يوميات علمية للمرجعية الإسلامية / المرجع الصالح الطائي
لون العمامة
الحمد لله الذي أنعم علينا بصدور الجزء (263) من تفسيري للقرآن , ولا زلت في سورة آل عمران , وكل أجزائه تأويل واستنباط من ذات الآيات ، بآية لم يشهد لها التأريخ مثيلاً.
قال تعالى [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا] ولبس رسول الله (ص) العمامة السوداء في خطبته لخديجة .
ودخل النبي (ص) مكة يوم الفتح في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة, وعليه عمامة سوداء كما في البحار 26/16 .
وعن الإمام الصادق عليه السلام (دخل ورسول الله صلى الله عليه وآله الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح) الوسائل 7/119.
وللمسلم أن يتأسى برسول الله بلبس العمامة لعمومات الآية أعلاه.
وقام النبي (ص) بوضع عمامة سوداء على رأس عبد الرحمن بن عوف حين توجه إلى دومة الجندل في شهر شعبان.
قال المجلسي (ليدعو كلبا إلى الاسلام، ومعه سبعمائة رجل، فاقعده بين يديه، ونقض عمامته بيده الكريمة، ثم عممه بعمامة سوداء، وأرخى بين كتفيه منها ، ثم قال : هكذا فاعتم يا ابن عوف) البحار 10/293.
أي من السنة النبوية الفعلية نفي اختصاص بني هاشم بلبس العمامة السوداء ، وقال تعالى [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا].
و(كان لعبد الله بن خازم عمامةٌ سوداء قال: كَسَانِيها رسولُ صلى الله عليه وسلم) تبصير المنتبه 1/94.
ومع أن العمائم تيجان العرب فان لبسها سابق لبعثة النبي محمد (ص) ولبسها الملائكة ، فلما رأى فرعون البحر قد انفلق عند خروجهم خلف موسى ( ع )قال لقومه: انظروا إلى البحر قد انفلق لهيبتي حتى ادرك أعدائي وعبيدي، ولم تكن في خيل فرعون أنثى , فجاء جبرئيل على فرس أنثى وعليه عمامة سوداء وتقدمهم وخاض البحر وظن أصحاب فرعون أنه منهم، فلما سمعت الخيول ريحها اقتحمت البحر في أثرها) البحار 13/154.
و(وروى أبو مخنف عن زيد بن صوحان قال: شهدت عليا عليه السلام بذي قار وهو معتم بعمامة سوداء ملتف بساج يخطب) البحار 32/62.
وكان الإمام علي عليه السلام أيام معركة صفين يلبس أحياناً عمامة سوداء ، وإحياناً عمامة بيضاء ، لبيان عدم إنحصار لون العمامة بلون مخصوص .
وأخبر الإمام الصادق عليه السلام بأن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يلبس على رأسه العمامة السوداء إذ قال (إن جابر بن عبد الله الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتجر بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا) الكليني / الكافي 1/687.
والتقسيم في هذا الزمان بارتداء الذي ينتسب لبني هاشم عمامة سوداء , وغيرهم عمامة بيضاء ليس فيه نص ولا أثر عند المتقدمين أو المتأخرين أو متأخري المتأخرين إنما هو عرف صار له نحو مائة وخمسين سنة ولا أصل له .وقد يكون سببا لادعاء النسب الرفيع .
(وحكي أن معاوية بن أبي سفيان سأل عبد الله بن العباس رحمة الله عليه ، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام فقال إبن عباس : هيهات ، عقم النساء أن يأتين بمثله ، والله ما رأيت رئيسا مجربا يوزن به ، ولقد رأيته في بعض أيام صفين ، وعلى رأسه عمامة بيضاء تبرق وقد أرخى طرفيها على صدره وظهره ، وكانّما عيناه سراجا كسليط) الشريف الرضي/ خصائص الأئمة 6/7.
وقال محمد بن هلال : رأيت علي بن الحسين عليه السلام يعتم بعمامة بيضاء فيرخي عمامته من وراء ظهره .
وحينما ألح المأمون في خراسان على الإمام الرضا عليه السلام أن يصلي بالناس صلاة العيد ، قال علي إبراهيم القمي عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعاً في حديث (فلما طلعت الشمس قام عليه السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر)الكافي 1/717.
وسيلبس بعض المؤمنين من غير بني هاشم العمامة السوداء أيام الإمام المهدي إذ ورد عن الإمام الباقر عليه السلام (كأني بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء ، ذوابتاها بين كتفيه مصعدا في لحف الجبل بين يدي قائمنا أهل البيت في أربعة آلاف يكبرون ويكرون)البحار 80/250.
أي لم يمنع الإمام المهدي عليه السلام أصحابه من لبس العمامة السوداء , وفيه أمارة بأن التقسيم الحالي في لون العمامة لن يدوم .
وكان كثير من أساطين الإسلام من غير النسب الهاشمي الشريف زعماء الطائفة ، مثل شيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ت460 ، والشيخ المفيد توفى سنة 413 هجرية في بغداد ، والكليني ، والصدوقين ، والعلامة الحلي ، والمحقق الحلي ، والشهيد الأول ، والشهيد الثاني وغيرهم .
وهم الذين تدّرس كتبهم في الحوزات العلمية إلى الآن , والأولى تدريس معالم الإيمان في مراحلها أيضاً , وسجلت رسالتي العملية (الحجة ) خمسة أجزاء في دار الكتب والوثائق في بغداد قبل ثلاث وعشرين سنة برقم 345 [وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ].
العدد : 288/24 في 14/10/2024