يوميات علمية للمرجعية الإسلامية / المرجع الصالح الطائي
أقوال الحكماء عند موت الإسكندر
لقد أولت الشرائع السماوية الموت واستحضاره في الذهن عناية خاصة كمدخل للصلاح والهداية ، وأولى الحكماء عناية خاصة بموضوع الموت مادة لبيان زيف زخارف الدنيا ومتاعها ضمن موازين العقل ودواعي الحكمة , إلا أنها كانت قاصرة في إعطاء المفاهيم الروحية للموت وما بعده فمثلاً عند موت الإسكندر اجتمع عند تابوته الحكماء ، وكما يفعل أطباء الابدان في هذا الزمان بالاجتماع عند جثة الميت للبحث عن سبب الوفاة ونحوه.
استثمر الحكماء تلك المناسبة وتكلموا فقال أحدهم: حركنا بسكونه.
وقال الآخر : قد كان سيفك لا يجف وكانت مراقيك لا ترام وكانت نقماتك لاتؤمن وكانت عطاياك يفرح بها، وكان ضياؤك لا ينكشف فاصبح ضوؤك قد خمد واصبحت نقماتك لاتخشى وعطاياك لاترجى ومراقيك لا تمنع وسيفك لا يقطع.
وقال آخر انظروا إلى حلم المنام كيف انـجلى وإلى ظل الغمام كيف انسلى.
وقال آخر : ما كان أحوجه إلى هذا الحلم وإلى هذا الصبر والسكون أيام حياته. وقال آخر: القدرة العظيمة التي ملأت الدنيا العريضة الطويلة طويت في ذراعين , أي في الكفن.
وقال آخر : آسر الاُسَراء أسيراً ، وقاهر الملوك مقهوراً كان بالامس مالكاً فصار اليوم هالكاً.
وولد الإسكندر المقدوني سنة 356 ق.م في مدينة بيلا المقدونية (اليونان) ومات سنة 323 ق.م وعمره 33 سنة ، في مدينة بابل في العراق تولى الحكم بعد مقتل أبيه على يد حارسه .
والإسكندر من أعظم القادة العسكريين وكان يعتمد الهجوم المفاجئ ، وخطة الحمامة ، وهو تلميذ ارسطو ، وفتح مصر والعراق والهند وفارس التي غزاها تحقيقاً لحلم والده ، ولم يهزم في معركة.
وأختلف في سبب موته وسرعان ما تفككت الممالك التي استولى عليها ، قال تعالى [وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ].
وقال الإمام علي عليه السلام (غداً ترون أيامي ويكشف لكم عن سرائري ، وتعرفونني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي).
ولم يترك الإمام علي عليه السلام للحكماء وغيرهم أن يتحدثوا عند جنازته بل كفاهم هذا الحديث وهو سيد البلغاء ، عندما اصيب تكلم قبل موته بخطبة بليغة مملوءة موعظة وعبرة وتقوى ومما جاء فيها، انا بالإمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم وغداً مفارقكم، غفر الله لي ولكم .
إلى أن قال : وانما كنت جاراً جاوركم بدني أياماً وستعقبون مني جُثَةً خلاءً ساكنة بعد حراك. وصامتة بعد نطوق ليعظكم هدوّي وصفوت اطلاقي وسكون أطرافي. فانه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ والقول المسموع.
العدد : 270/24 في 26/9/2024