تفصيل يتعلق بسبب المس وموضوعه، فاذا وجب فلابد من الوضوء كمقدمة لمسه لوجوب المقدمة بسبب وجوب ذيها، كما لو كان مس كتابة القرآنالقرآن واجباً بالنذر، أو أنه وقع في موضع يجب إخراجه منه، أو لتطهيره إذا صار متنجساً حال الإخراج، أو توقف التطهير على مس كتابته بشرط أن لا يكون التأخير بمقدار الوضوء موجباً لهتك حرمته.
أما لو لم يكن مس الكتابة واجباً، كما لو كان يقرأ القرآنالقرآن فهل يجب الوضوء، الأقوى: لا، مع عدم جواز تعمد المس من غير وضوء .
ويجوز النذر بالوضوء عند قراءة القرآنالقرآن، وفيه تفصيل بلحاظ النية واللفظ، فاذا نذر أن يتوضأ عند قراءته القرآنالقرآن فلا تجب القراءة، ولكن لو أراد القراءة فلابد من الوضوء لعمومات أدلة النذر ورجحانه لأن القراءة مع الوضوء أفضل من القراءة من غير وضوء.
أما لو نذر أن يقرأ القرآنالقرآن مع الوضوء فلابد حينئذ من الجمع بين الأمرين لأن النذر مركب منهما.
وهل تنحصر حرمة مس كتابة القرآنالقرآن على المحدث بيده أم تشمل الحرمة سائر البدن، ولو بالأجزاء الداخلية للبدن كالأسنان واللسان، الجواب: أن الحرمة عامة لإطلاق الدليل وصدق اسم المس على جميع الأجزاء، أما المس بالشعر فالأقوى عدم حرمته والأحوط إجتنابه، ومنهم من فرق بين الشعر الخفيف والكثيف، وقال بصدق المس في الأول كما لو مس الكتابة بشعر لحيته الخفيف أو بشعر ذراعه فيصدق عليه أنه مس الكتابة فيشمله الدليل الدال على حرمة مس الكتابة من غير طهر، ولكن إطلاقات الأدلة حاكمة وبالامكان التفرقة بين مس الوجه وشعر اللحية، وبين مس اليد وشعرها.
والأقوى شمول الحرف الذي يُقرأ ولم يكتب، كالالف في رحمن ولقمان إذا كتب كرحمان ولقمان لأنه صحيح حسب قواعد الكتابة ولأنه جزء من القرآنالقرآن المقروء وإن لم يكن جزء من القرآنالقرآن المكتوب بين الدفتين في المصحف، وإنما كتب القرآنالقرآن المتعارف أيام الخليفة عثمان بن عفان بالكيفية الحالية رحمن، لقمن، وظل عليها إلى الآن وهو الأنسب، أي بقاؤه على نفس الهيئة والكيفية، وعدم الإجتهاد والتغيير في كتابة حروفه، فلو كتبت كلمة الرحمن بالالف فلا يجوز مسه أيضاً، خصوصاً وأن الحرمة تشمل ما اذا كانت الكلمة القرآنالقرآنية في المصحف.
والأقوى جواز مس ما على الدراهم والنقود لتغير الموضوع ولعدم الجزئية من القرآنالقرآن ولقاعدة نفي الحرج وفي خبر محمد بن مسلم عن الامام الباقر قال : “سالته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب؟ فقال: أي إني والله لأوتى بالدرهم فآخذه وأنا جنب”، والدرهم الابيض عليه سورة من القرآنالقرآن، ويمكن مناقشة الرواية سنداً ودلالة خصوصاً وأن الحكم لا ينحصر بالدرهم، بل يمكن إستظهار الجواز للأعم من الدرهم لعدم خصوصية الدرهم بل يشمل غير المصحف مما هو مستعمل كالإناء والثوب والكفن، والرواية ضعيفة سنداً بالإرسال.
قاعدة رجالية جديدة
الذي لم يرد فيه مدح ولا ذم أعم من الضعيف، فإذا روى عنه الثقة فهو أرقى من الضعيف وإن لم يرق إلى الحسن أو الموثق وكأنه برزخ بين الحسن وبين الضعيف، فلا بأس بأن نستحدث عنواناً وصفة لمثل هذا ونطلق عليه عنوان (المعتمد) وهو الذي روى عنه الثقات ممن لم يذكر بمدح أو ذم، وكذا يشمل من كان من مشايخ الإجازة، وإن لم يكن مذكوراً في كتب الرجال وإنما ذكر في الطرق وهو كاف لعدم إسقاطه من الإعتبار.
وحرمة المس مطلقة بلحاظ أوان الفعل وإستدامته فلا فرق فيه بين الإبتداء والإستدامة، فلو كانت يده على الخط فاحدث فلا يجوز إبقاؤها بل يجب رفعها فوراً، وقد يستلزم الأمر التوضأ أو التيمم، أو لا يستلزم كما لو كان الحدث النوم أو الريح فله حينئذ أن يستمر على القراءة من غير أن يمس الكتابة، ولا تنحصر بالآية القرآنالقرآنية بل تشمل الكلمة والحرف
القرآنالقرآني وإن كان لا يقرأ كالالف في قالوا وآمنوا، ولو مسه غفلة ثم التفت أنه محدث فلا يجوز له المس حينئذ.
وحرمة المس تشمل وجوه الكتابة المختلفة، فالخط بلحاظ المكتوب عليه ونوع الكتابة ينقسم إلى :
الأول : الخط الظاهر الذي يبرز كنتوء على سطح القرطاس او الجلد.
الثاني : الخط العادي الذي لا يبرز على سطح القرطاس والجسم المكتوب عليه، وهو المتعارف في الزمن الحاضر، ومنه المطبوع بأنواعه والإستنساخ.
الثالث : الخط المحفور كما لو كانت الكتابة حفراً للحروف والكلمات على الخشب او النحاس.
ولا خلاف في حرمة المس في القسم الأول والثاني، ولكن هل تنتفي الحرمة بالنسبة للثالث باعتبار أن الحفر يجعل الحرف غير قابل للمس لقيام الخط فيه في الهواء فلا يصدق عليه المسمى عرفاً، والأقوى شموله بأدلة الحرمة، لأن الأحكام الشرعية لا تنزل على الدقة العقلية والتحقيق الهندسي والفلسفي المحض بل تبتنى على الدقة العرفية، فبالإضافة إلى صدق الكتابة على كل ما هو محفور فأن أطراف اللفظ والحرف القرآنالقرآني تشملها أدلة حرمة المس، بالإضافة إلى عمومات إكرام القرآنالقرآن.
وتشمل الحرمة الحروف والخطوط المهجورة والمتروكة لصدق اسم القرآنالقرآنية عليها، وتشمل الإستنساخ ونحوه من الكتابة، وإذا تمّ مس الكلمة القرآنالقرآنية على شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر فلا يصدق عليه المس للتباين الموضوعي، ولأن الشاشة الة تتبدل بها الكلمات ولا يصدق عليها الكتابة قبل أن تصل النوبة إلى أن الشاشة يكسوها غطاء رقيق تخرج الكتابة من تحته، والحرمة لا تشمل المترجم من كلام الله، ولكنه الاحوط.
فائدة
من إعجاز القرآنالقرآن تعدد المعاني والمضامين القدسية للآية القرآنالقرآنية والحكم القرآنالقرآني، فكما يحرم مس كلمات القرآنالقرآن فإن معاني الآيات القرآنالقرآنية تتعدى المتفاهم في صيغ الخطاب، وتترك في النفوس أثراً مركباً وتدعو بالحاح إلى تدبرها مع الإحساس الذاتي بأن الخطاب القرآنالقرآني يتضمن معاني قدسية وتشريفية لأنه من عند الله عز وجل.
وتجب إزالة النجاسة عن ورق المصحف الشريف وعن جلده وغلافه مما يمكن إعتباره من ضروريات الدين وإكرام القرآنالقرآن وعدم هتكه، ومن وجوه الإكرام تعاهد المصحف أي النسخة الواحدة من القرآنالقرآن، والمنع من تنجيسه أو هتكه إذ أن الهتك أعم من التنجيس.
وهل تنحصر الحرمة بصورة الهتك لأصالة البراءة عن الزائد بعد فقد الدليل، أم تكون مطلقة، أي لو حصل تنجيس وليس فيه هتك فعلى الأول ليس بحرام، وعلى الثاني هو حرام لأن التنجيس منهي عنه بالذات وليس بالعنوان الثانوي والإعتباري الزائد، الجواب: هو الثاني فالتنجيس حرام سواء بعنوان الهتك والتعدي أو عدمه خصوصاً مع صعوبة إنفكاك اللازم عن الملزوم إذ أن الهتك من الكلي المشكك الذي يقع على مسميات بمعنى واحد وبينها تباين في الكثرة والقلة، والشدة والضعف، وبعض الأفراد أولى بالكلي من البعض الآخر أو أشد، وقد يكون عند بعض بذات المعنى وعند غيرهم بغيره، كما في موضوع الهتك فقد يكون فعل فيه هتك عند قوم وعند غيرهم لا يعد هتكاً، فتنجيس المصحف محرم تكليفاً من غير مدخلية لعناوين الهتك، بل إنها تترشح قهراً وإنطباقاً عن التنجيس وإن لم تكن مقصودة بالذات.
ويقابله الكلي المتواطئ وهو عنوان جامع لأعيان متعددة بمعنى واحد مشترك بينها، أي أنه ينطبق على مصاديقه على السواء كالكتاب ينطبق على أفراد الكتاب المتعددة، والإنسان ينطبق على الأشخاص، والحيوان ينطبق على جنس الحيوانات، فالهتك من الأول من الكلي المشكك فلا تنحصر الحرمة بعنوان الهتك وقصده من الفاعل، بل يشمل الهتك عرفاً أو أثراً، أو يدل على نوع جفاء وإعراض، ويكفي تحقق الهتك عند البعض ليترتب الحكم التكليفي برفعه ومنعه.
ثم أنه مخالف للأمر بتطهير القرآنالقرآن وإجلاله، وليس من منزلة برزخ بينهما على القول بأن الأمر بالشيء يعني النهي عن ضده، ولا يجوز حرق المصحف وأوراق القرآنالقرآن البالية من غير حاجة وضرورة لعدم خلو الحرق من الهتك والقسوة، والنار صفة وعنوان عقوبة، بل يلزم حفظ الورق البالي منه او دفنه في الأرض أو القاؤه في الماء الجاري او إعادة تصنيعه، والأولى حينئذ إعادة طبع القرآنالقرآن به.
وحرمة التنجيس مطلقة سواء كان المصحف ملكاً خاصاً او ملكاً للغير لأنها حرمة ذاتية لا تتعلق بملكية وإعتبار إضافي، وهتك المصحف الشخصي والنسخة الخاصة هو تعد على الغير لما فيه من الإساءة لعموم المسلمين وإيذاء لهم.
ويمكن عده من الحقوق المركبة من وجوه :
الأول : حق الله.
الثاني : حق القرآنالقرآن.
الثالث : حق المالك.
الرابع : حق المسلمين.
نعم في ملك الغير يستلزم الضمان لعمومات قاعدة اليد والإتلاف بما فيه ضمان الأرش والنقص فيه والأوصاف التي لها إعتبار في ماليته، ويضمن النقص الحاصل بتطهير المصحف وكذا الأجرة والمؤونة التي تصرف في تطهيره وتطهير الكتابة القرآنالقرآنية لو كانت مكتوبة على الورق أو الفرش او الجدار، بالإضافة إلى التجرء الإضافي في خصوص ملك الغير، فالحرمة في الملك الخاص أيضاً بالفتوى وليس بالإحتياط الوجوبي.
ولا فرق في حرمة التنجيس سواء كانت حرمة تنجيس ورق المصحف أو جلده أو غلافه لترشح الشرف وأسباب الحرمة على الجلد والغلاف بالإضافة إلى القرآنالقرآن وإكتسابها الإحترام لإحتوائها على كتاب الله وكلامه وعدّه عرفاً قرآناً، فالعرف لا يفرق بين الموضع الذي كتب عليه الحرف القرآنالقرآني وبين ما جاوره منها ومطلق الورقة فيما يتعلق بحرمة الهتك، وإن كان للحكم فيه تفصيل فهو في الكيفية والإعتبار، وليس في أصل الحرمة، ووجوب الإزالة بل هما ثابتان للإثنين معاً.
وقيل : الإستدلال على وجوب ازالة النجاسة بفحوى حرمة مس المحدث الكتاب من غرائب الكلام ولكن الإستدلال بها وجيه لأولوية ومفهوم الموافقة وعمومات الأدلة وإن لم تصل النوبة اليه، لذا تسالم بلزوم تنزيه الكتاب ومنع هتكه.
وحرمة التنجيس بالأولوية القطعية ففي القرآنالقرآن بيان لكل شيء مما يعني استنباط حكم حرمة التنجيس من النهي عن مسه لغير المطهرين، فالآية سور جامع، والظاهر أن الآية وتفسيرها دليل على حرمة تنجيس الكتاب بالإضافة إلى أنه من المتسالم عند المسلمين، وتشهد له سيرتهم وأحكامهم، والدليل العقلي يفيد تنزيه وإكرام القرآنالقرآن.
ويحرم وضع المصحف على الأعيان النجسة لأنه هتك لحرمته ويجب رفعها عنه وإن كانت يابسة مبخرة، نعم لو لم يكن موضوعاً للهتك بل كان للحفظ مثلاً كما لو وضع المصحف في صندوق من جلد الميتة، فالأقوى عدم الحرمة مع عدم سريان نجاسة برطوبة ونحوها لأن الحكم تابع للموضوع ولأن القصد هنا الحفظ والتعاهد في وعاء متعارف.
ولا يجوز إعطاء الكافر المصحف، وجعله في يده ولا يجوز تمكينه من المصحف، وإن قلنا بأنه ليس من الإعانة على الحرام وهل يمكن استحضار حرمة دخول الكفار للبيت الحرام, قال تعالىتعالى [ إنمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ]( )، الجواب : إنه قياس مع الفارق.
وقال أحد الأعلام : (أنهم يعيشون في بلاد المسلمين على حريتهم ويعامل معهم بأحكامهم وقوانينهم ولا يعامل معهم معاملة المسلمين بأحكامهم، فاذا علمنا أن احداً منهم يشرب الخمر في داره لم يجز لنا ردعه دفعاً له لعدم كونه منكراً في مذهبه، وعليه فلا يجوز اخذ المصحف من يد الكافر دفعاً لمسه وتنجيسه لأن تنجيس المصحف ليس بمنكر على مذهبه).
ولكنه قياس مع الفارق وإختلاف اللحاظ إذ أن الإذن لهم بالعمل وفق أحكامهم أنما هو للنص والإجماع وهو أيضاً منحصر بأهل الكتاب، والكافر يشمل غير الكتابي والوثني الذي يدعى إلى الإسلام ولا يرضى منه بالجزية، واذا تعلق الإذن بأحكامهم فلا معنى للتعدي إلى غيرها، وليس في أحكامهم جواز مس وتنجيس المصحف، فهو من شؤون دين المسلمين ومختصاتهم، وللمسلمين أن يحفظوه ويتجنبوا هتكه والإساءة له وفق القواعد الشرعية، وعلى الذمي أن يلتزم بأحكام الذمة وعدم الإساءة إلى الإسلام وعدم التجاهر بما هو غير جائز في الإسلام مما هو حلال عنده وعلى الكفار إجتناب هتك القرآن لأنه نازل من عند الله, قال تعالى [إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] ( )، فاذا تعين في موضوع أنه عنوان لهتك القرآنالقرآن فيجب أن يلتزم به الذمي من باب أولى, وقيل: “أن المصحف لو وجب أخذه من يد الكافر بهذا المناط لوجب أن يؤخذ منه غيره من الكتب السماوية كالتوراة وغيرها لإشتمالها على أسماء الله وأسماء الأنبياء بل وعلى أحكامه سبحانه لعدم كونها مفتعلة بأسرها فلو بقيت عنده لمسها وهو حرام” .
ولكنه من القياس مع الفارق إذ أن حرمة مس الكافر للقرآن جاءت خاصة به لأنه كلام الله الخالي من التحريف، وللتنزيه والآيات والنصوص الخاصة ولا تمس المستحاضة القرآنالقرآن الا مع الوضوء والغسل.
ومن المس ما هو واجب ومنه ما هو مندوب، أما المس الواجب كما في المس مقدمة لواجب لوجوب المقدمة لوجوب ذيها لو كان المصحف في مكان موجب لهتكه فيجب مسه لرفعه وتنزيهه.
نعم لو كان الوضوء يستغرق مدة يكون فيها تأخير إبقاء القرآنالقرآن في ذات المكان هتكاً حينئذ تمسه من دون وضوء، ولو كانت المستحاضة قد توضأت للصلاة فيكفيها الغسل لها، ولو أرادت تكرار المس فيجب عليها تكرار الوضوء، والأحوط ترك المس لها مطلقاً.
والمشهور بأن المستحاضة إذا اتت بوظائفها فتكون بحكم الطاهرة فيتعلق بأدائها الصلاة وإتيان العبادات، وتعني أن الدم الخارج منها بعد الغسل والوضوء لا يعتبر حدثاً.
ومع أن المس أمر مستحب وليس من عباداتها اليومية المفروضة فالإجماع على جواز مس المستحاضة إذا أتت بوظائفها وتدل عليه إطلاقات الطهارة وأحكام الأولوية، وقاعدة نفي الحرج، وأصالة البراءة وقاعدة نفي الحرج.
وشروط المس تعود إلى أحكام تنزيه القرآنالقرآن وإجلاله لأنه الكتاب السماوي في الأرض لا إلى أمور ترجع إلى القارئ أو السامع، فالتشريع الإسلامي مبتنى على إكرام المقدسات وهو معنى ظاهري للالتزام الروحي والنفسي بأحكامها، فما لا يكون مهاباً في الظاهر لا تنجذب النفوس للعمل به وفق أوامره أو تجتنب نواهيه.
ومن التكامل في الشريعة الإسلامية التخفيف عن الحائض وسقوط الصلاة عنها، وهو أمر يدل بالدلالة الالتزامية على تنزيه الصلاة ايضاً وكل ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر، ينزل عليها الدم وتستعد للولد خلقة فيخفف عنها في العبادة، ولكنه في أحكام القراءة يجمع بين الأمرين ولا يمنع عنها الإتيان بالقراءة على نحو محدود يمنع عنها المس إعتباره دليلاً على عدم إجتماع الضدين,لأن الصلاة طهارة وتطهير, والحيض حدث وخبث الجواب : نعم، لتكون القاعدة العامة عند المسلمين هي تنزيه القرآنالقرآن وإكرامه من غير أن يتعارض هذا التنزيه مع دوام ذكر الله تعالىتعالى .
فقوله تعالىتعالى [ لاَ يَمَسُّهُ الا المُطَهَّرُونَ] ( )، ورد في القرآنالقرآن، والآية وإن كانت جملة خبرية الا أنها أوكد في البعث والتحريك، والنهي أعم من أن يتعلق بعنوان الهتك بل هو حكم تكليفي، ولا ملازمة بينه وبين الكتب الأخرى من التوراة والإنجيل في باب أحكام المس.
فالمسلمون مأمورون بحفظ وتعاهد القرآنالقرآن بالخصوص مع الإقرار بالكتب السماوية الأخرى وتلك الكتب مما أقرهم الإسلام عليه, ومن شرائط الذمة الالتزام بأحكام القرآنالقرآن الذي نزل هدى ورحمة للناس جميعاً، ولكن المسلمين وحدهم الذين إنتفعوا منه وتعاهدوه.
ولو تنجس المصحف فالإجماع على وجوب الإزالة، ولكن فيه صور :
الأولى : إختصاص الوجوب بمالك المصحف.
الثانية : إختصاصه بمن قام بالتنجيس.
الثالثة : عدم إختصاصه بمن نجسه.
ولا مانع من إجتماع هذه الوجوه بلحاظ المناسبة والقرائن، وقد يكون وجوب الإزالة عينياً، ولو قام به غير المالك فله أن يرجع عليه بمؤونة الإزالة.
وحكم المصحف في رفع النجاسة كحكم المسجد، وسيأتي بيانه بالإستدلال إن شاء الله, وإجماع علماء الإسلام على عدم جواز مس الكافرللمصحف, وإختلفوا في الجنب والحائض والمحدث والمشهور قال بحرمة مسهم له, فقال به المالكية والإمامية ومنع أبو حنيفة والشافعي قراءة الجنب للقرآن , وقال أحمد بن حنبل والظاهرية بجواز مس القرآن من الجنب والحائض والمحدث حدثاً أصغر وذكر أن منع المحدث من مس المصحف قال به علي, وابن مسعود, وسعد بن أبي وقاص( )، ولا بد من التفكيك بين المس والقراءة, والقراءة على وجهين :
الأول : القراءة في المصحف .
الثاني : القراءة عن ظهر قلب .
والجنابة والحيض والحدث ليست برزخاً دون قراءة القرآن عن ظهر قلب خصوصاً السور التي يحفظها المسلم والمسلمة, وفي القراءة نوع تطهير للذات وتهذيب للنفس, وتعظيم لشعائر الله, وحرز من المعاصي, وفي مس الصبيان للمصحف وجهان :
الأول : المنع لشرط البلوغ في المس ومعرفة أحكام تطهير المصحف.
الثاني : الجواز .
والصحيح هو الثاني, مع تأديب الصبي على لزوم إكرام القرآن وتطهيره لتنمو معه ملكة تعظيم شأن وقدسية القرآن, وهذا المس لتعلم الصبي للقرآن وحفظ آياته.
قراءة سور العزائم
ومما يحرم على الجنب والحائض قراءة سور العزائم الأربعة وهي سورة حم السجدة وفصلت والنجم والعلق، وهل تتعلق الحرمة بالسورة كلها أم بالآية التي فيها السجدة فقط، مع الإقرار بالكبرى الكلية وهي تعلق الحرمة بتنزيه القرآنالقرآن وتعظيمه عند المسلمين، فمع كونه مسلماً فإن النجاسة جاءته بالعارض ويحرم مسه فكيف بالكافر، فقد وقع خلاف وإن كان أكثر الفقهاء أثناء البحث لا يذكرون تلك الآيات التي فيها السجدة خشية إتيان السجود من قبل القارئ ونحوه، ولكن البحث يقتضيه إذ أن عدم الإتيان بها وعدم تكرار ذكرها في مجالس الدرس حال دون حفظها وتعاهدها ومعرفتها من قبل كثير من طلاب العلم وكيف بغيرهم مع أن السجود لها فيه أجر وثواب ويجزي المسمى منه بالإضافة إلى حرمة قراءتها بالنسبة للجنب والحائض، فقد لا يلتفت للسجدة الا عند القراءة في المصحف , ورؤية العلامة الخاصة بها ,أو عند معرفة السورة بالنسبة للخاصة ويصعب ذلك على المستمع منهم.
والحرمة على خمسة وجوه :
الأول : تحريم قراءة الجنب والحائض تمام السورة التي فيها آية السجدة لأنه يستلزم سجدة التلاوة وللنص.
الثاني : تحريم خصوص آية السجدة.
الثالث : تحريم كل آية من السورة بما في ذلك البسملة للقول بأنها جزء من السورة.
الرابع : تحريم كل آية من السورة، وإن لم تكن آية السجدة لسريان الحرمة اليها عدا البسملة.
الخامس : قراءة بعض الآية أي اللفظ الذي فيه السجود، وهذا الوجه ولم يقل به احد.
وبين آيات وسوّر العزائم عموم وخصوص من وجه في خصوص القراءة، فموضوع الالتقاء القرآنالقرآنية، أما موضوع الإفتراق فأن آيات العزائم فيها سجود تلاوة، وفيها نصوص على اجتناب الجنب والحائض لقراءتها ولعله مترشح عن سجود التلاوة كواجب.
الجنب أخص من غير المتطهر، فيجوز مثلاً لغير المتوضأ أن يدخل المسجد الحرام وأن يطوف الطواف المندوب، في الوقت الذي لا يجوز للجنب أن يجتازه.
وفي حكمة المنع من قراءة الجنب والحائض لسوّر العزائم او آياتها وجوه :
الأول : خصوصية في هذه السوّر بالذات.
الثاني : ما فيها من ذكر للسجود, وعن ابن عباس في السجودفي {ص} ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها( ).
الثالث : ما يتعلق بها من الحكم والأمر بالسجود.
الرابع : ورد النهي عن قراءتها في الفريضة خصوصاً وأنها بعرض واحد في القرآنالقرآنية مع غيرها من السوّر.
الخامس : الإكرام والتنزيه الإضافي لبعض السوّر للالتفات للأحكام الشرعية التفصيلية.
السادس : مواضع السجود في القرآن , وفي خبر عبد الله بن عمروا إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان) ( ).
وهي الأول : قوله تعالى[إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ]( ) وعند الشافعي أربع عشرة سجدة, وعند مالك إحدى عشرة سجدة, وليس في المفصل منها شيء وقال أحمد هي خمس عشرة سجدة.
والظاهر هو إجتماع الوجوه أعلاه خصوصاً وأنه لا تعارض بينها.
وما المراد بالسجدة هل هو اسم السورة بكاملها أو فقط الآية بعد خروج المعنى اللغوي بالمخصص، إذ لا معنى لإرادة السجدة وإطلاقها على القراءة، فذكر القراءة في النصوص يدل على أن المطلوب هو قراءة الآية وليس السجود عندها او السورة التي فيها السجدة، وهذه النصوص مجملة لم تحدد النهي هل هو منحصر بالآية أم يشمل السورة بكاملها لاسيما وأنه يحتمل من السورة ذكر الكل وإرادة البعض وهو معروف في اللغة ويلحق به أقوال بعض الفقهاء أيضاً , ولكنه خلاف الظاهر فيحتاج إلى قرينة، لذا فإن الشك في معاقد الإجماعات يجعلنا نأخذ بالقدر المتيقن وإن كانت تلك الإجماعات إجتهادية وليست تعبدية مما يعني أنها ليست بحجة تامة , والمراد من السجدة هو الآية التي فيها السجود.
وقال إمام الحرمين: ولا تكره القراءة للمحدث، وفي الإتقان عن شرح المهذب: وأما الجنب والحائض فيحرم عليهما القراءة، نعم يجوز لهما النظر.
لابد من انحلال هذا البحث بهذه المناسبة المباركة الى موضوعين عام يتعلق بالنبوة والأنبياء مطلقاً، وخاص يتعلق بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ونبوته وما تمتاز به في دراسة مقارنة بينها وبين النبوات الأخرى بل وفضلها ونفعها للنبوات والأنبياء الآخرين.
ولغة سمي النبي نبياً لأنه انبأ عن الله تعالى أي اخبر وهو فعيل بمعنى مفعل، وقيل من النبوة والنباوة وهو الموضع المرتفع من الأرض لإرتفاع النبي بشريعته وتشريفه بالنبوة على سائر الخلق وان اصله غير مهمز.
وفي الإصطلاح النبي هو الإنسان الذي اختاره الله عز وجل للإخبار عنه من غير واسطة انسان آخر وبقولنا الذي اختاره الله أي انه نال النبوة بمشيئتة الله عز وجل وارادته وليس من فعل غيره، وبتقييده بالأخبار عنه، أي بالإخبار عن الله عز وجل وليس عن غيره، وان النبي لا يتكلم عن نفسه [[ وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحىوَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ]]( ).
وقد اجتمعت الخصائص المباركة للنبوة والرسالة كلها بشخص النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبأرقى معانيها ومضامينها فهو مجمع الكمالات الإنسانية واشرف المخلوقات وعز الإسلامالإسلام والكمال الذي تتباهى به الملائكة في عبودية عبوديته وجهاده وتبليغ الرسالة، لماذا النبوة وما هي وظائفها في الأرض، لابد من دراسة الغايات الإساسية، لوجود الإنسان على الأرض قال تعالى [[ وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدونوَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ]]( ).
والنبوة نعمة وفيها بعث لحياة الايمانالإيمان ودوام العبودية وحسن الامتثال للأوامر الإلهية، والعبادة حاجة ومنفعة للناس وليس لله عز وجل، ان واجب الوجود غير محتاج والحاجة ملازمة للإمكان، وقد تكون منافع عباده عبادة الجن والإنسان تتعداهم الى الملائكة وغيرهم من خلق الله اذ يرون عبادة المؤمنين وحسن امتثالهم للأوامر الإلهية، يرون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في سعيه الحثيث لتبليغ الرسالة وتسابق أصحابه الى القتل واختيار الشهادة لما بينه الإسلامالإسلام في من فلسفتها وان الموت ليس أمراً عدمياً بل هو مناسبة للإنتقال الى عالم الخلود وان الدنيا مزرعة للآخرة.
ويدل على هذا الوجدان وهو قصر ايام الإنسان في الحياة الدنيا وعلى بعد طموحه وسعة امله أمله والموت قريب منه يهدده كل لحظة.
والنبوة نوع طريقية الى العبادة وارشاد الناس لمصالحهم واحوال معايشهم كحفظ وحفظ النوع الإنساني ومنع الأضرار والظلم بينهم، لذا ترى الأنبياء جميعاً يشتركون في نبذ الظلم ويتبعون الشرع ألذي يجري وفق اسس الصلاح والنفع العام.
وبالنسبة لأحوال الآخرة فان النبوة تهدي الناس الى الحق وتدلهم على الأعمال الصالحة وسبيل الجنة، والمليون يقرون بالنبوة ولا عبرة بمن انكرها كالبراهمة وهو قبيلة تنتسب الى برهم احد حكماء الهند القدامى ولهم علامة ينفردون بها وهي خيوط ملونة بحمرة وصفرة يتقلدونها تقلد السيوف وهم يقولون بالتوحيد الا انهم ينكرون النبوات.
وقالوا لما صح ان الله حكيم وكان من بعث رسولاً وما يدري انه لايصدق، فلا شك انه متعنت عابث فوجب نفي بعث الرسل لنفي العبث والتعنت عنه تعالى وقالوا اذا كانت الغاية من بعث الرسل هداية الناس فقد كان اولى في حكمته واوثق ان يضطر العقول الى الهداية والإيمانالإيمان
وبعثة الأنبياء عندهم ليس من الممكن بل ممتنع في ذاته، ولكن النبوة من حكمته تعالى وهي رحمة للناس وحاجة لهم وهي رأفة بالبراهمة وشبههم ايضاً لو انتفعوا منها في الدنيا ولم يضيعوها بدعوى أثبت الواقع خلافها.
فلا غرابة ان يضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم السيف في غير المليين كحكم ضرورة بعد دعوتهم لإصلاحهم وتجنيب الإسلامالإسلام شرهم. والنبوة رحمة لهم بما اثبته الواقع والوجدان فحين سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن الدليل على البعثة فقال: “لما اثبتنا أن لنا خالقاً متعالياً عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيماً لا يشاهده خلقه، فلا يلامسهم ولا يلامسونه، ولا يباشرهم ولا يباشرونه، ثبت ان له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وهم الأنبياء الصفوة من الخلق”.
ومن الصفات التي تعتبر مؤهلات للنبوة العصمة من الزلل والمعصية لأن القلوب لا تنجذب الى صاحب المعصية وان يكون أفضل أهل زمانه بجميع الفضائل والمحاسن والكمالات لقبح تقديم المفضول على الفاضل، وان يكون أميناً، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمى “الصادق الأمين”، وان يكون شجاعاً لا تاخذه في الله لومة لائم، ونحوها من الاخلاق والصفات الحميدة.
لم تبدأ النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بل هي ملازمة للإنسان في وجوده في الارض، فقد تفضل سبحانه وجعل آدم عليه السلام أبا البشر نبياً إكراماً لبني الإنسان ولكي لا تنقطع حجته على الارض ابتداءً وبقاءً، وبالاسناد عن أبي أمامة عن أبي ذر قلت: “يا نبي الله، أنبياً كان آدم؟ قال: نعم، كان نبياً كلمه الله قبلاً، اختاره الله للتبليغ الى زوجه وولده”، بالاضافة الى ما في نبوته من عنوان اعتباري في الارض.
وفي الخبر أنه أنزل عليه احدى وعشرون صحيفة كتبها آدم عليه السلام بخط يده علمه إياها جبرئيل عليه السلام.
وفي نبوة آدم عليه السلام توكيد على عدم ترك الناس بلا نبي، فإن كانت هناك فترات بين الأنبياء فبسبب وجود بقية وتركة من الأنبياء السابقين وما يتفرع عنها، ولا بشر قبل آدم عليه السلام فاقتضت الحكمة كون آدم عليه السلام نبياً وأن يُبشر بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بعده لأنه سيد الأنبياء، وتدل على ذلكعليه جملة من النصوص وان النبوة الآن موجودة عندنا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وبما جاء به.
منها ان آدم عليه السلام اتخذ خاتماً وكان نقشه “لا إله الا الله محمد رسول الله”، وهذا الخاتم هبط معه من الجنة وهو المروي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
انه إقرار بالأفضلية ودعوة للإيمان به عند بعثه، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال: “اجتمع وُلد آدم في بيت فتشاجروا، فقال بعضهم: خير خلق الله أبونا آدم، فقال بعضهم: الملائكة المقربون، وقال بعضهم: حملة العرش، إذ دخل عليهم هبة الله فحكوا له فرجع الى آدم عليه السلام وقال له: يا أبتِ اني دخلت على اخوتي وهم يتشاجرون في خير خلق الله فسألوني فلم يكن عندي ما أخبرهم، فقال آدم: يا بني اني وقفت بين يدي الله جل جلاله فنظرت الى سطر على وجه العرش مكتوب “بسم الله الرحمن الرحيم، محمد وآل محمد خير من برأ الله”، وأهل البيت انوار الارض وقد ثبت في الصحيح كما في اعلام الورى عن حبة القرني ان علياً عليه السلام قال: “بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين واسلمت يوم الثلاثاء”.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: “كنت نبياً وآدم بين الطين والماء”، وان آدم لما أذنب سال الله بحق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
نعم جاءت فترات من الرسل أي أيام من السكون والانقطاع كما في قوله تعالى [[ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ على فترة من الرسل ]]( ) تتخلل بعثة الانبياء تكون الارض خالية واقعاً من اشخاص الانبياء من غير ان تخلو من اتباع الانبياء واهل الصلاح، او وقد يكون احياناً عدة انبياء في فترة واحدة.
وجاء نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم على فترة من الرسل أكثر من خمسمائة سنة بين بعثته صلى الله عليه وآله وسلم وبعثة عيسى عليه السلام، فكانت نبوته حاجة للناس بعد الحادهم وجحودهم، وتلك آية في كرامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظيم منزلته في سلم النبوة ومراتب الفضل بتحمله مسؤولية قيادة أمم الارض في منازل التوحيد وسبل النجاة وبلوغ المقاصد السامية في السعادة الاخروية.
لقد أثبتت الديانات الاخرى عدم اهليتها لقيادةامتلاكها لمقومات القيادة الدائمة ل الانسانية ومعاشر الأمم نحو الصلاح والجنة، وهو من مصاديق قوله تعالى [[ وما أرسلناك الا رحمة للعالمينوَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ]]( )، تلك الآيةالآية التي يمكن ان نتلمس منها منافع نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم للإنسانية جميعاً، لمن آمن به ومن حاربه وعاداه وللأجيال من ابنائهم ولأن الإسلامالإسلام ديانة وعقيدة متكاملة وان النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحمل اعظم المسؤوليات ونزل عليه جبرئيل على نحو متصل وقد ذكر ان جبرئيل نزل على ابراهيم عليه السلام خمسين مرة وعلى موسى عليه السلام اربعمائة مرة وعلى عيسى عشرات وعلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم اربعة وعشرين الف مرة.
وبالنسبة للأديان الاخرى السابقة، المسيح فمن الأنبياء من أخبر عنه بعض اصحابه واتباعه ولم يستوف بعد تمام رسالته وقتله السلطان بل او وكيل السلطان، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو السلطان هو الحاكم لم يمت الا وقد تولى المسلمون الحكم في الارض من بعده وباتساع في رقعة حكمهم وسلطان شريعتهم ودخول الأمم الاخرى في الاسلامالإسلام، حتى ان الشعوب التي اسلمت تفتخر وتعتز وتجاهد من اجل اسلامها والذب عن عقيدتها.
وحارب اليهود المسيحية، وجاء الاسلامالإسلام ليجعلها بعرض واحد مع اليهودية من حيث المعاملة والاعتبار كأهل كتاب، فلقد وضع عليهم الجزية دون غيرهم، والجزية اكرام لأهل الكتاب وتثبيت لشريعتهم وإذن سماوي لهم بالبقاء على ديانتهم وصاروا في ذمة الاسلامالإسلام والمسلمين.
والحديث في هذا الباب لم يستوف الباحثون حقه، نريد ولابد من مدرسة كلامية جديدة تبين فضل الاسلامالإسلام على الملل، ومنافع نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن على الاديان الاخرى وعامة الناس، ليكون عندنا باب في اعجاز القرآن هو أثره على الديانات والكتب السماوية الاخرى.
من اعجاز القرآن الغيري ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيتها، وهو مدرسة عقائدية ولا يمنع ان يبحث مستقلاً ومتداخلاً معه أثر نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشخص الرسول في تبليغ آيات القرآن وتثبيت احكامه.
لقد كانت آيات الانبياء السابقين حسية في الغالب كما في عصا موسى وناقة صالح، ومعجزة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عقلية او عقلية حسية، مما يؤكد أهلية العرب والمسلمين لحمل الرسالة وحفظها ووعي وجوهها العقلية، أي انهم مؤهلون للتصديق بالآياتالآيات العقلية، ومن بركاتها ان كُتب لها الدوام كُتب لها وكانت ضياءً للإيمان وآلة لحفظ الأديان الاخرى.
“ومرة خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غار حراء فناداه جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء: “يا محمد انت رسول الله وانا جبريل”، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وجعلت أصرف وجهي عنه في أفق السماء فلا انظر في ناحية فيها الا رأيته كذلك”، وظاهر الكلام انه في عالم اليقظة وليس الرؤيا والمنام.
لتبدأ رحلة النبوة المباركة التي تتغشانا بالرحمة بل والفخر والاعتزاز لأن انوارها تمكلأ الأكوان وتطل على النفوس لينهل الناس جميعاً منها كل حسب مشربه.
لابد ان تتم الرسالة وهذا أوانها وأنت صاحبها وليس غيرك، أنت الذي ينزل على صدرك القرآن وتتحمل المسؤولية العظمى، بك سيبقى القرآن محفوظاً ومعمولاً باحكامه في الارض، وكذلك قضى الله وجرت مشيئته ان ينبعث نور النبوة من جديد مشرقاً على عموم الارض، منطلقاً من هضاب مكة واوديتها ليعلن رسوخه ونفاذ احكامه وامتلاء النفوس باحكامها.
انه العيد الأكبر، عيد النبوة والرسالة الخالدة، بل هو عيد الشكر، الذي يملي علينا الشكر القولي والفعلي، والعلماء وطلبة العلم الذين اختصوا بنعمة وشرف وكرامة طلب العلم والسعي في تبليغ احكام الشريعة يجب ان يتجسد شكرهم بما يتناسب ووظائفهم العلمية بإبراز جوانب العظمة والفضل الإلهي في هذه المناسبة بالسعي الى الاقتداء على نحو العموم الاستغراقي العام بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
لقد ذكر المجلسي في بحار الأنوار: ان لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم من المعجزات ما لم يكن لأحد من الأنبياء، وقد بلغت أربعة آلاف واربعمائة واربعين معجزة، وانها تنقسم الى أربعة انواع، والنوع الأول كان قبل ميلاده، والثاني بعد ميلاده، والثالث بعد بعثته، والرابع بعد وفاته.
وهو احصاء لطيف وليته جعلويمكن ان يكون التقسيم وتعدد الانواع أكثر وأبين بتقسيم استقرائي اكثر تفصيلاً، مع اضافة نوع عند ميلاده وما رافقه من آيات اعجازية وتعدد ابواب وموضوعات الاعجاز.
انه يوم ولادته صلى الله عليه وآله وسلم مناسبة كريمة لالوحدة واجتماع المسلمين بعدم الإجتماع العبادي في كل سنة مرة بفريضة الحج لتكون شاهداً عملياً على حقيقة الوحدة عبر المناسك المشتركة التي يؤديها جميع الحجاج من غير اختلاف او تباين.
انها أرقى حضارة جاءت للبشرية بالشواهد الحسية والعقلية والتكامل في الاحكامالأحكام والفرائض، بدأت بنزول جبرئيل بالوحي وآيات القرآن، فعندما نزل جبرئيل بآيات القرآن نجوماً تغير وجه الارض ومن عليها، ومنذ ذلك الحين بدأت مرحلة النبوة المباركة ذات المرتبة العليا في سلم الرسالات، والمتضمنة للسنن والشرائع لتشق طريقها سريعاً في الى قلوب الصالحين، يقيض الله عز وجل لها جنوداً مهاجرين وانصاراً، وكان جبرئيل يقول سلام عليك يا محمد، أنت صاحب لواء التوحيد.
آن اوان الرسالة وانت صاحبها دون غيرك، بل تفتح وبالبعثة النبوية انفتحت أبواب الرحمة على أهل الارض ويحق القول على المشركين والكافرين، أنت الذي ينزل على صدرك القرآن وتتحمل المسؤولية العظمى، بك سيبقى القرآن محفوظاً ومعمولاً باحكامه في الارض، ثلاث وعشرون سنة في الدنيا مدة البعثة لا تُعد كثيرة فهي بالذات والقياس الزماني قاصرة عن تحقيق الأماني الشخصية المحدودة، ولكنها بآية منه تعالى رسخّت أعظم عقيدة في الارض، ومنها ينبثق القول: “حلال محمد حلال حتى يوم القيامة، وحرام محمد حرام الى يوم القيامة”.
ومن صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإضافة الى عنصر العصمة الذي تقدم الحديث عنه، وان يكون افضل أهل زمانه بجميع الفضائل والمحاسن والكمالات، و النبوة وحدها عنصر ترجيح وتفضيل بفضله تعالى، وان يكون اميناً كي تطمئن القلوب لما يأتي به من عند الله.
وان يكون شجاعاً لا تأخذه في الله لومة لائم ونحو ذلك من الاخلاق والصفات الحميدة).
لقد اختار الله عز وجل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم للنبوة في عالم الذر، وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: “كنت نبياً وآدم بين الطين والماء”)، أي ان هذا الاختيار يدل في مفهومه على الإعداد وحسن المقدمات، فلم يتولد من سفاح صعوداً الى بدايات النكاح والزواج ومن أيام آدم عليه السلام.
ومن اعجاز القرآن الغيري ما يتعلق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيتها وهو مدرسة عقائدية ولا يمنع ان يبحث مستقلاً عند بحثه ومعه اثر نبوة نبوته محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشخص الرسول في تبليغ آيات القرآن وتثبيت احكامه للتداخل والمفاعلة وتبادل التأثير بينهما.
ان كون معجزة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عقلية يدل على اهلية العرب لقبولها والمسلمين على تحمل الرسالة وحفظها بعد وعي وجوهها العقلية، أي انهم مؤهلون للتصديق بالآياتالآيات العقلية وكان من بركاتها ان كتب لها الدوام وكانت ضياء للإيمان وآلة لحفظ الأديان الأخرى.
ونحن لا ننكر فضل الأنبياء الآخرين في التمهيد والتبشير بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ايضاً يحتاج الى بحث مفصل،، ولم يكن في الديانات الآخرى الاخرى شر بل هي خير محض، انما جاء التحريف بالعرض ولا يلحق بالديانات.
لقد اكرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأنبياء من قبله في قوله وفعله، ان وجاء القرآن امر بالإيمانالإيمان بهم جميعاً على نحو العموم الإستغراقي والمجموعي.
ومما اجمع عليه المسلمون ان السنة النبوية هي المصدر الثاني لتفسير القرآن مما يدل على عظيم منزلتها في التشريع الاسلامالإسلامي وتاريخ الأمة العقائدي والاخلاقي والسياسي، ويترشح عنه بالضرورة لزوم اتفاق المسلمين ولو على نحو الاجمال في كثير من مواضيعها.
قال تعالى [[ وما ينطق عن الهوى * ان هو الا وحي يوحىوَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ]]( ) وعن عائشة لما سألها هشام بن حكيم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: “كان خلقه القرآن”، أي ان سيرته وعمله كان مستوحى من القرآن وترجمة عملية لآيات القرآن وهذا يؤكد ايجاد علم جديد هو ارجاع السنة الى القرآن.
وعن احمد بن ابي عبد الله عن ابيه عن عبد الله بن سنان وابن مسكان عنوفي خبر ابي الجارود قال: قال ابو جعفرعن الإمام الباقر عليه السلام قال: اذا حدثتكم بشيء فاسألوني عن كتاب الله ثم قال في حديثه: “نهى الله عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال، فقالوا له من اأين ذلك في كتاب الله يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال قوله تعالى [[ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْــوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَــدَقَةٍ أَوْ مَعْــرُوفٍ أَوْ إِصْـــلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِلاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْــوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَــدَقَةٍ أَوْ مَعْــرُوفٍ أَوْ إِصْـــلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ]]( ) وقال ايضاً [[ لا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياماًوَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ]]( ) وقال [[ لا تسألوا عن اشياء ان تبدو لكم تسؤكملاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ]] ( ).
لقد ادب أدب النبي صلى الله عليه وآله وسلم اهل أهل بيته واصحابه على اللجوء الى القرآن واعتماده في القول والعمل كيف لا وفيه تبيان كل شيء وقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: “الا واني قد اوتيت الكتاب ومثله معه، الا يوشك رجل شبعان على اريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه”،.
أي انه صلى الله عليه وآله وسلم يحذر وينهى عن الإعراض عن السنة ويدعو للأخذ منها واعتبارها.
وقد امرأمر الله تعالى بالصلاة في القرآن ولكن السنة بينت اوقاتها وعدد فرائضها وركعاتها واحكامها قال صلى الله عليه وآله وسلم: “صلوا كما رأيتموني اصلي”.
وورد وجوب الحج في القرآن مع بيان المناسك وتفصيلها من غير ذكر مناسكه واحكامه على نحو التفصيل لمنع الاختلاف والفرقة والخصومة ولتثبيت المناسك الى يوم القيامة، كما قيد المطلق وخصص العام.، وفي صحيحة زرارة انه قال للإمام جعفر الصادق عليه السلام: “جعلني الله فداك، اسألك في الحج منذ أربعين عاماً فتفتيني، فقال عليه السلام: يا زرارة بيت حج اليه قبل آدم بألفي عام تريد ان تفتي مسائله في أربعين عاما”.
وقد بيّن قوله تعالى [[ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشــــرك بعبادة ربه احداً ]]( ).
بينت الآيةيبين التقاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم مع الناس بانه مخلوق وبشر مثلهم ليس بملك ولكنه امتاز عنهم باختياره للنبوة والتبليغ.
وكذلك قطع الطريق اماموفيها تأديب للمسلمين ومنع تأليه مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل انهو كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم، انما انا عبد الله، هم لم يطروهلذا لم يثن عليه المسلمون الا بما هو حق، ولكنه خشي الإفتتان وانما هو رحمة المنان واظهر التواضع والعرفان، وهذا ما تدل عليه السيرة والوجدان وبقي سلوكاً لعامة المسلمين على مر الأزمان، يقبل دعوة المسكين ويعود المريض ويداعب الأطفال، ويقوم بحاجة الفقير والضعيف، آثر الفقر والمشقة والجهد على السلطان فقال صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: “ربي احيني مسكيناً وامتني مسكيناً وابعثني في زمرة المساكين”لتكون حياته مصداقاً وشاهداً يومياً على صدق نبوته ووثيقة تأريخية تعلم قادة المسلمين مناهج الصلاح والتواضع.
ومن المناسب ان يكون علم الرجال معتبراً في علم التفسير فالأحاديث الواردة عن المعصوم في ابواب الفقه تحقق رجالياً تحقيقاً وثائقياً ووافياً اما في باب التفسير فانها تذكر اجمالاً في الغالب من غير الإشارة الى صحتها او ضعفها، وحتى الذي لايقول بجبر المشهور للحديث الضعيف السند ولابد ولا يعمل بقاعدة التسامح قي في ادلة السنن تراه في باب التفسير يتسامح في القواعد الرجالية نعم يمكن القول ان باب التفسير اعم من احكام الفقه وانه يمكن التسامح فيما يخص المواعظ والقصص ونحوها وهذا صحيح ولكنه لا يمنع احياناً من علم الرجال الأخذ بنظر الأعتبار علم الرجال ولو على الموجبة الجزئية، وبيان نوع الحديث وهل هو من الصحيح او الحسن او الموثق او الضعيف.
وهناك قولان: الأول ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّن جميع ما في القرآن من معاني والفاظ، ومن القائلين به ابن تيمية، ومما استدلوا به ان الصحابة اذا تعلموا بعض آيات من القرآن، وفي خبر عشرة كما تقدم بيانه لم يتجاوزوها حتى يعلموها ويعملوا بها، فتعلموا القرآن والعلم والعمل به.
والآخر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يبين الا الشيء اليسير جداً ولم يفسر الا آيات قليلة ومما استدلوا به حديث عائشة انها قالت: “ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفسر شيئاً من القرآن الا آيات لقد علمه اياهن جبرئيل”، ولو تنزلنا وحملناه على الصحة فانه يحمل على التفسير بالمعنى الأخص.
والحق انه لا افراط ولا تفريط بل منزلة بين المنزلتين، وان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع القواعد الكلية والمنهجية السليمة والضوابط الصحيحة لعلم التفسير والتأويل بالمصاديق وبيان تفسير جملة من الآيات والتي يصلح ان تكون منها مدرسة في علم التفسير.
وفي حديث المختار مع الحجاج: يا حجاج اما تذكر ما قال نزار بن معدى كرب بن عدنان لسابور ذي الأكتاف حين كان يقتل العرب ويصطلهم فامر فأمر نزار ولده فوضعوه في زنبيل في طريقه فلما رآه قال من انت قال انا رجل من العرب اريد ان اسألك لم تقتل هؤلاء العرب ولا ذنوب لهم عليك ولقد قتلت الذين كانوا مذنبين في عملك والمفسدين قال لأني وجدت في الكتاب انه يخرج منهم رجل يقال له محمد يدعي النبوة فيزيل دولة الأعاجم ويفنيها فاقتلهم حتى لا يكون منهم ذلك الرجل فقال نزار لئن كان ما وجدته في كتب الكذابين فما ولا لعان تقتل الأبرياء غير المذنبين وان كان ذلك من قول الصادقين فان الله سيحفظ لك الأصل الذي يخرج منه هذا الرجل ولن تقدر على ابطاله ويجري قضائه وينفذ امرأمره ولو لم يبق من جميع العرب الا واحد فقال سابور صدق هذا نزار يعني بالفارسية المهزول كفوا عن العرب فكفوا عنهم.
لقد شاء الله عز وجل حفظ العرب المؤمنين وتعاهد اجيالهم أجيالهم مقدمة لظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليكونوا مادة الدعوة الإسلامالإسلامية وموضوعها الذي منه وبهبه وفيه تترشح وتنتشر وفيه بركات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم متقدمة على زمانه وانها لا تنحصر بما بعد ولادته وبعثته صلى الله عليه وآله وسلم بل كانت البشارات بنبوته عنوان عز وفخر للعرب للمؤمنين المتقدمين منهم والمتأخرين وسبباً لبعث الهيبة لهم في نفوس السلاطين والملوك ولعلها تقف وراء عدم تجرأهم على غزو الجزيرة وارض الحرمين لتهيئة المقدمات والتوطئة لبعثته صلى الله عليه وآله وسلم.
فلسفة كلام الله في الأرض
لم تكن الأرض مكاناً لخلق آدم فانه خلق ونفخت فيه الروح في الجنة كما هو ظاهر الآياتالآيات القرآنية، ولم يهبط الى الأرض الا بعد ان اكل من الشجرة التي نهي عن الإقتراب والأكل منها وفي جعل الجنة موضعاً لخلق من يسكن في الأرض نوع تشريف للأرض وللإنسان معاً، فاكرام الإنسان لم يبدأ بنفخ الروح فيه بل منذ تكوينه وخلقه ولم تنحصر تلك النعمة بالخلق بل تغشت حال السكن والإقامة وان اصبحت غير دائمة.
قال تعالى [ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ [[ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ ]]( ).
وهذه الآيةالآية تدل على ما لآدم عليه السلام من المنزلة الرفيعة ليس فقط لشخصه وسيرته فهو نبي ولكن بخلقه وتفضله تعالى بانزاله من الجنة مع سعة في العيش وهو ايضاً نوع اكرام اضافي يتصف بالإتصال والدوام، اذ انو حق الإختيار في الأكل والمكان آية ولطف منه تعالى.
والظاهر ان قوله تعالى [[ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ اسكن انت وزوجك الجنة ]]( ) امرأمر اباحة، وموضوع خال من المشقة والتكليف، وفسر الإقتراب هنا بالأكل فقد ورد عن الإمـــام الباقـــر عليه الســــلام في قوله تعالى [[ وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ولا تقربا هذه الشجرة ]]( ) يعني لا تأكلا منها.
ولا يمنع من حمل الآيةالآية على الدنو منها باعتبار ان الإقتراب مقدمة عقلية للأكل، او ان الإقتراب يسهل الإفتتان ويزيل الحواجز النفسية عن الأكل ويهيئ لإبليس فرصة للإغواء والإغراء.
ولعل المتتبع للآيات والنصوص يجد ان الإنسان يمتلك واقية وحرزاً حينما يكون مبتعداً عن الشبهات ومواطن الشك ومظان التهمة، وعندما يكون قريباً منها ينشط حينئذ الشيطان بمعاونة النفس الأمارة للسوء.
واختلف في الشجرة التي اكل منها آدم على اكثر من ثمانية اقوال، ولغير المسلمين فيها قول ايضاً، ونتعرض له في حينه وهل ان النهي كان تحريمياً او تنزيهياً وصلة ذلك بعصمة الأنبياء ان اكل آدم من الشجرة امرأمر لم يتم الا بعلمه تعالى ومشيئته وهو قادر عالم مريد، عالم بما يشتمله الفعل من المصلحة الداعية الى ايجاده وبما يخصص قوله في وقت دون آخر وعلمه تعالى حضوري ذاتي.
العلم الحضوري هو ما لا يتوقف على آلة، وهو حضور الأشياء عند العالم وجعلوا من العلم الحضوري علمنا بوجودنا باعتبار انه لا يستدعي صورة والمستدعي لها هو العلم الحصولي وهو الذي يتوقف على آلة وحصول صور الأشياء في القوى المدركة.
ولكن نحن بحاجة الى تقسيم للعلم ينفرد في فرع منه علمه تعالى، فهو تعالى ينفرد بعلمه بجميع الجواهر والأعراض وحضور الموجود والمعدوم منها عنده سبحانه، أي كل موجود سوى الله من الممكنات وما يطلق عليه العالم.
وهي ظاهرة عنده تعالى وعلمه قديم لا يتصف بكونه ضرورياً ولا كسبياً، والعلوم المحدثة هي علوم الخلق من الناس والبهائم والملائكة والجن وغيرهم من الحيوانات ومع ان علمه تعالى لم يكن عن حس ولا عن فكر ونظر ومع هذا فان الأشياء جميعها حاضرة عنده غير غائبة عنه.
وعن الإمام الباقر عليه السلام ان لله ارادتين ومشيئتين ارادة حتم وارادة عزم ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، نهى آدم وزوجته ان يأكلا من الشجرة وشاء ان يأكلا ولو لم يشأ ان يأكلا لما غلبت شهوتهما مشيئة الله…الحديث( ).
ان هذا الحديث يجسد الفلسفة التي اعلنها اهل البيت عليهم السلام في مواجهة الجبر والتفويض، وما في كل منهما من المتاهات العقائدية وما سببه القول بهما والصراع بينهما من الإرتباك الفكري.
لقد قالوا عليهم السلام بالمنزلة بين المنزلتين، فهو تعالى لم يحل بين آدم وزوجته وبين الأكل من الشجرة بالجبر والقدرة لذلك لا يعني اكلهما منها ان مشيئتهما غلبت مشيئته تعالى لأنه تعالى لا يوصف بالعجز، ولكنه سبحانه منعهما بالنهي والزجر ضمن باب التكليف ومسؤولية ما رزقهما من العقل والتمييز، ولإقامة الحجة في فتح باب الابتلاء لتكون الحياة الدنيا طريقاً الى الجنة والخلود فيها.
وغادر آدم الجنة نازلاً الى الأرض، وظاهر الآياتالآيات القرآنية يبين ان ذلك النزول كان عقوبة ولكنها ايضاً تيدل على ان آدم لم يخلق الا ان ليكون خليفة في الأرض، ولو كان بحصة واحدة هي علمه تعالى بابتلاء آدم بالأكل من الشجرة وانزاله وعقوبة يبين ان لها موضعه ولا يصلح تصلح الا له ان تعداه الى غيره لا يجد التوفيق، والعيش في الأرض بالطاعة خير له من البقاء في الجنة مع الخطيئة، أي ان المشاق مع التكاليف ذات عاقبة كريمة والملائكة بقوا يتنعمون بالجنة لأنهم لم يخطئوا ولكنهم ايضاً ليس عندهم ما عند الإنسان من اسباب التكليف،وما فيه من الخصوصية والصراع بين العقل والشهوة فللتكليف ثمرات اخروية عظيمة قد لا ينالها الملائكة انفسهم.
من هذا يمكن القول ان التكليف لطف فانه تعالى حينما كلف الناس اعد للمطيعين منهم الثواب الجزيل، وآدم من اهل الطاعة فهو نبي.
لقد كان هبوط آدم عليه السلام الى الأرض بداية التكليف ليس الشخصي بل التكليف النوعي والذي يكون على نحو العموم الإستغراقي ومن وجوه التكليف وجود ابليس قاعداً لهم على الصراط.
فهل كان الهبوط بداية صلة آدم بالأرض، الجواب: لا، فآدم خلق من اديم الأرض وعلى ذلك الآياتالآيات والنصوص المتواترة التي تؤكد خلقه من الأرض وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال: ان القبضة التي قبضها الله عز وجل من الطين الذي خلق منها آدم ارسل اليها جبرائيل عليه السلام ان يقبضها فقالت الأرض: اعوذ بالله ان تأخذ مني شيئاً فرجع الى ربه وقال يا رب تعوذت بك مني، فارسل اليها اسرافيل فقالت مثل ذلك، فارسل اليها ميكائيل فقالت مثل ذلك، فارسل اليها ملك الموت فتعوذت بالله ان يأخذ منها شيئاً فقال ملك الموت: واني اعوذ بالله ان ارجع اليه حتى اقبض منك.
وتظهر الرواية عزم ملك الموت على انجاز ما امرأمره الله تعالى به واعطاءه الأولوية، ولكن ذلك لا يعني قصور الملائكة الذين رجعوا بسبب استعاذة الأرض، وورد في الرواية ان امرأمره تعالى لملك الموت كان على وجه الحتم أي ان امرأمر الله تعالى الى من تقدمه من الملائكة لم يكن على وجه الحتم والوجوب، وروي قريب منه عن ابن عباس وعبد الله بن مسعود.
ان وفي اسم آدم واشتقاقه وجوه:
انه جاء على رواية من صفات الأرض وانه خلق من أدمة الأرض ولونها، وعن الصادق عليه السلام قال: “انه سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن آدم لم سمي آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض واديمها”.
وقيل اانه من الأدم بمعنى الإلفة والإتفاق، وقيل.
انه اسم سرياني اصله آدام، و.
قال الجواليقي: اسماء الأنبياء كلها اعجمية الا اربعة آدم وصالح وشعيب ومحمد وهذا القول وان لم يرفع الى المعصوم فانه لا يمنع من وجود انبياء آخرين عرب باسماء عربية او غير عربية، .
ولا مانع من اجتماع عدة اسباب وعلل في تسمية آدم ومنها ما يتعلق بالأرض فوجود آدم في الأرض عودة الفرع الى الأصل ولكنه باضافة تشريفية وهي النفخ فيه من روحه تعالى، كما ان خلق آدم لم يكن بعيداً زماناً عن خلق الأرض، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: ان الله خلق الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق الشجر والماء والعمران والخراب يوم الأربعاء فتلك اربعة ايام، وخلق الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة الشمس والقمر والنجوم والملائكة وآدم.
ذلك التشريف والنفخ فيه من روحه تعالى لازم كلام الله معه ونسب وذكر الطبري الى انه كان مما انزل الله تعالى على آدم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وفي الأسفار قال: “ورد في الخبر انه مما اوحى الله الى نبينا آدم عليه السلام بان المستنطبين للعلوم عندي افضل من عمار الأرض بالصنائع ومن استنبط علماً ودونه في كتاب فهو بمنزلة آدم الصفي”( ).
وهذا الحديث الخبر بغض النظر عن ضعف سنده يتضمن تشريفاً مركباً لآدم عليه السلام ان آدم خلق يوم الجمعة وانه افرد بالذكر من بين المخلوقات والا فان كثيراً من المخلوقات لم يرد ذكرها في الحديث نعم قال تعالى [ وجعلنا من الماء كل شيء حيوَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ].
قال تعالى [[ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين ]]( ) والخطاب وان كان موجهاً الى آدم وحواء وابليس فانه من خلال آدم الى ولد آدم جميعاً لذا نحن نقول بان الناس أكثر من بني آدم باضافة آدم وحواء.
وورد عن الإمام الصادق عليه السلام ان الله تبارك وتعالى لما اهبط آدم عليه السلام امرأمره بالحرث والزرع وطرح عليه غرساً من غروس الجنة فاعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان وغرسها لتكون لعقبه وذريته فاكل هو من ثمارها وتلك مقدمة عقلية وحاجة غريزية لينشغل الإنسان في عبادته تعالى، ولتكون مناسبة للشكر والتدبر في اصل الخلق والتكوين.
وهذا وجه من وجوه عناء آدم وفقره في عالم الأرض وحاجته الى التدبير والسعي والتأمل بضعف الإنسان وعجزه وقصر مدته في الأرض، ولكي يكون ذلك الإحساس مقدمة ومناسبة وفرصة لذكره تعالى.
ان وجود كتاب الله في الأرض هو الأمانة العظمى والتكليف فيها على نحو العموم الإستغراقي والمجموعي وخطاب عام ينحل بعدد اهل الأرض وهو موضوع للإكرام في الآخرة والنجاة من العذاب بحفظ هذه الأمانة وصيانتها وتعاهدها بالإلتزام بما جاء به القرآن من الأحكامالأحكام.
سفر الدعاء في القرآن
يرد الدعاء يرد بمعنى الإستغاثة وقد يكون عبادة، والسفر هو الكتاب وقيل هو الكتاب الكبير والجمع اسفار، وحقاً ان الدعاء كتاب كبير لا يحيط بموضوعه كتاب وبحث لكثرة ابوابه وما يتفرع عنه من المسائل وما يلحق به وما يترتب عليه وما ينجم عن تركه من الأضرار.
في حديث عرفة: "اكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، لأن التهليل والتحميد ذكر لله عز وجل وهو بمنزلة الدعاء وفيه ثواب الله تعالى.
الذكر وقراءة القرآن باب لقضاء الحوائج وان لم يسألها العبد، أي من يشتغل بطاعة الله وذكره والله عز وجل يتكفل حاجته.
قوله تعالى [[ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]]( ) وبداية القرآن يقول بقوله تعالى في سورة الفاتحة [[ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]] يعني ان المؤمن يبدأ حياته بالحمد لله لتنتهي في الجنة بالحمد لله بل ان اول ما نطق به الإنسان هو كلمة الحمد لله مما يدل على موضوعية الحمد لله، في الدعاء، وفي حياة الإنسان.
الدعاء الرغبة الى الله والتوجه اليه وسؤاله، انه نوع انقطاع والتجاء اليه تعالى فببركة الدعاء تتغشانا احكام الإسلامالإسلام [[ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ]]( ).
الدعاء سؤال المراد من الغير فهو فوق الطلب في الرتبة ورجاء القدرة، وفي الإقتصاد قال: الكلام اذا صدر ممن يفهم مع من يفهم فيما يفهم وكان فوقه سمي دعاء، واختص في الاصطلاح بدعائه تعالى.
لا يتعلق الدعاء بالشخص خاصة بل يشمل غيره ومن بعده ينتفع منه، كذا تحفظ الأعقاب بدعاء الآباء وصالحاتهم فمن اراد ان يحفظ في ذريته فليشتغل بالدعاء، فمنافع الدعاء لا تنحصر بالداعي ومن حوله بل يبقى اثره ونفعه يفيض على ابنائه من بعده كما في قوله تعالى .
[ وَأَمَّا الْجِـــدَارُ فَكانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُـــدَّهُمَا وَيَسْـتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ[[ وأَمَّا الْجِـــدَارُ فَكانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُـــدَّهُمَا وَيَسْـتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ]]( ).فقد حفظ الأبناء ومالهم بجد لبأحد ابائهم اذ كان يتصف بالصلاح، فالآيةالآية تظهر الدعاء كميراث وتركة مباركة وتحرس تركة المال.
قوله تعالى [[ ادعوني استجب لكم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ]]( )، حث على الدعاء ولما فيه منفعة الناس وهو سلاح من اليه اناب، فبالدعاء تتخلص النفوس من ادران الرذيلة وترتقي الى مراتب الكمالات الإنسانية.
من منافعه الدعاء في الآخرة انه نور وكنز وعمل صالح ويدل بالدلالة التضمنية على الإقرار بالربوبية والإعتراف بالحاجة والنقص من منازل الرق والعبودية.
منزلته في حياة الأنبياء فهو سلاح الأنبياء فاذن حينما قال الله تعالى [[ ادعوني استجب لكمادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ]] جعل المسلمين ورثة الأنبياء واتاهم ما آتى الأنبياء من سلاح، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوجه بالدعاء في ساعات الشدة والرخاء ويدعو بالرخاء وفي ذلك مدرسة اخلاقية وعرفانية وتأديب للمسلمين انتفعوا منه بالذات وباتخاذه اسوة.
سيبقى الدعاء ذخيرة السماء في الأرض كما نفخ الله عز وجل في آدم من روحه كذلك لم يترك الإنسان مجرداً من السلاح، سلاحه معه دائماً الا وهو الدعاء فهل من شيء اكثر قوة وحصانة وفتكاً منه.
الدعاء في القرآن نموذج لمدرسة النبوة ودعوة للإقتداء بالأنبياء والرسل والسير على نهجهم فهو الملاذ والمفزع والملجأ.
لقد امرأمرنا الله سبحانه ان نأتيه سائلين مضطرين محتاجين ولابد من الإستجابة والرد، وهو سبحانه منزه عن القبيح فاذا وعد وفى.
انك تحتاج دعاء غيرك لاسيما الذي ظلمته وأسأت اليه والذي انعمت اليه، الإمام علي بن الحسين عليه السلام كان يعتق عبيده في شهر رمضان ويطلب منهم ان يقولوا اللهم اعف عن علي بن الحسين عليه السلام كما عفا عنا، واعتقه من النار كما اعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، ويقول بعدهم راجياً الإستجابة اللهم امين رب العالمين، اذهبوا فقد عفوت عنكم واعتقت رقابكم للعفو عني.
قيل لسفيان الثوري ادع الله فقال: “ان ترك الذنوب هو الدعاء”، ويذكر هذا القول من غير تحقيق وتعليق وكأنه من المسلمات، فلذا نقف عنده ونقول وهذا خلف، ترك الذنوب امروان كان عدمي بل حتى على القول بانه امرأمراً وجودياً لما فيه من القصد والعزم، فان موضوع الدعاء مختلف فهو نوع عبادة ومصاديق العبادة متعددة فترك الذنوب احتراز وامتناع ذاتي، اما الدعاء فهو اتصال اختياري بالباري عز وجل من غير واسطة او فاصل زماني، ومن الآياتالآيات في الدعاء انه وخلاف للنواميس لا ينقطع حتى بعد مغادرة الإنسان للدنيا مع ان الآخرة دار حساب بلا عمل، ولا تعارض بينهما لأن دعاء الكافرين حينئذ لا يسمع وهم حينما عرفوا هذه الحقيقة ويأسوا من الإستجابة ضجوا وتوسلوا لعدم وجود رصيد في الدعاء لهم في الدنيا [ لا تدعوا اليوم ثبورا واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً ]( )، [[ قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَـــاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَـــلاَلٍ قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال ]]( )، بينما واحتاج اهل النار الواسطة، وقال الذين في النار لخزنة جهنم [[ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنْ الْعَذَابِ ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب ]]( ).
الدعاء سفر روحي يصعد بالعبد الى عالم الملكوت فهو عالم خاص له قواعده وآدابه واحكامه، للدعاء آداب: المدحة ثم الثناء ثم الإقرار بالذنب ثم المسألة، ولا تعارض بين ما يستحدث بسبب الدعاء وبين القاعدة الكونية ان الله جعل الأشياء باسبابها فالدعاء سبب ملكوتي يمحو الله بسببه ما يشاء وهو يمتلك مقومات السببية على نحو الإستقلال وهو كما انه سعي وقول وعمل.
الإنتفاع من الغير وغبطته لا حسده والدعاء بالأكثر [[ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ]]( )، ويمكن الإستدلال بها بان طريق المسلمين هو الإنتفاع الأشمل والأكثر من دعاء الأنبياء فقد كان في قصصهم عبرة وموعظة، الدعاء يفوق ويتعدى بافاضاته القواعد والنواميس هنالكالمحسوسة والمقدرة من قبل البشر، قاعدته اجتياز القواعد بفضله تعالى انلقد انتفع زكريا انتفع من المناسبة واتخاذها فرصة للزيادة، واللام حرف يفيد البعد، لذا قيل بان هنالك تستعمل للمكان خاصة كما ان الكاف تسمى كاف الخطاب ويحتمل ان يكون مكاناً مباركاً لأن عيسى عليه السلام كان فيه فهو من الأماكن التي هي مظان الإستجابة.
استحباب لبس الداعييستحب للداعي ان يلبس في يده خاتماً من العقيق والفيروزج لما ورد من المزية الخاصة لهما فالعقيق في رواية هو اول من آمن بالله من الأحجار، وعن الإمام الصادق عليه السلام: “قال ما رفعت كف الى الله عز وجل احب اليه من كف فيها عقيق”.
التضرع ومشاركة الجوارح في الدعاء وذلك برفع اليد اثناءه، وزيادة المباني تفيد زيادة المعاني مع التضرع باعتباره كيفية نفسانية، وانت ترى في الصحيفة السجادية مثلاً خضوعاً وخشوعاً ظاهراً بين طيات كلمات الدعاء ساهم في المحافظة عليها وتعاهدها والنظر لها باجلال واهتمام خاصويمنع من انشغال القلب اثناءه بالدنيا، ولا غرابة في ذلك فمع الخشوع لله عز وجل يأتي العز او ان التضرع يضفي على الدعاء قدسية خاصة ويكون مقوماً لما يعنيه من معاني الصدق والعبودية والتوسل والإستعانة ومضامين اللجوء الى الله تعالى، وروي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه اذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين ليكون تأديباً للمسلمين وتعليماً لهم في مسالك الدعاء.
مواصلة الدعاء واتصاله في ساعات الليل والنهار كجزء من المواظبة والإنشغال بالدعاء سلاحاً عسى ان يتفق ذلك مع ساعة مباركة، والإنشغال بالدعاء صفة الأنبياء وسجية للأولياء الأولياء وفي قوله تعالى [[ ان ابراهيم لأواه حليمإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ]]( ) قال الصادق عليه السلام: الأواه هو الدّعاء، وكان امير المؤمنين عليه السلام رجلاً دعّاء.
اتخاذ الدعاء سلاحاً ووسيلة لقضاء الحوائج ومدداً دائماً يساهم في التخفيف عن النفس والبدن ويختزل المراحل ويقرب البعيد ويمهد السبيل ويهون العواقب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الا أدلكم على سلاح ينجيكم من اعدائكم ويدر ارزاقكم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار فان سلاح المؤمن الدعاء”.
الدعاء باب لمحو الذنوب ومغفرتها لما فيه من التسليم لله عز وجل واللجوء اليه والإقرار بربوبيته.
اظهار حال الذل والخضوع والمسكنة عند الدعاء خاصة وان الإنسان وجد في مقام الحاجة وسؤال الرحمة والفضل الإلهي ورجاء القرب من منازل العفو والمغفرة، فالأصل وجوب اظهار المسكنة ازاء مقام الربوبية في مطلق الأحوال، ولكن طرو الحاجة واللجوء الى الدعاء يجعله اكثر ضرورة وعوناً في سبيل انجاز الحاجة وقضائها، وفي مرسلة علي بن يقطين عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: “اوحي الله الى موسى اتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي، قال: يارب ولم ذلك، قال: فاوحى الله عز وجل اليه يا موسى اني قلبت عبادي ظهراً لبطن فلم اجد فيهم احداً اذل لي نفساً منك يا موسى انك اذا صليت وضعت خديك على التراب”.
وهي والحديث دعوة للمسلمين لفعل ما كان عليه موسى عليه السلام وذكره وعلة عظيم المنزلة وفيه موعظة وحث لهم للإقتداء به لأنه على نحو العلة لا الحكمة، لذا ورد في النصوص باستحباب التعفير ووضع الخد على الأرض لاسيما في سجود الشكر وهو مستحب عند تجدد نعمة اودفع بلاء، او استدامة فضل سابق منه تعالى وعند تأدية فريضة او نافلة او فعل خير او معروف او اصلاح بين اثنين ويكفي فيه مجرد وضع الجبهة على الأرض مع النية ولا يشترط فيه الذكر ولكن يستحب ان يقول شكراً لله او عفواً عفواً وهو نوع دعاء، ويتحقق بسجدة واحدة ويستحب مرتين، ويتحقق التعدد بالفصل بينهما بتعفير الخدين او الجبينين.
وفي خبر يونس بن عمار عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام اذا ذكر احدكم نعمة الله عز وجل فليضع خده على التراب شكراً لله…الحديث، ويقدم الخد الأيمن على الأيسر ثم يضع الجبهة ثانية، ويستحب فيه افتراش الذراعين مع الصاق الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض، ويستحب ان يمسح موضع سجوده بيده ثم امرارها على وجهه ومقاديم بدنه.
من آداب الدعاء طرد الملل واجتناب الضجر ومنعه من الإلتصاق بالدعاء موضوعاً ومحمولاً ومسألة وقصداً، فكما يضر الرياء بالعبادة فان الضجر والملل يكونان حاجباً دون الإستجابة، وقد روي عن انس بن مالك انه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فتح لأحد باب دعاء الا فتح الله له فيه باب اجابة فاذا فتح لأحدكم باب دعاء فليجتهدن فان الله لا يمل حتى تملوا”، أي انه تعالى يستجيب الدعاء الا في حال ضجركم وسأمكم وتكاسلكم لما في الضجر والسأم من ضعف اليقين وقلة الأمل والقعود عن السؤال والتضرع.
يستحب مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الإنتهاء من الدعاء باستثناء الدعاء والقنوت في الفريضة ليس فقط انه رمز للإستجابة بل على الحس والتقدير معاً بان الله عز وجل لا يرد اليدين فارغتين، وفيه رضا وقبول وشكر لعطاياه سبحانه وان لم نعلم نوع ومقدار ذلك العطاء، وعدم العلم غير مخل به، بل وقد يكون بسبب كبره وعظمة الفصل والعطاء وعدم امكان استيعابه باوهامنا وحسابنا.
لا ينحصر الدعاء بالحاجة بل حتى بعد انقضائها كما في قول ابراهيم [[ ربنا تقبل منارَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ]] وجاء سؤاله ودعاؤه بعد رفع القواعد من البيت.
آنات الزمان وان كانت افراداً طولية متساوية حتى قيل انه ينقسم الى ازمنة كثيرة لا تقبل القسمة لقصر مدتها، كما عرف بانه نسبة المتغير الى المتغير وان السرمد نسبة الثابت الى الثابت، فالسرمد مستمر الوجود بين الأزل والأبد، وتقديم الأزلي هو المصاحب لمجموع الأزمنة المحققة والمقدرة بالنسبة للماضي، اما الباقي فهو المستمر الموجود لجميع في جميع الأزمنة، والأبدي هو المصاحب لجميع الأزمنة محققة و مقدرة بالنسبة الى المستقبل، والسرمدي يعمها جميعاً، أي ان الشيء لا بداية ولا نهاية له، والزمان اخص اذ انه يعني مقدار حركة العالم من الأيام والليالي والشهور والسنين والقرون، وحياة وعمر الإنسان من الزمان منقطع.
الا ان فيها تفاوت من حيث الأعراض كضياء النهار وظلام الليل والتقسيم النهاري من صبح وظهر وغروب، والتقسيم الليلي وذلك كله آيات منه تعالى ودعوة للتفكر في الخلق وحث على العبادة واداء الفرائض، وتفضل سبحانه وجعل اوقاتاً معينة منها يقبل فيها الدعاء سواء كان ذلك على نحو الوقت الراتب المحدد في كل يوم او في كل اسبوع او عند حدوث حادثة اذ ان الزمان معلوم الآنية مجهول الماهية، والدعاء آلة لإستثمار الوقت والله عز وجل جعل الأوقات خزائن لفضله ومناسبة لنزول بركاته وجعل في بعضها خصوصية معينة واسراراً ملكوتية تتعلق بحركات الأفلاك ومقاديرها، وصحيح ان تلك الأوقات اخفاها الله عز وجل في ساعات الليل والنهار كما اخفى ليلة القدر بين الليالي فقد تفضل ايضاً ببعض الشواهد، أي كمااذ وردت بعض النصوص في تحديد ليلة القدر وتقريب الدعاء من اهمها واشرفها اوقات الصلوات اليومية الخمسة.
فبالإسناد عن ابن ابي عمير عن ابان عن الصادق عليه السلام: “ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة، وافضل ساعات الليل والنهار اوقات الصلاة، ثم قال عليه السلام: انه اذا زالت الشمس فتحت ابواب السماء وهبت الرياح ونظر الله عز وجل الى خلقه واني لأحب ان يصعد لي عند ذلك الى السماء عمل صالح ثم قال: عليكم بالدعاء في ادبار الصلوات فانه مستجاب”.
وفي الدعاء نكتة عرضية وهي ان تقسيم الفلكيين الحالي لساعات الليل والنهار مأخوذ من النظام الإسلامالإسلامي المبني على تحديد ساعات الصلاة وفرائضها اليومية الخمسة، بالإضافة الى الفضل الإلهي في امتداد بركة الصلاة الى ما بعدها لذا جاءت النصوص باستحباب التعقيب.
غالباً ما تكون للفعل مقدمة، وتلك المقدمة قد تكون شرطاً فتكون حينئذ واجبة لوجوب المقدمة لوجوب ذيها كما في الوضوء ووجوبه السبب وجوب الصلاةكمقدمة واجبة للصلاة، وقد تكون المقدمة صفة كمال متقدمة وباب تقريب واستحباب ومن ذلك تقديم الصدقة عند الشروع بالدعاء، اذ انها باب لنزول الرحمة والتقرب الى الله تعالى ونوع رأفة واحسان بين الناس ابتغاء رحمته تعالى ورجاء فضله، وبالاسناد عن معاوية بن عمار عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: “كان اذا طلب حاجة طلبها عند زوال الشمس، فاذا اراد ذلك قدّم شيئاً فتصدق به وشم شيئاً من طيب وراح الى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله”.
من فلسفة الدعاء ان منافعه لا تنحصر بالداعي وزمان الدعوة بل انها تدخر وتحفظ ويتعاهدها الله لتبرز بآثار مباركة على الذرية والأهل، وفي الحديث: “انا دعوة ابي ابراهيم”.
اسباغ الوضوء أي الإتيان به تاماً كاملاً شاملاً لجميع مواضعه استعداداً للدعاء وحسن أدب في ساعة الوقوف بين يدي الله عز وجل وسؤاله، وقد ورد استحباب الوضوء للحاجة مطلقاً، وفي الوسائل عن الإمام الصادق عليه السلام قال: “اني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء كيف لا تقضي تقضى حاجته”.
التضرع الى الله وسؤاله باسمائه الحسنى لما فيها من الثناء على الله عز وجل وتعظيمه، كمقدمة مباركة للدعاء تتضمن الإقرار بالوحدانية وانحصار الإستعانة والإستغاثة به تعالى، بالإسناد عن عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم لله عز وجل تسعة وتسعون اسماً من دعا الله بها استجيب له ومن احصاها دخل الجنة، وقال الله عز وجل [[ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ]]”( ).
يستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله في كل دعاء في أوله وآخره، ومنهم من أوجبه.
من المقدمات المباركة للدعاء الصلاة على النبي وآله وبه وردت نصوص عديدة ولأن الله عز وجل امرأمر بالصلاة على النبي وهي عنوان التسليم والإنقياد لله تعالى باتباع من اجتبى واصطفى من خلقه، وورد في نهج البلاغة: اذا كانت لك الى الله حاجة فابدأ قبل مسألتك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سل الله فان الله اكرم من ان يسأل حاجتين فيقضي احداهما ويمنع الأخرى.
كما للدعاء مقدمات فان له متممات ملازمة له ومنها البكاء او التباكي عند التضرع الى الله تعالى، وهو اعلان لصدق الالتجاء واللجوء بالحاجة والقصد الى والسؤال والإنقطاع الى الله تعالى، او وعدم انحصار السؤال باللسان بل ان الجوارح والأركان تساهم في المسألة بجعل العبد اقرب الى الله عز وجل.
قد يرد الدعاء بمعنى التسبيح والحمد، فليس من تكليف في الجنة ومع هــذا ورد قوله تعالى [[ وآخــر دعــواهـــم ان الحمــد لله رب العالمينوَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]]( ).
وفي تفسيرها ورد عن ابن عباس ان اهل الجنة كلما اشتهوا شيئاً قالوا سبحانك اللهم فيجيئهم كل ما يشتهون فاذا طعموا قالوا الحمد لله رب العالمين فذلك آخر دعواهم.
ان ورود وتجدد موضوع الدعاء في الجنة وبخصوصية واهمية ظاهرة كخاتمة للدعاء والرجاء يدل على الحاجة اليه.
الدعاء هو دعوة الى الله وباب الهداية الى الدين والرشاد والامتثال باللاحكام الشرعية، فانه كما انه يعني الإقرار بالربوبية والتسليم بالإرادة الإلهية، واللجوء اليه تعالى اعتراف صحيح بان مقاليد الأمور بيده تعالى وله المشيئة.
الدعاء عنوان سؤال والتماس حاجة فهو من الإنشاء ولكن قد يرد جملة خبرية التي تأتي احياناً بصيغة الثناء على الله فيحتسبها فضلاً منه تعالى دعاء فضلاً منه تعالى وهو سر من اسرار الدعاء وكنز من كنوزه.
قد يرد الدعاء بمعنى التسمية كما في قوله تعالى [[ قل ادعوا الله او ادعوا الرحمنقُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَانَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ]]( ) فالدعاء هنا بمعنى التسمية يتعدى الى مفعولين أي سواء تسألونه وتخاطبونه باسم الجلالة او بالأسماء الحسنى فانها تدل على واجب الوجود، وقيل ان هذا العطف يصح بالواو ولا يصح ب(او) لأنها لأحد المتغايرين ولكن الآيةالآية جاءت بمعنى التقرير والإمضاء واتمام الحجة.
قد يرد الدعاء بمعنى العبادة كما في قوله تعالى [[ قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكمقُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ ]]( ) أي عبادتكم، فالدعاء اقبال على الله وهو يتضمن قهراً وانطباقاً الإشتغال بذكره وتمجيده تعالى والإعراض عن غيره.
الإجتماع والإشتراك في الدعاء والتوجه الى الباري عز وجل على نحو العموم المجموعي سواء كانت المسألة شخصية او نوعية لموضوعية تعدد السائل وللمسألة والمسألة ولما يعنيه الإجتماع في المسألة من التضامن والإلتقاء والإقرار الجماعي بتعلق الحاجات بمشيئته تعالى، كما انه مناسبة للإندفاع في العبادة، وروي ان الله عز وجل اوحى الى عيسى عليه السلام: “يا عيسى تقرب الى المؤمنين ومرهم ان يدعوني معك”.
التأمين( ) على الدعاء فانه مشاركة في الدعاء وسؤال الحاجة وتوسل اضافي وتوكيد للحاجة وعنوان للصدق في المسألة، وفي مرسلة علي بن عقبة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم : دعا موسى وأمن فرعون هارون وأمنت الملائكة فقال الله تعالى: قد اجبت دعوتكما”.
من القواعد الإمتنانية في الدعاء السعة في صيغته اذ يجوز ان يكون الدعاء بما جرى على اللسان من بيان للحاجة وذكر للفاقة والمسألة، وكذلك يجوز بل يستحب اختيار الدعاء المأثور.
الدعاء والسعي
لقد ترك الأنبياء تراثاً عظيماً في علوم الدين والدنيا تجسدت بآيات قرآنية تضمنت انواراً مباركة على سيرتهم الشـريفة وكيفية استثمار الزمان والمكان والحال في تعظيم شعائر الله، قال تعالى[[ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ فبهداهم اقتده ]]( ).
لقد كانت حياتهم دعاءً وذكراً وتسبيحاً وسعياً في سبيله تعالى، والدعاء بذاته رحمة اذ جعله الله عز وجل باباً لقضاء الحوائج وانه اذن به تخفيفاً وفضلاً بل ان المسلمين امتازواوأمتاز المسلمون بان الله عز وجل امرأمرهم بالدعاء وحثهم عليه وتلك خصوصية ونوع تشريف، وهي لا تتعارض مع تفضيله سبحانه لبعض الأمم كبني اسرائيل على اهل زمانهم لأن الأمر بالدعاء يشملهم على نحو عرضي بدخولهم الإسلامالإسلام لتغير الموضوع وصدق اسم المسلم على من يأتي بالشهادتين منهم.
عرفت الدنيا بانها دار فناء، والعلماء هم الأطباء اما الدواء فهو القرآن والإعراض عنه هو السم، وقد يكون القرآن هو الطبيب والدواء معاً والنفوس قابلة للتداوي، والنقص في العلم والعمل هو المرض ومن المرض ما هو مركب جهلاً بظنهحينما يظن الشخص جهله معرفة وعلماً.
ولابد من الملازمة بين الدعاء والعمل، بالعمل يصلح الغير وينتفع منه، بالرزق الحلال وتنزيه البطن وطيب المكسب يسمع الدعاء وفي الحديث: “ان رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احب ان يستجاب دعائي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام”.
والتضرع باسمائه الحسنى بما فيه من الثناء وهو باب لقبول الدعاء ولو تنزلنا عن موضــوع الســند وضعفــوه، فهل الحديث مخصــص لإطــلاق الآيةالآية الكريمة [[ ادعوني استجب لكمادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ]]( ) التي هي تشريف مركب، ام ان الآيةالآية بالذات تحمل هذا التخصيص بورودها بلغة الخطاب والقدر المتيقن منه اهل الإيمانالإيمان والذين اقروا برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلموا بان القرآن كتاب من عند الله، أي لا تصل النوبة للحديث الا على انه مبين للآية وليس مخصصاً لها، ام ان هناك منزلة بين المنزلتين وبرزخاً وهو ان الرزق الحلال يستجاب فيه الدعاء على الوجه الأتم والأكمل، بعكس اختلاط الحرام بالحلال في الكسب فانه لا يجعل الإستجابة الا على نحو الموجبة الجزئية لما في التوجه المجرد له تعالى من خصوصية بفضله تعالى ولأن من اسمائه سبحانه السميع الذي يفيد مما يعني الإطلاق والعموم في سمعه وعلمه تعالى بالدعاء وصاحبه ، الأقوى هو الأخير.
والحوائج على نوعين كبيرة وصغيرة وبينهما متفاوتة بل ان الصغيرة قد تكون كبيرة بلحاظ الحاجة اليها وندرتها او انعدامها، او ترتيب امور اخرى عليها فتكون الحاجة اليها كمقدمة وطريق بمقدار الحاجة الى ذي المقدمة وما تؤدي اليه، والتوجه الى الله بالدعاء لا ينحصر بالحوائج الكبيرة ولا الصغيرة التي يترتب عليها امرأمر اهم بل مطلقاً في كل ما يحتاجه الإنسان لأن كل شيء بيده تعالى وخاضع لمشيئته ومستجيب لأمره، ولأن الإطلاق في التوجه اليه عنوان الإيمانالإيمان وحسن الإتكال وصدق التسليم.
وفي الحديث القدسي: “يا موسى سلني كل ما تحتاج حتى علف شاتك وملح عجينك”، وبالإسناد عن سيف التمار قال: “سمعت ابا عبدالله الإمام الصادق عليه السلام يقول: عليكم بالدعاء فانكم لا تتقربون بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها ان تدعوا بها ان صاحب الصغار هو صاحب الكبار”.
في كل آية دعاء
لقد ورد في الحديث ان الدعاء مخ العبادة، مما يدل على موضوعيته والقرآن فيه تبيان لكل شيء، فنستطيع ان نتبين هذا الحديث من الآياتالآيات القرآنية التي تتعرض للدعاء بل ومن كل آية في القرآن، أي ويمكن القول ان انه في كل آية من آيات القرآن مناسبة للدعاء اما في منطوقها او في مفهومها سواء كان مفهوم موافقة وهو المعنى غير المذكور الموافق فيها ولكنه موافق للمنطوق سلباً وايجاباً، والثاني غير المذكور المخالف، وكأن الأول من الدلالة المطابقية او التضمنية، والثاني من المداليل الإلتزامية، كما في الآياتالآيات التي فيها ذكر الجنة تدعو العبد لدخول الجنة والفوز في المقام فيها والنجاة من النار، أي الدعوة للنجاة من النار لا تنحصر بالآياتالآيات التي فيها ذكر النار والآيات التي فيها ذكر للنار فتكونوالوعيد والتخويف بها بل تشمل الآياتالآيات البشارة بالجنة اذ تكون في مفهومها مناسبة للدعاء بالنجاة منها.
الدعاء والصلاة
ذكر من وجوه اشتقاق الصلاة انها الدعاء، فالصلاة نوع دعاء ورجاء وان كانت فعلاً تعبدياً يؤتى به بداعي امرأمر المولى، لذا تجد الدعاء يتخلل افعال الصلاة كلها فالقراءة فيها دعاء وان جيء به بقصد القرآنية كما في قوله تعالى [[ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ]]، وهناك حالات في الصلاة يتخللها الدعاء ولو على نحو استحبابي ومنها القنوت الذي هو مستحب استحباباً مؤكداً، والدعاء عند التشهد قبله واثناءه وبعده، والصلاة قربان كل تقي، وخير ما يتقرب به العبد بعد ما فيها من الواجبات هو الدعاء بالمأثور وحيث امكن شرعاًالى الله عز وجل.
وتعتري النفس الإنسانية خواطر وهي على قسمين، اما ان تكون للرجاء او الطمع بما عند الله عز وجل، او ما يدعو الى الشر من نزغ الشيطان، والأول يسمى الإلهام وهو حسن ومحمود، والثاني مذموم ويسمى الوسواس، وقسم الأول عند اأهل العرفان الأول الى الرحماني والملكي، والثاني الى الشيطاني والنفساني، وكل قسم يتقدم رتبة على الثاني سواء من الإلهام او من الوسواس وهذا التقسيم وان كان استقرائياً الا انه يعكس الصراع بين الإنسان والشيطان في اهم ميادين المعركة بينهما وهي النفس اذ تتجلى مظاهر العداوة وانواع الاسلحة على حقيقتها وباشد وجوه الفتك والمقاومة، وقد تنحسم احياناً لصالح احد الفريقين فيرتقي الإنسان في مسالك الرشاد ويعيش القلب في انوار الشريعة وتلتزم الجوارح باحكام الحلال والحرام وتتهيأ النفس لقبول التوفيق وما يعنيه من اللطف والإشتغال بالدعاء.
والدعاء قهر للنفس الإنسانية على فعل الصالحات، فهي مع صفائها وفطرتها على التوحيد تمتلك ايضاً القابلية على لتلقي اسباب الهوى والإنكباب على اللذات والشهوات الفاسدة وقد تكون مرعى الشيطان للشيطان، والباب الذي ينفذ منه، فالدعاء جهاد لها، وتسليط للإرادة الإيمانالإيمانية عليها، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: “ما منكم الا وله شيطان، قالوا: وانت يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم، وانا، الا ان الله اعانني عليه فاسلم على يدي”.
وهذا الحديث في مفهومه دعوة للتغلب على الشيطان واهم وسيلة التي يمكن لقهره بها قهره والإنتصار بها عليه بعد اداء الفرائض هو الدعاء، بل ان الدعاء يتصف بامكان ملازمته للإنسان والفزع اليه في كل وقت، الى جانب حضور المدخر منه في ساعة الغفلة والسهو والانشغال بالدنيا، والنفس تمتلك مؤهلات الإتصال بالملك والشيطان سواء كان بتوسط القوة العقلية للملك او القوة الوهمية للشيطان، وابليس من الجن وقيل ان الجن يتصف بالخيال والتمثيل.
والإيمانالإيمان على قسمين، اما مستقر اومستودع، فالأول ما كانت التقوى سنخية ثابتة فيه وملكة تصدر عنها اعمال العبد، فيتوجه الى الدعاء كوظيفة وسلاح وملاذ، اما الثاني فهو الذي تداهمه الشهوات ويسعى الهوى لخذلانه وزحزحته عن منازل الإيمانالإيمان، فالشيطان يقف على قلبه لأغوائه بمكره وكيده، بينما يتربع العقل على باب الأول أي صاحب الإيمانالإيمان المستقر وينير سراجه دروب الحياة، والحق ان كلاً منهما المستقر والمستودع يحتاج الدعاء، نعم النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه فكل منهما يحتاج التثبيت الثبات على الإيمانالإيمان، الأول بارادة دوام الثبات، والثاني وهو المستودع سؤال الثبات.
مدرسة اهل البيت في الدعاء
لقد احتل الدعاء مكانة عظيمة في تأريخ اهل البيتالمسلمين وسيرتهم، فكان غذاء يومياً ويردهوسلاحاً حاضراً يلجأ اليه المسلم عند الحاجة وغيرها، والدعاء يطرد الغلو ويمنع من التعدي علينا، وتوجه الإماموالتوجه بالدعاء الى الباري عز وجل اقرار بالربوبية واعتراف من منازل الذل والعبودية فلا غرابة ان يتعاهد اهل البيت الصحيفة السجادية لأنها لأن مضامين الدعاء فيها وثيقة تدفع الكيد عنا وتحول دون الغلو وساهمت وتساهم في ترسيخ الدعاء واعتباره الإيمان والخضوع والحاجة لله تعالى في الحياة اليومية وارتكازه في الذهن في حال الرخاء والشدة وصار جزء من القيم الإخلاقية المتوارثة عند اهل البيت فهي عالم ملكوتي على لسان المعصوم.
والدعاء باب في المعرفة الإلهية فهو اشعاع فكري مبارك للارتقاء في مسالك الهدى وسبل النجاة في الآخرة لما يتضمنه من الاخلاص في العبودية واليقين، فالدعاء وهو طريق وسب لمعرفة الباري عز وجل وان كان ذاته غنياً عن العالمين.
فلسفة الإلحاح بالدعاء
الإلحاح في الدعاء والمواظبة في المسألة وعدم القنوط والإعتقاد الجازم بان الحكمة الإلهية تقتضي تأخير الإستجابة وانه تعالى احاط بكل شيء علماً، وفي الإلحاح في الدعاء مدخل كريم لقضاء الحوائج وبلوغ الآمال، وهو نوع انقطاع له تعالى وتوكيد ذاتي على ان اللجوء له تعالى على نحو الدوام والثبات، وهذا الإلحاح مع استدامته لا يمنع من السعي في الأسباب بل ان الدعاء سبيل الى تيسير الأسباب واضفاء البركة عليها.
ومن منافع الإلحاح في الدعاء انه واقية عما مما هو أسوأ من احوال الضيق والشدة، وهو حاجز من عن السيئات وارتكاب الذنوب فمن يرجو يلتزم باحكام الرجاء وما يؤدي الى غاياته، وهو وجه من وجوه الإيمانالإيمان ومظهر من مظاهره، والنصوص التي وردت في استحباب الدعاء كثيرة وتبين اهميته وماله من اعتبار، وفي الوسائل او ايضاً ذكر انه في زبور داود يقول الله عز وجل: “يا ابن آدم تسألني وامنعك لعلمي بما ينفعك، ثم تلح علي بالمسألة فاعطيك ما سألت”.
والإلحاح في الدعاء غذاء ر وحي ونوع تسلية وايناس لها بل وللجوارح واركان البدن ودوام الأمل الذي له آثار تبرز في الأعمال، وعن ابن القداح عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله عبداً طلب من الله عز وجل حاجة فألح في الدعاء استجيب له او لم يستجب، وتلا هذه الآيةالآية [[ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّاوَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ]]( ).
تخصيص الكتاب بخبر الواحد
لقد اصبح من الشائع القول ما من عام الا وقد خص، والقرآن كما فيه عام ففيه خاص، وفيه ومن مسائل البحث:
هل ان الخاص في القرآن يشمل كل عموماته بحيث نستغني في هذا الباب عن السنة أي ان القرآن جاء بالخاص لكل عام خصوصاً ان الإجماع والوجدان على ان القرآن يتضمن العام والخاص، والمطلق والمقيد.
الجواب: لا، لأن السنة النبوية الشريفة بيان للقرآن وهي نوع وحي واخبار سماوي، فمثلاً ورد الحكم بقطع يد السارق والسارقة مطلقاً، ولكن السنة النبوية خصصته واخرجت منه ما كان قيمة العين المسروقة أقل من ربع دينار.
ولقد ثبت في علم الاصول اعتبار اصالة الاطلاق، فالعام القرآني يبقى على حاله الا ان يخصص بآية اخرى او بالسنة.
اننا نحتاج الى السنة لتخصيص ذات العمومات او غيرها.
ان التنزيل ترك موضعاً وباباً للسنة بتخصيص بعض عموماته.
ان السنة بذاتها تفيد تخصيص عمومات الكتاب على نحو انطباقي اذ لابد من العمل بالسنة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “الا يوشك شبعان على اريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه”، وفي الحديث دعوة للأخذ والعمل بالسنة الشريفة وفيه تحذير من الإعراض عنه ونهي عن تركها وعدم اعتبارها وليس من دليل يخصص عمومات هذا الحديث، فلو جاء حديث يتضمن تخصيصاً لعام في القرآن فاما ان نعمل به فيكون مخصصاً، او نطرحه فنكون قد خالفنا امرأمره صلى الله عليه وآله وسلم، مع ان الاجماع والدليل العقلي على ان امرأمره مدرسة شرعية تتضمن كنوزاً من العلم.
وهناك احكام في القرآن وردت على نحو الإجمال والإطلاق ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمها بالعلم الحضوري وبالوحي والأخبار الملكوتي على نحو التفصيل رحمة في بالأمة وسعة في الحكم، ولو عرضنا هذا الحديث على القرآن فلا تجد في البين معارضة بينهما، ولا يعني هذا ان من الوقائع ما ليس له حكم في القرآن، ولكنه الفضل الإلهي والحجة البالغة على الناس.
هل يصح خبر الواحد للعمل به وعدم طرحه، وهل ان العمل به مطلق ام انه ينحصر بالعبادات والتوصليات، وانه ليس بحجة في تخصيص الكتاب العزيز، ام ان حجيته مطلقة وليس من دليل على تقييدها.
والحديث لغة هو الجديد من الاشياء ونقيض القديم، كما يأتي بمعنى الخبر وهو المقصود في المقام، والجمع احاديث، كقطيع واقاطيع، وقيل انه يجمع على حِدثان وحُدثان، ولكن الأول هو المتعارف.
وما امتاز به الاسلامالإسلام علم الحديث وهو بالمعنى الاصطلاحي السنة الشريفة، ومع انه لغة يختص بالخبر، الا انه في الاصطلاح يشمل السنة الفعلية والتقريرية، وهو بيان وتفسير للقرآن وتفصيل لاحكام الشريعة.
وينقسم كما هو معروف الى قسمين:
المتواتر: وهو الخبر الذي ينقله جماعة عن جماعة تعتبر كثرتهم دليلاً وقرينة على عدم تواطئهم على الكذب، ويحصل بخبرهم العلم والقطع مع اختلاف في عموم القطع به وفي عددهم في كل طبقة، والاتفاق على حصوله سواء كان التواتر لفظياً او معنوياً.
والقسم الثاني هو خبر الواحد، وهو على اقسام تلتقي كلها بعدم الوصول الى حد التواتر كالمستفيض الذي يكون رواته في كل طبقة اثنين او ثلاثة وخبر الواحد في كل طبقة او بعضها، والظاهر ان المستفيض قسيماً لخبر الواحد لصيغة التعدد في رواته في كل طبقة وليس قسماً منه، وهو واسطة وبرزخ بين خبر الواحد والخبر المتواتر.
وهذا التقسيم لا يمنع من وجود الخبر الضعيف في المستفيض اذا ما اتفق اتصاف راوييه او رواته في طبقة واحدة بالضعف والجرح.
واختلف في تخصيص الكتاب بالخبر الواحد او عدمه على اقوال:
الجواز، .
2- المنع.
3- التوقف.
ولفظ الخبر الواحد فيه عموم ويحتاج الى بيان وتخصيص بطرح الضعيف منه وعدم اعتبار الحديث الا اذا كان صحيح السند او انه مجبور بعمل الفقهاء وصحيح الدلالة وان يكون جامعاً لشرائط الحجية وليس بدليل الإنسداد الذي يعني حجية مطلق الظن، فالعمل بمطلق الظن لا يصلح للتخصيص لأنه يكون حينئذ من باب الإحتياط وهو اصل عملي لا يصلح لتخصيص الكتاب لعدم صلاحية الأصل العملي مع وجود الدليل الذي هو القرآن وان كان على نحو الإطلاق والعموم.
ويدل هذا المبحث في مفهومه على امضاء تخصيص الخبر المتواتر للكتاب العزيز للأولوية القطعية ولحجيته مما يستلزم استحضار نوع مقارنة بينهما فيما يخص موضوع التخصيص وهو ان الكتاب قطعي الصدور والخبر الواحد ظني الصدور لذا استشكل جماعة وقالوا كيف يقدم الظني على القطعي.
وعندما يرد خبر عادل اخص منيخصص عموم الآيةالآية القرآنية فتكون هناك احتمالات:
طرح الخبر وتكذيب راويه.
التصرف بظاهر القرآن وهو العموم والإطلاق وعدم التصرف بمضمون الخبر بل تكون له الحكومة بمعنى التوسعة والتضييق.
التصرف في الخبر بما يتلائم مع ظاهر القرآن وتأويله خصوصاً مع الرجوع الى احاديث المعارضة مع الكتاب وعموماتها وان كان التخصيص غير المعارضة.
ترك الأمرأمر وعدم البحث عن الصلة بين الآيةالآية والخبر.
ونحن امام امرأمرين اما ان نأخذ بالظن بصدق الخبر، او نأخذ بعموم الآيةالآية وطرح دليل حجية الخبر، خصوصاً وان الخبر لم يصدر الا لبيان الحكم الواقعي مع حكم العقل بوحدة ا لموضوع في منطوق الآيةالآية ومضامينها وبين ما جاء به الخبر اذا تم من حيث حجية الظهور واصل الصدور وجهة الصدور وانه ليس للتقية او نحوها.
وقيل بتقديم القرينة على ذي القرينة، والمراد من القرينة هو اصالة عدم كذب الراوي، امام الأصل الجاري في ذي القرينة فهو اصالة العموم.
وفي الكفاية وهو أهم الكتب الأصولية التي تدرس في الحوزة العلمية قال: لولا جواز التخصيص بالخبر المعتبر لزم الغاء الخبر بالمرة او ما بحكمه ضرورة ندرة خبر لم يكن على خلافه عموم الكتاب لو سلم وجود ما لم يكن كذلك.،
أي لو سلم وجود خبر لا يخالف عموم الكتاب فهو نادر مما ينتج عنه ان طرح النصوص والأخبار المخالفة للكتاب فان معظم الأخبار تكفى ولا يبقى منها الا القليل النادر.
ولكن هذا القول ليس بتام اذ ان اجراء احصائية للأخبار او الخبر الواحد خاصة تظهر ان الغالب منها موافقانها موافقة للكتاب يبين الكريم في الجملة والحق ان اكثر الأحكامالأحكام تثبت بخبر الواحد وبحجية خبر الواحد، ينفتح باب العلمي وينغلق باب الإنسداد، وباب العلمي هو الوصول الى الأحكامالأحكام الشرعية الفرعية بالطرق الموصلة لها للعلم بها وامضائها من قبل الشارع او العقل في معظم الأحكامالأحكام.
وحجية خبر الواحد من المسائل الأصولية المهمة وموضوعها مما اشكل فيه على انحصار موضوع علم الأصول بالأدلة الأربعة، ومسألة تخصيص الكتاب بخبر الواحد فرع حجيته.
ويمكن اثارة تساؤلات بخصوص الخبر الواحد:
هل يصح خبر الواحد للعمل به وعدم طرحه.
هل ان العمل به مطلق.
انه ينحصر بالعبادات والتوصليات.
انه ليس بحجة في تخصيص الكتاب العزيز.
ان حجيته مطلقة وليس من دليل على تقييدها.
والمشهور على حجية خبر الواحد اذا كان معتبراً سنداً، وخبر الواحد هو الخبر الذي اتحد طريق سنده ولم يحصل منه القطع بثبوت مؤداه في قبال الخبر المتواتر الذي يرويه جماعة عن جماعة مع امتناع تواطئهم على الكذب مما يفيد العلم.
وهو من اهم ما يبحث في علم الاصول كوسيلة تعبدية لإحراز صدور الدليل من الشارع، وتتوقف عليه جملة من الأحكامالأحكام الشرعية لاعتبار جهة الصدور والوثوق بالخبر الواحد الذي يقع في طريق الحكم الشرعي، وكون هذا البحث ليس معروفاً في أيام المعصومين الإسلام الأولىعليهم السلام لا يعني انه مستحدث، بل ان كثيراً من النصوص تدل في مفهومها على اطلاق حجة خبر الثقة اطلاق المسلمات في ذلك الزمان، وفي بعض تلك النصوص ترى الأئمة عليهم السلام يشيرون او يرجعون السائل الى نفر من اصحابهم ورواة احاديثهم كمحمد بن مسلم وأبي بصير الاسدي وابان بن تغلب، وقوله عليه السلام لأحد المؤمنين: (اذا أردت حديثاً فعليك بهذا الجالس) مشيراً الى زرارة بن أعين، وقوله عليه السلام: (العمري ثقة فما أدى اليك فعني يؤدي).
كذلك ويمكن الاستدلال بالسنة الفعلية بارسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأمراء والسعاة وغيرهم آحاداً الى القبائل والامصار ليقوموا ببيان السنن وتبليغ الاحكامالأحكام الشرعية ونحو ذلك.
وهناك شواهد من السنة التقريرية تدل على عدم ردع النبي صلى الله عليه وآله وسلم اصحابه عند عملهم بخبر الواحد.
هذا بالاضافة الى ارشادهم عليهم السلام الى ما وافق الكتاب والسنة، والإعراض عما خالفهما من غير تفصيل بين الخبر المتواتر او خبر الواحد، كما كانوا الأئمة يحثون على تدوين الحديث وضبطه بل والرجوع الى بعض كتب الاصحاب ككتب بني فضال كما روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام لما سُئل عن كتبهم قال: “خذوا ما رووا وذروا ما رأوا”.
وفي كتاب القضاء من الوسائل نصوص كثيرة تدل على الأخذ بخبر الواحد منها الاخبار العلاجية عند التعارض بين خبرين للأخذ بأحدهما اما على سبيل التعيين او التخيير من دون الاشارة الى جهة الصدور ومدخليتها في الترجيح.
واستدل المشهور على حجية خبر الواحد بالكتاب والسنة، ومنها مفهوم آية النبأ وهي قوله تعالى [[ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَيَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ]]( ).
ففي الآيةالآية أمر بالتبين عن النبأ بشرط ان يكون الذي يأتي به فاسقاً وهذا هو المنطوق، اما المفهوم فهو ان خبر العادل لا حاجة الى تبيينه لوضوحه وقربه من الدليل القطعي، وبالاضافة الى مفهوم الشرط استدل بها من باب مفهوم الوصف ان وجوب التبين ملازم لفسق حامل النبأ ومعلق عليه فينتفي بانتفاء هذه الصفة فيقبل ويصدق عليه ان كان المخبر عادلاً، وتعتبر ويعتبر مفهوم هذه الآيةالآية عندة الدلةعند المشهور دليلاً على حجية خبر الواحد.
كما استدل على الحجية بمفهوم الشرط وهو وجوب التبيين عن الخبر قد الذي انحصر باتيان الفاسق له وهو يدل في مفهومه على القبول عند اتيان غير الفاسق به لإنتفاء المشروط بانتفاء شرطه خصوصاً وان الجزاء لم يتوقف على الشرط كما في صورة ان رزقت ولداً فاختنه، فعند عدم الولد ينتفي الموضوع، بل ان الأمر مولوي تعبدي.
واستدل ايضاً بآية النفر وهي قوله تعالى [[ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَوَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ]]( )، اذ تدل الآيةالآية على موضوعية الانذار وتعقبه بالحذر العام الذي يكشف عن حجية اخبار الفقيه المنذر.
كما اســـتدل على حجية خبر الواحـد بآية الكتمان وهي قوله تعالى [ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ [[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ ]]( ) ، وتحريم الكتمان يدل في مفهومه على وجوب الاعلان الذي لا له أثر له الا بالحجية والقبول.
واستدل ايضاً بآية السؤال وهي قوله تعالى [[ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَفَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ]]( )، والأمر بالسؤال يدل على حجية الجواب وافادته للعلم.
وقد ناقش القائلون بعدم حجية الخبر الواحد في الاستدلال بالآياتالآيات المتقدمة، ففي آية النبأ قالوا بأنه لا مفهوم للجملة الشرطية اذا كانت مسوقة لبيان موضوع الحكم، ولا يعقل فرض الحكم بدون الشرط فالحكم فيها الأمر بالتبيين فلا يعقل فرض التبيين اذا لم يأت الفاسق بالنبأ لأنها تكون سالبة بانتفاء الموضوع، فلا يمكن ان يقال ان لم يأتكم فاسق بالنبأ فلا تتبينوا، اذ ان الاصوليون الاصوليين اتفقوا على انعدام المفهوم لهذا النوع من الجملة الشرطية.
وان الحكم بالتبيين معلل في الآيةالآية الكريمة بالاحتراز من الوقوع في الجهالة وهو طبيعي كلي لاخبار الآحاد لعدم ثبوت العلم فيها فتكون كالقرينة على نفي المفهوم.
واجيب على الاستدلال بآية النفر يوجوه بوجوه منها ان حجية قول المنذر متعلقة برأيه واستنتاجه لا بما هو اخبار وشهادة.
واجيب على الاستدلال بآية السؤال بوجهين، الأول: ان كان المراد بأهل الذكر أهل الكتاب فان مورد الآيةالآية اصول العقائد وعلائم النبوة، وخبر الواحد ليس بحجة في اصول العقائد والسؤال اعم منه، وان كان المراد باهل الذكر الأئمة عليهم السلامأئمة المسلمين فلا صلة للسؤال بحجية خبر الواحد، وقد يُراد من السؤال التعدد والكثرة، وتلك الردود نوقشت ايضاُ من قبل القائلين بالحجية.
وتابع النافون لحجية خبر الواحد القائلين بحجيته بالاستدلال بالكتاب والسنة والاجماع والعقل، ومن الكتاب قوله تعالى [ إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا[[ إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا ]]( )، فأن الآيةالآية تنهى عن العمل بالظن، وخبر الواحد وان كان امارة ظنية ولكنه غير مشمول باطلاق النهي عن العمل بالظن للسيرة القطعية بالأخذ باخبار الثقاة وإمضاء العمل بها في الشرعيات، وعدم الردع عن الأخذ بخبر الثقة كما ان خبره يفيد عند العقلاء الاطمئنان.
وهذه الآياتالآيات تفيد وجوب العلم لدفع الضرر وان كان اخروياً، والنهي عن الظن غير المعتبر الذي لا ينتج عنه نوع طمأنينة، كما ان القدر المتيقن من النهي هو خبر الفاسق أي بسبب عرضي وهو الفسق ولا واسطة بين العادل والفاسق لعمومات قوله تعالى [[ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ]]( ).
كما واستدل السيد المرتضى على عدم حجيته بالاجماع، وجعل العمل بخبر الواحد مثل العمل بالقياس ضروري البطلان، ولكن الاجماع لم يثبت وان تابعه ابن ادريس ونفر معه وذلك لقول الاكثر بخلافه، بل لقد ادعى الشيخ الاجماع على الخلاف ومقتضى الاصل التعارض والتساقط.
ولكن اجماع السيد المرتضى يمكن ان يناقش لأن المشهور بين المتقدمين والمتأخرين هو حجيتهحجية الخبر الواحد، والاجماع المنقول هو من أفراد الخبر الواحد.
وحمل قولهم بعدم حجية الخبر الواحد على الخبر الضعيف غير الموثق ولا يخلو من المصادرة، لأن بعض اقوال المنكرين في المباحث الفقهية تفيد عدم اعتبار خبر الواحد وان كان ثقة.
واستدل المنكر بالروايات التي تنهى عن العمل بالخبر المخالف للكتاب والسنة ومما ليس عليه شاهد من الكتاب والسنة وهي نصوص متواترة ولكنها اجنبية عن المقام فحتى الذي يقول بحجية الخبر الواحد لا يأخذ بها، لأن التخصيص غير النسخ خصوصاً وان السنة لا تنسخ القرآن على المختار وان ادعى في معالم الدين الإجماع على نسخها للقرآن.
اما بالنسبة للأخبار التي تدل على المنع عن العمل بالخبر الذي لا يكون عليه شاهد او شاهدان من كتاب الله او سنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فانها تحمل على حال التعارض والتنافي، والتخصيص خارج عن موضوعنا بالتخصص.
ومع القول بحجية خبر الواحد لابد من الاشارة الى امور تتعلق بالعمل بخبر الواحد وهي:
ان لا يكون مخالفاً لدليل قطعي الصدور كالقرآن الكريم وبذا يكون النزاع صغروياً، فالمدار على القرآن ومن بعده الخبر المتواتر.
ان يكون الخبر حسياً لأن عمدة أدلة حجيته الأدلة اللفظية والسيرة التي مناط العمل فيها الخبر الحسي لا الحدسي.
وثاقة الراوي كشرط في العمل بخبره بالاضافة الى شرط الاسلامالإسلام والعقل.
وفي هذا الزمان وان اتسعت الدراسات في كل ميادين العلوم وازدادت تشعباً وتفصيلاً، أرى فمن المناسب ان توضع رسالة خاصة يذكر فيها كل خبر من اخبار الآحاد اعتمد طريقاً ودليلاً، وهل منوما اذا كان هناك دليل آحر آخر يفيد العلم شارك خبر الواحد في الحكم الشرعيبعض الأحكام الشرعية بما يفيد الحصر والاستقراء.
الإدغام
الادغام لغة الإدخال، يقال ادغم الفرس اللجام أي ادخله في فيه، قال ساعدة بن جؤية:
بمقربات بايديهم بأيديهم اعنتها
خوص اذا فزعوا ادغمن باللجم
وقال الأزهري: ادغام الحرف مأخوذ منه وقيل اشتقاق هذا من ادغام الحروف، قال ابن منظور: وكلاهما ليس بعتيق انما هو كلام نحوي.
اما في الإصطلاح فهو التقاء حرف ساكن بحرف متحرك فيصيران وكأنهما حرف واحد بسبب شدة اتصالهما، وان اللسان يرفع عنهما رفعة واحدة شديدة نحو شد ومد.
وعلة الإدغام ما في التكرار من ثقل فغايته التخفيف وحروف الإدغام ستة وهي: الياء والراء والميم واللام والواو والنون، جمعت بكلمة يرملون وتدغم النون مع كل حرف من هذه الحروف، وللإدغام تقسيمان الأول بلحاظ نقصه وتمامه وهو على ضربين:
ادغام ناقص: وهو ادغام بغنة وحروفه الياء والنون والميم والواو تجمعها كلمة ينمو، وسمي هذا الإدغام ناقصاً لبقاء النطق بالنون مع الغنة، فاذا سبقت النون احد هذه الحروف فانها تقلب الى حرف مماثل ثم تدغم مع اظهار الغنة أي انف النون يبقي اثرها ولكنها تخرج من الخيشوم، أي انها من الأنف، فقد وقد اختلف في مخارج الحروف والإعضاء التي تصدر منها الحروف، وعدّها الخليل سبعة عشر مخرجاً، اما سيبويه فجعلها ستة عشر مخرجاً، ومنها اقصى الحلق، وسط الحلق، ادنى الحلق، اقصى اللسان وغيره، ولكل منها حرف او اكثر يخرج منها.
والخيشوم يخرج منه النون والميم المشددين المشددان وكيفية معرفة مخرج الحرف فتح الفم بالألف ثم النطق بالحرف فتعرف بمخرجه مقره واستقراره، أي استقرار الحرف، فتقول اب لبيان مخرج الباء وهو الشفتان والميم وتسمى الحروف الشفهية، واقصى الحلق الهمزة، ووسط الحلق العين والحاء، وقيل ان لكل حرف مخرجاً، ولا يجب على المكلف معرفة مخارج الحروف على طبق ما ذكره علماء التجويد، ومن اهم الحروف التي يلزم مراعاة قواعد النطق عند التلفظ به (الضاد) وقد ينشغل بعض اهل العلم في كيفية التلفظ به ما لم يصل الى درجة الوسواستمريناً واتقاناً ومخرجه من بين اول حافة اللسان وما يليه من الأضراس ويكفي الصدق العرفي للتلفظ بهذا الحرف وان خرج من غير التفات الى الكيفية التي يخرج بها.
واذا اجمع اهل التجويد على الغنة بحرفي النون والميم المشددين مع النون الساكنة او مع غيرها، فانهم اختلفوا في الياء والواو فقد روى خلف عن حمزة الزيات انه كان يدغمها مع النون الساكنة من غير غنة.
ومن امثلة الإدغام بغنة:
عن نفسي: تقرأ: عنّفسِ.
فضلاً من الله: تقرأ: فضلمن الله.
ومن يعمل: تقرأ: ومي يعمل.
كتاب مبين: تقرأ: كتابمبين.
وتظهر النون في نون والقلم ويس والقرآن أي عدم الإدغام فيها.
ادغام كامل: وهو ادغام بغير غنة وحروفه هي اللام والراء، ويراد بالإدغام الكامل عدم بقاء اثر للنون الساكنة او للتنوين، أي ان اثرهما لفظي ينعدم وتزول الغنة ايضاً لذا يسمى كاملاً أي الغنة هي الأخرى غير موجودة فالنون اذا لاقت لاماً تقلب لاماً واذا لاقت راء تقلب راء وتدغم فيهما، وقيل العلماء متفقون على ادغام النون مع اللام والراء من غير غنة.
ومن امثلة ادغام النون مع اللام والراء:
ان لا تقرأ: تقرأ: الا تقرأ.
يبين لنا: تقرأ: يبيلنا.
ولكن لا يعلمون: تقرأ: ولكل لا يعلمون.
من ربهم: تقرأ: مر ربهم.
غفور رحيم: تقرأ: غفورحيم.
مما هو متعارف بين اللغويين والفقهاء هو ادغام اللام مع الألف واللام في اربعة عشر حرفاً وهي: التاء، الثاء، الدال، الذال، الراء، الزاي، السين، الشين، الصاد، الضاد، الطاء، الظاء، اللام، النون، ولم يعد سيبويه اللام منها كما ورد عنه في كتابه.
ففيوقال علماء القراءة في سورة الفاتحة نقول تقرأ بالادغام مثلاً في الله، الرحمن، الرحيم، الدين، الصراط، الضالين، والإدغام هنا للام فلا تظهر في القراءة بل تتحول الى حرف مماثل للحرف الأول من الإسم وتظهر خفيفة بالتشديد في تلفظ للحرف الأول ولكنها تبقى في الكتابة، اما في المصحف فتوضع شدة فوق الحرف الشمسي مثل الرحمن، الصلاة الزكاة.
ويحتملوهل ان الإدغام بلحاظ اعتباره وجوه:
له موضوعية في اللغة العربية او.
متعارف للرسوم في النهج العربي السليم؟ ام.
انه نوع طريق لإحراز الاتيان باللفظ وفق القواعد والاصول.
- ؟ لابد انه الثاني، أي المناط في احراز النهج العربي السليم ولكونه جزء من اللفظ تكون له موضوعية وليس هو طريقاُ.
وهل يمكن القول انه من التخفيف اللساني الذي جاء مع كثرة المولدين وصعوبة تلفظ الأعاجم جماعات من الذين دخلوا الإسلامالإسلام وسعوا جاهدين لتعلم العربية، مع وجود ادلة على قواعد الإدغام وما ينفي استحداثه فانه امر مستبعد.
ويستحب الإدغام في مثل اذهب بكتابي، ويدرككم مما اجتمع فيه كلمتان متماثلتان مع كون الأول ساكناً، وتظهر اللام الموجودة في الحرف مثل بل [[ بل عباد مكرمونبَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ]]، الا اذا وقع بعدها لام او راء فتدغم وذلكعلى وجهين:.
للتماثل مع اللام: مثل قوله تعالى [[ فهل لنا من شفعاءفَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ ]].
او اذا جــاء بعدها راء فللتقارب بينهما كما في قوله تعالى [[ بَل رَبُّكُمْ ]].
اما لام الفعل أي التي وقعت في وسطه او آخره وسواء كان الفعل ماضياً او مضارعاً او امرأمراً فحكمها الإظهار، مثل قوله تعالى [ وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ وجعلنا من الماء كل شيء حي ].
وهناك تقسيم آخر للإدغام بلحاظ تباين هيئة وحركة الحرفين، فالإدغام الكبير هو الذي يكون اول الحرفين فيه متحركاً، اما الصغير فما كان الحرف الأول فيه ساكناً وهو واجب وممتنع وجائز، وسمي بالكبير لكثرة وقوعه ولأن الحركة فيه اكثر من السكون، او لتعدد وجوهه فانه يشمل اقسام المثلين وهما ما اتفقا مخرجاً واختلفا صفة، والجنسين وهما ما اتفقا صيغة واختلفا مخرجاً، والمتقاربين ما تقاربا مخرجاً او صفة مثل الباء مع الفاء وان تعجب فعجب، وسمي كبيراً لكثرة العمل به.
من قواعد الإدغام انه ليس مطلقاً بمعنى ان هناك مواضع في اللغة مستثناة من الإدغام ولا تجري فيها قواعده فالإدغام يتحقق اذا التقت النون الساكنة او التنوين مع احد حروف يرملون في كلمتين، والتقييد بكلمتين يخرج التقاؤهما بكلمة واحدة، فتظهر النون حينئذ مثل (بُنيان) [[ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌان الله يجب الذي يقاتلون في سبيله صفاً كانهم بنيان مرصوص ]]( ) ، ومثل قنوان [[ وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ ومن النخل من طلعها قنوان ]]( )، ومثل بنا، إنا، واستشهد بما يبدأ بالنون كالناس باعتبار ان النون من الحروف الشمسية.
الأحوط الإدغام اذا كان بعد النون الساكنة او التنوين احد حروف يرملون فيما عدا اللام والراء.
واحتج على وجوب الإدغام بدليل انه مقتضى النهج العربي المعتبر في اداء الكلمات، وادعي عدم ظهور الخلاف من الفقهاء في وجوبه.
وادعي اان ترك الإدغام من الغلط، ولكنه اول الدعوى ويحتاج الى بينة ودليل نقلي او عقلي، والمتيقن من الإجماع في حال ثبوته هو اعتبار الفصاحة في الجملة وقد استعمل في القرآن بالإدغام وبغيره، ومن الأول مد الأرض ومن الثاني فليمدد له الرحمن مداً، بل ان تحصيل الإجماع امرأمر ليس بالسهل والأقوى عدم وجوب الإدغام للأصل والإطلاق وصحة الكلام بدون الإدغام بالسهل.
مسائل
الإدغام اذا كان بعد النون الساكنة او التنوين احد حروف يرملون مستحب، والاقوى عدم وجوبه لصدق الكلام بدونه وللأجر والثواب بقراءة كل حرف من القرآن، وكذا الغنة فيما عدا اللام والراء مستحبة.
المدار في اخراج الحروف على صدق التلفظ بها، فلا تجب معرفة مخارجها وفق ما ذكره علماء التجويد لأنه نوع طريق لإحراز صدق التلفظ، وليس من دليل تعبدي على لزوم تلك القواعد كجعل أول احدى حافتي اللسان وما عليها من الأضراس مخرجاً للضاد، وطرف اللسان وطرف الثنايا مخرجاً للظاء والذال والثاء.
الالمد الذي يتوقف اداء الكلمة مادة او هيئة عليه مثل ضالين واجب بالمقدار الذي يصدق تصدق معه صحة اللفظ وافادة المعنى، اما المد الذي يكون بعد احد حروف المد، وهي الواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها، والألف المفتوح ما قبلها فهي فهو من المحسنات في الجملة وبحسب المتعارف تكون من المستحبات كما لو كان المد بمقدار حرف الألف مرتين وقيل اربع مرات والمدار على عدم خروج الكلمة عن معناها.
مس المصحف
قال تعالى [[ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ انه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون تنزيل من رب العالمين ]]( ) اللام في القرآن مزحلقة والجملة جواب لقسم لا محل لها من الإعراب.
لا: نافية، ويمسه: فعل مضارع ومفعوله، والا: اداة حصر، المطهرون: فاعل يمسه.
وقيل لا: ناهية، ويمسه يكون حينئذ فعلاً مضارعاً مجزوماً بلا ولكنه لما ادغم حرك آخره ورفعت السين بدل سكونها لأجل الإدغام فكانت الحركة ضمة اتباعاً للهاء، والأول قد ورد في قراءة عبد الله بن مسعود البيانية ولعله لإظهار ان عبد الله بن مسعود قرأها بذلك للبيان والتفسير والإيضاح ولم يثبت ان تلك قراءته، وإصطلاح (البيانية) يفتح لنا باباً لدراسة القراءات القرآنية فما قيل عن قراءات مخالفة قرأها عبد الله بن مسعود قد يكون اكثرها للبيان.
كما يرد عندنا في باب الفقه نصوص بيانية مثل صحيحة زرارة في الوضوء، فيتوضأ الإمام الباقر عليه السلام يتوضأ امامهم كما يتوضأحاكياً وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، او يصلي الإمام الصادق عليه السلام امامهم او يدعو احدهم للصلاة امامه ثم يبين له نواقص صلاته، ولم يحتاجوا الى ومثل هذا الفعل البياني يتكرر في قراءة القرآن لأن المسلمين ايامها عرفوا في كل زمان يسعون الى القراءة الصحيحة التي استقرت على الذي بين الدفتين.
وقال الرازي: اذا كان الأصح ان المراد من الكتاب اللوح المحفوظ، فالصحيح ان الضمير في [[ لاَ يَمَسُّهُ ]] للكتاب، فكيف يصح قول الشافعي: لا يجوز مس المصحف للمحدث، .
الظاهر انه اخذه من صريح الآية ولعله اخذه من السنة فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب الى عمرو بن حزم: “لا يمس القرآن من هو على غير طهر”، او أخذه من الآية على طريق الإستنباط( ).
ونحن نأخذ الأدلة من المعصومين ونناقش الحجية من حيث السند والدلالة، والمعروف ان الدلالة تنقسم الى ثلاثة اقسام الى الدلالة المطابقية والتضمنية والإلتزامية، فالأولى تعني دلالة اللفظ على تمام ما وضع له كدلالة المركبة على جميع ما تتضمنه من الأجزاء، والثانية دلالة اللفظ على جزء معناه كدلالة لفظ الدار على بعض غرفها، او دلالة لفظ البستان على بعض اشجاره، والثالثة دلالة اللفظ على لازم معناه كدلالة المصباح على الإنارة والدرس على العلم، فنزول القرآن من السماء هل له دلالة على وجوب الوضوء من الأدلة الثلاثة بما يفيد اكرامه وعدم اهانته، وصحيح ان الإكرام قد يتحصل مسماه بالقراءة والعمل باحكامه واجلال القرآن وتعاهده الا ان ذلك لا يمنع من الإستدلال بالدلالة الإلتزامية الى بان القرآن كلام الله.
وكما اننا لا نقف بين يدي الله الا على طهارة ووضوء كذلك مس كلامه ولكنه من القياس الذي لا يفيد الظن المعتبر كأن يقال تحتاج الصلاة الى طهور لأنها وقوف بين يدي الله، وقراءة كلام الله كأنها وقوف بين يديه تعالى فتستلزم القراءة الوضوء والطهارة، ويمكن ان نقول انه من الإستحسان وهو رجحان ينقدح في نفس الفقيه يتعلق بحكم خاص لموضوع معين عند ملاحظة القرائن والامارات في بابه من غير دليل عليه بالخصوص، وفي الفقه مثلاً يقال حرمة تخيل صورة المرأة الأجنبية بواسطة حرمة حال النظر واللمس والتقبيل ونحوها، والإستحسان ليس بحجة وهو كالقياس المستنبط علته، فالمدار على حرمة المس من غير طهر على النصوص المعتبرة شرعاً
والكريم الذي تجتمع فيه وجوه الفضل والذي لا يلجأ الى غيره عن حاجة، لذا يسمون الذي لا يسأل الناس كريم النفس، بل ان الكرم صفة لازمت السخاء والعطاء وهي تصدق على القرآن وكل ما يطلب تجده فيه ويعطيه، فصفة الكرم له سماوية وليست كسبية بل هي بالأصل والذات، ففيه احكام الشريعة والعلوم وابواب الرزق والمغفرة وهو سلاح الى الآخرة، ثم ما المراد من الكتاب في الآيةالآية خصوصاً وان الجملة وردت في معنى الظرفية مما يدل في ظاهره على الغيرية، فهل فالكتاب هو المصحف وان المحتوى هو القرآن كما قيل، فلماذا ووصفه الله تعالى بالمكنون الذي يعني انه محفوظ بعناية تمام الحفظ موضوعاً ومضموناً وغرضاً وافاضة.
ومن الإعجاز ان ترى المسلمين يتعاهدون النسخة الشخصية من المصحف الجديدة والقديمة، المطبوعة والمخطوطة، تزداد النسخ لتبلغ الملايين ونقول بالنقص والحاجة الى المزيد، ومعها تحفظ وتكرم هذه النسخ والإستعداد مع الإستعداد موجود عندنا على نحو العموم المجموعي والإستغراقي والبدلي لحفظ القرآن.
وقد لا ترى في قوانين الحكومات العربية والإسلامالإسلامية انظمة سنت لمعاقبة الذين يحاولون هتك القرآن على نحو الخصوص، فهل هو تقصير، الجواب: لا، لأنها سالبة بانتفاء الموضوع فلا تستلزم قانوناً وضعياً لها بالخصوص كما انه يدخل ضمن عمومات الدينالاكرامللإكرام العام لاحكام الشريعة، ونسأله تعالى ان يكون ذلك مستديماً باللازم والملزوم معاً، والظاهر ان الكتاب غير المصحف بالذات كوعاء للقرآن، والقرآن يفسر بعضه بعضاً، قال تعالى[[ بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظبَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ]]( ) وقيل ان اللوح المحفوظ مستور لا يطلع عليه الا ملائكة مخصصون.
وقوله تعالى [[ لا يمسهلاَ يمَسُّهُ ]] الضمير يعود فيه الى القرآن وقيل الى الكتاب، وبغض النظر عن عائديته والظاهر ان المراد هو القرآن، والجملة خبرية ولكن هل يمكن ان تكون بمعنى الإنشائية ويستفاد منها الأمر، والحكم والخبر كما يعرف في علم المنطق هو المركب التام الذي يصح ان يوصف بالصدق او الكذب، وهو متعلق التصديق، وتارة لا يكون للكلام نسبة تامة ظاهرة في الواقع تطابق الكلام او لا تطابقه، بل ان المتكلم يوجد المعنى بلفظ المركب والذي يسمى الإنشاء اذ لا يصح انه نصفه بصدق او كذب لأن معانيه توليدية من اللفظ ولا يصدق عليها الوصف بالصدق او الكذب كالأمر والنهي والإستفهام والتمني والتعجب والإيقاع.
فهل ان الآيةالآية أمر بالوضوء حين ارادة مس كتابة القرآن ام لمس الكتاب مطلقاً أي غلافه واوراقه لإطلاق اسم القرآن، والنقاش وربما نوقش في الكبرى وهو تعلق الآيةالآية بالمقام واحكام المس، فالمطهرون وان المطهرين غير المتطهرين، لذا حملتوالأقوى افادة ذات المعنى ولكنه لا يمنع من حمل الآيةالآية على فهم معاني الكتاب ومعرفة تأويلها وانه لا يستطيع بلوغها الا الأئمة لقوله تعالى [ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً ]( ) ومع قوله بحرمة المس قال السيد الخوئيقيل: “الآية اجنبية عن المقام بالكلية”، ولكن من الصعب اطلاق هذا النفي والقطع به لاسيما في علوم القرآن.
فعمومات تفسير السنة للقرآن يدل على المعنى الأعم للآية،
فقد كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى عمرو بن حزم: “لا يمس القرآن من هو على غير طهر”.
ففي رواية ابراهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسنالإمام الكاظم عليه السلام قال: “المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنباً ولا تمس خطه ولا تعلقه ان الله تعالى يقول: [[ لا يمسه الا المطهرونلاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ]]”، والأقوى صحة سند الرواية فقد صحح السيد الخوئي طريق الشيخ الى ابن فضال، فهذه الرواية تفيد ان المراد من المس هو الظاهري، ولكن نوقش في باب الفقه في سند الرواية وضعفه، والأقوى صحة سند الرواية فقد لصححة السيد الخوئي طريق الشيخ الى ابن فضال، بل كما نوقشت دلالة اذ ان حرمة المس بل وكراهته حكمان شرعيان من الأحكامالأحكام التكليفية الخمسة يستلزمان الدليل المعتبر.
وناقش ونوقش السيد الخؤئيفي دلالتهاة الرواية لأنها اشتملت على المنع من تعليق الكتاب ومس ظاهره من غير طهر، وليس من قائل بحرمة تعليق الكتاب ومس ظاهره من غير طهر، ولا قائل بحرمة التعليق من غير وضوء، فحمل النهي حينئذ على ارادة الكراهة)، ونجيبه بامكانولكن التفكيك في اجزاء الحديث ممكن ومتعارف عند الفقهاء ويحمل النهي في بعضها بالقرائن على الحرمة وبعضها على الكراهة، بل من النصوص ما اخذ الفقهاء شطراً منها وتركوا الشطر الآخر.
وكذا مرسلة حريز عمن اخبره عن ابي عبد اللهالإمام الصادق عليه السلام قال: “كان اسماعيل بن ابي عبد اللهالإمام الصادق عليه السلام عنده فقال: يابني اقرأ المصحف، فقال: اني لست على وضوء، فقال: لا تمس الكتابة ومس الورق واقرأه”، وهي ضعيفة بالإرسال ولكن المشهور جابر لضعفها، بالإضافة الى ورود النهي ظاهراً في موثقة ابي بصير وهي معتبرة سنداً قال: “سألت ابا عبد الله عليه السلام عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء، قال: لا بأس ولا يمس الكتاب”، وهي دالة على الحرمة، والمشهور عمل بها.
واختلف في التعدي من الكتاب الى اسماء الأنبياء والأئمة فان كان مدرك حرمة المس هو الآيةالآية الكريمة فيمكن التعدي الى كل ما هو كريم ولا يصح هتكه كاسماء الله وصفاته واسماء الأنبياء والأئمة لأن النهي بلحاظ كرامة الممسوس وشرفه، وان كان الدليل هو الموثقة الآية القرآنية والنصوص الخاصة بها فالقدر المتيقن انها تختص بالكتاب والتعدي الى غيره مبني على الإحتياط.
والأقوى ان الوضوء مستحب نفسي لمحبوبيته عند الله وواجب غيري وهو المشهور، وان انكر جماعة الإستحباب النفسي للوضوء وقالوا انما يترشح عليه الإستحباب من غاياته المستحبة.
وللوضوء غايات واجبة اهمها القيام للصلاة الواجبة كالفريضة اليومية، والطواف الواجب الذي يكون جزء من الحج او العمرة وان كانا مندوبين، فهل يكونو مس الكتاب موجباً للوضوء؟ الجواب: نعم، وفيه تفصيل يتعلق بسبب المس وموضوعه، فاذا وجب مس الكتابة فلابد من الوضوء كمقدمة لمسه لوجوب المقدمة بسبب وجوب ذيها، كما لو كان مس كتابة القرآن واجباً بالنذر، او انه وقع في موضع يجب اخراجه منه، او لتطهيره اذا صار متنجساً حال الإخراج، او توقف التطهير على مس كتابته بشرط ان لا يكون التأخير بمقدار الوضوء موجباً لهتك حرمته.
اما لو كان لم يكن مس الكتابة ليس بواجباً، كما لو كان يقرأ القرآن فهل يجب الوضوء، الأقوى: لا، مع عدم جواز المس من غير وضوء، وهو المشهور بين المتقدمين والمتأخرين وادعي عليه الإجماع، وقال الشيخ وابن البراج وابن ادريس بكراهة المس وليس الحرمة، وتبعهم جماعة من متأخري المتأخرين.
ويجوز النذر بالوضوء عند قراءة القرآن وفيه تفصيل بلحاظ النية واللفظ، فاذا نذر ان يتوضأ عند قراءته القرآن فلا تجب القراءة، ولكن لو اراد القراءة فلابد من الوضوء لعمومات ادلة النذر ورجحانه لأن القراءة مع الوضوء ارجح افضل من القراءة من غير وضوء.
اما لو نذر ان يقرأ القرآن مع الوضوء فلابد حينئذ من الجمع بين الأمرين لأن النذر مركب منهما.
وهل تنحصر حرمة مس كتابة القرآن على المحدث بيده ام تشمل الحرمة سائر البدن ولو بالأجزاء الداخلية للبدن كالأسنان واللسان، الجواب: ان الحرمة عامة لإطلاق الدليل وصدق اسم المس على جميع الأجزاء، اما المس بالشعر فالأقوى عدم حرمته والأحوط اجتنابه، ومن الاعلام من فرق بين الشعر الخفيف والكثيف، وقال بصدق المس في الأول كما لو مس الكتابة بشعر لحيته الخفيف او بشعر ذراعه فيصدق عليه انه مس الكتابة فيشمله الدليل الدال على حرمة مس الكتابة من غير طهر، ولكن اطلاقات الأدلة حاكمة وبالإمكان التفرقة بين مس الوجه وشعر اللحية، وبين مس اليد وشعرها.
والأقوى شمول الحرف الذي يُقرأ ولم يكتب، كالألف في رحمن ولقمان اذا كتب كرحمان ولقمان لأنه صحيح حسب قواعد الكتابة ولأنه جزء من القرآن المقروء وان لم يكن جزء من القرآن المكتوب بين الدفتين في المصحف، وانما كتب القرآن المتعارف على ايام الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالكيفية الحالية رحمن، لقمن، وظل على هذه الكيفيةعليها الى الآن وهو الأنسب، أي بقاؤه على نفس الهيئة والكيفية افضل منوعدم الاجتهاد والتغيير في بعض كتابة الحروفه، وان قلنا بحرمة مس المقروء وان لم يكن مكتوباً اصلاً، فلو كتبت كلمة الرحمن بالألف فلا يجوز مسه ايضاً خصوصاً وان الحرمة تشمل ما اذا كانت الكلمة القرآنية في مصحف ام في كتاب غيره.
والأقوى جواز مس ما على الدراهم والنقود لتغير الموضوع ولعدم الجزئية من القرآن ولقاعدة نفي الحرج ولخبر وفي خبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: “سألته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب؟ فقال: أي اني والله لأوتى بالدرهم فآخذه وانا جنب”، والدرهم الأبيض عليه سورة من القرآن، ويمكن مناقشة الرواية سنداً ودلالة خصوصاً وان الحكم لا ينحصر بالدرهم، بل يمكن استظهار الجواز للأعم من الدرهم لعدم خصوصية الدرهم بل يشمل غير المصحف مما هو مستعمل كالإناء والثوب والكفن، .
والرواية ضعيفة سنداً وهي بالإرسال.هكذا في الوسائل: “جعفر بن محمد بن الحسن بن سعيد المحقق في المعتبر نقلاً عن جامع البزنطي عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام، فالبزنطي والبزنطي من اصحاب الرضا والجواد عليهما السلام، ومحمد بن مسلم من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام، وهما ليسا من طبقة واحدة فيرجح ان يكون الخبر بالواسطة فهو ضعيف بالإرسال، ولذا نعتها الشهيد بالخبر ولكنه افتى بمضمونها وقال بجواز مس الدراهم البيض المكتوب عليها شيء من الكتاب.
ولم يصفها صاحب الحدائق بالصحيحة او الموثقة، واكتفى الهمداني بوصفها بالرواية وهو عنوان اعم، وفيها ضعف آخر على ما ذكر وهو عدم ثبوت اعتبار طريق المحقق الى جامع البزنطي، ويمكن الرد على هذين الإشكالين فيكون البزنطي من اصحاب الرضا عليه السلام لا يمنع انه سمع من اصحاب الصادق عليه السلام وان لم يسمع من الإمام نفسه في اوانه الا اذا ثبت انه لم يكن مولوداً او مميزاً بالغاً مدة حياة محمد بن مسلم، وطريق المحقق الى جامع البزنطي يمكن القول فيه بان الجامع كتاب معروف عند الأصحاب آنذاك.
ونوقشت دلالة الحديث ان الجنب قد يأخذ الدرهم ولكن لا يمس اسم الله والآية القرآنية، وهو مع امكانه الا ان التقييد بعيد وخلاف قاعدة نفي الحرج، وقد يكون موضوع السؤال هو مس اسم الله واللفظ القرآني، نعم الرواية معارضة برواية عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال: “لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله” ولكنها ضعيفة لإشتمالها على احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد لأنه لم يوثق في الرجال كما قال في التنقيح، ولكن الرجل نفسه قد وثقه الشهيد الثاني في الدراية، وحكم العلامة في المختلف بصحة حديثه وصحح كثيراً من الروايات وهو في طريقها.
قاعدة رجاليةجديدة
وعندي ان الذي لم يرد فيه مدح ولا ذم اعم من الضعيف، فاذا روى عنه الثقة فهو ارقى من الضعيف وان لم يرق الى الحسن او الموثق وكأنه برزخ بين الحسن وبين الضعيف، فلابأس بان نستحدث عنواناً وصفة لمثل هذا ونطلق عليه عنوان (المعتمد) وهو الذي روى عنه الثقات ممن لم يذكر بمدح او ذم، وكذا يشمل من كان من مشايخ الإجازة، فاحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد مثلاً هذا من مشايخ المفيد وان ذكر انه غير مذكوروان لم يكن مذكوراً في كتب الرجال وانما ذكر في الطرق وهو كاف لعدم اسقاطه من الاعتبار، والجمع بين الأخبار يفيد الكراهة.
وحرمة المس مطلقة من حيثبلحاظ اوان أوان الفعل واستدامته فلا فرق فيها بين الإبتداء والإستدامة، فلو كانت يده على الخط فاحدث فلا يجوز ابقاؤها بل يجب رفعها فوراً، وقد يستلزم الأمر التوضأ او التيمم، او لا يستلزم كما لو كان الحدث النوم او الريح فله حينئذ ان يستمر على القراءة من غير ان يمس الكتابة، ولا تنحصر بالآيةالآية القرآنية بل تشمل الكلمة والحرف القرآني وان كان لا يقرأ كالألف في قالوا وآمنوا، ولو مسه غفلة ثم التفت انه محدث فلا يجوز له المس حينئذ.
وحرمة المس تشمل وجوه الكتابة المختلفة، فالخط بلحاظ المكتوب عليه ونوع الكتابة ينقسم الى:
الأول: الخط الظاهر الذي يبرز كنتوء على سطح القرطاس او الجلد.
الثاني: الخط العادي الذي لا يبرز على سطح القرطاس والجسم المكتوب عليه، وهو المتعارف في الزمن الحاضر ومنه المطبوع بانواعه والإستنساخ.
الثالث: الخط المحفور كما لو كانت الكتابة حفراً للحروف والكلمات على الخشب او النحاس.
ولا خلاف في حرمة المس في القسم الأول والثاني، ولكن هل تنتفي الحرمة بالنسبة للثالث كما ذهب اليه الشيخ الإنصاري باعتبار ان الحفر يجعل الحرف غير قابل للمس لقيام الخط فيه في الهواء فلا يصدق عليه المسمى عرفاً، والأقوى شموله بادلة الحرمة، لأن الاحكامالأحكام الشرعية لا تنزل على الدقة العقلية والتحقيق الهندسي والفلسفي المحض بل هي تبتنى على الدقة العرفية، فبالاضافة الى صدق الكتابة على كل ما هو محفور فان اطراف اللفظ والحرف القرآني يمكن مسهاتشملها أدلة حرمة المس، ولعمومات بالاضافة الى عمومات اكرام القرآن.
كما تشمل الحرمة الحروف والخطوط المهجورة والمتروكة لصدق اسم القرآنية عليها، وتشمل الحرمة االاستنساخ ونحوه من الكتابة، واذا ما ظهرتتمّ مس الكلمة القرآنية على شاشة التلفزيون او الكومبيوتر فهلا يصدق عليه المس؟ الأقوى: لا، للتباين الموضوعي ولأن الشاشة آلة تتبدل بها الكلمات ولا يصدق عليها الكتابة قبل ان تصل النوبة الى ان الشاشة يكسوها غطاء رقيق تخرج الكتابة من تحته، والظاهر ان الحرمة ايضاً لا تشمل المترجم من كلام الله ولكنه الاحوط.
فائدة
من اعجاز القرآن تعدد وجوه المضامين القدسية للآية القرآنية او للحكم القرآني، فكما يحرم مس كلمات القرآن فان معاني الآياتالآيات القرآنية تتعدى المتفاهم في صيغ الخطاب، وتترك في التفوس النفوس أثراً مركباً وتدعو بالحاح الى تدبرها مع الاحساس الذاتي بأن الخطاب القرآني يتضمن معاني قدسية وتشريفية لأنه من عند الله عز وجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتجب ازالة النجاسة عن ورق المصحف الشريف وعن جلده وغلافه مما يمكن اعتباره من ضروريات الدين واكرام القرآن وعدم هتكه، ومن وجوه الإكرام تعاهد المصحف أي النسخة الواحدة من القرآن والمنع من تنجيسه او هتكه اذ ان الهتك اعم من التنجيس.
وهل تنحصر الحرمة بصورة الهتك لإصالة البراءة عن الزائد بعد فقد الدليل، ام تكون مطلقة، أي لو حصل تنجيس وليس فيه هتك فعلى الأول ليس بحرام، وعلى الثاني هو حرام لأن التنجيس منهي عنه بالذات وليس بالعنوان الثانوي والإعتباري الزائد، الجواب: هو الثاني فالتنجيس حرام سواء بعنوان الهتك او عدمه وان كان من الصعب انفكاك اللازم عن الملزوم فيه اذ ان الهتك من الكلي المشكك الذي يقع على مسميات بمعنى واحد وبينها تباين في الكثرة والقلة، والشدة والضعف، وبعض الأفراد اولى بالكلي من البعض الآخر او اقدم منه او اشد، وقد يكون عند بعض بذات المعنى وعند غيرهم بغيره، كما في موضوع الهتك فقد يكون فعل فيه هتك عند قوم وعند غيرهم لا يعد هتكاً، فتنجيس المصحف محرم تكليفاً من غير مدخلية لعناوين الهتك، بل انها تترشح قهراً وانطباقاً عن التنجيس وان لم تكن مقصودة بالذات.
ويقابله الكلي المتواطئ وهو عنوان جامع لأعيان متعددة بمعنى واحد مشترك بينها، أي انه ينطبق على مصاديقه على السواء كالكتاب ينطبق على مصاديق افراد الكتاب المتعددة، والإنسان ينطبق على الأشخاص، والحيوان ينطبق على افراد جنس الحيوانات، فالهتك من الأول من الكلي المشكك فلا تنحصر الحرمة بعنوان الهتك وقصده من الفاعل، بل يشمل الهتك عرفاً او اثراً، او يدل على نوع جفاء واعراض، ويكفي تحقق الهتك عند البعض ليترتب الحكم التكليفي برفعه ومنعه.
ثم انه مخالف للأمر بتطهير القرآن واجلاله وليس من منزلة برزخ بينهما على القول بان الأمر بالشيء يعني النهي عن ضده، ولا هل يجوز حرق المصحف واوراق القرآن البالية؟ الجواب: لا، لعدم خلو الحرق من الهتك والقسوة، والنار صفة وعنوان عقوبة، بل يلزم حفظ الورق البالي منه او دفنه في الأرض او القاؤه في الماء الجاري او اعادة تصنيعه، والأولى حينئذ اعادة طبع القرآن به.
ان ما ذكر من حرق الخليفة الثالث عثمان بن عفان للمصاحف لو قلنا بصحته وان الامام عليه السلام لم يعترض ان كان ذلك المصحف الامام بل ما اختلف معه، ثم ان الغاية كانت عنده راجحة ومع هذا فهي قضية في واقعة ولا تصلح للإستدلال والحجية بل تبقى العمومات بمنع الهتك والاتلاف بالنار على حالها.
ولا تنحصر حرمة التنجيس بما لو كان المصحف ملكاً للغير وان الملك الخاص تكون الحرمة بالإحتياط، كما قال احد الأعلام: فان الكلام فيما اذا لم يكن المصحف ملكاً لغيره او وقفاً، والإفتاء بحرمة التنجيس ووجوب الإزالة حينئذ بلا دليل، ولكن الجزم بجواز التنجيس وترك الإزالة ايضاً مشكل فلا مناص من الإحتياط اللازم في المقام( )، بل ان الحرمة واحدة لا في ملك الغير والملك الخاصمطلقة سواء كان المصحف ملكاً خاصاً او ملكاً للغير لأنها حرمة ذاتية لا تتعلق بملكية واعتبار اضافي، وهتك المصحف الشخصي والنسخة الخاصة هو تعد على الغير لما فيه من الإساءة لعموم المسلمين وايذاء لهم.
ويمكن عده من الحقوق المركبة حق الله وحق القرآن وحق المالك وحق المسلمين، نعم في ملك الغير يستلزم الضمان لعمومات قاعدة اليد والإتلاف بما فيه ضمان الأرش والنقص فيه والأوصاف التي لها اعتبار في ماليته، ويضمن النقص الحاصل بتطهير المصحف وكذا الإجرة والمؤونة التي تصرف في تطهيره وتطهير الكتابة القرآنية لو كانت مكتوبة على الورق او الفرش او الجدار، بالإضافة الى التجرء الإضافي في خصوص ملك الغير، فالحرمة في الملك الخاص ايضاً بالفتوى وليس بالإحتياط الوجوبي.
ولا فرق في حرمة التنجيس سواء كانت حرمة تنجيس ورق المصحف او جلده او غلافه لترشح الشرف واسباب الحرمة على الجلد والغلاف بالإضافة الى القرآن واكتسابها الإحترام لإحتوائها على كتاب الله وكلامه وعدّه عرفاً قرآناً، فالعرف لا يفرق بين الموضع الذي كتب عليه الحرف القرآني وبين ما جاوره منها ومطلق الورقة فيما يتعلق بحرمة الهتك، وان كان للحكم فيه تفصيل فهو في الكيفية والإعتبار وليس في اصل الحرمة ووجوب الإزالة بل هما ثابتان للإثنين معاً.
واستدل الشيخ الأنصاري على وجوب ازالة النجاسة عن خط المصحف بفحوى حرمة مس المحدث له، واشكل عليه السيد الخوئي (بان الأحكامالأحكام الشرعية مما لا سبيل الى العلم بملاكاتها فمن المحتمل ان يكون لحرمة مس المحدث ملاك يخصها ولا يكون ذلك الملاك موجوداً في مس غيره)( ).
والظاهر ان الشيخ يستدل بذلك للأولوية القطعية فاذا كان المس يحرم على المحدث مع انه لا ينجس الحروف ومن باب اولى ان يحرم ما فيه انتقال النجاسة.
وقال السيد: والإستدلال على وجوبها وجوب ازالة النجاسة بفحوى حرمة مس المحدث الكتاب من غرائب الكلام( ) ولكن الإستدلال بها وجيه للفحوى وللأولوية ومفهوم الموافقة وعمومات الأدلة.
وقوله تعالى [ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ لا يمسه الا المطهرون ] ظاهر في حصر جواز المس على المطهرين، وحمل الآية على التأويل بادراك علومه وكنه اسراره التي لا يعلمها الا الأئمة عليهم السلام لا يتعارض مع هذا التفسير، فالتأويل غير التفسير واذا انحصر التأويل بالراسخين في العلم فان باب التفسير مفتوح على الأقل في ظواهره، ومن الظاهروالاقوى حمل المس على الظاهر، بل ان عدم مس القرآن من غير المتطهر تعضيد وتأبيد وتأييد وتوطئة واحتراز لعدم تأويله الا من قبل الراسخين في العلم، فلا تعارض بينهما لاسيما وانه من شرائط التعارض وحدة الموضوع في المتعارضين، وقد قدمنا ان الآية اعم من الإنحصار بالتأويل كيف وان للقرآن حداً ومطلعاً وظاهراً وباطناً.
وحرمة التنجيس بالأولوية القطعية ففي القرآن بيان لكل شيء مما يعني استنباط حكم حرمة التنجيس من النهي عن مسه لغير المطهرين، فالآيةالآية سور جامع، والظاهر ان الآيةالآية وتفسيرها دليل على حرمة تنتجيس الكتاب بالإضافة الى انه من المتسالم عند المسلمين وتشهد له سيرتهم واحكامهم، ولعل حرمة تنجيسه من عمومات قوله تعالى [ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظونإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحافظون ]والدليل العقلي يفيد تنزيه واكرام القرآن.
كما يحرم وضع المصحف على الأعيان النجسة لأنه هتك لحرمته ويجب رفعها عنه وان كانت يابسة مبخرة، نعم لو لم يكن موضوعاً للهتك بل كان للحفظ مثلاً كما لو وضع المصحف في صندوق من جلد الميتة، فالأقوى عدم الحرمة مع عدم سريان نجاسة برطوبة ونحوها لأن الحكم تابع للموضوع ولأن القصد هنا الحفظ والتعاهد في وعاء متعارف.
ولا يجوز اعطاء الكافر المصحف وجعله في يده لأنه نجس ولا يجوز تمكينه من المصحف، وان قلنا بانه ليس من الإعانة على الحرام ويمكن استحضار حرمة دخول الكفار للبيت الحرام قال تعالى [[ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ]]( ).
وقال السيد الخوئيأحد الأعلام: (انهم يعيشون في بلاد المسلمين على حريتهم ويعامل معهم باحكامهم وقوانينهم ولا يعامل معهم معاملة المسلمين باحكامهم، فاذا علمنا ان احداً منهم يشرب الخمر في داره لم يجز لنا ردعه دفعاً له لعدم كونه منكراً في مذهبه، وعليه فلا يجوز اخذ المصحف من يد الكافر دفعاً لمسه وتنجيسه لأن تنجيس المصحف ليس بمنكر على مذهبه).
ولكنه قياس مع الفارق واختلاف اللحاظ اذ ان الإذن لهم بالعمل وفق احكامهم انما هو للنص والإجماع وهو ايضاً منحصر باهل الكتاب، والكافر اعم ويشمل الوثني وغير الكتابي والوثني الذي يدعى الى الإسلام و لا يرضى منه بالجزية ويدعي الى الإسلام، واذا تعلق الإذن باحكامهم فلا معنى للتعدي الى غيرها، وليس في احكامهم جواز مس المصحف، فهو من شؤون دين المسلمين ومختصاتهم وللمسلمين ان يحفظوه ويتجنبوا هتكه والإساءة اليه له وفق القواعد الشرعية، فهل للكافر ان يشتري وقفاً اسلامياً يتصرف فيه لأغراضه الشخصية التجارية لأنه ليس في مذهبه المنع من شراء الوقف الإسلامالإسلامي، هذا ما لم يقل به احد، وعلى الذمي ان يلتزم باحكام الذمة وعدم الإساءة الى الإسلامالإسلام وعدم التجاهر بما هو غير جائز في الإسلامالإسلام مما هو حلال عنده، فاذا تعين في موضوع انه عنوان لهتك القرآن فيجب ان يلتزم به الذمي من باب اولى.
ولا تمس المستحاضة القرآن الا مع الوضوء والغسل، ومن المس ما هو واجب ومنه ما هو مندوب، اما المس الواجب فكما لو كان المصحف في مكان موجب لهتكه فيجب مسه لرفعه وتنزيهه فتشملهما عمومات قوله تعالى [ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ لا يمسه الا المطهرون ]، ويمكن الإستشهاد بموثقة او صحيحة ابي بصير قال: “سألت ابا عبد الله عليه السلام عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء وطهر؟ قال: لا بأس ولا يمس الكتاب”.
نعم لو كان الوضوء يستغرق مدة يكون فيها تأخير ابقاء القرآن في ذات المكان هتكاً حينئذ تمسه من دون وضوء، ولو كانت المستحاضة قد توضأت للصلاة فيكفيها الغسل لها، ولو ارادت تكرار المس فيجب عليها تكرار الوضوء، والأحوط ترك المس لها مطلقاً.
اما الإجماع والمشهور بان المستحاضة اذا اتت بوظائفها فتكون بحكم الطاهرة فيتعلق بادائها الصلاة واتيان العبادات، وتعني ان الدم الخارج منها بعد الغسل والوضوء لا يعتبر حدثاً، ولا يعني ذلك انها بحكم الطاهرة في كل فعل مشروط بالطهارة الا مع الدليل.
ومع ان المس امرأمر مستحب وغير وليس من عباداتها اليومية المفروضة فهل يبقى المس على حاله، وفادعي الإجماع على جواز مس المستحاضة اذا اتت أتت بوظائفها ولعله من المتسالم عند الأصحاب وتدل عليه اطلاقات الطهارة واحكام الأولوية وقاعدة نفي الحرج واصالة البراءة وقاعدة نفي الحرج.
وشروط المس تعود الى احكام تنزيه القرآن واجلاله لأنه الكتاب السماوي في الأرض لا الى امور ترجع الى القارئ او السامع، فالتشريع الإسلامالإسلامي مبتنى على اكرام المقدسات وهو معنى ظاهري للإلتزام الروحي والنفسي باحكامها، فما لا يكون مهاباً في الظاهر لا تنجذب النفوس للعمل به وفق اوامره او تجتنب نواهيه.
ومن التكامل في الشريعة الإسلامالإسلامية انك تراها حينما تخفف عن الحائض وتسقط الصلاة عنها وفيه الأمر الذيوهو أمر يدل بالدلالة الالنزامية على تنزيه للصلاة الصلاة ايضاً وكل ما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر، ينزل عليها الدم وتستعد للولد خلقة فيخفف عنها في العبادة، ولكنه في احكام القراءة يجمع بين الأمرين و لا يمنع عنها ان تأتيالإتيان بالقراءة على نحو محدود ولكنه يمنع عنها المس، لتكون القاعدة العامة عند المسلمين هي تنزيه القرآن واكرامه من غير ان يتعارض هذا التنزيه مع دواوم ذكره تعالى.
كما قال السيدوقيل: “ان المصحف لو وجب اخذه من يد الكافر بهذا المناط لوجب ان يؤخذ منه غيره من الكتب السماوية كالتوراة وغيرها لإشتمالها على اسماء الله واسماء الأنبياء بل وعلى احكامه سبحانه لعدم كونها مفتعلة باسرها فلو بقيت عنده لمسها وهو حرام” ولكنه من القياس مع الفارق اذ ان حرمة مس الكافر للقرآن جاءت خاصة به لأنه كلام الله الخالي من التحريف وللتنزيه والنصوص الخاصة.
وقوله تعالى [[ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ لا يمسه الا المطهرون ]] وردت في القرآن وهي وان كانت جملة خبرية الا انها اوكد في الأنشاءالبعث والتحريك، والنهي اعم من ان يتعلق بعنوان الهتك بل هو حكم تكليفي، ولا ملازمة بينه وبين الكتب الأخرى من التورارة والأنجيلوالإنجيل من حكم المس.
فالمسلمون مأمورون بحفظ وتعاهد القرآن بالخصوص مع الإقرار بالكتب السماوية الأخرى وتلك الكتب مما اقرهم الإسلامالإسلام عليه وان من شرائط الذمة الإلتزام باحكام القرآن الذي نزل هدى ورحمة للناس جميعاً ولكن المسلمين وحدهم الذين انتفعوا منه وتعاهدوه.
ولو تنجس المصحف فالإجماع على وجوب الإزالة ولكن فيه صور:
الأولى: اختصاص الوجوب بمالك المصحف.
الثانية: اختصاصه بمن قام بالتنجيس.
الثالثة: عدم اختصاصه بمن نجسه
ولوا مانع من اجتماع هذه الأقوال بلحاظ المناسبة والقرائن وقد يكون وجوب الإزالة عينياً، ولو قام به غير المالك فله ان يرجع عليه بمؤونة الإزالة.
وحكم المصحف في رفع النجاسة كحكم المسجد وسيأتي بيانه بالإستدلال.
قراءة سوّر العزائم
ومما يحرم على الجنب والحائض قراءة سوّر العزائم الأربعة وهي سورة حم السجدة وفصلت والنجم والعلق والنجم وفصلت وحم السجدة، وهل ان الحرمة تتعلق بالسورة كلها ام بالآيةالآية التي فيها السجدة فقط، والحرمة تتعلقمع الاقرار بالكبرى الكلية وهي تعلق الحرمة بتنزيه القرآن وتعظيمه عند المسلمين، فمع كونه مسلماً ولكن لفأن النجاسة جاءته بالعارض ويحرم مسه فكيف بالكافر، فقد وقع خلاف وان كان الفقهاء اثناء البحث لا يذكرون تلك الآياتالآيات التي فيها السجدة خشية اتيان السجود من قبل القارئ ونحوه، ولكن البحث يقتضيه اذ ان عدم الإتيان بها وعدم تكرار ذكرها في مجالس الدرس حال دون حفظها وتعاهدها ومعرفتها من قبل طلاب العلم فكيف وكيف بغيرهم مع ان السجود لها فيه اجر وثواب ويجزي المسمى منه بالاضافة الى حرمة قراءتها بالنسبة للجنب والحائض، فقد لا نلتقت نلتفت للسجدة الا عند القراءة في المصحف او عند معرفة السورة بالنسبة للخاصة ويصعب ذلك على المستمع منهم.
ونسبت حرمة مس كتابة القرآن على الجنب الى علماء الإسلام كما الى الإمامية ولكنه اعم فقد نسبه في المعتبر والمنتهى الى علماء الإسلام، وفي الحدائق قال: بلا خلاف فيه ظاهراً، وعن العلامة في النهاية: انه لا خلاف هنا في تحريم المس وان وقع الخلاف في الحدث الأصغر، وفي الذكرى عن ابن الجنيد القول بالكراهة، ولكن كثيراً ما يطلق ابن الجنيد الكراهة ويريد منه الحرمة بل هو شائع في كلام المتقدمين، وظاهر والحرمة لها على خمسة وجوه:
تحريم قراءة الجنب والحائض تمام السورة التي فيها آية السجدة لأنه يستلزم سجدة التلاوة وللنص.
تحريم خصوص آية السجدة.
تحريم كل آية من السورة بما في ذلك البسملة للقول بانها جزء من السورة.
تحريم كل آية من السورة وان لم تكن آية السجدة لسريان الحرمة اليها.
قراءة بعض الآيةالآية اي اللفظ الذي فيه السجود وهو ضعيف ولم يقل به احد.
وقد وردت نصوص تفيد بحصر النهي بالسجدة، والمشهور على حرمة قراءة السورة بتمامها، وفي موثقة زرارة عن ابي جعفرالإمام الباقر عليه السلام: “الحائض والجنب هل يقرءان من القرآن شيئاً، قال: نعم، ما شاء الا السجدة”، وقريب منه خبر محمد بن مسلم، والموثقة معتبرة من حيث السند والمراد من الموثق هو ما اتصل سنده الى المعصوم بمن وثقه الأصحاب مع فساد عقيدته كما لووان كان من فرقة اخرى، وان كان من الشيعة سواء كان متعدداً في رجال السند او واحداً مع كون الباقين من رجال الصحيح،و اما لو كان في السند من هو ضعيف لأتبعه لأن السند في قوته وضعفه لأنه يتبع الأخس، وكما الحال في الصحيح والحسن فان الموثق يقسم الى اعلى واوسط وادنى، والظاهر ان الحسن اقوى من الموثق وان رجاله منحصرون بالأمامي بالمؤمن الممدوح دون التوثيقة، ومنهم من قال ان المدار على الظن بالصدور فيكون الموثق اقوى، فالصحيح ما مدح رجاله مع الوثاقة.
وقال السيد في المدارك وليس في هاتين الروايتين مع قصور سندهما دلالة على تحريم قراءة ما عدا نفس السجدة، الا ان الأصحاب قاطعون بتحريم السورة كلها ونقلوا عليه الإجماع.
بين آيات وسوّر العزائم عموم وخصوص من وجه في خصوص القراءة، فموضوع الالتقاء القرآنية، أما موضوع الافتراق فأن فان آيات العزائم فيها سجود تلاوة، وفيها نصوص على اجتناب الجنب والحائض لقراءتها مترشحة ولعله مترشح عن سجود التلاوة كواجب.
الجنب أخص من غير المتطهر، فيجوز مثلاً لغير المتوضأ ان يدخل المسجد الحرام وأن يطوف الطواف المندوب، في الوقت الذي لا يجوز للجنب ان يجتازه.
ترى ما هيوفي الحكمة في المنع من قراءة الجنب والحائض لسوّر العزائم او آياتها، فيه وجوه:
لخصوصية في هذه السوّر بالذات.
لما فيها من ذكر للسجود.
لما يتعلق بها من الحكم والأمر بالسجود.
كما ورد النهي عن قراءتها في الفريضة خصوصاً وانها بعرض واحد في القرآنية مع غيرها من السوّر.
الاكرام والتنزيه الاضافي لبعض السوّر للالتفات للاحكام الشرعية التفصيلية.
الأقوى هو الثالثوالظاهر هو اجتماع هذه الوجوه الاربعةاعلاه خصوصاً وانه لا تعارض بينها.
فما المراد بالسجدة هل هو اسم السورة بكاملها او فقط الآيةالآية بعد خروج المعنى اللغوي بالمخصص، اذ لا معنى لإرادة السجدة واطلاقها على القراءة، فذكر القراءة في النصوص يدل على ان المطلوب هو قراءة الآيةالآية وليس السجود عندها او السورة التي فيها السجدة، وهذه النصوص مجملة لم تحدد النهي هل هو منحصر بالآيةالآية ام يشمل السورة بكاملها لاسيما وانه يحتمل من ذكر السورة في النصوص ذكر الكل وارادة البعض وهو معروف في اللغة ويلحق به اقوال بعض الفقهاء ايضاً ولكنه خلاف الظاهر فيحتاج الى قرينة، لذا فان الشك في معاقد الإجماعات يجعلنا نأخذ بالقدر المتيقن وان كانت تلك الإجماعات اجتهادية وليست تعبدية مما يعني انها ليست بحجة تامة.
وكذا الإجماع الوارد في الروض على حرمة البعض مطلقاً حتى البسملة، ويمكن اعتبار هذه المسألة من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر، فيحرم الأقل دون الثاني الا مع الدليل على حرمتها مطلقاً وعلى القول بالاحتياط في الأكثر كما هو المشهور.
نعم هناك رواية ذكرها المحقق في المعتبر روى البزنطي في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن ابي عبد اللهالإمام الصادق عليه السلام: “يجوز للجنب والحائض ان يقرءا ما شاءا من القرآن الا سور العزائم الأربع وهي اقرأ باسم ربك، والنجم، وتنزيل السجدة، وحم السجدة”.
والبزنطي من اصحاب الاجماع حيث اجمعوا علىفي تصحيح ما ياتي به بغض النظر عمن يقع بينه وبين المعصوم الإمام في سلسلة السند وقيل لم يثبت، اذ ان القدر المتيقن منها هو ما لم يذكر اسم الذي اخذ عنه البزنطي، اما وقد ذكرت الأسماء او عرفت بالقرائن فلا مانع، نعم يمكن اعتبار نقل البزنطي منها عنه توثيقاً لها.
وقال السيد الخوئي: (اوذكر لا ان حسن الصيقل ممن لم يرد توثيقه في شيء من الكتب فالرواية ضعيفة لا محالة)( )، الا انه ورد مدح له، كما نقل عنه عن الصادق عليه السلام انه قال: “ان ولي علي لا يأكل الا الحلال لأن صاحبه كان كذلك”، مع كثرة روايته عن الأئمة عليهم السلام، وقد عده الشيخ في رجاله من اصحاب الباقر عليه السلام ومن اصحاب الصادق عليه السلام، وعد الحسين بن زياد مصغراً من اصحاب الرضا عليه السلام، وكثرة روايته امارة على حسنه، وقد ورد عن الصادق عليه السلام: “اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنا”.
وفيها نوع اخبار غيبي على ان سقوط روايات الوضاعين ستسقط رواياتهم كما حصل فعلاً في عموم كتب المسلمين ولو في الجملة اذ تصدى نفر من علماء الإسلام لتنقيح كتب الحديث والرجال، وذكر الكشي في رجاله المثنى بن وليد وقال ان الحسن بن علي بن فضال ذكره وقال: لا بأس به.
والرواية ظاهرة في حرمة السورة دون بعضها، واليه ذهب المشهور، ولكن الجمع بين النصوص واحتمال ارادة النهي عن السورة للتنزيه او لإطلاق الكل وارادة الجزء، ولأن المتعارف قراءة السورة كاملة في الصلاة وللحث على قراءة سورة اخرى تامة غيرها ولقاعدة نفي الحرج، فان القدر المتيقن هو خصوص الآيةالآية التي فيها السجود، وفي غيرها يرجع الى اطلاق ما دل على جواز قراءة الجنب او الى اصل جواز القراءة، فالأقوى اختصاص الحرمة بقراءة آيات السجدة منها وان كان الإحتياط لا يترك، ويكون الغسل او الوضوء واجباً اذا وجب المس بنذر او بغيره.
وقال امام الحرمين: ولا تكره القراءة للمحدث، وفي الأتقان عن شرح المهذب: واما الجنب والحائض فيحرم عليهما القراءة، نعم يجوز لهما النظر في المصحف وامراره على القلب.