يوميات علمية للمرجعية الإسلامية / المرجع الصالح الطائي
قانون الملازمة بين التقوى والطمأنينة
الطمأنينة في الدنيا هي إمتلاء نفس الإنسان باليقين في التوحيد والنبوة والمعاد ، وعصمتها من الشك والريب , فتجده يتنزه عن الإقتراب من الشبهات، ويمنع نفسه من الوقوع في الفواحش والسيئات ، وإن زلت قدمه يبادر إلى ذكر الله والإستغفار , النفس تسكن لذكر الله والوعد عليه بالجنة الواسعة.
وأما الطمأنينة في الآخرة فهي الإمتناع بفضل الله عن الخوف عند الموت ، وعند سؤال منكر ونكير في القبر ، ويوم البعث والحساب وهو موضوع نزول قوله تعالى[يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً].
ولو دار الأمر في معنى الآية أعلاه بين إرادة إطمئنان النفس في الآخرة أم في الدنيا والآخرة , الجواب هو الثاني من وجوه:
الأول : أصالة الإطلاق.
الثاني : دلالة لفظ الآية أعلاه على العموم.
الثالث : سعة رحمة الله عز وجل في الدارين , والله يعطي بالأوفى والأتم.
الرابع : قانون الدنيا مزرعة للآخرة ، فالإيمان والعمل الصالح سبب للطمأنينة في النشأتين .
الخامس : في قوله تعالى (إرجعي) إشارة إلى إستدامة الإيمان قبل مغادرة الدنيا، وإستصحابه عند الرجوع إلى الله والإنتقال إلى عالم الآخرة.
و(عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : قل اللهم إني أسألك نفساً مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك).
ويدل الحديث على نعمة النفس المطمئنة واليقين في الدنيا ، للأمن من فتنة وعذاب القبر ، وفيه دعوة لإصلاح النفس ، والتنزه عن الشك والريب والرياء والنفاق.
وكل من التقوى والطمأنينة نعمة عظمى ، وحاجة للإنسان في الدنيا ، وفي عالم القبر ، ويوم القيامة ويترشح الملازمة بينهما الصبر واليقين ، وهو أعلى مراتب الإيمان ، وهذه الملازمة من مصاديق قوله تعالى [أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ].
العدد : 276/24 في 2/10/2024