يوميات علمية للمرجعية الإسلامية / المرجع الصالح الطائي
عصمة الأنبياء بين السعة والتضييق
العصمة لغة هي المنع، لذا سمي النكاح عصمة لأن المرأة تصبح به ممنوعة عن غير زوجها .
والعصمة في الإصطلاح الإمتناع عن جميع محارم الله بفضل من الله تعالى، ولكن من غير منافاة للإختيار، لأن القول بالعصمة لا ينافي القول بعدم الجبر ، والعصمة ملكة ذاتية تكون واقية للإحتراز من الموبقات ، وهي غير الإعتصام الذي هو طلب العصمة.
والعصمة بالنسبة للنبي حاجة ولطف من الله كي يؤدي رسالته على أحسن وجه، وربما توقف نـجاحه فيما بُعث فيه بوثوق الناس بما يبلغه عن الله عز وجل , واختلف في جواز مقاربة الأنبياء للذنب أو عدمها على وجوه :
الأول: جواز الصغائر عليهم على سبيل السهو.
الثاني: تجوز عليهم الكبائر والصغائر عمداً وسهواً إلا الكفر والكذب.
الثالث: الإقدام على الكبائر سهواً لا عمداً، أما الصغائر فتجوز عمداً.
الرابع: الكبائر مطلقاً ممتنعة عليهم، وتجوز الصغائر سهواً.
الخامس: جواز إقدامهم على الذنوب قبل البعثة دون ما بعدها، أي ان العصمة ملازمة للتلبس بالنبوة، والذين يذهبون إلى هذا القول منعوا عن الأنبياء الكفر والإصرار على الذنب قبل النبوة.
السادس: امتناع الذنوب على الأنبياء عليهم السلام مطلقاً، أي الكبائر والصغائر قبل النبوة وبعدها , وهو المختار , والله عز وجل يعطي بالأتم والأوفى .
والقائلون بالعصمة احتجوا بوجوب إتباع النبي وإلانقياد اليه , فمن المحال ان يصدر عنه الذنب , وإنه لو أذنب لم يحصل الإنقياد الجماعي له ، ويضعف الوثوق بما يقول لأن الذنب دليل أو أمارة على النقص , ويدل على هذا الإنقياد قوله تعالى [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] .
والآيات القرآنية والأخبار التي تفيد في ظاهرها صدور الذنب من بعض الأنبياء لابد من تأويلها أو حملها على ترك الأولى , كما في أكل آدم ( ع ) من الشجرة، وفق نواميس السماء ، وهي غير أحكام التكليف في الأرض ، والعلم عند الله.
العدد : 285/24 في 11/10/2024