(لا تجوز تسمية الشيعة بالرافضة)
الرفض لغة هو الترك بنية وقصد ، والرافضة في الإصطلاح يطلق على الشيعة أو خصوص الإمامية منهم ، ولا أصل له عقائدياً وفقهياً وتأريخياً.
وأول ما ظهر لفظ الرافضة في ثورة زيد بن علي بن الحسين (ع) سنة 122 للهجرة ضد حكم هشام بن عبد الملك من بني أمية , إذ قال له أبو الخطاب وأصحابه : ما تقول في أبي بكر وعمر ، وكان زيد يحتاج التأييد والنصرة من الجميع فقال : لا أقول فيهما إلا خيراً ، فقالوا رفضنا صاحبنا، وقد لعن الإمام الصادق (ع) أبا الخطاب هذا وتبرء منه.
والذين قالوا هذا القول ليسوا من أصحاب الإمام جعفر الصادق (ع) الذي أوصى أصحابه عندما ثار زيد (كونوا أحلاس بيوتكم)البحار 52/128، أي الزموها فلا تخرجوا على السلطان .
أما ما روي (عن أبي الجارود قال: أصم الله أذنيه كما أعمى عينيه إن لم يكن سمع أبا جعفر عليه السلام ورجل يقول: إن فلانا سمانا باسم، قال: وما ذاك الاسم ؟ قال: سمانا الرافضة، فقال أبو جعفر عليه السلام بيده إلى صدره: وأنا من الرافضة وهو مني قالها ثلاثا) فالخبر ضعيف سنداً ودلالة .
وقد تبرأ الإمام الباقر ثم الإمام الصادق عليهما السلام من أبي الجارود وما يعتقده ، وهو من الموالي , وأسس فرقة الجارودية , ومال إلى زيد بن علي ، لذا ترى الكتب الأربعة الكافي ، الإستبصار ، من لا يحضره الفقيه ، تهذيب الأحكام ، لم تذكر هذا الحديث ونحوه.
وقد نهى الإمام محمد الباقر (ع) أخاه زيد بن علي عن الخروج عندما عرض عليه زيد كتب أهل الكوفة يدعونه إليهم ، فغضب زيد وقال (ليس الامام منا من جلس في بيته، و أرخى ستره، وثبط عن الجهاد، ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده… الحديث) البحار 46/203.
وقد جادل وجوه الشيعة زيداً في خروجه بأن الإمام علي عليه السلام (أكان إماماً وهو مرخ عليه ستره) البحار 46/197، أي أيام خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.
وكان الصادق عليه السلام يذيع نهي أبيه الباقر لزيد عن الخروج.
وابتدأ النهي من أيام الإمام زين العابدين (ع) عندما كان زيد صبياً فوقع على عتبة الباب فانشج وجرى الدم منه ، فقال الإمام : يا بُني اعيذك بالله أن تكون المصلوب في الكناسة ، فقال أبو حمزة الثمالي : أي كناسة : قال : كناسة الكوفة …) الحديث.
لذا فان وجوه الشيعة في الكوفة لم يخرجوا مع زيد ومن بداية ثورته ، فلا صلة لهم بتسمية الرافضة وهم جماعة أيدوه ثم انسحبوا وتخلوا عن نصرته مع تعدد أسباب هذا الإنسحاب والتخلي ، منها إنكشاف ضعف الحركة وانحصارها بمدينة الكوفة مع سعة سلطان بني أمية وتبعية الأمصار لهم ، وإغراء وتخويف السلطان للثوار.
فليس من صلة بين الشيعة وتسمية الرافضة ، وما يقال بأن هذه التسمية مدح لهم مستحدث ، ولا أصل له ، وقد ذكرت في كتابي (فلسفة الإمامة في الصحيفة السجادية) والمطبوع قبل أكثر من ثلاثين سنة (أن المراد من هذه التسمية حضّ الشيعة على الخروج على السلطان ليكون سبباً لقتلهم والتأليب عليهم).
وتبعث تسمية الرافضة الحكام على الإضرار والبطش بالشيعة ، إذ يقول أهل الكيد والمكر للحاكم : لما رفضت الشيعة حكم أبي بكر وعمر فمن باب الأولوية رفضهم لحكمك ، في دعوة للسلطان لعدم تقريب الشيعة وتوليهم المناصب , وللتضييق عليهم ونعتهم بألقاب غير مناسبة ، لذا لا يجوز إطلاق لفظ الرافضة على الشيعة والإمامية خاصة ، وقد صدر لي والحمد لله الجزء الثالث والستون بعد المائتين من تفسيري للقرآن ( معالم الإيمان )ولازلت في سورة آل عمران .
العدد : 267/24 في 23/9/2024